الجمعة، 24 يناير 2025 01:06 ص

الأطفال يسألون والإمام يجيب.. كتاب لشيخ الأزهر يرد على أسئلة النشء بمعرض الكتاب.. ويجيب على استفسارات منها: لماذا ينتصر الظالم فى هذا العالم؟.. وهل يتألم الأطفال بغزة وهم يستشهدون؟.. وهل يلتقون فى الجنة بأسرهم؟

الأطفال يسألون والإمام يجيب.. كتاب لشيخ الأزهر يرد على أسئلة النشء بمعرض الكتاب.. ويجيب على استفسارات منها: لماذا ينتصر الظالم فى هذا العالم؟.. وهل يتألم الأطفال بغزة وهم يستشهدون؟.. وهل يلتقون فى الجنة بأسرهم؟ الشيخ أحمد الطيب
الخميس، 23 يناير 2025 10:00 م
صدر حديثاً الجزء الثانى من كتاب "الأطفال يسألون الإمام" لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى سيتاح للجمهور بجناح الأزهر بمعرض الكتاب، والذى يتضمن أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، ظنًّا منهم أنَّ تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك، جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع فيه أسئلة الأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور في الحياة.
 
وفى هذا التقرير نرصد أبرز أسئلة أجاب عنها فضيلة الإمام الأكبر وذلك على النحو الآتى:
 
لماذا ينتصر الظالم في هذا العالم ؟
أبنائي وبناتي...
 
هذا السؤال يحير كثيرًا منكم، وأعلم أن حيرتكم هذه نابعة مما تسمعونه وتشاهدونه كل يوم من أحداث مؤلمة وظلم عظيم واقع على إخوة لنا، وأتمنى أن توضح لكم الإجابة ما يخفف عنكم وعنهم.
 
وعد الله تعالى رسله عليهم السلام وعباده المؤمنين بالنصر في الدنيا والآخرة فقال عز وجل: ﴿إِنَّا لَننْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر : ٥١] ، وهذا النصر متحقق لا محالة، ولا يعني تأخره إلى أجل محدود أنه لن يأتي، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فبعد أكثر من عشرين سنة من الدعوة والجهاد أنزل الله تعالى عليه قوله: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) [ النصر : ١] ، وما نراه من غلبة الظالم ليس معناه أن الله نصره؛ لأن النصر لا يقاس فقط بالتقدم العسكري في جولة تستغرق فترة من الزمن فالمشركون لم ينتصروا على المسلمين في غزوة أحد لمجرد الغلبة العسكرية، وإنما انتصر المسلمون بشكل عام على المشركين في عاقبة الأمر وكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وعلى ذلك فليس التقدم العسكري والغلبة في فترة ما من الزمن هو مقياس النصر ؛ لأن الأيام دول، والمعارك العسكرية يوم لك ويوم عليك .
 
وإذا أردنا أن نسمي الأشياء بأسمائها فهذا الذي يحياه الظالم الباغي على إخواننا في غزة يسمى ! إمهالا وليس نصرًا، أي إن الله تعالى يملي لهم ويمهلهم، وهذا من سنن الله الكونية، قال عز وجل: ﴿وَأَمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي متين [القلم: ٤٥] ، وقال سبحانه: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [ الحج : ٤٨] ، وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، أما النصر فهو من نصيب عباد الله المؤمنين الصابرين وعدًا حقا من الحكم العدل تبارك وتعالى.
 
 
هل يتألم الأطفال في غزة وهم يستشهدون، أم يخفف الله عنهم الألم ؟
أبنائي الأعزاء.. حال الشهيد يختلف عن حال غيره، وأحكام الشريعة تنص على أن الشهيد لا يُغسل ولا يكفن كباقي الأموات، مما يعني اختلاف حاله كليا عن حال الموتى العاديين، ومن هذا الاختلاف أيضًا أنه لا يشعر بأي ألم عند استشهاده، وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسُولُ اللهِ ﷺ قال: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِن مس القتْلِ، إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحدُكُمْ مِنْ مَسَّ القَرْصَةِ ، وعلى ذلك فإذا كان الناس العاديون يعانون ألم الموت وسكراته، فإن شهداء غزة وغيرهم ممن يموت في سبيل الله لا يحسون بذلك عند استشهادهم، إلا كألم القرصة الخفيفة أو نحو ذلك، فالله تعالى يريحهم من الألم ويسهل قبض أرواحهم، بالإضافة لما أعده لهم من النعيم والكرامة.
 
 
هل سيلتقي أطفال غزة بعد استشهادهم بآبائهم وأمهاتهم في الجنة ؟
نصت آيات القرآن الكريم يا أبنائي على أن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فقال سبحانه: ﴿ادخُلُوا الجَنَّةَ لَا خَوفٌ عَلَيْكُم وَلا أَنتُم تَحْزَنونَ ﴾ [الأعراف: ٤٩] ، ولا شك أن اجتماع الأهل والأقارب في الجنة من النعيم الذي يحبه كل أحد ، لذا أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الأطفال يظلون فترة في كفالة سيدنا إبراهيم ثم يدفعهم مرة أخرى إلى آبائهم، يقول صلى الله عليه وسلم: أولاد المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة .
 
بل إن هؤلاء الأطفال يشفعون لآبائهم ويكونون سببًا في دخولهم الجنة، ففي الحديث: أَنَّ أَطْفَالَ الْأُمَمِ الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ»، فَيَتَعَلَّقُونَ بِأَحْقَاءِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا آبَاؤُنَا وَأَمَّهَاتُنَا قَالَ : فَيُقَالُ لَهُمُ : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ وَأُمَّهَاتُكُمْ ... ) ، وعلى ذلك فأطفال غزة وأهلوهم سيجتمعون بإذن الله تعالى في جنة الخلد .
 

print