فى ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، أصبحت العمالة المصرية ركيزة أساسية في العديد من أسواق العمل العربية والعالمية، حيث لعبت الخبرات المصرية دورًا بارزًا في قطاعات حيوية مثل البناء، والخدمات، والتكنولوجيا، ومع تزايد الطلب على المهارات المصرية بالخارج، تعمل الدولة على تحقيق توازن بين توفير فرص عمل داخلية وتحفيز العمالة الماهرة على المنافسة عالميا.
لذلك، كثفت الحكومة ممثلة في وزارة العمل، جهودها لتطوير منظومة التدريب المهني، وتعزيز الشراكات مع الدول المستقبلة للعمالة، فضلًا عن تيسير إجراءات السفر والتوظيف عبر الاتفاقيات الثنائية، فبينما تتجه أعداد متزايدة من المصريين إلى أسواق العمل الخليجية والأوروبية، تستثمر الدولة أيضا في المشروعات القومية الكبرى، مما يفتح الباب لفرص عمل محلية منافسة.
وتُشير تقديرات وزارة الخارجية المصرية إلى أن عدد المصريين المهاجرون بالخارج قد بلغ (11.08 مليون) مهاجر في عام 2022، معظمهم في أسواق العمل الخليجية والأوروبية، مثل: السعودية، الأردن، الإمارات، الكويت، والدول الأوروبية: ايطاليا، المانيا، فرنسا، انجلترا، هولندا، النمسا، اليونان، السويد، وفى هذا التقرير، نرصد خريطة توزيع العمالة المصرية بالخارج، وأسباب الإقبال على بعض الدول دون غيرها، ومدى تأثير الجهود الحكومية فى رسم مستقبل التوظيف للمصريين داخليا وخارجيا.
ويتوزع أعداد المصريين وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بالترتيب بين المنطقة العربية وتستقبل 7.09 مليون مهاجر بنسبة 62% من إجمالى المهاجرين المصريين بالخارج، والأمريكيتين 2.1 مليون مهاجر يشكلون نسبة "19.10%" من إجمالى المهاجرين المصريين بالخارج، وأوروبا 1.6 مليون مهاجر يشكلون نسبة 15.01% من إجمالى المهاجرين المصريين بالخارج.
وتستحوذ الدول العربية على النسبة الأكبر من العمالة المصرية بالخارج، حيث تشير التقديرات إلى أن المملكة العربية السعودية، تُعد هي الوجهة الأولى للعمالة المصرية، حيث تستضيف نحو 3.5 مليون مصرى، ما يمثل حوالي 52% من إجمالي تصاريح العمل الصادرة في عام 2017، وتأتى الأردن في المرتبة الثانية، حيث يعمل بها نحو 1.25 مليون مصري، والإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثالثة، حيث تستضيف الإمارات حوالي 982.375 مصريا، مما يجعلها من أبرز الوجهات للعمالة المصرية، كما تقدر أعداد العاملين بالكويت نحو 700 ألف مصري، ما يجعلهم يشكلون نسبة 21.8% من إجمالي العمالة في البلاد، وأخيرا قطر تستضيف نحو 250 ألف عامل مصرى.
أما توزيع العمالة المصرية في الدول الأجنبية، فتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية الدول المستضيفة للمصريين، بحوالي 1.131 مليون مصري، مما يجعلها من أكبر الدول الأجنبية استقطابًا للعمالة المصرية، يليها كندا بحوالى 700 ألف مصري، ثم إيطاليا بحوالي 400 ألف مصرى، وفرنسا حوالى 366 ألف مصرى، وأستراليا 285 ألف مصرى.
ووفقا للبيانات والاحصائيات يتضح أن الدول العربية، وخاصة الخليجية منها، تستحوذ على النسبة الأكبر من العمالة المصرية بالخارج، وذلك يرجع إلى عدة عوامل، منها: القرب الجغرافى، التشابه الثقافي، والفرص الاقتصادية المتاحة، بينما الدول الأجنبية تفتح أبوابها أمام المصريين الأكثر تأهيلًا في مجالات محددة مثل التكنولوجيا والهندسة، إلا أن التواجد الملحوظ للمصريين في دول مثل: الولايات المتحدة وكندا يعكس تنوع خيارات الهجرة وسعي المصريين لتحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية.
وتتعدد أسباب جذب العمالة المصرية للدول العربية والأجنبية، السابق ذكرها في التقرير، وتختلف من دولة لأخرى، ففي المملكة العربية السعودية تشهد طلب كبير على العمالة في قطاعات البناء والتشييد، والخدمات، والصحة، والتعليم، فضلا عن وجود عقود عمل مغرية برواتب مرتفعة، وقرب المسافة وسهولة السفر والتنقل بين البلدين، وعدم وجود عوائق لغوية أو ثقافية كبيرة، ما يسهل الاندماج، وفى الكويت هناك توافر لفرص عمل في مجالات مثل التعليم، والطب، والهندسة، والإنشاءات، وبأجور جيدة وامتيازات مثل: السكن والتأمين الصحي، بخلاف أن العلاقات القوية بين البلدين، يسهل استقدام العمالة المصرية، أما الدول الأجنبية كالولايات المتحدة وكندا، فهناك فرص متاحة فى قطاعات التكنولوجيا، والطب، والهندسة، والتعليم، كما أن نظام الهجرة الذي يسمح بجلب العمالة المهرة والمستثمرين، فضلا عن مستوى المعيشة المرتفع وإمكانية الحصول على الجنسية.