صدر حديثاً الجزء الثانى من كتاب "الأطفال يسألون الإمام" لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى أتيح للجمهور بجناح الأزهر بـ معرض الكتاب فى نسخته الماضية، والذى يتضمن أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، ظنًّا منهم أنَّ تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك، جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع فيه أسئلة الأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور في الحياة.
وفى هذا التقرير نرصد أبرز أسئلة أجاب عنها فضيلة الإمام الأكبر وذلك على النحو الآتى:
لا أحب شكل أنفي فهو ضخم جدا وأشعر بالخجل دائمًا من شكلي، وهذا يفقدني الثقة في نفسي وأريد أن أجري عملية تجميل لتحسين شكله في المستقبل القريب.. فهل هذا حرام؟ وهل يعد تغييرا في خلق الله ؟
ابنتي العزيزة .. ليس معنى قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ... [ النساء : ١١٩] ، أن أي تغيير في خلقة الآدمي محرم، والآية لها معان أخرى غير التغيير في خلقة الآدمي، مذكورة في كتب التفسير " ، وفي مثل الحالة المذكورة لا مانع من إجراء تلك العملية لتحسين شكل الأنف، وهذا يدخل في باب العلاج طالما كان شكله غير طبيعي ويؤدي إلى ما ذكرتيه يا ابنتي من الأذى النفسي، إذ مقرر في الشريعة أن: «الضرر يزال ) ؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) (۳) ، فهذا لا يُعدُّ من قبيل التغيير المحرم، وإنما من قبيل العلاج الذي دعت إليه الشريعة في قوله صلى الله عليه وسلم : تَدَاوَوا ؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَم يَضَع دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاء .
هل السخرية ممن نشاهدهم على شاشة التليفزيون أو في فيديوهات مواقع التواصل الاجتماعي أنا وصديقاتي تعد من النميمة التي نحاسب عليها؟
ابنتي الحبيبة .. اعلمي أن القرآن الكريم قد نهى عن السخرية من الآخرين بنص صريح قاطع، فقال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات :١١]، وعلى ذلك فالسخرية من الناس محرمة سواء أسمعوا هذه السخرية أم لم يسمعوها، وسواء أكانت من وراء الشاشات أم في المجالس والندوات، كل ذلك محرم ممنوع، وهو من قبيل الغيبة المنهي عنها، لأنه يدخل تحت ذكر الناس بما يكرهونه.
الأطفال يسألون الإمام (٢)
هل سيحاسبنا الله كأفراد لأننا لم نفعل شيئًا لغزة ؟
أبنائي وبناتي .. الحساب من الأمور القطعية التي يجب الإيمان بها ، وقد دلّ عليه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، كما دَلَّت نصوص السنة النبوية على أن الإنسان لن تزول قدمه يوم القيامة حتى يُسأل عن أربعة أمور : عن عمره فيما أفناه، وعن عِلمِهِ فيمَ فعل، وعن ماله من أينَ اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه .
ويفهم من ذلك أن الحساب متعلق بما يملكه الإنسان ويدخل في نطاقه فقط، فمن عاش فقيرا ليس له مال مطلقًا فلا شك أنه لن يُسأل عن المال... وهكذا .
وعلى ذلك فنطاق الحساب يقع على ما يستطيعه الإنسان ويملكه فقط، فمن مَلَكَ المال ولم يساعد إخوانه وبخل عليهم سيحاسب على ذلك.
أما ما يتعلق بالقرارات السياسية والمسئولية الدولية، فإنه يُسأل عنه من بيده تلك الأمور لا كل أفراد الأمة، وكلنا حزن لهذا الصمت العالمي والتخاذل الدولي في نصرة شعب أطبق عليه الظلم لأكثر من سبعين عاما.