السبت، 22 فبراير 2025 05:47 ص

علا الشافعي تكتب ..

الرئيس فى مهمة تاريخية فى إسبانيا.. ترفيع العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة ومدريد.. ورفض تهجير الفلسطينيين.. وتثبيت وقف إطلاق النار فى غزة

الرئيس فى مهمة تاريخية فى إسبانيا.. ترفيع العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة ومدريد.. ورفض تهجير الفلسطينيين.. وتثبيت وقف إطلاق النار فى غزة الرئيس عبد الفتاح السيسى
الثلاثاء، 18 فبراير 2025 06:00 م
مدريد – علا الشافعي
 
 
زيارة تاريخية مهمة يجريها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى العاصمة الإسبانية مدريد، فى وقت تكافح فيه مصر والوسطاء والمجتمع الدولى لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وتعزيز الموقف العربى إلى جانب الموقف الأوروبى الداعم للحقوق التاريخية للفلسطينيين، حيث من المقرر أن يلتقى الرئيس السيسى ملك إسبانيا الملك فيليب السادس ورئيس وزرائها بيدرو سانشيز، لمناقشة العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها الملف الفلسطينى والتعاون الاقتصادى، حيث يتم توقيع اتفاقية ترفيع العلاقات بين مصر وإسبانيا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إضافة إلى توقيع العديد من مذكرات التفاهم بمختلف المجالات.
 
غزة والتهجير فى الصدارة
سيطرت القضية العربية الفلسطينية على اهتمام الزعيم المصرى خلال وجوده فى مدريد إذ حمل معه فى زيارته التأكيد على موقف مصر من الخطة الأمريكية الرامية إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه، وهو ملف اهتمام كبريات الصحف الإسبانية التى سلطت الضوء على الموقف المصرى، وأكدت فى الوقت ذاته أن مدريد تتبنى موقفاً متطابقاً لموقف الدولة المصرية ومختلف الدول العربية الأخرى.
 
كانت مدريد فى مقدمة الدول الأوروبية الداعمة لحل الدولتين تأسيساً على المقررات الدولية والحقوق التاريخية، ففى مناسبات عدة قال رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز إن بلاده لن تسمح بتنفيذ خطة ترامب لتهجير فلسطينيى غزة، وهى مواقف تتطابق مع رؤية الدولة المصرية والقيادة السياسية، واليوم ، وحيث يجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز وغيره من المسئولين الإسبان، فإنهما على موعد مع تخليد اسميهما فى سجل القادة التاريخيين المدافعين عن حق الشعوب فى الحرية والحياة، والداعين إلى السلام القائم على العدل.
 
وامتداداً لدورها الداعم للقضية الفلسطينية، لم تتخل مدريد عن خطابها المناهض للممارسات الاحتلال، ولم تتراجع عن مواقفها الرافضة للانحيازات الفجة ومحاولات أطراف دولية منح الاحتلال الإسرائيلى غطاءً سياسياً وأخلاقياً لجرائمها فى عدوان ما بعد الـ7 من أكتوبر 2023، وهو التوجه الذى جعل القضية الفلسطينية مكوناً رئيسياً للعلاقات المصرية - الإسبانية، بل وحجر الزاوية فى علاقات مصر مع دول الاتحاد الأوروبى.
 
وبالتزامن مع العدوان، وفى وقت كانت تقود خلاله الدبلوماسية المصرية حراكاً على كل الأصعدة لدعم ثوابت القضية الفلسطينية وخلق رأى عام عربى - أوروبى رافض لمخطط التهجير، وداعم لحل الدولتين، خرجت إسبانيا فى الخامس من مايو الماضى لتعلن بالاشتراك مع  آيرلندا والنرويج رسمياً اعترافهما بدولة فلسطينية مستقلة، حيث قال رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز حينها إن اعتماد قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتماشى مع القرارات الأممية وغير موجه ضد أى طرف، مشدداً على أن اعتراف بلاده بدولة فلسطينية مستقلة خطوة تاريخية تتيح للفلسطينيين والإسرائيليين تحقق السلام، وهى المواقف التى تحظى بدعم شعبى، ففى مدريد وشتى المدن الإسبانية توالت المظاهرات الداعمة لفلسطين لتدين كل محاولات التطهير العرقى والإبادة الجماعية فى غزة، وتشجب كل مخططات التهجير.
 
الأمن والاقتصاد ومكافحة الهجرة الشرعية ضمن الملفات
وبخلاف القضية الفلسطينية التى ستكون محور رئيس فى المباحثات بين السيسى وسانشيز، ستشمل المباحثات مجمل العلاقات المصرية الإسبانية التى تتميز بتنوع ثري، حيث يمتد التعاون بين البلدين ليشمل مجالات سياسية واقتصادية وثقافية وهذه العلاقات اتخذت منحى تصاعدياً مهماً خلال السنوات الأخيرة، خاصة فى ظل التحديات الإقليمية والدولية التى يواجهها الطرفان، ومع زيارة الرئيس السيسى إلى مدريد، تتزايد فرص تعزيز هذه العلاقات بما يتوافق مع المصالح المشتركة ويخدم استقرار المنطقة.
 
وتتميز العلاقات بين مصر وإسبانيا بتنسيق مشترك فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية الأخرى، لا سيما فى مواجهة التحديات الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فكلا البلدين يسعيان لتحقيق استقرار البحر المتوسط وشمال أفريقيا، وهو ما يتطلب التعاون فى مجال الأمن والدفاع.
 
وتلعب مصر دورًا محوريًا فى استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهى ملتزمة بتنسيق الجهود مع إسبانيا والاتحاد الأوروبى لمكافحة التحديات التى تهدد الأمن الإقليمي، بما فى ذلك تنظيمات الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وتعكس مواقف مصر وإسبانيا تجاه هذه القضايا التزامًا مشتركًا بتحقيق استقرار المنطقة وضمان الأمن لشعوبها.
 
وتشهد زيارة الرئيس السيسى إلى مدريد توقيع اتفاقيات تعاون جديدة لتعميق التعاون فى مجالات الطاقة المتجددة، التبادل التجارى، ومن المتوقع أيضًا أن تشهد الزيارة تعزيزًا فى التعاون الثقافى والتعليمى بين البلدين، مع تشجيع المزيد من المبادرات الثقافية والفنية المشتركة، كما سيُتيح هذا التقارب فرصًا جديدة لتبادل الخبرات الأكاديمية والفنية التى من شأنها تعزيز العلاقات بين الشعبين.
 
وعلى صعيد الاقتصاد، شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسبانيا نموًا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة، حيث تصدرت إسبانيا قائمة الشركاء التجاريين لمصر داخل الاتحاد الأوروبى، ووفقًا للبيانات الأخيرة، بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين نحو 4.5 مليار يورو فى عام 2022، ومن بين هذه التجارة، بلغت صادرات مصر إلى إسبانيا نحو 2.93 مليار يورو، كما شهدت صادرات مصر زيادة بنسبة 80.5% مقارنة بالعام السابق.
 
وتتنوع مجالات التعاون الاقتصادى بين البلدين لتشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والسياحة، والبنية التحتية. وتسعى مصر لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة، وهو ما يتماشى مع توجه إسبانيا نحو دعم مصادر الطاقة النظيفة، كما تلعب الشركات الإسبانية دورًا هامًا فى تطوير مشروعات البنية التحتية والنقل فى مصر، من خلال استثمارات متعددة تشمل مشاريع النقل السككى والطاقة المتجددة.
 
فى مجال السياحة، تساهم إسبانيا كداعم رئيسى للسياحة الوافدة إلى مصر، ويظهر ذلك من خلال تزايد عدد السائحين الإسبان الذين يزورون المواقع الأثرية والتاريخية فى مصر، مثل الأهرامات والمعابد الفرعونية، وهو ما يعزز التعاون بين البلدين فى هذا القطاع.
 
تأتى الزيارة فى توقيت استثنائى، تحاول فيه الدولة المصرية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وترفض ببسالة سيناريوهات التهجير، وتكافح خلاله إسبانيا فى الميادين الدبلوماسية نفسها كما تدرس فى الوقت نفسه خياراتها مع الدول الأوروبية لمواجهة التحديات الاقتصادية التى تفرضها ولاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الثانية التى بدأت بفرض جمارك ورسوم تؤثر بدورها على الدول الأوروبية كافة، وجميعها أسباب تضفى المزيد من الزخم على الزيارة، وتعلق الكثير من الآمال على ما ستؤول إليه من نتائج واتفاقيات وبروتوكولات تعاون.
 
 
 
 
 
 

 


print