بدأت الأجهزة المعنية والتنفيذية اتخاذ خطوات حاسمة بشن حملات مكبرة علي أماكن بيع الصواريخ والبومب والديناميت، والكربون، وسلك المواعين، وعلى رأسهم اللواء دكتور عبد الفتاح سراج محافظ سوهاج، الذى وجه بتكثيف الحملات المشتركة من إدارة المتابعة الميدانية بالمحافظة، بالتنسيق مع مديرية التموين، وشرطة المرافق، والوحدات المحلية للمراكز والمدن بالمرور الميداني على مناطق تداول الألعاب النارية، والصواريخ، ومسدسات الخرز، والشماريخ النارية وغيرها، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال المخالفين مع ضبط ومصادرة هذه الألعاب.
خاصة وأن قانون العقوبات فرض عقوبة قاسية لحيازة الألعاب النارية كالصواريخ و"البومب" وما شابه ذلك عاقبت حائز أو مستخدم أو مستورد أو مصنع هذه المواد بالسجن المؤبد أو السجن المشدد.حوادث ترويع الناس بصواريخ رمضان من العادات السلبية التي تنتشر في بعض المجتمعات، وهي تصرفات لا تليق بشهر الرحمة والمغفرة. استخدام الصواريخ والمفرقعات يؤدي إلى إيذاء الآخرين وإزعاجهم، وقد يتسبب في وقوع إصابات وحوادث خطيرة، خصوصًا للأطفال وكبار السن.
صواريخ رمضان.. بين الفرح المشروع والترويع المحرم
الإسلام يحث على احترام راحة الناس، والنبي ﷺ قال: "لا ضرر ولا ضرار"، فلا يجوز إزعاج الآخرين أو تعريضهم للخطر، حتى لو كان ذلك بهدف المزاح أو الاحتفال، والأفضل أن يكون الاحتفال برمضان بالعبادة، والتراحم، والفرح المشروع الذي لا يسبب الأذى للناس، كما حدث بالأمس مع المُصلين في عدد من المساجد التي تسببت في خنقة المُصلين داخل المسجد من أدخنة الصواريخ وريحة البارود، والتسبب في حرق عدد من المحلات والسيارات والدراجات البخارية، ناهيك عن إصابة عدد كبير من الأطفال والشباب بحروق.
وفى هذا الشأن – تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم، تبذل الأجهزة الأمنية خلال تلك الفترة جهودًا كبيرة فى سبيل مكافحة جرائم حيازة واستخدام الألعاب النارية، أو الاتجار بها، وذلك لما تسببه هذه الألعاب والصواريخ و"البومب" من مخاطر كبيرة، حيث تشن الأجهزة الأمنية حملات أمنية ضبطت خلالها كميات كبيرة من الألعاب النارية، حيث تنتشر في مثل هذه المناسبات والأعياد بشكل كبير في الأسواق الألعاب النارية، وتعود أسباب انتشار الألعاب النارية إلى التهريب والمخزون المكدس الذي فشل التجار فى تسويقه بسبب ارتفاع أسعاره.
ظاهرة تسببت في إصابات للأطفال وحروق لمحلات وسيارات
وبحسب "سالم" في تصريح لـ"برلماني": وتشكل الألعاب النارية و"البومب" خطرا وضررا كبيرا، وتسبب إصابات خطيرة للأطفال، كما أنها أحد أسباب اشتعال الحرائق، وأغلب هذه الألعاب تدخل مهربة، عبر منفذى بورسعيد والعين السخنة الجمركيين، تحت بند لعب أطفال، وتطفو على السطح في مثل هذه الأوقات مطالبات بتغليظ عقوبة تهريب واستخدام بعض الشماريخ والصواريخ عقب انتشارها بشكل كبير، وذلك من خلال مطالبة وزارتي الداخلية والعدل بتحديد وإضافة الألعاب النارية المطلوب تجريم تداولها واستخدامها وتغليظ العقوبة عليها، وإدراجها فى التشريع القانوني الخاص باستخدام وتداول الألعاب النارية.
وتضيف "سالم": مشاجرات وكوارث وقعت خلال الساعات الماضية بسبب الصواريخ والبومب والديناميت، والكربون، وسلك المواعين، لدرجة أن الفتيات وكبار السن والسيدات أصبحن يسرن في الشوارع وهُن يضعن أيديهُن على أذانهن خوفا من الخضة، بسبب انتشار أصوات فرقعة الصواريخ، وعلى الرغم من أن بعض الأهالى يرونها من علامات البهجة والفرحة، إلا أنها سبب أذى وضرر للسواد الأعظم من المواطنين سواء في منازلهم أو المارة في الشوارع والطرقات، والحرية التي تؤذى الغير ليست بحرية، وإنما هي قلة تربية، ونتمنى توعية أطفالنا وشبابنا أولا قبل الطلب من المسؤولين اتخاذ إجراء ضد هذه الظاهرة.
الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم
ضرورة غلق وإحكام السيطرة على هذه التجارة
وأكدت الخبير القانوني: هذه الظاهرة السيئة والخطيرة تهم كل أب وأم، وكل أهالينا بكل مكان، وهناك حالتين لطفل وطفلة صغيرين من أماكن مختلفة، وهذه نتيجة الصواريخ والشماريخ وسلك المواعين المنتشر فى جميع الشوارع والمحلات غير حالات كثيرة أخرى، ومحلات احترقت وبيوت خربت فلا يوجد رادع سواء من الأهالى لأطفالهم أو من مجالس المدن والواحدات المحلية للمحلات وجميع من يبيع تلك الأشياء ويضعها بإيد الأطفال، فهل نرى من يتحرك لحماية أبنائنا وشوارعنا والمصلين والمحلات من هذه البدعة التى لا تغنى ولا تسمن من جوع؟
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض ماجد صلاح عبد السلام - إنه في مثل هذا التوقيت لا بد من غلق وإحكام السيطرة على كل الطرق المؤدية لانتشار الألعاب النارية والشماريخ والصواريخ، والمسدسات "الخرز" بكل أشكالها في الشارع المصري، حيث إن المكسب المادي الذي يصل لـ 300% وراء انتشار هذه المواد بصورة مبالغ فيها وإتاحتها حتى أنها أصبحت فى متناول الجميع صغارا وكبارا، لأن ربحها يعادل أرباح تجارة المخدرات، والقانون تحدث عن أن كل مادة تدخل فى تركيب المفرقعات ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية وكذلك الأجهزة والآلات والأدوات التى تستخدم فى صنعها أو لانفجارها، تدخل فى حكم المفرقعات، وتعاقب بعقوبتها.
المشرع وضع عقوبة تصل للمؤبد في هذه الحالة
وبحسب "عبد السلام" في تصريح لـ"برلماني": إن قانون العقوبات فرض عقوبة قاسية لحيازة الألعاب النارية كالصواريخ و"البومب" وما شابه ذلك فالمادة 102 ـ أ ـ من قانون العقوبات عاقبت حائز أو مستخدم أو مستور أو حائز او مصنع هذه المواد بالسجن المؤبد أو السجن المشدد، كما صدر قرار وزير الداخلية رقم 1872 لسنة 2004 الذى أدرج البارود الأسود داخل العقوبة، وحذر من الضبط بأي ألعاب نارية، فإنها في النهاية تؤدى إلى الفزع وبعض الجروح، فصوت الألعاب النارية حتى يتم تميزها، فلابد أن نبتعد عن هذه العادة فهي لا تقترن بالشهر الكريم ولا بأعيادنا، ومسألة تغليظ العقوبة على مستخدمى هذه الألعاب لا يكفى للسيطرة على الظاهرة وإنهائها.
ومن الضروري أن يصاحب هذا الإجراء إجراءات أخرى متمثلة في التفتيش الذاتي لجميع الرسائل – الكونتينر - القادمة من الصين وجنوب شرق آسيا عبر الموانئ البحرية والجوية، حيث تصل إلى مصر أطنان ضخمة من الألعاب النارية، نظرا للمكسب المبالغ فيه الذي يتحقق من استيرادها، كما يجب توقيع العقوبة أيضا على كل من يثبت استيراده لهذه المواد، حيث إن هذه المفرقعات التي يفترض أن يتم استخدامها في اللهو واللعب، قد تتسبب في إحداث عاهة مستديمة للشخص الذي تصيبه، وأحيانا ترديه قتيلا، حيث تغيرت صفتها التصنيعية عن تلك التي كانت تستخدم في وقت سابق – وفقا لـ"عبد السلام".
مطالبات بتغليظ عقوبة الاتجار والحيازة في الألعاب النارية
والمشرع المصرى تشدد فى تجريم إحراز المفرقعات وحيازتها وصناعتها أو استيرادها، لما تشكله من خطورة على المجتمع، وأن المادة 102 (أ) من قانون العقوبات أقرت عقوبة السجن المؤبد لكل من أحرز مفرقع أو حازها أو صنعها أو استوردها دون الحصول على ترخيص بذلك، حيث إنه قد صدر قرار من وزير الداخلية رقم 1872 لسنة 20044 وحدد المواد التى تعد من المفرقعات، والتى تضمنت البارود الأسود وبعض المواد الأخرى، التى تستخدم فى صناعة "البومب" والصواريخ والشماريخ وجميع الألعاب النارية الأخرى – الكلام للخبير القانونى.
ويضيف: "على الرغم من وجود عقوبات مغلظة للمتهمين فى قضايا حيازة مواد مفرقعة، فإنه يتم التخفف فى التعامل مع تلك القضايا، سواء من جانب مأمور الضبط القضائى، أو جهات التحقيق، وجهات الفصل القضائية، الذين يتعاملون بالرأفة فى الغالب مع المتهمين فى تلك القضايا، وأن المحكمة تستند أحياناً إلى المادة (17) عقوبات للنزول بالعقوبة درجة أو درجتين، حيث أن كل المفرقعات تعامل معاملة واحدة فى قانون العقوبات المصرى، فحيازة مواد متفجرة، يساوى حيازة الألعاب النارية، ولا فرق بينهم، سوى فى تعامل المحكمة مع القضية المنظورة أمامها، وحيثياتها ودافع حامل تلك المواد من حملها".
الخبير القانوني والمحامى بالنقض ماجد صلاح عبد السلام
ويشير: هناك ما يعرف بـ"مسدس الصوت" المنتشر في الشارع المصري بشكل كبير وفي متناول أيدي الجميع رغم خطورته البالغة، حيث يستخدمه البلطجية لتوقيف المواطنين على الطرق السريعة وسرقتهم، إلى جانب الصوت المفزع الذي يصدر عن هذا المسدس، وعلى الرغم من ذلك فهو غير مُجرّم حتى الآن، كما يجب أن تغلظ عقوبة من يتاجر في المسدسات "الخرز" التي يتم استخدامها كلعبة للأطفال، فلابد من تغليظ العقوبة على كل من يطلق النار أو الألعاب النارية في الأفراح والمناسبات المبهجة ولو كان من خلال سلاح مرخص، لما يثيره من فزع في قلوب المواطنين.
لماذا تنتشر الألعاب النارية؟
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانوني الدكتور إسلام خضير، أستاذ القانون التجاري والمحامى، في الحقيقة رغم الخطورة التى تمثلها هذه الألعاب النارية، ورغم حظرها من الناحية القانونية فإن معدل انتشارها يزداد يوما بعد يوم بشكل كبير جداً خاصة في المواسم والأعياد وتحديدا في شهر رمضان متحدياً القانون ورجال الأمن وراحة المجتمع ولتنضم تجارة المفرقعات والبمب إلى قائمة الأنشطة غير الشرعية التى تتحدى النظام مثل التوك توك، وبصرف النظر عن المبالغة فى حجم هذه التجارة وعن مصادرها المحلية والخارجية، ومخالفاتها للقانون، إلا أن هناك تأثيرا آخر أكثر خطورة يتعلق بأثر هذه الألعاب على نفسية الأطفال وينذر بنمو جيل من أصحاب النفوس العنيفة وما يتتبع ذلك من مخاطر مجتمعية.
ويضيف "خضير" في تصريح لـ"برلماني": لابد من تدخل الأجهزة الأمنية في المناطق الشعبية مثل أوسيم وإمبابة والوراق والمنيرة الغربية وبولاق الدكرور وغيرها من المناطق وشن حمالات على بائعى الصواريخ والمفرقعات للأطفال، فقد زادت حالات فقد العين بسبب هذه المفرقعات وتجاوزت 67 حالة قابلة للزيادة في منطقة بشتيل ولم ينتهى الأسبوع الأول من شهر رمضان، محملا الأسرة المسئولية الأولى فى تحول الاطفال إلى استخدام هذه الألعاب التى تئصل العنف عنده، مثل طريقة العقاب التى يلجأ فيها الآباء إلى الضرب أو إهانة الأطفال، فيترسخ لدى الطفل استخدام اليد قبل العقل ويظهر فى سلوكه العنيف ضد أصدقائه فى الشارع أو المدرسة.
واعتبر "خضير" أن وسائل الإعلام والفن هى المسئول الثانى عن تحول ألعاب الأطفال إلى مظاهر للعنف من خلال إصرارها على نقل الطبقات الشعبية السيئة بما يحدث فيها من عنف واستخدام دائم للأسلحة البيضاء، حيث أصبح الطفل يتعلم من خلال التليفزيون والفضائيات كيفية عمل المفرقعات اليدوية والألفاظ الخارجة عن الآداب من خلال شخصيات فنية محببة ومقربة منه، فيقوم بتقليدها لأنهم الأبطال، يمارسها مع أصدقائه دون تفكير أو انشغال بالحوادث التى تسببها والتى قد يضرون بها أنفسهم فيصابون بجروح بالغة تصل لقتل أحدهم أثناء اللعب.
دار الإفتاء: المفرقعات في رمضان حرام شرعا
وخلال الفترة الماضية صدرت العديد من الفتاوى من عدد من علماء الأزهر الشريف بتحريم ذلك الأمر، بإعتبار أن بيع وشراء المفرقعات النارية - البمب والصواريخ - هي مضيعة للمال، فقال الداعية الإسلامي وأحد علماء الأزهر الشريف محمد علي، إن بيع وشراء واستعمال المفرقعات النارية حرام شرعا لما فيه من ترويع للآمنين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) متفقٌ عليه، والمفرقعات النارية تدخل تحت قوله: إضاعة المال.
وأن المفرقعات فيها ترويع للآمنين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما)، وفيها أيضا أذية للناس بأصواتها المزعجة، وربما تنتج عنها حرائق تتسبب في إتلاف المال وقد تؤدي إلى إزهاق النفس نتيجة الحرائق التي قد تسببها - ومن جهتها - أجابت دار الإفتاء عن سؤال ورد لها عبر موقعها الرسمي نصه: ما مدى جواز شراء المفرقعات بالنسبة لأولاد المسلمين بمناسبة رأس السنة الميلادية، وهل يجوز شراء هذه المفرقعات واستخدامها قبل أو بعد رأس السنة أو في ليلة رأس السنة، وليست احتفالًا بالسنة الميلادية، وإنما لكونها تباع في هذه المواسم؟
وقالت دار الإفتاء في فتوى سابقة: نهى الشرع عن ترويع المؤمنين؛ حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ رَوَّعَ مُؤْمِنًا؛ لَمْ يُؤَمِّنِ اللهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، واستعمال المفرقعات للأولاد منهيٌّ عنه شرعًا حتى في أعياد المسلمين؛ لما فيه من ترويع الآمنين من ناحية، وللأخطار المحتملة من جراء استعماله من ناحية أخرى.
الخبير القانوني الدكتور إسلام خضير، أستاذ القانون التجاري والمحامى بالنقض