كتبت نور على
يناقش مجلس الشيوخ خلال جلساته العامة هذا الأسبوع برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق ملف الحماية الاجتماعية من خلال مناقشة تقرير لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي عن الدراسة المقدمة من النائب محمود تركي، بعنوان مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية من الاحتياج إلى التمكين.
وتهدف الدراسة إلى تقديم تحليل شامل لمنظومة الحماية الاجتماعية في مصر، لفهم واقعها وتحدياتها واستشراف آفاق تطويرها.
وقد اعتمدت الدراسة على منهجية متكاملة تضمنت مراجعة الأدبيات ذات الصلة، وتحليل البيانات المتاحة، ودراسة التجارب الدولية الرائدة، بالإضافة إلى تطبيق أداة تحليلية مبتكرة وهي "النظام الإيكولوجي" لفهم التفاعلات المعقدة بين مختلف عناصر هذه المنظومة.
وانطلقت الدراسة من ستة أهداف رئيسية تم صياغتها في ضوء عدد من الأسئلة البحثية التي سعت الدراسة للإجابة عليها و تم تحقيق هذه الأهداف من خلال تحليل معمق لمختلف جوانب منظومة الحماية الاجتماعية في مصر، وذلك على النحو التالي:
أولا: تم تقييم واقع الحماية الاجتماعية في مصر من خلال استعراض أهم مؤشرات الفقر وعدم المساواة، ونسبة السكان المُغطاة ببرامج الحماية الاجتماعية كما تم تحليل نقاط القوة والضعف في البرامج القائمة مثل برنامج تكافل وكرامة، والمساعدات النقدية للضمان الاجتماعي، وبرامج التأمين الصحي ودعم الغذاء.
ثانيا: سعت الدراسة إلى تحديد الفئات المُستفيدة وغير المستفيدة من برامج الحماية الاجتماعية، وتم تحليل خصائص كل فئة وأسباب عدم استفادة بعض الفئات من هذه البرامج، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا مثل الأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة والأسر الفقيرة في المناطق الريفية.
ثالثًا: تناولت الدراسة التحديات الرئيسية التي تواجه تطوير نظام الحماية الاجتماعية في مصر، بما في ذلك التحديات المتعلقة بمحدودية الموارد، وعدم كفاية وتكامل قواعد البيانات، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالتنسيق والتكامل بين الجهات الفاعلة.
رابعًا: تم استخلاص الدروس المستفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال الحماية الاجتماعية. وقد تم التركيز على أهمية تكامل أدوار الأطراف المتداخلة واستخدام التفكير المنظومي في تصميم وتنفيذ وتقييم برامج الحماية الاجتماعية.
خامسًا: قامت الدراسة برسم خريطة النظام الإيكولوجي للعدالة الاجتماعية في مصر وتحليل العلاقات التفاعلية بين مكوناته. وقد تم تقسيم هذا النظام إلى ثلاث دوائر متداخلة : المُستفيدون في قلب النظام، ومنفذو ومقدمو الخدمات بما يشمل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والإطار التشريعي والبرامجي، والعوامل المؤثرة والجهات ذات الصلة التي تشمل المنظمات الحكومية الأخرى والقيم والمعايير المجتمعية والموارد والمنظمات الدولية وأهداف التنمية المستدامة ومنظومة حقوق الإنسان والتعاون الدولي. وقد كشف التحليل عن أهمية التنسيق والتكامل بين جميع هذه العناصر لضمان فعالية واستدامة منظومة الحماية الاجتماعية.
سادسا: وضعت الدراسة مجموعة من التوصيات العامة لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في مصر وتعزيز دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة حيث اظهرت هذه الدراسة أن منظومة الحماية الاجتماعية في مصر قطعت شوطًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة مع إطلاق برامج طموحة مثل تكافل وكرامة والتوسع في نظم التأمين الصحي ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتطلب المزيد من الجهود لتحسين كفاءة وشمول واستدامة هذه المنظومة. ويُعد الاستثمار في الحماية الاجتماعية استثمارًا في رأس المال البشري وفي مستقبل مصر، وهو ضرورة لا غنى عنها لتحقيق التنمية الشاملة والعادلة وضمان حياة كريمة لجميع المصريين.
و تُقدم هذه الدراسة مجموعة من التوصيات العامة التي تهدف إلى تعزيز فعالية هذه المنظومة وتحسين أدائها وتوسيع نطاق تأثيرها والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان حياة كريمة لجميع المصريين.