في حادثة قد تعد الأولى من نوعها شهدت العراق اختلافا حول رؤية هلال شهر رمضان مما أدى إلى حالة تخبط بين المواطنين حول موعد عيد الفطر المبارك، الامر الذى نتج عنه تأدية صلاة العيد مرتين وانقسام بين الشعب العراقي حول موعد نهاية الشهر المبارك.
وبدأت القصة بعد الخلاف على تحديد أول أيام عيد الفطر بين أهل المذهب السني، بالنظر إلى مسألة ثبوت رؤية هلال شهر شوال من عدمه، حيث قال الطرف الأول إن الأحد مكمل لشهر رمضان، وهو رأي ديوان الوقف السني. أمّا الطرف الثاني، الممثل بهيئة علماء المسلمين، فيؤكد أن الاحد هو الأول من شهر شوال.
وحدث هذا الانقسام بعد تأخر الإعلان الرسمي عن موعد عيد الفطر من قبل الوقف السني وتباين المواقف بين الجهات الدينية، حيث أعلنت بعض الجهات مثل هيئة علماء المسلمين ودار الإفتاء العراقية أن العيد سيكون يوم الأحد، بينما قررت جهات أخرى مثل الوقف السني والمجمع الفقهي العراقي أن يكون يوم الاثنين هو أول أيام العيد، مما أدى إلى اختلاف في الالتزام بين الأهالي.
ووفقا لوكالة شفق نيوز العراقية، أثار هذا الجدل تساؤلات في الأوساط الدينية والاجتماعية، حيث اعتبر البعض ما حدث مؤشرًا على تباين المرجعيات الدينية التي يعتمد عليها السكان، في المقابل، دعا ناشطون وشخصيات دينية إلى توحيد الرؤية مستقبلاً لضمان وحدة الصف في المناسبات الدينية الكبرى، مع ضرورة التنسيق بين المؤسسات الدينية.
وتباينت الآراء حول موعد عيد الفطر في العراق بشكل عام، حيث أعلنت دار الإفتاء العراقية في البداية أن الأحد هو أول أيام العيد، ثم تراجعت وأكدت أنه متمم لشهر رمضان، بينما أعلن ديوان الوقف السني أن يوم الاثنين هو أول أيام العيد، في حين أكدت هيئة علماء المسلمين أن الأحد هو يوم العيد.
وفي إقليم كوردستان، أعلن بشكل ثابت أن الأحد هو أول أيام عيد الفطر مع بدء تكبيرات العيد في المساجد.
ونتيجة لهذا الخلاف الفقهى بين المذاهب شهد صباح أمس الأحد تأدية العشرات من سكان بغداد صلاة عيد الفطر في الساحات والشوارع العامة، في حين واصل النصف الآخر صيامهم حتى اليوم الاثنين حيث أقيمت صلوات عيد الفطر فى المساجد بشكل رسمي.
ونفى المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، اليوم الاثنين، تدخل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بتحديد أيام عيد الفطر المبارك، قال العوادي ردا على سؤال وكالة الأنباء العراقية، إن الحديث عن تدخل الحكومة أو رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بشأن تثبيت رؤية الهلال وتحديد يوم عيد الفطر المبارك، عارٍ عن الصحة ولا أساس له".
وأعرب عن أسفه في أن "يعمل بعض السياسيين على زج المؤسسات الدينية في حلبة الصراع على النفوذ والمناصب"، وأكد أن رئيس الوزراء يؤمن ويعمل بمنح المؤسسات الدينية حقها ومساحتها في هذا المجال الخاص بها حصرا، وينأى بنفسه عن هذه الأمور، كونها تعود إلى تقدير مراجع الدين والفقهاء والمؤسسات الشرعية؛ فهي المعنية لوحدها في تحديد المواعيد والمسائل الشرعية، ويشدد على احترام جميع القناعات في إطار مساحة جميع معتقدات أبناء الشعب العراق".
وأكد كبير علماء المجمع الفقهي العراقي، حسن الطه، اليوم الإثنين، أن الجدل الذي أثير بشأن رؤية هلال عيد الفطر لم يكن ناتجا عن وعي ديني، بل عن جهل بمبادئ الشريعة، مشددا على أن قضية الهلال ليست معضلة شرعية، وأن الدين لا يحتوي على أمور غامضة.
وفي خطبته خلال صلاة عيد الفطر يوم الاثنين، أوضح الطه، أن "الجهل واللجاجة والغفلة عن العواقب دفعت البعض للخوض في مسائل غير أساسية، مما تسبب في اضطراب حتى في العبادات"، معتبرا أن الأزمة تفاقمت بسبب "تدخل طرف ينتمي إلى السلطة في غير اختصاصه، ما جعل الأمر يبدو وكأنه قضية سياسية بدلا من دينية".
وأضاف، أن لجنة الرؤية في بغداد لم تتلق أي خبر بثبوت الهلال مساء السبت، ولم يره أحد، موضحا أن "من المعتاد انتظار الأخبار بعد الغروب وحتى العشاء، وأحيانا يصل الخبر أثناء صلاة التراويح فيتم إعلان التكبير، إلا أن ما حدث هذه المرة كان تصرفا فرديا أدى إلى الغموض والاستعجال في الإعلان".
ووجه الطه انتقادا حادا لإدارة ديوان الوقف السني، معتبرا أنها "لم تكن بالمستوى المطلوب، إذ تدخلت في غير اختصاصها الإداري ولم تتحل بالتأني والحياد، مما أدى إلى تشويش الأجواء"، كما استنكر قرار المجلس بجمع رؤية الخميس مع رؤية السبت، واصفا ذلك بأنه "تصرف مستغرب".
وشدد، على أن "الإدارة الكفوءة يجب أن تتحلى بالحكمة وألا تملي قراراتها على لجنة الرؤية"، منتقدا التسرع الذي شاب جلسة رؤية الهلال هذا العام، حيث كان من المفترض انتظار الأخبار الواردة من المحافظات والمرجعيات الدينية والدول المجاورة قبل اتخاذ القرار.
في ختام خطبته، رفض الطه أي تدخل من ديوان الوقف السني في القضايا الشرعية، معتبرا أن ما حصل كان "سابقة غير مبررة وتدخلا سياسيا أفسد الأمور"، داعيا إلى عدم فرض أي إملاءات مسبقة على لجنة الرؤية مستقبلا.