الخميس، 24 أبريل 2025 01:34 ص

طقوس درامية ترافق بابا الفاتيكان للعالم الآخر.. كسر خاتم الصياد أولها.. البابا يغير أسرار التوابيت الثلاثة ويوصى بالدفن في كنيسته المفضلة.. زعماء الدول يتسابقون لحضور الجنازة.. والعالم في انتظار الدخان الأبيض

طقوس درامية ترافق بابا الفاتيكان للعالم الآخر.. كسر خاتم الصياد أولها.. البابا يغير أسرار التوابيت الثلاثة ويوصى بالدفن في كنيسته المفضلة.. زعماء الدول يتسابقون لحضور الجنازة.. والعالم في انتظار الدخان الأبيض البابا فرانسيس
الأربعاء، 23 أبريل 2025 02:00 م
كتبت: هناء أبو العز
رحيل بابا الفاتيكان.. لا يعد هذا الحدث مجرد لحظة وداع لشخصية دينية، بل هو طقس كوني يلامس وجدان مليار ونصف إنسان يلتفون حول رمزية البابا باعتباره خليفة القديس بطرس وحارس الإيمان الكاثوليكي.
 
ورغم أن  البابا فرانسيس ، الذي توفي في 21 أبريل عن عمر ناهز 88 عاما جراء سكتة دماغية وسكتة قلبية، أجرى تعديلات على كتاب الكنيسة الخاص بطقوس جنازة الباباوات، حيث أراد تبسيط طقوس دفنه، وتقليل البذخ فيها، بما يتماشى مع رؤيته بأن على الكنيسة خدمة الفقراء، إلا أن المراحل الثلاث، أو اللحظات الرئيسية، من هذا الإجراء لا تزال كما هي، وتقوم الكنيسة الكاثوليكية بتنفيذ سلسلة من الطقوس التي يعود تاريخها إلى قرون مضت  وتستعد لاختيار بابا جديد.
 
إعلان الوفاة وتنكيس الأعلام
 
 
فبعد أن أعلن طبيب الفاتيكان الخاص، وفاة البابا رسميًا، ووثق  الكاردينال المكلّف بالشؤون الكنسية  الحدث في سجلّات الفاتيكان، قرع  جرس كاتدرائية القديس بطرس بصوتٍ عميق ملأ أرجاء الدولة الصغيرة، وانتشر صداه في العالم أجمع.
وأعلن عن  فترة الحداد الرسمي، ونكست الأعلام، وغرقت ساحة القديس بطرس في صمت مهيب، يتجمع فيه المؤمنون حاملين الشموع والصلوات.
 
أول الطقوس كسر خاتم الصياد
من أكثر الطقوس رهبةً بعد وفاة البابا هي "كسر الخاتم"، المعروف بـ"خاتم الصياد" والذي يحمل نقش القديس بطرس، حيث يُحطم الخاتم بمطرقة فضية صغيرة، في لحظة رمزية تُشير إلى انتهاء السلطة البابوية، ولضمان عدم استخدامه في إصدار أي وثيقة مزورة بعد الوفاة، ويُحتفظ ببقايا الخاتم ضمن أرشيف الكنيسة، كذكرى لواحد من أقوى الرموز في العالم المسيحي.
 
وداع الشعوب.. الجثمان في حضرة القديسين
يُغسل الجثمان وفقًا للطقوس الليتورجية، ويلبس البابا الراحل ثوبه الأبيض المطرز بالذهب، مع العصابة الحمراء التي تميز الباباوات، ويُنقل الجثمان إلى قاعة القديس بطرس حيث يتاح للمؤمنين رؤيته لثلاثة أيام، تُعرف بـ"أيام الوداع"، حيث تتوافد الحشود من كل أنحاء العالم لإلقاء النظرة الأخيرة على الراعي الأعظم.
 
ويتناوب الكرادلة والأساقفة على تلاوة المزامير والصلوات حول الجثمان ليلًا ونهارًا، في طقس يُسمى "السهر الروحي".
وفي اليوم السادس تقريبًا بعد الوفاة، يقام القداس الجنائزي الرسمي في ساحة القديس بطرس، بحضور وفود رئاسية من عشرات الدول، وزعماء دينيين من مختلف الطوائف، إلى جانب آلاف المصلين.
 
ويترأس القداس غالبًا من قبل عميد مجمع الكرادلة، ويُرفع فيه الدعاء لروح البابا، مع ترديد صلوات تُذكر فيها إنجازاته ومآثره الروحية.
القداس يبث على الهواء مباشرة إلى ملايين المشاهدين حول العالم، ويرافق بموسيقى كنسية كلاسيكية تعزف خصيصًا لهذا الحدث.
 
ثلاثة توابيت.. ثلاثة أسرار
في المعتاد ووفقًا للطقوس المكتوبة يوضع جثمان البابا في ثلاثة توابيت متعاقبة، يحمل كل منها رمزية مختلفة:
التابوت الأول: من خشب السرو، يحتوي فيه الجثمان مع بعض الرموز مثل ميداليات حبريته، وثيقة قصيرة عن سيرته، وإنجيل مفتوح على صدره، والتابوت الثاني: من الزنك، يختم بإحكام لحفظ الجثمان، والتابوت الثالث: من خشب البلوط المصقول، يغلق بالشمع الأحمر ويحمل على أكتاف حرس الفاتيكان.
إلا أن نعش البابا فرنسيس، كما هو الحال في اختياره لموقع دفنه، يخالف  التقاليد البابوية، فبدلاً من دفنه في ثلاثة توابيت، سيكون نعشه خشبيًا ومبطنًا بالزنك،  على شكل صندوق سداسي مدبب ،  أعرض من الأعلى وأضيق من الأسفل، يشبه جسم الإنسان.
وفي الليلة التي تسبق الجنازة، يبارك جثمان البابا بالماء المقدس ، ويُغطى وجهه بقطعة قماش حريرية بيضاء. تُوضع في التابوت محفظة صغيرة بها عملات معدنية سكت خلال فترة حكمه التي استمرت 12عامًا، بالإضافة إلى أنبوب معدني يحتوي على وثائق وسيرة ذاتية بابوية. ثم يغلق التابوت بإحكام.
 
  متى موعد جنازة البابا؟
ستُقام مراسم الجنازة الساعة العاشرة من صباح يوم 26 أبريل في ساحة القديس بطرس، وسيقود مراسم الجنازة الكاردينال جيوفاني باتيستا، عميد مجمع الكرادلة.
 
الدفن...والعودة إلى جوف القداسة
وبموجب رغباته، سيكون فرانسيس أول بابا يتم دفنه خارج الفاتيكان، حيث جرت العادة على دفن الباباوات في كنيسة القديس بطرس،  أما فرنسيس، فسيدفن في كنيسة القديسة مريم الكبرى بروما ، المكرسة لمريم العذراء، وهي الكنيسة التي اعتاد فرنسيس الذهاب إليها للصلاة قبل رحلاته الخارجية وبعدها.
 
من سيحضر؟
أكد عدد من قادة العالم سفرهم إلى الفاتيكان لحضور قداس يوم السبت،  سيحضر خافيير ميلي، رئيس الأرجنتين، مسقط رأس البابا فرانسيس، والذي سبق أن اختلف مع البابا بشأن السياسة الاقتصادية، كما سيحضر أيضًا لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، رئيس البرازيل المجاورة، الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بالبابا فرانسيس.
ومن بين الزعماء الأوروبيين الرئيسيين الذين يسافرون إلى الفاتيكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتز، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي،  ومن المقرر أن يحضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضًا.
 
من لن يحضر؟
وقال الكرملين يوم الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن "ليس لديه أي خطط" للحضور، وبما أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين، فإن الشرطة في إيطاليا ــ إحدى  الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 125 دولة ــ ستكون ملزمة باحتجازه.
 
بعد البابا.. العالم في انتظار الدخان الأبيض 
بوفاة البابا، تبدأ مرحلة تُعرف بـ "الكرسي الشاغر"، يُغلق القصر الرسولي، وتُسلَّم مقاليد السلطة مؤقتًا إلى الكاردينال المسؤول عن الشؤون اليومية،  بعدها، تدعى الهيئة الكاردينالية إلى مجمع مغلق لاختيار البابا الجديد، في تقليد يحمل في طياته توترًا روحيًا وسياسيًا يتابعه العالم بأنفاسٍ محتبسة.
حيث يغلق الباب على الكرادلة، وترفع الأدخنة السوداء من المدخنة الشهيرة كلما فشل التصويت، حتى يأتي اليوم الذي يرتفع فيه الدخان الأبيض، معلنًا للعالم:لدينا بابا .
 
 

print