الخميس، 06 مارس 2025 04:05 م

"مصر فى مواجهة الإرهاب الإلكترونى.. استراتيجية شاملة لحماية الفضاء الرقمى".. دراسة برلمانية تكشف أساليب الدولة فى التصدى للجان الإلكترونية سلاح الجماعات المتطرفة.. وتؤكد: التشريعات المصرية حصن منيع

"مصر فى مواجهة الإرهاب الإلكترونى.. استراتيجية شاملة لحماية الفضاء الرقمى".. دراسة برلمانية تكشف أساليب الدولة فى التصدى للجان الإلكترونية سلاح الجماعات المتطرفة.. وتؤكد: التشريعات المصرية حصن منيع الإرهاب الإلكترونى
الخميس، 06 مارس 2025 12:00 م
كتبت- نورا فخرى
في ظل العصر الرقمي، لم تعد الحروب تقتصر على ميادين القتال التقليدية، بل امتدت إلى ساحات غير مرئية، حيث تدور معارك خفية في الفضاء الإلكتروني، و أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي ساحات مفتوحة تخوض فيها الجماعات الإرهابية حربًا ناعمة، مستخدمةً أدوات التكنولوجيا الحديثة لنشر التطرف، وتجنيد الأتباع، وبث الفوضى وزعزعة الاستقرار.
 
 
وباتت الشائعات والمعلومات المضللة أسلحة باردة لكنها أشد فتكًا، حيث تستهدف العقول قبل الأجساد، وتهدد بنية المجتمعات من الداخل.
 
 
أمام هذا الواقع، لم تقف مصر مكتوفة الأيدي، بل خاضت معركة واعية ومدروسة لحماية أمنها القومي من أخطار الإرهاب السيبراني،  من خلال بناء منظومة تشريعية متينة، وتعزيز قدرات الأمن السيبراني، وتكثيف الجهود لرصد وتتبع الأنشطة المشبوهة، حيث سعت الدولة إلى تحصين فضائها الرقمي، فضلا عن تعزيز تعاونها مع المؤسسات الدولية والإقليمية، ومحاربه الفكر المتطرف بنشر الوعي، ودعم الخطاب المعتدل، وفضح مخططات الجماعات الإرهابية التي تستغل الفضاء الإلكتروني لتنفيذ أجنداتها الخبيثة.
 
 
وأكدت دراسة برلمانية هي الأولي من نوعها تحت قبه مجلس الشيوخ، والتي ناقشتها لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برئاسة النائب محمد نبيل دعبس، عن "الأمن السيبراني متطلباته وأثره في تعزيز الاقتصاد الرقمي"، والمقدمة من النواب حسانين توفيق، هبة شاروبيم، كاميليا صبحى عبد النور، وإيناس عصمت عبد الحميد، تقلد مصر المرتبة رقم 23 بين 155 دولة في مؤشر الجاهزية للأمن السيبراني ( Global Cybersecurity Index GCI) الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2018 ، وذلك تتويجا لجهودها في تعزيز وحماية الفضاء السيبراني لمؤسساتها الحيوية ولكل مواطنيها. 
 
 
وتوضح الدراسة أن هذا المؤشر يقيس مختلف الجهود والاستعدادات التي قامت بها الدولة المصرية من خلال خمسة معايير هي: المعيار القانوني، والتقني والتنظيمي وبناء القدرات والتعاون، وهي المعايير التي تحدد مسبقًا من قبل "الأجندة العالمية للأمن السيبراني (Global Security Agenda GCA)، ويعكس هذا الترتيب مدى فعالية الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية في مجال الأمن السيبراني.
 
 
وأشارت الدراسة البرلمانية إلي ما واجهته الدولة المصرية من الهجمات السيبرانية والاختراقات وأعمال القرصنة التي تهدف لزعزعة الأمن واستقرار البلاد، إذ واجهت الدولة ما يُعرف بـ "اللجان الإلكترونية" التي تسعى لتقويض الاستقرار، ونشر الشائعات والتأثير فى الوعى المجتمعى، وتقويض النظام السياسي، والتشكيك في إمكانيات ومسارات ومشروعات الدولة ونشر معلومات مغلوطة ومزيفة، كذلك استغلت بعض الجماعات الممولة خارجيا، الفضاء السيبراني، للتحريض ضد الدولة المصرية، تنفيذا لأجندات خارجية، ومنذ 2011 ، نشأت في مصر بعض الجماعات التي أطلقت صفحاتها على موقعي "تويتر" و"فيسبوك"، مثل "جماعة أجناد مصر" وحركة "إعدام" و"ولع" و "مولوتوف"، وحرضت هذه الجماعات والحركات على الجيش والشرطة، مستغلة الفضاء السيبراني الذي وفر لها حماية أكبر، بل إن هذه الحركات اعتمدت على تطبيق "كلوب هاوس" للدردشة الصوتية، وأصبحت حاضرة بكثافة في غرفه، وبدأت في عقد اجتماعاتها عبره.
 
 
ونوهت الدراسة البرلمانية إلي أنه في ظل تنامي خطورة الجرائم السيبرانية في مصر، ازدادت الحاجة لمواجهة تلك التهديدات بل واستباق الجرائم والهجمات السيبرانية المحتملة، لذلك استعانت الدولة في مهمتها بالأطر الدولية الملزمة في هذا التوجه، لاسيما "استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب" التي نصت في المادة رقم (12) على أن الدول قد تستخدم الإنترنت كأداة لمكافحة الإرهاب، مع التسليم في الوقت نفسه بأن الدول قد تحتاج إلى المساعدة في هذا الصدد. وفي  ظل تعاظم مخاوف الأمم المتحدة من إساءة استخدام الإنترنت والتقنيات الرقمية الجديدة لارتكاب أعمال إرهابية أو التحريض عليها أو التجنيد لها أو تمويلها أو التخطيط لها ، شددت المنظمة على ضرورة التعاون بين مختلف الجهات المعنية لمواجهة تلك التهديدات بما في ذلك الدول الأعضاء المنظمات الدولية والإقليمية ودون الإقليمية، القطاع الخاص، والمجتمع المدني. 
 
 
وفي 2010 ، أعرب مجلس الأمن في القرار رقم (1964) عن قلقه من ازدياد استخدام الإرهابيين للإنترنت لأغراض التجنيد والتحريض، إضافة لتمويل أنشطتها وتخطيطها وإعدادها، كذلك طالب مجلس الأمن عام 2017 ؛ في قراره رقم (2341) جميع الدول الأعضاء، بضرورة إنشاء وتعزيز الشراكات الوطنية والإقليمية والدولية مع الجهات صاحبة المصلحة من القطاعين العام والخاص حسب الاقتضاء، لتبادل المعلومات والخبرات من أجل منع الهجمات الإرهابية على الهياكل الأساسية الحيوية والحماية منها والتخفيف من آثارها والتحقيق فيها ومواجهتها والتعافي من أضرارها، وذلك بوسائل منها: التدريب المشترك واستخدام أو إنشاء شبكات ملائمة للاتصال والإنذار في حالات الطوارئ. 
 
 
كما أطلق "مكتب مكافحة الإرهاب"، العديد من المبادرات في مجال التقنيات الجديدة، من ضمنها مشروع بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات مفتوحة المصدر والأدلة الرقمية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف مع احترام حقوق الإنسان،  وذلك بالتوازي مع إطلاق برنامج أمن الفضاء السيبراني والتقنيات الحديثة" الذي تتمثل أهدافه الرئيسة في تعزيز قدرات الدول الأعضاء والمنظمات الخاصة على منع الهجمات السيبرانية التي تقوم بها الجهات الفاعلة الإرهابية ضد البنية التحتية الحيوية، وتخفيف تأثير هذه الهجمات السيبرانية، وإصلاح الأنظمة المستهدفة في حالة حدوث تلك الهجمات. 
 
 
وتشير الدراسة البرلمانية إلي أنه إضافة للجهود والقرارات الدولية الملزمة للدولة المصرية، برز في هذا السياق بعض الاتفاقيات العربية التي صدقت عليها مصر لتعزيز أمنها السيبراني، وفي مقدمتها الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، التي انضمت إليها مصر بموجب القرار رقم 276 لعام 2014 ، بهدف تعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال مكافحة جرائم تقنية المعلومات بشكل عام، والإرهاب السيبراني بشكل خاص، من خلال تبني سياسات جنائية مشتركة لحماية المجتمع العربي من جرائم تقنية المعلومات.
 
 
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، أن المادة (15) من تلك الاتفاقية تنص على الجرائم المتعلقة بالإرهاب والمرتكبة بواسطة تقنية المعلومات، وهي الجرائم التي تشمل: نشر أفكار ومبادئ جماعات إرهابية والدعوة لها، وتمويل العمليات الإرهابية والتدريب عليها، وتسهيل الاتصالات بين التنظيمات الإرهابية، ونشر طرق صناعة المتفجرات والتي تستخدم خاصة في عمليات إرهابية، ونشر النعرات والفتن والاعتداء على الأديان والمعتقدات. 
 
 
كما سلطت الدراسة البرلمانية، الضوء علي النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة بمختلف التهديدات السيبرانية التي أقرتها مصر، في مقدمتها المادة 31 من الدستور والتي تقر أن أمن الفضاء المعلوماتي جزء أساسي من منظومة الاقتصاد والأمن القومي، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه على النحو الذي ينظمه القانون، فضلا عن المواد (20) و(21) من قانون مكافحة جرائم تقنيه المعلومات، والمواد (1)، (3) (15)، (20)، (29)، (46) من القانون رقم (94) لسنة 2015 لمكافحة الإرهاب، الذي قانون شامل للتصدي لكل الجرائم الإرهابية بما في ذلك الجرائم السيبرانية، وقد روعي فيه تجريم مختلف الأنشطة الإرهابية وفقًا لاتفاقية قمع تمويل الإرهاب والمعايير الدولية في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

الأكثر قراءة



print