خطت سوريا أولى خطواتها نحو الحوار الوطني بعد أكثر من شهرين على سقوط بشار الأسد، ويأتى الحوار فى وقت هام تحتاج إليه دمشق لمداواة جراحها من الحرب التى تخطت الـ12 عاما، وتضمن الاجتماع مشاركة واسعة من جميع أطياف الشعب السوري، لوضع أسس المرحلة المقبلة، عبر نقاشات جادة ومسؤولة، كما وصفتها السلطة الحاكمة فى سوريا بقيادة الرئيس الانتقالى أحمد الشرع.
وبعث الشرع من خلال كلمته عدد من الرسائل للداخل والخارج، حيث أكد على إن وحدة السلاح وحصره في يد الدولة واجب وفرض، وإن سوريا لا تقبل التقسيم، وتعهد بأن السلطات ستقدم المجرمين إلى العدالة وستنصف المواطنين، فيما سيطر على خطابه ضمانه للسلم الأهلى، وقال "السلم الأهلي واجب على السوريين جميعاً"، وأشار إلى ما أسماها "الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف معينة، وتعرض نفسها الحامية المنقذة لها"، واصفاً هذه الدعوات بـ " الفارغة".
وفى رسالة ضمنية للمجتمع الدولى قال الشرع أن سوريا لها تجربتها الخاصة، ويجب ألا تتحول إلى "حقل تجارب لتحقيق أحلام سياسية غير مناسبة"، وأنه ينبغي عدم استيراد أنظمة لا تتلاءم مع وضع سوريا، التى حررت نفسها بنفسها، ويليق بها أن تبني نفسها بنفسها، حسب تعبيره.
وأضاف الشرع، في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني بقصر الشعب في دمشق، "اليوم فرصة استثنائية تاريخية نادرة، علينا استغلال كل لحظة فيها لما يخدم مصالح شعبنا وأمتنا". وشدد الشرع على ضرورة توحيد مختلف الفصائل تحت قيادة عسكرية واحدة، قائلاً إن "سوريا لا تقبل القسمة، فهي كل متكامل، وقوتها في وحدتها"، لافتا إلى أن السلطات الجديدة عليها تخااذ قرارات مؤلمة وصادمة، داعياً السوريين إلى التحلي بالصبر، مؤكدا أنه سيعمل على تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية ترد الحقوق للناس.
من جانبه، انتقد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، العقوبات الدولية التي لا تزال سارية، وقال إنها تستخدم بصفتها "وسيلة للضغط على إرادة الشعب السوري"، وتعهد الشيباني أن تكون الحكومة الجديدة الانتقالية فى سوريا "ممثلة للشعب السوري قدر الإمكان وتراعي تنوعه".
وفور تولى السلطة الانتقالية الجديدة فى سوريا مقاليد الأمور أعلنت عن نيتها لعقد مؤتمر الحوار الوطني، فى ظل مخاوف دولية واقليمية من إقصاء طوائف بعينها أو تهميشها، حيث طالب المجتمع الدولي مراراً، خلال الأسابيع الماضية، على ضرورة أن يتضمّن تمثيلاً لجميع أطياف السوريين.
ووفقا لوكالة الأنباء السورية، بدأت الاثنين أعمال المؤتمر من نقاشات وورشات عمل، وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ماهر علوش، إن المؤتمر ينعقد "بمشاركة واسعة من جميع أطياف الشعب السوري، لوضع أسس المرحلة المقبلة، عبر نقاشات جادة ومسؤولة".
وتعالج ورش العمل المتخصصة خلال المؤتمر، وفق اللجنة، القضايا التي استخلصتها خلال لقاءاتها في المحافظات، مشيرة إلى التوافق على "قضايا العدالة الانتقالية، والبناء الدستوري، والإصلاح المؤسساتي والاقتصادي، ووحدة الأراضي السورية، وقضايا الحريات العامة والشخصية والحريات السياسية بوصفها أولويات أساسية".
وستصدر عن المؤتمر توصيات سيتم البناء عليها من أجل الإعلان الدستوري والهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات، وفق اللجنة، ،وقال علوش إن "الحوار بين السوريين بدأ لحظة إسقاط الأسد، وكان لا بد من تأسيس مرحلة جديدة قائمة على الحرية والكرامة".
وأشار إلى أن اللجان التحضيرية "استمعت إلى أكثر من 4 آلاف شخصية من مختلف المناطق، كما تلقت 7000 مشاركة مكتوبة"، لافتاً إلى أن "هناك 6 محاور تجلت أهميتها في حوارات السوريين".
وأضاف علوش أن محاور المؤتمر تركز على "العدالة الانتقالية والبناء الدستوري والإصلاح والحريات والاقتصاد والمجتمع المدني".
وفي منتصف الشهر الحالي، انتقد مجلس سوريا الديمقراطية، المنبثق عن الإدارة الذاتية الكردية، اللجنة التحضيرية التي قال إنها مشكّلة من طيف وتوجّه سياسي واحد، مما يخلّ بمبدأ التمثيل العادل والشامل لجميع مكونات الشعب السوري.