الجمعة، 22 نوفمبر 2024 08:59 م

"برلمانى" ينشر النص الكامل والمذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقارى الجديد

 "برلمانى" ينشر النص الكامل والمذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقارى الجديد النائب ضياء الدين داود مقدم مشروع قانون الشهر العقارى
السبت، 11 ديسمبر 2021 04:28 م
كتب محمد أبو عوض

حصل موقع "برلمانى" على  النص الكامل والمذكرة الإيضاحية، لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق، وتطوير وإعادة الهيكلة الكاملة موضوعاً وإجرائياً لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق، والذى تقدم به النائب ضياء الدين داود وعُشر أعضاء مجلس النواب إلى رئيس مجلس النواب، وإلى نص القانون:-  

مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

بإلغاء القانون رقم 5 لسنة 1964م بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وإلغاء المادة 35 مكرر الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020 والمُعدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2021، وتعديل بعض أحكام كلاً من: القانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن السجل العيني، والقانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق، والقانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن قانون الشهر العقاري، والقانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، والقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ فَاكْتُبُـــــــــــــوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَــــــدْلِ ۚ ﴾

صدق الله العظيم

 

الفصل الأول: المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 

المبحــث الأول: التاريخ التشريعي لأزمة التسجيل العقاري وتحويل الشهر العقاري لهيئة مستقلة

المبحث الثانـــي: فلسفة وأهداف مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق.

المبحث الثالـــث: الأساس الجذري والتشريعي مصرياً وعربياً ودولياً لمشروع القانون.

المبحث الرابـــع: المُذكرة الإيضاحية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق.

المبحث الخامس: مُفردات استقلال العضو الفني بالشهر العقاري وفقاُ للمادة 199 من الدستور.

المبحث السادس: ضمانات حماية العضو الفني بالشهر العقاري وفقاً للمادة 199 من الدستور.

المبحث الســابع: دور الشهر العقاري في دعم الاستثمار.

المبحث الثامـــن: علاج أزمة الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بقانون السجل العيني.

المبحث التاســع: علاج أزمة انخفاض عدد العقود المسجلة بالشهر العقاري.

  المبحث العاشــر: علاج أزمة المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري

  المبحث الحادي عشر: المعايير التشريعية لمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق".

 

الفصل الثاني: نص مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 

الفصل الأول

المُذكرة الإيضاحية

لـ مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

 

مقدمة:

  لسنوات طويلة ويُعاني قطاع الشهر العقاري والتوثيق من إهمال وتهميش وروتين حكومي عقيم ،تمثل في طوابير طويلة من المواطنين أمام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق ، زحام لا ينتهي ،وساعات انتظار اصابها بقصور شديد ،أثر شكلاً وموضوعاً على تقديم الخدمات القانونية للمواطنين في تسجيل ممتلكاتهم وتوثيق كافه أنواع العقود والمحررات ،وعجز شديد لا يتوقف في عدد الموثقين بالمكاتب ، وسوء حاله المقرات ،وصعوبة وبطء التسجيل العقاري ، إن لم يكن استحالته ،وخلق انطباعاً سيئاً ، سواء تجاه جمهور المواطنين او حتى لدى الموظفين ،ولا نُبالغ إن ذكرنا المستثمرين والأجانب المتعاملين مع الشهر العقاري ،وأصبحت مكاتب الشهر العقاري المصرية نموذجاً مثالياً للبيروقراطية الوظيفية المريرة التي يعاني منها الوطن والمواطن  .

 

 وإهدار مليارات الجُنيهات على الدولة من عدم تسجيل وتداول 95% من ثروتها العقارية وحصر بياناتها وتحصيل رسومها وضرائبها ، مما يؤثر سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين المقررة من حصيلة إيراداتها الرسمية ، و مما شجع الاعتداء على الملكية العقارية العامة والخاصة ،وزيادة عدد المنازعات القضائية العقارية بين المواطنين ،وتأثيره السلبي على الاستثمارات الأجنبية بمصر نتيجة تراجع مصر بمؤشر تسجيل الملكية الصادر عن البنك الدولي لعدم وجود قاعدة للملكية العقارية واضحة وشفافة ،وهو مؤشر دولي يقيس سرعة وتكلفة الإجراءات اللازمين لنقل الملكية رضائياً ،وعقبة رئيسية أمام الإصلاح الاقتصادي ،وأحد أهم مشاكل الاستثمار العقاري بمصر، وأخيراً تحول الأمر لأزمة كبيرة كارثية انتشرت إعلاميا بأسم " أزمة الشهر العقاري "اعترفت بها جميع سلطات الدولة المصرية التشريعية والقضائية والتنفيذية ،وثار من أجلها مجلس النواب في ديسمبر 2019 وطالب بهيئة مستقلة للشهر العقاري ،وتناول تداعياتها السلبية تقرير مجلس الوزراء في أكتوبر 2020م، وأكدتها أزمة المادة 35مكرر الكارثية في فبراير 2021م، وما لحقها من جدل واسع وموجه غضب شعبي لأول مرة ضد قانون الشهر العقاري .

 

أزمة عقارية تاريخية يمتد عُمرها لما قبل عام 1902م ، والبحث المستمر عن حل تشريعي لتوثيق وحصر الملكية العقارية ، بدأ علاجها التشريعي بإصدار قانوني التسجيل العقاري رقمي 18 ، 19 لسنة 1923 ، لتوثيق ملكية المواطنين والأجانب ، لكن المشكلة وقتها تمثلت في أن القانونان أسند تسجيل الملكية العقارية في مصر إلى ثلاث جهات متباينة هي المحاكم الأهلية، والمحاكم الشرعية والمحاكم المختلطة ، فحدثت ازدواجية في التسجيل العقاري وتفاقمت الأزمة أكثر ، ثم صدر القانون 114 لسنة 1946 بإنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وأُسند إليها وحدها مُهمة التسجيل العقاري في مصر ، بعيداً عن المحاكم ، ولم تنجح المحاولات التشريعية ، واستمرت المحاولات التشريعية حتى بعد مرور أكثر من75 عام على إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق العريقة عام 1946، بالمُطالبة بـ إعادة هيكلة شاملة فنية وإدارية لمنظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر والعلاج التشريعي الآن من خلال مشروعاً مُتكاملاً لتطوير منظومة التسجيل العقاري والتوثيق تحت عنوان "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"[مشروع قانون من 140 مادة في خمسة أبواب]، وفقاً للمعايير الدولية، ووفقاً لضوابط الاستحقاق الدستوري بالمادة ١٩٩ من دستور مصر والتي نصها " .. الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون."

 

ومع إن هيئة مستقلة للشهر العقاري كحد أدنى من خلال  العلاج التشريعي المُقترح "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"، وإن كان ومازال يستحق وزارة للأملاك العقارية خاصة مع ضخامة العقبات العقارية وتشعبها كماً وكيفاً بل وامتداد جذور أزماتها في عمق التاريخ، فالموضوع من الأهمية بمكان والخطورة بزمان يستحق وزارة جديدة عقارية قائمة بذاتها أو على الأقل هيئة مستقلة تُسند إليها كافة الشئون العقارية والمُختصة بها حالياً مصلحة الشهر العقاري والتوثيق من تنظيم عمليات البيع والشراء وإثبات وحماية الملكية العقارية وحصر الأملاك العامة والخاصة وتنظيم تداولها رسمياً ،وإنشاء قاعدة بيانات عقارية دقيقة لكل مصر من خلال هيئة قانونية مستقلة ذات سلطات قوية وصلاحيات جديدة، تمتلك القُدرات التنفيذية والمُقومات التشريعية لتسجيل وحصر جميع عقارات مصر وإثباتها وحمايتها والبالغ نسبة المسجل منها حالياً 5%  فقط ،ومع التأكيد على أن أي مشروع قانون للتسجيل العقاري أو حتى تعديل محدود، لابد وأن يسبقه تطوير وإعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري والتوثيق، حتى لا تكون المكاتب سبب فشل تطبيق القانون على أرض الواقع شكلاً وموضوعاً ولن يتحقق ذلك سوى بتحويل الشهر العقاري لهيئة قانونية مستقلة بمشروع قانون يجمع بين إعادة الهيكلة الإدارية والعلاج الموضوعي الفعال لأزمات وعقبات التسجيل العقاري والتوثيق وفقاً للمعايير الدولية المعاصرة ، ولكن قبل الخوض في التجارب الدولية العقارية المعاصرة يجب عرض التاريخ التشريعي العقاري لأزمة التسجيل العقاري وتحويل الشهر العقاري لهيئة مستقلة.

 

 

 

 

المبحث الأول

التاريخ التشريعي لأزمة التسجيل العقاري وتحويل الشهر العقاري لهيئة مستقلة

 

مقدمة:

       تطور الملكية العقارية في مصر وصولاً لصورتها الحالية ،يبدأ منذ الدولة المصرية القديمة (مصر الفرعونية) كأول حضارة في العالم عرفت الكتابة ، ونظمت علوم التوثيق والتسجيل (الشهر العقاري)، وصولاً لعهد الفتح العربي الإسلامي ، وتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياه واهمها توثيق العقود لحماية الحقوق وخاصة الحقوق العينية ، والأمر الشرعي بالكتابة بالعدل في الآية القرآنية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة  ، وبالتالي فإن الرجوع للمصادر التاريخية الأولى للتشريع العقاري المصري، لا مفر منه إذا أردنا تحليل حالة الملكية العقارية بمصر تحليلاً كاملاً ،وكيفية تطورها وأسباب تغيرها وارتباطها بتطور الأنظمة والحقب السياسية المختلفة والتشريعية المُتباينة وعرض تطور القوانين العقارية والتفسير العملي لكيفية تطور هذه القوانين والمؤسسات القانونية التي كانت منوط بها التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ومن خلال تحليل نتائج الأزمات العقارية التي مرت بها مصر في العصر الحديث، و الاستفادة من فلسفة وتاريخ التطور التشريعي للقوانين العقارية المصرية منذ عام 1902م وحتى الآن ، قبل البدء في البحث عن حلول تشريعية مُتكاملة لعلاج أزمة التسجيل العقاري بمصر بعد مرور اكثر من 75 عام على إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عام 1946 .

 

وعرض تاريخ القانون العقاري المصري له أهمية مزدوجة عملية وعلمية، فهو مفيد من الناحية العملية، لأن بعض النُظم القانونية المُعاصرة وما اعتراها من أزمات وكان أخرها أزمة المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري، لا يمكن فهمها إلا بدراسة تطورها التاريخي مثل التمييز بين الحق العيني و الحق الشخصي او الالتزام في القانون المدني المأخوذ اصلاً عن القانون الروماني ، أما فوائده من الناحية العلمية فتتجلى في كونه مُهم في تكوين العقلية القانونية و تنمية الملكة القانونية ،وعليه فان الإحاطة بأسباب نشأة و تطور القواعد و النظم القانونية العقارية في الماضي تمكننا من معرفة مدى إصالتها و الاستفادة من تجارب تشريعية سابقة تدفعنا و تساعدنا في تطوير القواعد القانونية العقارية المعاصرة

 

وبناء على ما سبق فأننا نعرض فلسفة وتاريخ القانون العقاري ونشأته وتطوره بداية من الدولة المصرية القديمة (مطلب أول) مروراً بالفتح العربي الإسلامي (مطلب ثاني) ، وصولاً لعصر الدولة المصرية الحديثة (مطلب ثالث) ومنذ أن كانت مصر سلطنة ،مروراً بالمملكة المصرية ثم الجمهورية الأولى والثانية والظروف السياسية والبيئة الاجتماعية التي نشأت في ظلها تلك التشريعات العقارية المُتباينة ، كما تشمل مختلف التطورات التشريعية والتعديلات التي أصابتها حتى وصلت الى مرحلتها التشريعية العقارية الحالية .

المطلب الأول: الملكية العقارية والتوثيق في الدولة المصرية القديمة

 

الدولة المصرية القديمة أول حضارة في العالم عرفت الكتابة والقراءة ونظمت علم التوثيق والتسجيل (الشهر العقاري) ، والتمثال الفرعوني الأشهر على الأطلاق "الكاتب الجالس" والذي أثبت للعالم أجمع أن المصري القديم أول من أمسك بالقلم وكتب في التاريخ خلال عصر مصر الفرعونية ( )، وقد لا يعلم الكثير منا ان العُملة الورقية المصرية فئة الـ200جنيهاً ( )، وهي أكبر عملة مصرية حالياً قيمة مالية وحجماً ملموساً، والمطبوع عليها صورة تمثال الكاتب الجالس الفرعوني أو "كاتب القرفصاء" وهو من أشهر الاثار المصرية القديمة ، لهو في الحقيقة صورة الموثق الفرعوني وكان من أعلى المناصب الرسمية وأرفعها شأنا ، خاصة وان من شروط توليه هذا المنصب ان يتحلى بالهمة والمهارة والكفاءات الواجبة.

 

حيث احتلت مهنة الكتبة (الموثقين) مكانة عُظمي في مصر القديمة واعُتبرت درجة هامة في سلم الترقي الوظيفي، والمُطالع للكاتب الفرعوني وهو يجلس في سكينة وقد بسط لفافة بردي بين يديه بينما تمسك يده الأخرى بريشة الكتابة ، وقد التمعت عيناه وشردت قليلا وكأنه في انتظار ما يُملي عليه من تعاقدات او يفكر فيما سيكتب ويوثق ،وفي إطار كافة المهن الفرعونية، ان لكل منصب فرعوني رئيساً له، إلا وظيفة الكاتب المصري القديم (الموثق)، فهو سيد قراراته ومدير شئونه، وهو ما يؤكد على استقلال مهنته وعمله منذ فجر التاريخ في الدولة المصرية القديمة، فقد كان يُلقب بـ "كاهن المعبودة ماعت" ( ) إلهة الحق والعدل عند الفراعنة ، وكان من أبرز ملامح "ماعت" هي أن تاج رأسها عبارة عن ريشة الكاتب الفرعوني ، والتي هي الآن رمز لمهنة الموثقين بكل دول العالم ، وهو ما كان واضحاً للجميع من أن ريشة تاج "ماعت" آلهة الحق والعدل عن القُدماء المصريين  كانت ريشة تاجها تُزين جانبي طريق الموكب الفرعوني المهيب لنقل مومياوات  أثنين وعشرين ملك وملكة من أجدادنا المصريين القُدماء من المتحف المصري القديم بميدان التحرير ، إلى متحف الحضارة المصري بالجيزة ، خلال الاحتفالية الضخمة في الثاني من أبريل لعام 2021 ،و التي تداولتها وأشادت بها جميع وسائل الاعلام بكل دول العالم  ،وكانت ومازالت محل فخر لكل المصريين ، وكما أبهر اجدادنا قُدماء المصريين العالم قديماً ، أبهرت مصر الحديثة العالم مرة أخرى بهذا الموكب الذهبي المهيب ، حيث تم تصميم حجم كبير من ريشة "ماعت" وبعدد كبير مُصطفة على جانبي طريق الموكب الملكي الذهبي ، للإشارة الى توثيق هذا الحدث التاريخي الفريد

وهو أيضاً ما يؤكده كافة المخطوطات الفرعونية وقد أجمعت على تفخيم وتمييز منصب الكاتب الفرعوني (الموثق المصري القديم)  ،وكان يسمو ويرقى فوق مستوى أي عمل من الأعمال الرسمية الأخرى، حيث كان مراحل تدريبه ليكون موثقاً ، تبدء منذ ان كان طفلاُ ، بخلاف باقي المهن الفرعونية كافه ،وكان منصب كاتب العدل (الموثق) الفرعوني ، لا يُسند مبدئياً إلا لأحد افراد الاسرة المالكة الفرعونية ، ولم يسمح لغير افراد العائلة المالكة بتولي هذا المنصب إلا في الدولة الفرعونية الحديثة ، وكان الموثقين الفراعنة من كبار موظفي الدولة المصرية القديمة ؛ وكانوا بمثابة عُظماء مثقفيها وحكمائها .

 

ولذا فبفضلهم اطلعنا على كافة النصوص القانونية والتاريخية للحضارة المصرية القديمة، فقد كان الكاتب أحد الحكماء بالمجلس الفرعوني، وإن محبرته ولفائفه من أوراق البردي كانت ادوات مقدسة، تضفي عليه المزيد من الرفعة والتوقير، ويحتل مكانة مرموقة في نطاق المجالس الفرعونية (الخاصة بالموظفين)، وكانت ترقيته ادارياً، تكون سفيراً لمصر بأحد البلاد الأجنبية، أو ليتبوأ أكثر المناصب قدرا ورفعة، كمثل منصب الوزير.

 

ولعل أشهر كاتب (موثق) فرعوني هو الكاتب "متري" وهو أشهر تمثال خشبي فرعوني،هذه التحفة الأثرية النادرة عبارة عن تمثال الكاتب المصري القديم لشخص بعيون زرقاء مصنوعة من حجر اللازورد، يعود للمملكة المصرية القديمة أي من حوالي 2600 سنة قبل الميلاد تقريبًا، وهو كاتب ومشرف عام ومراقب من الأسرة الخامسة ، جالساً في الوضع التقليدي للكتبة (الموثقين)، بالساقين متقاطعتين (القرفصاء)، ويفرد لفافة بردي فوق حجره ويمسكها بيده اليسرى، بينما يمسك بقلم في يده اليمنى ،وبدن التمثال مطلي باللون البُني المحروق ولديه شعر طبيعي قصير، وهو يرتدي قلادة ذهبية ثمينة مع عدة صفوف ملونة وبياض العينين مطعم بالكوارتز المُعتم، بينما طعُم إنسان العينين بالبلور الصخري، وكتب اسمه "متري" مع ألقابه ، على القاعدة الخشبية التي يعلوها التمثال، ومن بين الألقاب الكثيرة التي كان يحملها: “"حاكم المقاطعة، وكاهن المعبودة ماعت، والأعظم بين العشرة بمصر العليا، والمُستشار المُقرب " ، ويُشار إلى روعة هذا التمثال الفريد تتمثل في أن بياض العين به احمرارًا ظاهراً في كلتا العينين وكأن الفنان المصري القديم يريد ان يشير الي المتاعب الذي يعانيها "متري" (الموثق الفرعوني) في حياته عامة وفي مهنته الشاقة بسبب كونه كاتباً يسهر الليال الطوال يُمارس مهام عمله في التوثيق والتسجيل. ، أول وأقدم مهنة بمنظومة العدالة المصرية.

 

فقد نظم القُدماء المصريين توثيق الملكية العقارية وإثباتها وتداولها رسمياً وبعقود كتابية موثقة ،لأول مرة في تاريخ جميع حضارات العالم ، وتوثيقها أمام الكاتب الفرعوني (الموثق المصري القديم)  ،حيث كانت مصر مُقسمة الى مُقاطعات إدارية ولكل مقاطعة حاكم، وعرفت مصر القديمة نظام الملكية العقارية الثنائية من خلال ملكية الأسرة المشتركة، بجانب ملكية الملك الشاملة وملكية الأمراء والكهنة الموهوبة لهم من الملك، وهو ما يُستدل تاريخياً على ذلك من آيات القرآن الكريم في الآيات الكريمة (45 - 56) من سورة يوسف ، وما يُقابلها من آيات التوراة عبر أربعة عشر إصحاحًا من سفر التكوين (37 -50) ، وما نقله الكثير من المؤرخين المسلمين عن "ابن عبد الحكم" وكتاب "فتوح مصر واخبارها" ، وكتاب "الملكية العقارية في مصر" لمؤلفة الدكتور محمد كامل مرسي باشا وزير العدل الأسبق ومؤسس الشهر العقاري المصري عام 1946م ،  من أن قحطاً عظيماً قد حل بالعالم أجمع في عهد احد الفراعنة ، وهو المُلقب بـ "أفوبس" وقد تأثرت مصر بهذا القحط تأثراً بليغاً (سبع سنوات) ، وبعد ان أشتد الجوع على أهل مصر ، فعين فرعون مصر وزيراً له وهو سيدنا "يوسف بن يعقوب" فاشتروا المصريين القدماء الطعام من يوسف بالذهب حتى لم يجدوا ذهباً ، فاشتروا بالفضة حتى لم يجدوا فضة ، فاشتروا بأغنامهم حتى لم يجدوا غنماً ، فلم يزل يبيعهم يوسف الطعام والغلال حتى لم يبق لهم ذهب ولا فضة ولا شاه ولا بقرة في تلك السنين العجاف ، وفي السنة الثالثة ، قالوا له أهل مصر لم يبق لنا شيء إلا أنفسنا وأهلنا وأرضنا ،فكيف تتركنا نهلك  فأشترى يوسف أرضهم كلها للفرعون ملك مصر ، وأعطاهم ما يزرعونه على أن يكون للفرعون الخُمس من محصول ما يزرعون ، وعلى هذا النحو اشترى يوسف أرض مصر كلها لصالح الفرعون ، ولم يبق أحدا على ملكه ، فباع الجميع ما يملكونه من أراضي لشدة وطأه القحط ، وتملك الفرعون جميع أراضي مصر من أقصاها إلى أقصاها ، ولم يستثن من ذلك إلا أراضي الكهنة التي وهبها الملك لهم ، ومنح الملك المصريين القدماء ، بعد ذلك حق الانتفاع من زراعة الأرض ،وظلت له ملكية الرقبة ، على أن يكون للملك خُمس الحصاد مقابل الانتفاع ، ويكون للمصريين الأربعة الأخماس ،

 

وهو ما يؤكد ان المصريين القُدماء قد تملكوا أراضيهم رسمياً ملكية كاملة قبل سنوات القحط، وفق تنظيم قانوني للملكية العقارية، وأضطرهم القحط والجوع إلى بيعها للملك، على أن يحتفظوا بحق الانتفاع بها (أربع أخماس)، قبل أن تنتقل مصر بعدها للتقسيم الثلاثي للملكية العقارية بين الملك والكهنة والمقاتلين المصريين الذين حرروا مصر من الهكسوس بقيادة "أحمس" مؤسس الأسرة الثامنة عشر، وابن الملك "سقنن رع" أحد أبرز ملوك الأسرة السابعة عشر وهو قائد الموكب الفرعوني الذي ستشهده مصر غداً السبت.

 

حتى ظهرت مجموعة " بوركوريس" الشهيرة ويُطلق عليها مجموعة العقود (نظام العقود المدونة) خلال الأسرة السادسة والعشرين بعد انتهاء فترة الحروب والغزوات وتوحيد القطرين ، وتقلص ملكية المحاربين واسترداد المصريين القدماء ما كان في حيازتهم من الأرض التي كانوا يحتسبونها  مقابل ما كانوا يؤدونه من الخدمات ، و أباحت مجموعة " بوركوريس" حق التصرف بالبيع من المزارعين المصريين القدماء للأراضي التي يتمتعون بحيازتها ، بعد ان كان سابقاً ليس لهم إلا حق الاستعمال والاستغلال ، وكانوا عليهم سابقاً أن يؤدوا ريع الأرض إلى المنتفعين بها من الكهنة والمحاربين ، ولم يكن لهم حق استخلاف غيرهم على الأرض التي في حيازتهم ، ولا حق توريثها لأبنائهم حيث انحصرت حقوقهم العقارية في الانتفاع بها فقط دون كامل ملكيتها ، ومن خلال مجموعة " بوركوريس" أصبح نقل الملكية لا يتم إلا بمقتضى عقود كتابية موثقة .

 

وفي آخر عهود الأسرات المصرية القديمة (الأسرة 29 ، 30) ظفرت مصر باستقلالها بعد غزو الفرس لها ، فكان ملوك الأسرتين الـ (29 ، 30) من المصريين الوطنيين ، وقد أستهل أول ملوك ذلك العهد الملك "نفريتي" ، وبدأ حُكمه بتأليف لجنة لمُراجعة قوانين مصر وبحث أصول القانون المدني ، التي أقامها " بوركوريس" واستمر بها من بعده من الملوك ، وقد أتم خلفاء "نفريتي" ما بدأه من الأعمال التشريعية العقارية ، وبلغوا بالقانون العقاري المصري آخر مراحل تطوره ، وتم الاعتراف بالملكية الفردية بعيداً عن ملكية الأسرة ، وأصبح حق التصرف في الأرض للفرد لا للأسرة سواء بالبيع أو الهبة أو الإيجار .

 

       وتطور الملكية العقارية في مصر وصولاً لصورتها الحالية ، يبدأ منذ الدولة المصرية القديمة (مصر الفرعونية) كأول حضارة في العالم عرفت الكتابة ، ونظمت علوم التوثيق والتسجيل (الشهر العقاري)، وصولاً لعهد الفتح الإسلامي ، وتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياه واهمها توثيق العقود لحماية الحقوق والأمر الشرعي بالكتابة بالعدل في الآية القرآنية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة  ، وبالتالي فإن الرجوع للمصادر التاريخية الأولى للتشريع العقاري المصري، لا مفر منه إذا أردنا تحليل حالة الملكية العقارية بمصر تحليلاً كاملاً ،وكيفية تطورها وأسباب تغيرها وارتباطها بتطور الأنظمة والحقب السياسية المختلفة والتشريعية المُتباينة ، قبل البدء في البحث عن حلول تشريعية متكاملة لعلاج أزمة التسجيل العقاري بمصر بعد مرور اكثر من 75 عام على إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عام 1946 ، والعلاج التشريعي الوحيد بتحويلها لهيئة مستقلة بمشروع القانون المُرافق ، ووفقاُ لضوابط الاستحقاق الدستوري بالمادة 199 من الدستور ، واستكمالاً للتاريخ العقاري المصري منذ عهد الدولة المصرية القديمة ، أول دولة في العالم عرفت ونظمت التسجيل العقاري والتوثيق ، ولكن الواقع المؤلم للقطاع العقاري بمصر الآن بعيداً كل البعد عن تاريخ أجدادنا من القدماء المصريين ، وأكثر بعداً عن الواقع العقاري بجميع دول العالم .

المطب الثاني: الملكية العقارية والتوثيق بعد الفتح العربي الإسلامي

مقدمة :

تم فتح مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص ، وكانت مصر وقتها مُستعمرة رومانية تحت امارة هرقل إمبراطور القسطنطينية  ، وكانت حالة البلاد في منتهى البؤس بسبب الاختلافات الدينية وجور الحكام ، وتعرض أهلها من مسيحي مصر لاضطهاد ديني شديد من حكم الاستعمار الروماني والبيزنطي ، ورحبوا بالفتح العربي ، فلم يلق سيدنا عمرو بن العاص إلا مقاومة ضعيفة وتم له الفتح عام 20 هـ / 641 م ، وبدأت منذ ذلك التاريخ مرحلة هامة من مراحل التاريخ السياسي والعقاري لمصر الإسلامية اضطلعت خلالها بدور مهم عبر مراحل التاريخ الإسلامي التي امتدت عبر عدة دول وامبراطوريات إسلامية بدءاً بالدولة الأموية، ثم الدولة العباسية فالإخشيدية فالدولة الفاطمية ثم الدولة الأيوبية، ثم عصر المماليك وأخيراً الإمبراطورية العثمانية التي كانت مصر إحدى ولاياتها لنحو ثلاثمائة عام.

 

حيث شهدت مصر خلال الحكم الإسلامي نهضة شاملة في جميع المجالات وفي التشريعات والعمران وإنشاء العديد من المساجد والقلاع والحصون والأسوار، وأول عاصمة إسلامية في مصر وهي مدينة الفسطاط وبها جامع عمرو بن العاص ،وهو ما يعكس حجم الاهتمام بالعقار وفنونه ، وهو ما نشاهده جميعا في كل مكان بمصر ونفتخر به من حجم وكثافة المباني الأثرية الإسلامية ومدى جودتها واتقانها ، وسرت على الأراضي المصرية أحكام الشريعة الإسلامية ، فيما يتعلق بتقسيم الأراضي وبالضرائب وبالنظم المُختلفة المتعلقة بها ، وعقب ذلك العديد من التغييرات التي طرأت على النظام القانوني لعقاري المصري ، ولعل أهمها تطبيق احكام الشريعة الإسلامية على نظلم الملكية العقارية وما كان يُتبع عند الفتح العربي لأراضي جديدة وهي أنظمة العشور لمن اعتنق الإسلام والجزية لأهل الكتاب وكانت تقسيمات الملكية العقارية في مصر الى اربع أنواع من الأراضي

(أراضي عشرية – أراضي خراجية – أراضي موقوفة – أراضي مملوكة)

 

وقد أحتفظ المصريون – القبط – بعقيدتهم المسيحية، ولم يعتنفوا الإسلام وقت الفتح، وإذن لا تكون أرضهم عشرية بسبب اعتناق الإسلام،  حسب أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث ذكر المؤرخ الإسلامي الحافظ ابن كثير في كتابة "البداية والنهاية " عند حديثه عن فتح العرب لمصر، أن المصريين أمضوا صلحاً، ومصر كلها فُتحت صلحاً بعهد وعقد، وكتب لهم عمرو بن العاص كتابة الشهير لقبط مصر: "بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان وملتهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم. لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص ولا يساكنهم النوب. وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح ..... "

 وهذا الاتفاق المكتوب بين عمرو بن العاص واهل مصر بمُقتضاه أحتفظ أهلها بجميع أملاكهم وحقوقهم تحت حماية المُسلمين مقابل جزية سنوية قدرها دينارين عن كل رجل بالغ، والملكية العقارية التي أحتفظ بها المصريين بعد الفتح العربي ليست حق الملكية التامة، حيث لم يمنح الفاتحون العرب حق الملكية الكاملة للمصريين بل حق الانتفاع فقط، فهذه الملكية التامة لم تكن للمصريين قبل الفتح العربي، بل كانت للمُستعمر الروماني، وقد تُرك العرب للمصريين حقوقهم وأملاكهم وعاداتهم التي كانت لهم قبل الفتح العربي تنفيذاً لأوامر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعلى ذلك أصبح للعرب الفاتحين ملكية رقبة الأراضي ليحلوا محل الرومانيين ، وأما الأهالي المصريين فبقى لهم حق الانتفاع بالحقوق التي كانت لهم قبل الفتح العربي الإسلامي ، والتي كانوا يزرعونها مقابل دفع ضريبة قُدرت على أساس دينارين سنوياً عن كل رجل بالغ ( )

 

 ويرجع أصل التشريع العقاري بمصر إلى أحكام الشريعة الإسلامية، التي ظلت الشريعة العامة للبلاد منذ الفتح العربي حتى دور مجموعات القوانين الوضعية الحالية ( )، والتشريع الإسلامي: هو مجموعة الأنظمة التي شرعها الله تعالى للأمة الإسلامية في القرآن الكريم، أو في السنة النبوية، وكذلك باجتهادات الفقهاء، فما ثبت فيه نص شرعي يقال لـه: "شـريعة"، وما تقرر بالاجتهاد في ضوء النص يقال له "فقه".

 

ومن هنا سنتناول الحديث عن مهنة التوثيق والتسجيل في الشريعة الإسلامية وفقاً للأدلة الشرعية التالية: -

أولاً: القرآن الكريم         ثانياً: السنة النبوية               ثالثاً: اجتهادات الفقهاء

 

أولاً: القرآن الكريم

مع بزوغ فجر الاسلام لجأت شريعتنا الاسلامية السمحة على نحو تُخفف من اخطار التنازع ودرأ المفاسد وإثبات وحفظ الحقوق ،و تعمل على السداد في المُعاملات والديون ، أنها طريقة التوثيق بالكتابة أمام الكاتب بالعدل (موثق الشهر العقاري) التي ألزمنا الله عز وجل بكتابة الدين وسائر المُعاملات والتعاقدات ، لتُمَكّيِن أصحاب الحقوق من حقوقهم، ويُحفظ المال لأهله، ويُجنب المُتعاقدين من مزالق الحرام، ويصون أعراض الناس، وبه يُحسم كثير من أسباب الخصومات، وتُسد أبواب المنازعات، وهذا فيه ما يضمن للمجتمع سلامته وأمنه واستقراره ،واعتباراً للأهمية البالغة لهذا العلم من العلوم الشريفة المقدسة ونظراً لخطورته نجد الشارع الحكيم قد خلد في القرآن الكريم أمداً وساقه في أطول آية في القرآن الكريم على الاطلاق وهو ما يعرف بـ "دستور الموثقين" – الآية 282 من سورة البقرة - وهو الأمر الشرعي الوارد في قوله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْن إِلى أَجَل مُّسمًّى فَاكتُبُوهُ وَ لْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كاتِب بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْب كاتِبٌ أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً فَإِن كانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سفِيهاً أَوْ ضعِيفاً أَوْ لا يَستَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ استَشهِدُوا شهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضوْنَ مِنَ الشهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَ لا يَأْب الشهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَ لا تَسئَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صغِيراً أَوْ كبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكمْ فَلَيْس عَلَيْكمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَ أَشهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَ لا يُضارَّ كاتِبٌ وَ لا شهِيدٌ وَ إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شيء عَلِيمٌ﴾ ( ) ( ) ( ) صدق الله العظيم

ونلاحظ في هذه الآية الكريمة تشريعاً ألهياً صادر من فوق سبع سنوات ( ) عندما أمرنا الله عز وجل بالكتابة في مُعاملاتنا ﴿ فَاكتُبُوهُ ﴾ وطبقاً لأحدث النظريات القانونية والفقهية والتي أجمع على صحتها كافه الفقهاء القانونين قديماً وحديثاً أن الكتابة أقوى طرق الإثبات القانوني والقضائي في المُعاملات المدنية والتجارية على حد السواء ،، فما بالكم إذا كانت هذه الكتابة قد تمت أمام وبمعرفة موثق عدل ﴿ كاتِب بِالْعَدْلِ ﴾ وذلك لأهداف عظيمة وهي: ﴿ أَقْسط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا ﴾ وليمارسوا عملهم في حياد ونزاهة وطبقا لما امرهم به الله عز وجل ﴿ أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً ﴾ وأمرنا الله عز وجل في محكم آياته الكريمة بعدم الاضرار والاساءة الى الكتاب بالعدل (الموثقين ) في قوله تعالى ﴿ وَ لا يُضارَّ كاتِبٌ وَ لا شهِيدٌ ﴾ أنه المعنى الكامل المُحكم للحماية والحصانة والاستقلال لعمل الموثقين (الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري) ضد اي ضغط او تهديد او ارهاب وظيفي قد يُمارس ضد الكتاب بالعدل (الموثقين) اثناء ممارسة عملهم في حياد وشفافية ونزاهة ، وان تم هذا الإضرار والاساءة بهم فانه فسوق في من قام به ﴿ إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شيء عَلِيمٌ ﴾ فعلاً انه وبحق تشريعاً ألهياً ، دستوراً ربانياً لتنظيم وحماية الموثقين ومهنة التوثيق والتسجيل وحقيقة مُطلقة انه " دستور الموثقين " قمة البلاغة القرآنية في هذه الآية الكريمة وحدها فهي وحدها قد ضمت وشرعت خمسة عشر حكماً شرعياً في آية واحدة من أهم الأحكام الشرعية في مُعاملات كل مسلم ،والتي يُقابلها وضعياً المادة 199 من دستور مصر 2014 .

 

نظام الكاتب بالعدل (الموثق)

هذا النظام القانوني في إثبات وحفظ الحقوق لم يكن معروفاً في الدول المتقدمة إلا حديثاً، ونسينا بأن هذا النظام موجود في القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً في قوله تعالى: (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ)، ولذلك يجب القول بأن نظام الكاتب بالعدل (الموثق) والذي يهدف لتوثيق عمليات البيع والشراء بين الناس، هو نظام قرآني في الأساس وليس نظاماً غربياً في المنشأ.

 

ثم إن القرآن الكريم أمر بكتابة كافة التفاصيل في العَقد، وكتابة العقود علم قائم بذاته، لأن كلمة واحدة قد تغير مضمون العقد بشكل كامل، ولذلك فإن القوانين الحديثة نصت بأنه ينبغي كتابة كل التفاصيل صغيرة أو كبيرة، وهذا ما أشار إليه القرآن بقول تعالى: (وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ)، ويتلاحظ الإعجاز التشريعي وكيف تحدد هذه الآية الأجل أو المدة في العقد، وأكده خبراء القانون، إن أهم ركن من أركان العقد هو الأجل أو مدة العقد أو زمن تسديد الدين.

 

القوانين الحديثة تقول بأنه ينبغي على الكاتب بالعدل (الموثق) أن يكتب الحقيقة والالتزامات القانونية المتبادلة كاملة ولا يتواطأ مع أحد الطرفين على حساب الآخر، وهذا ما أكده القرآن ولم يغفل عنه بقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ).

كذلك شرعت القوانين الحديثة إنه يجب الإقرار من قبل كلا الطرفين وبخاصة الطرف الدائن أو البائع أو صاحب السلعة، وأن يكون الإقرار واضحاً لا لبس فيه، والعجيب أن القرآن الكريم ذكر هذا الأمر أيضاً، يقول تعالى: (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) "يُملل" أي يردد العبارات التي تفيد بأنه موافق على عملية الدين أو البيع.

نظام حماية كاتب العدل (الموثق) والشهود وعقوبة الشهادة الكاذبة

 

يؤكد المشرعون حديثاً على ضرورة الاهتمام بموضوع حماية الكاتب العدل (الموثق) والشهود، وضمان حمايته واستقلاله وهذا الموضوع أخذ مساحة كبيرة من المؤتمرات والمناقشات بهدف تحسين حماية الموثقين، حتى إن بعض القانونيين يعتبرون أن النظام القضائي لن يكون ناجحاً من دون تأمين الحماية الكافية للموثقين، وعدم خوفهم من بطش أحد الفريقين المتخاصمين.

ربما نعجب أن هذه الآية العظيمة لم تغفل هذا الجانب المهم، بل أضافت له جانباً مهماً وهو حماية الكاتب بالعدل (الموثق) أيضاً، ولذلك قال تعالى: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ)، وحذر من خطورة الإضرار بالشهود أو بالكاتب، فقال: (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ). ومثل هذه التعاليم تجد صدى كبيراً في النفس البشرية. ولكن الشاهد أحياناً لا يقول الحقيقة كاملة، وهذا يحدث كثيراً في المحاكم، فهل نسي القرآن هذا الأمر المهم؟ ... بالطبع الله لا ينسى أي شيء، كيف ينسى وهو خالق كل شيء عز وجل، ولذلك قال: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ)، فهذا أمر صريح بضرورة قول الحقيقة كاملة، وانظروا كيف أن الله تعالى أمر باتخاذ الشهود، ونظم عملهم وأمر بحمايتهم وأمرهم بقول الحقيقة، وهذا ما نجده في القوانين الحديثة.

فمما لا خلاف عليه أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويُجنب المُتعاقدين من مزالق الحرام والاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أباءهم وبه يُحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات.

فـ التوثيق والتسجيل الذي نعرفه الآن في مصر هو في الحقيقة قبل أن يكون وظيفة حكومية هو في الأصل مهنة مُقدسة إسلامية عريقة جليلة مُهمة جداً للمجتمع والأفراد تناول تنظيمها وأحكامها القرآن الكريم ، واشترط في القائمين عليها من الكُتاب بالعدل (الموثقين) ( ) العدالة والنزاهة والحياد والشرف والتجرد والإلمام الكامل بكافة العلوم الفقهية حيث تناولتها كافه دول العالم بالحماية والاهتمام واحتفظت لها بمكانه راقية وضوابط وشروط وإجراءات معينة تهدف إلى حماية ونزاهة وحياد القائمين عليها جنباً إلى جنب مع سهولة الحصول عليها بعيد عن أي روتين أو فساد قد يخرج هذه المهنة كرسالة سامية من مضمونها ونبل أهدافها ومبادئها السامية في حماية حقوق وأموال وملكيات وإعراض المواطنين من تدخل وعبث الفاسدين

 

ثانياً: السنة النبوية الشريفة

 

بدأ "علم التوثيق" مع بداية الدعوة الإسلامية، وبزوغ فجر الإسلام، ونزول الوحي في القرن السابع الميلادي. وهذا العلم الإسلامي الشرعي يُعد من أحدث وأهم النظريات في القوانين الوضعية، أخذت بها دول العالم المُتمدن وسمت ذلك بنظريات الإثبات. وفقهاء القانون في أوروبا لم يأخذوا بهذه النظرية إلا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر، حين اشترط القانون الفرنسي أن يكون الدين مكتوباً إذا زاد عن مقدار معين، عكس الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، فقد سبقا فقهاء الغرب بحوالي أربعة عشر قرناً، مُنذ نزول آية المُداينة في أواخر سورة البقرة، تم توالت الحقب في بروز هذا العلم الشرعي – علم التوثيق - ظهوراً وضموراً كثرة وقلة، وضوحاً وغموضاً، إيجازاً وإطناباً.

 

حيث نجد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد حرص على التوثيق ووثق الكثير من الرسائل والمبايعات وغيرها وحث على ذلك وأمر الصحابة رضوان الله عليهم على توثيق وتسجيل مُعاملتهم وعقودهم وكذلك فعلوا من سار على دربهم ونهج منهجهم القويم من فحول العلماء وكبار الفقهاء حتى شاع وانتشر التوثيق والتسجيل في كل ربوع الدولة الإسلامية وصار علماً قائماً بذاته "علم الشروط " –  طبقاً لعلوم الفقه الإسلامي - له قواعده وشروطه وضوابطه ومنهجاً يضبط أصوله وقواعده الخاصة ممن بذلوا الأوقات والأنفاس حتى تأهلوا وبلغوا فيه المعالي والشرف .

 

فقد خلق الله الإنسان وحبب إليه غريزة المال وحب التملك إلى درجة التقديس، وعليه نشأت بين أفراد المجتمع بل حتى بين الدول خلافات قد تؤدي في أغلب الأحيان إن لم تقل كلها إلى نزاعات كثيرة، فكان لزاماً إيجاد قالب أو وسيلة تفرغ فيها إرادة الأطراف المُتعاملة تكون وسيلة لفض النزاع أو للحيلولة دون قيامه ، لهذا كانت الحاجة الى مهنة التوثيق والتسجيل لأنه تسجيل ثابت للحدث ساعة حدوثه بما يحفظ تفصيلات الموضوع ويحميها من عوامل التغيير والزيادة والنقص الذي قد يطرأ عليها لتبدل الأفكار والتوجهات وتأويلات المتأخرين وتحريفاتهم إما قصدا نتيجة الأهواء الشخصية أو بدون قصد نتيجة الجهل والنسيان الذي هو من الطبيعة البشرية ويعتبر مجال التوثيق والتسجيل من المجالات الحيوية التي يجب الاهتمام بها والعمل على تجديدها وتطويرها لدورة المهم بين الإفراد في الحفاظ على ثرواتهم وأموالهم.

 

أول مُنازعة عقارية في العهد النبوي الشريف

 

في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصل في أول مُنازعة عقارية على قطعة أرض في التاريخ الإسلامي، حيث تنازع رجلان (امرئ القيس بن عابس الكندي من كنده   /ابن أسوع من حضرموت) على قطعة أرض فكان الفصل في نزاعهم العقاري أمام رسول الله وكما هو الحال في الفصل في سائر المُنازعات الأخرى بصفته رسول الله (ص) الحاكم والمُشرع والقاضي، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} ( )، وفصل بينهم بآية قرآنية زاجراً لأحدهما، حتى اهتدى بها فوقف عن خصومته، وتنازل عن الأرض لخصمه.

نص الحديث الشريف : حدثنا يحيى بن سعيد عن جرير بن حازم قال حدثنا عدي بن عدي قال أخبرني رجاء بن حيوة والعرس ابن عميرة عن أبيه عدي قال :- " خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عابس رجلاً من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض فقضى على الحضرمي بالبينة فلم تكن له بينة فقضى على امرئ القيس باليمين فقال الحضرمي إن أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبت والله أو ورب الكعبة أرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان قال رجاء وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} ( ) فقال امرؤ القيس ماذا لمن تركها يا رسول الله قال الجنة قال فاشهد أني قد تركتها له كلها " ( ) ( )

 

وفي الحديث النبوي الشريف: تحذير شديد على حُرمة الملكية العقارية وعدم الاعتداء عليها وترهيب شديد منه صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يتجرأ أحد على اغتصاب حقوق الناس، ثم يُقاتل عليها، ثم يطلب الحلف واليمين أنها له، ويستحلها بذلك؛ فإنه بذلك يكون قد أوقع نفسه في الحرام المؤدي إلى الطرد من رحمة الله.

وقال فيها القرطبي ( ): إن الآية الكريمة ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا ﴾ ( ) نزلت هنا في امرئ القيس بن عابس الكندي وخصمه ابن أسوع عندما اختصما في أرض فأراد امرؤ القيس أن يحلف فلما سمع هذه الآية نكل وأقر له بحقه، والله أعلم".

وفي هذه الآية والأحاديث قد روى الأئمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار " ( ).

أول وأقدم مُحرر رسمي موثق ومكتوب في التاريخ

أول وأقدم مُحرر رسمي موثق ومكتوب في التاريخ حُرر ووثق بين كلاً من: -الله تعالى عز وجل – طرف أول، وسيدنا ادم عليه السلام -طرف ثاني، والملائكة – شهود وموضوعه كالتالي:

لما نزلت آية الدين ( ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ): " إن أول من جحد آدم، عليه السلام، أن الله لما خلق آدم، مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه، فرأى فيهم رجلا يزهر، فقال: أي رب، من هذا؟ قال: هو ابنك داود. قال: أي رب، كم عمره؟ قال: ستون عاماً، قال: رب زد في عمره. قال: لا إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألف سنة، فزاده أربعين، فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة قال: إنه قد بقي من عمري أربعون عاماً، فقيل له: إنك قد وهبتها لابنك داود. قال: ما فعلت. فأبرز الله عليه الكتاب، وأشهد عليه الملائكة "

خلق الله تعالى آدم عليه السلام بيده، وكرمه وأسجد له ملائكته، وخلق منه حواء، وجعل منهما الذرية والنسل، وأجرى عليهم المقادير بحكمته، وكما فعل آدم عليه السلام فعلت ذريته من بعده؛ من النسيان، وغير ذلك، كما يخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث: "لما نزلت آية الدين" وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة: 282]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول من جحد آدم عليه السلام" والجحود هو الإنكار والتكذيب بالأمر، "إن الله لما خلق آدم، مسح ظهره"، أي: مسح الله سبحانه بيده ظهر آدم، " فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة" والمعنى أن الله سبحانه أخرج من ظهر آدم بقدرته كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، قيل: المقصود أن الله أخرج مثاله وأمثلة أولاده في عالم الغيب، "فجعل يعرض ذريته عليه"، بمعنى ينشرهم أمامه ليراهم، " فرأى فيهم رجلا يُزهر"، أي: يلمع ويبرق من وضاءته ونوره، فقال آدم عليه السلام: "أي رب من هذا؟" يقصد الرجل الذي في ذريته ويظهر نوره فيهم، فقال الله عز وجل: "هو ابنك داود، قال: أي رب كم عمره؟" أي: ما مقدار عمره وكم سيعيش؟ " قال: ستون عاما، قال: رب زد في عمره، قال: لا" إشارة إلى أنه سبحانه قدر له عمره ولن يزيده شيئا، "إلا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام، فزاده أربعين عاما"، وبذلك يكون عمر داود عليه السلام مئة سنة، وعمر آدم عليه السلام 940 سنة، " فكتب عليه بذلك كتاباً وأشهد عليه الملائكة"؛ ولعل ذلك لتعليم الله خلقه الكتابة والتوثيق، أو لعله لعلم الله سبحانه بما سيكون من إنكار آدم، " فلما احتضر آدم، وأتته الملائكة"، أي: جاءت الملائكة إلى آدم لقبض روحه وإنهاء حياته، "قال: إنه قد بقي من عمري أربعون عاما"،

 وفي رواية الترمذي: "فكان آدم يعد لنفسه"، أي: يقدر ويحسب لنفسه سنه وعمره الذي يعيشه، " فقيل له: إنك قد وهبتها لابنك داود" فذكروه بما أعطى لداود من العمر، " قال: ما فعلت"، وهذا جحود وإنكار ونسيان لما وهبه من عمره لداود عليه السلام، " فأبرز الله عليه الكتاب، وأشهد عليه الملائكة"، أي: أخرج الله عز وجل لآدم الكتاب الموثق الذي قد كتبه عليه، وما كان من شهادة عند الملائكة، وفيه إشارة إلى أن آدم عليه السلام لم يتذكر سريعاً ما نسيه، بل ظهر منه الإنكار.

وفي رواية الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن يومئذ"، أي: من ذلك الوقت، " أمر بالكتاب والشهود"، أي: شرع الله عز وجل توثيق المُعاملات بين الناس؛ إما بكتاب يكتب، أو إشهاد الشهود؛ حتى لا تضيع الحقوق بين النسيان والجحود. وفي الحديث النبوي الشريف: إرشاد إلى الكتابة والشهود في المعاملات، وبيان أن ذلك من السنن والشرائع التي أقرت مع خلق آدم عليه السلام.

 

ومن أوائل من اشتغل بهذه المهنة الشريفة (التوثيق) في تاريخنا الاسلامي المجيد هم السادة الاجلاء الصحابة رضي الله عنهم بناء على توجيهات سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم بان يكتبوا ويوثقوا معاملتهم فمنهم رضوان الله عليهم الامام (زيد بن أرقم) والإمام (العلاء بن عقبه) فوثقوا بين الناس في قبائلهم فيما يتعلق بمعاملتهم وأملاكهم ومياههم. وكذلك (المغيرة بن شعبه) وكذلك (الحصين بن نمير) فكانا يكتبان المداينات والمعاملات بين الناس واشتهرا بالأمانة والعدل والصدق والعلم.

 

وفي هذا المعنى قال الدكتور أسامة الأزهري ( ) من كبار علماء الازهر الشريف، ومُستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، عبر برنامج "رجال حول الرسول" إن عهد الرسول الكريم والصحابة كان باكورة مؤسسة الشهر العقاري الموجودة حالياً، مُشيرًا إلى قيام عدد من الصحابة بوظيفة توازي مهنة الموثق في الشهر العقاري حالياً، منهم (الحصين بن نمير، والمغيرة بن شعبة، والعلاء بن عقبة، والأرقم بن أبي الأرقم).

وأكد الدكتور أسامة الأزهري أن علم التوثيق في ذلك الحين لم يكن شرعيًا فقط، وإنما كان مُتعلقًا بجميع مناحي الحياة العملية بكل مجالاتها، إذ لا يقوم العلم الشرعي وينتظم في وسط مدني مُنهار أو متخلف. وأن مهنة "موثق الشهر العقاري" قام بها أربعة من بين الصحابة خلال العهد النبوي الشريف، وإن المُجتمع في عهد النبي لم يكن مجتمع بدائي، ولكنهم تربوا على يد الجناب النبوي الذي جاء بـ "اقرأ" وملأ الدنيا علماً،

وأوضح أن هناك من الصحابة قاموا بوظيفة "موثق الشهر العقاري"، ومنهم زيد بن أرقم، والمغيرة بن شبعة العلاء بن عقبة، والحصين بن نمير، مشيراً إلى أنه اشتُهر عدد من الصحابة بأنهم كُتّاب النبي، حيث كتاب الوحي الشريف مثل سيدنا زيد بن ثابت أو كتّاب رسائله إلى الملوك، ، ولكن هناك مؤسسة الموثقين والقائمين بكتابة ما يريد عليه الصلاة والسلام يكتبون في أغراض متعددة ، وذكر أن سيدنا "الزبير بن العوام" ، و"جهم بن الصلت" كانوا من الكّتاب المختصين بكتابة أموال الصدقات، أما سيدنا "حذيفة بن اليمان: كان كاتب خرص النخل، أما :المغيرة بن شعبة: و:الحصين بن نمير" كانا يكتبان المُداينات والمعاملات – التوثيق - .

ولفت الدكتور أسامة الأزهري إلى أن "الحصين بن نمير"، أحد الصحابة ممن قاموا بمهنة "موثق الشهر العقاري"، وكذلك سيدنا "المغيرة بن شعبة" و"العلاء بن عقبة" و"زيد بن أرقم"، لافتاً إلى أن العلاء بن عقبة والحصين بن نمير اشتهروا في الصحابة بأنهم كاتبوا المُداينات والمعاملات، أي أحد يجرى مُعاملة من بيع وشراء ودين، يقوم هؤلاء بكتابته وتوثيقه، حتى إذا حدث اختلاف تكون لديهم الوثائق، وهو حاليا يسمى "موثق الشهر العقاري".

وأضاف أن مهنة "موثق الشهر العقاري"، انتقلت إلى التابعين، لأنها مُرتبطة بالأمانة والخلق وحفظ الحقوق والإصلاح بين الناس وأداء الأمانات لأهلها، وكان من فقهاء المدينة "بن عبد الله بن عوف" و"خارجة بن زيد بن ثابت"، من أوائل الموثقين المسلمين فقد كانا يستفتيان وينتهي الناس إلى قولهما ويقسمان المواريث ويكتبان الوثائق بين الناس، وهو ما يعني أن من يعمل في هذه المهنة يجب أن يتسم برجاحة العقل والعلم وأن تكون مصداقيتهم شائعة بين الناس، كما يجب أن يكونوا مُلمين بأربع أو خمس علوم ، لأنها  وظيفة إنسانية ودينية ولا تستقر المجتمعات، ولا تُحفظ الحقوق إلا بها، مشدداً على أن علم المواريث كان يُجبر على دراسة علوم الحساب، وهو ما كان يساعدهم في كتابة المواثيق.

وقال الدكتور أسامة الأزهري، ان مؤسسة الشهر العقاري توازي ديوان الأنشاء في بداية الدولة الإسلامية وهو أول ديوان وُضع في الإسلام، وإن الإمام القلقشندي في كتابه الشهير «صبح الأعشى في كتابة الإنشاء»، ذهب إلى وجود نوعين من الدواوين، هما الإنشاء والجيش، فقد كان ديوان الجيش ابتكاري عمري –عمر بن الخطاب-، أما ديوان الإنشاء (الشهر العقاري) فكان الأساس والمرتكز الذي تم إنشاؤه وتأسيسه في زمن النبوة ومنه استلهم سيدنا عمر ابتكار ديوان الجيش ،وأضاف «الأزهري»، أن الديون والتعاقدات كانت توثق رسمياً وليس بشكل عرفي، وذلك في جهة تتبع الجناب النبوي مباشرة.

وأوضح: «هذا الأمر كان يتم من خلال الأمر النبوي، وأي شخص كان يجري مُعاملة مثل البيع والشراء والتداين كانوا يذهبون إليهم لعمل سجل ويوقع كل أطراف المعاملة لتكون هناك وثيقة مكتوبة محفوظة، وهذه الصنعة اسمها اليوم موثق الشهر العقاري، وبالتالي كل شخص يعمل في هذه المهنة له أن يفتخر بأنها مهنة سبقه الصحابة إليها، وبالتالي يجب أن يأخذوا منهم آدابهم وتيسيرهم».

 

ثالثاً: اجتهادات الفقهاء

 

كان ومازال  للفقهاء المسلمين المُجتهدين دور مُهم في استنباط الأحكام الشرعية المُتعلقة بقسم المُعاملات من الفقه الإسلامي، استنبطوها من نصوص الوحي الإلهي القرآن الكريم والسُّنة النبوية المُطهرة، وفصلوها تفصيلاً؛ سعياً لتوضيح شرع الله، وحرصاً على تمييز الحلال من الحرام، وبياناً للقانون الإلهي الذي يجب أن يسود ؛ لأنه ينظم الحياة الاجتماعية للناس، وأن يكون المرجع عند التنازع، الذي لا تنقطع أسبابه ما دامت النفس الأمارة بالسوء تتجاوز حدودها في الطمع، وما دامت الغريزة دافعة أحياناً إلى المنكرات، والشهوة العارمة طاغية عند بعضهم، وعند التنازع كثيراً ما يأكل بعضهم مال بعض بالباطل، أو يزهق نفساً بغير حق، أو يعتدي على عرض.

لا خلاف بين فقهاء الشريعة أن توثيق العقود يدخل ضمن أعمال القضاء وكذلك أعمال الشهر العقاري حالياً لا تتنافي وعمل القضاء ( ) بل هي نظيرها لها وجزءً منها ومكملاً لها.

 ويفرق فقهاء المسلمين بين الموثق الذي عُهد إليه بتوثيق نوع محدد من العقود كموثق عقود الزواج أو الطلاق فقط، وبين الموثق ذو الولاية العامة في التوثيق، فأثبتوا الصفة القضائية للثاني دون الأول، كذلك فرقوا بين الموثق الذي يعمل بإذن القاضي ( ) وبين الموثق صاحب الولاية العامة المباشرة دون إذن مسبق او مُعقب لاحق، فأثبتوا الصفة القضائية للثاني دون الأول. ( )

وسماها ابن خلدون ( ) : " العدالــة " وقال فيها : " .. وهي وظيفة دينية تابعة للقضاء ..."

فهي مهنة إسلامية في المقام الأول قبل ان تكون مهنة قضائية، عنصرها الأساسي وقوامها هي "العدالة" كما في القضاء لان القضاء مُرتبط شكلاً وموضوعاً بالعدل، والعدل أساس الحكم، والعدل صفة تطلق على كل عمل مُطابق للشريعة والدستور و القانون وهو ما يقتضي الاستقلال والحياد والنزاهة والأمانة والشرف ويحقق مساواة الجميع أمام القانون ويضمن ويصون الحقوق لأصحابها و يحارب الجور والظلم، و يقتضي أيضا استقلالية القائمين علية. قال الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تودوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس، أن تحكموا بالعدل}.( )

فكلاً من القاضي والكاتب بالعدل (الموثق) يجب أن تتوافر بهما شروط وصفات أساسية أهمها: العدل والمساواة والعقل والنزاهة والشرف والتحقق والبحث عن البينة لإحقاق الحقوق وحفظها وحمايتها وصونها ورد المظالم وإنصاف المظلوم لأن المهمة سامية والمراد منها أسمى.

ومع العلم أن الأصل في هذه المهنة – مهنة التوثيق والتسجيل - وقبل أن تتحول وتتطور إلى وظيفة حكومية أو مهنة حرة مستقلة كما في الكثير من دول العالم، أن الأصل فيها إسلامياً وشرعياً كعمل القُضاة أنها بدون رسوم ولا يتطلب أبدا وجود مقابل مادي أو نقدي بشأنها لضمان حياد ونزاهة القائمين عليها

قال الله سبحانه في محكم آياته الكريمة:{ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أهواءهم وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لنا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} صدق الله العظيم ( )

ويتجلى العدل في حياة الأمم بأجلى صوره مرتين: مرة عند وضع القانون وتشريعه، ومرة عند تطبيقه في الخلافات والتعاقدات أي القضاء والتوثيق، وإذا كان واضع القانون في الإسلام هو الشارع الإلهي القدوس، فإن مجال القضاء والتوثيق يكون أبرز تجليات العدالة، ومن هنا لابد من الاستقامة كما أمر الله حتى تتحقق العدالة.

ومما لا شك فيه الآن في التشريعات الوضعية أن شروط شغل وظيفتي القضاء أو الكتابة بالعدل (التوثيق والتسجيل) والتي قوامهما وشرطهما العدالة أن يكون شاغليها من الحاصلين على إجازة الحقوق (ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون) وهذا أمر منطقي وبديهي لما يتطلبة هذا العمل القضائي والقانوني من دراسة قانونية واسعة وإلمام كامل بكافة فروع القانون والفقه الإسلامي في المعاملات وغيرها لتمكين القائمين عليهما من حفظ وصيانة وحماية الحقوق والحريات والملكيات العامة والخاصة، وهو امر ثابت بجميع دول العالم.

وزيادة على ما تقدم فإن الفقهاء المسلمين قد أثبتوا أن الشروط التي يجب توفرها في الموثق هي ذات الشروط المطلوبة فيمن يتولى القضاء، بل يرى بعضهم أنه يلزم إلمام الموثق ببعض الأمور زيادة على شروط المتولي للقضاء. ( )، ومن الثابت حتى زمن قريب أن القُضاة في مصر وإلى زمن المحاكم الشرعية كانوا هم من يتثبتون من إرادات الأفراد وبحث سلطتهم واهليتهم والاستوثاق من رضاهم، وإصدار ما يسمى "الحجج الشرعية" التي حل محلها حالياً "العقود الموثقة والمشهرة" الآن، فضلاً عن أن هذا الدور لازال يقوم به القاضي حتى الآن، وهو ثابت في نصوص قانونية منها على سبيل المثال المادة 1000 من القانون المدني توثيق عقود الحكر.

لا نستطيع ان ننكر ان اهمية عمل الموثق وتتجلى أهميته في آية الدين  الآية 282 من سورة البقرة – دستور الموثقين - وهذه الآيات المُحكمات قال عنها الشيخ العلامة والفقيه الإسلامي  أبو بكر محمد بن عبد الله (المعروف بابن العربي)( ):- " هذه الآيات من كتاب الله عز و جل هي دستور التوثيق في المعاملات بصورة عامة، وهي تتضمن القواعد التي بُني عليها "علم التوثيق" فقد جمعت الأساليب الثلاثة في هذا ألا  وهي : التوثيق بالكتابة  ، والتوثيق بالإشهاد ، والتوثيق بالرهن، ولا يوجد طريق رابع  للتوثيق الرضائي غير هذه الطرق فإذا تمت المعاملة بين الأفراد بالبيع والشراء أو الهبة أو الوقف أو الوصية أو غيرها من المعاملات بدو ن إتباع إحدى الطرق المذكورة فإنها غير موثوقة ، وإذا حصل جحود أو نكران في التصرف غير الموثق فإنه يمكن اللجوء للقضاء للحصول على حكم قضائي بإثبات الحق على وثيقة لإثبات الحق وهذا الحكم يكون بمثابة عملية توثيق "

فمهنة التوثيق والتسجيل مهنة شريفة في التاريخ الإسلامي قال فيها ابن فرحون: "وهي صناعه جليلة شريفة وبضاعة عالية متينة تحتوي على ضبط امور الناس على القوانين الشرعية "

وقال فيها ابن بري: "كفى بعلم الوثائق شرفا وفخرا انتحال اكابر التابعين لها حيث قد كان الصحابة رضي الله عنهم يكتبونها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم "

وقال فيها الامام مالك رضى الله عنه: "لا يكتب الوثيقة بين الناس إلا عارف بها عدل في نفسه مأمون عليها لقوله تعالى "وليكتب بينكم كاتب بالعدل "

ومع ذلك في بداية انتشار الاسلام فقد كانت الكتابة محدودة وقليلة ولكن بعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية وازدهار التجارة بين الحضارات وبدأت الذمم بالاختلاف نتيجة الاختلاط والتوسع في البلاد وتقدم الفتوحات الاسلامية شرقاً وغرباً ظهرت الحاجة الى تنظيم أكثر للمهنة وتحديد من يكتب للناس عقودهم ومداينتاهم وعقودهم ويكون أميناً عليها وعدلاً عليها فوجد من اهل الصلاح والاحتساب من يكتبها دون اجر ومن هؤلاء "خارجه بن ثابت"؛ و"طلحه بن عبد الله بن عوف" المسمى بطلحة الندي والذي تولى القضاء في المدينة وهو ابن اخ عبد الرحمن بن عوف

فالتوثيق مأمور به بالقرآن الكريم والحديث النبوي، قال أبو موسى الأشعري وابن عمر: "والكتب واجب إذا باع المرء بدين" وقال ابن عباس: "من ترك الإشهاد على البيع فهو عاص". وقال مجاهد: "لا تستجاب دعوة رجل باع ولم يشهد ولم يكتب" ( )

ثم يذكر هؤلاء الفقهاء "أن صناعة التوثيق صناعة جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم". ( )

وقال عنه شمس الأئمة "السرخسي" ( ): "أعلم بأن علم الشروط من أكد العلوم , وأعظمها صنعة فإن الله تعالى أمر بالكتابة في المعاملات فقال عز وجل { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه }( )  ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالكتاب في المعاملة بينه وبين من عامله , وأمر بالكتاب فيما قلد فيه عماله من الأمانة وأمر بالكتاب في الصلح فيما بينه وبين المشركين , والناس تعاملوه من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا , ولا يتوصل إلى ذلك إلا بعلم الشروط (علم التوثيق) فكان من آكد العلوم وفيه المنفعة من أوجه :

 أحدها: صيانة الأموال , وقد أمرنا بصيانتها ونهينا عن إضاعتها .

والثانية: قطع المُنازعة فإن الكتاب يصير حكماً بين المُتعاملين ويرجعان إليه عند المنازعة فيكون سبباً لتسكين الفتنة، ولا يجحد أحدهما حق صاحبه مخافة أن يخرج الكتاب وتشهد الشهود عليه بذلك فيفتضح في الناس.

والثالثة: التحرز عن العقود الفاسدة، لأن المُتعاملين ربما لا يهتديان إلى الأسباب المفسدة للعقد ليتحرزا عنها فيحملهما الكاتب على ذلك إذا رجعا إليه ليكتب.

والرابعة : رفع الارتياب فقد يشتبه على المُتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل ومقدار الأجل فإذا رجعا إلى الكتاب لا يبقى لواحد منهما ريبة , وكذلك بعد موتهما تقع الريبة لوارث كل واحد منهما بناء على ما ظهر من عادة أكثر الناس في أنهم لا يؤدون الأمانة على وجهها فعند الرجوع إلى الكتاب لا تبقى الريبة بينهم فينبغي لكل أحد أن يصرف همته إلى تعلم الشروط لعظم المنفعة فيها ولأن الله - تعالى - عظمها بقوله - جل جلاله - : { ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله } فقد أضاف الله - تعالى - تعليم الشروط إلى نفسه كما أضاف تعليم القرآن إلى نفسه فقال - عز وجل - : { الرحمن علم القرآن } وأضاف تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نفسه فقال - جل جلاله - : { وعلمك ما لم تكن تعلم } وأبو حنيفة رحمه الله سبق العلماء رحمهم الله ببيان علم الشروط , وبذلك يستدل على أن مذهبه أقوى المذاهب فإنه يبعد أن يُقال : المبتدئ ببيان ما أخبر الله  تعالى أنه هو المعلم له لم يكن على غير صواب ."

قال عنها ابن فرحون ( ): "هي صناعة جليلة وشريفة وبضاعة عالية منيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم، والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم، وبغير هذه الصناعة لا ينال ذلك، ولا يسلك هذه المسالك". ( )

انه علم التوثيق والتسجيل ويعرفه الونشريسي ( ): "بأنه من أجل العلوم قدراً وأعلاها إنابة وخطراً، إذ بها تُثبت الحقوق ويتميز الحر من المرقوق، ويوثق بها ولذا سميت معانيها وثاقاً"

أما الفقيه عبد السلام الهواري فيقول عن هذا العلم: "هو من أجل العلوم قدراً وأعلاها إنابة وخطراً إذ تضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وتحفظ دماؤهم وأموالهم على الضوابط الشرعية، وهو أقطع شيء تنبذ به دواعي الفجور، وترمى وتطمس مسالكها الذميمة وتعمى". ( )

ويصفه الإمام السرخسي: " علم الشروط ( ) من أكد العلوم وأعظمها صنعة"( )

ثم تحول التوثيق وأصبح خطة ( ) من خطط الدولة الاسلامية في الأندلس في وقت متقدم، فقد ذكر ابن بشكوال ( ):- " وولي خطة الوثائق في صدر دولة المظفر بن عامر ....( )   ويقول في ترجمته لأحمد بن عفيف (ت 420 هـ) :- " تولى عقد الوثائق لمحمد المهدي أيام توليه الملك بقرطبة ..... ( ) ، كما أن علم الشروط (الوثائق) كان يُدرس ، وبرز فيه علماء كثيرون ، ومنهم المؤلف . يقول ابن الآبار في ترجمة محمد بن خلف بن يونس : "أخذ علم الشروط عن أبي الأصبغ عيسى بن موسى المنزلي ( ) ..... ( )

ويعتبر أول من دون وكتب في هذا العلم الجليل (علم التوثيق) هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله وألف بشأنه كتابا يُسمى (الشروط) لذلك نلاحظ ان بعض الفقهاء المسلمين قد أطلق على علم التوثيق (علم الشروط) وكذلك الامام الجليل (هلال بن يحيى البصري) في العام 245 هـ

ورأى أحمد مصطفى المراغي ( ) في تفسيره أن آية الدين قاعدة من قواعد الاقتصاد في العصر الحديث فإنه قال ( ): "وهذا قاعدة من قواعد الاقتصاد في العصر الحديث , فكل المعاملات والمعاوضات لها دفاتر خاصة تذكر فيها مواقيتها, والمحاكم تجعلها أدلة في الإثبات"

وكذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صالح قريشا في الحديبية وكتب علي بن أبي طالب في ذلك الوثيقة المعروفة، ورغم أن الأمر بالكتب والإشهاد أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي فهو يعد اليوم من أحدث النظريات في القوانين الوضعية في المذاهب الاجتماعية الحديثة وتسمى (نظرية الإثبات (ولم تأخذ أوروبا بهذه النظرية إلا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي حين اشترط القانون الفرنسي وهو الذي أخذت عنه القوانين الأوروبية أن يكون الدين مكتوبا إذا زاد على مقدار معين  وقد كان القرن الخامس الهجري أجل عصور التأليف في علم التوثيق إذ فيه ألفت الكتب القيمة

وقد اشتهر المالكية بهذا العلم وتميزوا فيه حتى أنه لا يذكر إلا منسوباً إليهم بشهادة المشارقة.

وهو الأساس الذي خرج منه علم التوثيق ومبادئ الإثبات القانوني في العصر الحديث كنظام قانوني يُعتمد على عقود موثقة مرتبطة بالقانون الوضعي لإثبات وحفظ الحقوق .

واشار الونشريسي ( ) : الى أهمية هذ العلم الشريف في مُفتتح كتابه وفي أول الباب الثاني ( في شرف علم التوثيق) ومما قال : " فإني لما رأيت علم التوثيق من اجل ما سطر في قرطاس ، وأنفس ما وزن في قسطاس ، وأشرف ما به الأموال ، والأعراض ، والدماء ، والفروج تستباح وتحمى ، واكبر زكاه للأعمال واقرب رُحمى ، واقطع شيء تُنبذ به دعوى الفجور وتركى وتُطمس مسالكها الذميمة وتُعمى .."

 وقال : " قال ابن مغيث : "علم الوثائق علم شريف يلجأ اليه الملوك ، والفقهاء وأهل الحرف والوقه والسواد كلهم يمشون اليه ويتحاكمون بين يديه ويرضون بقوله ويرجعون الى فعله فينزل كل كبقه منهم على مرتبتها ، ولا يخل بها عن منزلتها ... ( )

وقال : " قال ابن برى : "كفى بعلم الوثائق شرفا وفخرا انتحال اكابر التابعين لها ، وقد كان الصحابة يكتبونها على عهد النبي (ص) ..( )"

وقال ابن فرحون: " هي صناعه جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة تحتوي على ضبط امور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم والاطلاع على اسرارهم وأحوالهم ...( )

هذا جزء من اقوال العلماء في ماهية واهمية التوثيق والأقوال فيها كثيرة وذلك لعظم شأن التوثيق في حياة الامة لمحافظته على دين المسلمين وأنفسهم وأعراضهم وأنسابهم وما لهم وما عليهم من حقوق.

وتتمثل هذه أهمية علم التوثيق في الشريعة الإسلامية فيما يلي:

1-            انه استجابة لله ولرسوله (ص) حيث انزل الله -  جلا وعلا – فيه اطول ايه في كتابه العزيز " يأيها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه "( ) وأمر الرسول (ص) بكتابه وثيقة في بيع وشراء ، وفي الصلح بينه وبين المشركين ( ) وغير ذلك ، والاهتمام بما فيه طاعه لله – عز وجل – ولرسوله (ص) من اعظم الامور واجلها

2-            ان في التوثيق اصلاحاً للعقود عند العقد ونفياً للفساد عنها فـ يبين المُوثق للمتعاقدين الصحة اذا اراد الكتابة بالعدل كما قال تعالى: " وليكتب بينكم كاتب بالعدل .."0( )

3-            وقطع المنازعة المستقبلية ودرأ الخصومة المُحتملة عند الرجوع الى تلك الوثائق التي كُتبت بالعدل، اذ ان المكتوب عليه إذا عرف تأكد الأمر عليه بوضوح الحق بشهوده لم تحدثه نفسه بالإنكار والجحود خوفاً او حياء.

4-            حفظ المال الذي امر الله عز وجل بحفظه قال تعالى: ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا "

5-            حصول الطمأنينة لصاحب الحق في حظ حقه وثبوته عند المنازعة.

أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويجنب المتعاقدين من مزالق الحرام والاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أباءهم وبه يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات.

وهذا ما أكده الدكتور جمعه محمود الزريقي حينما قال ( ):- " لقد أكد ديننا الحنيف على أن للكتابة أهمية في حياة الأفراد والأمم وخاصة في ميدان المعاملات اليومية بمختلف أشكالها وأنواعها مدنية كانت أو غير ذلك التي تمتد بين الأفراد والجماعات والدول؛ والحكمة من الحث على الكتابة هو بمفهوم لغة القانون عدم الاطمئنان لمزاعم الأطراف وشهادة الشهود العرفية، ذلك لكون الخليقة الإنسانية معرضة للخطأ والنسيان وعدم الدقة في سرد الوقائع والمعاملات المبرمة بالإضافة إلى كون أن الناس عادة ما يكونون عرضة للمحاباة والانتقام المبالغة نتيجة افتقار الذمم وطغيان المادة . "

وكذلك قال( ):- " لقد خلق الله الإنسان وحبب إليه غريزة المال وحب التملك إلى درجة التقديس، وعليه نشأت بين أفراد المجتمع بل الدول خلافات قد تؤدي في أغلب الأحيان إن لم نقل كلها إلى نزاعات كثيرة، فكان لزاما إيجاد قالب أو وسيلة تفرغ فيها إرادة الأطراف المتعاملة تكون وسيلة لفض النزاع أو للحيلولة دون قيامه "

وكذلك أكد ( ) :- "وبمرور الأزمنة تطورت المعاملات إلى أن وجدت الوثيقة الرسمية وأخذت الدول على كالها تنظيمها حسب ما يتماشى وعاداتها وتقاليدها وقوانينها في إطار سيادتها الوطنية "

وكذلك أكد ( ) :-" وعليه فإن المسلمين هم السباقون في هذا الميدان على الأوروبيين وهذا إن دل على شيء إنما يدل على درجة التحضر والتمدن لديهم "

وكذلك أكد( ) :-"ما فتئ القران والسنة المطهرة التركيز على ذلك فالتوثيق من العلوم التي عرفها العرب منذ القدم، وبرعوا فيها بعد ظهور الإسلام حيث انتشرت الكتابة وزادت نسبة التعليم خاصة في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية حيث تطور النظام القضائي بتطور الدولة وانتشار الإسلام في العديد من الأمصار، وتطورت معه وظيفة التوثيق التي تعتبر من الوظائف القضائية"

انه نظام إسلامي شامل لجميع المعاملات والعقود التي تتم بين الأفراد لحماية وحفظ حقوق الملكية العامة والخاصة وسواء تعلقت بأموال عقارية أو منقولة أو بأعراضهم بالنسبة لأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وتبني وخلافة ، هذا النظام يعمل على تسجيل جميع التصرفات من مبايعات ،وعقود ،وهبات ،وأوقاف ،وصدقات ، وزواج وطلاق وغيرها، وهو يعتمد على عدة وسائل مثل الكتابة والإشهاد والرهن، وحكمه الشرعي مستمد من كتاب الله وسنة الرسول الكريم عليه السلام .

حيث يحتل علم ومهنة التوثيق  والتسجيل منزلة رفيعة ومكانه كبيرة في الحياة الإنسانية والقانونية لكل الدول لأنه يعمل على حفظ الحقوق وحمايتها طبقاً للقوانين الشرعية والوضعية وبه تضبط المراكز القانونية للأشخاص وإجبارهم على إفراغ اتفاقاتهم أمام كاتب عدل (موثق رسمي) يُراعى عدم خروج هذه المُحررات عن أحكام شريعتنا الإسلامية الغراء والنظام العام والآداب ووفقا لأحكام الدستور والقانون ويحمى المجتمع من الاتفاقات والتعاقدات المريبة التي قد تضر امن وسلامه المجتمع، بما أن التوثيق والتسجيل نظام قانوني يُمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويجنب المتعاقدين من مزالق الحرام والاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أباءهم وبه يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات وهو ما يعرف بالعدالة الوقائية من خلال منع ودرأ حدوث المنازعات .

والتوثيق في اللغة: مصدر وثق، يقال وثقت الشيء توثيقاً إذا أحكمته. ( )( ) ،ومنه قوله تعالى: {فشدوا الوثاق} ( ) ،وقوله تعالى: {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض} ( ) ، وقال تعالى: {قال لن أرسله معكم حتى تؤتون ِموثقا من الله لتَأْتُنَّني به إلا أن يحاط بكم فلما أتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل}. ( )

وقد ذكر التوثيق في صورته العامة في كتاب الله في مواضع منها قوله تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم}. ( ) -  وقـولـه تعـالى: {ستكتب شهادتهم ويسألون} ( ) - وقوله: {ورسلنا لديهم يكتبون} ( )

وقوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه وتقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} ( )

والشروط والوثائق والعقود أسماء لمسمى واحد لعلم واحد (علم التوثيق) وسمي هذا العلم علم الشروط أيضا لأنه غالبا ما يتضمن ذكر شروط بين المتعاقدين فسمي الكل بالجزء الذي يتركب منه تجوزا.

وتعريف التوثيق قانونياً :( ) التوثيق قانونيا هو مجموعة الإجراءات القانونية الشكلية والموضوعية التي يقوم عليها الموثق لتوثيق وتسجيل وإثبات وتحقيق وبحث وصياغة وتحرير وقيد المُحررات والعقود بكافة أنواعها وفقاً لأحكام الدستور والقانون والموثق مُلتزم ومسئول شرعاً وقانوناً وأخلاقياً ببحث الإرادة وتلقيها والتحقق من الأهلية وبحث الصفة والسلطة والمُراجعة القانونية الكاملة للعقود شكلاً موضوعاً للعقود المطلوب توثيقها ومدى مطابقتها للدستور والقانون والنظام العام والآداب.

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثالث

 الملكية العقارية والتوثيق في الدولة المصرية الحديثة

 

1-            عام 1902 م ، في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني ( ) ، قامت الحكومة المصرية بتقديم مشروعين قانون الى اللجنة التشريعية الدولية بهدف إصلاح نظام التسجيل العقاري بمصر، حيث كان المشروع الأول يهدف الى توحيد جهات التسجيل العقاري وسجلاته ، واستهدف المشروع الثاني إدخال نظام السجل العيني بمصر اسوة بمعظم دول العالم ، وقد مكثت هذه اللجنة سنتين في دراسة هذين المشروعين وادخلت عليهما بعض التعديلات وجعلتهما صالحين للتطبيق واقرتهما سنة 1904 لكنهما لم يصدرا وظلا حبيسي الادراج ، لأسباب كثيرة منها أنتشار وباء الكوليرا في مصر ، ومقاومة الاحتلال البريطاني ، وظل الأمر على ذلك حتى زادت أزمة التسجيل العقاري ،وعم الشعور بمسيس الحاجه الى اصلاح نظام التسجيل سنة 1920 مما دعا الى تشكيل لجنة اخرى لبحث موضوع السجل العيني ، فأقرت مشروع الاصلاح سالف الذكر ، واوضحت ان ادخال نظام السجل العيني يتطلب توافر امرين :-

                                         الأمر الأول: إعادة مسح البلاد لتحديد العقارات تحديداً دقيقاً.

                                         الأمر الثاني: تحديد الموقف القانوني لهذه العقارات.

 

2-            عام 1920 في عهد السلطان أحمد فؤاد ( ) (فؤاد الأول) أبن الخديوي إسماعيل، وقت خضوع مصر للاحتلال البريطاني منذ عام 1882م، حيث ثارت أزمة التسجيل العقاري عقب الثورة المصرية عام 1919م بقيادة الزعيم الراحل سعد زغلول، والتي طالبت بتعظيم النهضة الاقتصادية، حيث ظهرت دعوة الزعيم الاقتصادي طلعت حرب لتأسيس بنك مصر، وهو ما حدث بالفعل عام 1920، وظهرت أزمة التسجيل العقاري كأحد توابع النهضة الاقتصادية والبحث عن علاج تشريعي لأزمة التسجيل العقاري بمصر.

3-            عام 1923م تم إصدار تشريعان عقاريان جديدان لأول مرة بعد ثلاث سنوات من العمل التشريعي [1920 -1923] بإصدار قانوني التسجيل العقاري رقمي [18 لسنة 1923 ، 19 لسنة 1923] فيما يُعرف بالتسجيل المزدوج، بالتزامن مع اعتراف بريطانيا باستقلال مصر أسمياً وتحويلها إلى (المملكة المصرية) عام 1922م ،وخروجها من الحماية البريطانية وإقرار دستور مصر 1923 أشهر الدساتير المصرية ، ومع أول برلمان مصري حقيقي يملك سلطة التشريع والرقابة ، ولكن للأسف المشكلة وقتها تمثلت في أن القانونين رقمي 18 ، 19 لسنة 1923م أسندا تسجيل الملكية العقارية في مصر إلى ثلاث جهات مُتباينة هي المحاكم الأهلية، والمحاكم الشرعية والمحاكم المختلطة ، فحدثت ازدواجية في التسجيل العقاري وتفاقمت الأزمة العقارية أكثر.

 

4-            عام 1946 في عهد الملك فاروق الأول ( ) أثار وزير العدل المصري وقتها وهو الدكتور محمد كامل مرسي باشا ( ) مسألة ضرورة توحيد جهات التسجيل العقاري المزدوجة في كنف جهة واحدة مستقلة ، وهو أول رئيس لمجلس الدولة المصري ، والأب الروحي للقضاء الإداري بمصر ،والحاصل على الدكتوراه في الملكية العقارية من فرنسا ،وعلى الرغم مما واجه وزير العدل آنذاك من صعوبات واعتراضات شديدة من بعض الجهات بمنظومة العدالة  ، حتى هدد الوزير بتقديم استقالته ،ثُم تضامنت معه كامل الحكومة لاحقاً واستجابت لطلبه ودعمته، للضغط من أجل إنشاء الشهر العقاري ومجلس الدولة ،  إلا أنه نجح في النهاية وأقتنع ملك مصر الملكية وقتها برؤيته التشريعية الجديدة ذات الجذور الفرنسية ، لعلاج الأزمة ، ووافق على إنشاء مجلس الدولة المصري بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946 ، وإنشاء إدارة قضايا الحكومة بموجب القانون رقم 113 لسنة 1946م ( )، وإنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بموجب القانون رقم 114 لسنة 1946 والساري حتى اليوم ، كمصلحة قائمة بذاتها تتبع وزير العدل وفقاً لنص المادة الأولى من قانون إنشاء الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، وتضمنت مُذكرته الإيضاحية إن الهدف التشريعي من القانون الجديد هو توحيد جهات التسجيل العقاري وتنظيم عمليات التسجيل العقاري في جهة واحدة مُستقلة وفقاً لأحكام قانونية محددة وتنظيم هيكلي معين ، للقضاء على أزمة التسجيل العقاري آنذاك.

وإن كانت الأزمة العقارية حينها ليست بالوضع الكارثي الموجود حالياً ، فهي كانت أٌقل حده وخطورة عن نظيرتها الآن ، إلا إن العلاج كان دائماً وحصرياً هو علاج تشريعي في الأساس ، وتضمنت أيضا المذكرة الإيضاحية لقانون إنشاء الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ،ان المصلحة المُستحدثة تُعتبر نواه لإنشاء هيئة قانونية مستقلة مُستقبلاً تختص حصرياً دون غيرها بمسؤولية إثبات ونقل وحماية الملكيات العقارية كتطور تشريعي منطقي لعلاج أزمة انهيار منظومة التسجيل العقاري وضعف استقرار وحماية الملكية العقارية في مصر والتي نص على حمايتها جميع الدساتير المصرية كافه بداية من دستور مصر 1923 حتى دستور مصر 2014 .

 

ومن باب التوضيح التاريخي فقد لاقى إنشاء كلاً من (الشهر العقاري ومجلس الدولة) عام 1946م مُعارضة قضائية شديدة وقتها ، لأن اختصاصاتهما تم اقتصاصها من القضاء (الوطني والمختلط والشرعي) ودخولهما لأول مرة بـ منظومة العدالة كجهات مستقلة ، كما يحدث الآن في السنوات الأخيرة من مُعارضة بعض الجهات لاستقلال الشهر العقاري بهيئة مستقلة ،على الرغم من إن المُذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم114لسنه1946 (قانون إنشاء الشهر العقاري) حيث ورد بالبند 9 منها" والمشروع المُرافق قوامه إنشاء هيئة مستقلة يوكل إليها أمر القيام على إجراءات الشهر جملة وتنظيماً ...."

وبالفقرة الأخيرة من البند 11 " ويقضي المشروع .... إلى تركيز نظام الشهر في كنف هيئة واحدة تقوم على شئونه في حاضرة ومستقبلة ".

 

5-            عام 1964 في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ( ) ، شهد هذا العام خروج ثلاث تشريعات عقارية لأول مرة تشريعياً ،وما زالت سارية حتى الآن [قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق - قانون السجل العيني - قانون رسوم التوثيق والشهر العقاري ] حيث مع تدهور قطاع الشهر العقاري وتفاقم ازمة التسجيل العقاري ثارت فكرة إعادة هيكلة واستقلال مصلحة الشهر العقاري عام 1964م ، كعلاج تشريعي آنذاك حتى يمكنها من القيام بدورها القانوني في إثبات وحماية الملكية العقارية ، بعد فشلها وفقاً لقانون إنشاءها رقم 114 لسنة 1946م في الهدف من إنشاءها وهو إثبات وحماية وحصر الثروة العقارية لمصر والمصريين ، وتنفيذاً لما ورد بالمذكرة الإيضاحية من توحيد جهات التسجيل العقاري والتوثيق في كنف جهة واحدة ، لتكون مكاتب ومأموريات الشهر العقاري والتوثيق  نواه لإنشاء هيئة قانونية مستقلة مستقبلاً ،  تختص حصرياً بإثبات وتنظيم وحماية الحقوق العينية العقارية وأهمها حق الملكية ، وبالفعل أعدت وزارة العدل مشروع القانون ونصت مذكرته الإيضاحية "اقتضت المصلحة العامة وضع قواعد لتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رؤى أن من شأنها أن تكفل حسن سير العمل بهذه المصلحة وترفع من مستوى الخدمة العامة وتوفر مزيداً من الضمانات لأعضائها ولموظفيها على أن يسرى مع هذه القواعد والضمانات ما لا يخالفها من أحكام قانون موظفي الدولة. " وبالفعل صدر قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964م ( )، وما زال ساري حتى تاريخه، وتحويلها من مجرد إدارة ومكاتب ومأموريات متفرقة تتبع وزير العدل، إلى مصلحة قائمة بذاتها تتبع وزير العدل، حيث نصت المادة الأولى من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964م :- " مادة 1 - تكون مصلحة الشهر العقاري والتوثيق مصلحة قائمة بذاتها وتتبع وزارة العدل." ورغم النص على استقلالها ضمناً وليس صراحة ، لكن المُشرع المصري عام 1964م وافق على مشروع القانون المُقدم من وزارة العدل وبدون أي تعديل او تدخل منه ومع تدخل وزارة العدل خرج قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الساري حتى اللحظة بالصورة التشريعية الحالية ، مفتقداً استقلال حقيقي أو وجود أي صلاحيات أو سُلطات أو ضمانات أو حماية حقيقية للأعضاء الفنيين المُكلفين قانوناً بتطبيق احكام التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ،وهو الهدف من مشروع القانون المُرافق - مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" -  يهدف إلى إلغاء القانون رقم 5 لسنة 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وإعادة هيكلتها كلياً فنياً وإدارياً ومالياً وإجرائياً وموضوعياً

 

وعلى الرغم من إن القانون رقم 5 لسنة 1964 ، وهو القانون المُنظم للهيكل الإداري لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق حالياً ، قد تضمن جميع عناصر ومُفردات الهيئة القضائية المستقلة ، عدا النص على ذلك صراحة تشريعياً ، وحيث تضمن القانون ان رئيس المصلحة ونائبة يُعين من رئيس الجمهورية ، ووجود جهاز للتفتيش الفني ، وان المصلحة قائمة بذاتها ، رغم أنه قد لحقها النص على أنها تتبع وزير العدل مما أفقدها جوهر استقلالها الحقيقي ، وهيمنت وزارة العدل كلياً على الشهر العقاري (إدارياً ومالياً وفنياً) وحتى اللحظة ، وما زال حتى اللحظة رئيس المصلحة يتم ندبه بقرار وزاري لفترة قصيرة قد تصل لثلاث شهور فقط وتُجدد حسب رغبة السيد وزير العدل بما يضمن ولائه الكامل لوزارة العدل ، ولا يتم تعيينه من السيد رئيس الجمهورية حسب صريح نص القانون الحالي؟!  ، وكذلك قد جاء القانون رقم 5 لسنة 1964 ،خالياً كلياً من النص على استقلال وحماية الأعضاء القانونيين والضمانات اللازمة لأداء عملهم في بحث وتحقيق الملكية باستقلال ، حسبما صرحت المُذكرة الإيضاحية للقانون المُعد من وزارة العدل ، وأيضاً لم يتضمن القانون أي مزايا أدبية أو مالية ، حيث أخضع جميع العاملين بالمصلحة لقانون العاملين المدنيين بالدولة – قانون الخدمة المدنية حالياً - كذلك تم توسيع مادة اعضاء المصلحة – المادة الرابعة من القانون - ليُضاف إلى جانب الأعضاء الفنيين (القانونيين) أعضاء آخرين (محاسبين ومهندسين) على غرار أعضاء مصلحة الخبراء ، من أجل طمس الهوية القانونية البحتة لطبيعة عمل الشهر العقاري والتوثيق القانونية البحتة شكلاً وموضوعاً ، والتي تستند جذرياً إلى عُمق القانون المدني البحت ، وبالمخالفة لما هو مستقر تشريعياً بجميع تشريعات العالم العقارية أجمع من إن الأعضاء المُكلفين والمُختصين بالتسجيل العقاري والتوثيق فقط من خريجي كليات القانون، والثابتة بكل دول العالم بلا استثناء وفقاً لما سيتم إثباته لاحقاُ ، فـ الأمر مقبول تشريعياً وطبيعة العمل تسمح ، بل تُلزم بذلك بمصلحة الخبراء لتنوع اختصاصاتها الزراعية والمحاسبية والهندسية، لكن ما حدث في قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964 ، جاء مُتعمداُ  لإخفاء استقلالها وطمس الهوية القانونية لطبيعة عمل الشهر العقاري ، ومحو هدف المُشرع المصري عام 1946م ، بأن الشهر العقاري حالياً نواه لهيئة مستقلة تكون مسؤولة حصرياً عن إثبات وحماية الملكية العقارية ، الوارد بالمذكرة الإيضاحية بقانون إنشاء الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946م .

 

وبذات العام 1964م ،والمُتخم بالأحداث والأزمات العقارية آنذاك ، وكأن التاريخ يعيد نفسه مرة اخرى بما يحدث الآن في العام 2021م ، وهو البحث عن علاج تشريعي لأزمات التسجيل العقاري التاريخية ، بعد رفض وتعطيل المادة 35 مكرر الكارثية حتى عام 2023م ، وتدخل السيد رئيس الجمهورية لعلاج أزمتها ،وأنقذ البرلمان والحكومة والمجتمع المصري من تداعياتها الخطيرة ، فقد تم البحث لعلاج تشريعي لذات الازمة حرفياً عام 1964م من خلال إقرار نظام تسجيل عقاري جديد بديلاُ عن قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 والذي ثبت فشله في تسجيل الثروة العقارية لمصر والمصريين ، وما اعتراه من عيوب وانتقادات ، وبالفعل تم عرض نظام جديد للتسجيل العقاري وهو نظام السجل العيني ،وهو المُطبق حالياً بجميع دول العالم ، ولم يعد نظام الشهر الشخصي موجوداً إلا بمصر ، مع ان فكرة نظام السجل العيني كانت مطروحة منذ العام 1902م ، ولكن تم العمل بنظام الشهر الشخصي كنظام وحيد للتسجيل العقاري بمصر آنذاك  لأنه يوفر ويسمح بملكية الأجانب ويحميها ويخفيها ويقنن أوضاعها ويمنحها الشرعية ، بما إن مصر وقتها كانت خاضعة للاحتلال البريطاني (من عام 1882 حتى عام 1956) .

 

وبالفعل صدر قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م كنظام جديد للتسجيل العقاري بمصر ، بديلاً عن نظام الشهر الشخصي المُقرر بالقانون رقم 114 لسنة 1946م  ، بالتزامن مع إصدار قانون جديد لرسوم الشهر العقاري والتوثيق وهو القانون رقم 70 لسنة 1964 ،  ثلاث قانونين جديدة في محاولة تشريعية قوية تُعالج مساوئ نظام الشهر الشخصي المُقرر بالقانون رقم 114 لسنة 1946م بعد ثبوت فشله في إثبات الثروة العقارية وحصرها ، نظام جديد للتسجيل العقاري بمصر من خلال لجان عقارية لحصر الملكيات العقارية ، وعلاج حلقات البيع العرفية ، وإسناد الملكية بالتقادم المُكسب للملكية بوضع اليد ،وإنشاء صحيفة عقارية لكل وحدة عقارية ، تكون بمثابة شهادة ميلاد للعقار، وبما يحقق في النهاية رقم قومي لكل عقار ، وهو ما يؤكد ان المُشرع المصري على مر التاريخ يسعى لعلاج أزمات التسجيل العقاري ، ولكن للأسف لم يحقق قانون السجل العيني الأهداف التشريعية المرجوة منه ، فقد تأخرت صدور لائحته التنفيذية من وزير العدل لما يقري من الـ 11 عام ، مما عطل سريان أحكامه كعلاج تشريعي لعلاج الأزمة ، ومما زاد من حدتها وتداعياتها العقارية ، حتى بعد بدأ تطبيق أحكامه على الأقسام المساحية الخاضعة لنظام الشهر الشخصي ، فقد لاقى صعوبات عملية بسبب ضعف الهيكل الإداري للمصلحة ، وفشل في تعميم نظام السجل العيني على كامل الجمهورية ، على الرغم من نجاحه بجميع دول العالم   .

 

6-            عام 1969 وكاستمرار للمسلسل المصري العقاري التاريخي  - "أزمة التسجيل العقاري" - ، عُرض مشروع قانون بهيئة مستقلة مرة أخرى ، استجابة للمطالب المُتزايدة وقتها من الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق ، واعتراضهم على القانون المُعد من وزارة العدل والذي صدر عام 1964م ، وبالتزامن مع رؤية تشريعية المهتمين بالقطاع العقاري آنذاك بـ إعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري ، تضمن توفير بيئة العمل المناسبة على أسس تشريعية قوية سليمة ، تُحقق جميع الاهداف التشريعية لقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م ، الذي اثبت فشله ، وقانون السجل العيني البديل التشريعي له رقم 142 لسنة 1964م ،وأيضاً فشل تطبيقه عملياً ، رغم قوة وحُسن تنظيم نصوصه ومميزاته وسلامة فلسفته التشريعية وصحة اهدافه التشريعية ، فقد تأخرت جداً لائحته التنفيذية لمدة 11 عام ؟! ، ولأول مرة تشريعياً بجميع دول العالم ، حيث لم تصدر اللائحة التنفيذية للقانون إلا لاحقاً بـ11عام بقرار وزير العدل رقم 825 لسنة 1975.

 

مما دعت الحاجه إلى الهيكلة الشاملة لقطاع الشهر العقاري والتوثيق ،وذات التوجيهات الرئاسية التي وجهها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1969 بسبب فشل قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م ، هي بذاتها التي وجهها الآن السيد الرئيس عبد الفتاح السياسي عام 2021 على خلفية أزمة المادة 35 مكرر الكارثية ، وبذات القانون رقم 114 لسنة 1946 ، وبالفعل التاريخ يعيد نفسه ، وبالفعل تمت دراسة مشروع قانون بهيئة مستقلة للشهر العقاري مرة أخرى عام 1969م والموافقة علية تشريعياً من حيث المبدأ، لكن حال دون صدوره وفاه الرئيس الأسبق عام 1971م وحرب الاستنزاف.

 

7-            عام 1975م في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات( ) ، وبعد انتصارات حرب أكتوبر المجيدة ، وعزم الدولة المصرية على إعادة بناء نفسها اقتصادياً بعد استنزاف مواردها وطاقتها في حروب طويلة متعددة ، والرغبة في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ،وفرها المناخ السياسي المستقر وقتها بعد الحرب، ثارت نفس الأزمة الحالية – أزمة التسجيل العقاري - بسبب صعوبة التسجيل العقاري، وفشل قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 (نظام الشهر الشخصي) ،ومع تجميد قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ، بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية من وزير العدل منذ صدور القانون عام 1964، وبدء البحث مًجدداً عن حلول تشريعية لعلاج أزمة التسجيل العقاري وتسهيل إجراءات التسجيل العقاري .

 

وبتاريخ 16 أغسطس 1975 صدرت اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والصادرة بقرار وزير العدل رقم 825 لسنة 1975 والمنشورة بالوقائع المصرية بالعدد 189 في 16/8/1975، بعد طول انتظار ونقد شديد ضد وزارة العدل ،بعد أن تأخر صدورها من وزير العدل لمدة 11 عام ؟؟!! ، ولأول مرة تحدث في التاريخ التشريعي المصري حتى الآن ، مما تسبب في تعطيل قانون السجل العيني لمدة طويلة جداً ، وتفاقم أكثر لأزمة التسجيل العقاري بمصر ، وما زال تبعات تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني يُعاني منها مأموريات ومكاتب السجل العيني حتى الآن .

 

8-            عام 1976م وبشهر فبراير تم تقديم مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، لإعادة الحياة لقانون الشهر الشخصي المُحتضر رقم 114 لسنة 1946م، من خلال استحداث طريق جديد للتسجيل العقاري لعلاج قصور قانون الشهر الشخصي في علاج حالات البيع العرفية الغير مُسجلة رسمياً، والتي لا تستند لعقود مُسجلة، كما حدث مؤخراً في 2020 بالمادة 35 مكرر وبذات القانون.

وبتاريخ أول أبريل 1976 تم إقرار المادة 23 مكرر تشريعياً بموجب القانون رقم 25 لسنة 1976 ، كحل تشريعي جديد وجزئي ، ومُستمد من القانون المدني – أصل قانون الشهر العقاري – من خلال تفعيل فكرة مُقتبسة تشريعياً من فكرة قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ،وتطبيقها على قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، من خلال إسناد الملكية العقارية بالتقادم الطويل المُكسب للملكية لمدة 15 سنة، للحائز بنية التملك حيازة قانونية صحيحة ، والمُستوفي لشروط اكتسابها المقررة بالقانون المدني  بوضع يد ظاهراً مستمراً هادئاً بنية التملك وفقاً للمادتين (968 ، 969) من القانون المدني ، في حالة عدم توافر الشروط المُقرر لإكتساب الملكية بالمادة 23 الأصلية بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، وهي شروط لم تتوافر في غالبية العقارات والأراضي المصرية ، والقانون المدني المُستند إلية مبدأ التقادم المُكسب للملكية استثنى الأراضي الفضاء والعقارات التي حظرت القوانين تملكها بالتقادم والحالات المنصوص عليها بالمادة 970 من القانون المدني ، 

ولكن فكرة إسناد الملكية بالتقادم المُقررة بالمادة 23مكرر للأسف فشلت عملياً في تطبيقها وحتى الآن بسبب حالات الترهيب والخوف وكمية النزاعات القضائية العقارية اللاحقة على تحقيق محاضر وضع اليد من الشهر العقاري والطعن عليها قضائياً ، ومئات الشكاوي والبلاغات الكيدية امام النيابة العامة والنيابة الإدارية من المواطنين ضد أعضاء الشهر العقاري القائمين على تنفيذها وبحث ملكيتها وتحقيق شروط وضع اليد وفقاً للقانون المدني ،ومع عدم وجود صلاحيات أو سُلطات أو ضمانات لحماية أعضاء لجانها أثناء تحقيق وضع اليد على الطبيعة ، وصورية المحاضر وتواطئ بعض الملاك على سيناريو مُعد مُسبقاً من الشهود وجيران العقار بالخلاف للحقيقة وبالتواطؤ مع مدعي الملكية ، وقابلية الطعن على قرارات اللجنة المُكلفة والمُختصة بتطبيق أحكام المادة 23 مكرر ، إداريا أمام رئاسة المصلحة وقضائياً أمام مجلس الدولة والقضاء المدني ، مما افقدها أهميتها وبالتالي انهيار حُجية قرارتها في إسناد الملكية بوضع اليد الطويل المُكسب للملكية ، ولم يتحقق الهدف التشريعي منها حتى الآن ، وبمشروع القانون المرافق ، تم إعادة تنظيمها بصلاحيات وسلطات كبيرة ، وعلاج كافة العقبات العملية والقضائية التي واجهتها ، ومنعت تحقيق الهدف التشريعي منها ، وليس فقط في نظام الشهر الشخصي بل وفي نظام السجل العيني ونظام الشهر العقاري بالمجتمعات العُمرانية الجديدة ، وخاصة مع ما تضمنته المادة 199 من الدستور من مُفردات استقلال وحماية وضمانات لأعضائها في أداء عملهم القانوني في بحث وتحقيق وإسناد وإثبات وحماية الملكية العقارية لمصر والمصريين .

 

9-            عام 2004م في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ( ) ، عاد مشروع إعادة هيكلة مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بهيئة مُستقلة للظهور مرة أخرى من خلال مشروع قانون بإعادة هيكلة فقط ودون ان يتضمن اي حلول موضوعية لأزمات التسجيل العقاري والتوثيق، عكس ما تضمنه مشروع القانون المُرافق من إعادة هيكلة وعلاج موضوعي وإجرائي ، من خلال مشروع القانون المُقدم من النائب عبد المنعم العليمي بمجلس الشعب المصري عام 2004، واستجابة لمطالب الأعضاء القانونين بالشهر العقاري والتوثيق، بإنشاء هيئة الملكية العقارية والتوثيق – هيئة قضائية مستقلة – هيئة قضائية مماثلة لهيئة قضايا الدولة ولهيئة النيابة الإدارية، وتمت الموافقة علية موضوعياً بمجلس النواب و رُفض من وزارة المالية لأسباب مالية غير منطقية ليس إلا.

 

10-         عام 2009 م  ثارت وبقوة مرة أخرى المطالبة بهيئة قضائية مستقلة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ، والى الآن من خلال مطالب الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق احتجاجاً متصاعداً على الأوضاع السيئة التي أصابت الملكية العقارية بمصر وانتشار الفساد العقاري وقدموا مشروع قانون لتحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قضائية مستقلة تحت أسم "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"  لإثبات وحماية الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ، وأيضاً كان مشروع قانون بإعادة هيكلة فقد ودون ان يتضمن اي حلول موضوعية لأزمات التسجيل العقاري والتوثيق، عكس ما تضمنه مشروع القانون المُرافق ، وقد اعترض عليها وزير العدل آنذاك المُستشار ممدوح مرعي - رحمه الله عليه – مُعللاً ذلك بأن المشروع سيكون بمثابة بوابة لإنشاء محاكم عقارية لاحقاً ؟! ، إلا أنه قد وافق عليها الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال عام 2009 ، لكن بـ هيئة مستقلة ،ونُشر الإعلام والصُحف ذلك وقتها، وأيده الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس النواب وقتها ، ووجه بسرعة إنشاءها وحال دون وجودها ثورة 25 يناير 2011.

 

11-         وبعد ثورة 30 يونيه 2013 ، في عهد السيد الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، أنصف دستور مصر الجديد 2014، أعضاء الشهر العقاري والتوثيق من خلال تواصل إتحاد موثقي مصر [الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق] – من ضمن قائمة من  113 جهة وطنية شاركت بمقترحات لتعديل الدستور – عام 2013 مع لجنة الخمسين وتقديم دراسة قانونية شاملة عن مواد حقوق الملكية ووسائل حمايتها، وحضور العديد من جلسات الاستماع، والحمد لله تحقق مطالبهم دستورياً على مدار السنوات الماضية والفوز بنص دستوري لأول مرة يُحقق استقلالهم وحمايتهم بموجب المادة 199 من دستور مصر 2014: -" .. الأعضـاء الفـنيون بالشهر العقـاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون."

 

12-         وخلال عام 2014 التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالخبير الاقتصادي العالمي "هيرناندو دي سوتو  Hernando de Soto"( )، حيث تناول اللقاء طرح رؤية حول مستقبل القطاع الاقتصادي غير الرسمي في مصر، كـ رؤية مُستقبلية للتنمية الاقتصادية لإدراجها ضمن البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس عام 2014م، كما تناول اللقاء طرح عدد من المُقترحات حول تنمية القطاع الاقتصادي غير الرسمي للاستفادة منه في زيادة معدلات النمو والتحفيز الاقتصادي. وأبدى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره البالغ للمُقترحات التي طرحها "دي سوتو"، مشيراً إلى أنه سبق وأكد مراراً اعتزامه وضع الملف الاقتصادي المصري على رأس أولوياته بالتوازي مع كافة المحاور والملفات الأخرى التي تعد في حاجة لإصلاحات وحلول عاجلة. ولعل أهمها كما أشارت الدراسة المُقدمة من الخبير الاقتصادي العالمي إلى أن 92% من الملكية العقارية للمصريين غير مسجلة. وهي ثروة عقارية غير مُستغلة، ويجب إدراجها بالاقتصاد المصري، لأنها جزء من رأس المال الوطني وناتج محلي مُهدر.

وأكد الخبير الاقتصادي العالمي من خلال الدراسة الاقتصادية المُقدمة منه إنه يجب تبنى برنامجاً متكاملاً لدمج هذا القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي للاستفادة منه في زيادة معدلات النمو وتحفيز الاقتصاد، مشيراً إلى أنه بدون إرادة واضحة فإن تمامه قد يواجه كثيرا من المعوقات ومشكلات تضارب الاختصاصات وتعدد الجهات، موضحا أن هناك 215 قانوناً وقراراً يتعامل مع العقارات في مصر و29 جهة مختلفة تتعامل مع ممتلكات المواطنين

وأضاف إذا ما استمرت نظرة الحكومات للقطاع غير الرسمي على أنه قطاع صغير فأهلاً بك في «دولة الفقر»، أما إذا أردت الخروج من الفقر فعليك الاستفادة من إمكانيات هذا القطاع العقاري والذي يُمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد في الدول النامية ومنها مصر، وأشار إلى أن القوانين يجب أن تنبع من القاعدة وليس العكس حتى تنجح في حال تطبيقها، وأن المشكلة ليست في الشعوب أو الأشخاص ولكن في مستوى القوانين والتشريعات القائمة في كل دولة، وأشار إلى أنه إذا ما قامت الحكومة بتسهيل إجراءات تسجيل العقارات فإن تسجيل 5% فقط منها سيؤدى لتضاعف الاقتصاد.

وكان "دي سوتو" قد طرح حلولاً حول إمكانية الاستفادة بقطاع الاقتصاد غير الرسمي بتمكين المصريين من خلال إصلاح تشريعي للنظام القانوني للملكية العقارية بمصر، بحيث يُمنح المواطنون حقوق ملكية واضحة وسهلة للأصول التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، ومن ثم تحرير رأس المال الوطني الذي يمثل حالياً 100 ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر، وكل ما عرضه الخبير الاقتصادي هو ما نتحدث عنه ونطالب به يتضمنه مشروع القانون المُرافق.

 

13-         عام 2015 ومع عودة الحياة التشريعية لمصر وأول برلمان بعد الثورة [مجلس النواب2015 - 2020] أعد إتحاد موثقي مصر [الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق]  مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق " يتضمن إعادة الهيكلة الشاملة وأيضاً حلول تشريعية موضوعية لأزمات الشهر العقاري والتوثيق ،وبعد مراجعة عدد كبير جداً من التشريعات العقارية العربية والدولية ،وبعد تأييد ومراجعة النائب ضياء الدين داود و60 نائب يمثلون عُشر اعضاء البرلمان ، تم تقديم مشروع القانون خلال دور الإنعقاد الثاني بالفصل التشريعي الأول ،وأُودع مشروع القانون اللجنة التشريعية بمجلس النواب ،وعلى الرغم من فوزه بتأييد غالبية النواب ،وعلى الرغم من تأييد جميع العاملين بالشهر العقاري والتوثيق (أعضاء وموظفين) لمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" بموجب إقرارات تأييد موثقة رسمياً بالشهر العقاري ومُرفقة بمشروع القانون الحالي ، للتأكيد رسمياً على موافقة جميع العاملين (أعضاء وموظفين) بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، على مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"  إلا أن المشروع  لم يرى النور وظل حبيس الادراج في انتظار رد الحكومة عليه ممثلة في وزارة العدل حتى الآن ، أجل تلو الأجل ولم ترد عليه حتى تاريخه ، سواء بالرفض أو القبول ، حتى أنتهى الفصل التشريعي الأول ، بخروج المادة 35 مكرر بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، كبديل تشريعي مُقدم من الحكومة ضد مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق " دون أن يتم مُناقشته حتى الآن .

 

14-         وبتاريخ 8 ديسمبر 2019، رفضت الجلسة العامة لمجلس النواب مشروع قانون مُقدم من الحكومة بزيادة رسوم الشهر العقاري والتوثيق، وكانت شرارة ثورة برلمانية قادها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال برفض مشروع قانون الرسوم الجديد، وبموافقة مجلس النواب على هيئة مستقلة للشهر العقاري مطالباً الحكومة بتقديم مشروع يُحقق ذلك، وإلا سيتم بحث وإقرار مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" المُودع باللجنة التشريعية منذ عام 2016 كأول رد فعل برلماني على ما وصل إليه أزمة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر.

 

15-         وفي يناير2020م صرحت وزارة العدل كرد فعل من الحكومة لمُطالبة مجلس النواب لها بهيئة مستقلة، بأنها بصدد إعداد مشروع قانون كامل بديل لمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" المودع باللجنة التشريعية منذ نوفمبر2016م ، وبالفعل في فبراير 2020م قدمت وزارة العدل مشروع قانون الحكومة ، لكنه مشروع قانون بتعديل تشريعي محدود جداً ؟! وليس مشروع قانون كامل بإضافة المادة 35 مكرر إلى قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946م، ووافقت عليه اللجنة التشريعية بتاريخ 28 فبراير 2020 وعقبها موافقة الجلسة العامة بتاريخ 16 أغسطس 2020، وعلى الرغم مما اعتراها – م 35 مكرر -من عوار دستوري وتشريعي وجدل قانوني من النواب وقت مناقشتها بالجلسة العامة فقد وافقت عليها الجلسة العامة، ونُشرت بالجريدة الرسمية في 5 سبتمبر 2020 بموجب القانون رقم 186 لسنة 2020 م.

 

16-         وفي فبراير 2021 ، ومع اقتراب موعد سريان احكام المادة 35 مكرر في السادس من مارس 2021، وعقب صدور لائحتها التنفيذية بقرار وزير العدل رقم 9310 لسنة 2020 في 5 يناير 2021، أثارت المادة 35 مكرر حالة من الجدل القانوني الشديد بالتزامن مع موجة غضب شعبي متزايدة ولأول مرة تاريخياً ضد قانون مصري، بسبب صعوبة التسجيل العقاري ، الذي أصبح فجأة إجبارياً كشرط مُلزم قانوناً لتوصيل المرافق واستخراج التراخيص لأي عقار ،وما لحق المادة المُثيرة للجدل من عيوب دستورية وتشريعية تناولها الكثير من النواب والقانونين والخبراء بمزيد من الرفض، لينضموا للرفض الشعبي لها، ومُطالبات الجميع ما بين التأجيل والإلغاء والتعديل.

وفي المقابل تنافست القوى السياسية من الأغلبية والمُعارضة والمُستقلة ،وعلى اختلاف توجهاتها ، وصفتها وكالات الأنباء الدولية والمحلية بـ "انتفاضة برلمانية" برفض التعديل التشريعي – م 35 مكرر - ،استجابة للرأي العام من كل فئات المجتمع ، وتسارعت القوى السياسية على التبرأ من المادة المعيبة – م 35 مكرر - ،والإعلان ببيانات رسمية حزبية عن تقديم مشاريع قوانين لتعديل المادة 35 مكرر ما بين [التأجيل والحذف والإلغاء والإضافة] ،حتى الحكومة نفسها والتي صاغت وقدمت المادة 35 مكرر لمجلس النواب في فبراير 2020 بالفصل التشريعي الاول ، حاولت تدارك الأزمة، وتهدئة حالة الغليان بالشارع المصري ، وقدمت هي الأخرى مشروع قانون بتأجيل موعد السريان حتى نهاية عام 2021م ، والذي كان مُقرر سريانه في 6 مارس 2021م ، ولعل جميع المشاريع المُقدمة اتفقت على مبدأ واحد وهو حتمية تأجيل سريان المادة 35 مكرر ، ما بين التأجيل ستة شهور أو عام لتدارك الخطر المُحدق قبل سريان موعد نفادها في 6 مارس 2021 ، وإتاحة الفرصة لإعادة النظر فيها وخضوعها لمزيد من لتحليل والحوار المجتمعي ومراجعة المُختصين ، وهو ما لا يقابله الوقت الكافي إلا بتأجيل سريانها أولاً ، وخاصه فيما تضمنته مادتها الأولى من تهديد للملكية العامة والخاصة ، بجانب حظرها توصيل المرافق العامة والتراخيص إلا إذا كان العقار مسجل شهر عقاري ،على الرغم من نسبة العقارات الغير المسجلة 95%، ولإتاحة الوقت لإعادة النظر فيها والبحث عن بديل تشريعي متكامل يضمن تسهيل إجراءات التسجيل العقاري على المواطنين .

 

ومع تزايد الغضب الشعبي ضد المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري( )، وكشفها لمدى وعمق وخطورة أزمة التسجيل العقاري بمصر ... فقد تدخل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مشكوراً في الوقت المناسب لإنقاذ المُجتمع من كارثة تشريعية مُحدقة ستصيب القطاع العقاري بمصر بالشلل، ومحققاً لمطالب كافة فئات الشعب، وانحيازاً لرغباته ودفاعاً عن حقوقه ،وموجهاً بـ تأجيل موعد سريان تطبيق القانون رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ الخاص بالمادة 35مكرر من قانون الشهر العقاري لمدة عامين وكفترة انتقالية مُسببة لإتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعي حول المادة المعيبة خاصة ، وأزمة التسجيل العقاري بصفة عامة ، وإعداد مشروع قانون متكامل لتطوير منظومة الشهر العقاري والتوثيق بمصر ، قرار حكيم وتاريخي تناولته كافة وسائل الاعلام الدولية والوطنية ، ولاقى تأييداً واسعاً والشكر من كل سُلطات الدولة ومن جميع فئات المجتمع وأنهى أزمة خطيرة استغلتها قوى الشر لنشر الفتن بالمُجتمع ،وأخيراً صدر القانون رقم 5 لسنة 2021 ونُشر بالجريدة الرسمية صباح يوم السبت الموافق 6 مارس 2021 ، بتأجيل سريان القانون رقم 186 لسنة 2020(م 35 مكرر) حتى 30 يونيه 2023 ، مما يُتيح الوقت الكافي للحوار المجتمعي الشامل ودعوة المُختصين لتقديم مشروع قانون متكامل لمنظومة الشهر العقاري والتوثيق ، ولعل أفضل مشروع متكامل يوفر إعادة الهيكلة الشاملة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، بالتزامن مع حلول موضوعية مُستحدثة لأول مرة تشريعياً ، هو مشروع القانون الحالي مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" كـ استحقاق دستوري تنفيذاً للمادة 199 من دستور مصر ، وفي ضوء التجارب التشريعية الدولية والعربية ذات الصلة

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني

فسلفة وأهداف مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

المطلب الأول: فلسفة مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

 

 تتمثل فلسفة مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" في تطوير وإعادة هيكلة شاملة كاملة موضوعياُ وإجرائياً لـ مصلحة الشهر العقاري والتوثيق كهيئة قانونية مستقلة (مالياً – فنياً – إدارياً) ذات اختصاص قضائي ، وكمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية ،بإلغاء القانون رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ،والمُنظم لهيكلها الفني والإداري ،ليحل محله مشروع القانون المُرافق ،ومنحها صلاحيات قانونية وسلطات موضوعية مُستحدثة تشريعياً ،ويتمتع أعضائها الفنيين (الموثقين) بالضمانات والحماية اللازمة لممارسة عملهم القانوني باستقلال وفقاً للاستحقاق الدستوري بالمادة 199 من الدستور، بما يضمن قيامها بدورها القانوني في حماية واستقرار الملكية العقارية لمصر والمصريين ،وحصر الثروة العقارية البالغ نسبتها الغير مُسجلة بـ 95% ،وتسهيل إثباتها وتداولها رسمياً ،وهو مطلب حكومي وشعبي مُستمر ،وصولاً بالهيئة المقترحة تشريعياً إلى تطبيق المعايير الدولية في توثيق وتسجيل العقود والممتلكات ،ودعم وتحقيق الأمن القانوني ،والتعاقدي ،والعدالة الوقائية لمصر والمصريين كأحد روافد الأمن الوقائي القائم على تحقيقه الهيئة المقترحة وكاختصاص أصيل قائم حالياً لـ مصلحة الشهر العقاري والتوثيق في ظل حاجه الدولة المصرية الى الأمن بصفه عامه والأمن القانوني ،والتعاقدي بصفه خاصة ،ودعماً لاستقرار المراكز القانونية للمُتعاقدين ،وحفظ وحماية لحقوقهم ، وتعزيز الثقة في المعاملات العقارية ومنع المنازعة فيها ، وتعكس مدى الارتباط والتشابك الشديد بين الأمن التعاقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وتُحقق الوظيفة الدستورية الاقتصادية والاجتماعية لحق الملكية ،وتُترجم اتجاه الدولة نحو التخفيف على المواطنين وتيسير الخدمات القانونية المُقدمة لهم بالتسجيل العقاري والتوثيق ،وحصر كامل ودقيق للثروة العقارية ،وتوفير البيئة المناسبة نحو نجاح الرقمنة والميكنة والتطوير والتكنولوجيا لمنظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر  .

       

فمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بعد مرور 75 عام على انشاءها عام 1946م وفي يوبيلها الماسي 2021م ،وتكريماً لها وللعاملين بها بعد عشرات السنوات في خدمة وحماية الملكية العقارية لمصر والمصريين  تحتاج الى نظرة شمولية تشريعية جذرية لتطويرها وإعادة هيكلتها لضمان نجاحها واستمرارها ،وليس تعديلات تشريعية محدودة مُكررة لن تحل الأزمة بل بالعكس ستزيد من حدتها ،وخير دليل على ذلك تداعيات أزمة المادة 35 مكرر الكارثية بقانون الشهر العقاري ، بعد تصاعد شكاوي المواطنين والمُستثمرين وتكرار ملاحظات البنك الدولي عام تلو الآخر ، عن صعوبة وبطء إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق ، ولن يتحقق التطوير وإعادة الهيكلة إلا باهتمام وموافقة تشريعية ، تُحقق تسهيل وتيسير التسجيل العقاري والتوثيق وهي المُهمة الأولى للدولة بصفتها قضية أمن قومي بالمقام الأول ،وعلى الدولة ان تقوم بواجبها الدستوري في حماية الملكية العقارية ،وتتحكم وتُراقب ما تديره من أملاك ،ودمج القطاع العقاري كاقتصاد غير رسمي بالمليارات غير مُستغل، وإدراج الثروة عقارية بالاقتصاد الرسمي المصري، لأنها جزء من رأس المال الوطني وناتج محلي مُهدر ، للاستفادة منه في زيادة معدلات النمو وتحفيز الاقتصاد وضرورة الاستفادة الكاملة من مناخ الاستقرار السياسي بعد ان أصبحت مصر والحمد لله مقصداً أمناً للاستثمار الاجنبي وحفاظاً على الاستثمار الوطني الداخلي ،ومن هنا يجب ان تكون اتجاه الدولة في وضع التشريعات والحوافز المطلوبة لضمان جذب الاستثمارات الاجنبية ،ووفقاً لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية بتسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق ،فمصر أصبحت الآن سوق كبيرة في كل المجالات ،وتنمو بمعدلات قوية ويجب ان يستعد القطاع العقاري لذلك ،والبداية تشريعية دائماً كما هو ثابت تاريخياً ،من خلال تطوير وإعادة هيكلة مصلحة الشهر العقاري والتوثيق  وتحويلها من مصلحة إدارية غارقة في البيروقراطية والروتين إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي بموجب مشروع القانون المُرافق ،ومع التأكيد على أن أي مشروع قانون للتسجيل العقاري أو حتى تعديل محدود، لابد وأن يسبقه تطوير وإعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري والتوثيق، حتى لا تكون المكاتب سبب فشل تطبيق القانون على أرض الواقع شكلاً وموضوعاً .

 

حيث يشكل توثيق وتسجيل العقود وإثبات واستقرار الملكية العقارية مرآة حضارة الدولة والمُجتمع في الداخل والخارج ،ومقياس تطورهما وتقدمهما القضائي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي، باعتبار مصلحة الشهر العقاري والتوثيق أحد أهم مفردات منظومة العدالة المصرية ،ومن أكثر قطاعات الدولة احتكاكاً بالمواطنين مما يترجم خطورة دورها القانوني وأهميته بصفته انعكاس لخطورة المحررات والعقود الموثقة والمشهرة وما تتناولها من حقوق متنوعة جديرة  بالحماية الدستورية والتشريعية ، تحقيقاً للأمن القانوني والتعاقدي والعدالة الوقائية درءاً للنزاعات القضائية المستقبلية.

 

ومما لا شك فيه ان منظومة العدالة المصرية تُعاني من مشكلات ومعوقات وسلبيات متعددة ليست وليده اليوم أو السنة ، وإنما ثمرة تراكمات زمنية طويلة ، وبصفه خاصه قطاع الشهر العقاري والتوثيق وهذا بحد ذاته أمر يمكن تداركه ومعالجته وتصحيحه اذا ما رغبنا في الإصلاح الحقيقي الذي يلمسه المواطن البسيط في كل مكان بمصر ، وليس مجرد تعديلات تشريعية محدودة لقوانين تحتضر وأثبتت فشلها في إثبات وحماية وحصر الملكية العقارية لمصر والمصريين بعد مرور 75 عام على تشريعها ،وضرورة تحديد الاصلاح التشريعي المُنتظر والوقوف على تاريخ واسباب الأزمات ، ودرسناها وحللناها ، ثم اصطفينا أفضل الطرق والأساليب المُمكنة لحلها ، فلكل مُشكلة حل بالتأكيد ، وخاصه اذا كان هذا الحل متوافق مع الدستور والقانون ، وبما يحقق مصالح عليا للمجتمع والتطوير القضائي المطلوب تطبيقاً لنظرية تخصيص وتقسيم العمل القضائي ،ومراجعة الدروس المُستفادة وأوجه النقد لكل المحاولات التشريعية المُتكررة على مدار أكثر من قرن من الزمان محاولة تلو الاخرى لعالج ازمة التسجيل العقاري بمصر ولم تنجح حتى تاريخه وخير إثبات أزمة المادة 35 مكرر .

المطلب الثاني: أهداف مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 

أولاً: زيادة الدخل القومي للدولة وبدون زيادة الرسوم المُستحقة للدولة

 

من خلال مُضاعفة الإيرادات السنوية للهيئة بطريقة آمنة وفعالة وقوية من خلال استحداث سلطات وصلاحيات جديدة بقطاع التوثيق وبقطاع التسجيل العقاري: -

1-            بقطاع التوثيق : من خلال توثيق عقود البيع الابتدائية العرفية بمكاتب التوثيق ، بديلاً عن التوثيق القضائي بأحكام الصحة والنفاذ واحكام صحة التوقيع بالمحاكم ،ووفقاً لطريقة جديدة مُستحدثة تشريعياً بمصر ومُطبقة دولياً ، تضمن اعتبارها مرحلة قانونية أساسية تمهيدية ، لتسجيلها رسمياً لاحقاً أمام مأمورية الشهر العقاري المختصة ، خلال فترة معينة ( )،وتُحدد اللائحة التنفيذية اجراءات وضوابط التصديق على صحة توقيع المُتعاقدين في المُحررات التي تتناول تصرفاً في الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية ، من حيث إدراجها في دفاتر توثيق مُستقلة عن باقي المُحررات المُعتادة بمكاتب التوثيق ، ومن حيث خضوعها لدائرة الاختصاص المكاني لمكتب التوثيق الواقع في دائرته العقار محل العقد ، لتحقيق دقة ومرونة عملية الحصر العقاري السليم والدقيق للملكيات المُسجلة والغير مُسجلة ، وخضوعها لرقابة الدولة ومُتابعتها ، وتحصيل مُستحقاتها ، ومن حيث التأشير على هامش المُحررات والدفاتر العقارية بالمأمورية المُختصة بالنسبة للعقود التي محلها عقار سواء مُسجل بالفعل أم لا ، وبنفس آلية التأشير لدعاوي الصحة والنفاذ القضائية العقارية كشهر صحيفتها وتسجيل حُكمها النهائي ،وكذلك من حيث الرسم النسبي المُقرر عنها بما يُحقق تحصيل رسوم الدولة المُستحقة وتوفير عائد مالي وايرادات يومية وسنوية لخزانة الدولة من المتوقع ان تفوق اضعاف اجمالي العائد الحالي لرسوم الشهر والتوثيق مجتمعين ، نظراً لحجم التعاملات العقارية العرفية اليومية الغير مُوثقة والغير مُسجلة والتي لا تهدأ لا صباحاً ولا مساءاً بمصر وللأسف حتى الآن تتم بصورة عرفية لا تعرف الدولة عنها شيئاً – اقتصاد غير رسمي كامل بالمليارات يومياً ويتم بعيداً عن رقابة الدولة - والغريب في الأمر ان نظام التعاقدات العقارية العرفية (عقود البيع الابتدائية) غير موجود بأي مكان بالعالم إلا بمصر حيث لا يُعترف بكل دول العالم إلا بالمُحررات الموثقة رسمياً ، ولا مجال للمحررات العرفية نهائياً ، وخاصه المتعلقة بالعقار لأهميتها وخطورتها ،وهو السبب الرئيسي لعدم تقنين الاقتصاد غير الرسمي والاستفادة من الثروة العقارية لمصر والمصريين والمُقدرة بمليارات الدولارات ، وسبب جوهري لتفاقم أزمة التسجيل العقاري وانهيار مبادئ استقرار الملكية العقارية بمصر باعتبارها اهم ركائز الاستثمار العقاري بل والاقتصاد ككل فيما يعرف بالضمان العقاري وهو الجاذب الأساسي لأي استثمار من أي نوع.

فـ بتشريع هذه المادة التشريعية المُقترحة والمُستحدثة بقطاع التوثيق من الممكن اعتبارها مرحلة تمهيدية تشريعية، والاستناد الى العقود الموثقة والتي مر على التصديق عليها خمس سنوات المُقترن بالحيازة الهادئة كسند ملكية جائز صحيح لإسناد الملكية وتسجيل العقار، ثم إلزام المواطنين لاحقاً تشريعياً إجبارياً في المرحلة التالية من خطة علاج ازمة التسجيل العقاري بمصر بتسجيل كافة أنواع العقود أياً كانت، وخاصة العقارية منها، ولا يكون الأمر متوقفاً فقط عند إرادة ورغبة المُتعاقدين مما سمح بملايين العقود العرفية الغير موثقة والغير مُسجلة مما أدى الى انهيار الأمن القانوني والتعاقدي وامتلئت ساحات المحاكم يومياً بالآلاف من النزاعات التعاقدية العُرفية وعلى اختلاف انواعها وخاصه العقارية منها، وانهيار الثقة في المعاملات العقارية ، ووصلت نسبة العقارات الغير مسجلة الى ما يجاوز 95% من عقارات مصر ، وهي نسبة خطيرة جداً الأولى عالمياً ،وتُهدد كل جهود الدولة في دعم الاستثمار والاقتصاد ،ونظام الإجبار على التسجيل العقاري مُطبق بكل دول العالم وبصفة خاصة بفرنسا بصورة اقوى كثيراً ، لكن المُجبر هو الدولة على التسجيل العقاري وليس المواطنين كواجب دستوري وهدف قومي والتزام على الدولة وبتشجيع ودعم من الحكومة الفرنسية وبتسهيلات تشريعية ومالية ، لدرجه ان المنظومة التشريعية والقانونية الفرنسية اعتبرت ان العقود العقارية على اختلاف انواعها من المحررات الشكلية الرسمية الواجب توثيقها وتسجيلها ،ولا يُعترف بالعقود العرفية نهائياً ، ولا يُعترف بها لا بين المتعاقدين ولا أمام الغير إلا بتوثيقها ليس فقط في نقل الملكية ، بل ولأبعد من ذلك حتى في الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين .

 

 وذلك مرهون طبعاً بنسبة الأراضي والعقارات المسجلة فهي بفرنسا 100% ،و بمصر لا تتعدى 5% ، حتى لا نُكرر كارثة وأزمة المادة 35 مكرر مرة أخرى ،ومع العلم ان نظام توثيق العقود العقارية غير المُسجلة مُطبق فعلاً بالمغرب وتونس وعدة دول أخرى منذ عده سنوات ، لفرض رقابة الدولة على كافة التصرفات العقارية على أراضيها ، سواء المُسجلة أو غير المُسجلة ،وتحصيل الرسوم المُستحقة للدولة لهذه التجارة النشيطة والمُقدرة بالمليارات يومياً ،وإقرار رسم نسبي عليها وما يتبعها من وكالات تصرف من بيع وتنازل عند التسجيل النهائي أمام مأموريات الشهر العقاري وبدون زيادة اعباء مالية جديدة على الدولة او زيادة الرسوم على المواطنين ،

 

 أنها (المُعادلة الصعبة)  .. التي تضمن رضا وموافقة كافة الاطراف العامة والخاصة ، من خلال إدراج وإجازة توثيق حقوق جديدة  بقطاع التوثيق جائز التصرف فيها دستورياً وقانونياً وصبغها بالرسمية في مقابل تحصيل الدولة لكافه مستحقاتها المالية ، والمتوقع يقينياً تضاعفها على الاقل خمسين ضعف (مائة مليار) ، (كحق الملكية على سبيل المثال كان وما زال غير مسموح بتوثيقها في مكاتب التوثيق إلا بعد اعتمادها بصالح للشهر من مأمورية الشهر العقاري المختصة ونظراً لصعوبة التسجيل العقاري إن لم يكن استحالته في الكثير من الحالات حالياً ، تسبب في وجود الملايين من حلقات وعقود البيع العرفية الغير مُسجلة وهو السبب الرئيسي والحقيقي لعدم تسجيل 95% من عقارات مصر )

 

والسماح بتوثيق عقود البيع الابتدائية بمكاتب التوثيق بديلاً عن دعاوي واحكام صحة التوقيع والصحة والنفاذ بالمحاكم يُحقق عدة اهداف تشريعية: -

 أولاً: سيتم علاج أزمة عقود البيع الابتدائية العرفية، وحصرها، ومراقبة الدولة لها.

 ثانياً: وكنتيجة حتمية لتوثيقها زيادة كبيرة جداً من إيرادات رسومها، وهو أقوى صور دعم الموازنة العامة للدولة، وبدون زيادة الرسوم على المواطنين والمستثمرين.

ثالثاً: التأكد من شرعية العلاقة التعاقدية ومطابقتها للدستور والقانون والنظام العام والآداب.

رابعاً: منع المنازعات القضائية العقارية مستقبلاً.

خامساً: تعزيز الثقة في التعاملات العقارية.

2-            ما سبق كان بقطاع التوثيق ، أما بقطاع التسجيل العقاري ، القطاع الثاني من الهيئة المُستقلة المُقترحة فهناك دور رئيسي للـ (اللجان العقارية) المُستحدثة تشريعياً لأول مرة بمصر [اللجنة ذات الاختصاص القضائي – لجنة تسوية المُنازعات العقارية] بمشروع القانون لتسجيل وتطهير وإثبات الملكية العقارية لمصر والمصريين والتي بلغت نسبة الغير مُسجل منها لـ 95% ، والتي ستحل محل كافة اللجان بكافة انواعها واختصاصاتها والموجودة بجميع قوانين الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني ، ومنها على سبيل المثال اللجنة المُختصة بتطبيق المادة 23 مكرر بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م ،وكذلك اللجنة المنصوص عليه بالمادة الخامسة بقانون الشهر العقاري بالمدن العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018 ، وخاصة اللجنة القضائية المنصوص عليها بالمادة 21 بقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ، والتي حُكم مؤخراً بعدم دستوريتها – يونيه 2018 - وتوقف على أثرها العمل عملياً بقانون السجل العيني ، وقد أفردنا لها مبحثاً مستقلاً  - المبحث الثامن من المذكرة الإيضاحية - لأهميتها وخطورتها ولإعادة الحياه مرة أخرى لقانون السجل العيني بصفته القانون العقاري الأفضل والوحيد دولياً حتى الآن في حصر وإثبات وتسجيل الملكية العقارية والفصل في كافة نزاعاتها العقارية السابقة والقائمة والمستقبلية، وما يُقابل كل ذلك من رسوم وإيرادات كبيرة لم يشهدها الشهر العقاري من قبل ستصب مباشرة في الخزانة العامة للدولة، وبما يتناسب مع قيمة هذه الحقوق المتعامل عليها وفي مقدمتها حقوق الملكية العقارية، أهم واخطر الحقوق الدستورية على الأطلاق ، وفي فلكها يدور سائر الحقوق الدستورية الأخرى .

 

وإذا ما تم استقلال الشهر العقاري بهيئة مستقلة من المتوقع ان يكون العائد الذي تحصل عليه خزانة الدولة من إيرادات التسجيل العقاري يفوق الخيال من رسوم التسجيل والتوثيق كنتيجة حتمية من نشاط حركة التداول العقاري المُسجل رسمياً، فـ الشهر العقاري مصدر مهم للدخل، وتسجيل العقارات الغير مُسجلة والبالغ نسبتها 95%، وزيادة الايرادات من اثنان مليار حالياً الى مائة مليار بعد الموافقة على الهيئة المُقترحة

وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون أرقام [9/10-13-17-74]

 

ثانياً: إعادة هيكلة إدارية كاملة للشهر العقاري كـ "هيئة قانونية مستقلة"

 

1-            من خلال استقلال ( ) مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( ) وأعضائها القانونيين ( ) فنياً ومالياً وإدارياً ( ) بوصفها ( ) هيئة قانونية مستقلة ( ) ذات اختصاص قضائي في النزاعات العقارية ، ويتمتع أعضائها القانونيين بالضمانات والحماية اللازمة لمُمارسة عملهم القانوني باستقلال في إثبات وحماية واستقرار وحصر الملكية العقارية والمنقولة والفكرية وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي لمصر والمصريين، كاستحقاق دستوري واجب النفاذ وفقاً لأحكام المادة 199 من الدستور وضوابط جلسات مُناقشتها بلجنة الخمسين الدستورية ولجانها الفرعية ، وكعلاج تشريعي واجب الأداء لعلاج أزمة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر.

 

فلقد ثارت في السنوات الأخيرة في مصر ، قضية تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة مستقلة باعتبارها خط الدفاع الأول والحصن الحصين لإثبات وحماية الملكية العقارية بمصر وهو مطلب لطالما عُرض مراراً وتكرراً في مصر على مر السنوات إذ يُحقق الحماية القانونية الكاملة للملكية العامة والخاصة ، وامتداد لرؤية استقلال الشهر العقاري منذ عام 1920م عقب ثورة 1919م ، مروراً بإنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عام 1946 ، وإلحاقاً للإستحقاق الدستوري الوارد بالمادة 199 من دستور مصر 2014 ، ثم إنتهاءاً بأزمة المادة 35مكرر بقانون الشهر العقاري عام 2021 ، وما لحقها من غضب شعبي لم تشهده مصر من قبل ضد قانون مصري ، وسبق وتناولنا العرض التاريخي لأزمة التسجيل العقاري بمصر بالمبحث الأول بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون ، ننوه بضرورة الرجوع إليها .

2-            ومن الثابت الفرق الكبير في نُظم الإصلاح الإداري ما بين "المصلحة " و " الهيئة المستقلة "

 فـ "الهيئة المُستقلة" تُعتبر شخص اعتباري له شخصية مستقلة ويدير مرفقاً حيويا نيابة عن الدولة وبأسمها ويحقق مصلحة عامة عليا جديرة بالحماية الدستورية والتشريعية وهو حماية حقوق الملكية للدولة والمواطنين ، وتنظيم تداولها رسمياً ، والهيئة المُستقلة من السهل متابعتها ومُحاسبتها ومراقبتها لأنها تمارس عملها من خلال خطة معلنة ، وأهداف محددة ، واختصاصات منظمة على أسس تشريعية قوية وسليمة ، وتعتبر الهيئة المُستقلة شكلاً أكثر استقلالية ومرونة وكفاءة من الناحية الإدارية والمالية والفنية لعلاج أزماتها ومشاكلها، وقادرة على قيامها بمهامها الدستورية والقانونية و واجباتها في حماية ودعم وإثبات وحصر حقوق الملكية العقارية والمنقولة .

 وذلك بالمُقارنة بـ "المصلحة" ، والتي  لا تُعتبر شخص اعتباري في ذاته بل إدارة تتبع وزارة كما تتبع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وتبعيتها كلياً كإدارة لوزارة العدل حالياَ ، وليس فقط إشرافياً وتُعتبر المصلحة أحدى إدارات الوزارات وتخضع لها كلياً مالياَ وفنياَ وإدارياَ وينحصر دور "المصلحة" في تلقي وتنفيذ تعليمات وزارة العدل والمصلحة كإدارة تنفيذية بحته غارقة في الروتين والتعقيد والمركزية الوزارية في اتخاذ القرار ولا تستطيع "المصلحة" تحقيق اهدافها والقيام بمهامها المنوط بها تحقيقها وفقاً للدستور والقانون ، فهي غير مُستقلة ، وعاجزة عن علاج أزماتها ومشاكلها بأيدي أبنائها ، لأنها لا تملك من أمرها شيئاً ولا تستطيع التواصل مباشرة مع الوزارات والجهات والهيئات ذات الصلة بالعقار والاقتصاد والاستثمار .

3-            وحيث إننا لن نُنشأ هيئة جديدة من العدم بل هو تطوير و استمرار لوجود هذا الكيان القانوني العريق الموجود بمصر منذ الدولة المصرية الفرعونية القديمة واتخذت شكل المؤسسة الحكومية الرسمية لأول مرة عام 1946- مصلحة الشهر العقاري والتوثيق - ، وبعد أن ثبت للجميع فشل قانون إنشاءه رقم 114 لسنة 1946م ، وقانون تنظيمها رقم 5 لسنة 1964م ، في علاج أزمة التسجيل العقاري بمصر والتي يمتد تاريخها الى العام 1920م ، - كما وضحنا تفصيلاً بالمبحث الأول من المُذكرة الإيضاحية - وحصر وإثبات الثروة العقارية لمصر والمصريين ، حيث نسبة العقارات المسجلة 5% فقط وهي أقل نسبة عقارية في العالم أجمع ، والحقيقة ان الشهر العقاري قبل إنشاءه عام 1946 تسلم هذه النسبة كـ أرث قديم من نظام التسجيل العقاري بأقلام التسجيل بالمحاكم الوطنية والمُختلطة والشرعية ، ولم يضف إليها في الواقع نسبة جديدة وهو ما يؤكد فشل قانونه في علاج أزمة عقارية تمتد تاريخها لأكثر من قرن من الزمان .

4-            بتحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئه قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي عقاري لأعضائها وفقاً لضوابط المادة 199 من الدستور كـ استحقاق دستوري واجب النفاذ ، ومع استحداث صلاحيات وسلطات تشريعية جديدة لتيسير الإجراءات شهراً وتوثيقاً ،لتمكين أعضاءها من ممارسة عملهم بنزاهة وحياد دون ضغط أو تهديد وحمايتهم من تدخل وعبث ذوى النفوذ والسلطة ، وبما يحقق صلاحيات وسلطات جديدة لتوثيق ملكيات الدولة والمواطنين وبما يضمن سهولة في إجراءات إثباتها وتيسيراً في تداولها والتصرف فيها رسمياً ،  دون ترغيب أو ترهيب للأعضاء ، فمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي القلعة الحصينة لحماية الملكية‏ ،وهي خط الدفاع الحقيقي لحماية الملكية العقارية العامة والخاصة ، في مواجهة مافيا الأراضي‏ وهي ملاذ الناس لصون ممتلكاتهم‏ هو مكان العمل فيه أشبه بمحراب العدالة‏ أنها مصلحة الشهر العقاري‏ والتوثيق .

5-            وتفعيل وترجمة النص الدستوري بالمادة 199 بباب السلطة القضائية من دستور مصر 2014 م، فيما يخص استقلال وضمانات وحماية أعضاء الهيئة بما يحقق ويضمن قيامهم بعملهم القانوني ورسالتهم المهنية باستقلال وحياد ونزاهة دون ترهيب أو ترغيب في دعم استقرار وحماية وإثبات الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي دعماً لاستقرار المراكز القانونية للمُتعاقدين. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [2-42-43-44-45-49-79-80-87-88-93-94-95-96-97-98-99-100-101-104-105-106-107-108-110-112]

6-            وكتطور تشريعي منطقي وحتمي بعد مرور أكثر من 75 عام على قانون انشاءها في 1946م، وأصبح عاجزاً تشريعياً عن تحقيق أهدافه، وبما يترجم نص استقلال اعضاءها القانونيين بالمادة 199 من الدستور، وبما يضمن قيامها بدورها القانوني كمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية، وهو مطلب حكومي مستمر ومطلب عام شعبي متجدد من جميع فئات الشعب، وصولاً بالهيئة الى تطبيق المعايير الدولية في توثيق وتسجيل العقود. ولن يتحقق ذلك إلا بموافقة تشريعية واهتمام حكومي ودعم قضائي. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون أرقام [2-3-4-5-6-7-27- 29-38-40-72-123-124-125-126]

 

ثالثاً: علاج أزمة زحام مكاتب التوثيق الشهر العقاري

 

من خلال تسهيل واختصار إجراءات التوثيق وإعادة تنظيم دورة العمل الحالية بنظام جديد مُطبق دولياً ، يُعالج القصور ومساوئ النظام الحالي من خلال مُقترح تشريعي ضمن مشروع القانون بإلغاء العمل بالدفاتر اليدوية بالمكاتب اليدوية كلياً ،والتي يتم العمل بها منذ عام 1947 م ،والاستعاضة عنها ببدائل جديدة أقل تكلفة وأسرع زمنياً وأكثر أماناً وأعلى جودة ومطابقة للمعايير الدولية لأمن الوثائق الرسمية من خلال نظام الوثيقة الموحدة - أصل وصورة ورقية مؤمنة - ، ويُقابلها الحفظ الإلكتروني مع الورقي بعد إنهاء عملية التوثيق وليس أثناء إصدارها وهو سبب بُطئ إجراءات التوثيق حالياً بمكاتب التوثيق المميكنة واليدوية  ،وبدون إثقال موازنة الدولة بأي مصاريف وأعباء لتحويل المكاتب اليدوية الى مكاتب مميكنة بالكمبيوتر بالكامل ، وبجانب العمل بنظام المكاتب المُميكنة كلياً حالياً وعلاج أزمة انقطاع الشبكة "السيستم" من خلال نظام شبكات جديد لا مركزية في الإصدار ومركزية فقط في حفظ البيانات سواء للمكاتب اليدوية او المُميكنة، وعبر منصة شبكات  "بلوك تشين" السريعة جداً ومن المستحيل اختراقها أو تعديل بياناتها المحفوظة من خلالها ،  وأيضاً سيحقق ذلك القضاء كلياً على ظاهرة زحام مكاتب التوثيق وانقطاع الشبكة ، بجانب توفير أكبر قدر للموثق من البحث الفني ،والمُراجعة القانونية السليمة للمُحرر المراد توثيقة، مما سيكون له بالغ الأثر في خروج عقد توثيقي سليم شكلاً وموضوعاً، ومُحكم الالتزامات وكامل الحُجية ، كضمان حقيقي لحماية حقوق المتعاقدين والمُستثمرين ، وتوفير مُنتج قانوني فاخر يليق بمصر والمصريين داخل وخارج مصر ،وكذلك إعادة النظر في نظام الحفظ والارشفة الحالي بمكاتب التوثيق بما يتواكب مع النظم العالمية الحالية للحفظ الورقي والإلكتروني . وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون أرقام [8-9]

 

رابعاً: علاج أزمة التسجيل العقاري

 

حيث تم تفعيل الآليات التشريعية المُستحدثة لأول مرة لتسهيل اجراءات التسجيل العقاري وسرعة الفصل في المُنازعات العقارية من خلال استحداث لجان عقارية ذات أختصاص قضائي لتسجيل نسبة العقارات الغير مُسجلة الـ 95% : -

1-            إثبات الملكية العقارية بقواعد التسجيل العقاري المُعتادة سواء بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946، أو قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964، أو قانون الشهر العقاري بالمجتمعات العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018م، لكن بصلاحيات أوسع وبسلطات أقوى تضمنها مشروع القانون المُرافق سواء للهيئة من ناحية وللعضو المُكلف بالتسجيل العقاري والتوثيق من ناحية أخرى، بصورة اقوى وأسرع بعيداً عن بيروقراطية دورة العمل الحالي، وتنقيح العمل الإجرائي، والموضوعي في ضوء السلطات والصلاحيات وإعادة الهيكلة شكلاً وموضعاً والمُستحدثة لأول مرة بمصر بمشروع القانون المُرافق.

 

2-            إثبات الملكية العقارية سواء بالتقادم الطويل المُكسب للملكية ، او من خلال التقادم الخمسي في حال الاستناد لسند رسمي للملكية مُرافق للحيازة القانونية السليمة ، من خلال تحقيق محاضر وضع اليد للحيازة المًكتملة قانوناً سواء بالتقادم الطويل أو التقادم الخمسي من خلال لجان عقارية مُتخصصة ، تنتهي بقرار نهائي وبات بإسناد الملكية يحوز الحجية الكاملة أمام الكافة وإسناد الملكية العقارية في مدة أقصاها ثلاثة شهور من تقديم الطلب ،ويُعد نظيرها قضائياً حالياً دعاوي وأحكام تثبيت الملكية بالمحاكم المدنية والتي هي من أطول النزاعات القضائية العقارية ، وقتاً ومجهوداً وتكلفة ،فقد تصل فترة الفصل فيها إلى ما يقرب من الخمس سنوات على أقل تقدير  ،وتعتمد بصفة رئيسية على تقرير الخبير المُنتدب ،وليس بحث فني قضائي عميق للملكية ، وفكرة اللجان العقارية بمشروع القانون  تستمد فكرتها نوعاً ما من المادة 23 مكرر بقانون الشهر العقاري وتفعيلاً لأحكامها المُعطلة حالياً ولكن بصلاحيات وسلطات وإجراءات مستحدثة تشريعياً لأول مرة من خلال مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 

فـ المادة 23 مكرر والتي تم إقرارها بموجب القانون رقم 25 لسنة 1976بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946بتنظيم الشهر العقاري، هدفها التشريعي ،و محور عملها الفني في حالة عدة توافر شروط اكتساب الملكية العقارية وإثباتها بالطرق المُعتادة في المادة 23 الأصلية بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م  ، تقوم المأمورية المُختصة مكانياً بموقع العقاري ،وبناء على طلب من ذوي الشأن ، بإسناد الملكية العقارية إلى وضع اليد (التقادم المُكسب) وإثباتها رسمياً من خلال تحقيق قانوني وواقعي، وهذا العمل الفني هو في الحقيقة عمل قضائي بحت لا يقبل الشك فيه أو الاختلاف حوله فهو فصل في منازعة عقارية، وكان حقيقاً أن تصطبغ عملها صراحة تشريعياً بالصبغة القضائية كما تم بمشروع القانون المُرافق ، فقرار إسناد الملكية بوضع اليد لا يصدر إلا بعد تحقق المأمورية من سلامة الحيازة وخلوها من جميع شوائبها القانونية والواقعية .. فالقرار الذي يصدر هو في حقيقته حكم بتثبيت الملكية التي تضلع به المحاكم، وهو أمر ثابت حالياً عملياً ويحتاج الى النص عليه تشريعياً لتفعيل عمل هذه اللجان بعد تعطل الهدف التشريعي منها وما لحقها من صعوبات عملية وسهولة الاعتراض والطعن عليها بكافة الطرق منذ إقرارها تشريعياً لأول مرة عام 1976م.

 

وذلك تطبيقاً للقانون رقم 25 لسنة 1976 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، حيث نصت المادة 23مكرر (1) المُضافة بموجبه على أن :- " إذا كان أصل الملكية أو الحق العيني محل طلب الشهر لا يستند إلى أحد المحررات المنصوص عليها في المادة السابقة ، وطلب صاحب الشأن إسناد الملكية استناداً إلى وضع اليد المدة المُكسبة للملكية  ، فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد للتثبت من مدى توافر شروطه وفقاً لأحكام القانون المدني ، ثم تُحيل الطلب إلى مكتب الشهر مشفوعاً برأيها ،وتتولى لجنة تشكل بمكتب الشهر برئاسة أمين المكتب وعضوية أقدم اثنين من الأمناء المساعدين من الأعضاء الفنيين ، النظر في الطلب والاعتراضات المقدمة بشأنه ، وتصدر قرارها مُسبباً بقبول الطلب أو رفضه ..."

 

فبمقتضى نص المادة 23 مكرر يجوز قانوناً إسناد الملكية أو الحقوق العينية الأخرى بالتقادم الطويل المُكسب للملكية (15 عام) عند التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي الزراعية دون الأرض الفضاء، ولكن المادة 23 مكرر، للأسف فشلت عملياً مُنذ إقرارها وحتى الآن في تطبيقها لعده أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر: -

أ)             قرار اللجنة إداري غير ملزم ولا يحوز الحُجية والقوة لتطهير العقار من شوائب الملكية وإثباتها وإسنادها.

ب)           عدم منح أعضاء اللجنة المختصة بها الصفة القضائية، وما يتفرع عنها من صلاحيات وسلطات، مما سبب حالة من الترهيب والخوف بالتزامن مع عدم وجود ضمانات لحماية أعضاء لجانها أثناء تحقيق وضع اليد على الطبيعة،

ت)           صورية المحاضر وتواطئ بعض الملاك على سيناريو مُفبرك ومُعد مسبقاً من الشهود وجيران مُدعي الملكية العقارية، لإسناد الملكية للحائز بنية التملك المستوفي لشروط اكتسابها مادياً وقانونياً المُقررة بالقانون المدني،

ث)           جواز الطعن على قرارات لجنة تحقيق وضع اليد بكافة صور الطعن (إدارياً ومدنياً وجنائياً) بسبب أستنادها للحيازة العقارية، حيث يجوز الطعن عليها إدارياً أمام مجلس الدولة وأمام رئاسة المصلحة وأمام النيابة الإدارية، ومدنياً امام القضاء المدني، وجنائياً أمام النيابة العامة والمحاكم الجنائية، مما أفقد التعديل التشريعي هدفه التشريعي، وللأسف فشلت اللجنة المُقترحة تشريعياً في إسناد الملكية العقارية، وأصبح تطبيقها العملي شبه نادر بمأموريات الشهر العقاري والسجل العيني .

ج)            جواز الاعتراض على إجراءات وقرار اللجنة من أي شخص ، حيث أثبت الواقع العملي في شأن إجراءات محاضر وضع اليد ومدته وسنده ، صعوبات كثيرة عند المعاينة على الطبيعة والتحقق من شروط وضع اليد المادية والقانونية ، حيث بمجرد تقديم اعتراض مكتوب او حتى شفوي ومن أي شخص أمام اللجنة المُختصة ، يتم رفض إسناد الملكية بوضع اليد .

 حيث ثارت أزمة فشل  قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946م في تقديم حلول مُستحدثة تشريعياً آنذاك عام 1976 ، وتفاقم أزمة التسجيل العقاري وصعوبته في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، وتم تقديم مشروع قانون بتعديل أحكام قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، في محاولة تشريعية أخيرة لإعادة الحياه إليه ، وتم إقرار المادة 23 مكرر بموجب القانون 25 لسنة 1976 ، والتاريخ يعيد نفسه كما يحدث الآن بالعام 2021 ، مع المادة 35 مكرر المُضافة بموجب القانون رقم 186 لسنة 2020 ،  بالتعديل التشريعي المحدود مرة اخرى على قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م ، والتي أثارت جدلاً واسعاً ورفضاً شعبياً ، ومن قبل تطبيقها ، فقد ولدت ميته ومعيبة ، وتم تأجيل سريانها حتى 31 يونيه 2023م بعد تدخل السيد الرئيس التاريخي والحكيم لعلاج الأزمة العقارية الطاحنة.

 

3-            وأيضاً لجان تسوية المُنازعات العقارية والمُستحدثة تشريعياً لأول مرة بمصر بمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق " (للفصل في المنازعات العقارية السابقة والحالية والمستقبلية)، بضمانات قوية ورادعة وسريعة وخلال مدة زمنية حدها الأقصى ثلاثة شهور، وقرارتها نهائية وذات حجية تنفيذية أمام الكافة بين المتنازعين وأمام الغير، وأقوى من الأحكام القضائية العقارية ، والتي تتسم بحجيتها النسبية بين أطرافها ،والتي يجب إعادة بحث الملكية بها ومراجعتها قانونياً قبل شهرها بالشهر العقاري لتستطيع نقل الملكية حالياً ، مما يكون هناك ازدواجية في بحث وإسناد الملكية العقارية ، فمن خلال هذه الصلاحيات والسلطات المُستحدثة تشريعياً بمشروع القانون المُرافق سيتم بحث الملكية العقارية مرة واحدة فقط بهيئة الملكية العقارية والتوثيق ، بعيداً عن النزاع القضائي الطويل بالمحاكم ،وبحد اقصى ثلاث شهور ومن خلال لجنة عقارية ذات اختصاص قضائي ، حيث مشروع القانون يتضمن منح الهيئة القانونية المُستقلة (الاختصاص القضائي في المسائل الفنية العقارية) وفقاً لإجراءات قضائية تضمن العمل والخصومة القضائية وتستند لمفردات الاستقلال والحماية والضمانات لأعضائها القانونين (الفنيين) والمنصوص عليها دستورياً بالمادة 199 من الدستور ، 

 

حيث ان من الثابت قانوناً وفقاً لجميع قوانين الشهر العقاري ( الشهر الشخصي + السجل العيني + المجتمعات العمرانية + تملك الأجانب) جميعها بلا استثناء يجب شهر صحيفة الدعوى القضائية العقارية ، وبعد سنوات من النزاع القضائي ، يجب بحث الملكية العقارية بالحُكم القضائي النهائي العقاري أمام مأمورية الشهر العقاري المُختصة، ومن هنا تم استحداث سلطات وصلاحيات تشريعية جديدة بسلطة الفصل في النزاعات العقارية كافة ، بقرارات نهائية لا يجوز الطعن عليها ،والنص على ذلك صراحة تشريعياً لضمان نجاحها بما يملكه المُشرع من سلطة تقديرية ، حيث أن الهيئة المُقترحة هيئة قانونية مُستقلة ذات اختصاص قضائي تم منحه للجان العقارية و لجان تسوية المنازعات العقارية ، رغم وجود هذه اللجان عملياً حالياً لكن بصفة مُستترة ضمن أحكام قانون الشهر العقاري والتطبيق العملي القانوني ، فـ مع الضمانات والحماية والاستقلال المقررة لعضو الهيئة المقترحة وبالصلاحيات والسلطات المقررة وفقاً للمادة 199 من الدستور  ، والتي بكل تأكيد ستمكنه بحيدة واستقلال ودون ترهيب أو ترغيب ، وما يلحقه ذلك من فصل تشريعي كامل بمشروع القانون لواجباته الوظيفية والمهنية وكيفية تأديبه وفصل تشريعي اخر لحقوقه بما يشمل ذلك من شروط تعيين بمقاييس عالمية ، ومعايير تدريب دولية وكفاية مالية وكفاءة فنية وبيئة العمل المناسبة ، بما يحقق كل مقومات نجاح لجان تسوية المنازعات العقارية وتحقيق الهدف التشريعي منها .

 

4-            وهو أيضاً في ذات الوقت سيقضي على ظاهرة عزوف المواطنين على تسجيل ممتلكاتهم، وظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة بصورة خطيرة جداً وخاصة خلال السنوات الأخيرة ، حيث انخفضت بنسبة لا تقل عن 75 % ، وفقاً لبيانات دقيقة رسمية وهو ما يعكس مدى تفاقم أزمة التسجيل العقاري بمصر خلال السنوات الاخيرة ، ومن هنا دعت الحاجة التشريعية من إيجاد حلول تشريعية جريئة وقوية ، لتسهيل وتيسير إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق وفقاً للصلاحيات والآليات التشريعية المُستحدثة باللجان العقارية المُقترحة لأول مرة بمشروع القانون، وتقصير مدة التسجيل العقاري إلى حد أقصى ثلاث شهور، وخمس دقائق للتوثيق.

 

5-            وأيضا سيُعالج بقوة ظاهرة زيادة عدد النزاعات العقارية القضائية أمام المحاكم المصرية والبت فيها أمام الهيئة المُستقلة المُقترحة ذات الاختصاص القضائي في مدة أقصاه ستة شهور، وفي ذات الوقت سيمنع من ظهور نزاعات عقارية مستقبلاً سواء العرفية أو القضائية وهو ما يُعرف قانونياً بـ العدالة الوقائية بفضل دور واختصاصات اللجان العقارية المُستحدثة بمشروع القانون والمطبقة دولياً [اللجان القضائية ولجان تسوية المنازعات العقارية] ، حيث من الثابت وفقاً لمعايير البنك الدولي في قطاع الاستثمار ، ان الزيادة في عدد العقود العقارية المُسجلة رضائياً هو المؤشر الوحيد اليقيني ، لمدى جودة وقوة مناخ الاستثمار في أي دولة ، فكلما زادت نسبة العقود المسجلة رضائياً يعكس بقوة نجاح وقوة النمو الاقتصادي ونجاح خطط جذب المستثمرين ، بعكس الزيادة في النزاعات القضائية العقارية ، يعكس مدى انهيار مبدأ استقرار الملكية العقارية ، وضعف الأمن القانوني والتعاقدي ، وهي من المؤشرات الطاردة للمستثمرين سواء وطني أو أجنبي  ، وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [4-13-19-23-22-25-26-129-130]

 

خامساً: علاج معوقات الاستثمار والتمويل العقاري

 

أحد أهم معوقات الاستثمار والتمويل العقاري رغم تعدد وتنوع المُبادرات وهو ملف التسجيل العقاري وصعوبة إجراءاته، وطول مدتها، وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة حول الثروة العقارية في مصر، والتي لا تتعدى 5% من إجمالي العقارات، وبجانب ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة، وظاهرة زيادة عدد النزاعات القضائية العقارية، وهو ما تم علاج كل ذلك تشريعياً بمشروع القانون المُرافق من خلال إعادة هيكلة شاملة لمصلحة شهر العقاري والتوثيق سواء موضوعياً أو إجرائياً، بصلاحيات وسلطات جديدة تمتلك القدرة على تسجيل نسبة الـ 95% الغير مسجلة من عقارات مصر.

وعلى الرغم من اهتمام الدولة الكبير بملف التسجيل العقاري بصفته احد اهم محاور الإصلاح الاقتصادي و تحفيز الاستثمار ، والشمول المالي ، ومراعاه ملاحظات البنك الدولي ، بشأن تطوير ورفع مؤشرات الأداء المتعلقة بإنفاذ العقود وتسجيل الملكية ، ومع ضعف اقبال المصريين العاملين بالخارج على السوق العقاري المصري ، وعقبات تصدير العقار ، وهروب المستثمر الوطني ،وكثرة طروحات الاراضي وتُخمة في المشروعات المعروضة وغياب القواعد المُنظمة للسوق العقاري وخاصة في المدن العمرانية وأهمها مدن الجيل الرابع التي تبنتها الدولة خلال العام الماضي (كـ العلمين – المنصورة الجديدة) ، وعقبات تفعيل مبادرة البنك المركزي المصري فيما يخص وحدات التمويل العقاري ، من هنا أصبح العلاج التشريعي أمر حتمي لإزالة عقبة ملف التسجيل العقاري ، وتعزيز الثقة في المُعاملات العقارية ،وعلاج ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة والمقترنة بنسبة ال5%  المسجلة فقط من الثروة العقارية المصرية والتي لا تعطي معلومات كافية لكل العقارات يمكن الرجوع إليها لمن يحتاج إليها سواء عند عمليات التمويل العقاري او الاستثمار العقاري ، أو الرهن العقاري ، ومن هنا لابد ان يكون الشهر العقاري هيئة قانونية مستقلة تماماً تملك قاعدة بيانات عقارية دقيقة ، وتتعامل مباشرة مع الجهات التمويلية ، والحكومية وتقديم المعلومات التفصيلية عن العقارات وملاكها حماية للمجتمع من نواحي اقتصادية وأمنية واجتماعية ، هيئة مستقلة مختصة حصرياً دون غيرها بتطبيق أحكام وقواعد تسجيل ونقل الملكية العقارية وتوثيقها بسهولة ويسر ، والبدء فوراً بآليات تشريعية مستحدثة لتسجيل النسبة الباقية 95% الغير مسجلة من خلال اللجان العقارية المُقترحة والمُستحدثة تشريعياً بمشروع القانون المُرافق، لمواجهة الركود التصاعدي في المبيعات العقارية داخل السوق المصري.

 

سادساً: مكافحة مافيا سرقة الاراضي، ومافيا غسيل الاموال، وإخفاء الثروات، والتهرب الضريبي

 

ظاهرة خطيرة للغاية تُهدد الأمن القومي المصري وأحد الصور السلبية للاقتصاد غير الرسمي بمصر وهي ان العقار أصبح الملاذ الآمن لمن لا يرغب في الكشف عن ثروته، ويقوم بإخفاء ثروته من خلال توزيعها في شراء العقارات وفي مناطق مختلفة وطبعاً عقودها غير مُسجلة، ويصعب معها رسمياً تتبع ثروته المالية المتخفية عقارياً وليست سائلة بالبنوك، بخلاف مافيا غسيل الأموال باستثمارها المُكثف في العقارات والتي هي بالأساس غير مسجلة، ومخفية عن عيون الدولة وأجهزتها، ومن الصعب تتبعها ومراقبتها لأنها عرفية، وغير مُسجلة رسمياً.

فـ بتسجيل كامل الثروة العقارية المصرية، ومع السماح تشريعياً بتوثيق عقود البيع الابتدائية العرفية بمكاتب التوثيق كمرحلة تشريعية انتقالية كما سبق وذكرنا، وتمكين الدولة من حصرها ومراقبتها وتحصيل رسومها وضرائبها على عقود البيع الابتدائية والنهائية، ومراقبة تداول مليارات الجنيهات سراً في السوق العقاري، فـ التوثيق الكامل والحصر الدقيق للملكية العقارية وبطريقة سهلة وواضحة مُحكمة القواعد تمنع التلاعب بها وتحارب الفساد العقاري بكافة صوره والذي وصل لنسبة 90% من جملة الفساد بالدولة والأول عالمياً.

 

وضرورة وجود ردع (جنائي ومدني وإداري) على كل من يستولي على الملكية العقارية العامة أو الخاصة لمصر والمصريين او يعتدي عليها او حتى يدعي ملكيتها من خلال منح الضبطية القضائية لأعضاء الهيئة المُستقلة، لمواجهة مافيا سرقة الأراضي، وظاهرة بيع ملك الغير أو إدعاء ملكيتها، وفي ذات الوقت فرض عقوبات جنائية عقارية رادعة، تشمل الحبس والغرامة مجتمعين وهو بالفعل ما تحقيقه بالمواد أرقام [96 -108 – 109 -121] من مشروع القانون

 

سابعاً: علاج مشكلة العجز الشديد في عدد الموثقين والموظفين

 

بخروج الهيئة المُقترحة تشريعياً من نطلق تطبيق قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2018 ، وخضوعها لقانون خاص أعضاء وموظفين فمن خلال مشروع القانون المقترح ينظم تعيين الأعضاء والموظفين بها بصفة منتظمة ودورية من خلال مسابقات سنوية بالتعيين و بمعايير قياسية دولية تُطبق لأول بمصر، لاختيار أفضل الأعضاء والموظفين ، وتدريبهم لضمان كفاءتهم لمُعالجة هذا العجز الحاد بعدد الموثقين والموظفين الإداريين ، وهو ما تم تحقيقه بالمواد [1 – 4 – 79 - 81] من مشروع القانون المُرافق ، وستساعد الموازنة المستقلة على توفير مرتباتهم وأجورهم من خلال مُضاعفة الإيرادات بعد تسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق والتي ستصل الى ما يقرب من المائة مليار سنوياً وهو ما تم تحقيقه بالمواد أرقام من مشروع القانون المُرافق [73 – 74 – 76 – 77 -78]

 

ثامناً: علاج مشكلة سوء مقرات ومكاتب الشهر العقاري

 

تُعدّ بيئة العمل المُناسبة من المقوّمات والجوانب الهامّة لنجاح أيّ مؤسسة وخاصه لو كانت حكومية ولها أثر مزدوج إيجابي ومباشر على العاملين والمُتعاملين مع الهيئة على حد السواء وبما ان الثابت والمعروف للقاصي والداني من الشعب المصري وحتى من الأجانب هو سوء مقرات ومكاتب الشهر العقاري والتوثيق والزحام المُستمر حتى المكاتب المميكنة والمطورة منها ،ومعظمها في شقق سكنية ضيقة في أماكن مُزدحمة وغالبيتها بالإيجار ولا يملك الشهر العقاري منها شيئاً ،أو بسيارات مُتنقلة مُتبرع بها من جهات خاصة أو عامة او مُلحقة بجهات أخرى كالبريد والوحدات المحلية والأندية ومراكز الشباب وغيرهم ، ورغم كثافة المحاولات التنفيذية الغير مُجدية مؤخراً تم اللجوء إلى نظام الحجز المُسبق إلكترونياً حتى يمكن للمواطن التعامل مع مكاتب التوثيق المميكنة ، وزحام مكاتب التوثيق المميكنة واليدوية أمر ثابت ومُتعارف عليه بين جميع أبناء الشعب المصري ، وله تأثيراته السلبية المؤلمة على جمهور المتعاملين والناتج عن حالة التهميش والإقصاء الذي تعرض له مرفق الشهر العقاري والتوثيق في السنوات الماضية ، ومع تكرار شكاوي المواطنين من المكاتب الضيقة والمزدحمة والغير آدمية ، والعجز عن توفير بديل لها إلا من خلال تبرعات شخصية من مُنظمات المجتمع المدني أو من الأفراد ؟! ، بحجة أنه لا يوجد اعتماد مالي لصيانة المقرات او انشاء بديل ثابت محترم أسوة بسائر الجهات القضائية والإدارية التي تقدم خدمات للمواطنين، أو بإنشاء فروع توثيق داخل مكاتب البريد؟! والتي هي في الأساس تعاني من الزحام الشديد كما هو الحال من مُعاناه الشهر العقاري من الزحام  ، وهو أمر غير مقبول لمؤسسة حكومية حصرية وخطيرة تضخ الملايين يومياً في الخزانة العامة للدولة ، ودائماً الحل يأتي تشريعياً كالعادة ،وهو بالفعل ما تم النص عليه بمشروع القانون المُرافق من التزام الهيئة المستقلة المُقترحة ومن وموازنتها المُستقلة وبنسبة من إجمالي الإيرادات ، وضمن خطتها السنوية ، بتوفير المقرات والمكاتب اللائقة ، وصيانتها ، وتأسيسها بما يضمن بيئة العمل المناسبة لأعضائها وموظفيها وجمهور المتعاملين معها وبما يضمن ويصون كرامتهم ويراعي المعايير الدولية في هذا الشأن ، ويُترجم أهمية وخطورة الحقوق المُكلفين بحمياتها ، وأهمها الثروة العقارية المصرية ، وبما يُساهم في رفع أداء وكفاءة العضو وجودة عمله الفني ودقته ، ممّا ينعكس على قيام الهيئة بتحقيق اهدافها وتنفيذ اختصاصاتها وخاصه في مجال الرقمنة والحفظ والأرشفة .

وأيضا ضمان التزام الدولة من خلال أجهزتها التنفيذية التأمين الكامل للهيئة وفروعها ومقراتها بما يضمن حفظ المحررات واحترام خصوصيات الأطراف وسلامة أعضاء وموظفي الهيئة وبما يكفل سير العمل بانتظام داخل الهيئة وتحقق الاختصاصات والأهداف المرجوة منها. وهو ما تم تحقيقه بالمواد [139 -140] من مشروع القانون المُرافق.

 

تاسعاً: علاج الأزمة الدستورية بوقف العمل بقانون السجل العيني

 

نظام السجل العيني من انجح أنظمة التسجيل العقاري بكل دول العالم، وتم اعتماد قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ليكون بديلاً لنظام الشهر الشخصي المُقرر بالقانون رقم 114 لسنة 1964م، بعد ثبوت فشله في إثبات وحصر وحماية الثروة العقارية لمصر وللمصريين، وهو نظام قانوني للتسجيل العقاري متميز وناجح جدا بكل دول العالم للقضاء على ظاهرة حلقات البيع العرفية ، وتطهير العقار من شوائب وعقبات تسجيله رسمياً ، واسناد الملكية العقارية بطرق تشريعية جديدة قوية فشل في استحداثها قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م ، وهو ما دفع وزارة العدل مراراً وتكراراً الى تقديم تعديلات تشريعية محدودة لإنقاذ قانون الشهر الشخصي العجوز وحتى اللحظة وللأسف لم تنجح في ذلك والثابت تاريخياً وتشريعياً بإضافة المادة 23 مكرر بموجب القانون رقم 25 لسنة 1976م ، وبإضافة المادة الكارثية 35مكرر بموجب القانون رقم 186 لسنة 2020 ، ثم مؤخراً بإضافة حزمة من التعديلات التشريعية على قانون الشهر الشخصي أيضاً رقم 114 لسنة 1946م تنوعت التعديلات المُقترحة ما بين التعديل والإلغاء والإضافة ، في محاولة أخيرة لإعادة الحياة لقانون الشهر العقاري بعد مرور 75 عام على تشريعه ، وعلى الرغم من ثبوت فشلة تشريعياً وعملياً وموته إكلينيكياً بصدور قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م ، وكما هو موضح بالمبحث الأول من المُذكرة الإيضاحية بشأن التاريخ التشريعي العقاري المصري وننوه بضرورة الاطلاع عليه.

 

ولم تنجح الدولة في تعميم نظام السجل العيني حتى الآن على كامل الجمهورية ، بسبب مشاكل عملية وإدارية كثيرة أهمها ضعف الهيكل الإداري لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وعجز عدد أعضاءها وموظفيها ، وعدم امتلاكها الأدوات والآليات والصلاحيات والسلطات اللازمة لتنفيذه بكل الجمهورية ، ثم صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 10 لسنة 35 ق " دستورية " بجلسة 2 / 6 / 2018 ،، بعدم دستورية تشكيل اللجنة القضائية بنظام السجل العيني -  وهو ما تم تناوله بمزيد من الشرح والتفصيل بالمبحث الثامن من المذكرة الإيضاحية - وأسباب حكمها الدستوري أن اللجنة القضائية (لجنة من ثلاثة أعضاء) التي أنشأها المشرع بالسجل العيني عام 1964 يغلب على تشكيلها العنصر الإداري [عضو قضائي + عضوان من الشهر العقاري ] ولا يتوافر في شأن عضوي الشهر العقاري بالضرورة شرط التأهيل القانوني من تحقيق دفاع الخصوم وتقدير أدلتهم ، وإن توافر ، فهما يفتقدان لضمانتي (الحماية والضمانات) + (الحيدة والاستقلال) اللازم توافرهما في القاضي ،و أن المشرع منح هذه اللجنة رغم طبيعتها الإدارية ، ولاية الفصل في خصومة عقارية قضائية ، و أن القرارات التي تصدر من هذه اللجان ، لا يمكن وصفها بالأحكام القضائية ، ولا يجوز اعتبارها حكم أول درجة قابل للاستئناف امام محكمة الاستئناف ، فهي لجان إدارية ، وما يصدر عنها لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً وليست له من صفة الأحكام القضائية شيء ، لأنها تنتمي الى مكاتب السجل العيني بالشهر العقاري وهي بالطبع مكاتب إدارية تنفيذية بحته وتتبع مصلحة غير مستقلة في الأساس يخضع موظفيها لقانون الخدمة المدنية ،  بل وتتبع في النهاية وزارة تنفيذية ، وجميع كل ما سبق إداري تنفيذي بحت غير مُستقل وغير محايد ولا يجوز منحها سلطة الفصل في النزاعات العقارية القضائية حتى ولو بين تشكيلها قاضي رئيساً لها ،

 

 وبصدور حُكم عدم دستورية تشكيل اللجنة القضائية بالسجل العيني، ينتهي بذلك ما تبقى من نظام السجل العيني بمصر ويتوقف كلياً العمل به، واللجنة القضائية بالسجل العيني هي النواة الوحيدة والحصرية والرئيسية والتي يقوم عليها نظام السجل العيني بمصر حالياً، فهي المسؤولة عن القيد الأول للوحدات العقارية التي سيطبق عليها نظام السجل العيني وما يلحقها من دعاوي وطلبات وتظلمات، وأحد أهم مميزات نظام السجل العيني، وليس لها مقابل بنظام الشهر الشخصي.

 

وهو ما دفع الحكومة مُمثلة في وزارة العدل الى تقديم مشروع قانون جديد للسجل العيني لعلاج أزمة الحكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني ، بالفصل التشريعي الأول ، من خلال زيادة عدد القضاة باللجنة ليكون ثلاثة قضاه بدلاً من قاضي واحد وعضوان من المصلحة ، وبالطبع العوار الدستوري لتشكيل اللجنة مازال قائم أيضا بمشروع قانون السجل العيني المقدم من الحكومة ، فسبب الحكم بعدم دستوريتها ليس عدد العنصر القضائي بل في عدم استقلال الشهر العقاري وأعضاءه ولا يتمتعون بالحياد والصفة القضائية ، وحتى ولو كان جميع أعضاء اللجنة من القضاة ، ستظل أيضاً لجنة إدارية وقراراتها إدارية ، لا يجوز لها الفصل في النزاع العقاري ، ولا يجوز الطعن على قراراتها امام محكمة الاستئناف ،وهو ما سببه حكم المحكمة الدستورية العليا ،

 

وهو ما أنتقده قسم التشريع بـ مجلس الدولة على مشروع قانون السجل العيني المُقدم من الحكومة بالفصل التشريعي الأول، ولعلاج هذه الأزمة الدستورية، هو من خلال مشروع القانون المُرافق بتحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قانونية مستقلة، تضم لجان ذات اختصاص قضائي، وتشكيل كامل أعضاء اللجنة من الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري بعد منحهم الاستقلال والحماية والضمانات تنفيذاً لنص المادة 199 من دستور مصر وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المُقترح أرقام [10-11-12-18-79-93-94-95-98-99].

عاشراً: جمع شتات اختصاصات وسلطات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وأعضائها ( ) والموزعة بين ستة قوانين متباينة للشهر العقاري ( ) والعشرات من القوانين الاخرى المتنوعة ( ) وفي مقدمتها القانون المدني المصري وقرارات المجلس الأعلى للقضاء وقرارات وزارة العدل والأحكام القضائية والمنشورات الفنية، وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المُقترح أرقام [3-11-12-51-93-94]

 

وتحديد نافي للجهالة للاختصاصات الرئيسية لهيئة الملكية العقارية والتوثيق والمتمثلة في إثبات وحماية حقوق الملكية بأنواعها، والمنصوص على حمايتها دستوريا، وتحقيق الأمن القانوني للمحررات والتعاقدي للمتعاقدين بصفتها جهة إثبات حقوق حصرية تتمتع المحررات الصادرة عنها بقوة ثبوتية مطلقة كسند تنفيذي، ومزيلة بالصيغة التنفيذية وفقا لقانون المرافعات وقانون الإثبات وقانون التوثيق. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [3-10-19-22-23-101-102-103-109-121]

 

وإضافة اختصاصات جديدة مستحدثة تشريعياً، ولأول مرة بمصر، ومطبقة عربياً ودولياً، للهيئة المُنتظرة تساهم في تسهيل إجراءات التسجيل العقاري، وسرعتها، وبما يحقق الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لحقوق الملكية العقارية والمنقولة، بما أنها من الحقوق الرئيسية التي تناولها الدستور بالحماية. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المُقترح أرقام [4-10-23]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثالث

الأساس الجذري والتشريعي مصرياً وعربياً ودولياً

لمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

 

تم تطبيق عدة معايير تشريعية وقانونية ومهنية ولفظية واصطلاحية عند إعداد وصياغة مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" وفقاً للعرض التالي: -

 

المطلب الأول: الأساس الجذري والتشريعي من حيث الألفاظ والمُصطلحات القانونية

 

جميع الالفاظ والعبارات والمُصطلحات المُستخدمة في صياغة المشروع المُرافق مُستمدة جذرياً بنسبة 100% من الالفاظ والعبارات والمُصطلحات المُستخدمة بقوانين الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني ولوائحهم التنفيذية ( ) والمُوضحة جملة وتفصيلاً في هوامش مسودة نص مشروع القانون لكل مادة تشريعية مُقترحة . وعلى سبيل المثال لا الحصر نعرض بعض المُصطلحات الواردة بمشروع القانون المُرافق: -

 

1-            مُصطلح "عضو الفني" ورد لفظاً بنص المادة 182 من دستور مصر 2012، والمادة 199 من دستور مصر 2014 وكذلك المادة 23 مكرر من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، المُضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1976، وكذلك المادة رقم 8 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والصادرة بالقرار الوزاري عدل رقم 825 لسنة 1975، والمئات من المنشورات الفنية والكتب الدورية الصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق منذ إنشاءها عام 1946م ، وهذا اللفظ  دارج العمل به في جميع الهيئات والجهات القضائية ووزارة العدل والمكاتب الفنية بها.

 

2-            مُصطلح "التسجيل" أطلق بداية في نصوص قانون رقم 18 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم الأهلية، والقانون رقم 19 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم المختلطة، ثم اعتاد الامر عليه لغة واصطلاحا في جميع قوانين الشهر العقاري الستة المنظمة للعمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق. الى جانب ان جميع التشريعات العربية والدولية تستعمل ذات اللفظ لعمومة وقوته وتعبيره عن الحجية المطلقة والثقة المؤكدة.

 

3-            مُصطلح "المحررات": مصطلح قانوني يشمل كافة العقود والاوراق والمستندات والطلبات أيا كانت ويضم في مدلوله اللغوي والاصطلاحي كافة العقود والسندات والإقرارات وهو اللفظ المستعمل لغة واصطلاحا في جميع القوانين المصرية بما فيها قوانين الشهر العقاري والتوثيق.

 

4-            مُصطلح " السندات " بداية أدراجه بقوانين التسجيل العقاري في نصوص قانون رقم 18 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم الأهلية، والقانون رقم 19 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم المختلطة، ثم اعتاد الامر عليه لغة واصطلاحا في جميع قوانين الشهر العقاري الخمسة المنظمة للعمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

 

5-            مُصطلح "ذوي الشأن" ورد لفظا واصطلاحا بنص المواد (م 9 من قانون رقم 18 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم الأهلية)، (م 9 من قانون رقم 19 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم المختلطة)، (م 42، م 45 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964) – (م 9، م 20 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946) – (م 2، م 6 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947).

 

6-            مُصطلح " العقود " لفظ " العقــود " هو اللفظ الاصطلاحي الدارج في نصوص القانون المدني المصري وكذلك نصوص قانون رقم 18 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم الأهلية، والقانون رقم 19 لسنة 1923 فيما يتعلق بالتسجيل العقاري للخاضعين للمحاكم المختلطة.

 

7-            مُصطلح "المتعاقدين" دارج جداً استعماله في جميع قوانين الشهر العقاري والتوثيق وليس فقط بمصر، بل وبجميع دول العالم، لأنه قاطع الدلالة لغة واصطلاحاً على التعبير ووصف ذوي الشأن المتعاملين مع مكاتب الشهر العقاري والتوثيق، وعلى سبيل المثال لا الحصر ندرج بعض النصوص القانونية ذات الصلة: -

المادة 4 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والتي نصها: -"تقديم كل من المتعاقدين شهادة ميلاده فإن تعذر ذلك وجب ........"

وكذلك المادة 6 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والتي نصها: -" إذا أتضح للموثق عدم توافر الأهلية او الرضا او الصفات او السلطات لدى المتعاقدين او عدم توافر الشروط المبينة في الفقرة الثانية من المادة 5 .... "

 

8-            مُصطلح " شهر" والمستند جذرياً الى المادة 5 من القانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب الشهر دون غيره بشهر المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "

9-            مُصطلح "توثيق" والمستند جذريا الى المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والم عدلة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 والتي نصها: -" تتولى المكاتب توثيق جميع المحررات .... "

 

10-         مُصطلح " قيد " والمستند جذريا الى المادة الثالثة من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 16 في 24 مارس 1964 والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب السجل العيني دون غيره بقيد المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "

 

11-         مُصطلح "إثبات" والمستند جذرياً الى المادة 23 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 م والتي نصها: -" لا يقبل من المحررات فيما يتعلق بـ إثبات أصل الملكية أو الحق العيني ...."

ويقابلها أيضا المادة الأولى من قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" يسري نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المرافق "

 

12-         مُصطلح " فحص " والمستند جذرياً الى المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964، والتي نصها: -" تتولى مأموريات السجل العيني فحص الطلبات ومراجعة مشروعات المحررات التي تقدم لها من أصحاب الشأن من الناحية القانونية ...."

 

13-         مصطلح " مراجعة " والمستند جذريا الى المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ( ) والتي نصها: -" تتولى مأموريات السجل العيني فحص الطلبات ومراجعة مشروعات المحررات التي تقدم لها من أصحاب الشأن من الناحية القانونية .... ".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: الأساس الجذري والتشريعي لمشروع القانون

من حيث الاختصاصات والسلطات

 

جميع الصلاحيات والسُلطات الواردة بمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق ، هي اختصاصات أصلية في تسجيل وتوثيق الحقوق والعقود على اختلاف أنواعها ، وسُلطات قائمة وسارية وحصرية مُقررة فعلاً وحالياً لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بنسبة 80%  سواء وردت بالدستور أو بالقوانين أو باللوائح التنفيذية أو القرارات الوزارية والمنشورات الفنية والكتب الدورية والواقع العملي ، وبدون أي زيادة او استحداث او حتى تغيير او تعديل للقائم منها حالياً ، كل ما في الأمر أنه تم تجميعها وحصر شتاتها قدر الامكان لكافة الاختصاصات والسلطات المُقررة لها في قوانين الشهر العقاري والتوثيق المُتعددة ، وما ورد من اختصاصات أخرى في الدستور المصري وسائر القوانين المصرية والقرارات الوزارية والتعليمات والمنشورات الفنية المفسرة لقوانين الشهر العقاري والتوثيق

 

بالإضافة الى الصلاحيات والسُلطات المُستحدثة بنسبة 20% لتعزيز دور اللجان العقارية (اللجنة ذات الاختصاص القضائي ولجنة تسوية المنازعات العقارية) وضمان تحقيق هدفها في تسجيل نسبة الـ 95% الغير مسجلة، والمستندة دستورياً كتفعيل وترجمه نص المادة 199 من دستور مصر 2014 والمتضمنة دستورياً مُفردات استقلال وضمانات وحماية الأعضاء الفنيون والتي تم صياغة مفرداتها في نصوص تشريعية مقترحة.

ومن حيث الهيكل التنظيمي الإداري والفني تم الالتزام بنسبة كبيرة – 80% - بذات التنظيم الموجود حالياً بالقانون رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق من حيث الهيكل التنظيمي الفني والإداري لكن مع إعادة هيكلة شاملة تطبيقاً لمبادئ التخصص وتقسيم العمل من خلال تقسيم المصلحة إلى قطاعان قطاع أول للتسجيل العقاري وقطاع ثاني للتوثيق ، لكل منهما رئيس قطاع ومكتب فني وإدارات فنية مُتخصصة ، بخلاف فصل العمل الفني من تسجيل عقاري وتوثيق  يتولاه الأعضاء الفنيين بمختلف درجاتهم الوظيفية ، عن العمل الإداري والمالي الذي يرأسه أمين عام وما يلحق به من إدارات مالية وإدارية يقوم عليه الموظفين الإداريين والماليين ، ويرأسهم جميعاً رئيس الهيئة المُعين من السيد رئيس الجمهورية ، لضمان تحقيق الهيئة القانونية المُستقلة المُقترحة لأهدافها التشريعية ، وخطورة وحجم الأعمال المُكلفين بها .

وعلى سبيل المثال لا الحصر نورد بعض الاختصاصات والسلطات الواردة بمشروع القانون المرافق: -

 

أولاً: المادة رقم 2 من مواد إصدار مشروع القانون المُقترح: -" (المادة الثانية) تحل هيئة الملكية العقارية والتوثيق محل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، ويؤول للهيئة كافة الاختصاصات والسُلطات المُقررة لها في الدستور وقوانين الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني، وما ورد من اختصاصات أخرى في سائر القوانين المصرية، وكذلك تؤول للهيئة كافة الحقوق العينية والشخصية من ملكية ومنافع المقرات الحالية، والأموال العقارية، والمنقولة، والحسابات البنكية والصناديق الخاصة المقررة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والعاملين بها.  "

حيث يُقابلها: المادة 1 من قانون رقم 5 لسنة 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 5 في 6 يناير 1964 والتي نصها: -" يعمل بأحكام القانون المرافق في شان تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وتسري على أعضاء هذه المصلحة وموظفيها الأحكام العامة للتوظيف بالحكومة فيما عدا ما نص عليه هذا القانون "

ويقابلها: المادة 60 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري والتي نصها: -" يلغى القانونان رقما 18 و19 لسنة 1923، وكذلك يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون "

 

ثانياً: المادة 4 من مواد إصدار مشروع القانون المقترح: "(المادة الرابعة) تسوى درجات أعضاء الهيئة وظيفياً ومالياً، وفقاً لأحكام هذا القانون، ويحتفظ سائر موظفي الهيئة الحاليون بدرجاتهم الوظيفية والميزات المالية التي حصلوا عليها سابقاً، بالإضافة إلى الى المزايا الوظيفية والمالية المُقررة وفقاً لأحكام هذا القانون.

 

ويقابلها: المادة 3 من قانون رقم 5 لسنة 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( )، والتي نصها: -" يحتفظ الموظفون الحاليون بدرجاتهم والميزات المالية التي حصلوا عليها "

 

ثالثاً: المادة 7 من مواد إصدار مشروع القانون المُقترح: "(المادة السابعة) يُلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون. "

يقابلها: نص المادة 13 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1946م والتي نصها: -" يُلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون "

 

رابعاً: المادة 3 من مشروع القانون المُقترح: -" تتولى الهيئة دون غيرها، .... الخ "

يقابلها: المادة 5 من القانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب الشهر دون غيره بشهر المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "

حيث أنها الجهة القانونية الوحيدة المُختصة الآن حصرياً بتوثيق وتسجيل العقود بعد توحيد وإلغاء أقلام التوثيق والتسجيل بالمحاكم الوطنية والمحاكم الشرعية والمحاكم المختلطة وتم تجميعها في كنف جهة واحدة عام 1946م وهي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

فـ مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي المنوط بها حصرياً منذ عام 1946 م كمكون من مكونات منظومة العدالة شهر وتوثيق كافة انواع العقود والمحررات، لإثبات حقوق الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين، وهي الجهة الوحيدة بالدولة المسئولة والمختصة بذلك دون غيرها.

 

خامساً: المادة 3 من مشروع القانون المقترح: -" .... سلطة شهر، وتوثيق .... الخ "

يقابلها: المادة الخامسة من قانون رقم 114 لسنة 1946م بتنظيم الشهر العقاري والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب الشهر دون غيره بشهر المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "،

 وكذلك المادة التاسعة من ذات القانون والتي نصها: -"جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الاصلية او نقله او تغييره او زواله وكذلك الاحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل ......"

وكذلك يقابلها المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والم عدلة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 والتي نصها: -" تتولى المكاتب توثيق جميع المحررات .... "

 

سادساً: المادة 3 من مشروع القانون المُقترح: -" .... وقيد وإثبات وفحص ومراجعة وتحرير كافة أنوع المحررات ...... "

يقابلها: يقابلها المادة الثالثة من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 16 في 24 مارس 1964 والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب السجل العيني دون غيره بقيد المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "

ويقابلها المادة 23 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 م والتي نصها: -" لا يقبل من المحررات فيما يتعلق بـ إثبات أصل الملكية أو الحق العيني ...."

ويقابلها أيضا المادة الاولى من قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" يسري نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المرافق "

ويقابلها المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والصادرة بقرار وزير العدل رقم 825 لسنة 1975 والمنشورة بالوقائع المصرية بالعدد 189 في 16/8/1975 والتي نصها: -" تتولى مأموريات السجل العيني فحص الطلبات ومراجعة مشروعات المحررات التي تقدم لها من أصحاب الشأن من الناحية القانونية .... "

يقابلها الآية القرآنية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة {فأكتبــوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل}،

ونظيرتها المادة 4 من قانون الكاتب بالعدل الاماراتي رقم 22 لسنة 1991 في شأن الكاتب العدل والتي نصها: -" يختص الكاتب العدل بتحرير العقود والمحررات والتصديق على التوقيعات وإثبات تاريخ المحررات العرفية على النحو المنصوص عليه في هذا القانون وبإجراء أية معاملة أخرى يأمره القانون بإجرائها."

ويقابلها المادة 2 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والتي نصها " تقوم مكاتب التوثيق بما يأتي (1) تلقي المحررات وتوثيقها .... (2) إثبات المحررات الرسمية في الدفاتر المعدة لذلك (3) وضع الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ "

وكذلك المادة 6 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والتي نصها: -" تقوم مكاتب الشهر بما يأتي: (1) مراجعة المحررات المقدمة للشهر بعد التأشير على مشروعاتها من المأموريات المختصة بالصلاحية للشهر. (2) إثبات المحررات في دفاتر الشهر والتأشير عليها بما يفيد شهرها."

وكذلك المادة 1 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" يسري نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني وفقا للشروط والاوضاع المنصوص عليها في القانون المرافق"، وأيضا المادة 3 من قانون السجل العيني والتي نصها: -" يختص كل مكتب من مكاتب السجل العيني دون غيره بقيد المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه "

 

سابعاً: المادة 4 من مشروع القانون المقترح: -" تختص هيئة الملكية العقارية والتوثيق بـ :-

1-            كافة الاختصاصات والسلطات الواردة في هذا القانون، وقوانين الشهر العقاري والسجل العيني والتوثيق، وكافة القوانين النافذة ذات الصلة، والقرارات الوزارية، والمنشورات الفنية، والكتب الدورية المنظمة للعمل الفني تسجيلاً وتوثيقاً."

يقابلها: نص المادة 4 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والتي نصها: -" تلغى اقلام التسجيل الملحقة بالمحاكم الوطنية والمختلطة والشرعية وتحل محلها مكاتب الشهر العقاري، ويحال ما بهذه الاقلام وما بمصلحة المساحة من السجلات والفهارس وغير ذلك من الوثائق الخاصة بشهر المحررات الى هذه المكاتب." 

 

ثامناً: الفقرة الثالثة من المادة 4 من مشروع القانون المُقترح: -" فحص أي ملفات أو شكاوى أو طلبات تحال أو تقدم للهيئة من الجهات القضائية أو الرقابية المختصة أو المواطنين أو الأشخاص الاعتبارية، أو غيرهم، بما لها من خبرة قضائية في حقوق الملكية بأنواعها والحقوق العينية العقارية وحالات التعدي أو الإضرار بالملكيات العامة والخاصة او إعداد تقرير استشاري بالرأي الفني في المنازعات العقارية."

يقابلها: المادة 1 فقرة 5 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 الصادرة بقرار وزير العدل رقم 825 لسنة 1975 والتي نصها: -" 5-دراسة الشكاوى والمنازعات التي تقدم من اصحاب الشأن واتخاذ ما يلزم في شأنها "

وكذلك يقابلها: المادة 3 من ذات القانون والتي نصها: -" تتولى مأموريات السجل العيني فحص الطلبات ومراجعة مشروعات المحررات التي تقدم لها من اصحاب الشأن من الناحية القانونية .... " 

وكذلك يقابلها: المادة 6 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والتي نصها: -"كما تعتبر مكاتب الشهر جهة خبرة فيما يطلب إليها دراسته من الجهات القضائية وذلك بالنسبة الى الحقوق العينية العقارية "

 

تاسعاً: الفقرة الرابعة من المادة 4 من مشروع القانون المقترح: -" إعداد التعليمات اللازمة لتنظيم العمل والنهوض به وتحقيق أهداف ومهام الهيئة."

يُقابلها: نص المادة 1 فقرة 1 من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" تنشأ في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إدارة تسمى " إدارة السجل العيني تختص بما يأتي: 1-إعداد التعليمات اللازمة لتنظيم العمل والنهوض به. " 

 

عاشراً: الفقرة السادسة من المادة 4 من مشروع القانون المُقترح: -" وضع وتنفيذ البرامج الخاصة بتدريب الأعضاء والموظفين المنوط بهم تنفيذ أحكام هذا القانون."

يُقابلها: نص المادة 1 فقرة 2 من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" وضع وتنفيذ البرامج الخاصة بتدريب العاملين المنوط بهم تنفيذ نظام السجل العيني".

 

حادي عشر: الفقرة الثامنة من المادة 4 من مشروع القانون المقترح: -" دراسة الصعوبات الشكلية والموضوعية التي تعرض على الهيئة بشأن تنفيذ أحكام هذا القانون وسائر القوانين السارية ذات الصلة واتخاذ ما تراه لازماً.".

يُقابلها: نص المادة 1 فقرة 4 من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" 4- دراسة الصعوبات التي تعرض على مكاتب ومأموريات السجل العيني في تنفيذ القانون واتخاذ ما تراه لازما .

 

ثاني عشر: الفقرة الثانية من المادة 9 من مشروع القانون المقترح: -" إثبات المحررات الرسمية، ووضع الصيغة التنفيذية على صورها التنفيذية، ويسري على تنفيذها ما يسري على تنفيذ الأحكام القضائية."

يُقابلها: الفقرة 2 من المادة 2 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والتي نصها: -" مادة 2: تقوم مكاتب التوثيق بما يأتي: -.... (2) إثبات المحررات الرسمية في الدفاتر المعدة لذلك "

ويُقابلها: الفقرة 3 من المادة 2 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والتي نصها: -" مادة 3: تقوم مكاتب التوثيق بما يأتي: -.... (3) وضع الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ "

وكذلك يقابلها : المادة 280 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 والتي نصها  :-  "لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء ، والسندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمُحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة ، ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية : "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك"

حيث قررت المادة 280 من قانون المرافعات المحررات الموثقة التي يحررها ويوثقها الموثقين من السندات التنفيذية، وألزمت جميع السلطات المختصة بتنفيذها جبرياً نتيجة لوضع الموثق الصيغة التنفيذية على هذه المحررات، وهذا اختصاص قضائي من حيث الموضوع.

 

ثالث عشر: الفقرة الخامسة من المادة 9 من مشروع القانون المقترح: -" التصديق على إقرارات التأييد الرئاسية لمُرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية طبقاً لنص المادة 142 من الدستور."

تنظمها دستورياً: المادة 142 من دستور مصر 2014 والتي نصها: -" يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى المترشح عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تأييد أكثر من مترشح، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون ".

حيث من الثابت للجميع ان مكاتب التوثيق المصرية قامت بتوثيق إقرارات التأييد الرئاسية أو بما يطلق عليها "التوكيلات الرئاسية" وذلك خلال انتخابات رئاسة الجمهورية خلال الأعوام [2012-2014-2018].

 

رابع عشر: الفقرة السادسة من المادة 9 من مشروع القانون المقترح: -" توثيق المحررات التي تتناول التبرع بالأنسجة وأعضاء الأنسان أثناء حياته أو بعد مماته وفقا للمادة 61 من الدستور، ووفقا للقواعد القانونية المنظمة للتبرع بالأعضاء وزراعتها ".

تنظمها دستورياً: نص المادة 61 من دستور مصر 2014 والتي نصها: "التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون".

 

خامس عشر: المادة رقم 11 من مشروع القانون المقترح: -" يُعين رئيس الهيئة ونائبيه بقرار من السيد رئيس الجمهورية من بين أقدم سبع نواب من أعضاء المجلس الأعلى للهيئة عند صدور القرار، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويُعين سائر أعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بعد العرض على وزير العدل بناء على اقتراح المجلس الأعلى."

يُقابلها: المادة 3 من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964 والتي نصها: -" يعين كل من الامين العام والامين المساعد بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العدل، ويعين باقي الاعضاء بقرار من وزير العدل بعد اخذ راي المجلس الاعلى للمصلحة."

 

سادس عشر: المادة 33 من مشروع القانون المقترح: "يًشكل المجلس الأعلى لـ هيئة الملكية العقارية والتوثيق من سبعة أعضاء ، بدرجة نائب ، برئاسة رئيس الهيئة وعضوية كلاً من رئيس قطاع التوثيق، ورئيس قطاع التسجيل العقاري، والأمين العام، وعضوية أقدم ثلاثة من النواب، تنتخبهم بالتصويت السري الجمعية عمومية لمدة سنة من بين أقدم عشرة نواب للهيئة تالين باقين في الخدمة في العام القضائي التالي وفقاً للأقدمية المطلقة.

 

يُقابلها : المادة الثامنة من القانون رقم ( 5 ) لسنه 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ،نصت على أن :- " يشكل مجلس أعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق برئاسة وكيل الوزارة المختص وعضوية الأمين العام وثلاثة من الأعضاء من الدرجة الأولى على الأقل يعينهم وزير العدل بناء على اقتراح وكيل الوزارة المختص وذلك لمدة سنه قابلة للتجديد ، ويكون انعقاد المجلس صحيحا بحضور رئيسة واثنين من أعضائه على الأقل وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للآراء ، وعند التساوي يرجح الرأي السائد في جانبه الرئيس ، ويختص المجلس ، فضلا عما هو وارد بهذا القانون ، إبداء الرأي في تعيين أعضاء المصلحة وموظفيها وتحديد أقدميتيهم وتقدير كفاءتهم وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم إلى خارجها ، أما الندب داخل المصلحة فيكون من رئيسها بموافقة وكيل الوزارة المختص"

 

سابع عشر: المادة 23 من مشروع القانون المقترح: -" تتولى اللجنة الفرعية فحص ونظر وتسوية المنازعات العقارية ومُنازعات الاستثمار العقاري والمُتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون وسائر القوانين ذات الصلة، المُقدمة من ذوي الشأن باتفاقهم سواء السابقة أو اللاحقة على المُنازعة العقارية او المُحالة إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي من الجهات القضائية الأخرى أو الجهات التنفيذية ذات الصلة، ويجوز إنشاء دوائر من اللجنة الفرعية مُتخصصة لتقسيم العمل مكانياً ونوعياً بناء على اقتراح رئيس الهيئة وموافقة المجلس الأعلى، وتنظم الإجراءات القضائية أمامها وقواعد تشكيلها وأحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون."

يُقابلها: المادة 19 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م والتي نصها: -".... يجوز لأصحاب الشأن باتفاقهم واتفاق من يكون له حقوق عينية تبعية على هذه الاعيان ان يقوموا في ميعاد الشهرين المشار اليه في المادة السابقة بإثبــات اتفاقهم في استمارات تسوية تقوم مقام المحررات المشهرة .... الخ "

 

ثامن عشر: المادة 51 من مشروع القانون المقترح: -" يُشكل جهاز للتفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة الفنية برئاسة أحد النواب، يختاره رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى، وثلاث وكلاء للرئيس ويُندب للعمل به عدد كاف من الاعضاء بدرجة عضو على الأقل، ويتكون الجهاز من ثلاث إدارات، إدارة للتفتيش الفني على فروع الهيئة بالقاهرة الكبرى وأخرى للوجه البحري وأخرى للوجه القبلي، ويرأس كل إدارة أحد وكلاء رئيس جهاز التفتيش الفني، ويعاونه عدد كافي من الأعضاء والموظفين الإداريين."

يُقابلها :المادة الاولى من لائحة التفتيش الفني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والصادرة بالقرار  الوزاري عدل رقم 2016 لسنة 1966 ( ) والتي نصها :- "مادة 1 : تختص إدارة التفتيش الفني بالتفتيش الفني على أعمال أعضاء المصلحة وموظفيها الإداريين وذلك لجمع البيانات التي تؤدي الى معرفة درجة كفايتهم ومدة حرصهم على اداء واجبات وظيفتهم ومقتضياتها وتحقيق الشكاوي التي تقدم ضدهم وفحص الطلبات التي تقدم منهم وكذا التعرف على مبلغ إشرافهم على أعمال الموظفين العاملين تحت ادارتهم ولها ان تجري تفتيشا عاجلا مفاجئا على اعمالهم وتصرفاتهم وذلك مع مراعاه ان يكون المفتش اسبق في ترتيب الاقدمية ممن يجري التفتيش على عمله".

 

تاسع عشر: الفقرتان [9-10] من المادة 79 من مشروع القانون المقترح: -" [9] يؤدي أعضاء الهيئة قبل مباشرة أعمال وظائفهم اليمين القانونية الآتية: " أقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمال وظيفتي بالعدل وبالذمة والصدق، وأن أكون مخلصاً لوطني ومحافظاً على اسراره، وأن أحترم الدستور والقانون "

 ". [10] ويكون اداء رئيس الهيئة ونائبيه لليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية، أما سائر الاعضاء فيؤدون اليمين امام وزير العدل بحضور رئيس الهيئة والمجلس الأعلى. "

يُقابلها: المادة 5 من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964 " يحلف الامين العام والامين العام المساعد وسائر الاعضاء قبل مباشرة أعمالهم يمينا بأن يؤدوا أعمال وظائفهم بالذمة والصدق، ويكون الحلف أمام وزير العدل."

 

عشرون: الفقرة الثالثة من المادة 88 من مشروع القانون المقترح: -" ويجوز نقل وندب أعضاء الهيئة للجهات والهيئات القضائية الأخرى ذات الأعمال النظيرة للعمل الفني بالهيئة؛ دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النُظراء، بشرط ان يكون مضى على تعيينه ثلاث سنوات واستيفاء المدد المحددة بها."

يُقابلها: الحكم الصادر من الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري برئاسة المستشار / عبد الرازق السنهوري برقم 1181 لسنة 6 قضائية جلسة19 /5/ 1953 وجاء به نصا " .... من حيث أنه تأسيساً على ما تقدم يجوز تعيين الموظفين الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قضاة من الدرجة الثانية أو من الدرجة الأولى متى قد استوفوا المدد المبينة بالفقرة(هـ) من المادة (الثالثة) من قانون استقلال القضاء والفقرة (د) من المادة (الخامسة) من القانون المذكور دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النظراء وهو ما اضطراد عليه العمل." ( )

 

حادي وعشرون: المادة 95 من مشروع القانون المقترح: -" عضو الهيئة عمله نظير لعمل قاضي مجلس الدولة  ، ولعمل قاضى العقود والملكية العقارية ، ولعمل عضو هيئه قضايا الدولة ، ويكون لعضو الهيئة الحماية والضمانات المقررة لنُظرائه بالجهات والهيئات القضائية ."

حيث يقابلها العديد من الأسانيد الدستورية وفقاً للعرض التالي:

1)            وقد صدر بشأن اعتبار العمل الفني بمصلحة الشهر العقاري نظيراً للعمل القضائي المرسومان الملكيان الصادران في 13 ، 14 سبتمبر 1950 ، وقرار وزير العدل 1323 لسنة 1973 ، وقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية في 17/10/1973 وقد أكدت هذه القرارات على وجوب حصول من يعتبر نظيراً للقضاة على إجازة الحقوق ، وهو ما يتوفر في الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق .وقد نصت المواد 39 وما بعدها من قانون السلطة القضائية على " أن يعين القضاة من الهيئات الآتية : ... أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي يصدر من المجلس الأعلى للهيئات القضائية نظيراً للعمل القضائي ... "

2)            وطبقاً: للـ مرسوم بقانون الخاص بتعيين ما يعتبر نظيرا لأعمال مجلس الدولة الفنية والمنشور بالوقائع المصرية بالعدد 91 في 18 سبتمبر سنة 1950.

3)            وطبقاً: لقرار وزير العدل رقم 1338 لسنه 1973 وطبقا لقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية الصادر في 17/10/1973 والمنشور بالوقائع المصرية عدد 248 بتاريخ 3/11/1973.

4)            وطبقا للقرار الوزاري (عدل) رقم 1323 لسنه 1973 وبناء عليه فإذا استقال من عمله بعد مده خبره لا تقل عن سبع سنوات يستطيع القيد بنقابه المحامين بجدول الاستئناف العالي.

5)            السند القضائي: لا يسعنا هنا سوى أن نذكر ويكفينا كسند قضائي عظيم وحجة وبينة وبرهان ودليل دون سواه، انه الحكم الصادر من الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري برئاسة المستشار / عبد الرازق السنهوري برقم 1181 لسنة 6 قضائية جلسة19 /5/ 1953 وجاء به نصا " .... من حيث أنه تأسيساً على ما تقدم يجوز تعيين الموظفين الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قضاة من الدرجة الثانية أو من الدرجة الأولى متى قد استوفوا المدد المبينة بالفقرة(هـ) من المادة (الثالثة) من قانون استقلال القضاء والفقرة (د) من المادة (الخامسة) من القانون المذكور دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النظراء وهو ما اضطراد عليه العمل."

 

ثاني وعشرون: المادة 96 من مشروع القانون المقترح: -" الضبطية القضائية :  يكون لأعضاء الهيئة صفة مأموري الضبط القضائي ولهم التصدي من تلقاء أنفسهم في إثبات الأفعال المادية أو القانونية التي تقع بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والكشف عن أي اعتداء يقع على حقوق الملكية بأنواعها المُكلفين بحمايتها، أو تزوير مُحرراتها، ويكون لهم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضبط، والاستعانة برجال الشرطة وإحالة الأوراق النيابة العامة أو النيابة الإدارية حسب الأحوال والإفادة عما أنتهى إليه التحقيق."

يقابلها: قرارات وزير العدل ارقام352لسنة 1972، 9168 لسنة 2012 والمُستندة تشريعياً وجذرياً لقانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950.

 

ثالث وعشرون: المادة 97 من مشروع القانون المقترح: -" يقوم القنصل المصري أو من ينيبه مقام عضو الهيئة بالنسبة لأعمال التوثيق خارج جمهورية مصر العربية، ويجوز ندب أعضـاء الهيئة للقيام بها كمُلحقين فنيين بالسفارات والقنصليات والبعثات المصرية بالخارج وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون."

يقابلها: مادة (88) من القانـون رقـم 45 لسـنة 1982الخـاص بنظام السلك الدبلوماسية والقنصلي والمعدل بالقانون رقم 69 لسنة 2009 ( )، والتي نصها: "يجوز لوزير الخارجية بالاتفاق مع الوزراء المختصين أن يندب عاملين من الوزارات الأخرى لشغل وظائف ملحقين فنيين ببعثات التمثيل في الخارج بشرط ألا تزيد الدرجة المالية المقررة للوظائف التي يشغلونها على الدرجة المالية المقررة لوظيفة رئيس البعثة. ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم [29] لسنة 1981 بشأن المعاملة المالية لأعضاء مكاتب وزارة الدفاع الملحقة بالبعثات التمثيلية لجمهورية مصر العربية بالخارج يُمنح هؤلاء الفنيون المرتبات الإضافية وبدل التمثيل والمبالغ والمزايا العينية الأخرى والإعفاءات الجمركية المقررة لوظائف التمثيل المعادلة لوظائفهم بما لا يُجاوز البدلات والرواتب والمزايا المقررة للوزراء المفوضين .ولا يجوز الجمع بين البدلات المقررة بالقانون رقم [29] لسنة 1981 المشار إليه والبدلات المماثلة المقررة بهذا القانون .كما يُمنح من عدا هؤلاء من العاملين المصريين بالمكاتب الفنية الملحقة ببعثات التمثيل في الخارج المرتبات الإضافية وبدل الاغتراب والمبالغ والمزايا العينية الأخرى والإعفاءات الجمركية المقررة لنُظرائهم من العاملين بتلك البعثات من أعضاء السلك .

وكذلك المادة (89) من ذات القانون والتي نصها :- " يكون الملحقون الفنيون خاضعين لإشراف وتوجيهات رئيس البعثة التمثيلية فيما يتعلق بأعمالهم الداخلية في دائرة اختصاص البعثة ومع عدم الإخلال بما للوزارات أو الجهات ذات الشأن من حق التوجيه والاتصال بالملحقين الفنيين التابعين لها أو الذين يتصل نشاطهم بأعمالها ، يكون على الملحقين الفنيين التنسيق مع رئيس البعثة في الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين البلدين أو التي تُؤثر على الخط العام للسياسة القائمة بينهما .ويبعث رئيس البعثة التمثيلية بملاحظاته على المكاتب الفنية الملحقة بالبعثة إلى الوزراء المختصين عن طريق وزارة الخارجية .

وكذلك المادة (90) من ذات القانون والتي نصها: -" يتبع جميع أعضاء بعثة التمثيل القنصلي رئيس بعثة التمثيل الدبلوماسي المعتمد في البلد أو البلاد التي يؤدون عملهم فيها ويخضعون لإشرافه وعليهم تنفيذ ما يُصدره من أوامر في حدود اختصاصاتهم.

 

رابع وعشرون: المادة 99 من مشروع القانون المُقترح: -" على جميع السلطات بالبلاد احترام عضو الهيئة وتسهيل مهمته وتوفير الحماية والضمانات اللازمة لأداء عمله القانوني باستقلال. "

يقابلها وينظمها استحقاق دستوري واجب النفاذ: نص المادة 199 من دستور مصر 2014: -" .... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون." ( )

 

خامس وعشرون: المادة 101 من مشروع القانون المُقترح: -" للعضو اتخاذ كافة الإجراءات القانونية قِبل من يحول دون تمكينه من أداء واجبه القانوني، والاطلاع على سجلات أو مستندات الجهات الإدارية، وسماع أقوال أو شهادات أي من العاملين بها أو المواطنين بعد حلف اليمين للتحقق من صحة ما يرد إليه، وتسري على الشهود الأحكام المقررة في قانون الِإجراءات الجنائية بما في ذلك الضبط والإحضار."

يقابلها: المادة 63 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" على الجهات المشرفة على أعمال التنظيم وعلى المحافظات أن تخطر الجهة القائمة على السجل العيني في أول كل شهر برخص البناء والهدم المعطاة لأصحاب الشأن وبربط العوائد المستجدة وذلك لكي تقوم الجهة الأخيرة بتطبيق نظام المدن على الوحدات العقارية المنشأة عليها هذه الأبنية عند ادراج أي تصرف يتعلق بها في السجل العيني. "

وكذلك يقابلها المادة 64 من ذات القانون والتي نصها: -" على السلطات المُختصة أن تقدم البيانات والأوراق التي تطلبها الجهة القائمة على السجل العيني أو التي يوجب القانون تقديمها والمتعلقة بإجراءات القيد خلال عشرين يوما من تاريخ طلبها. "

 

سادس وعشرون: المادة 108 من مشروع القانون المُقترح: -" كل من تعدى على عضو من أعضاء الهيئة بالفعل او إهانة بالإشارة او القول او التهديد اثناء قيامه بعمله او بسببه أو عند تطبيق أحكام هذا القانون ، وكل من توصل أو شارك في توثيق أو تسجيل او قيد مُحرر لسلب عقار مملوك للغير أو ترتيب حق عيني عليه مع علمه بذلك يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسون ألف جنيها مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها أي قانون اخر ويُعاقب على الشروع في هذه الجريمة بنصف العقوبة."

يقابلها: المادة 65 قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" كل من توصل الى قيد محرر لسلب عقار مملوك للغير او ترتيب حق عيني عليه مع علمه بذلك يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيها أو بأحدى هاتين العقوبتين مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها اي قانون اخر ويعاقب على الشروع في هذه الجريمة بنصف العقوبة "

 

سابع وعشرون: المادة 112 من مشروع القانون المقترح: -" لا يجوز للعضو أن يُباشر توثيق أو تسجيل مُحرر يخصه شخصياً أو تربطه وذوي الشأن صلة مُصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة ، ويجوز للعضو ان يتنحى عن نظر العقد إذا ثبت له ذلك. ولا يجوز لعضو الهيئة أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية أو منازعة عقارية معروضة على الهيئة تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية، ويجوز رده من ذوي الشأن إذا ثبت مخالفة ذلك. "

يقابلها المادة الرابعة: من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم68 لسنه 1947 ( ) والتي نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن في صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة "

وكذلك طبقاً للمادة (29) من تعليمات الشهر العقاري والتوثيق الطبعة الثالثة 2001صفحة291 الصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بموجب القرار الوزاري رقم 304 لسنه 1997 بتاريخ 26/3/1997 بتشكيل لجنة من قيادات الشهر العقاري والتوثيق لإصدار هذه التعليمات نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر أو التصديق على توقيعات أصحاب الشأن فه يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن فيه صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثالث: الأساس الجذري والتشريعي العربي والدولي لمشروع القانون

 

تم مُراجعة والاطلاع على العديد من التشريعات والتجارب العربية والدولية المُنظمة للتسجيل العقاري والتوثيق من جميع دول العالم ( ) ومن كلا المدرستين التشريعيتين [اللاتيني والانجلوساكسوني] بالإضافة الى مشروع القانون العربي الموحد الإسترشادي للكتّاب بالعدل (الموثقين) الصادر عن جامعة الدول العربية ( )    

 

ومن هذه التشريعات الدولية والعربية المتنوعة وعلى سبيل المثال لا الحصر : التشريع الفرنسي ، الألماني ، البوسني ، والمغربي والتونسي والاماراتي والعُماني واليمني والسوري والعراقي واللبناني ، والكندي والاسترالي والهندي ، ...الخ ، وتم اختيار أفضلها لمُقارنتها بالتشريعات المصرية ، وتم انتقاء أفضل النصوص والصياغات موضوعياً وشكلياً ، وتم مُراعاه التنظيم التشريعي والقانوني للمهنة وفقا للمعايير الدولية بما يضمن استقلال وحماية أعضائها ، وبما يتناسب مع عقيدة المشرع المصري ، وبما يتوافق مع منظومة العدالة المصرية ، وبالفعل تم استحداث عدة مواد قانونية مُقترحة ، مُطبقة عربياً ودولياً حققت هدفها التشريعي ، بثبات وقوة ، وعادت على المهنة وأبنائها بالرقي والتطوير ، وعلى المجتمع بنتائج إيجابية متنوعة ما بين قانونية واجتماعية واقتصادية كنتائج حتمية ومباشرة في مجال حماية وإثبات الحقوق وحفظها ، وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي ، وفقاً للعرض التالي ،وعلى سبيل المثال لا الحصر :-

 

أولاً: المادة 1 من مشروع القانون المقترح: -" في تطبيق أحكام هذ القانون يُقصد بالألفاظ والعبارات التالية، حيثما وردت في هذا القانون، المعنى المُبيّن قرين كل منها."

ونظير هذا النص بالمادة 1 من قانون الكاتب بالعدل السوري القانون رقم 15 لسنة 2014 المنظم لعمل الكاتب بالعدل التي نصها: -" المادة (1) يقصد بالتعابير الآتية المعنى المبين إزاء كل منها في معرض تطبيق أحكام هذا القانون "

ونظيرة مادة 2 من قانون التوثيق اليمني رقم 7 لسنة 2010 والتي نصها: -: لأغراض تطبيق أحكام هذا القانون تكون للألفاظ والعبارات التالية المعاني المحددة أمام كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر"

ونظيره المادة 2 من قانون الكاتب بالعدل الاماراتي رقم 4 لسنة 2013 والتي نصها: -" المادة 2: تكون للكلمات والعبارات التالية، حيثما وردت في هذا القانون، المعاني المبيّنة إزاء كل منها، ما لم يدل سياق النص على خلاف ذلك:"

ونظيره المادة الأولى من مشروع القانون العربي الموحد الإسترشادي للكتّاب بالعدل (الموثّقين) والتي نصها: -"يقصد بالكلمات الواردة في هذه المادة المعاني والتعابير المبيّنة إزاء كل منها: .... "

 

ثانياً: الفقرة السابعة من المادة 1 من مشروع القانون المقترح: -" ..... وعضو الهيئة هو المُكلف قانوناً وحصرياً في حدود سلطته واختصاصه القيام بالأعمال القانونية المُبينة في هذا القانون ولائحته التنفيذية وغيرهم من القوانين النافذة ذات الصلة. "

 

ونظير هذا النص بالمادة 1 من قانون الكاتب بالعدل السوري القانون رقم 15 لسنة 2014 المنظم لعمل الكاتب بالعدل التي نصها: -" الكاتب بالعدل: هو المُكلف في حدود سلطته واختصاصه القيام بالأعمال المُبينة في هذا القانون وغيره من القوانين النافذة. "

 

ونظيره من القانون اليمني نص المادة (2) من قانون التوثيق اليمني رقم 7 لسنة 2010 والتي نصها: -"الذي يتولى في حدود مهامه واختصاصاته القيام بأعمال التوثيق المبينة في هذا القانون والقوانين الأخرى النافذة واللائحة."

 

ثالثاُ: الفقرة الـ 11ـ من المادة 1 من مشروع القانون المقترح: -" ذوي الشأن: كل من يطلب من المتعاقدين أو من يقوم مقامهم قانونا، إجراء معاملة قانونية أو علاقة تعاقدية، وفقا لأحكام هذا القانون سواء كان شخص اعتباري أو شخص طبيعي."

 

نظير هذا النص بالمادة 1 من قانون الكاتب بالعدل السوري القانون رقم 15 لسنة 2014 المنظم لعمل الكاتب بالعدل التي نصها: -" ذوي الشأن: هو كل متعاقد أو موقع على الوثيقة أو من يقوم مقامه قانونا."

 

رابعاً: المادة 3 من مشروع القانون المقترح: -" .... وتحرير كافة أنوع المحررات. "

نظيرتها المادة 4 من قانون الكاتب بالعدل الاماراتي رقم 22 لسنة 1991 في شأن الكاتب العدل والتي نصها: -" يختص الكاتب العدل بتحرير العقود والمحررات والتصديق على التوقيعات وإثبات تاريخ المحررات العرفية على النحو المنصوص عليه في هذا القانون وبإجراء أية معاملة أخرى يأمره القانون بإجرائها."

 

خامساً: الفقرة الثالثة من المادة 79 من مشروع القانون المقترح: -" وأن يكون حاصلاً على درجة الماجستير في القانون أو ما يعادله، من الحاصلين على الليسانس في القانون بتقدير جيد علي الأقل، من إحدى كليات الحقوق أو الشريعة والقانون من احدى الجامعات المصرية أو على شهادة أجنبية معادلة لها بذات التقدير وأن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان المعادلة طبقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك."

نظيرتها بالقوانين العربية والدولية: -

 

أولا: دولة فرنسا ( ): - طبقاً للقانون ( ) رقم73-609 لسنة 1973 م ( ) قد حدد شروط تعيين وإعداد الموثق الفرنسي كالتالي: -الباب الأول: الإعداد والتعيين في منصب موثق. الفصل الأول: الشروط العامة لكفاءة الموثق.

(المادة الثالثة) من القانون سالف الذكر والمعدلة بالقانون رقم1232لسنه2007 " نصت على أن: -

" لا يجوز لأحد أن يكون موثقا إلا إذا توفرت فيه الشروط التالية: -

1أن يكون فرنسيا.

2-أن لا يكون ممن ارتكبوا أعمالا مخلة للشرف، والصدق أو الأخلاق؛

3أن لا يكون أقيل من عملة من نفس النوع من الأعمال التي أدت إلى التقاعد من منصبه أو إقالة التأديبية أو الإدارية، وإلغاء، إبطال، إلغاء تسجيل أو ترخيص؛

4ألا يكون حكم عليه من قبل بالإفلاس لشخصه أو الحظر الوارد المادة L. 653-8 من القانون التجاري؛

5أن يكون حاصلاً على درجة " الماجستير في القانون " معتمدة أو ما يعادلها من مؤهلات معترف بها رسمياً لممارسة مهنة التوثيق من قبل النظام المشترك لحافظ الأختام، وزير العدالة، وزير التعليم العالي.

6حاصل على درجة من الكفاءة كموثق وشهادة الإنجاز، أو على الدبلوم العالي في التوثيق؛

7 -الانتهاء، وذلك لأول تعيين والتدريب في إدارة مكتب توثيق، وسلوك وانضباط الموثقين الذين انهوا البرنامج ويتم تحديد شروط بأمر من حافظ الأختام وزير العدل، الذي يصدر بعد التشاور مع مكتب مجلس الموثقين والمركز الوطني للتعليم المهني للمحامين.

 

ثانيا: دولة أستراليا: القواعد العامة لتعيين الموثقين القانون رقم 369 لسنه 1998، قواعد تعيين الموثقين (الموثق العام): -" لأن يكون الشخص مؤهلاً للحصول على الموافقة على الترشيح لتعيينه كاتب العدل (موثق) إذا كان هو أو هي:

 (أ) أن يكون محام أو محامية اسمه مقيد في سجل المقيدين خلال فترة متواصلة لا تقل عن خمس سنوات.

 (ب) أن يكون حائزا على شهادة أسترالية كممارس للقانون كمحامي أو محامية.

 (ج) إتمام دورة الممارسة القانونية للتوثيق التي يجريها المجلس أو وافق عليها المجلس.

 

ثالثا: دولة البوسنة والهرسك: -قانون الموثقين بدولة اتحاد البوسنة والهرسك

المادة 26 شروط تعيين الموثق: يجوز تعيين (الموثق)على أن يتم استيفاء الشروط التالية مجتمعة: -

1-أن يكون من مواطني البوسنة والهرسك.

2-أن توافر الشروط القانونية للصحة العامة كمسئول عام.

3-أن يكون حاصل على دبلوم عالي من كلية القانون - (ماجستير في القانون) -في البوسنة والهرسك، أو قبل عام1992 في كلية القانون في يوغوسلافيا السابقة. أو إذا كان قد حصل على دبلوم كلية قانون دولة أخرى، يتحقق هذا الشرط بعد الاعتراف بالحصول على دبلوم الهيئة المختصة

 4-أحد القضاة في البوسنة والهرسك أو في السابق يوغوسلافيا قبل عام 1992 أو إذا قدم امتحان قضائي في دولة أخرى، يتحقق هذا الشرط بعد الاعتراف بهذا الاختبار عن طريق وزارة العدل الاتحادية.

 

رابعا: دولة لبنان: -طبقا لقانون كتاب العدل رقم 337 -الصادر في 8/6/1994في المادة الخامسة منه والمعدلة وفقا للقانون رقم 362 بتاريخ 1/8/1994، شروط تعيين الكاتب بالعدل: _ "يعين الكاتب العدل المتدرج بنتيجة مباراة (مسابقة): يشترط في المرشح أن يكون: -

1)            لبنانياً منذ عشر سنوات على الأقل.

2)            أتم الخامسة والعشرين من عمره ولم يتجاوز الرابعة والأربعين بتاريخ بدء المُباراة،

3)            سليماً من الأمراض والعاهات التي تحول دون قيامه بأعباء كتابة العدل

4)            حائزاً الإجازة اللبنانية في الحقوق.

 

خامسا: دولة اليمن: -المادة الخامسة من القانون رقم (29) لسنة 1992م بشــأن التوثيق والمنشور بالجريدة الرسمية العدد (7/3) لسنه 1997م المــادة (5): -" يتولى التوثيق والتسجيل في مكاتب التوثيق وما يتبعها من أقلام، قضاة ومساعدون قضائيون يتم ترشيحهم وتعيينهم وندبهم وفقا لقانون السلطة القضائية ويعاونهم عدد كاف من الكتبة يباشرون أعمالهم تحت إشراف رئيس المحكمة ومراقبته وتفتيشه. "

 

سادسا: دولة المملكة المغربية: -القانون رقم09-32 لسنه 2011 بتنظيم مهنة التوثيق

الفرع الأول (شروط الانخراط) من الباب الثاني (الانخراط في المهنة) من القسم الأول (مهنة التوثيق (المادة الثالثة من هذا القانون نصت على: -" يشترط في المترشح لمهنة التوثيق أن يكون: -

1)            مغربياً مع مراعاة قيود الأهلية المشار إليها في قانون الجنسية المغربية

2)            بالغاً من العمر ثلاثة وعشرون سنه ميلادية كاملة على ألا يتجاوز 45 سنه باستثناء الفئات المذكورة في المادة الثامنة بعده.

3)            حاصلاً على شهادة الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق المغربية أو ما يعادلها.

 

سابعا: دولة الجمهورية العراقية: قانون كاتب العدل رقم (33) لسنة 1998، ( ) المادة السادسة منه نصت على أن: -" يعين الكاتب بالعدل بأمر من الوزير على أن تتوافر فيه الشروط الآتية بالإضافة إلى الشروط العامة للتعيين: -أولا – أن يكون حاصلا على شهادة جامعية أولية في القانون.

 

ثامنا: دولة سلطنة عمان: المرسوم السلطاني رقم40 لسنه 2003 بإصدار قانون الكاتب بالعدل ( ) المادة الثالثة منه نصت على أن: -"يشترط في الكاتب بالعدل – فضلاً عن الشروط العامة للتوظيف المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية – أن يكون حاصلاً على مؤهل جامعي في الشريعة والقانون من إحدى الجامعات أو الكليات المُعترف بها وألا تكون قد صدرت ضده أحكام جزائية أو تأديبية لأسباب ماسة بالذمة أو الشرف ولو كان قد رد أليه اعتباره. "

 

سادساً: المادة 94 من مشروع القانون المُقترح: -" المُحررات المُوثقة والمُشهرة الصادرة عن عضو الهيئة سندات تنفيذية تتمتع بـ الحجية الثبوتية الكاملة بين المُتعاقدين وأمام الكافة، وتُزيل بالصيغة التنفيذية ويسري على تنفيذها تنفيذ الأحكام القضائية النهائية، ولا يجوز الطعن عليها، إلا بالطرق المُبينة بهذا القانون، ما لم يثبت تزويرها بالطُرق القانونية."

 

نظيرتها المادة 31 من قانون التوثيق اليمني رقم 7 لسنة 2010 والتي نصها: -" مادة (31): تكون للمحررات الموثقة من قبل الموثق حجية المحررات الرسمية ما لم يثبت تزويرها أو بطلانها بالطرق القانونية، أما المحررات الناقلة للملكية العقارية والرهن العقاري فلا تكتسب هذه الحجية إلا بين طرفيها فقط، أما حجيتها أمام الكافة فلا تكون إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري. "

 

سابعاً: المادة 96 من مشروع القانون المقترح: -" يكون لأعضاء الهيئة صفة مأموري الضبط القضائي ولهم التصدي من تلقاء أنفسهم في إثبات الأفعال المادية أو القانونية التي تقع بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والكشف عن أي اعتداء يقع على حقوق الملكية بأنواعها المُكلفين بحمايتها، أو تزوير مُحرراتها، ويكون لهم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضبط، والاستعانة برجال الشرطة وإحالة الأوراق النيابة العامة أو النيابة الإدارية حسب الأحوال والإفادة عما أنتهى إليه التحقيق."

 

نظيرتها المادة 43 من قانون رقم (4) لسنة 2013 بشأن الكاتب العدل الاماراتي، والتي نصها: -" الضبطية القضائية المادة (43) يكون لموظفي الإدارة الذين يصدر بتسميتهم قرار من مدير المحاكم بالتنسيق مع مدير عام دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي صفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الأفعال التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون، ويكون لهم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضبط، والاستعانة برجال الشرطة.

 

 

ثامناً: المادة 97 من مشروع القانون المقترح: -"يقوم القنصل المصري أو من ينيبه مقام عضو الهيئة بالنسبة لأعمال التوثيق خارج جمهورية مصر العربية، ويجوز ندب أعضـاء الهيئة للقيام بها كمُلحقين فنيين بالسفارات والقنصليات والبعثات المصرية بالخارج وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون."

 

ونظيرتها المادة 20 من قانون الكاتب بالعدل السوري رقم 15 لسنة 2014، والتي نصها: -" المادة (20) يقوم القُنصل السوري أو من ينيبه مقام الكاتب بالعدل خارج أراضي الجمهورية العربية السورية. "

 

 

 

 

 

 

المبحث الرابع

المُذكرة الإيضاحية

لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق 

مقدمة:

يحمي الدستور الملكية العامة والملكية الخاصة طبقاً للمادة 33 من الدستور، وان للملكية العامة حرمة لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقاً للقانون وذلك طبقاً للمادة 34 من الدستور، والملكية الخاصة مصونة طبقاً للمادة 35 من الدستور، وبالتزامن مع واجب الدولة دستورياً في حماية وإثبات حق الملكية، وتسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق، وبما لا يضر بضمانات حماية الملكية العقارية لمصر والمصريين دون تفريط أو إفراط.

 

وحق الملكية من أهم الحقوق الدستورية على الإطلاق، وفي فلكه تدور سائر الحقوق الدستورية الأخرى ،ولخطورة وأهمية حق الملكية وتعلقه بالنظام العام ، لا يتم تنظيم أحكامه إلا بقواعد قانونية آمره ، من خلال تشريع عقاري وهي قوانين الشهر العقاري والتوثيق ، ومن السلطة التشريعية ، ومن هنا يكون وظيفة المُشرع بحث المُشكلات التي تواجه أفراد المجتمع وإيجاد الحلول التشريعية لها بإجراءات مدروسة جيداً، وتتسم بإمكانية تنفيذيها بسهولة، وصولاً إلى تحقيق الغاية والهدف التشريعي منها وبما يحقق في النهاية تيسيرات حقيقية للتسجيل العقاري بمصر قابلة للتطبيق قانونياً وعملياً، ولا تسبب المزيد من الأزمات والعقبات أمام المواطنين.

 

وتسهيل إجراءات التسجيل العقاري ليس فقط واجب دستوري على الدولة ، فهو أيضاً هدف قومي ومحل توجيه رئاسي من السيد رئيس الجمهورية ،وتسعى إليه جميع سلطات الدولة الثلاثة وخاصة السلطة التشريعية ويحقق رغبة مُلحة من المواطنين، ويصون ممتلكاتهم ، وهو ما يعكس واجب الدولة دستورياً نحو تسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق لحماية حقوق الملكية، سواء العقارية أو المنقولة ،وإثباتها وسهولة تداولها رسمياً ،والمزايا الإيجابية والفوائد المتنوعة لا تعد ولا تحصى كنتيجة مباشرة لتوثيق الممتلكات العامة والخاصة، وحصر الثروة العقارية ، ليس فقط حماية للملكية العقارية ومنع التعدي عليها، بل لها مردود إيجابي اقتصادي واجتماعي وأمني، بما يحقق مبدأ استقرار الملكية العقارية، وهو الجاذب الأول للاستثمار ، من خلال تمكين الدولة ما إحكام رقابتها وتوفير حمايتها للحقوق العينية العقارية للتأكد من شرعية العلاقات التعاقدية وحماية المُتعاقدين والغير من الغش والتدليس بما يضمن منع المنازعات العقارية وسرعة الفصل فيها حال ظهورها بقرار قضائي نهائي مُسبب لتعزيز الثقة في التعاملات العقارية وضمان استقرار المراكز القانونية .

وتحقيقاً للـ الأمن التعاقدي والأمن القانوني كأحد روافد الأمن الوقائي القائم على تحقيقه الهيئة القانونية المُستقلة ذات الاختصاص القضائي والمُقترحة تشريعياً وكاختصاص أصيل قائم حالياً لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، يحتاج حالياً تشريعياً النص عليه صراحة وتوفير كافة الصلاحيات والسلطات لتفعيله وتعزيزه ، باعتبار الأمن التعاقدي ،والقانوني من الأسس التي ينبغي أن يستند عليهما التشريع العقاري الحديث ، كواحد من الحقوق الأساسية التي ينبغي أن تكفلها الدولة ، في ظل حاجه الدولة الى الأمن بصفه عامه والأمن القانوني ،والتعاقدي بصفه خاصة ، دعماً لاستقرار المراكز القانونية ، وأهمية الحاجة للأمن التعاقدي ترتبط رافدين رئيسين هي السلطة التشريعية المُنتجة للقاعدة القانونية ، والهيئة القانونية المُستقلة ذات الاختصاص القضائي المُقترحة الساهرة على تنفيذ احكام هذا القانون ،ومدى الارتباط والتشابك الشديد بين الأمن التعاقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأدوار الجديدة للهيئة المقترحة، في ثوبها القانوني الجديد تحقيقاً للأمن التعاقدي ودعماً لحماية واستقرار وإثبات حقوق الملكية بأنواعها وحصر دقيق للثروة العقارية المصرية، والضمانات والحماية المهنية المنتظرة لأعضاء الهيئة كترجمة حقيقية لنص استقلال الموثقين الدستوري (المادة 199 من دستور مصر 2014).

 

وتحقيق الأمن القانوني في مجال المعاملات العقارية ، بما إن العقار مصدر من المصادر المجددة للثروة ومقوماً فعالاً أن لم يكن الوحيد والحصري للاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فهو من الأمور الحساسة والتي لها وزن اقتصادي و ثُقل اجتماعي ، حيث عمدت مُختلف تشريعات العالم على ايجاد نظم عقارية متباينة تخضع للتشريع الآمر والمتعلق بالنظام العام ، من أجل استقرار وحماية وإثبات الملكية العقارية وتشريع القواعد القانونية ليتمكن الحائزين للأملاك والحقوق العينية العقارية ، من سهولة إثباتها وحمايتها وتداولها ، وذلك بتنظيم متطور ومستمر تشريعياً من وقت لآخر لعمليات التملك والاستغلال والتداول لهذه الأموال رسمياً ،وبما يضمن حقوق المتعاقدين والدولة على حد سواء وبما يؤدي إلى إرساء الثقة والطمأنينة واستقرار المراكز القانونية ، وبمفهوم آخر توفير الأمن والاستقرار القانوني ، ، وللمشرع وفقاً لسلطته التشريعية وهو ينشأ هيئات مُستقلة ذات اختصاص قضائي ، يهدف في الواقع إلى أولاً : سيادة السلام العام قانونياً اجتماعيا واقتصادياً وأمنياً ، وذلك لما هو معروف وثابت لدور الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي في وضع حلول ملزمة وفقاً للدستور والقانون لما قد ينشأ من نزاعات تعكر صفو هذا السلام العام وثانياً : لتوفير الحماية التشريعية لحقوق الملكية التي نص على حمايتها الدستور ،وثالثاً : لتخفيف العبء على المحاكم ودعم العدالة الناجزة وسرعة الفصل في النزاعات المدنية العقارية القائمة ، ورابعاً: منع النزاعات العقارية المستقبلية او المُحتملة فيما يعرف بـ العدالة الوقائية.

 

 إن الأمن القانوني هو الغاية الأساسية التي ينشدها كل نظام قانوني، ولعل مجال تطبيقها الرئيسي هو توثيق وحفظ الحقوق على اختلاف أنواعها ، ولعل أهمها حقوق الملكية العقارية ، وفي ضوء مقومات وعناصر حماية حقوق الملكية بأنواعها المختلفة والتي نص عليها الدستور في أكثر من مادة دستورية ، بحيث يعتبر الأمن القانوني عنصراً من عناصر النظام في المجتمع وفاتحة كل حضارة، فهو نتاج الحاجة إلى إحلال النظام محل الفوضى ولمّ الشمل بدل التّشتت، فقد عملت معظم النظم القانونية الحديثة على أن تهدم بلا تردد كل ما يُعرض الاستقرار القانوني للخطر ، ويعتبر التشريع الأداة الأساسية لتنظيم العلاقات بين الأفراد في المجتمع فلا بد لهذا التنظيم القانوني الُمُحكم أن يكون محقّقاً للاستقرار والانضباط في المراكز القانونية، وبآليات تشريعية جديدة ميسرة وفقاً لصلاحيات وسلطات جديدة ، نص عليها الدستور ، فبقدر ما تكون هذه المراكز القانونية التعاقدية واضحة ومحددة ومصونه ومُعترف بها وتحظى بالاحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع، بقدر ما يمكن أن تتم الأعمال في سهولة ويسر، وبقدر ما يشوب هذه التعاقدات من غموض أو خلط أو عدم يقين بقدر ما ترتبك الأعمال بل وقد تتوقف تماماً ، ومن هنا تظهر أهمية وخطورة القاعدة القانونية

 

إن القاعدة القانونية تعمل على تحقيق الأمن المادي والمتمثل في حماية الأشخاص والأموال من الاعتداء وتحقيق الأمن القانوني والمتمثل في المحافظة على استقرار المراكز القانونية وقيام الثقة في العلاقات التعاقدية القانونية والقدرة على توقع الأمور مسبقاً ورسم وتخطيط العلاقات التعاقدية المستقبلية ،ويعد الأمن القانوني ضمانة لحماية حقوق الأفراد ومصالحهم، من خلال توثيقها ، فهو من الضروريات التي يستلزمها النشاط الاقتصادي والاجتماعي، لذا تلتزم السلطات بتحقيق قدر من الثبات النسبي والاستقرار للعلاقات القانونية بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة لأطرافها

 

وضرورة تحقيق الأمن التعاقدي: كنتيجة حتمية لـ "مبدأ العقد شريعة المتعاقدين "، و"مبدأ احترام الحقوق المكتسبة"، و"مبدأ المساواة والاستقرار في المعاملات التعاقدية "، و"مبدأ الثقة المشروعة". حيث ان اساس ومحراب العمل الفني بالهيئة القانونية المستقلة محل مشروع القانون المقترح هو توثيق وتسجيل وقيد العقود ومجمل تعاملات الهيئة هو مع المتعاقدين، من أجل إثبات حقوقهم وحمايتها في ضوء الالتزامات التعاقدية المتبادلة التي اتفقوا عليها ويرغبون باتفاقهم العرفي في إضفاء الرسمية عليه للفوز بالحجية الثبوتية المطلقة بين المتعاقدين وأمام الغير والكافة، ملتزمين بالقواعد القانونية المنظمة لذلك بالدستور والقانون ووسائل إثباتها وتداولها رسمياً امام الهيئة المقترحة.

 

وبمعني أن تكون القواعد القانونية مؤكّدة ومحددة وواضحة وميسره في تنظيمها للمراكز القانونية وأن تضمن تأمين النتائج بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها ويطمئن لحُكمها، فمن سيبرم عقداً سيعرف مقدماً الالتزامات القانونية والمالية التي عليه وحدودها ونطاقها وكذلك ما للمتعاقد الآخر، وبحسب هذا المفهوم القانوني لا يترك مجالاً للنزاعات القضائية المحتملة، ومنع حدوثها مستقبلاً فيما يعرف بـ العدالة الوقائية وهو الدور المنتظر للهيئة القانونية المستقلة المقترحة. وتحقيقاً للـ العدالة الوقائية للعلاقات التعاقدية، فـ مما لا خلاف عليه أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم، ويحفظ المال لأهله، ويجنب المتعاقدين من مخالفة الدستور والقانون، ومزالق الاتفاقات المحرمة، وبه يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات قبل وقوعها وهو ما يطلق عليه (العدل الوقائي).

 

فـ الموثق (عضو الهيئة المُستقلة) هو حقيقة قاضِ وقائي اختياري للمُحافظة على حقوق الأطراف وصون مُمتلكاتهم ، حيث دوره دور وقائي لحفظ الحقوق منعاً للنزاع ، في حين أن القاضي والمحامي يتدخل في حالة المُنازعات بعد حدوثها لعلاج الضرر وإقرار العدل ، أما الموثق في غالبية أدواره القانونية وبتدخله قبل النزاع قبل وقوعه فإنه يعمل على إحكام المعاملة التعاقدية وصياغة بنودها وشروطها وفقا لأحكام الدستور والقانون وطبقا لإرادة ورغبة المتعاقدين فيخرج عقد رسمي كامل الأركان شكلاُ وموضوعاً ويحوز حجية ثبوتية مطلقه كسند تنفيذي قوي وفقاً للمادة رقم 280 من قانون المرافعات ،وليس فقط بين أطرافه كنسبية الأحكام القضائية ،بل يمتد أثارة القانونية في الحجية والإثبات إلى الغير والكافة ، وفقاً للمادة رقم 11من قانون الإثبات.

 

فـ التوثيق والتسجيل يُحرر ويُثبت في وقت لا نزاع فيه بين المتعاقدين وتُقرر فيه الحقائق وتُثبت الحقوق على طبيعتها وقت إنشائها وحدوثها وأمام موثق عدل مُستقل ومُحايد، وبدون غرض أو تحيز أو خطأ أو نسيان، ولا يخضع لترهيب أو ترغيب، ولذلك نص الدستور المصري بالمادة 199 على استقلال الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري والحماية والضمانات اللازمة لأداء عملهم القانوني، وفقاً لما ينظمه القانون، وهو ما تم ترجمته تشريعياً بمشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق".

 

وبعد مرور 75 عام على تأسيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، عام 1946م ـ  بكل تأكيد يحتاج كل ما سبق الى تطوير تشريعي هيكلي شامل فنياً وإدارياً ومالياً ، وإضافة صلاحيات وسلطات تشريعية جديدة تمنحها السلطة لإثبات وتسجيل 95% من عقارات مصر الغير مُسجلة حالياً ،ولتسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق ، ليس فقط لتواكب العصر الحديث ، بل لضمان استمرار جهة التسجيل العقاري والتوثيق في اداء رسالتها ، وكما تقول الحكمة الشهيرة " اذا لم تتغير فمن الممكن ان تفنى " ، من خلال إلغاء أحكام القانون ٥ لسنة١٩٦٤ الخاص بالهيكل الإداري (قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق) بما يُحقق إعادة هيكلة شاملة لقطاع التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وتحويل المصلحة العجوز إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي ،ومُعالجة أوجه القصور التي شابت باقي قوانين الشهر العقاري والتوثيق بغية مصلحة قومية للبلاد في المقام الأول اتساقاً مع نصوص حماية الملكية الدستورية بأنواعها العامة والخاصة والتعاونية ،وترجمة حقيقة تشريعية لنص المادة 199 الواردين بدستور مصر 2014 ، و ما أملته الضـرورة العمـلية من ضبط و حماية الملكيات الخاصة و العامة للأفراد و الدولة ، وتيسير إثباتها وتداولها رسمياً خاصة وأن هذا القانون لا يؤدى إلى زيـادة أعـباء مالـية للدولة بحيـث أن هذا الجهاز يحقق إيرادات سنوية فوق المتوقعة، تربو على المائة مليار جنيه في السنة الواحدة و أن عدد الأعضاء لهذا الجهاز لا يزيد عن ثلاثة آلاف عضو قانوني.

المطلب الأول

إثبات وحماية حق الملكية واجب دستوري محققاً لوظيفته الاقتصادية والاجتماعية

 

أولاً: تُمثل الملكية أحد أوجه الحرية الاقتصادية للإفراد في المجتمعات الحديثة، وتمتلك تأثيرها في تحديد المكانة الاجتماعية والنفسية للمالكين فيكون بها مركزه الاجتماعي، وان تغلب عليه الصفة الاقتصادية، غير انه يمتلك حضوره الاجتماعي والنفسي، وفي أحيان أخرى تأثيره السياسي.

 

ثانياً: أن حماية حق الملكية لا يقتصر على الأفراد المالكين، وإنما يتعد ذلك إلى مسؤولية الدولة أولاً في حمايتها وتحديد الهيئة العليا المستقلة المسئولة عن حمايتها بوصفها حقاً أولاً، وبوصفها أداة إثراء المجتمع ثانياً كونها رأسمال قادر على تفعيل النشاط الاقتصادي في المجتمع عموماً. بل ولأبعد من ذلك فهو قاطرة النمو الاقتصادي لجميع دول العالم فهي وان امتلكت صفة شخصية غير أن لها صفات عامة عبر ارتباطها بالاقتصاد العام في البيئة الاقتصادية التي تتحرك فيها، وخاصة دورها الأساسي في دمج الاقتصاد الغير رسمي والمتمثل في 95% من الثروة العقارية المصرية غير المُسجلة، وقيمتها تتجاوز 500 مليار دولار وللأسف خارج نطاق الاقتصاد الوطني المصري.

 

ثالثاً: أن حماية حقوق الملكية عبر التشريعات التي تعتمدها الدولة، من خلال سلطتها التشريعية، وفي مقدمتها الدساتير كونها أعلى قاعدة قانونية ملزمة، يوفر البيئة القانونية والنفسية الملائمة لاتساع النشاط الاقتصادي والاستثماري العام والخاص المُرتبط بالملكية العامة والخاصة، ويخلق الفرص الملائمة لاتساع سوق العمل وتراكم رأس المال الوطني والاجنبي وجذب الاستثمار ودمج الاقتصاد الغير الرسمي للثروة العقارية.

 

رابعاً: أن هذه الأهمية التي اختصها الحق بالملكية العامة والخاصة يتطلب التعامل معه برؤية فكرية تشريعية جديدة تعتمد الاستقلال والحياد وبصيغ قانونية مُستحدثة ودقيقة تكفل حمايتها ورعايتها بصورة مُحكمة سهل إثباتها وتداولها رسمياً، بما يخدم التوجهات السياسية للدولة في دعم النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات الوطنية والاجنبية المرتبطة بالملكية العامة والخاصة من خلال حمايتها ودعم استقرارها، فيما يعرف بتوفير آليات وثوابت الضمان العقاري للاستثمار.

 

خامساً: صحيح أن فهم حقوق الملكية العامة والخاصة يتفاوت على وفق العقائد التشريعية والاقتصادية والاجتماعية التي تتخذ منه وسيلة أو نتيجة. ففي العقائد التي تتخذ من العدل الاجتماعي منطلقاً في التعامل مع جميع المفردات الاقتصادية تحد منه وتمنحه وظيفة اجتماعية (كالصين مثلا)، على النقيض من العقائد التي تعد المنافسة الوسيلة الناجعة للتطور الاقتصادي تمنحه وظيفة اقتصادية بحته (كفرنسا مثلاً).

غير أن أياً من المفهومين، عند التعامل مع الملكية العامة أو الخاصة (بالتوسع أو التضيق)، يجب أن تتخذ من العدل والحماية والاستقرار أساساً لتقويم سياستها التشريعية والقانونية في التعامل معه، ومن أن تجعل منه رافداً مهماً وفاعلاً في دعم الحياة الاقتصادية أياً كان توجهها السياسي أو الاقتصادي.

 

سادساً : تزايد حركة التسجيل العقاري في أي دولة هو المؤشر الوحيد واليقيني على نهضتها العقارية في ظل مناخ يُشجع الاستثمار العقاري حيث الأرقام المرتفعة والتصاعدية لحركة التسجيل العقاري رضائياً تعكس مباشرة مدى الزيادة الحقيقية في حجم التعاملات العقارية وتشجع تدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج في مجال الاستثمار بكافه أشكاله ، والعكس صحيح حيث زيادة عدد المنازعات القضائية العقارية (التسجيل القضائي) دليل يقيني على عدم استقرار الملكية العامة والخاصة ، وهو أكبر سبب في هروب المستثمر الوطني قبل الأجنبي ، ومؤشر سلبي على ضعف وتدهور منظومة التسجيل العقاري وصعوبتها .

 

سابعاً : قد مرت مصر على مدار عشرات السنوات الماضية بأزمة حقيقية مُزمنة  في الملكية العقارية وما زالت  تمثلت في مصاعب قضائية وقانونية وإدارية وتراكم ضخم جدا لقضايا الملكية العقارية تجاوزت نسبتها الـ 50% من حجم القضايا المدنية والإدارية المنظورة أمام المحاكم المصرية والتي سببها نزاع عقاري ويمكننا الجزم بأن الـ 50% الباقية من النزاعات القضائية ما هي إلا امتداد وآثار جنائية للنزاع العقاري وعدم استقرار الملكية العقارية بمصر حتى الآن وذلك بسبب عدم الفصل فيها بسبب ضعف القوانين المنظمة لها وبسبب عدم وجود جهاز مستقل وقوي مكلف بحمايتها دون تدخل وعبث العابثين من ذوي النفوذ والسلطة .

خلال هذه الأعوام حدثت طفرة عقارية عالمية في كل دول العالم عدا مصر، وترجع هذه القفزة التنموية العقارية إلى اهتمام هذه الدول بتطوير الأجهزة القائمة على التسجيل العقاري والتوثيق وإعادة هيكلتها باستمرار، وبالتوازي وجنبا إلى جنب بالاهتمام والتركيز على العنصر البشري المتمثل في القانونيين القائمين على التسجيل العقاري والتوثيق، وضمان استقلال مهنتهم وحمايتهم وتوفير الضمانات اللازمة لأداء رسالتهم الدستورية في تحقيق وبحث وحماية الملكية العقارية والتوثيق.

حيث شهدت معظم دول العالم ومنها الدول العربية وخاصة الخليجية منها نمواً غير مسبوق وخلال فترة قصيرة جدا وتنوع في مصادرة لتشمل نواحي متعددة تواكب تطور شامل في مختلف مجالات التنمية تبدأ بتطوير منظومة العدالة ومروراً بمناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية لهذا فان ازدهار الاستثمارات العقارية لتلبية احتياجات النهضة العمرانية الشاملة من الوحدات السكنية أو الصناعية أو التجارية التي تعتبر أساسا ثابتا لأي نمو اقتصادي أو تنمية شاملة.

وأنه بمُقارنة الظروف الاقتصادية الحالية والتي مرت بها مصر ونسبة عقاراتها الغير مُسجلة وصلت لـ 95%، ومقارنتها بباقي دول العالم والتي لا تزيد نسبة الغير مسجل بها عن 5%، فانه من الطبيعي أن يقل حجم إيرادات وعدد معاملات تسجيل العقارات والتوثيق بحيويتها المعهودة بباقي دول العالم والتي لا تهدأ صباحا ومساء والتي يزداد دورها وأهميتها يوما بعد يوم لما هو منتظر من مصر أن تنهض باقتصادها إلى أعلى الدرجات بعد أن زال نظامها السابق وبدء نهضة اقتصاديه شاملة على أسس قانونية وعلمية واقتصادية شكلاً وموضوعاً.

 

ثامناً : تدهور القطاع العقاري في مصر وأصبح يمر بمرحلة حرجة جداً دستورياً وقانونياً تسببت في عدم استقرار الملكية العقارية في مصر وهروب رؤوس الأموال من الاستثمار في مصر ، والمُستثمر الوطني قبل الأجنبي ، وأيضا إلى جانب ما واجهه القانونيين القائمين على التسجيل والتوثيق العقاري بمصر من ضغوط وتهديدات من الفاسدين ومافيا سرقه الأراضي والتي عاشتها مصر لأكثر من ثلاثون عاماً استباحت فيها أراضي الدولة والمواطنين وتم اغتصابها وسرقتها وفقاً لسيناريو منظم  استولوا من خلاله على ألاف الأفدنة من تراب وطننا الحر ، حتى وصل نسبة الفساد العقاري الى ما يقرب من 90% من حجم الفساد .

 

ولن يكون هناك نهضة حقيقية إلا من خلال ثورة تشريعية عقارية شاملة تهدف لـ إنشاء هيئة مستقلة لحماية ورعاية الملكية والثروة العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ... هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي في المسائل الفنية العقارية ،ويتوفر لها مجموعه قوية من الضمانات القانونية الفعالة لأعضائها القائمين عليها من الموثقين من الحياد والاستقلال وفقاً لمفردات الاستقلال والحماية الواردة بالمادة 199 من دستور مصر 2014 ، لحمايتهم من التدخلات الخارجية من أياً كان وليمارسوا عملهم القانوني الخطير بحياد وشفافية دون ضغط أو تهديد لنكون بصدد نهضة عقارية شاملة على أركان سليمة وقوية من خلال تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قانونية مستقلة تستقل وبحياد ونزاهة لحماية وتنظيم ورعاية الملكية العقارية بمصر .

 

تاسعاً: أن جميع دول العالم تتجه منذ فترة نحو تطوير خدمات جهات التسجيل العقاري والتوثيق بها بما يتوائم مع النهضة الشاملة بالدولة في كل المجالات واتساع حركة العقارات واتجاه قيادتهم السياسية الواعية وعنايتها واهتمامها بالملكية العقارية وإزالة جميع العقبات التي تواجه تطوير وتحديث العمل شكلاً وموضوعاً وتلك التوجهات بلا شك نابعة من تفهم كامل لدور الدولة عموماً ودور التسجيل العقاري والتوثيق بشكل خاص في الحفاظ على الثروة العقارية وحمايتها من التلاعب.

 

عاشراً : مشروع القانون المُرافق سيضمن استقرار الملكية العقارية وسهولة إثباتها ويقلص المنازعات القضائية حولها ،وسرعة البت فيها حال ظهورها فهو طفرة تشريعية حضارية لحماية وحصر الثروة العقارية للدولة والمواطنين والتي تعد عنصراً من عناصر الثروة القومية في المجتمع وبكل ثقة سيساهم في انتعاش الاستثمار العقاري من خلال ازدهار الائتمان الذي يقوم على ضمانات عقارية ، انه جهاز جديد بصلاحيات وسلطات تشريعية  جديدة يدعمها المادة 199 من الدستور ،  فالدستور والقانون يكفلان حماية حق الملكية باعتبار أن حق الملكية من الحقوق الأساسية الجديرة بالاهتمام والحماية سواء للدولة أو للمواطنين .

حادي عشر: وبما أن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي الجهة القانونية الوحيدة المنوط بها قانونيا وحصرياً شهر وتوثيق المحررات وفقاً لأحكام القانون فقد أصبح جلياً أن تكون هي الهيئة المُنتظرة المنوط بها إثبات وحماية وحصر الملكية العقارية والمنقولة والفكرية بمصر .... "هيئة الملكية العقارية والتوثيق".

وحيث إننا لن ننشأ جهاز جديد من العدم بل هو تطوير واستمرار لوجود هذا الكيان القانوني العريق الموجود بمصر منذ عام 1946 لكن بتحويله إلى هيئه قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي لأعضائها القانونين لتمكينهم من ممارسة عملهم بنزاهة وحياد دون ضغط أو تهديد وحمايتهم من تدخل وعبث ذوي النفوذ والسلطة.

 

ثاني عشر : ومن خلالها سيتم حصر الثروة العقارية بشكل سهل وهو هدف يجب أن تسعى الدولة لتحقيقه لتنمية أوجه الاستثمار في الثروة العقارية بحيث يجب أن يكون التسجيل العقاري إجبارياً وليس اختيارياً وعدم الاعتراف قانونياً إلا بالعقود الموثقة والمسجلة دون غيرها في إطار رسمي وفقاً لمراحل زمنية تشريعية ،ووفقا لتسهيلات معينة تبسط الإجراءات وتشجع على القيام بها ووفقاً لرسوم موحدة مدروسة جيداً تُشجع على التوثيق والتسجيل و تفعيل وتطوير قانون السجل العيني كنظام تسجيل عقاري أساسي بمصر اثبت نجاحه بكل دول العالم ولكنه تعثر وتأخر جدا بمصر مع أن تاريخ صدوره منذ عام 1964 .

 

ثالث عشر : مع العلم أن احد أهم أسباب هذه العقبات هو عدم وجود هيئة عقارية مستقلة وذلك لإدخال الثروة العقارية في عجله الاقتصاد القومي والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات من خلال منظومة التمويل العقاري متزامناً مع ضرورة إعادة الهيكلة الشاملة فنياً وإدارياً ومالياً لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق لإثبات وتوثيق وحماية الملكية العقارية للدولة والمواطنين مع العلم أن نسبة العقارات المسجلة لا تتعدى الـ 5% من إجمالي عقارات وأراضي مصر ولا يخفى على احد أن الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة الأخيرة كان سببها هو فقدان حق شركات وبنوك التمويل العقاري لحقوقها في تنفيذ الضمان العقاري المقدم لها .

 

رابع عشر : ولما كانت مصلحة الوطن والمواطنين  متبادلة رابطها الاستقرار المطلق للملكية العقارية وتيسير إثباتها وضمان حمايتها ، وبما انه مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ليست مستقلة شكلاً وموضوعاً وتتبع كلياً كإدارة مُلحقة بوزارة العدل (فنياً ومالياً وإدارياً)، وفشلت المصلحة في تحقيق الغرض من إنشاءها عام 1946 في حصر وتوثيق وحماية الثروة العقارية المصرية ،ولم تهتم حكومات مصر المتعاقبة وأنظمتها السياسية على مر السنوات الماضية مطلقاً بمنظومة وأهمية الملكية العقارية ودورها الرئيسي في التنمية والاستقرار السياسي والسلم الأهلي بين أفراد المجتمع  وتركتها لمنظومة القوة والنفوذ ووضع اليد بالقوة ومافيا سرقه الأراضي والمصالح الخاصة للنافذين ، حتى تفاقمت أزمة التسجيل العقاري للصورة الواضحة للجميع الآن .

 

خامس عشر : فقد أدت هذه المنظومة البالية في الفترة الماضية إلى شروخ قانونية واقتصادية واجتماعية واضحة للجميع في المجتمع المصري تنوعت في حجم الأراضي والعقارات المنهوبة بصور منظمة بسبب عدم حصرها وتسجيلها ، ووفقاً لسيناريو معين ساهم في تحقيقه العديد من الجهات والأفراد لسرقه أراضي الدولة والمواطنين والذي اتضح مؤخراً بعد الثورة من أن حجم الفساد في سرقة الأراضي والاستيلاء عليها بالمخالفة للدستور والقانون قد تجاوز كل الحدود والتوقعات ، بل أصبح نموذجاً فريداً للفساد عالمياً ليس له أي مثيل في حجم الأراضي والعقارات المنهوبة وترتيبه الأول عالميا من حيث الفساد العقاري الأمر الذي اثر سلباً في انهيار كافه مبادئ وقواعد استقرار الملكية العقارية بمصر وهروب جميع الاستثمارات الأجنبية والوطنية من القطاع العقاري وتمثل ذلك بوضوح مُطلق في القرارات الصادرة من الأجهزة المعنية في قرارات المنع من التصرف في الآلاف من الأراضي والعقارات والأموال سواء المملوكة للدولة أو للأفراد والتي استباحها الفاسدين بصورة منظمة والتي من كثرة عددها قد فاقت  في سنه واحدة كل ما صدر من قرارات منع من التصرف منذ إنشاء الشهر العقاري عام 1946 وذلك وفقاً للكتب الدورية التي اخطر بها الشهر العقاري رسميا في الفترة الأخيرة .

 

سادس عشر: وأدى تمييع فكرة ومبادئ حماية الملكية العقارية في ظل غياب هيئة قانونية مُستقلة مُعبرة عن قُدسية الملكية العامة والخاصة والتي نص صراحة على حمايتها دستور مصر2014 أكثر من مرة، ويعتبر من الحقوق الفريدة أن لم يكن الحصري الذي أكد عليه الدستور في أكثر من مادة دستورية إلا أن الواقع المؤلم للقطاع العقاري يظهر لنا عكس ذلك وأصبح التصرف في الملكية العامة وكأنها خاصة والخاصة وكأنها عامه، وما يتم كشفه كل ساعة من تزايد حجم الفساد العقاري في مصر والذي بلغ نسبة 90% من حجم الفساد بمصر

 

سابع عشر: تلك البيئة الفاسدة في ظل عدم وجود جهاز قانوني قوي ومُستقل لحماية الملكية العقارية في ظل مناخ من الفساد والتلاعب بمُقدرات الوطن والمواطنين والتعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة، فلقد كانت بيئة عشوائية فاسدة حكمتها الأهواء الخاصة والمطامع الشخصية اُنتهك فيها الدستور والقوانين بأكثر من صورة وطريقه من تدخلات وأوامر مباشرة بالتسجيل والتوثيق بالمُخالفة للقانون من أعمال ضغط وتهديد بالحبس وإرهاب وظيفي ونقل تعسفي ضد القانونيين القائمين على التسجيل العقاري والتوثيق بمصر.

 

ثامن عشر: وفي ظل غياب الواعز القانوني خلال السنوات الطويلة الماضية لدى المُشرف على تنفيذ السياسات العقارية وعلاقتها بالملكية العامة والخاصة وليس ذلك فقط بل أدى غياب هيئة عقارية مستقلة لحماية الملكية العقارية وصوناً للسلم الأهلي أدى إلى تراكم غير مسبوق وفريد دولياً في قضايا الملكية العقارية في مصر نظراً لحساسية موضوع الملكية العقارية في مجتمعنا المصري والتي لا تفرق بين ما هو عام وبين ما هو خاص.

 

تاسع عشر: أن ارتفاع تسجيل العقارات في أي دولة دليل واضح على النهضة العقارية التي تشهدها هذه الدولة ودليل على صحة توجه الدولة نحو تشجيع الاستثمار العقاري باعتباره قاطرة النمو الاقتصادي المستدام في أي دولة وكأحد الإيرادات المهمة لتنويع مصادر الدخل القومي بها، وهذا ما يؤكده الخبراء القانونيين والاقتصاديين ومسئولي شركات الاستثمار والتطوير العقاري.

فتزايد حركة التسجيل العقاري في أي دولة هو المؤشر الوحيد واليقيني على نهضتها العقارية في ظل مناخ يشجع الاستثمار العقاري حيث الأرقام المرتفعة والتصاعدية لحركة التسجيل العقاري والتوثيق تعكس مباشرة مدى الزيادة الحقيقية في حجم التعاملات العقارية وتشجع تدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج في مجال الاستثمار بكافة أشكاله.

 

عشرون: إن نمو الاستثمار العقاري سيؤدي قطعاً إلى توافد الشركات الأجنبية والوطنية وتصارعها المستمر من اجل الفوز بمشاريع عقارية يحميها ويضمنها هيئة قانونية مستقلة تتعامل معهم مباشرة وفق قاعدة بيانات عقارية دقيقة تعكس حجم الثروة العقارية لمصر والمصريين، توفر لها الضمانات القانونية اللازمة لصياغتها قانونيا على أسس سليمة قانونيا بحياد وشفافية ودون ضغط أو تهديد أو فساد، تشجع على توثيقها وتجذب المستثمرين إليها.

 

ولن يتحقق ذلك إلا من خلال هيئة قانونية مستقلة للملكية العقارية والتوثيق، تسهر على تنفيذ كل ما سبق بما يكفل ويضمن إثبات وحماية ودعم واستقرار وحصر الثروة الملكية العقارية باعتبار ان استقرارها وتطورها تحقيقاً للأمن القانوني والتعاقدي، باعتبارها أمن قومي، وقضية رأي عام، وبوظيفتها الاقتصادية هو الجاذب الوحيد للاستثمارات الوطنية والأجنبية ليس فقط في القطاع العقاري بل وعنصر أساسي وجوهري لكافة أشكال الاستثمار، وبوظيفتها الاجتماعية عنصر هام جدا لحماية السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: لماذا "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

هيئة ؟، قانونية ؟، مُستقلة ؟، ذات اختصاص قضائي؟

 

الفرع الأول: لماذا هيئة مُستقلة؟

 

ثارت في السنوات الأخيرة في مصر ، قضية تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة مستقلة باعتبارها خط الدفاع الأول والحصن الحصين لإثبات وحماية الملكية العقارية بمصر وهو مطلب لطالما عُرض مراراً وتكرراً في مصر على مر السنوات إذ يُحقق الحماية القانونية الكاملة للملكية العامة والخاصة ، وامتداد لرؤية استقلال الشهر العقاري منذ عام 1920م عقب ثورة 1919م ، مروراً بإنشاء الشهر العقاري عام 1946 ، وما ورد بالمُذكرة الإيضاحية لقانون إنشاؤه رقم 114 لسنة 1946م من النص صراحة على أن المصلحة الحالية هي نواه لهيئة مُستقلة مُستقبلاً تختص دون غيرها بإثبات وحماية الحقوق العينية العقارية ، إنتهاءاً بأزمة المادة 35مكرر بقانون الشهر العقاري عام 2021 ، وما لحقها من غضب شعبي لم تشهده مصر من قبل ضد قانون مصري ، وسبق وتناولنا العرض التاريخي لأزمة التسجيل العقاري بالمبحث الأول بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون .

 

أولاً: لسنوات طويلة ويعاني قطاع الشهر العقاري والتوثيق من روتين حكومي عقيم، تمثل في طوابير طويلة من المواطنين امام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق، زحام لا ينتهي، اصابها بقصور شديد، أثر شكلاً وموضوعاً في اداء مُهمتها القانونية في تحقيق الأمن القانوني، والتعاقدي بين المواطنين في تسجيل ممتلكاتهم وثرواتهم، وتوثيق كافة انواع العقود والمحررات أيا كان نوعهاً. وعجز شديد لا يتوقف في عدد العاملين بالمكاتب ، وسوء حاله المقرات الغير ادمية ، وخلق انطباعاً سيئاً ، استقر في وجدان كل المصريين ، سواء تجاه المواطنين المُتعاملين مع مكاتب الشهر العقاري والتوثيق  او حتى لدى الموظفين ، ولا نبالغ ان ذكرنا الاجانب ايضاً ، وتعليقات المُغتربين المصريين بكل دول العالم عند تواجدهم بمصر لإجازة و تعاملهم مع مكاتب الشهر العقاري والتوثيق المصرية ، من بُطء الاجراءات وتدهور دولاب العمل ، وتدني الخدمات وصعوبة الحصول عليها ، وضعف درجة أمن الوثيقة المُقدمة لهم ، واصبحت مكاتب الشهر العقاري المصرية نموذجاً مثالياً للبيروقراطية الوظيفية المريرة التي يعاني منها الموظف والمواطن المصري على حد السواء .

 

ثانياً : فقد مرت على بلدنا الحر مصــر ثورتان عظيمتان ، أثرت في كل نواحي الحياه المصرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقانونياً ، طافت كل قطاعات الدولة بلا استثناء ، ما بين التطوير والتنمية وبين القضاء على الفساد والروتين العقيم في الاجراءات وخاصة بعد قيام الثورة الاقتصادية الثالثة المصرية التي تقودها قيادتنا السياسية الواعية ، لكن للأسف لم يكن لقطاع الشهر العقاري والتوثيق نصيباً منهما على الإطلاق ، ونشعر بالمرارة والألم ونحن نقولها ، ولكنها حقيقة وأمر واقع ، لا يتوقف عندنا الزمان ولا المكان حتى نقر بها ، انها لسان حال جميع المُتعاملين مع مكاتب التوثيق المصرية مصريين واجانب بل والموظفين ذاتهم ، وظهرت خطورتها مؤخراً خلال أزمة المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري .

 

ثالثاً: من الثابت الفرق الكبير في نُظم الإصلاح الإداري ما بين "المصلحة " و " الهيئة المستقلة "

 فـ الهيئة المستقلة تُعتبر شخص اعتباري له شخصية مستقلة ويدير مرفقاً حيويا نيابة عن الدولة وبأسمها ويحقق مصلحة عامة عليا جديرة بالحماية الدستورية والتشريعية وهو حماية حقوق الملكية للدولة والمواطنين ، وتنظيم تداولها رسمياً ، والهيئة المُستقلة من السهل متابعتها ومُحاسبتها ومراقبتها لأنها تمارس عملها من خلال خطة معلنة ، وأهداف محددة ، واختصاصات منظمة على أسس تشريعية قوية وسليمة ، وتعتبر الهيئة المُستقلة شكلاً أكثر استقلالية ومرونة وكفاءة من الناحية الإدارية والمالية والفنية لعلاج أزماتها ومشاكلها، وقادرة على قيامها بمهامها و واجباتها في حماية ودعم وإثبات وحصر حقوق الملكية العقارية والمنقولة .

 

وذلك بالمُقارنة بـ "المصلحة" ، والتي  لا تُعتبر شخص اعتباري في ذاته بل تتبع وزارة كما تتبع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وتبعيتها كلياً كإدارة تابعة لوزارة العدل حالياَ ، وليس فقط إشرافياً وتُعتبر المصلحة أحدى إدارات الوزارات وتخضع لها كلياً مالياَ وفنياَ وإدارياَ وينحصر دور "المصلحة" في تلقي وتنفيذ تعليمات وزارة العدل والمصلحة كإدارة تنفيذية بحته غارقة في الروتين والتعقيد والمركزية الوزارية في اتخاذ القرار ولا تستطيع "المصلحة" تحقيق اهدافها والقيام بمهامها المنوط بها تحقيقها وفقاً للدستور والقانون ، فهي غير مُستقلة ، وعاجزة عن علاج أزماتها ومشاكلها ، لأنها لا تملك من أمرها شيئاً ولا تستطيع التواصل مباشرة مع الوزارات والجهات والهيئات ذات الصلة بالعقار والاقتصاد والاستثمار .

 

رابعاً : وحيث إننا لن نُنشأ هيئة جديدة من العدم بل هو تطوير و استمرار لوجود هذا الكيان القانوني العريق الموجود بمصر منذ عام 1946، مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، بعد أن ثبت للجميع فشل قانون إنشاءه رقم 114 لسنة 1946م ، في علاج أزمة التسجيل العقاري بمصر والتي يمتد تاريخها الى العام 1920م ، - كما وضحنا تفصيلاً بالمبحث الأول من المُذكرة الإيضاحية - وحصر وإثبات الثروة العقارية لمصر والمصريين ، حيث نسبة العقارات المسجلة 5% فقط وهي أقل نسبة عقارية في العالم أجمع ، والحقيقة ان الشهر العقاري تسلمها كـ أرث قديم من نظام التسجيل العقاري بأقلام التسجيل بالمحاكم الوطنية والمُختلطة والشرعية ،قبل إنشاءه عام 1946 ، ولم يضف إليها في الواقع نسبة جديدة وهو ما يؤكد فشل قانونه في علاج أزمة عقارية تمتد تاريخها لأكثر من قرن من الزمان .

 

خامساً : بما إن فكرة ومبادئ حماية الملكية العقارية تعرضت للإهمال والتهميش المُتعمد خلال السنوات الماضية في ظل غياب هيئة قانونية مُستقلة معبرة عن قدسية حقوق الملكية العامة والخاصة والتي نص صراحة على حمايتها دستور مصر2014 في أكثر من مرة ويعتبر من الحقوق الفريدة المصونة أن لم يكن الحصرية الذي أكد عليه الدستور في أكثر من مادة دستورية إلا أن الواقع المؤلم للقطاع العقاري يظهر لنا عكس ذلك ووصلت نسبة العقارات والأراضي غير المُسجلة إلى أكثر من 95% ، وأصبح التصرف في الملكية العامة وكأنها خاصة والخاصة وكأنها عامه حيث استباح الفاسدين أراضي الدولة والمواطنين بدون رادع أو رقابه قانونية أو قضائية .

 

سادساً : والثابت أن الملكية العامة والخاصة لها علاقة مباشرة بغريزة المنفعة والثروة والتي تتمحور حولها سعادة الإنسان ورفاهيته وتنمية الدولة في اجل صورها التنموية الاقتصادية منها والاجتماعية  ، والدولة باعتبارها " أم المؤسسات " وتعمل وفقا لوظيفتها التنفيذية والتشريعية والقضائية على إشاعة رقعة المنفعة العامة والخاصة وبما أن الملكية والتملك إحدى غرائز الإنسان تحقيقاً لمنفعته الخاصة والعائلية ولا يجوز مساسها إلا بقانون واجراءات مُحكمة حتى لا يتكرر سيناريو أزمة المادة 35 مكرر الكارثية ، قواعد قانونية جديدة مُستحدثة تشريعياً يقوم على تطبيقها أعضاء مستقلون وفقاً لأحكام المادة 199 من الدستور . فـ الملكية العقارية ما هي إلا نتيجة لجهد شخص او مجموعة اشخاص أدى إلى تكوين العقار وقد تُكتسب لبعض عن طريق الهبة أو الوصية أو أن تكتسب عن طريق الميراث الشرعي للورثة ومن هنا للملكية العقارية أبعاد دينية في الشريعة لا يجوز المساس بها، بل يجب حمايتها والحفاظ عليها، وتيسير إثباتها ونقلها وتداولها رسمياً.

 

سابعاً : هذا السيناريو لأوضاع الملكية العقارية في مصر، والذي يمتد تاريخه الى عام 1920م ( ) يستدعي بل أصبحنا كلنا مُلزمين كمواطنين شرفاء كلا في مكانه وموقعة إلى نظرة جادة وعميقة واهتمام حقيقي من الدولة ومن المجتمع بجميع فئاته وطوائفه لوضع منظومة متطورة ومتكاملة الأركان والقواعد لحماية الملكية العقارية والمنقولة ، العامة والخاصة في ظل أجواء من الشفافية والعدل والحياد والنزاهة نحو إقرار مبادئ استقرار الملكية العقارية في مصر من خلال ضمان وتحقيق استقلال الاعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وحمايتهم في ضوء المادة 199 من الدستور ، كـ استحقاق دستوري واجب النفاذ ، وما يستلزم ذلك من إنشاء هيئة عقارية مستقلة ذات اختصاص قضائي يتمتع اعضائه بالاستقلال الكامل فنياً ومالياً وادارياً والحماية والضمانات اللازمة لممارسة عملهم القانوني باستقلال وحياد ، لإعداد كتيبة من الجنود قادرة على إثبات وتسجيل وحماية حقوق الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين وتسجيل نسبة 95% من عقارات مصر التي لم تسجل حتى الآن وسبب جميع أزمات التسجيل العقاري .

 

ثامناً : فـ التوثيق والتسجيل الذي نعرفه الآن في مصر هو في الحقيقة قبل أن يكون وظيفة حكومية مُكلف بها الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق لخدمة مصر والمصريين ، هو في الأصل رسالة مقدسة ومهنة عريقة جليلة مهمة جداً للمجتمع والأفراد تناولتها كافه دول العالم بالحماية والاهتمام واحتفظت لها بمكانه راقية وضوابط وشروط وإجراءات محكمة تهدف إلى استقلال وحماية ونزاهة وحياد القائمين عليها جنبا إلى جنب مع سهولة الحصول عليها بعيد عن أي روتين أو فساد قد يخرج هذه المهنة كرسالة سامية من مضمونها ونبل أهدافها ومبادئها السامية في حماية أموال وملكيات وأعراض المواطنين من تدخل وعبث الفاسدين .

 

تاسعاً: فـ الوثيقة (المُحرر الموثق أو المُشهر) هي تسجيل ثابت للحدث ساعة حدوثه بما يحفظ تفصيلات الموضوع ويحميها من عوامل التغيير والزيادة والنقص الذي قد يطرأ عليها لتبدل الأفكار والتوجهات وتأويلات المتأخرين وتحريفاتهم إما قصداً نتيجة الأهواء الشخصية أو بدون قصد نتيجة الجهل والنسيان الذي هو من الطبيعة البشرية ويعتبر مجال التوثيق والتسجيل من المجالات الحيوية التي يجب الاهتمام بها والعمل على تجديدها وتطويرها لدورة المهم بين الإفراد في الحفاظ على ثروتهم العقارية والمنقولة  ، ومكون اساسي من مكونات منظومة العدالة المصرية  .

 

عاشراً: أن التوثيق والتسجيل مهنة قضائية قانونية بحته ومكملة لرسالة القضاء بامتياز، ومكون أساسي من مكونات منظومة العدالة المصرية لحفظها وصيانتها للحقوق والاملاك، وجزء لا يتجزأ من منظومة العدالة المصرية، فهي تُخفف عن القضاء العبء في البت في العديد من الملفات والمنازعات العقارية منها والمنقولة، التي يتم حلها وعلاجها والبت فيها داخل مكاتب الشهر العقاري والتوثيق برضا الأطراف المتنازعة، كما أنها تُسهل مأمورية القاضي في البت في النزاعات التعاقدية المُحتملة والمرتبطة بخلاف بين طرفي العقد.

 

حادي عشر: ومن هنا نستطيع ان نقول، ألم يحن الوقت لصناعة ثورة تشريعية عقارية؟ لتطوير وتنمية هذا القطاع القانوني الخطير بعد مرور 75 عام على تأسيسه عام 1946م، وأهميته البالغة والمؤثرة بين مؤسسات الدولة، بصفته الجهة الحكومية الوحيدة والحصرية المسئولة دستورياً وقانونياً عن إثبات وحماية حقوق الملكية العامة والخاصة، وحصر الثروة العقارية لمصـــر والمصريين، وتحقيقاً للأمن التعاقدي والعدالة الوقائية بين كافة فئات الشعب بل الدولة نفسها.

 

ثاني عشر : ألم يحن الوقت للتغيير الحقيقي والايجابي والتطوير التشريعي الملموس لهذا القطاع القانوني الحصري في توثيق وحماية الممتلكات تطويراً حقيقياً بتشريع كامل بصلاحيات وسلطات جديدة ،وليس تعديلات جزئية تزيد من الازمات  ، هذا القطاع العجوز الذي يقدم خدماتها القانونية الحصرية للآلاف من المواطنين كل ساعه ، واذا ما لمسنا وأيقنا مدى الدور الحيوي والخطير في خدمة المُستثمرين ، في إثبات الضمان العقاري القلب النابض للاستثمارات العقارية بمصر والعالم ولا يخفى على احد مدى وحجم الدور المنشود والثابت لمكاتب الشهر العقاري والتوثيق في دعم المستثمرين وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة و تنفيذاً ايجابياً سريعاً لقانون الاستثمار الموحد الجديد ، بما أن هذه الهيئة المستقلة الحصرية هي الحارس القانوني لعقودهم ومحرراتهم بل الأمين على ممتلكاتهم وثرواتهم العقارية والمنقولة ، بل ولأبعد من ذلك حتى لأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق ومشارك اصلي وحيوي في منظومة العدالة المصرية ، بخلاف دورها الدستوري والوطني في العديد من المعاملات التوثيقية.

 

ثالث عشر : ان التغيير الذي نبتغيه ونسعى الى تحقيقه ، يجب ان يتم سريعاً وبإيجابية تشريعية مرنة ، تنفيذاً لتوجيه السيد رئيس الجمهورية في المُهلة المقررة بعامين ، بعد أزمة المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري ، وبتنسيق وتعاون بين جميع سلطات الدولة [التشريعية والقضائية والتنفيذية] ، لكي تظهر سريعاً وبطريقة ملموسة ناجحة تُحقق الأهداف المرجوة من التطوير التشريعي لمُنظومة العدالة ككل بجميع مكوناتها وليس مكون دون اخر ، وتحوز اعجاب وتأييد كلاً من القيادة السياسية الواعية والمواطن المصري ، بل حتى أعضاء وموظفي الشهر العقاري على حد السواء ، بل حتى تتفوق المنظومة المصرية في التسجيل العقاري والتوثيق بعد إقرار مشروع القانون المُرافق ،على نظيرتها العربية بل ولأبعد من ذلك لتتفوق على مثيلتها العالمية ، و بأسلوب هيكلي جديد وبداية تشريعية جديدة ، تضمن سهولة الاجراءات وسرعتها وجودتها لتطابق المعايير الدولية في مجال التوثيق والتسجيل العقاري . تغييراً حقيقياً يستحق ان يطلق عليه ثورة توثيقية عقارية عصرية متطورة كاملة شاملة، تخدم الثورة الاقتصادية التي تشهدها مصر حالياً، وداعم مباشر وراعي رئيسي لجذب الاستثمارات الوطنية والعربية والاجنبية.

 

رابع عشر :  ومن واقع الاطلاع على العديد من تجارب الدول العربية والاوربية في مجال التسجيل العقاري والتوثيق، والدراسة المُتعمقة للعديد من التجارب العربية والدولية ذات الصلة، فقد لمسنا مدى قوة المقومات المصرية والأساس اللازم والمطلوب للانطلاق بكل قوة دون تأخير ، نحو التطوير والتنمية في نظام التسجيل العقاري والتوثيق المصري الحالي ، وقابلية النظام الحالي للتغيير والتطوير وفقاً للمقومات والمعطيات الحالية ، ولكن للأسف لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل حتى تاريخ تقديم مشروع القانون المُرافق ،،، هذه المُقومات الفنية والبشرية والهيكلية والتنفيذية والتشريعية جنباً الى جنب مع المعطيات المتاحة الحالية مادياً وبالتوازي مع الخبرة العملية التي يتم يتمتع بها اعضاء الشهر العقاري داخل الأسرة القانونية المصرية .

 

خامس عشر:  وكل ما نحتاجه حالياً وكمرحلة أولى رئيسية هو الأساس التشريعي القوي والمنظم وعند هذه البداية تُمارس السلطة التشريعية أهم سلطاتها وهو التشريع لتحقيق الأهداف المقررة لمشروع القانون المُقترح كنظام تشريعي متكامل لتحقيق الأهداف المُقررة للهيئة المستقلة ذات الاختصاص القضائي كمؤسسة قانونية طاعنة في السن نسعى جميعاً الى تطويرها والنهوض بها وتجديدها للقيام بمهامها بصورة افضل .اذا ايقنا جميعا مدى الدور الحيوي والذي تقوم به مكاتب الشهر العقاري والتوثيق ، باعتبارها الواجهة الامامية لمنظومة العدالة المصرية جملة وتفصيلاً  .

نحن نعتقد بل نكاد نجزم بمدى التأثير والاشادة الايجابية المُتوقعة من جمهور المتعاملين مع مكاتب الشهر العقاري والتوثيق في حال إقرار المشروع المُرافق من السلطة التشريعية والتي نسعى جميعنا جاهدين من خلال تطبيق المشروع المُرافق الى تسهيل الاجراءات واختصارها وضمان جودتها وقوتها من أجل دعم وحماية استقرار الملكية العقارية الضامن الحقيقي للاستثمار المصري.

 

سادس عشر : والبداية دائماً وفي الأساس تشريعية وانطلاقاً من هذه النقطة الهامه وإن كان حتمية التغيير في صيغته التشريعية تُمثل منظوراً عالمياً معروفاً في التشريع ورؤية جديدة للتغيير والتطوير من منظور التطوير والتنمية بشكل عام لأي مؤسسة قانونية او اقتصادية تسعى جاهدة بصدق وعزيمة ليس فقط للحفاظ على بقائها وتحقيق أهدافها وتقديم خدماتها ، بل تطمع في تطوير نفسها وتقديم خدمة مُتميزة للمواطنين ملموسة يشيدون بها ، وبيئة عمل مناسبة للقائمين على العمل فيها ، اعضاء وموظفين ، لتواكب المعايير الدولية والجودة ولا نتحدث عن أوهام أو مستحيل ، اذا وضعنا نصب اعيننا جميعاً السعي دون كيل او ملل للحصول على شهادة الجودة العالمية ( I. Z. O.) لقطاع التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، كأول مؤسسة حكومية مصرية تُقدم خدمات قانونية حصرية متنوعة تحصل عليها . ولا يفوتنا في هذه المُناسبة الا ان نتأمل قوله تعالى: "ان الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم " – صدق الله العظيم – ( )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الثاني: لماذا هيئة قانونية؟

 

أولاً: من المعروف منذ نشأة مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، كجهة قانونية عريقة، أختصها القانون حصرياً دون غيرها من الهيئات الحكومية بتوثيق وإثبات وحماية الحقوق العينية وأهمها حق الملكية، أهم الحقوق الدستورية على الإطلاق وفي فلكه تدور سائر الحقوق الدستورية الأخرى، ونواه وعمق القانون المدني ،ومجال تطبيقه العملي ،وحقل تجاربه الفقهي ،فهي مؤسسة قانونية عريقة منوط بها حصرياً دون غيرها توثيق وتسجيل كافة أنواع المُحررات والعقود وما تتضمنها من حقوق متنوعة لا حصر لها ،وحمايتها وحفظها لمصر والمصريين وحتى تملك الأجانب وعقودهم وفقا لأحكام الدستور والقانون.

أنشأت مصلحة الشهر العقاري والتوثيق خلال عام 1946 ، وهو العام الذي انشأ فيه الشهر العقاري جنباً إلى جنب مع إنشاء أعرق المؤسسات القضائية إلا وهو مجلس الدولة المصري في عهد الملك فاروق وحكومة إسماعيل صدقي باشا و تحت رعاية واهتمام وإصرار وزير العدل المصري في ذلك الوقت المستشار محمد كامل مرسي باشا ،وأتم دراساته الأكاديمية القانونية وحصل على الدكتوراه في الملكية العقارية من فرنسا ، وعاد منها مُنبهراً ومقتنعاً بالعديد من المبادئ والأفكار القضائية وفقاً للنظام القضائي الفرنسي ، وخاصة فيما يتعلق بكلا الكيانين العريقين " الشهر العقاري" و " مجلس الدولة " واللذان وقتها لم يكن لهما وجود حقيقي بمنظومة العدالة المصرية ، مُجسد مُكتمل النمو كالموجود والمعروف الآن بمصر ، وبفضل مجهوده وأفكاره القضائية العظيمة لتطوير منظومة العدالة والقضاء بمصر وإصراره على ذلك وقتها في إنشاء هذان الكيانين مجلس الدولة (بالقانون رقم 112 لسنة 1946) ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق (قانون رقم 114 لسنة 1946) وفقا للنظام القضائي الفرنسي ، ولأول مرة بمصر وان أعضاء كلا الكيانين القانونيين العريقين (مجلس الدولة ،و الشهر العقاري) يُسميان " أعضاء فنيين "  ، وهم من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون .

 

ثانياً: اختصاص مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هو عمل قانوني بحت، بمصر وبجميع دول العالم في قطاعي التسجيل العقاري والتوثيق، وهو الثابت إجرائياً وموضوعياً من تطبيق قوانين الشهر العقاري والتوثيق المتعددة ، وأكاديمياً يعتبر من صميم التطبيق القانوني شكلاً وموضوعاً للقانون المدني ومع التعمق فيما يخص حق الملكية أو بمعنى قانوني أدق الحقوق العينية العقارية الأصلية والتبعية وما يدور في فلكها من انشاءها ونقلها وانهاءها، ومفردات قانون الإثبات ، بجانب توثيق العقود على اختلاف انواعها وتنوع الحقوق محل موضوعها ما بين الجانب المدني والجنائي والإداري والشرعي والاقتصادي والاجتماعي.

 

ثالثاً: تتكون مصلحة الشهر العقاري والتوثيق من قطاعان قانونيان اساسيان يكملان بعضها الاخر:

(قطاع التسجيل العقاري، وقطاع التوثيق)

القطاع القانوني الأول: قطاع التسجيل العقاري

ويشمل نظامي التسجيل العقاري المُقرران الآن بمصر وفقاً للقانون الساري الآن وهما (نظام الشهر الشخصي، ونظام السجل العيني)، والشهر ( ) العقاري هو نظام قانوني تثبت به الحقوق العينية العقارية ويتيح للكافة العلم بالموقف القانوني للعقار ( ) ( ). ولعل هذا هو الحد الادنى المتفق عليه من دور الشهر العقاري في الانظمة القانونية المختلفة ، حيث انه فضلاً عن دورة في إتاحة العلم بالموقف القانوني للعقار فان الشهر العقاري شرط للاحتجاج بالحق العيني في مواجهه الغير تارة ، وشرط لانتقال الحق العيني ونشأته وزواله واكتسابه بين اطرافه وفي مواجهه الغير تارة اخرى ( ) ، وبذلك فان هذا التعريف يستوعب معنى نظام الشهر في ظل كل من نظام الشهر الشخصي والسجل العيني ، بيد ان المشرع لم يترك تعريف السجل العيني للفقه او القضاء ، ولكن قام هو بتعريفه في المادة (1) من قانون السجل العيني رقم (142) لسنة 1964 بانه :- " مجموعه الصحائف التي تبين أوصاف كل عقار وتبين حالته القانونية وتنص على الحقوق المترتبة له وعليه وتبين المعاملات والتعديلات المتعلقة به".

أولاً: نظام الشهر الشخصي: -

نظام قانوني قديم للتسجيل العقاري، ابتكره المستعمر الاجنبي في المستعمرات المُحتلة، لتمكين الاجانب من تملك الاراضي المُحتلة، ومُزاحمة المواطنين الأصليين في تملك الاراضي والتعامل عليها والتصرف فيها، ولم يعد يتم استخدامه إلا بمصر، ويتخذ من الاشخاص أساساً ومورداً له، بحيث يتم البحث عن الملكيات والحقوق العينية الاخرى ذات الصلة، في فهارس هجائية شخصية تضم اسماء الاشخاص المالكين.

ثانياً: نظام السجل العيني: -

نظام قانوني حديث نسبياً للتسجيل العقاري، وهو النظام القانوني المُنتشر تقريباً بجميع دول العالم، والذي يتخذ من العقارات ذاتها اساساً له، بحيث يُفرد لكل وحدة عقارية صحيفة يدرج فيها بيانات العقار والمتعاملين عليه والحقوق المتعلقة به. ولا زال النظام القانوني المصري بشأن التسجيل العقاري في طور التحول من نظام الشهر الشخصي الى نظام السجل العيني، حيث يتم تطبيق النظام الأخير بشكل تدريجي على الأقسام المساحية التي يحددها وزير العدل وفقاً للمادة الثانية من قانون إصدار قانون السجل العيني.

 

وعليه فإن نظام التسجيل العقاري المصري يُعد نظاماً مزدوجاً، بحيث يسري عليه نظام السجل العيني في بعض الأقسام المساحية، في حين يبقى نظام الشهر الشخصي مُطبقاً في البعض الآخر، ولكل من النظامان أدوات واساليب مختلفة ومتميزة بخلاف ما لحقهما من مميزات وعيوب تخص كل منهما على حدا، وأحكام دستورية وتعديلات تشريعية، سبق تم تناول بعضها بالمبحث الأول وعرض بعضها بالمبحث العاشر.

 

والقطاع القانوني الثاني: وهو مكاتب التوثيق بأنواعها المختلفة

اختصاصات مكاتب التوثيق المصرية

أولا: الاختصاص العـــــــــــام.

تختص مكاتب التوثيق المصرية اختصاصاً عاماً في توثيق كافة أنواع العقود والمُحررات فطبقاً لما هو معروف ان مصلحة الشهر العقاري والتوثيق تتكون من قطاعين أساسين يكمل بعضهما الاخر ولا يمكن ان يقوم أحدهما بعمله دون الأخر( قطاع التسجيل العقاري – قطاع التوثيق ) فقطاع التسجيل العقاري متعلق بتسجيل العقود والمحررات التي تتناول أياً من الحقوق العينية العقارية واجبة الشهر أو القيد طبقاً لقانون الشهر العقاري أو قانون السجل العيني ، في حين ان قطاع التوثيق فأن أعماله واختصاصاته لا تعد ولا تحصى وأشمل وأعم من قطاع الشهر من توثيق كافه أنواع العقود المسماة والغير مسماه وسواء ما تعلق منها بحق عيني او حق شخصي او حتى احوال شخصية وشرعية من زواج وطلاق المصرين مع الاجانب والأجانب مع بعضهم وإجراءات التبني وحضانة أطفال وتصرفات الولاية والوصاية والقوامة وعقود الهبه والوصية وعقود القسمة وتوزيع الحصص الميراثية ..الخ  ،حتى اشهاد الاسلام لمن يريد ان يعتنق الدين الاسلامي الحنيف لا يعترف القانون رسميا باعتناقه الدين الاسلامي إلا اذا تم بإحدى مكاتب التوثيق امام عضو قانوني ، وإجراءات جنائية من توكيلات قضائية وإقرارات بالشهادة لتقديمها للمحاكم ومحاضر الصلح المدنية والجنائية وتجارية من عقود تأسيس وحل وتعديل الشركات والمؤسسات بكافة أنواعها ، يا سادة أنها العدالة بكافه صورها فهي كما يقول كبار الموثقين ان "مكاتب التوثيق بها تبدأ أمامها العدالة وعندها تنتهي" و لا يخفى على احد الدور الذي تقوم به مكاتب التوثيق المصرية من توكيلات انتخابية لمرشحي مجلسي الشعب والشورى وإقرارات التأييد الشعبية بالنسبة لمرشحي رئاسة الجمهورية وكذلك توكيلات سحب الثقة من رئيس الجمهورية وهي أمور في منتهى الخطورة وتمتد خطورتها لنظام الحكم بالدولة وأمنها القومي ولا يسعنا اخيراً الى ان اقرارات التبرع بأعضاء جسم الانسان لا يعترف بها القانون إلا اذا تمت امام موثق عدل (عضو قانوني بإحدى مكاتب التوثيق) التي لا تحمي فقط الحقوق السياسية وحقوق الملكية بأنواعها والحقوق الشرعية للمواطن المصري بل وحتى حقوقه الجسدية اللصيقة بجسم الانسان بل ولأبعد من ذلك فلا تذيل العقود المشهرة والموثقة بالصيغة التنفيذية إلا بمكاتب التوثيق ويجب ان يتمتع القائمين عليها من الاعضاء القانونيون بالاستقلال الكامل لضمان ممارستهم لعملهم الوطني دون ضغط من أي قوى سياسية او سلطة تنفيذية أيا كانت .

 

ثانيا: الاختصاص المكــــــاني.

نص قانون التوثيق المصري رقم 68 لسنة 1947 ولائحته التنفيذية والقرارات الوزارية على اختصاص مكاني لمكاتب التوثيق المصرية يلتزم الموثق بمراعاة ذلك والا وقع العقد باطلا في امران لا ثالث لهما وهما: -

1-            إثبات تاريخ عقود الايجار.

ويقصد بذلك اثبات تاريخ عقود الايجار العرفية المقدمة من المواطنين لإثبات تاريخها والتي تخضع لدائرة الاختصاص المكاني لمكتب التوثيق الواقع في دائرته العقار محل عقد الايجار مع العلم ان حجيه توثيقها يتوقف فقط عند تاريخ تحريرها ولا تمتد الحجية الى اطرافها او موضوعها.

2-            الانتقالات.

ويقصد بها الانتقالات التي يقوم بها الموثق المصري خارج مكتبه لمن لا يستطيع صحيا الحضور لمكتب التوثيق لتوثيق عقده بناء على طلب يقدم لرئيس مكتب التوثيق ووفقا لرسوم محدده واجراءات معينه. والتي تخضع لدائرة الاختصاص المكاني لمكتب التوثيق الواقع في دائرته محل اقامه طالب الانتقال الرسمي.

 

ثالثا: الاختصاص النـــــوعي.

بخلاف مكاتب التوثيق العامة والمعروفة للجميع، هناك بعض مكاتب التوثيق المصرية تختص دون غيرها بنوع معين من العقود والمحررات بعكس باقي مكاتب التوثيق صاحبة الولاية العامة في توثيق كافة انواع العقود والمحررات ومنها على سبيل المثال: -

1-            مكتب توثيق الاحوال الشخصية: والكائن بديوان عام وزارة العدل بالقاهرة ويختص نوعيا بتوثيق عقود زواج وطلاق ورجعة المصريين مع الاجانب، والاجانب مع بعضهم، والمصريين مع بعضهم مختلفي الديانة او الملة او الطائفة.

2-            مكاتب توثيق المركبات: وهي منتشرة بكل الجمهورية وتختص نوعيا فقط بكل ما يتعلق بالمحررات والعقود والوكالات وغيرهم والمتعلقة بالمركبات بأنواعها من سيارات بأنواعها ودراجات نارية وخلافه من المركبات.

3-            مكاتب توثيق الاستثمار: وهي موجودة ببعض عواصم المحافظات وتختص نوعيا بتوثيق عقود شركات الاستثمار التجارية.

4-            مكاتب توثيق التمويل العقاري: وهي ايضا موجودة ببعض عواصم المحافظات وتختص نوعيا بتوثيق عقود التمويل العقاري ثلاثية الاطراف.

5-            مكتب توثيق البنوك: ويختص نوعيا بتوثيق العقود والمحررات والوكالات التي يكون البنوك بأنواعها أحد اطرافها.

 

رابعاً: الاختصاص الدستـوري لمكاتب التوثيق.

1-            الاختصاص الدستوري الاول: بموجب نصوص حماية حقوق الملكية بأنواعها في المواد الدستورية ارقام (32، 33، 34 ،35، 37) من دستور مصر 2014 ينعقد اختصاص مكاتب التوثيق المصرية بصفتها القطاع الثاني من قطاعي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وذلك بما انها خط الدفاع الاول لحماية حقوق الملكية بأنواعها سواء المنقولة او العقارية وسواء الخاصة او العامة او التعاونية او الوقف والمنصوص على حمايتها في الدستور.

2-            الاختصاص الدستوري الثاني: بموجب نص المادة (142) من دستور مصر 2014، والتي نصها:" يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية ان يزكي المترشح عشرون عضوا على الاقل من اعضاء مجلس النواب، او ان يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمسه عشرة محافظة على الاقل، وبحد أدني ألف مؤيد من كل محافظة منها "والتي بموجبها ينعقد اختصاص مكاتب التوثيق بتوثيق اقرارات التأييد الرئاسية لمرشحي رئاسة الجمهورية والتصديق عليها وهو ما تم تطبيقه بالفعل في الترشح لرئاسة الجمهورية في انتخابات أعوام [2012-2014-2018]

3-            الاختصاص الدستوري الثالث: بعد موافقة الأزهر والكنسية، اختص الدستور المصري مكاتب التوثيق باختصاصا دستوريا حصريا يتعلق بالإقرارات والهبة والوصايا الموثقة المتعلقة بالتبرع بأعضاء جسم الانسان سواء كان التبرع اثناء حياته او بعد وفاته  .وذلك بموجب نص المادة ( 61 ) من دستور مصر 2014 والتي نصها :- " التبرع بالأنسجة والاعضاء هبه للحياة ، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة ، وتلتزم الدولة بإنشاء الية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون."

 واخيراً فان طرق التوثيق ثلاث: -

           (المحررات الموثقة – التصديق على التوقيعات – إثبات تاريخ المحررات العرفية)

1.            المحررات الموثقة: يقع الإثبات على المًحرر بأكمله، فيكون المحرر حينئذ موثقاً، وهذا هو المعنى الأصلي للتوثيق والاقوى حجية، ويحوز حجية ثبوتية مطلقة بين اطرافه وامام الغير وأمام القضاء، وهو أعلى درجات الحجية الثبوتية وتشمل أطراف التعاقد وتوقيعاتهم وكذلك موضوع المحرر وقوته الثبوتية الكاملة كمحرر موثق ( ) ويجوز تزيله بالصيغة التنفيذية كالأحكام القضائية النهائية وفقا للمادة 280 من قانون المرافعات

2.            التصديق على التوقيعات: يقع الإثبات على بعض ما اشتمل عليه المحرر من بيانات، وهو ما يسمى بالتصديق على التوقيعات من طرفي التعاقد، فنكون بصدد توثيق للتوقيع على المُحرر، وحجيته الثبوتية تقتصر على توقيعات أطراف التعاقد وأنها قد تمت امام الموثق وبمعرفته وعلى مسئوليته وما اشتمله من بيانات تأكد منها الموثق بنفسه من بحث للصفة والسلطة والارادة والاهلية،

3.            إثبات تاريخ المحررات العرفية: وهو الدرجة الاخيرة من حُجية المحرر هي اثبات التاريخ للمحررات العرفية امام الموثق، وحجيتها أدني من الطريقتان السابقتان وتقتصر على تاريخ تحرير المحرر فقط لا غير ولا تمتد الى موضوعه او اطرافه، ويدخل في هذا المعنى التأشير على الدفاتر التجارية، وحجية التاريخ مطلقة وكاملة سواء أمام الأطراف أو الغير.

 

رابعاً: هذا التقسيم الثنائي لقطاعي المصلحة (التسجيل العقاري + التوثيق) هو نظام قانوني مصري حالي واستثنائي ومميز جداً غير موجود الا بعدد من دول العالم خاصه الدول العربية الخليجية والدول الاشتراكية، وهو الجمع إدارياً بين جهات التسجيل العقاري والتوثيق في مؤسسة حكومية واحدة ولكن لظروف نشأة مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عام 1946م ،والوضع المتميز المصري حقق القطاعان تكامل ناجح واستمر القطاعان يكونان مجتمعين مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، ولم يوجه إليهما أي نقد حتى تاريخه ، بل ان الأمر وخلال العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية والعربية ، قد لاقى استحسان واعجاب الجمع بين ادارات الملكية العقارية وجهات التوثيق في كنف مؤسسة قانونية واحدة تشرف عليها الدولة لخطورته شكلاً وموضوعاً بل ولأبعد من ذلك فقد أدى الجمع بين القطاعان (التسجيل العقاري والتوثيق) في جهة قانونية واحدة يقوم عليها عضو قانوني واحد ، حيث الآن وعلى مدار السنوات العشرة الاخيرة ومازال اجراءات الضم والدمج مُستمرة فقد تم دمج وضم جميع مأموريات الشهر العقاري والسجل العيني مع مكاتب التوثيق ، ( ) بجميع محافظات الجمهورية ، ويقوم على العمل القانوني بهما موثق واحد (عضو فني) يشمل اختصاصه الوظيفي والمهني العملان معاً في ذات الوقت ، مما أسهم بشكل فريد وكامل في صقل وتنمية الملكة القانونية للموثق (العضو الفني) والمهارات الفنية والخبرات القانونية المتراكمة والمكثفة ،والتي يتمتع بها الموثق المصري في توثيق وتسجيل وتحرير كافه انواع العقود أياً كانت المسماة منها والغير مسماه وأيا كان تصنيفها القانوني او النظري ، وسواء تعلقت بحق عيني اصلي او تبعي او ارتبطت بحق شخصي او حتى تضمنت التعامل على منقول او عقار بالتخصيص او حتى الاحوال الشخصية للمصريين والاجانب ، فأصبح الموثق المصري يشمل اختصاصه توثيق وتسجيل كافه انواع المحررات أيا كانت ، بصورة قانونية فريدة على مستوى الاسرة القضائية والقانونية المصرية والعربية والدولية .

 

 

 خامساً: الطبيعة القانونية لعمل الموثق (العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق). منذ نشأة المصلحة بموجب قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، وقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 وقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964، لم تكن ذات طبيعة قانونية واضحة، يمكن معها القول بأنها قرارات المصلحة إدارية تصدر عن جهة ادارية. فهي طبيعة عمل قانونية استثنائية في منظومة العدالة، وهو وما انتهت إليه نظريات الفقه القانوني الفرنسي والألماني بالنسبة لطبيعة العمل القانوني لمهنة الموثق انتهت إلى انها أعمال قضائية بحته من الناحية الموضوعية.

ومع ذلك ووفقاً للواقع العملي والقانوني الثابت منذ نشأة المصلحة عام 1946 م ، يقوم العضو القانوني ببحث الطلب المُقدم له من جميع الجوانب وإنزال حكم القوانين والتشريعات ذات الصلة عليه إلى أن ينتهي في النهاية إلى قرار هو في حقيقية حُكم قضائي إما بالتسجيل أو عدم إمكان التسجيل ، والحقيقة أنه من الناحية الواقعية العملية ونظراً لتشعب وتعدد القوانين والقرارات والتعليمات الفنية وعدم إلمامها بجميع المسائل القانونية وكذلك فأن جانباً كبيراً من العمل الفني للأعضاء القانونيين يخضع للسُلطة التقديرية والاقتناع الذاتي للعضو فالتسجيل العقاري والتوثيق علم قانوني مُتعمق وعمل فني مُتخصص ومجال خصيب لاختلاف وجهات النظر بين الأعضاء في المسائل الفنية المعروضة وانتهائهم في النهاية إلى القرار الذي يرونه الحق في ضوء الدستور والقانون والتعليمات والخبرات العملية المُتراكمة والملكات الفكرية لباحثي القانون .... وكذلك أيضا فأن قيام المأمورية بإسناد الملكية إلى وضع اليد (التقادم المُكسب) من خلال تحقيق قانوني وواقعي لـ هو في حقيقية عمل قضائي بحت لا يقبل الشك فيه أو الاختلاف حوله فهو فصل في منازعة كان حقيقاً أن تصطبغ بالصبغة القضائية فقرار إسناد الملكية بوضع اليد لا يصدر إلا بعد تحقق المأمورية من سلامة الحيازة وخلوها من جميع شوائبها القانونية والواقعية. فالقرار الذي يصدر من المأمورية المُختصة بإسناد الملكية العقارية خلال بضعة أيام هو في حقيقته حكم قضائي نهائي بتثبيت الملكية العقارية التي تضلع به المحاكم خلال سنوات طويلة.

واعتبرت المادة 280 من قانون المرافعات ( ) المُحررات الموثقة التي يُحررها ويوثقها الأعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق من السندات التنفيذية، وألزمت جميع السلطات المختصة بتنفيذها جبرياً نتيجة لوضع الموثق الصيغة التنفيذية على هذه المُحررات، وهذا اختصاص قضائي من حيث الموضوع. ومما يزيد الامر صعوبة لتحديد التكييف القانوني لطبيعة عمل الموثق، ان هذه القرارات، وفقا للمعيار الموضوعي، قد تكون ذات طبيعة قضائية ( )، وإذا ما طبقنا المعيار الشكلي، فهي قرارات ادارية ( )

 

سادساً: إن جميع المُحررات التي تُقدم لشهرها أو قيدها أو توثيقها والتي بلغ عددها على سبيل المثال خلال عامي 2005/2006 طبقاً لما هو وارد بتقرير مجلس الوزراء المصري الصادر في ديسمبر 2006 هو 9.1 مليون محرر موثق و58.4 ألف محرر مشهر مثل عقود بيع المنقولات والعقارات – عقود الإيجار – عقود الشركات – عقود وكاله عامه أو خاصة – عقود الرهن أو الاختصاص أو الامتياز -عقود زواج وطلاق   يقوم العضو القانوني ببحثها وتطبيق كافة القوانين عليها مثل:

•             القانون المدني في المواد من 418: 481 بالنسبة لأحكام عقد البيع والمواد من 558: 634 بالنسبة لعقد الإيجار والمواد 699: 717 بالنسبة لعقد الوكالة والمواد من 1030: 1084 بالنسبة للتأمينات العينية.

•             قانون الإثبات فيما يتعلق بالإقرارات المُصدق عليها في المسائل المدنية أو الجنائية وتوثيق المحررات الرسمية وتذييلها بالصيغة التنفيذية التي تجعلها سنداً تنفيذياً في ذاتها شأن في ذلك شأن الأحكام النهائية واجبة النفاذ.

•             قانون الأحوال الشخصية فيما يتعلق بأحكام الزواج والطلاق بالنسبة لمختلفي الديانة والجنسية والإشهادات الشرعية (إشهار الإسلام).

•             القانون التجاري فيما يتعلق بعقود الشركات بكافة أنواعها ويتولى العضو القانوني بحث هذه العقود من حيث الأطراف من الشركاء ورأس المال وتوزيع الأرباح والخسائر والغرض من إبرام الشركة وألا يكون هذا الغرض مخالفاُ للدستور او القانون، أو منافياً للآداب والنظام العام.

•             القانون البحري فيما يتعلق بتوثيق عقود بيع وإيجار السفن والمراكب.

•             القانون الدولي الخاص فيما يتعلق بالجنسية وأحكامها وتطبيق هذه الأحكام على المُتعاقدين بكافة العقود والمُحررات بشأن تملك الأجانب للعقارات والأراضي الفضاء داخل البلاد.

•             قانون الولاية على المال والنفس فيما يتعلق بالأهلية والولاية والوصاية والأحكام المنظمة لكل منها بشأن بحث ركن التراضي في العقود بصفه عامه.

•             قوانين الإصلاح الزراعي والمصادرة والتأميم وقوانين تملك الأجانب ومحظورات هذا التملك.

•             قوانين الاستثمار والإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري والذي صادف تطبيقه وتنفيذه العملي صعوبات في التطبيق أهمها عدم وجود مستندات ملكيه للعقارات المقدمة كضمان لهذا التمويل ولكي يتم تذليل هذه الصعوبات يجب أن يُعطى العضو القانوني صلاحية بحث جميع المستندات الخاصة بهذه الملكية وإصدار قرار سريع بشأن الانتهاء من بحث هذه الملكية وتأصيلها بالقدر الذي يوفر على المستثمر الوقت والجهد والمال وهذا لا يتوفر إلا بالموافقة على مشروع القانون وإصداره.

 وعقب انتهاء العضو القانوني من فحص المحررات سالفة الذكر وغيرها والتأكد من قانونيتها تُصبح المُحررات العرفية المُتضمنة لهذه الحقوق بعد اعتمادها من الموثق مصبوغة بالرسمية ويُمهر بعضها بالصيغة التنفيذية مثل توثيق عقود الإيجار الرسمية وعقود بيع السفن.

 

سابعاً: صدر القانون رقم 5 لسنة 1964بتنظيم العمل بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فجاء وتشكيلا مماثلاً لتشكيل الهيئات القضائية حيث شَكل المصلحة من أعضاء فنيين (قانونيين) ، وهم ركيزة العمل القانوني في المصلحة وموظفون إداريون وكتابيون ووظائف أخرى معاونين لهم وأخضع الأعضاء القانونيين لذات الشروط المطلوبة في أعضاء الهيئات القضائية عند مباشرة أعمالهم ،والرقابة عليهم ،وحلف اليمين القانونية أمام السيد الُمستشار وزير العدل ،والتفتيش على أعمالهم عن طريق التفتيش الفني المماثل للتفتيش القضائي ،وبذلك أخرج المُشرع الأعضاء القانونيين من عداد العاملين بجهاز الحكومة وأعترف لهم بكادراً خاصاً . إلا أن هذا القانون – القانون رقم 5 لسنة 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق قد أغفل حقوق الأعضاء الفنيين (الموثقين)الأدبية والمادية فلم يُرتب لهم أيةً مزايا مادية أو أدبية، بالمُقارنة بنُظرائهم من أعضاء الهيئات القضائية الأُخرى ولو أُلحق جدولاً للمرتبات بهذا القانون لأُعُتبر الشهر العقاري من الهيئات القضائية آن ذاك.

 

ثامناً : العضو القانوني بالشهر العقاري والتوثيق هو المسئول مدنياً وجنائياً وادارياً باعتماده للـ العقود والمُحررات التي يؤمن لها الحماية القانونية الكاملة ، ويوفر لها الحجية الثبوتية المطلقة ،وترجمة إرادة المتعاقدين في إطار ما تسمح به المبادئ الدستورية ،والمقتضيات القانونية ،والثوابت الشرعية الجاري بها العمل ، وإضفاء الصبغة الرسمية على اتفاقات المُتعاقدين العرفية عن طريق عقد توثيقي رسمي يتوفر على القوة الثبوتية المطلقة كسند تنفيذي والحجية المطلقة في خطوة واحدة أقوى من الأحكام القضائية التي تحتاج لمراحل قضائية متدرجة . وبالتالي يصبح هذا العقد الموثق أو المُشهر حجة قانونية مُلزمة لأطراف العقد خاصه، وللكافة عامه، ولا يمكن تغيير بنوده أو آثاره أو التراجع عنها إلا بإرادة الأطراف نفسها. وأمام موثق عدل (عضو فني)، حتى يكون كل طرف على بينة من حقوقه وواجباته والالتزامات التعاقدية المتبادلة والآثار القانونية المترتبة عن مقتضيات العقد المُوثق أو المُسجل.

وبالتالي فهم يلجئون إلى الخبرة القانونية ،والتخصص الفني ، وإلى الحياد والتجرد كما يلجئون إلى الثقة والنزاهة والمصداقية وهذه المقومات القانونية والمهنية الحصرية تؤهل الموثق (العضو القانوني بالشهر العقاري والتوثيق ) للعب دور الحكم في الموضوع المتنازع حوله وغالباً ما نتوقف في هذا الدور الوقائي ، خاصة أن العقد ألتوثيقي يكون دائما محبوكاً بطريقة قانونية دقيقة مُحكمة من خلال مراجعة الموثق للعقود ومدى مطابقتها للدستور والقوانين المتعددة ، ليتحول العقد من مجرد ورقة عرفية لا قيمة لها في الإثبات، إلى عقد رسمي كامل الحجية ، بطريقة قانونية لا تقبل التأويل أو القراءة الخاطئة في قالب شكلي ورسمي معين ومُحكم بقوة ثبوتية مطلقة لا يطعن عليها إلا بالتزوير وحجة قانونية مطلقة ليس فقط ملزمة لأطرافه كالأحكام القضائية ، بل وللغير أيضا بل ولأبعد من ذلك أمام القضاء نفسه .

 

سادساً : ونلاحظ حاليا اتساع الإقبال على هذا النوع من العمل القانوني المتخصص فنياً (إثبات الحقوق وتوثيق عقودها) مع عولمة الاقتصاد والمعاملات التجارية السريعة والخدماتية المتخصصة وأيضا أمام تطور أساليب النصب والاحتيال على القانون، وحالات التزوير والغش التي انتشرت في الفترة الاخيرة ، بل حتى الحياة السياسية والدستورية وكان أخرها توثيق إقرارات التأييد الرئاسية - (التوكيلات الرئاسية) - لمرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية خلال عامي  2012 ، 2014 ،2018 ، فـ العضو الفني بفضل مؤهلاته العلمية وخبرته العملية وتخصصه الفني وحياده ونزاهته وواجبة المهني والأخلاقي والقانوني ومسؤوليته المدنية والجنائية والإدارية يبقى المؤهل الأساسي والحصري لتقديم هذا النوع من العمل القانوني المحترف شهراً أو توثيقاً.

سابعاً : إذن الأمر يجب أن ينظر إليه من أكثر من زاوية ، أكثر شمولية وذات عمق تشريعي واهتمام تنفيذي ،ودعم قضائي ، وترتبط شكلاً وموضوعاً بالوضعية العامة للموثق (العضو الفني بالشهر العقاري والتوثيق) ولمهنة التوثيق والتسجيل خاصه ، وفقاً لنظيرتها عربياً ودولياً إذ لابد من تدخل الدولة من خلال قيادتها السياسية الواعية ، وبتعاون مع أفراد المجتمع ودعم من سلطات الدولة الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) من أجل تفعيل وتحقيق وتطبيق وتفعيل وترجمة المادة رقم (199) من دستور مصر 2014 كـ استحقاق دستوري واجب النفاذ من أجل تحصين المهنة وأعضائها، وفقاً لمفردات استقلالها التي تناولتها جلسات لجنة الخمسين الدستورية ، وتوفير كل الشروط والضمانات التي من شأنها أن تهيئ الظروف المناسبة قانونياً واجتماعياً لممارسة عملهم في مناخ مُستقر من الاطمئنان على حاضرهم ومستقبلهم، و تغنيه عن اللجوء إلى بعض الأعمال التي تتنافى مع المهنة وتسيء إليها. وتبقى أنجح طريقة لتفادي هذه الظاهرة هي توفير الاستقلال والضمانات والحماية التشريعية بالتزامن مع إعادة الهيكلة الشاملة فنياً وإدارياً ومالياً من خلال هيئة قانونية مستقلة.

 

ثامناً: وأخيراً تم تتويج جهود الموثقين المصريين (الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق) والتوثيق بعد سنوات من المطالبة باستقلال مهنتهم، بـ نصاً دستورياً وهو المادة 199 من دستور مصر 2014 الآتي نصه: -"... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون." والذي بموجب هذا النص الدستوري، تم تحقيق الحماية الدستورية للأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق خلال اداء عملهم القانوني ورسالتهم المهنية في حماية الملكية العقارية والمنقولة، وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي والعدالة الوقائية لمصر والمصريين، بموجب ضمانات فعلية وحماية حقيقية واستقلال كامل،

ويلزم الآن تفعيلها بتشريع قانوني قوي بعد عشر سنوات من وجود النص الدستوري، تشريع جديد يضمن تطبيقها على ارض الواقع اسوة بزملائهم بجميع دول العالم وتطبيقاً للمعايير الدولية في مجالي التسجيل العقاري والتوثيق وتحقيقاً لاستقرار الملكية العقارية، باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي المستدام في جميع دول العالم .

 

 

 

 

 

               

الفرع الثالث: لماذا هيئة ذات اختصاص قضائي؟

تمهيد:

بموجب مشروع القانون المُرافق تم منح لجان "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" اختصاص قضائي لقرارتها الفنية في المسائل القانونية العقارية ، وإن كان وفقاً لطبيعة العمل القانوني لأعمال الشهر العقاري والتوثيق الحالية فهي قضائية بحته من حيث الموضوع  ،وفقاً لما سيتم عرضه وإثباته لاحقاً ، ومن هنا أصبح من الواجب تشريعياً النص صراحة على الاختصاص القضائي العقاري لضمان تحقيق الهيئة المُستقلة المُقترحة لأهدافها التشريعية والعملية ، ومنحها صلاحيات وسلطات جديدة المُستحدثة بمشروع القانون لمزيد من القوة والثبات لمواجهة وعلاج أزمات التسجيل العقاري بمصر ،وفي ضوء التنظيم القضائي المصري بعد إعادة تقسيمة دستورياً بموجب دستور مصر 2014 ، وبالتوازي مع ضرورة توفير الأساس التشريعي المُحكم لإثبات وحماية الملكية العقارية لمصر والمصريين بعد مرور 75 عام على إنشاء الشهر العقاري ، بالتزامن مع وصول نسبة العقارات والأراضي الغير مُسجلة إلى نسبة 95% وعجز المصلحة في ثوبها الحالي تشريعياً وتنفيذياً (إدارياً وفنياً وماليا) ، في تحقيق تطوير حقيقي ملموس في قطاع التسجيل العقاري والتوثيق بمصر وتنفيذاً لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية بعد أزمة المادة 35 مكرر الكارثية ، والمُهلة الممنوحة بعامين من السيد الرئيس في تقديم مشروع قانون مُتكامل لتطوير وإنقاذ منظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر .

حيث  تُعد مصر من أقدم الحضارات التي عرفت نظامًا متميزاً للقضاء، وتنوع جهات القضاء وعرفت مبدأ استقلال القضاء، وكان للعدالة إله يسمى "ماعت" ، كما سبق وذكرنا بالمبحث الأول ،وقد كانت بداية التنظيم القضائي في مصر عام 1875 م عندما أنشئ نظام المحاكم المختلطة ومنذ ذلك التاريخ شهد النظام القضائي المصري تطورات متتاليةً حتى اكتمل في شكلة الحالي الذى حدده وأعاد تنظيم أقسامه ومفرداته دستور مصر 2014 ، وتصحيح أوضاع ومكونات منظومة العدالة دستورياً وضم هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة بالمادتين (196 ، 197)، والمحاماة بالمادة (198) والخبراء - الجهات المعاونة والشهر العقاري- بالمادة (199) ،ومؤكدًاً على استقلال السلطة القضائية بالمادة (165) "السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون" والمادة (173) "تقوم كل هيئة قضائية على شئونها، ويُشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية، يرعى شئونها المُشتركة، ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه."

ومع صدور دستور مصر 2014، تطور التنظيم القضائي المصري ومنظومة العدالة ككل وأصبح القضاء في مصر دستورياً يتكون حالياً من أربعة أقسام قضائية لكل منها دورها واختصاصها الدستوري، حيث يشمل: -

القسم الأول: الجهات القضائية

القسم الثاني: القضاء العسكري.

القسم الثالث: الهيئات القضائية.

القسم الرابع: الهيئات ذات الاختصاص القضائي.

الغُصن الأول: التنظيم القضائي المصري بعد دستور 2014

القسم الأول: الجهات القضائية (القضاء العادي والإداري والدستوري)

 

أولًا: القضاء العادي   

 

وتنظم شئونه المواد من 184/189 من دستور مصر 2014 والقانون رقم 46 لسنة 1972 المُعدل بشأن السلطة القضائية، ويختص وفقًا للمادة 188 من الدستور بالفصل في كل المنازعات الجرائم عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى ،ووفقًا للمادة 15 من قانون السلطة القضائية فإن ولاية القضاء العادي تمتد لتشمل كل المنازعات والجرائم فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، وكذلك ما أستثني بنص خاص ومنها على سبيل المثال ما يسمى بأعمال السيادة وهي مجموعة الأعمال التي تتسم بالصفة السياسية – سواء تعلقت بالداخل أو الخارج – وتصدر من الحكومة بصفتها سلطة حكم وليس مجرد سلطة إدارية.

والقضاء العادي يتكون من شعبتين:

1-شعبة النيابة العامة: وهي جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولي التحقيق وتحريك ومباشرة الدعوي الجنائية عدا ما يستثنيه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى "م189 / 1 من الدستور والمواد من 21 حتى 27 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972".

2-شعبة المحاكم:

أ-الولاية القضائية للمحاكم:

تتحدد ولاية المحاكم العادية بالمادة 188 من الدستور والتي تنص على أنه "يختص القضاء بالفصل في كل المُنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى...."، وتنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية على أنه "فيما عدا المُنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كل المنازعات والجرائم إلا ما أستثني بنص خاص...."، وتنص المادة "17" من ذات القانون على أنه " ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة، ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه أن تفصل:

1-في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة أو الهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون على غير ذلك.

2-في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها.

ب-طبقات المحاكم واختصاصاتها:

وفقًا لنص المادة الأولى من قانون السلطة القضائية فتتكون المحاكم من:

1-محكمة النقض وهي محكمة واحدة بجمهورية مصر العربية مقرها مدينة القاهرة، وتختص بنظر الطعون في الأحكام الجنائية الصادرة من محاكم الجنايات والجنح المستأنفة، وفي الأحكام المدنية الصادرة من محاكم الاستئناف العالي أو المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية أو المحاكم الاقتصادية في الأحوال المقررة قانونًا.

2-محاكم الاستئناف العالي: وهي ثماني محاكم على مستوى الجمهورية توجد بالقاهرة والإسكندرية وطنطا والمنصورة والإسماعيلية وبني سويف وأسيوط وقنا، وتختص كل منها بنظر قضايا الجنايات، واستئناف الأحكام المدنية بسائر أنواعها الصادرة من المحاكم الابتدائية الواقعة بدائرة اختصاصها المحلي وفقًا للتنظيم القانوني.

3-المحاكم الابتدائية: وهي توجد بعاصمة كل محافظة وتختص بنظر الدعاوى المدنية الابتدائية بسائر أنواعها المختصة بها قيميا ونوعيًا، وكذلك تعمل كمحكمة استئناف بالنسبة للأحكام المدنية والجنائية الصادرة من المحكمة الجزئية في الأحوال المحددة قانونًا.

4-المحاكم الجزئية: وهي توجد بكل مركز أو قسم إداري وتختص بنظر الدعاوى المدنية بسائر أنواعها المختصة بها قيميًا ونوعيًا، وقضايا المخالفات والجنح الجنائية التي تقع بدائرة اختصاصها عدا ما يستثنيه القانون مثل قضايا جنح النشر الصحفي فتختص بنظرها محاكم الجنايات.

ج-المحاكم الاقتصادية

أنشئت بالقانون رقم 120 لسنة 2008 لتختص بنظر القضايا ذات الطابع الاقتصادي المُتعلقة بالاستثمار سواء الجنائية أو المدنية، ابتغاء تحقيق فكرة تخصص القضاء بالنسبة لقضايا التنمية الاقتصادية، وولايتها جزء من ولاية القضاء العادي

 

ثانياً: -قضاء مجلس الدولة

 

ويطلق عليه أيضا القضاء الإداري ،وظهر لأول مرة بالتنظيم القضائي المصري عام 1946م بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946م ، تحت ضغط وزير العدل الأسبق الدكتور محمد كامل مرسي باشا ، بالتوازي مع إدخاله نظام الشهر العقاري والتوثيق عام 1946م بموجب القانون رقم 114 لسنة 1946م والذي ما زال ساري حتى تاريخه ، ويحكم نظام مجلس الدولة القانون رقم 47 لسنة 1972 المُعدل بالقانون رقم 136 لسنة  1984،ووفقاً النص المادة 190 من الدستور المصري المعدل عام 2014 فإن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غير بالفصل في المُنازعات الإدارية، ومُنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوي والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى"، ونصت المادة الأولي من القانون رقم 47 لسنة 1972 على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ......"  .

أ-             اختصاصات مجلس الدولة

تنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة على أنه يختص بنظر:

1- طعون الموظفين العموميين – أو ورثتهم – بشأن منازعاتهم مع جهة الإدارة عن جميع المسائل المتعلقة بالوظيفة العامة مثل الأجر بسائر عناصره، المعاشات، والترقيات والتنقلات والجزاءات وغيرها.

2- طعون الأفراد والهيئات بإلغاء القرارات الإدارية أيا كان نوعها ما لم يستثنها القانون.

3- الطعون على العقود الإدارية.

وسواء تعلق الأمر بالقرارات الإيجابية أو السلبية الصريحة أو الضمنية، وسواء تعلق الأمر بطلب تعديل القرار أو إلغائه وسواء كان ذلك مشمولًا بالتعويض من عدمه. ويخرج عن هذه الاختصاصات الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة وذلك عملًا بنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة، وذلك وفقًا للمفهوم السالف بيانه لدي الحديث عن اختصاصات القضاء العادي بالقسم السابق.

 

ب-           تكوين مجلس الدولة

وفقًا لنص المادة الثانية من قانون مجلس الدولة فإنه يتكون من:

1- القسم القضائي.   2- قسم الفتوى.    3- قسم التشريع.

1- القسم القضائي

 وفقًا للمادة الثالثة من قانون إنشاء المجلس فإنه يتكون من قسمين أحدهما المحاكم والآخر هيئة المفوضين، ومحاكم مجلس الدولة هي:

 

أ- المحكمة الإدارية العليا.

ب- محكمه القضاء الإداري.

ج- المحاكم الإدارية

د- المحاكم التأديبية.

هـ- هيئة مفوضي الدولة.

 

2- قسم الفتوى:

وهو يتكون من مجموعة من الإدارات المُختصة بإبداء الرأي القانوني للجهات العامة مثل رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات وغيرها، أو ندب بعض قضاة المجلس كمفوضين للمجلس في الجهات السابقة للاستعانة بهم في دراسة الشئون القانونية، فضلًا عن اختصاص الإدارة بدراسة العقود وقرارات التحكيم إذا زادت قيمتها عن خمسة آلاف جنية.

3- قسم التشريع:

يختص بمراجعة صياغة أي قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة تشريعية أو لائحية تستصدره أية وزارة أو مصلحة. والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع: نظمت تشكيلها المادة 65 من  القانون، وحددت اختصاصاتها المادة 66 والتي من أهمها إبداء الرأي في المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التي تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة  التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة.

ثالثًا: القضاء الدستوري المصري "المحكمة الدستورية العليا"

 

كانت أول تجربة لإنشاء محكمة دستورية مُتخصصة يناط بها دون غيرها مهمة رقابة دستورية القوانين هي تجربة " المحكمة العليا" التي أنشأها القرار بقانون 81 لسنة 1969 وباشرت مهمتها مدة تقترب من العشر سنوات اعتبارا من 25/8/1970 وحتى تاريخ تشكيل المحكمة الدستورية العليا في 9/10/1979 وهي جهة قضائية قائمة بذاتها مقرها مدينة القاهرة، ويتفق الفقه والقضاء على أن الدور الدستوري للمحكمة الدستورية العليا هو الغالب في طبيعة عملها عن دورها كمحكمة موضوع، وأحكامها نهائية لا يمكن الطعن فيها بأي طريقة من طرق الطعن ، وعمومًا فإن المادة 175 من دستور عام 1971 قد حددت اختصاصات المحكمة على أنها:

1-تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين واللوائح.

2-تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير النصوص التشريعية.

3-يعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة.

وإذ صدر القانون رقم 48 لسنه 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا، فإنه قد ناط بها أيضًا:

1-الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي سواء كان هذا التنازع إيجابيًا بتمسك أكثر من جهة بنظر النزاع، أم سلبيا يحدد أكثر من جهة قضائية اختصاصها بنظر النزاع.

2-الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتين مختلفتين من جهات القضاء.

3-منازعات التنفيذ الوقتية بشأن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا.

4-المنازعات الخاصة بشئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وفيها تعمل باعتبارها محكمة موضوع.

ثم عدل دستور مصر 2014 التنظيم القضائي المصري مؤكداً لكامل اختصاصات وسلطات المحكمة الدستورية العليا سواء الواردة بدستور مصر 1971م ،حيث نظم الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح في خمس مواد منه من المادة 174 وحتى المادة 178 ، بالإضافة لما ورد من اختصاصات بقانون إنشاءها رقم 48 لسنة 1979م ، وتم النص لأول مرة دستورياً على "الهيئات ذات الاختصاص القضائي" ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية العليا ،وكجزء من التنظيم القضائي المصري ، وذلك بموجب المادة 192 من الدستور والتي نصها :- "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين ، واللوائح ، وتفسير النصوص التشريعية ، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون اعضائها ، وفي تنازع الاختصاص بين جهات القضاء ، والهيئات ذات الاختصاص القضائي ، والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء ، أو هيئة ذات اختصاص قضائي ، والآخر من جهة أخرى منها ، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها ، والقرارات الصادرة منها ، ويعين القانون الاختصاصات الاخرى للمحكمة ، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها "

القسم الثاني: القضاء العسكري

 

يتكون القضاء العسكري وفقاً لقانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 من عدد من المحاكم العسكرية منها المحكمة العسكرية العليا التي تنظر في جرائم الضباط، والمحكمة العسكرية المركزية التي تنظر في قضايا الجنح والمخالفات، والمحكمة العليا للطعون العسكرية واستحدثت وفق تعديل تم على القانون العسكري سنة ٢٠٠٧، لتصبح هي المنوطة دون غيرها بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية، أو من المحكوم عليهم في الأحكام النهائية التي تصدرها كافة المحاكم العسكرية، وتكون أحكامها باتة دون حاجة لأي إجراء.

 

وبدستور 2014 تم دمج القضاء العسكري كقسم قائم بذاته داخل التنظيم القضائي المصري، وحصر اختصاصاته الواردة بقانون إنشاءه وتعديلاته، حيث نصت المادة 204 من دستور مصر 2014 على أن "القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة". ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم. ويحدد القانون تلك الجرائم ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى..........."

 

وتنص المادة 48 من القانون رقم 27 لسنه 1980 بإصدار قانون الخدمة العسكرية والوطنية بأنه " يختص القضاء العسكري دون غيره بنظر الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وجرائم التزوير المرتبطة بها".

ونصت المادة 1/2 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون القضاء العسكري بأنه "ويختص القضاء العسكري دون غيره بنظر الجرائم الداخلة في اختصاصه وفقا لأحكام هذا القانون وغيرها من الجرائم التي يختص بها وفقا لأي قانون آخر" ، وذكرت المواد من المادة 5 من هذا القانون وحتى المادة 8 مكرر 1 منه اختصاصات القضاء العسكري، هذا ويتم تحديد اختصاصات القضاء العسكري وفقا لأي من معايير الوظيفة أو الصفة الشخصية أو المكان أو المصلحة المحمية أو أي معيار آخر يراه المشرع فضلا عن محاكمة العسكريين السابقين في الجرائم التي وقعت منهم حال وجودهم في الخدمة العسكرية بالضوابط الواردة به،

 

فضلاً عن الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وهي الجنح والجنايات المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج ومن جهة الداخل والرشوة واختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر.

القسم الثالث: الهيئات القضائية المُسماة بالدستور

أولًا: النيابة الإدارية

النيابة الإدارية أنشئت بالقانون رقم 480 لسنه 1954، وحدد القانون رقم 117 لسنه 1958 اختصاصاتها في المادة 3 بأنها: -1-إجراء الرقابة والتحريات اللازمة للكشف عن المخالفات المالية والإدارية.2-فحص الشكاوى التي تحال إليها من الرؤساء المختصين أو من أي جهة رسمية عن مخالفة القانون أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفية.3-إجراء التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية التي يكشف عنها إجراء الرقابة وفيما يحال إليها من الجهات الإدارية المختصة، وفيما تتلقاه من شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها. وتختص أيضا وفقا للمادة 4 بمباشرة الدعوي التأديبية أمام المحاكم التأديبية

وجاء المشرع الدستوري في المادة 197 من دستور مصر 2014 بعد الجدل الدستوري والقانوني حول طبيعة عملها وقراراتها ودورها في منظومة العدالة ، فأورد أنها هيئة قضائية مستقلة ومنحها اختصاصًا جديدًا هو: "يكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية، فضلًا عن اختصاصها المستقر بالتحقيق في المخالفات المالية والإدارية، وتحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية، وأضاف النص في فقرته الثانية أنه "يحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وينظم القانون مساءلتهم التأديبية".

ثانيًا: هيئة قضايا الدولة

وأول ظهور رسمي لها بالتنظيم القضائي المصري كان عام 1946م تحت أسم "إدارة قضايا الحكومة وتلحق بوزارة العدل" وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 113 لسنة 1946م بالتوازي مع إنشاء مجلس الدولة بالقانون رقم 112 لسنة 1946م وإنشاء الشهر العقاري بالقانون رقم 114 لسنة 1946م ، وهي حالياً هيئة قضائية مستقلة وفقًا لحكم المادة 196 من دستور مصر 2014، وينظم شئونها القرار بقانون رقم 75 لسنة 1963 المُعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 والذي منحها الأخير صفة "الهيئة القضائية المُستقلة تُلحق بوزير العدل " ، ووفقًا لنص المادة 6/1 من هذا القانون فإنه "تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكل شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدي المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدي الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصًا قضائيًا......"

وجاء المشرع الدستوري في المادة 196 من دستور مصر 2014 مؤكدًا للواقع القانوني بنصه على أن "قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة، تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى، وفي اقتراح تسويتها وديًا في أي مرحلة من مراحل التقاضي، والإشراف الفني على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة بالنسبة للدعاوى التي تباشرها وتقوم بصياغة مشروعات العقود التي تُحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفًا فيها، وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون. ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها كل الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا".

القسم الرابع: الهيئات المستقلة ذات الاختصاص القضائي الغير مُسماة بالدستور

 

وهو القسم القضائي الرابع بالتنظيم القضائي المصري بعد إقرار دستور مصر 2014 ، والمٌقترح كأساس دستوري وتشريعي لإقرار "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" كـ "هيئة قانونية مُستقلة ذات اختصاص قضائي " وما ورد بها من اختصاصات وسلطات عقارية قضائية وخاصة بـ [اللجان العقارية – لجان تسوية المُنازعات العقارية] وتحوز قرارتها قوة الأمر المقضي به في المسائل المدنية العينية العقارية ، يُضفى عليها المُشرع صبغة قضائية، وأعطاها اختصاصاً جامعاً مانعاً يُمكنها من الفصل في المنازعات العقارية ، وطرق معينة استثنائية للطعن عليها ، وفقاً لفلسفة وأهداف وأحكام مشروع القانون المُرافق وفي ضوء التقسيم القضائي الجديد السابق بيانه بعد إقرار دستور مصر 2014 ،ومفهوم الجهات والهيئات القضائية والهيئات ذات الاختصاص القضائي الخاضعة لاختصاصات المحكمة الدستورية العليا الواردة بالمادة 192 من دستور مصر 2014 ، وفي ضوء الاستحقاق الدستوري الوارد بالمادة رقم 199 من دستور مصر 2014، وما ورد بتفسيرها وتنفيذها بجلسات مُناقشتها من لجنة الخمسين الدستورية من حتمية هيئة مُستقلة للشهر العقاري ، وفي ضوء مفهوم وأحكام المادتين رقمي (25 ، 29) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 ،المُعدل  بتاريخ 26 يونيو 2019 بالقانون 78 لسنة 2019 ، وما تواترت عليه الأحكام القضائية ،وآراء الفقهاء القانونيين وحالات المثل من الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي .

 

 وحيث أن المُشرع الدستوري المصري لم يتحدث صراحة في دستور مصر 2014 عند إنشاء هيئات قضائية أخرى جديدة ذات اختصاص قضائي فإننا نرى أنه يمكنه للمشرع المصري دستورياً وقانونياً ذلك، وذلك لدعامتين: -

 أولاهما: عدم وجود نص دستوري يحظر ذلك.

وثانيهما: أن ذلك يؤخذ ضمناً من نص المادة 192 من الدستور الذي جعل من ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية العليا وهي:

1-            الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائي.

2-            الفصل في النزاع الذي يقوم بين بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صدر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.

 

ومن ثم فإن الهيئات ذات الاختصاص القضائي القائمة من سلف سيظل وجودها مستمرًا وصحيحًا، ما لم يصدر تشريع بإلغائها أو تعديل تشكيلها أو صلاحياتها، والمُشرع الدستوري لم يلجأ على تسميتها وحصرها كما ورد بالجهات والهيئات القضائية، بل تركها للمًشرع البرلماني، ومن هنا للمُشرع كامل السلطة في إنشاء هذه الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بعد النص عليها صراحة لأول مرة دستوريا ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية العليا بالمادة 192 من دستور مصر 2014، كقسم رابع من التنظيم القضائي المصري بعد التعديل الدستوري من لجنة الخمسين ، وقد يسميها المُشرع البرلماني لجانًا أو مجالس أو هيئات،

 

على أنه مما ينبغي مُلاحظته أن للسلطة التشريعية بغرفتيها (مجلس النواب – مجلس الشيوخ) كامل الصلاحيات والسلطات في تحديد طبيعة القرارات الصادرة على اللجان والهيئات ذات الاختصاص القضائي بالنسبة لطبيعة قراراها تجنباً للنزاع القضائي والتنازع الدستوري مُستقبلاً ما بين الجهات القضائية حول طبيعة قراراتها وطرق الطعن عليها قضائياً ما بين كونه: -

 

أولاً: قرار قضائي شكلاً وموضوعاً يفصل في نزاع كما هو الحال التشريعي بالنسبة للجان العقارية المُستحدثة بالهيئة المُستقلة المٌقترحة، وتحديد حجيتها وطبيعتها القضائية في الفصل والبت في النزاعات العقارية وطرق الطعن عليها أمام لجان عليا أيضا مُشكلة من داخل الهيئة المُقترحة

ثانياً: قرار إداري بحت لا يفصل في النزاع، حتى وإن كان شكلاً كقرار أو ضمن أو كل تشكيل اللجنة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي عُنصر قضائي.

 

حيث أن العديد من اللجان والمجالس والهيئات التي تعتبر "هيئات إدارية" أو "هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي" تصدر كلتاهما قرارات إدارية، شأن القرار الإداري الصادر من الجهة الإدارية مباشرة، وذلك أيًا كان تشكيلها أي حتى ولو شارك فيها عنصر قضائي ، كما حدث مؤخراً بالحكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني ، وعدم دستورية كون قراراها قضائياً ، وعدم دستورية الطعن على قرارتها أمام محكمة الاستئناف وهو ما خصصنا له مبحثاً مستقلاً – المبحث الثامن - بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المُرافق لأهمية وخطورة الموضوع ، ورغم كون النزاعات العقارية محل عمل اللجنة نزاعات مدنية فنية بحتة ومن اختصاص القضاء العادي كحال مسائل التسجيل العقاري والتوثيق ، ولا يجوز للقضاء الإداري نظرها كما هو الحال بجميع دول العالم والتي تجمع بين نظام القضاء العادي ونظام مجلس الجدولة الفرنسي ،، إلا أنه بعد الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني ( ) قد عُقد الاختصاص للقضاء الإداري بالطعن على قرارات هذه اللجان الإدارية سواء بالإلغاء أو بالتعويض أو الوقف أو التأويل .. مما أفقد اللجنة القضائية بالسجل العيني أهميتها وهدفها التشريعي في إثبات وحماية الملكية العقارية وتوقف عملها كلياً قضائياً وعملياً وفقاً لنظام السجل العيني المقرر بالقانون رقم 142 لسنة 1964م ، وأهم إدوار هذا القانون وأهدافه التشريعية والنواه الرئيسية القائم عليها نظام السجل العيني ، في تطهير العقار من النزاعات والقضاء على ظاهرة حلقات البيع العرفية والتي يعاني منها سائر العقارات المصرية حالياً،  دون أن يكون للقضاء العادي أي اختصاص في هذا الشأن، ومن أمثلة هذه اللجان حالياً لجنة القسمة والاعتراضات بوزارة الأوقاف، لكن المشرع قد يمنح القضاء العادي استثناء النظر في هذه الطعون ومثال ذلك الطعن في قرارات هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل، كل هذه الملاحظات القضائية والتي أفرزها التطبيق العملي والفني ، يجب ان تكون تحت نظر المُشرع المصري لتجنب الحُكم بعدم دستوريتها وتجنب وجود نزاع دستوري بين الجهات القضائية والهيئات ذات الاختصاص القضائي أمام المحكمة الدستورية العليا .

 

أما اللجان القضائية فهي هيئات يمنحها القانون سلطة الفصل في خصومة على أساس قاعدة قانونية تتعلق بمركز قانوني ومثالها اللجان القضائية للإصلاح الزراعي المشكلة بموجب المادة 13 مكررًا من القانون 178 لسنة 1952 ، ولجنة ضباط القوات المسلحة "ق 96 لسنة 1971"، ومجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي رقم 166 لسنة 1954"، وللتمييز بين اللجنة التي تعتبر هيئة ذات اختصاص قضائي وتصدر قرارات قضائية، واللجنة الإدارية وقراراها إداري ، فإن الأمر يكون واضحًا ولا يحمل لبسًا أو غموضًا إذا أفصح المشرع صراحة عن قصده عند إنشائها بالنص تشريعياً على أنها هيئة إدارية تصدر قرارات إدارية أو أنها هيئة قانونية ذات اختصاص قضائي  تصدر قرارات قضائية ، فالأمر يكون محسومًا تشريعياً مُسبقاً . فإن لم يفصح المشرع عن رأيه، فإن الفقه والقضاء ذهبوا في طريق التمييز بينهما إلى ثلاثة معايير مُتعارضة أحياناً ومُتداخلة أحياناً أخرى أولها شكلي مضمونة الاعتداد بتشكيل اللجنة فإن كان تابعًا لسلطة قضائية كان القرار قضائيًا، وإلا كان القرار إداريًا. وثانيها موضوعي والعبرة فيه بموضوع القرار بصرف النظر عن الهيئة التي أصدرته، فالقرار القضائي يقوم في نظر أصحاب هذا المعيار متى كان موضوعه حسم خصومه بين طرفين على مسألة قانونية، ويحوز قوة الأمر المحكوم فيه، وذهب المعيار الثالث إلى أن العبرة بما تكشف عنه مجموع نصوص القانون الذي أنشأ اللجنة، وصراحة النص القانوني وما إذا كان المشرع يبغي إنشاء لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي أم يبغي إنشاء هيئة قضائية تصدر قرارات إدارية وهو معيار يراعي أيضًا وجود المعيارين السابقين ولا يغفل وجودهما.

 

وحيث أن العمل القضائي هو : " تقرير قانوني يؤديه باسم الدولة عضو مستقل محايد في نطاق إجراءات خاصه تُعرف بالإجراءات القضائية ، ولهذا التقرير قوة الحقيقة القانونية ، ويقصد بالتقرير أن العضو تثبت أو تحقق بعد عمليات مختلفة من تحقيق وفحص وبحث ، مستخدماً وسائل البينة القانونية مُفاضلاً بين المسندات والسندات والقرائن حتى يصل إلى الحقيقة ، وينتهي ذلك إلى الحل المطلوب ، وذلك بالمقابلة بين الصورة التي كونها عن الحقيقة وبين القاعدة القانونية الواجبة التطبيق ، والتقرير هو عملية ذهنية وإرادية معاً وإذا أنبثق عنه قرار وهو الغالب ، كونا معاً (أي التقرير والقرار) كلاَ لا ينفصل أو يتجزأ " ( )

وبما ان العمل القضائي يُؤدى باسم الدولة ، وفي ظل من سلطانها وقوانينها ، ويستوي في هذا الشأن ان يكون صاحب العمل موظفاً عاماً أو حكماً لكنه دائماً قاض بالمعني الموضوعي للكلمة ، وليس بمعناه الشكلي الضيق ، ويجب أن يكون هذا العضو مستقلاً ومحايداً ، في جميع الأحوال مُتمتعاً بكل المزايا والحصانات التي يتمتع بها القاضي ، غير أن هذا ليس ضرورياً دائماً ليكتسب صفة القضاء ، أما الضروري فهو ان يكون مستقلاً ومحايداً فالقضاء والخضوع لا يتفقان كما أننا لا نطمئن إلى قضاء من شخص غير محايد إن الخصم أو الصديق لا يكون حكماً ، وأننا نعني بالاستقلال هنا ما تعنيه مدرسة "فينا" في تمييز العمل القضائي أي لا يكون القاضي تابعاً في قضائه لرئيس له عليه حق التوجيه والتصحيح والتأديب، ويجب ألا يكون هناك سلطان على ضمير القاضي إلا سلطان الله والدستور والقانون .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الغُصن الثاني: الهدف التشريعي للهيئات ذات الاختصاص القضائي وأنواعها

 تأخذ الدول على عاتقها مهام كثيرة وجسيمة لتحقيق السلام الاجتماعي والأمن القانوني ، ليس فقط كواجب دستوري بل كقضية أمن قومي في الأساس ، وفي سبيل تنظيم هذه المهام تصدر الدولة من خلال السلطة التشريعية العديد من التشريعات تتضمن حماية حقوق المواطنين المختلفة والتي تناولتها الدساتير المصرية مراراً وتكراراً لأنها حقوق أساسية جديرة بالحماية الدستورية والقانونية ، وقد تفشل أو تضعف هذه التشريعات مع مرور الزمن في توفير الحماية لهذه الحقوق ما تسبب في تكدس المحاكم على اختلاف أنواعها بنزاعات متنوعة بين الأفراد وبعضهم من ناحية وبين الأفراد ومؤسسات الدولة العامة من ناحية أخرى او حتى بين مؤسسات الدولة العامة من ناحية ثالثة ، لهذا أوجد المشرع المصري وسبقه المشرع الفرنسي الحل التشريعي لذلك بإنشاء الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي ، وإخضاع المسائل المُتنازع عليها لهيئات تتوافر أمامها الضمانات القضائية وتصدر قراراً قضائياً مُلزماً وسريعاً لحسم النزاع او حل المسألة وتطبيق صحيح القانون، فضلاً عما تتميز به هذه الهيئات من خبرة فنية مُتخصصة تُمكنها من قوة البحث وسلامة التقدير وسرعة البت ، وما يجتمع بهذه الهيئات من ضمانات ، وخبرة فنية حصرية ، وقدرة على البت السريع ، كما هو الحال في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق واختصاصها القانوني الحصري دون غيرها من سائر الجهات القضائية والحكومية في إثبات وتسجيل الملكية العقارية وسائر الحقوق العينية العقارية لمصر والمصريين ، ومع الوقت كثيراً ما تتحول هذه الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي ومع خطورة عملها إلى محاكم شكلاً وموضوعاً . إنها حتمية التطور التشريعي، وتطور الوعي العام نحو الحرص على مزيد من الضمانات في العلاقات وتحقيقاً للأمن القانوني والتعاقدي، انه البحث الدائب للشعوب الصاعدة وللدول الواعدة لتوفير موازين أكثر دقة في توزيع العدل، وتحقيق الحماية الدستورية والقانونية لحفظ وصون حقوق مواطنيها

 

والأهداف التشريعية من إنشاء الهيئات ذات الاختصاص القضائية: -

أولاً: سيادة السلام العام قانونياً اجتماعيا واقتصادياً وأمنياً، وذلك لما هو معروف وثابت لدور الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي في وضع حلول سريعة ومُلزمة وفقاً للدستور والقانون لما قد ينشأ من نزاعات تُعكر صفو هذا السلام العام.

ثانياً: توفير الحماية للحقوق التي نص على حمايتها الدستور – كحق الملكية مثلاً -

ثالثاً: تخفيف العبء على المحاكم ودعم العدالة الناجزة وسرعة الفصل في النزاعات ولعل أهمها النزاعات المدنية العقارية

رابعاً: منع النزاعات المستقبلية فيما يعرف بالعدالة الوقائية

ومن هذه الهيئات ذات الاختصاص القضائي بمصر وعلى سبيل المثال لا الحصر: -

 [اللجان القضائية (مادة تأديبية إدارية) – لجنة تسوية الديون العقارية (مادة مدنية مالية) – لجان الري (مادة جنائية) – لجان الطعن (مادة ضريبية) – هيئات التحكيم (مادة عمالية) – المجالس العسكرية (مادة عسكرية) – اللجنة القضائية بالسجل العيني (مادة مدنية عقارية)]

وأبرز صور الهيئات المُستقلة ذات الاختصاص القضائي

أولاً: " اللجان القضائية التأديبية "

وأول ما انشات اللجان القضائية كان بتاريخ 18 أغسطس 1953م بموجب المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 والمُعدل بالقانون رقم 105 لسنة 1953 بتاريخ 12 مارس 1953، وكان الغرض من إنشاء هذه اللجان أن تحمل بعض العبء عن محكمة القضاء الإداري، مع التيسير على الموظفين وسرعة البت واختصار الإجراءات ، وقد عُهد على هذه اللجان ببعض الاختصاصات التي كانت تختص بالفصل فيها محكمة القضاء الإداري، وذلك في حدود الوزارة التي شكلت كل لجنة للنظر في منازعاتها ( )

وكانت اللجنة القضائية تُشكل كما جاء بالمادة الأولى من القانون 105 لسنة 1953م برئاسة موظف فني بمجلس الدولة وموظف من ديوان الموظفين لا يقل عن الدرجة الثالثة، والإجراءات التي كانت متبعة أمام هذه اللجان في جملتها |إجراءات قضائية تحترم حرية الدفاع وتمكن كلا من طرفي الخصومة من الاطلاع على ما يقرره الطرف الاخر والرد عليه.

يلاحظ ان المشرع المصري حرص في هذه الإجراءات على تقصير المدد رغبة منه في سرعة البت فيما تنظره اللجان المذكورة من قضايا ومنازعات، وقرارات اللجنة القضائية مُسببة وإذا انقضى ميعاد الطعن دون ان يستعمل أي من الطرفين حقه فيه أصبح قرار اللجنة نهائياً واجب التنفيذ، وكان لقرارات اللجان القضائية كل مقومات وعناصر العمل القضائي واعضاءها مستقلين محايدين، وقرارتها لها قوة تنفيذية كالقرارات القضائية سواء بسواء.

وعلى الرغم من اكتمال كافة المكونات القضائية وعناصرها شكلاً وموضوعاً ووفقاً لنظريات تمييز العمل القضائي إلى ان المشرع المصري وما يملكه من سلطة تشريعية تقديرية نص صراحة تشريعياً على كون قراراتها إدارية يُطعن عليها أمام محكمة القضاء الإداري بدعوى الإلغاء ، وذلك يترجم مدى السلطة التي يملكها المشرع المصري في تكييف القرارات الصادرة عن اللجان القضائية بكونها احدى صور الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، ومع النص التشريعي الصريح من المُشرع بتقرير الطبيعة الإدارية لقرارات اللجنة القضائية وتحديد الطعن عليها بالإلغاء امام محكمة القضاء الإداري ، وهو ما كان عملاً شاذاً ومناقض لغالبية نظريات تمييز العمل القضائي عن العمل الإداري ، وحيث ان كل شاذ لا بقاء له ، وهذا ما حدث فعلاً بالنسبة إلى هذه اللجان إذ حولها المشرع إلى محاكم إدارية حقيقية ، بعد تجربة لم تطل ، وذلك بالقانون رقم 147 لسنة 1954 ،وهذه التجربة القضائية للجان القضائية التأديبية (مادة تأديبية إدارية) تكررت مرة مع اللجان القضائية بقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م، (مادة مدنية عقارية فنية بحتة) وتم الحُكم بعدم دستورية تشكيلها في القضية رقم 10 لسنة 35 ق " دستورية " بجلسة 2 / 6 / 2018

 

ثانياً : اللجان القضائية بالسجل العيني  (مادة مدنية عقارية)

واللجنة القضائية بالسجل العيني هي النواة الوحيدة والحصرية والرئيسية والتي يقوم عليها نظام السجل العيني بمصر حالياً، فهي المسؤولة عن مرحلة القيد الأول للوحدات العقارية التي سيطبق عليها نظام السجل العيني وما يلحقها من دعاوي وطلبات وتظلمات، وهي أهم مراحل وأحد أهم مميزات نظام السجل العيني، وليس لها مُقابل بنظام الشهر الشخصي، وقد منحها المُشرع المصري بقانون إنشائها رقم 142 لسنة 1964م الصفة القضائية وخاصة قرارها القضائي ، وإسباغ وصف الأحكام على ما تصدره هذه اللجان من قرارات، والتي يطعن عليها أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي ، وهي لجنة ذات اختصاص قضائي من ثلاثة اعضاء لكل منهم صوت معدود عند التصويت ، رئيسها قاض وهو رئيس المحكمة الابتدائية وعضويها الاخرين من موظفي مصلحة الهر العقاري والتوثيق أحداهما قانوني والآخر هندسي ، وتمارس عملها وفق الإجراءات والضمانات والخصومة القضائية المُعتادة أمام المحاكم العادية ،وتصدر قرارها الفاصل بأغلبية أعضاءها.

 

وأسباب منح المُشرع قرار اللجنة القضائية بالسجل العيني الصفة والحجية القضائية: -

1-            اكتساب الحجية القضائية الملزمة لقراراتها لتكون فاصلة ونهائية وملزمة للنزاعات المدنية العقارية.

2-            لتكون بمرتيه ودرجة الأحكام القضائية النهائية والعقود الرسمية الموثقة.

3-            خطورة اختصاصها القضائي دون غيرها بالفصل في النزاعات العقارية الناشئة عن تطبيق نظام السجل العيني على الأقسام المساحية الجديدة

4-            تطهير العقار من كافة الشوائب والنزاعات القديمة والقائمة والمُحتملة.

5-            سرعة دعم استقرار الملكية العقارية وحمايتها وهو أهم أهداف قانون السجل العيني.

6-            علاج عيوب نظام الشهر الشخصي وقصوره في تحقيق الحماية الكاملة والنهائية للملكية حتى للعقود المشهرة الصادرة عنه.

وعلى الرغم من ذلك صدر الحُكم بعدم دستورية تشكيل اللجنة وجميع النصوص القانونية المُنظمة لها والقرارات الوزارية واللائحية الصادرة عن وزارة العدل، وجميع المنشورات الفنية والكتب الدورية ذات الصلة والصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وسبب الحُكم بعدم دستوريتها هو عدم استقلال وحياد عضوي الشهر العقاري القانوني والهندسي ، وهم عناصر إدارية ، وبالتالي لسنا امام حكم قضائي أول درجة يجوز الطعن عليه استئنافياً أمام محكمة الاستئناف ،  وأصبح من الضروري تشريعياً حالياً سرعة علاج أزمة الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني ، وأفضل علاج تشريعي للازمة هو تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قانونية مُستقلة ذات اختصاص قضائي في الحقوق العينية العقارية ، وهو ما تم تنفيذه تشريعياً لعلاج الازمة من خلال مشروع القانون المُرافق ،

 

ونظراً لخطورة أزمة الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني تم تخصيص مبحث كامل بالمُذكرة الايضاحية – المبحث الثامن - في ضوء ما لحقها من نتائج سلبية دستورية وقانونية شديدة الخطورة منها على سبيل المثال لا الحصر: -

1-            توقف العمل بقانون السجل العيني بنسبة 90% لأنه قائم كليا على اللجنة القضائية عمليا وقانونياً.

2-            تجميد تطبيق نظام السجل العيني على أقسام مساحية جديدة وتوقفه عند القائم منها حتى صدور حكم الدستورية العليا.

3-            تعذر علاج المنازعات العقارية للمناطق الخاضعة بالفعل للسجل العيني حالياً، مع العلم أن الأراضي الخاضعة حاليا للسجل العيني لا تتجاوز الـ20%ــ من أجمالي الأراضي المسجلة والتي لا تتعدى أصلا الــ15%ـــ من إجمالي مساحة مصر.

4-            القرارات الصادرة عنها أصبحت إدارية بحتة وبالتالي يجوز الطعن عليها والتظلم منها أمام القضاء الإداري على الرغم من كونها مدنية بحته تتعلق بـ الحقوق العينية العقارية، وهي عند النزاع القضائي تخضع للقضاء المدني العادي، وبالتالي أصبحنا أمام زعزعة وعدم استقرار كبير في هندسة النظام القضائي المصري ككل.

5-            فقد قرارتها حُجيتها القضائية وقوتها المُلزمة بعد تحول قرارات اللجنة القضائية لقرارات إدارية وأصبحت بالتالي غير قادرة على أي تغيير في البيانات العقارية بالسجل العيني، لا من حيث إنشاءها، أو نقلها، أو زوالها، لأنه لا يمكن تغيير الحقوق العينية العقارية، إلا بموجب عقد رسمي موثق من المتعاقدين، أو بموجب حكم قضائي نهائي من القضاء العادي صاحب الولاية في المنازعات العقارية القضائية المدنية.

6-            أصبحت بالتالي غير مُلزمة للكافة والغير، ولا حتى أطرافها من أصحاب الشأن من ذوي المصلحة المباشرة، وبالتالي غير قادرة على الفصل في النزاع العقاري بعد تحول قرارات اللجنة القضائية لقرارات إدارية .

7-            انهيار قدرتها على تطهير العقار من كافة الشوائب والنزاعات القديمة والقائمة والمحتملة، وبالتالي، انهيار آخر في استقرار الملكية العقارية بمصر، والمزيد من المنازعات والأزمات.

8-            فراغ تشريعي قاتل لقانون السجل العيني وإلى جانب فشل تطبيقه العملي مجتمعان معاً، تسببوا في انهيار نظام التسجيل العيني كليا بمصر.

9-            عوار عدم الدستورية أصاب أيضا قانون الشهر العقاري بالمُجتمعات العُمرانية الجديدة فيما يخص اللجنة المنصوص عليها بالمادة الخامسة بالقانون  رقم 27 لسنة 2018، لأنها نسخة طبق الأصل من اللجنة القضائية بالسجل العيني من حيث التشكيل والاختصاصات والسلطات والقرارات والتظلم منها، وبالتالي أيضا توقف العمل به أيضاً.

 

ثالثاً: لجنة تسوية الديون العقارية  (مادة مدنية مالية)

أصدر المُشرع المصري تشريعات كثيرة بشأن تسوية الديون العقارية، منها القوانين رقم 12 لسنة 1942م بتسوية الديون العقارية، والقانون رقم 13 لسنة 1942م بتيسير الوفاء بالديون العقارية المُقسطة، والقانون رقم 143 لسنة 1944م بتعديل بعض أحكام القانون رقم 12 لسنة 1942م السابق ذكره، والقانون رقم 57 لسنة 1945م بتطهير عقارات المدينين الذين قبلت لجنة تسوية الديون العقارية طلباتهم نهائياً

ومن مقتضى هذه التشريعات ان للمدينين من غير التجار ممن يمتلكون أراضي زراعية أو مباني أو كلاهما، مرهونة أو عليها اختصاصات أو تسجيلات أن يطلبوا تخفيض ديونهم العقارية والعادية، وينتفع بالتسوية التي قررها المدينون والذين تتجاوز التزاماتهم المدينين بها 70% من قيمة عقاراتهم، وعند قبول الطلب تخفض الديون كلها الى الحد المعادل ل 70% من قيمة عقارات المدينين المدنيين من غير التجار، وعند قبول طلبهم يتم تخفيض الديون كلها الى الحد المعادل لـ 70% من قيمة العقارات التي يملكونها

وفضلاً عن ذلك فقد نصت قوانين التسويات العقارية على تقسيط الديون المُخفضة على آجال طويلة بفائدة قانونية مُعتدلة ، كما منعت التنفيذ الجبري على الأطيان المُثقلة بهذه الديون وفاء لها ، ومنعت وضعها تحت الحراسة القضائية ، وأنشأ المُشرع بموجب القانون رقم 12 لسنة 1942 المنوه عنه سابقاً لجنة سماها " لجنة تسوية الديون العقارية " وجعل لهذه اللجنة قبول الطلبات المرفوعة إليه ، وحصر ديون المدين ، وتقدير قيمة المُمتلكات ، وتحديد المبالغ المُستحقة للدائنين بعد التسوية وشروط تسديدها ، وإعداد قائمة توزيعها ، وقرار اللجنة مبرئ لذمة المدين من كافة الديون التي تزيد عن 70% من قيمة عقارته بعد التأكد من ملكيته لها وحصرها وتقدير قيمتها .

ومن هذا العرض التشريعي الموجز لدور لجان تسوية الديون العقارية يتضح الدور الكبير الذي تقوم به اللجنة، وهي في قيامها بعملها تواجه كثيراً من المسائل القانونية مثل بحث الملكية، وتوضيح مصادرها، وتحديد مسئولية كل شريك عند وجوده ارتباط مع الغير بسبب ديون غير قابلة للتجزئة ... الخ، فضلاً عما يُصادف اللجنة من صعوبات فنية ناشئة عن حصر الديون، وتقدير قيمة عقارات المدين.

وقد بينت المادة (16) من القانون رقم 12 لسنة 1942م تشكيل اللجنة ، فنصت على تكوينها من وزير المالية أو من ينيبه عنه رئيساً ، أما أعضائها فهم مستشار (ملكي) ومستشار من محكمة الاستئناف ، ومندوب من وزارة المالية ومدير عام مصلحة الأملاك الاميرية ، ومندوب من كلاً من البنك العقاري الزراعي المصري ، والبنك الأهلي المصري وبنك الأراضي المصري وبنك مصر ويتم تعيين هؤلاء بقرار من وزير المالية – يلاحظ عدم وجود عضو من الشهر العقاري يكون مُختص ببحث بحث الملكية فنياً باعتبارها اهم المسائل القانونية التي تخوضها اللجنة لأن قانون لجنة تسوية الديون العقارية صدر عام 1942م قبل إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عام 1946م – ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحاً  إلا إذا حضره أربعة ن اعضائها منهم الرئيس ، وقد فوضت الفقرة الأخيرة من المادة (16) اللجنة في وضع لائحة إجراءاتها التي صدر بها قرار وزير المالية رقم 106 لسنة 1942 والمنشور بالوقائع المصرية برقم 157 بتاريخ 22 أغسطس 1942م

وقد تكفل القانون واللائحة معاً بضمان حرية الدفاع، وتمكين الخصوم من تتبع سير الخصومة وإبداء ملاحظاتهم ووجهات نظرهم، ولكل ذي شأن أن ينيب عنه محامياً، وللجنة أن تستعين بأهل الخبرة، وللأطراف الاطلاع على تقرير الخبير وإبداء ملاحظاتهم عليه

وتصدر اللجنة قراراتها بأغلبية الأصوات ، فإذا تساوت الأصوات كان صوت الرئيس مرجحاً ، وكانت المادة 24 من القانون 12 لينة 1942م ، تنص على ان " قرارات اللجنة نهائية لا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة من جهات الاختصاص" ، وبعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1944م  ( ) جاء نصها كالاتي :- " مادة 24 تُحدد اللجنة المبالغ المستحقة للدائنين بعد التسوية وشروط تسديدها طبقاً لأحكام هذا القانون وتعد قائمة التوزيع وتُعلن للدائنين والمدين بخطاب مسجل بعلم الوصول. ، ولكل ذي شأن في خلال عشرة أيام من تاريخ تسلم الخطاب المذكور أن يتظلم لدى اللجنة عن الخطأ المادي في قائمة التوزيع، فاذا انقضى الميعاد المذكور اعُتبر قرار اللجنة نهائياً، ولا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة من جهات القضاء. "

                ما طبيعة قرارات لجنة تسوية الديون العقارية؟

وبمعنى أكثر دقة إلى أية جهة من جهتي القضاء (العادي – الإداري) يوجه الطعن في هذه القرارات؟ وما نوع هذا الطعن؟  ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى أن  لقرارتها صفة الأحكام ، فلا تختص محكمة الإداري بإلغائها ، وعللت ذلك بأن هذه اللجنة تفصل في مُنازعات بين دائنين ومدينين ، أي في منازعات ذات صفة مدنية بحتة ( ) وأنه وبالرجوع إلى نصوص قانوني تسوية الديون العقارية رقمي (12 لسنة 1942م – 143 لسنة 1944م) واللذين أحتكم إليهما الحكم نجد أنها صريحة في إسباغ الصفة القضائية على قرارات لجان التسوية العقارية ، بما يغني عن الاجتهاد في تكييف طبيعتها القانونية هل قضائية أم إدارية وسواء قبل أو بعد التعديل التشريعي من أن قرارات اللجنة قرارات نهائية لا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة من جهات القضاء ( ) ، وبمراجعة لائحة اللجنة التنفيذية نلاحظ  توافر الضمانات القضائية الكافية ، فضلاً عما لقراراتها من قوة خاصة حاسمة ونهائية ، ولا اجتهاد مع صريح النص التشريعي ما دام المُشرع بما له من سلطة تقديرية تحقيقاً للأهداف التشريعية  قد أفصح صراحة على منحها الصفة القضائية الفاصلة في النزاع وحدد أنها نهائية وتحوز القوة التنفيذية ولا يجوز الطعن عليها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الغُصن الثالث: الأساس الدستوري والتشريعي والقضائي للهيئة ذات الاختصاص القضائي

 

أولاً: الأساس الدستوري

 

المُشرع الدستوري المصري لم يتحدث صراحة في دستور مصر 2014 على إنشاء هيئات قضائية أو هيئات ذات اختصاص قضائي، إلا أنه يمكن للمُشرع المصري دستورياً وقانونياً ذلك، وذلك لدعامتين: -

 أولاهما: عدم وجود نص دستوري يحظر ذلك.

وثانيهما: أن ذلك يؤخذ ضمناً من نص المادة 192 من الدستور الذي جعل من ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية العليا وهي:

1-            الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائي.

2-            الفصل في النزاع الذي يقوم بين بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صدر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.

 

ومن ثم فإن الهيئات ذات الاختصاص القضائي القائمة من سلف سيظل وجودها مستمرًا وصحيحًا، ما لم يصدر تشريع بإلغائها أو تعديل تشكيلها أو صلاحياتها، والمُشرع الدستوري لم يلجأ على تسميتها وحصرها كما ورد بالجهات والهيئات القضائية، بل تركها للمًشرع البرلماني، ومن هنا للمُشرع كامل السلطة في إنشاء هذه الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بعد النص عليها صراحة لأول مرة دستوريا ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية العليا بالمادة 192 من دستور مصر 2014، كقسم رابع من التنظيم القضائي المصري بعد التعديل الدستوري ، وقد يسميها المُشرع البرلماني لجانًا أو مجالس أو هيئات،

 

على أنه مما ينبغي مُلاحظته أن للسلطة التشريعية كامل الصلاحيات والسلطات في تحديد طبيعة القرارات الصادرة على اللجان والهيئات ذات الاختصاص القضائي بالنسبة لطبيعة قراراها تجنباً للنزاع القضائي والتنازع الدستوري مُستقبلاً ما بين الجهات القضائية حول طبيعة قراراتها وطرق الطعن عليها قضائياً ما بين كونه: -

أولاً: قرار قضائي شكلاً وموضوعاً يفصل في نزاع كما هو الحال التشريعي بالنسبة للجان العقارية المُستحدثة بالهيئة المُستقلة المٌقترحة، وتحديد حجيتها وطبيعتها القضائية في الفصل والبت في النزاعات العقارية وطرق الطعن عليها أمام لجان عليا أيضا مُشكلة من داخل الهيئة المُقترحة

ثانياً: قرار إداري بحت لا يفصل في النزاع، حتى وإن كان شكلاً ضمن تشكيل اللجنة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي،

 

ويُعد الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد التشريعية والأصول القانونية التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها.

 

فقد نصت المادة (192) بالفصل الرابع من دستور مصر 2014 على أن: - " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء، والهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها."

 

ثانياً: الأساس التشريعي

 

نصت المادة رقم (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، المُعدل بالقانون 78 لسنة 2019: -"تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:

أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.

ثانيا: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل أحدهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.

ثالثا: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها."

ونصت المادة رقم (29) من ذات القانون على أن: -" تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: -

(ا) إذا تراءى لأحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.

(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن.

 

ثالثاً: الأساس القضائي

 

حددت المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها القضائية العليا مفهوم الهيئة ذات الاختصاص القضائي وأيضاً دور وسلطة المُشرع في تحديد السلطات والاختصاصات، ففي حكمها الأول في القضية رقم 5 لسنة 6 قضائية "تنازع اختصاص" ( ) الفرق بين: [جهة القضاء - الهيئة ذات الاختصاص القضائي]

عدم قبول دعوى التنازع على الاختصاص بين المحكمة الدستورية العليا والجهات القضائية الأخرى -علة ذلك -المحكمة الدستورية العليا هي الجهة القضائية العليا التي ناط بها القانون ولاية حسم التنازع على الاختصاص بين أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وإذا كانت: -

"جهة القضاء: هي الجهة التي تقوم بولاية القضاء،

والهيئة ذات الاختصاص القضائي: في مفهوم المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، هي كل هيئة خولها المشرع سلطة الفصل في خصومة بحكم تصدره بعد إتباع الإجراءات القضائية التي يُحددها القانون، وهي جميعاً جهات قضائية مُتعددة خصها المشرع بالفصل في خصومات "موضوعية" ونظم الاختصاص فيما بينها، على هدى من أحكام الدستور، بحيث إذا تنازعت فيما بينها حول الاختصاص، كانت المحكمة الدستورية العليا هي وحدها صاحبة الولاية في حسم هذا التنازع وتعيين الجهة القضائية المختصة.

ولما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا ليست من الجهات القضائية التي يثور التنازع على الاختصاص فيما بينها، بل هي - وعلى ما سلف بيانه - الهيئة القضائية العليا التي ناط بها القانون ولاية حسم التنازع على الاختصاص وتحديد الجهة القضائية المختصة عندما تتنازع دعوى الموضوع الواحد أكثر من جهة قضائية واحدة، وتكون أحكامها هي الواجبة التنفيذ ولو تعارضت مع أحكام الجهات القضائية الأخرى، فإن الدعوى المؤسسة على قيام تنازع بينها وبين جهة من جهات القضاء لا تكون مقبولة، ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى."

 

وفي حكم ثاني للمحكمة الدستورية العليا رقم 31 لسنة 17 دستورية بتاريخ 6 أبريل 1996م ( ): -" الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق هو إطلاقها، باعتبار أن جوهر تلك السلطة هو المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم التشريعي، موازنا بينها، مرجحا ما يراه أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها لأكثر المصالح وزنا في مجال إنفاذها. وليس ثمة قيد على مباشرة المشرع لسلطته هذه، ما لم يكن الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة، تعتبر تخوما لها لا يجوز تجاوزها، بل يتعين التزامها نزولا عليها وتقيدا بها."

 

وفي حكم ثالث للمحكمة الدستورية العليا رقم ٤٢ لسنة ١٧ دستورية بتاريخ 18 يونية 1998م ( ) :- " وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية مالم يقيدها الدستور بضوابط تحد من إطلاقها، وتقيم لها تخومها التي لا يجوز اقتحامها. وكلما كان هذا التنظيم منتهياً إلى إهدار الحقوق التي تناولها؛ أو مؤدياً إلى إرهاق محتواها بقيود لا تكفل فعاليتها، وبما ينال من مجالاتها الحيوية التي لا تقوم إلا بها، كان مخالفاً للدستور.

 

وفي تفسير للمحكمة الدستورية العليا عن ماهية الهيئة القضائية والعمل القضائي بموجب قرار تفسير رقم 3 لسنة 26 قضائية دستورية بتاريخ 7/3/2004، وذلك بمناسبة الإشراف القضائي على الانتخابات، قالت «إن مصطلح الهيئة القضائية في النظام القانوني المصري إن هو إلا اسم جنس تندرج تحته عدة أنواع، منها جهات تمسك بزمام العدالة، وتنفرد على وجه الاستقلال بالفصل في القضايا على أسس موضوعية ووفقاً لقواعد إجرائية تكون منصفة في ذاتها، بما يكفل الحماية الكاملة لحقوق من يلوذون بها، وأخصها المحكمة الدستورية العليا، ومحاكم جهتي القضاء العادي والإداري بمختلف درجاتها، ومنها جهات قائمة بذاتها، وهى- وإن لم يعهد إليها المشرّع باختصاص الفصل في القضايا، فإنه أسبغ عليها صفة الهيئة القضائية تقديراً منها بأنها هيئات، بحكم الاختصاص المنوط بها- تسهم في سير العدالة، وهى هيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية».

 

 

 

 

 

 

 

الغُصن الرابع : طبيعة العمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق

 

(أ)            التفرقة بين العمل القضائي والعمل الولائي.

 

تختلف الأعمال الولائية عن الأعمال القضائية في أنه لا يكون هناك نزاع بين الطرفين في الأعمال الولائية ،فالعمل الولائي يتميز بعدم وجود نزاع يبرر التدخل الطبيعي للقاضي أو المعارض الحقيقي لطالب العمل أو المستدعي ، فالقاضي لا يفصل في أي نزاع بل يتدخل لإزالة عقبة من نوع آخر ، عقبة وضعها القانون ذاته ، بحيث لا يجوز اتخاذ إجراء ما أو عمل ما إلا عن طريق إذن أو أمر من القاضي ،فالأعمال الولائية تفترض أنه لا يوجد نزاع بين خصمين ، بل فقط مجرد طلب يتوجه به صاحب العلاقة والمصلحة إلى القضاء بدون أن يكون هناك خصم معين يطلب الحكم في مواجهته . والأعمال الولائية تكون في حالات حصرية فلا يجوز طلب قرار ولائي إلا حيث يكون هناك نص يجيز ذلك سواء في قانون المرافعات أو في قوانين أخرى. وفي الأعمال الولائية يباشر القاضي التحقيق بنفسه تلقائياً وبصورة غير علنية ويقوم بجميع التحريات التي يراها مفيدة. ويجوز له أن يستمع إلى أي شخص يمكن أن يمس القرار المطلوب بمصالحة.

والقرار الولائي لا تكون له حجية القضية المحكوم بها ولو صدر بعد التحقيق إجراءه رئيس المحكمة، فيجوز تقديم طلب من جديد كما يستطيع القاضي مصدر القرارات أن يرجع قراره السابق أو أن يعدله، كما أنه يستطيع إصدار قرار سبق له رفض إصداره، ولكن لكون القاضي هو موظف عام أهل لثقة فإنه يجب عليه ألا يعدل عنه تعسفياً في غير سبب كما لا يجوز العدول عنه إذاً تعلق بحق الغير حسن النية.

 

(ب)         التفرقة بين العمل القضائي والقرار الإداري.

 

تعريف القرار الإداري: هو عمل قانوني يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة يحدث مركزا قانونيا جديدا أو يؤثر في مركز قانوني سابق وقد استقر قضاء مجلس الدولة على تعريف القرار الإداري بأنه "افصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة" ( )

تعريف العمل القضائي: عرفت محكمة القضاء الإداري العمل القضائي بقولها " القرار القضائي – حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو ما يُحسم على أساس القاعدة القانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين، وتتعلق بمركز قانوني خاص أو عام، ولا ينشئ القرار مركزاً قانونياً جديداً، وإنما يقرر في قوة الحقيقة القانونية وجود حق لأي الخصمين أو عدم وجوده. ويكون القرار قضائياً متى اشتمل على الخصائص، ولو صدر من هيئة لا تتكون من عناصر قضائية، وإنما استندت إليها سلطة قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من الخصومات" ( )

(ج) التمييز بين القرار الإداري والعمل القضائي

 

اختلف الفقه القانوني والقضائي في معايير التفرقة بين العمل الإداري والعمل القضائي وقد دارت رحى هذا الاختلاف بين معايير ثلاث هي المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي والمعيار المزدوج انتهت فيه هذه الاختلافات الفقهية واستقرت الى ان المعيار الشكلي لا يجدي في تمييز الأعمال الإدارية عن الأعمال القضائية ووجه اليه العديد من الانتقادات، وظهر المعيار الموضوعي وهو الأكثر تأييداً الى جانب ظهور المعيار المزدوج محاولاً التخفيف بين عيوب وانتقادات المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي، وأستقر الأمر في النهاية إلى ان هناك ثلاث معايير اساسية متعارف عليها حالياً للتفرقة بين الاعمال القضائية والاعمال الادارية وهي :-

1-            المعيار الشكلي.                 2-المعيار الموضوعي.               3-المعيار المزدوج.

 

أولاً: المعيار الشكلي.

 

يعتمد المعيار الشكلي : على أساس أن يكون العمل أو القرار إدارياً وليس قضائياً إذا كان صادراً عن فرد أو هيئة تابعة لجهة الإدارة وبصرف النظر عن مضمون العمل أو القرار ذاته أو الاجراءات والأوضاع الشكلية التي يصدر على مُقتضاها ويكون العمل الصادر من السلطة القضائية وممثلة في المحاكم على اختلاف درجاتها وأنواعها عملا قضائياً وليس إدارياً أياً كان مضمونه وفحواه سواء كان داخلاً في جسم الوظيفة القضائية بأن كان حاسماً لنزاع بين خصمين أو أكثر على أساس قواعد القانون أو كان خارجاً عن مجال هذه الوظيفة وصادراً من القاضي بناء على سلطته الولائية كالأمر بتعيين وصي .

هذا المعيار الشكلي يميز بين العمل القضائي والعمل الاداري بالنظر شكلاً الى الجهة مُصدرة العمل، فان كانت هذ الجهة قضائية او كان مصدر العمل قاض، كان العمل قضائياً، وان كان العمل صادرا عن جهة ادارية فهو اداري ( )

ولعل سهولة هذا المعيار كانت سبباً وراء اعتماده لدى بعض الفقه والقضاء، الا انه يعيبه ما وصل اليه من نتائج غير منطقية، حيث ان قرارات تنظيم العمل في المحكمة يصعب اعتبارها اعمالاً قضائية لمجرد صدورها من قاض ( )

ولكن هذا المعيار منتقد من ناحتين:

الأولى: أن جميع الأعمال الصادرة من السلطة القضائية لا تعتبر أحكاماً، بل منها ما يعتبر أعمالا إدارية بطبيعتها كالأعمال الداخلة في وظيفة القاضي الولائية.

الثانية: فإن المشرع كثيراً ما يخول الجهات الإدارية سلطة إصدار أحكام بمعنى الكلمة، وتفصل في النزاع حقيقةً وهي الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، والتي ورد عليه النص صراحة في المادة العاشرة من القانون 47لسنة 1972، إذ تنص الفقرة الثامنة من المادة المشار إليها، على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في " الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي .... "

ومن ثم فإن المعيار الشكلي لا يجدي في تمييز الأعمال الإدارية عن الأعمال القضائية

ولذلك كان من أهم الانتقادات الموجهة الى هذا المعيار انه من الناحية النظرية لا يمكن التمييز بين الاعمال القضائية والاعمال الادارية شكلاً على اساس مصدرها، والا فما سبب تمييز الاعمال القضائية بشكل اجرائي او عضوي، فالحقيقة في الجوهر هو الذي يفسر الاختلاف في الاجراءات، وطبيعة العمل هي التي تنادي على الشكل الملائم لها والإطار التنظيمي الذي تقتضيه، وبالتالي فان صفه القاضي تخلع على من يؤدي وظيفة مضمونها قضائي وليس العكس. ( )

 

ثانياً: المعيار الموضوعي.

 

على عكس المعيار الشكلي، يميز المعيار الموضوعي بين العمل الاداري والعمل القضائي على اساس الطبيعة القانونية للعمل ذاته. ويعتمد المعيار الموضوعي: على أساس النظر إلى موضوع العمل نفسه دون حاجة الى اعتبار بالسلطة التي يصدر عنها العمل ولهذا اهتم مؤيدو هذا المعيار بوضع تمييز للعمل القضائي عن العمل الإداري بالنظر لموضوع العمل، فوفقاً لهذا المعيار لا تُعد قرارات مجالس التأديب او المحاكم الاستثنائية إدارية ( )، بينما يعد إدارياً ما يصدر من قرارات من الجهات القضائية إذا تعلقت بتنظيم القضاء مثل قرارات انشاء وتنظيم المحاكم والقرارات الخاصة بالتعيين والترقية والتأديب. ( )

 

وإذا كان الغالب ان العمل القضائي – وفقاً لهذا المعيار – يفترض قيام نزاع يدعي فيه أحد المتنازعين قيام الاخر بمخالفة القانون، الا انه حاله النزاع يدعي فيه أحد المتنازعين قيام الاخر بمخالفة القانون، الا ان حالة النزاع هذه ليست شرطاً لوجود العمل القضائي، اذ ان العمل القضائي قد يقوم دون وجود نزاع إذا ما وجدت حاله مخالفه للقانون، وتدخل القاضي لإزالة هذه المخالفة تحقيقا للصالح العام فكل ما يشترط في هذه الحالة هو وجود ادعاء بهذه المخالفة ( ).

وبناء على هذا المعيار الموضوعي، فالعمل القضائي قد يصدر من موظف عام ولا يشترط ان يصدر من قاضي بالمعنى الضيق للكلمة. ( )

 

وقد انتقد هذا المعيار الموضوعي من ناحيتين:

الأولي: أن هذا النزاع قد يُطرح على سلطة إدارية لتفصل فيه بقرار إداري لا يحكم.

الثانية: كما أن من الأحكام ما لا يثير نزاعاً متعلقاً بحق شخصي. ومثال ذلك الأحكام الصادرة من القضاء العيني أو الموضوعي كقضاء الإلغاء الذي لا يتصدى إلا للفصل في شرعية قرار إداري، بصرف النظر عن الحقوق الشخصية. ومثال ذلك أيضا الأحكام الجنائية.

 

ومن ثم فقد أضيف إلى المعيار السابق عناصر أخري تتعلق بالغرض من العمل وبتكوينه ، فالإدارة بتدخلها إنما تستهدف إشباع الحاجات العامة سواء تعلق ذلك بالأمن الداخلي أو الخارجي أو الصحة أو التعليم .... إلخ.

أما وظيفة السلطة القضائية فترمي الي مجرد حماية النظام القانوني للدولة، بغض النظر عن الاغراض التي نيط بالإدارة تحقيقها، وذلك عن طريق حسم المُنازعات وفقاً للقانون، وتوقيع الجزاءات على كل مخالفة لأحكامه.

وقد ترتب على ذلك، أن طبع الغرض الذي تستهدفه كل من الادارة والقضاء ما يصدر منهما من أعمال بطابع خاص مميز: فالإدارة وظيفتها مرنة، ومن ثم كان القرار الاداري مرنا يستجيب بسهولة لمقتضيات حسن الادارة.

أما العمل القضائي فيمتاز بالثبات، ومن ثم فقد طبع بأثر هام جداً، وهو حُجية الشيء المقضي فيه فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن فكرة الحُجية هي أبرز المظاهر التي تميز الحُكم القضائي عن القرار الإداري: فالقرار الاداري مهما بلغ استقراره فانه استقرار نسبي. أما الحُكم القضائي فيجب أن يكون عنوان الحقيقة المُطلقة على ما جاء به. وهذا هو جوهر الحُجية. وإذا كان القرار الإداري يُشبه بعض الاحكام القضائية أحياناً، فان المشرع حر في أن يرتب على أي منهما حجية الشيء المقضي فيه فيصبح العمل قضائياً. وهذه الحجية كما ذكرنا، ذات ارتباط وثيق بالغاية من كل التصرف الاداري والقضائي.

 

ويبدو ان الانتقاد الوحيد الموجه لهذا المعيار الموضوعي انه يطرح الشكل جانباً بصفة مُطلقة، بالرغم من تزايد أهميته بمرور الوقت بما يجعل هذا المعيار غير قادر على تفسير بعض الحالات الواقعية، والتي قد تظهر فيها ارادة المُشرع أحياناً والقضاء أحياناً أخرى في الاخذ بالمعيار الشكلي او وضعه في الاعتبار ( )

ثالثاُ: المعيار المزدوج.

 

يعتمد المعيار المزدوج على أساس المزج بين المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي: حيث ينظر إلى طبيعة العمل نفسه موضوعياً من ناحية والشكل الذي يظهر فيه العمل من خلال الضمانات والاجراءات اللازمة لأي عمل قضائي من ناحية أخرى.

فيتخذ هذا المعيار من المعيار الشكلي اساساً له ولكنه يضع الناحية الموضوعية في الاعتبار، فاذا صدر العمل من جهة قضائية وانتفى عنه الوصف الاداري إذاً كان عملاً قضائياً من الناحية الموضوعية يبين حكم القانون في ادعاء معروض عليه ( )

وأخذ مجلس الدولة المصري بهذا المعيار، ولكن لا يمكن القطع بان احكام القضاء عموماً قد اعتمدت معيارا واحدا في هذ ا الشأن ( )( ) ولقد وجد هذا المعيار قبولاً لدى الفقه المصري واتجه إليه مجلس الدولة الفرنسي .( )

وأوخذ على هذا المعيار بعض الانتقادات والتي وجهت الى المعيار الشكلي، اذ يتخذ من هذا الاخير اساساً له كما انه يصلح لتفسير الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من الجهات القضائية، بينما لا يصلح لتفسير الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من جهات غير قضائية لم يصرح المشرع انها قرارات إدارية.

 

رابعاً: المعيار الراجح.

 

في ظل ما يترتب على الأخذ بأي من المعايير الثلاثة السابقة (الشكلي – الموضوعي -المزدوج) من نتائج خطيرة يلزم الترجيح بينهم لمعرفة الطبيعة القانونية لعمل الموثق (العضو الفني) والقرارات الصادرة عنه داخل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق – التي نحن بصددها بمنح الهيئة المُستقلة المُقترحة بأنها "ذات اختصاص قضائي" – وذلك في بندين: -

             البند الأول: استبعاد المعيارين الشكلي والمزدوج.

              البند الثاني: تطبيق المعيار الموضوعي على طبيعة العمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

 

البند الأول: استبعاد المعيارين الشكلي والمزدوج

من الجدير بالذكر أن المحكمة الادارية العليا المصرية قد ترددت في خصوص المعيار الذي يتعين اتباعه لتمييز العمل القضائي : ففي حكمها الصادر في 26 ابريل سنة 1960 تأخذ المحكمة بمعيار موضوعي حيث تقول : " ان القرار القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضي وظيفتها القضائية ويحسم علي اساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانوني خاص او عام , ولا ينشئ القرار القضائي مركزاً قانونياً جديداً , وانما يقرر في قوة الحقيقة القانونية وجود حق او عدم وجوده , فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضي به متى حاز قوة الشيء المقضي به , ويكون القرار قضائياً متي توافرت له هذه الخصائص ولو صدر من هيئة لا تتكون من قضاة وانما اسندت اليها بسلطة قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من خصومات .( )

 

لذلك فان المعيارين الشكلي والمزدوج لا يفيدان في تفسير الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عن الموثق (العضو الفني) لعدم انسجامها مع الكثير من النصوص القانونية واحكام القضاء واراء الفقهاء فيما يتعلق بطبيعة العمل الفني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق. فقد ظهر في كثير من النصوص الدستورية ( ) والنصوص القانونية، والقرارات الملكية والوزارية والأحكام القضائية وآراء فقهاء القانون، وما استقر في مخيله المشرع المصري ما لأعمال الشهر العقاري والتوثيق من طبيعة خاصه تميزها عن الاعمال الادارية، واعتبارها نظيره للأعمال القضائية وفقاً للنصوص التالية وعلى سبيل المثال لا الحصر: -

1-            المادة (199) من دستور مصر 2014: -" .. الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مُستقلون في اداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية اعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون."( )

2-            المرسومان الملكيان الصادران في 13،14 سبتمبر عام 1950 عن الطبيعة القضائية لعمل العضو الفني بالشهر العقاري والتوثيق وأن عملهم نظير للعمل القضائي.

3-            قرار وزير العدل رقم 1323  لسنه  1973 بان عمله ( نظير ) لعمل ( عضو هيئه قضايا الدولة ) وبناء عليه فإذا استقال من عمله بعد مده خبره لا تقل عن سبع سنوات يستطيع القيد بنقابه المحامين بجدول الاستئناف العالي .

4-            قرار وزير العدل رقم 1338 لسنه 1973 بان عمله (نظير) لعمل (قاضى العقود والملكية العقارية) (مدني)

5-            قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية عن الطبيعة القضائية لعمل العضو الفني بالشهر العقاري والتوثيق والصادر في 17/10/1973 والمنشور بالوقائع المصرية عدد 248 بتاريخ 3/11/1973.

6-            المادة (21) من قانون السجل العيني رقم 142 لسنه 1964( ) بشأن اللجان القضائية بالسجل العيني والتي أحد أعضائها عضو قانوني.

7-            المادة رقم (1000) من القانون المدني رقم 131لسنه1948( ) والتي ساوت بين القاضي والموثق بشأن عقود التحكير. ( )( )

8-            المادة (14) من قانون السجل العيني من قانون السجل العيني رقم 142 لسنه 1964( )، والتي تخول العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فض حاله التناقض بين المُحررات المُشهرة

9-            والمادة (1) من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني والتي ذكرت ضمن اختصاصات الادارة العامة للسجل العيني دراسة الشكاوي والمُنازعات واتخاذ ما يلزم بشأنها .

10-         المادة (5) من قانون التوثيق رقم (68) لسنة 1947 ، التي عقدت الاختصاص للموثق بالتثبت والاستوثاق من رضاء المتعاقدين ، وهو اختصاص قضائي أصيل لا مراء فيه .

11-         والمادة (4) من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق التي حظرت الموثق توثيق محرر يخصه شخصيا او تربطه واصحاب الشأن فيه قرابه او مصاهرة حتى الدرجة الرابعة اسوة بالحال بالنسبة للقضاة .

12-         والقانون رقم 24 لسنة 1986 والذي حظر الوكالة امام الشهر العقاري الا لمحام او قريب حتى الدرجة الثالثة ، اسوة بالقضاء .

13-         والقرار الوزاري رقم 64 لسنة 1964 الذي يخضع الاعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق للتفتيش الفني والشخصي اسوة بالقضاة .

14-         والمادة (5) من القانون رقم (5) لسنة 1964 والتي تنص على قيام الاعضاء القانونين بهذه المصلحة بحلف اليمين امام وزير العدل اسوة بأعضاء الهيئات القضائية.

 

ولعل استبعاد المعيارين الشكلي والمزدوج، اذ يقضيان على القرارات التي نحن بصددها بالطبيعة الادارية، يعد اجابة على سؤال في غاية الاهمية والخطورة، يطرح نفسه بقوة!

لماذا اختصت هذه القرارات لطبيعة عمل الموثق بهذه الضمانات وتلك الصلاحيات، حتى جعل المُحرر الصادر عن الموثق من السندات التنفيذية على قدم المساواة مع الأحكام القضائية؟ ( )

 

وفي ذات اتجاه استبعاد المعيارين الشكلي والمزدوج جاء بحُكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 152 لسنة 2022 بتاريخ 26/11/1953 ( ) ،:- ".......والمستفاد من هذه المواد – يعني المواد من 20 الى 36 من القانون رقم 114 لسنة 1946 – ان القانون لم يترك لأصحاب الشأن حقاً في الطعن في القرارات الصادرة من مأموريات الشهر العقاري باستيفاء بيانات متعلقة بطلبات الشهر ."

 

وكما هو ثابت قضائياً ومقرر قانوناً ان عدم القابلية للطعن تباعد هذه القرارات عن الطبيعة الادارية وتقربها من فكرة " قوة الحقيقة القانونية " التي هي جوهر العمل القضائي ( )

 

وقد جاء بحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 18 لسنة 11 قضائية دستورية وجوبية طريق الشهر المؤقت في حين ورد بفتوى مجلس الدولة في الملف 126/6/117 ادارة الفتوى لوزارتي الخارجية والعدل، عدم جواز سلوك طريق الشهر المؤقت بالنسبة لقرار المأمورية او المكتب الذي ينتهي برفض الطلب لخروج ملكية المتصرف بعقود سبق شهرها، الامر الذي يجعل هذا القرار بمأمن من كل طعن إذا ما جمعنا بين الحكم المذكور وهذه الفتوى، وهو ما يقرب هذا القرار من الطبيعة القضائية ويباعد بينه وبين الطبيعة الادارية ( )

 

واعتنقت محكمة القضاء الإداري المذهب الموضوعي في حُكمها في القضية رقم 115 للسنة الأولى القضائية ( ) بتاريخ 6 يناير 1948م حين قالت :- " القرار القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ، ويحسم على أساس قاعدة قانونية ، خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانوني خاص أو عام ، ولا ينشئ القرار مركزاً قانونياً جديداً ، وإنما يقرر في قوة الحقيقة القانونية ، وجود حق أو عدم وجوده ، ويكون القرار قضائياً متى أشتمل على هذه الخصائص ولو صدر من هيئة لا تتكون من عناصر قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من خصومات " ..... ، ومضت المحكمة فقالت :- " إنه على العكس مما تقدم فإن القرار التأديبي ليست له هذه الخصائص ، ولو كان متعلقاً بأحد معاوني القضاء كالخبراء ، إذ لا يحسم خصومة قضائية بين طرفين متنازعين على أساس قاعدة قانونية تتعلق بمركز قانوني عام او خاص – وإنما هو ينشئ حالة جديدة في حق من صدر عليه ، ولا يغير من الأمر شيئاً كون السلطة التأديبية التي أصدرت القرار تتكون من عناصر قضائية ما دام الموضوع الذي تفصل فيه ليس خصومة قضائية بل مُحاكمة تأديبية "

 

أما المحكمة الإدارية العليا فقد أخذت بمذهب موضوعي بحت ، وأعتدت بالموضوع الصادر فيه القرار ، وبالموضوع فقط دون سواه ، ففي حُكمها الصادر بتاريخ 26 أبريل 1960م في القضية رقم 21 لسنة 2 ق ، وفيه تقول ( ) :- " إن القرارات التأديبية الصادرة من المحاكم التأديبية في الإقليم المصري بالتطبيق للقانون رقم 117 لسنة 1958م ، والقرارات الصادرة من المجالس التأديبية بالإقليم السوري بالتطبيق للمرسوم التشريعي رقم 37 الصادر في 5 فبراير 1950م ، قرارات إدارية بجزاءات تأديبية في مؤاخذات مسلكية تنشئ في حق الموظفين الصادرة في شأنهم مراكز قانونية جديدة ما كانت لتنشا من غير هذه القرارات ، بينما القرارات القضائية تقرر في قوة الحقيقة القانونية ، وجود حق أو عدم وجوده ، ولا يغير من هذه الحقيقة أن يعبر عن الهيئة التأديبية بلفظ المحكمة كما فعل القانون رقم 117 لسنة 1958م ، إذ العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني .... ،

وتعرض الحُكم للقرار القضائي وتعريفه بأنه :- "  هو الذي تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ، ويحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانوني خاص أو عام ، ولا ينشئ القرار القضائي مركزاً قانونياً جديداً ، وإنما يقرر في قوة الحقيقة القانونية وجود حق او عدم وجوده ، فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضي به متى حاز قوة الشيء المقضي به ، ويكون القرار قضائياً متى توافرت له هذه الخصائص ، ولو صدر من هيئة لا تتكون من قضاه ، وإنما أسند إليها سلطة قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من خصومات ، وعلى العكس من ذلك فإن القرار التأديبي لا يحسم خصومة قضائية بين طرفين متنازعين على أساس قاعدة قانونية تتعلق بمركز قانوني خاص او عام وإنما هو ينشئ حالة جديدة في حق من صدر عليه ، شأنه في ذلك شأن كل قرار إداري ، ولو صدر القرار التأديبي من هيئة تتكون كلها او أغلبها من قضاه"

 ، إذٍ العبرة، كما سلف القول، هي بالموضوع الذي صدر فيه القرار، فما دام هذا الموضوع إدارياً – كالتأديب مثلاً – فالقرارات التي تصدر فيه تكون بحكم اللزوم إدارية، ولا تزاليها هذه الصفة لكون من أصدرها قضاه ...،

ويلاحظ على هذا الحكم ( ) ، وإن جاء في مبناه ومعناه ، على نمط حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 6 أبريل 1948م السابق التنويه عنه إلا انه أكثر صراحة في الاخذ بالمذهب المادي (الموضوعي) والاعتداد بالموضوع الذي صدر فيه القرار دون غيره

 

كما صدرت بعض احكام القضاء الاداري التي تعتبر القرارات الصادرة من الجهات النظيرة للجهات القضائية قرارات قضائية، وهو اقصاء واستبعاد للمعيارين الشكلي والمزدوج، ولا يسعنا هنا سوى أن نذكر ويكفينا كسند قضائي عظيم و حُجة وبينة وبرهان ودليل دون سواه، انه الحُكم الصادر من الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري برئاسة المستشار / عبد الرازق السنهوري برقم 1181 لسنة 6 قضائية جلسة19 /5/ 1953 وجاء به نصا " ..... من حيث أنه تأسيساً على ما تقدم يجوز تعيين الموظفين الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قضاة من الدرجة الثانية أو من الدرجة الأولى متى قد استوفوا المدد المبينة بالفقرة(هـ) من المادة (الثالثة) من قانون استقلال القضاء والفقرة (د) من المادة (الخامسة) من القانون المذكور دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النظراء وهو ما إضطرد عليه العمل ."

وتم العمل بهذا الحكم من عام1973 وحتي1977 ونقل على أثره عدد كبير من الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري إلى القضاء بذات الدرجة والأقدمية.

ونستطيع أن نذكر أيضا للتوضيح أن الأستاذ الدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، ( )ما نصه:" أن التصرفات التي تشهر لا يتم شهرها ألا بعد التحري عن صحتها تحريا بالغا ، فيستقضي عن موقع العقار وحدوده ومساحته ثم عن أسماء من وقع منهم التصرف وعن أهليته ثم عن التصرف نفسه هل صدر من مالك، وهل هو صحيح فيشهر أم معيب فيمتنع شهرة ، ويشرف علي هذا كله ((قاض)) هو الذي يأمر بعد التحري والفحص الدائمين بإجراء التسجيل ، والنتيجة المترتبة علي هذا التحري أن التصرف الذي يشهر في السجل العقاري تكون له حجية كاملة.....".

والملاحظ من هذا الحكم أولاً: -

 انه صادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري برئاسة السيد المستشار/عبد الرازق السنهوري رئيس مجلس الدولة في ذلك الوقت ، ذلك العلامة والفقيه القانوني والدستوري والإداري والذي اعد القانون المدني المصري والعديد من القوانين بالدول العربية بل والأبعد من ذلك اشترك في إعداد العديد من دساتير الدول العربية ومجهوده وفكره القانوني كمرجع دستوري وقانوني أساسي لا حياد عنه في تقرير العديد من المسائل والمراكز القانونية في الحقل القانوني ليس فقط للدارسين والباحثين بل وأيضا لكل من يعمل في الحقل القانوني من رجال القانون من السادة القضاة والموثقين والمحامين .( )

والملاحظ أيضا من هذا الحكم ثانياً: -

انه لا يمكن أن يصدر إلا لصالح من هو عمله قضائي قانوني كرجل قانون أولا وأخيرا كعضو فني في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصدر بخصوص عمل إداري

 

ومن هذه الاحكام القضائية، ما جاء بحكم محكمة القضاء الإداري: -" يشترط في القرار القضائي أياً كانت السلطة التي تُصدره توافر شروط ثلاثة، الأول قيام خصومه بين طرفيه، والثاني ان تقوم هذه الخصومة على مساله قانونية، والثالث ان يكون للقرار عند الفصل في الخصومة قوة الشيء المقضي فيه، وبمعنى اوضح ان يكون عنوان الحقيقة فيما قضى به"( )

 

وتطبيقاً لذلك اعتبر مجلس الدولة المصري الأعمال النظيرة للأعمال القضائية اعمالاً قضائية ومنها قرارات مجالس التأديب، واعمال رجال الضبطية القضائية الخاصة بجمع الاستدلالات الموصلة للتحقيق في الدعوى والتي اعتمد عليها العضو القضائي، والاحكام الصادرة من المجالس الملية، والاحكام الصادرة من استثنائية ( )( )

وقد ظهرت هذه النزعة الموضوعية في آراء الكثير من الفقهاء القانونيين الذين أقروا الطبيعة القضائية لعمل الموثق (العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق) ( )( )( )( ) وفقاً للعرض التالي :-

 

أ‌- ذكر الأستاذ الدكتور/ عبد الرزاق السنهوري ، في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني( ) ما نصه:" ان التصرفات التي تشهر لا يتم شهرها الا بعد التحري عن صحتها تحريا بالغا ، فيستقضي عن موقع العقار وحدوده ومساحته ثم عن أسماء من وقع منهم التصرف وعن أهليته ثم عن التصرف نفسه هل صدر من مالك، وهل هو صحيح فيشهر أم معيب فيمتنع شهرة ، ويشرف علي هذا كله ((قاض)) هو الذي يأمر بعد التحري والفحص الدائمين بإجراء التسجيل ، والنتيجة المترتبة علي هذا التحري أن التصرف الذي يشهر في السجل العقاري تكون له حجية كاملة.....".

 ب- جاء بشرح القانون المدني الجزء السابع – الحقوق العينية الأصلية – للأستاذ الدكتور محمد كامل مرسي باشا ( )ما نصه :- " ورؤى كذلك أن الأخذ بنظام السجلات العينية سيتتبع حتماً إنشاء هيئة قائمة بذاتها على أن المادة الأولي من قانون تنظيم الشهر العقاري نصت على تبعية الهيئة الجديدة لوزارة العدل وقد روعي في هذه التبعية خطر الناحية القانونية في أعمال الشهر واعتبار المكاتب الجديدة نواة للهيئة التي سيعهد إليها بالقيام بنظام السجلات العينية، ومن المعلوم أن هذا النظام يجعل لقيد المحرر في السجل حجية مطلقة في مواجهة الكافة ولذلك يعتبر القيد على نحو ما صورة للقضاء يتولاه قاض من القضاة النظامين".

 

 ج- ذكر الدكتور سليمان مرقس في شرح القانون المدني ( )ما نصه " ويقترن هذا النظام عادة بتخويل أمين السجل العيني سلطة قضائية واسعة في فحص صحة التصرفات التي تقدم للشهر وقبولها أو رفضها بحيث إذا قبلها وتم شهرها فإن الشهر ذاته يعتبر سند الحق المشهر عنه فلا يتأثر هذا الحق بعد ذلك بالطعن على صحة العقد الذي تم شهره وغاية الأمر أنه إذا ثبت صحة الطعن يكون لمن يضار من الشهر الذي تم خطأ مطالبة الدولة بتعويض عما إصابة من ضرر بسبب ذلك".

 د- يرى الدكتور محمد لبيب شنب ( ) أن نظام السجل العيني من خصائصه أنه نظام قضائي يشرف عليه قاض ولا يسمح فيه بشهر التصرف إلا بعد التحقق من سند المتصرف وصحة التصرف.

 هـ- ذكر الدكتور على حسين نجيدة في مؤلفه الشهر العقاري في مصر المغرب ص 13ما نصه " وغالباً ما يشرف على هذا السجل قاض".

 و- ذكر الدكتور محمود عبد الرحمن في ( )معرض حديثه عن السجل العيني " ويتم ذلك كله تحت إشراف القضاء الذي يأمر بعد الفحص الدقيق بإتمام الشهر وبهذا يكون الحق المقيد في السجل مطابقاً للحقيقة وعنوانا لها ، بعيدا عن كل شك وبمنجى من كل طعن " .

 ز- ذكر الدكتور حسن اللبيدي ( )ما مفاده أن التصديق على التوقيعات وتوثيق المحررات من أعمال القضاء الولائية .

 ح- ذكر الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ما نصه ( ): " لذلك فإننا نعتقد أن ما يقضي به قانون السجل العيني من أثر مطهر للقيد الأول ومن حجية ثبوتية مطلقة لبيانات السجل العيني بصدد القيود التالية يقتضي العدول عن نظام التسجيل الإداري واللجوء إلي نظام التسجيل القضائي ".

 ع- ذكر الأستاذان محمد سيد عبد التواب، محمد عبد الوهاب محمد حسن فرغل :- ( )"ونحن نؤيد الرأي الأول – القائل بالطبيعة القضائية لأعمال الشهر العقاري –لأنه في ظل نظام السجل العيني يكون للقيد حجية مطلقة وهي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل أثبات العكس وتهدف إلى تأمين المعاملات العقارية ومقتضاها أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة التي لا مطعن عليها . ونظام هذا شأنه يجب أن يحاط بضمانات تكفل تعبير القيد عن الحقيقة ولا يتأتى ذلك إلا إذا كان نظاما قضائيا... ومن هنا نعرض للأعمال القانونية في الشهر العقاري وما يماثلها من الأعمال التي لا يمكن أن ننفي عنها صفة العمل القضائي".

 

البند الثاني: تطبيق المعيار الموضوعي

على طبيعة العمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

 

وبناءاً على كل ما سبق وبتطبيق المعيار الموضوعي ننتهي إلى إقرار الطبيعة القضائية للعمل الفني بالشهر العقاري والتوثيق، وفقاً للأسانيد التالية: -

1-            الهدف من إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ضبط وتوفير الحماية القانونية الكاملة للملكيات العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ومنع اغتصابها باعتبارها وظيفة اجتماعية وعنصراً من عناصر الثروة القومية في المجتمع ، بهدف استقرار المعاملات بين الأفراد في المجتمع عن طريق البحث والتحقيق في  أساس الملكية وقيد وإثبات الحقوق العينية سواء كانت أصلية أم تبعية من واقع المستندات المعروضة للبحث .فمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي القلعة الحصينة لحماية الملكية‏..‏ وهي خط الدفاع الحقيقي في مواجهة مافيا الأراضي‏ وهي ملاذ الناس لصون ممتلكاتهم‏ هو مكان العمل فيه أشبه بمحراب العدالة‏ أنها مصلحة الشهر العقاري‏ والتوثيق .‏

 

2-            مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي الجهة القانونية الوحيدة بالدولة حالياً التي لم تتمتع حتى الآن بصفة الهيئة القضائية على الرغم من أن هنالك جهات أخرى تتبع وزارة العدل اعُترف لها بتلك الصفة وأعمالها ليست قضائية نهائياً مثل النيابة الإدارية التي تصدر قراراتها في صورة توصيات غير ملزمة للجهات الإدارية بخلاف أعمال الشهر العقاري والتوثيق التي تتضمن معنى العمل القضائي في كثير من أعمالها.

 

3-            مصلحة الشهر العقاري هي الجهة القانونية الوحيدة وحصرياً بمصر والمنوط بها دون غيرها قانونا توثيق وشهر وتسجيل وقيد وصياغة وتحرير كافة أنواع المحررات والعقود طبقا لإحكام الدستور والقانون وذلك طبقا للقوانين السارية الآن المنظمة لأعمال الشهر العقاري والتوثيق

•             قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947.

•             القانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964.

•             قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946.

•             قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964.

•             قانون تملك غير المصريين رقم 230 لسنة 1996.

•             قانون الشهر العقاري في المدن العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018.

 

4-            المُستندات التي تقدم للبحث أمام مأموريات الشهر العقاري شأنها شأن المستندات التي تُعرض في دعاوى تثبت الملكية ودعاوى الاستحقاق وغيرها فضلاً عن أنه بـ توثيق الُمحررات الرسمية بمكاتب التوثيق وشمِولها بالصيغة التنفيذية فإنها تكون حجة في مواجهة الكافة شأنها في ذلك شأن أحكام القضاء. إذ الثابت أن بحث الملكيات واتخاذ القرار بشأنها يتطلب القدر الواسع من الاطلاع القانوني والبحث في قوانين الميراث والوصية والوقف والقانون المدني وقانون المرافعات المدنية والتجارية والقانون الدولي الخاص والتنفيذ العقاري والقانون التجاري وقوانين المرور .... الخ، شأن القاضي في بحثه للنزاع المعروض أمامه. ومن ثم يكون بحث هذه المستندات والطلبات وإصدار القرار اللازم بشأنها لا يعدو أن يكون قضايا ملكية. ومن ثَم تكون أعمال البحث والتحقيق في سندات الملكية من صميم عمل العدالة. لذلك فقد اشترط المُشرع في الأعضاء القائمين على هذا العمل بجهاز الشهر العقاري والتوثيق أن يكونوا من حملة ليسانس الحقوق الذين تتوافر لديهم الملكات القانونية الواسعة التي تؤهلهم للقيام بمهام الأعمال الجسام المنوطة بهم على خير وجه.

 

5-            وقد صدر القانون رقم 5 لسنة 1964بتنظيم العمل بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فجاء وتشكيلا مماثلاً لتشكيل الهيئات القضائية حيث شَكل المصلحة من أعضاء فنيين ( قانونيين ) وهم ركيزة العمل القانوني في المصلحة وموظفون معاونين لهم إداريون وكتابيون ومهن أخرى وأخضع الأعضاء القانونيين لذات الشروط المطلوبة في أعضاء الهيئات القضائية عند مباشرة أعمالهم والرقابة عليهم وحلف اليمين القانونية أمام السيد الُمستشار وزير العدل والتفتيش على أعمالهم عن طريق التفتيش الفني المماثل للتفتيش القضائي وبذلك أخرج المشرع الأعضاء القانونيين من عداد العاملين بجهاز الحكومة وأعترف لهم بكادراً خاصاً . إلا أن هذا القانون قد أغفل حقوق الأعضاء (الموثقين)الأدبية والمادية فلم يرتب لهم أيةً حماية أو ضمانات أو استقلال أو مزايا مادية أو أدبية، بالمقارنة بنُظرائهم من أعضاء الهيئات القضائية الأُخرى ولو أُلحق جدولاً للمرتبات بهذا القانون لأُعتبر هذا الجهاز من الهيئات القضائية آنذاك. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أمتد الأمر إلى إهدار كرامة الأعضاء القانونيين ومساواتهم مع باقي العاملين بالمصلحة الكتابين والإداريين من الناحيتين المالية والأدبية ولم يتضمن القانون أيةً ميزة مالية أو أدبية تعوضهم عن جسامة الأعمال القائمين بها.

 

6-            وصدر القانون رقم 142 لسنة 1964 الخاص بنظام السجل العيني عهد فيه المُشرع لأعضاء الشهر العقاري مهَمة تطبيق هذا القانون الذي يقوم على تطبيقه القضاء العادي في غالبية التشريعات المعاصرة في الدوال العربية منها والأجنبية مثل (انجلترا -ألمانيا -السويد -النمسا-سوريا -لبنان – الكويت – ليبيا -السودان)

وقد أشارت الُمذكرة الإيضاحية لقانون السجل العيني بأن مكاتب الشهر العقاري ومأمورياته تعد نُواة للهيئة التي سيُعهد إليها تطبيق تلك القوانين في المستقبل مما يُنبئ بأن إرادة المُشرع تتجه ألي إنشاء هيئة لبحث الملكية العقارية...... وحيث أن  وضع الأعضاء القانونيين القائمين على تطبيق قوانين الشهر العقاري والسجل العيني يزداد سوءاً نتيجة إهدار كرامتهم وعدم منحهم أية حماية مادية أو أدبية تعوضهم عن المسؤوليات الجسام التي يضطلعون بها والعمل القانوني الموكول أليهم بالنظر ألي أقراِنهم في هيئة قضايا  الدولة والنيابة الإدارية وسائر الهيئات القضائية الأخرى  .

 

7-            وحيثُ أن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق التي تم إنشائها بمُقتضى القانون رقم 114 لسنة 1946. والتي حرص المشرع المصري بموجِب هذا القانون على أن تكون الهيئة الموَكل إليها اختصاص إثبات وحماية حقوق الملكية العقارية .... مصلحة قانونية متميزة... بحكم طبيعة الأعمال التي تقوم بها وانتمائها لوزارة العدل الأمر الذي حدا بالمشرع إلى أن أعتبر مكاتب الشهر العقاري ومأمورياته نُواة للهيئة التي سيعُهد إليها مُستقبلاً بالقيام على تطبيق نظام السجل العيني حال وضعه آن ذاك وهو النظام الذي يجعل لقيد المحرر في السجل حجة مطلقة في مواجهة الكافة مثله في ذلك مثل الإحكام القضائية النهائية. ومن ثم أضحى قيد المحرر في السجل أو توثيق المحررات الرسمية وشمولها بالصيغة التنفيذية أو بحث الملكية العقارية على نحو ما صورة من صور القضاء يتولاها قاضى من القُضاة النظاميين ولا يُحتج على ذلك بالقول بأن العمل المنوط بالمصلحة غايته أداء خدمة بأجر للجمهور... ذلك أن الحكمة من شهر التصرفات وجعلها نافذة في مواجهة الغير -التي ابتغاها المشرع -هي استقرار الأمن والأمان للمعاملات داخل المجتمع وتلك هي سمة العدالة وأهم معلم من معالمها

 

8-            اختلاف طبيعة العمل لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق عن مصلحتي الخبراء والطب الشرعي:

تختلف مصلحة الشهر العقاري والتوثيق في أعمالها عن الجهات المعاونة للقضاء مثل الخبراء والطب الشرعي في عدة أمور أهمها أن أعمال الشهر العقاري والتوثيق أعمال مستقلة بذاتها ويترتب على ذلك عدة أمور أهمها:

 

أولاً: يتقدم المواطنين لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق مباشرة بطلباتهم لإنجازها دون توقف ذلك على تأشيرة أو حكم من القضاء بعكس أعمال الطب الشرعي والخبراء اللذان يمارسان عملهما بناء على حكم أو قرار قضائي ولا يجوز للمواطن العادي التقدم لهما مباشرة لإنجاز ما يطلب.

ثانياً: إن أعمال الشهر العقاري والتوثيق لا تحتاج إلى تعقيب أو تفعيل من القضاء فجميع المُحررات والعقود التي يقوم الشهر العقاري والتوثيق بتسجيلها أو شهرها أو توثيقها تكون حجه في ذاتها على الكافة وواجبة الاحترام حتى أمام القضاء بخلاف تقارير الخبراء والطب الشرعي فهي استشارية يأخذ بها القاضي أو يُعرض عنها.

المطلب الثالث

كيف ستحقق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" أهدافها؟

 

أولاً: من خلال تحقيق الأمن التعاقدي، والأمن القانوني كأحد روافد الأمن الوقائي القائم على تحقيقه الهيئة المقترحة وكاختصاص أصيل قائم حاليا لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، يحتاج حاليا تشريعيا النص عليه صراحة وهو ما تم بـ المادة 11 من مشروع القانون المقترح: " ... وتحقيق العدالة الوقائية، والأمن القانوني والتعاقدي ...".  باعتبارهما من الأسس التي ينبغي أن يستند عليهما التشريع الحديث بجميع دول العالم المتمدن، كواحد من الحقوق الأساسية التي ينبغي أن تكفلهما الدولة، في ظل حاجه الدولة الى الأمن بصفه عامه والأمن القانوني التعاقدي بصفه خاصة، دعما لاستقرار المراكز القانونية، وأهمية الحاجة للأمن التعاقدي ترتبط رافدين رئيسين هي السلطة التشريعية المنتجة للقاعدة القانونية، والهيئة القانونية المستقلة المقترحة الساهرة على تنفيذ احكام هذا القانون. ومدى الارتباط والتشابك الشديد بين الأمن التعاقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأدوار الجديدة للهيئة المقترحة، في ثوبها القانوني الجديد تحقيقاً للأمن التعاقدي ودعماً لحماية واستقرار حقوق الملكية بأنواعها وحصر دقيق للثروة العقارية المصرية، والضمانات والحماية المهنية المنتظرة لأعضاء الهيئة كترجمة حقيقية لنص استقلال الموثقين الدستوري (المادة 199 من دستور مصر 2014).

 

فـ تتنوع معاني الأمن التي يحتاجها المُجتمع المصري، وإن كان يعنى بالأمن في الأساس تحقيق الطمأنينة والسلام الاجتماعي في كافة ربوع الوطن. وبجانب هذا المعنى التقليدي، هناك الأمن الاقتصادي، بتوفير البيئة المناسبة لنمو الأعمال التجارية وزيادة الاستثمار الوطني والأجنبي الذي يعتبر دعامة أساسية للتنمية، وذلك لأنه يشكل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية، وزيادة في الثروات، لما لذلك من أثر في إشباع الحاجات وتوفير الخدمات. وهناك الأمن الفكري، والذي يتمثل في حماية فكر المجتمع وعقائده من أن ينالها عدوان أو ينزل بها أذى، لأن ذلك من شأنه إذا حدث أن يقضي على ما لدى الناس من شعور بالهدوء والطمأنينة والاستقرار ويهدد حياة المجتمع. وهذا يعني الأمان والاطمئنان في مصادر تلقي الفكر وأعماله، وسلامة تلك المصادر بأن يتلقى الفرد من مصادر فكرية موثوقة، وكذلك حماية المجتمع من ارتفاع نسبة الجريمة والعنف والتطرف والإرهاب. والبعد عن كل فكر ضال منحرف وذلك باعتبارها مصلحة جديرة بالحماية تشريعيا لتجنب المجتمع شوائب عقائدية أو فكرية أو نفسية تكون سبباً في انحراف السلوك والأفكار والأخلاق عن الصواب أو سبباً للوقوع في المهالك. وهناك أيضاً الأمن النفسي والاستقرار الأسري، وهناك ما يسمى بالأمن البيئي، في الحصول على بيئة نظيفة خالية من التلوث بكافة أنواعه، وأيضاً الأمن الصحي، للوقاية والحماية من الأمراض والعدوى مما يوفر حياة آمنة، بل علاوة على ذلك فهناك الأمن العلمي، والغذائي، والعسكري، والمعلوماتي، والسياسي، والوظيفي.

 

والسؤال المطروح كيف يمكن تأمين ما ذكر من صور مختلفة ومتعددة من الأمن؟

 

وللإجابة عليه، يلزم ضرب المثال التالي، فـ الأمن الاقتصادي، منفرداً لا يكفي لتوفير معنى الاستقرار أو بشكل عام، الأمر الذي يتطلب أيضاً استقراراً في مختلف الميادين. ولذلك يعتبر الأمن أو الاستقرار القانوني من أهم شروط ومقومات النجاح الاقتصادي وهو امر ثابت ومقرر بجميع دول العالم ، فالنشاط الاقتصادي يتمخض في نهاية الأمر على تحديد مراكز قانونية للأفراد والمشروعات، وبقدر ما تكون هذه المراكز القانونية واضحة ومحددة ومعترف بها وثبت نجاحها في العديد من التجارب العربية والدولية ، وتحظى بالاحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع، افراد ومؤسسات ،  بقدر ما يمكن أن تتم الأعمال في سهولة ويسر، وبقدر ما يشوب هذه الأمور من غموض أو خلط أو عدم يقين بقدر ما ترتبك الأعمال بل وقد تتوقف تماماً. ولذلك لجأ المُشرع في الدول المختلفة لسن التشريعات لكفالة الحقوق بأنواعها المختلفة وضمانها وتحديد العلاقات التعاقدية المنظمة لها سواء بين الافراد وبعضهم او بين الدولة والافراد، وخاصه إثبات وحماية حقوق الملكية العقارية والمنقولة العامة والخاصة والقائمين على حمايتها وتوفير الامن التعاقدي لها، وأن كان المشرع قد استخدم الطريق المدني والجنائي لحماية بعض الحقوق التي رآها جديرة بالحماية التشريعية وذلك لأثارها على تحقيق الأمن واستقرار المجتمع وسميت بذلك بالمصالح الجوهرية. وعليه أقدم المشرع إلى تجريم احتكار المنتجات الغذائية، أو البيع بأكثر من التسعيرة، والمضاربات غير مشروعة، وذلك لحماية وتحقيق الأمن الغذائي وكذلك تجريم الفكر المنحرف، من طبع ونشر وتوزيع المواد الإباحية وبخاصة على الأطفال... الخ، وبذلك يتم تحقيق ما يدعى بالأمن الفكري، وهكذا، وبالتالي فإن حماية الملكية العقارية وتوثيق المحررات هو تحقيق للأمن القانوني والتعاقدي.

 

 ولا شك أن الأمن القانوني هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها تلك العناصر الأساسية المكون لفكرة العدل. وعليه فإننا نتفق مع ما عرفه البعض لمبدأ الأمن القانوني أحد أهم الأسس لتي يقوم عليها بناء الدولة القانونية من أنه يعني: "ضرورة التزام السلطات العامة بحماية الملكية (قطاع التسجيل العقاري )واستقلال المؤسسة والأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق ، المختصين بتطبيق احكام إثباتها وتداولها ، وضمان وحمايه عملهم لكي يمارسوا دورهم الوطني في تحقيق الامن التعاقدي والقانوني للدولة والافراد وتحقيق الثبات النسبي للعلاقات القانونية التعاقدية (قطاع التوثيق) بما تكتسبه من حجية ثبوتية مطلقة سواء للمحررات المشهرة او الموثقة ،وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية المختلفة بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة بين أطراف العلاقات التعاقدية القانونية، بحيث يتمكن الأشخاص من التصرف باطمئنان وتحقيق فاعلية دور الموثق كقضاء وقائي من النزاعات المستقبلية باعتباره جزءا أساسيا من فكرة الاستقرار والأمن القانوني التعاقدي لكونه عنصراً حاسماً في درأ المنازعات.

 

والعدالة الوقائية محور حديثنا عن الدور الوقائي للهيئة القانونية المستقلة المقترحة في درأ ومنع النزاعات على اختلاف انواعها، وحتى علاجها فورا إذا ظهرت فيما يعرف بـ العدالة الوقائية. وبذلك وبحق تعدد معنى الأمن التي يجب توافرها لتحقيق الاستقرار المجتمعي وبالتالي تحقيق الرخاء والرفاهية لأفراد المجتمع. فالطبيعة تأبى الفراغ، وحتى لا تدور الدوائر، يلزم حكم القانون.

 

فـ مما لا خلاف عليه أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويجنب المتعاقدين من مزالق الحرام الاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أباءهم وبه يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات قبل وقوعها وهو ما يطلق عليه (العدل الوقائي).

وبما أن التوثيق والتسجيل يحرر ويتم في وقت لا نزاع فيه بين المتعاقدين وتقرر فيه الحقائق والحقوق على طبيعتها وقت إنشائها وحدوثها وأمام موثق عدل، فعند النزاع بين المتعاقدين وتقديم المحرر الموثق للقضاء – تنطق الكتابة المثبتة مسبقا بالوثيقة بتلك الحقائق والحقوق حكما نهائيا لا رجعة فيه والتي سبق إثباتها والاعتراف والإقرار بها أمام موثق عدل بدون غرض أو تحيز أو خطأ أو نسيان.

 

فـ العضو القانوني بالشهر العقاري والتوثيق بخلاف دوره الاساسي في إثبات وبحث ومراجعة وحفظ وحماية الحقوق كطرف محايد مستقل بين المتعاقدين ، هو في الحقيقة قاض وقائي اختياري للمحافظة على حقوق الأطراف وممتلكاتهم ، ويمكن القول إن دوره دور وقائي في حين أن القاضي والمحامي يتدخل في حالة المنازعات بعد حدوثها لعلاج الضرر وإقرار العدل ، أما عضو الهيئة المقترحة في غالبية أدوارة القانونية وبتدخله قبل النزاع قبل وقوعه فإنه يعمل على إحكام المعاملة التعاقدية باستقلال وحياد ونزاهة وصياغة بنودها وشروطها وفقاً لأحكام الدستور والقانون وطبقا لإرادة ورغبة المتعاقدين فيخرج عقد رسمي كامل الأركان شكلاً وموضوعاً ويحوز حجية ثبوتية مطلقه كسند تنفيذي قوي ليس فقط بين أطرافه كالأحكام القضائية بل يمتد أثارة القانونية في الحجية والإثبات إلى الغير والكافة أيضا وليس فقط أيضا بين أطرافه وأمام الغير بل حتى أمام القضاء ذاته لان التوثيق والتسجيل يحرر ويتم في وقت لا نزاع فيه بين المتعاقدين ويمتلك كافه عناصر الأمن التعاقدي القانوني ،وتقرر فيه الحقائق والحقوق على طبيعتها وقت إنشائها وحدوثها و أمام موثق عدل  فعند النزاع بين المتعاقدين وتقديم المحرر الموثق للقضاء – تنطق الكتابة المثبتة مسبقا بالوثيقة بتلك الحقائق والحقوق حكما نهائيا لا رجعة فيه والتي سبق إثباتها والاعتراف والإقرار بها أمام موثق عدل بدون غرض أو تحيز أو خطأ أو نسيان فلا يكون أمام القاضي إلا الإقرار بها حسبما وثقت وسجلت وفقا لإرادة ورغبة أطرافها وقت توثيقها.

 

والأمن القانوني: «La sécurité juridique» هو التزام السلطة العامة بتحقيق قدر من الثبات للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية بهدف توفير الأمن والطمأنينة لجميع أطراف العقد القانوني «le contrat juridique». ،وللمجتمع بصفه عامه باعتبار ان الأمن القانوني هو الركيزة الاساسية لتحقيق الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي من خلال ضمان استقرار وتأمين العلاقات التعاقدية بين المتعاقدين بما أنهم فئة عريضة وكبيرة جدا من فئات المجتمع ، ولن نبالغ اذا ذكرنا انه لا يوجد شخص سواء طبيعي او اعتباري وسواء مصري او اجنبي الا وابرم عقدا او كان طرفا في علاقة تعاقدية منتجة لآثار قانونية وكنتيجة حتمية لذلك لا يوجد شخص بمصر أيا كانت صفته او مركزة او طبيعة عمله الا وتعامل وحضر امام مكاتب  مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ،، والأمن القانوني هو الدور الأساسي لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق حالياً ، ومستمر بالنص عليه تشريعياً بالهيئة القانونية المستقلة المقترحة تشريعياً لذلك يعد الأمن القانوني ضمانة لحماية حقوق الأفراد ومصالحهم، فهو من الضروريات التي يستلزمها النشاط الاقتصادي والاجتماعي، لذا تلتزم السلطات بتحقيق قدر من الثبات النسبي والاستقرار للعلاقات القانونية التعاقدية بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة لأطرافها

 

ونظرية الأمن القانوني: ليست حديثة العهد وأن كانت ألمانيا السبّاقة في ترسيخ هذا المبدأ منذ سنة 1961، حيث أكدت المحكمة الدستورية الألمانية، هذا المبدأ وأصبح منذ ذلك الوقت مبدأ دستوريا يعلو ولا يعلى عليه وتم تكريسه كذلك من طرف محكمة العدل الأوروبية في سنة 1962 تحت عبارة الثقة المشروعة la confiance légitime التي هي متجانسة مع نظرية الأمن القانوني، والذي انتهجته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ سنة 1981. وتناول النظرية فيما بعد مجلس الدولة الفرنسي في العديد من مبادئه ، ونظرية الأمن القانوني هي الآن حديث الساعة ومحور اهتمام جميع الاكاديميين والمهنيين والمهتمين بالمجال القانوني في أوربا عامه وفرنسا خاصه وتحديدا فيما يخص ضرورة توثيق كافه المعاملات التعاقدية القانونية ، لدرجة تكاد اشتراط الرسمية فيها ليس فقط لإثباتها ، بل ولأبعد من ذلك كأحد اركان وشروط وجودها ، تحقيقا للـ القضاء الوقائي لدرأ ومنع النزاعات المستقبلية في حال بقت العلاقات التعاقدية بعيدة عن الرسمية بعدم توثيقها أمام موثق عدل ومحايد ومستقل.

 

والأمن القانوني في مجال المعاملات العقارية : من حيث أن العقار مصدر من المصادر المجددة للثروة ومقوماً فعالا أن لم يكن الوحيد والحصري للاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فهو من الأمور الحساسة والتي لها وزن اقتصادي و ثقل اجتماعي ، حيث عمدت مختلف تشريعات العالم على ايجاد نظم عقارية متباينة تخضع للتشريع الملزم والمتعلق بالنظام العام ،  من أجل استقرار وحماية وإثبات الملكية العقارية والحائزين للأملاك والحقوق العينية العقارية، وذلك بتنظيم مستمر ومتطور من وقت لآخر لعمليات التملك والاستغلال والتداول لهذه الأموال بما يضمن حقوق المتعاقدين والدولة على حد سواء بما يؤدي إلى إرساء الثقة والطمأنينة واستقرار المراكز القانونية ودرأ للمنازعات المحتملة ، وبمفهوم آخر توفير الأمن والاستقرار القانوني.  إن الأمن القانوني هو من الغاية الأساسية التي ينشدها كل نظام قانوني، ولعل مجال تطبيقها الرئيسي هو تسجيل الملكية العقارية وتوثيق الحقوق الأخرى على اختلاف أنواعها، وفي ضوء مقومات وعناصر حماية حقوق الملكية بأنواعها المختلفة والتي نص عليها الدستور في أكثر من مادة، بحيث يعتبر عنصرا من عناصر النظام في المجتمع وفاتحة كل حضارة، فهو نتاج الحاجة إلى إحلال النظام محل الفوضى ولمّ الشمل بدل التّشتت، فقد عملت معظم النظم القانونية الحديثة على أن تهدم بلا تردد كل ما يعرض الاستقرار القانوني للخطر. ويعتبر التشريع الأداة الأساسية لتنظيم العلاقات بين الأفراد في المجتمع فلا بد لهذا التنظيم القانوني المحكم أن يكون محقّقا للاستقرار والانضباط في المراكز القانونية، فبقدر ما تكون هذه المراكز القانونية واضحة ومحددة ومعترف بها وتحظى بالاحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع، بقدر ما يمكن أن تتم الأعمال في سهولة ويسر، وبقدر ما يشوب هذه الأمور من غموض أو خلط أو عدم يقين بقدر ما ترتبك الأعمال بل وقد تتوقف تماماً

 

إن القاعدة القانونية تعمل على تحقيق الأمن المادي والمتمثل في حماية الأشخاص والأموال من الاعتداء وتحقيق الأمن القانوني والمتمثل في المحافظة على استقرار المراكز القانونية وقيام الثقة في العلاقات القانونية والقدرة على توقع الأمور مسبقا ورسم وتخطيط العلاقات المستقبلية.  يعد الأمن القانوني ضمانة لحماية حقوق الأفراد ومصالحهم، فهو من الضروريات التي يستلزمها النشاط الاقتصادي والاجتماعي، لذا تلتزم السلطات بتحقيق قدر من الثبات النسبي والاستقرار للعلاقات القانونية بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة لأطرافها

 

والأمن التعاقدي: كنتيجة حتمية "مبدأ العقد شريعة المتعاقدين "، و"مبدأ احترام الحقوق المكتسبة"، و"مبدأ المساواة والاستقرار في المعاملات التعاقدية "، و"مبدأ الثقة المشروعة". حيث ان اساس ومحراب العمل الفني بالهيئة محل مشروع القانون المقترح هو توثيق وتسجيل وقيد العقود ومجمل تعاملات الهيئة هو مع المتعاقدين، من أجل إثبات حقوقهم وحمايتها في ضوء الالتزامات التعاقدية المتبادلة التي اتفقوا عليها ويرغبون باتفاقهم في إضفاء الرسمية عليه للفوز بالحجية الثبوتية المطلقة بين المتعاقدين وأمام الغير والكافة، ملتزمين بالقواعد القانونية المنظمة لذلك بالقانون المدني ووسائل اثباتها امام الهيئة المقترحة.

 

وبمعني أن تكون القواعد القانونية مؤكّدة ومحددة في تنظيمها للمراكز القانونية وأن تضمن تأمين النتائج بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها، فمن سيبرم عقدا سيعرف مقدما الالتزامات التي عليه وحدودها ونطاقها وكذلك ما للمتعاقد الآخر.  فحسب هذا المفهوم لا يترك للقاضي مجال لتنظيم العلاقات بين الأفراد، بحيث يتم وضع قاعدة قانونية تنظم بها حالة نموذجية تندرج تحتها كل الحالات التي تتفق في الطبيعة والنوع مع ارادتهم الحرة واتفاقهم.

ثانيا: إعادة هيكلة شاملة لـ مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بـ هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 والتي حلت محل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، من خلال المشروع المقترح بتشكيلها القانوني الجديد والأكثر قوة وتنظيما من القانون الحالي رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، مع العلم ان الهيئة المقترحة ذات تشكيل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الحالي بنسبة 85%، مع استحداث بعض الإدارات الجديدة لتساهم في تحقيق الهيئة لأهدافها، والحاجة الملحة الى إعادة الهيكلة الإدارية الشاملة واللازمة لحسن سير العمل وتيسيرا للإجراءات في ضوء مبادئ التخصص وتقسيم العمل.

 

فـ مشروع القانون المقترح لا يهدف إلى إنشاء و تنظيم هيئة جديدة أو ميلاد مـرفق جديد ، من العدم ، حيث أن تلك الهيئة منشـأة و منظمة بالفـعل و لها وجود قانوني وإداري من مكاتب ومقرات وفروع منتشرة بجميع الجمهورية ، وتمارس دورها القانوني داخل منظومة العدالة المصرية في شهر وتوثيق العقود وإثبات الحقوق العينية العقارية ، بمقتضى القوانين أرقام ١١٤ لسنة١٩٤٦ بشأن الشهر العقاري و ٦٨ لسنة١٩٤٧ بشأن التوثيق و١٤٢ لسنة ١٩٦٤بشأن السجل العيني ، وقانون تملك الاجانب للعقارات رقم 230 لسنة 1996 والقانون رقم ٥ لسنة١٩٦٤ بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، والقانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن الشهر العقاري بالمدن العمرانية الجديدة .

 

وبعد 75 عام من تأسيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، عام 1946م  بكل تأكيد يحتاج كل ما سبق الى تطوير تشريعي هيكلي شامل فنياً وإدارياً ومالياً ، وإضافة صلاحيات وسلطات تشريعية جديدة تمنحها السلطة لتسجيل 95% من عقارات مصر الغير مسجلة حالياً ،ولتسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق ، ليس فقط لتواكب العصر الحديث ، بل لضمان استمرارها في اداء رسالتها ، وكما تقول الحكمة الشهيرة " اذا لم تتغير فمن الممكن ان تفنى " ، من خلال إلغاء أحكام القانون ٥ لسنة١٩٦٤ الخاص بالهيكل الإداري بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بما يحقق إعادة هيكلة شاملة لقطاع التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وتحويل المصلحة العجوز إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي ،ومعالجة أوجه القصور التي شابت باقي قوانين الشهر العقاري والتوثيق بغية مصلحة قومية للبلاد في المقام الأول اتساقاً مع نصوص حماية الملكية العامة والخاصة والتعاونية ،وترجمة حقيقة تشريعية لنص المادة 199 الواردين بدستور مصر 2014 ، و ما أملته الضـرورة العمـلية من ضبط و حماية الملكيات الخاصة و العامة للأفراد و الدولة ، وتيسير إثباتها وتداولها رسمياً خاصة وأن هذا القانون لا يؤدى إلى زيـادة أعـباء مالـية للدولة بحيـث أن هذا الجهاز يحقق إيرادات سنوية فوق المتوقعة، تربو على المائة مليار جنيه في السنة الواحدة و أن عدد الأعضاء لهذا الجهاز لا يزيد عن ثلاثة آلاف عضو.

 

فقد صدر القانون رقم 5 لسنة 1964بتنظيم العمل بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فجاء وتشكيلا مماثلاً لتشكيل الهيئات القضائية حيث شَكل المصلحة من أعضاء فنيين ( الأعضاء القانونيين ) وهم ركيزة العمل القانوني في المصلحة وموظفون إداريون وكتابيون ووظائف أخرى وأخضع الأعضاء القانونيين لذات الشروط المطلوبة في أعضاء الهيئات القضائية عند مباشرة أعمالهم والرقابة عليهم وحلف اليمين القانونية أمام السيد الُمستشار وزير العدل والتفتيش على أعمالهم عن طريق التفتيش الفني المماثل للتفتيش القضائي وبذلك أخرج المشرع الأعضاء القانونيين من عداد العاملين بجهاز الحكومة وأعترف لهم بكادراً خاصاً . إلا أن هذا القانون قد أغفل حقوق الأعضاء الأدبية والمادية فلم يرتب لهم أيةً مزايا مادية أو أدبية، بالمقارنة بنُظرائهم من أعضاء الهيئات القضائية الأُخرى ولو أُلحق جدولاً للمرتبات بهذا القانون لأُعتبر هذا الجهاز من الهيئات القضائية آن ذاك. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل امتد الأمر إلى إهدار كرامة الأعضاء القانونيين ومساواتهم مع باقي العاملين بالمصلحة الكتابين والإداريين من الناحيتين المالية والأدبية ولم يتضمن القانون أيةً ميزة مالية أو أدبية تعوضهم عن جسامة الأعمال القائمين بها بما أن الأعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هم المسؤولين كليا [مدنيا وجنائيا واداريا] عن توفير الحماية والحجية القانونية للعقود.

 

فـ الوسائل التي يراها المُشرع تحقق هذه الأغراض والمصالح العليا يجب أن تكون هناك علاقة منطقية موضوعية ومفهومة بين النصوص التشريعية والأهداف المرجوة  لتحقيق الاستقلال الدستوري الكامل والحياد المجرد والنزاهة والشفافية لهذه الهيئة لتمارس عملها القانوني دون ضغط أو تهديد أو تدخل من احد من ذوي النفوذ والسلطة لضمان ممارسة عملها الوطني  في حماية حقوق الملكية العامة والخاصة لمصر والمصريين وهذه الضمانة لن تكون إلا من خلال هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي في النزاعات العقارية ولن يكون هناك نهضة حقيقية إلا من خلال ثورة عقارية شاملة من خلال إنشاء هيئة مستقلة عليا تتمتع بالصفة القضائية لحماية ورعاية الملكية والثروة العقارية والمنقولة لمصر والمصريين هيئة قضائية يتوفر لها مجموعه قوية من الضوابط و الضمانات القانونية الفعالة لأعضائها القائمين عليها لحمايتهم من التدخلات الخارجية من أيا كان ليمارسوا عملهم القانوني الخطير بحياد وشفافية دون ضغط أو تهديد لنكون بصدد نهضة عقارية شاملة على أركان سليمة وقوية من خلال تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قضائية مستقلة تستقل وبحياد ونزاهة لحماية وتنظيم ورعاية الملكية العقارية بمصر ،كما تم تقرير هذه المعاملة القضائية عند إنشاء هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة لما لهما من دور قانوني للمساهمة في حسن سير العدالة بمصر مما تتطلب إلى أن يقوم المشرع بحمايتهما بهيئة قضائية مستقلة ( ) .

ويقودنا الحديث الى التفرقة بين الفرق بين الهيئة والمصلحة: -

الهيئة: تعتبر شخص اعتباري له شخصية مُستقلة ويدير مرفقاً محدداً يُحقق مصلحة عامة من خلال أهداف محددة ومنظمة وتعتبر الهيئة شكلاً أكثر استقلالية ومرونة من الناحية الإدارية والمالية والفنية عن المصلحة الحكومية وهو ما يحقق قيامها بمهامها وواجباته في حماية ودعم وإثبات حقوق الملكية العقارية والمنقولة العامة والخاصة لمصر والمصريين.

المصلحة : المصلحة لا تعتبر شخص اعتباري في ذاته بل إدارة تتبع وزارة ، كـ تبعية  مصلحة الشهر العقاري والتوثيق لـ وزارة العدل ، وتعتبر احدى إدارات او قطاعات الوزارة شكلاً وموضوعاً وتخضع لها كلياً مالياً وإدارياً وفنياً كما هو الوضع الآن ، فـ وزير العدل هو الرئيس الأعلى لها بكافه إدارتها وفروعها وموظفيها ،  بالإضافة إلى ذلك فالمصالح الحكومية تعانى من البيروقراطية و هي ملتصقة بالحكومة و جزء من السلطة التنفيذية ، وبما تتصف به من روتين ولا تستطيع تحقيق أهدافها والقيام بمهامها المنوط بها تحقيقها فهي غير مستقلة لأنها :-

1-أنها غير مستقلة ماليا فهي تتبع وزارة العدل

2-أنها غير مستقلة إداريا فهي تخضع لقانون العاملين بالدولة 47 /1978 سابقاً وحالياً للقانون رقم 81 لسنة 2016

3-البيروقراطية الشديدة والروتين والتعقيد والمركزية الوزارية في اتخاذ القرار

4-صلاحيات رئيسها حتى ولو كان وكيل وزارة يحددها الوزير المختص ويتحكم في تعيينه ونقله وندبه وتأديبه وعزله

 

ثالثاً: مجلس أعلى لهيئة الملكية العقاري والتوثيق.

والمجلس الأعلى احد المقومات الاساسية لضمان الاستقلال والسهر على تنفيذ احكام القانون المنظم للهيئة ، وكما هو ثابت ومقرر بجميع الجهات والهيئات القضائية والمستقلة ، والمجلس الأعلى موجود بالفعل حاليا بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وليس مجلس أعلى مستحدث من العدم ، فهو موجود بالفعل ، لكنه لا يستطيع القيام باختصاصاته ودوره المنوط به لعدم استقلالها وتبعيتها المطلقة لوزارة العدل فنياً ومالياً وادارياً ، وسيمارس ذات الاختصاصات والسلطات المقررة له ، ولكن بضمانات اقوى فعاله تشريعيا ، فطبقا للمادة الثامنة من القانون رقم ( 5 ) لسنه 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( ) نصت على أن :- " يشكل مجلس أعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق برئاسة وكيل الوزارة المختص وعضوية الأمين العام وثلاثة من الأعضاء من الدرجة الأولى على الأقل يعينهم وزير العدل بناء على اقتراح وكيل الوزارة المختص وذلك لمدة سنه قابلة للتجديد ، ويكون انعقاد المجلس صحيحا بحضور رئيسة واثنين من أعضائه على الأقل وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للآراء ، وعند التساوي يرجح الرأي السائد في جانبه الرئيس ، ويختص المجلس ، فضلا عما هو وارد بهذا القانون ، إبداء الرأي في تعيين أعضاء المصلحة وموظفيها وتحديد أقدميتهم وتقدير كفاءتهم وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم إلى خارجها ، أما الندب داخل المصلحة فيكون من رئيسها بموافقة وكيل الوزارة المختص".

 

رابعاً: رئيس هيئة الملكية العقارية والتوثيق 

نصت المادة 11 من مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق: -" تُشكل الهيئة من رئيس، ونائب الرئيس رئيس قطاع التسجيل العقاري، ونائب الرئيس رئيس قطاع التسجيل العقاري، والأمين العام، والنواب، والوكلاء، والأُمناء المساعدين، والأعضاء، ويُلحق بها العدد اللازم من الموظفين بالكادر الإداري والكتابي. "

ومن الثابت الآن ولا جديد في ذلك أن رئيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ونوابه يتم تعيينهم من قبل السيد رئيس الجمهورية وكما هو ثابت ومقرر لجميع الجهات والهيئات القضائية والمستقلة، وذلك بموجب نص المادة 3 من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964: -" يعين كل من الامين العام والامين المساعد بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العدل، ويعين باقي الاعضاء بقرار من وزير العدل بعد اخذ راي المجلس الاعلى للمصلحة."

 

خامساً: عضو الهيئة

بسبب تعدد قوانين الشهر العقاري والتوثيق وتعديلاتها الكثيرة ولوائحها التنفيذية، ( ) والقرارات الوزارية المكملة لها، أصبحنا أمام تعدد في المصطلحات المهنية لأعضاء الشهر العقاري والتوثيق ما بين [العضو الفني، والموثق، والعضو القانوني] والواردة نصاً، ولفظاً واصطلاحاً، في قوانين الشهر العقاري والتوثيق المختلفة وجميعهم مسميات مترادفة مهنيا ومتطابقة وظيفياً. ( )

حيث ورد لفظ "عضو الفني" بنص المادة 182 من دستور مصر 2012 والمادة 199 من دستور مصر 2014 وكذلك المادة 23 مكرر من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، وكذلك المادة رقم 8 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والصادرة بالقرار الوزاري عدل رقم 825 لسنة 1975، وهذا اللفظ دارج العمل به في جميع الهيئات والجهات القضائية ووزارة العدل والمكاتب الفنية بها.

ولفظ "موثق" هو اللفظ المهني المُتعارف عليه بجميع دول العالم عربيا ودولياً، والواضح كلفظ مهني بنص المادة رقم (1000) من القانون المدني رقم 131لسنه1948 ( )

وكذلك ورد لفظ "موثق" كذلك في قانون التوثيق المصري رقم 68 لسنة 1947 في المواد ارقام (3-4-5-6) وبالمادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق ونصها: -" يقوم بالتوثيق موثقون وموثقون مساعدون وموثقون منتدبون يعينون بقرار من وزير العدل." والمادة 2 من اللائحة التنفيذية والتي نصها: -"يؤدي الموثقون والموثقون المساعدون قبل مباشرة أعمالهم يمينا أمام وزير العدل بأن يقوموا بأعمال وظائفهم بالذمة والصدق" وكذلك المواد ارقام (3-4-5-7-10-12-18-21-22-24)

أما لفظ "عضو قانوني" فقد ورد لفظاً بالمادة 21 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 بشأن تشكيل واختصاصات اللجنة القضائية بالسجل العيني.

 

ومن هنا جاءت الرغبة المهنية لجموع أعضاء الشهر العقاري والتوثيق لتجتمع مع الضرورة التشريعية في ضرورة توحيد المُصطلح الشامل المانع الجامع مهنياً لجميع هذه المُسميات تحت أسم واحد وهو "عضو هيئة الملكية العقارية والتوثيق" ليكون نص الفقرة السابعة من المادة الاولى (التعريفـات) من مشروع القانون المقترح كالتالي :- " عضو الهيئة : العضو الفني ، والموثق ، والعضو القانوني ، والواردة نصا ، ولفظاً واصطلاحاً ، في قوانين الشهر العقاري والتوثيق ، وجميعهم مسميات مترادفة مهنياً ومتطابقة وظيفياً ، ومتساوون في الحقوق والواجبات، وعضو الهيئة هو المكلف قانونا وحصريا ، في حدود سلطته واختصاصه ، القيام بالأعمال المبينة في هذا القانون ولائحته وغيره من القوانين النافذة ذات الصلة. "

 

سادساً: الجمعية العمومية لهيئة الملكية العقاري والتوثيق

والمنصوص عليها كمادة جديدة مستحدثة بالمادة 33 من مشروع القانون، وتشكل من أعضائها من درجه عضو علي الأقل، ويتولى رئاستها رئيس الهيئة، وهو أمر مقرر وثابت بجميع الجهات والهيئات القضائية منها والمستقلة، وكضمانة حقيقية لتحقيق استقلال الهيئة واعضائها وضمان تحقيقها لأهدافها ومهامها ومن حيث حقوق وضمانات الاعضاء وتوزيع العمل الفني بعدالة على أعضاء وكافه المسائل التي تنظمها احكام مشروع القانون.

 

 سابعاً: مجلس التأديب

وهو مادة مستحدثة تشريعياً والمنصوص عليه بالفصل الثاني كاملاً من مشروع القانون تحت مسمى مجلس التأديب والتظلمات لضمان الرقابة القوية على أعضاء الهيئة واعمالهم الخارجة عن دائرة العمل الفني وهو المختص دون غيره بتأديب أعضاء الهيئة، لما يصدر منهم من مخالفات ليست ضمن او بسبب عملهم الفني، والبت في تظلماتهم والفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم والفصل في المنازعات الخاصة بمستحقاتهم المالية. وهو أمر مقرر وثابت بجميع الجهات والهيئات القضائية منها والمستقلة، لتفعيل مبدأ الصلاحية وتحقيق التوازن مقابل الحماية والضمانات المقررة دستوريا للأعضاء.

 

ثامناً: جهاز التفتيش الفني

 والمنصوص عليه بالفصل الرابع من مشروع القانون المُقترح ، والجهاز موجود فعلا حاليا بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وليست ادارة مستحدثة جديدة ، وتنظمها المادة الاولى من لائحة التفتيش الفني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والصادرة بالقرار  الوزاري عدل رقم 2016 لسنة 1966  ( )– والتي نصها :- "مادة   1 : تختص إدارة التفتيش الفني بالتفتيش الفني على أعمال أعضاء المصلحة وموظفيها الإداريين وذلك لجمع البيانات التي تؤدي الى معرفة درجة كفايتهم ومدة حرصهم على اداء واجبات وظيفتهم ومقتضياتها وتحقيق الشكاوي التي تقدم ضدهم وفحص الطلبات التي تقدم منهم وكذا التعرف على مبلغ إشرافهم على أعمال الموظفين العاملين تحت ادارتهم ولها ان تجري تفتيشا عاجلا مفاجئا على اعمالهم وتصرفاتهم وذلك مع مراعاه ان يكون المفتش اسبق في ترتيب الاقدمية ممن يجري التفتيش على عمله"

 

والمواد القانونية المقترحة المنظمة للتفتيش الفني هي نسخة طبق الأصل دون أدنى تعديل يذكر من لائحة التفتيش الفني للأعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق السارية الآن ، والصادرة بالقرار الوزاري عدل رقم 2016 لسنة 1966 بشأن لائحة التفتيش الفني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والمنشورة بالوقائع المصرية بالعدد رقم 85 بتاريخ 3/11/1966 ، ولكن من باب حسن التنظيم التشريعي واكتمال الاركان التشريعية لمشروع قانون الهيئة المستقلة بما يحقق التكامل لجميع مواد القانون المقترح فضلنا دمجها بمشروع القانون وليس مجرد مواد لائحية اقل في القوة التشريعية من نصوص القانون ، فالتفتيش الفني لما له من دور رقابي فعال وقوي للرقابة الفنية الحازمة والدقيقة على اعمال الاعضاء الفنية لتحقيق التوزان التشريعي بين الاستقلال والضمانات والحماية المنصوص عليها دستوريا وبين الرقابة عليها لضمان تحقيق هدفها الدستوري والتشريعي

 

والمُلاحظ على ما سبق ان المُشرع المصري في القانون رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق القانون تشكيل هذه الجهة تشكيلاً قضائياً ولكن لم يُقرن ذلك بأية ضمانات تقرر للأعضاء القانونيين بما يعوضهم عن جسامة المسؤوليات التي يضطلعون بها حيث أخضعهم لنظام التفتيش الشخصي على أعمالهم ووضع التقارير عنهم عن طريق إدارة التفتيش الفني التي تتولي ذلك.

تاسعاً: الأمانة العامة

 وهي مستحدثة هيكلياً بالمادتين 38، 39 من مشروع القانون المرافق ومطبقة بالفعل من حيث الصلاحيات والسلطات حاليا بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق من خلال منصب الأمين العام للمصلحة بخلاف منصب رئيس قطاع الشهر العقاري والتوثيق، ومطبقة فعليا بالجهات والهيئات القضائية والمستقلة، وتختص بمعاونة رئيس الهيئة في تنفيذ اختصاصاته المالية والإدارية وبرئاسة أمين عام والهدف التشريعي منها هو إعادة هيكلة إدارية حتمية للتطوير المنشود وتطبيق فعلي لمبدأ التخصص وتقسيم العمل.

 

عاشراً: اللجان ذات الاختصاص القضائي

 اللجان العليا والفرعية ذات الاختصاص القضائي في الملكية العقارية والتوثيق وتختص اللجنة ذات الاختصاص القضائي بـ: نظر الطعون المقدمة من ذوي الشأن على المحررات المشهرة أو الموثقة، والفصل فيها، والبت في اسباب الإيقاف والرفض الرسمي من أعضاء الهيئة وبكافة النزاعات الفنية بقطاع التسجيل العقاري والتوثيق وكافة اختصاصات وسلطات قاضى الأمور الوقتية، وقاضي الأمور المستعجلة واللجان القضائية وغيرها من اللجان المنصوص عليهم بقوانين الشهر العقاري والتوثيق.

وهي ايضا ليست لجان مُستحدثه كلياً ، بل لها وجود كامل فعليا وتشريعيا في قانون السجل العيني حيث  يقابلها : المادة 21 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ، الفصل الثاني : في اللجنة القضائية التي تنظر المنازعات ، والتي نصها :- "تشكل في كل قسم مساحي لجنة قضائية برئاسة رئيس محكمة ابتدائية وعضوية اثنين من موظفي المصلحة احداهما قانوني والثاني هندسي وتختص هذه اللجنة دون غيرها في النظر في جميع الدعاوي والطلبات التي ترفع خلال السنة الأولى بعد العمل بهذا القانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني ، ويصدر بتعيين اعضائها ولائحة إجرائها قرار من وزير العدل ".

 

الحادي عشر: لجنة تسوية المنازعات العقارية

هي لجنة عقارية ذات اختصاص قضائي، دائرة عليا بالمقر الرئيسي، ودوائر فرعية بكل محافظة بقرار من رئيس الهيئة بناء على اقتراح المجلس الاعلى. وتتولى فحص ونظر وتسوية المنازعات العقارية ومنازعات الاستثمار العقاري والمتعلقة بتطبيق احكام هذا القانون وسائر القوانين ذات الصلة، المقدمة من ذوي الشأن باتفاقهم او المحالة الى اللجنة من الجهات القضائية الاخرى او الجهات التنفيذية ذات الصلة.

وهي مادة مُستحدثة تشريعياً جزئياً بناء على شكاوى المستثمرين المصريين والعرب وفي ضوء توصيات مؤتمر التنمية العقاري ومعرض النخبة العقاري تحت رعاية السيد رئيس مجلس الوزراء والمنعقد بمركز القاهرة الدولي للمؤتمرات خلال الفترة من 19-7-2016 الى 23-7-2016.

وبذات مضمونها وهدفها التشريعي يقابلها المادة 19 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م والتي نصها: -".... يجوز لأصحاب الشأن باتفاقهم واتفاق من يكون له حقوق عينية تبعية على هذه الاعيان ان يقوموا في ميعاد الشهرين المشار اليه في المادة السابقة بإثبــات اتفاقهم في استمارات تسوية تقوم مقام المحررات المشهرة .... الخ "

وكذلك يقابلها المادة الخامسة من قانون الشهر العقاري بالمجتمعات العمرانية الجدية رقم 27 لسنة 2018

والهدف التشريعي منها هو القضاء على النزاعات العقارية القضائية والتي امتلئت بها ساحات المحاكم لما يقرب من 50% من جملة النزاعات المدنية القضائية الان بالمحاكم المصرية.

بسبب غياب الواعز القانوني لدى المشرف على تنفيذ السياسات العقارية وعلاقتها بالملكية العامة والخاصة وصونا للسلم الأهلي أدى إلى تراكم قضايا الملكية العقارية في مصر نظرا لحساسية موضوع الملكية العقارية في مجتمعنا المصري والتي لا تفرق بين ما هو عام وبين ما هو خاص.

وضرورة إحالتها الآن الى لجنة قضائية عقارية مُتخصصة تبحث بتعمق وتفصل بسرعة وقراراها قوي ، باتفاق ورغبة المتنازعين بما تمتلكه اللجنة المُقترحة من الخبرة الفنية المتخصصة العالية بما يحقق سرعة الفصل في هذه النزاعات العقارية والحجية المطلقة لقرارتها النهائية الملزمة للمتنازعين وللغير والمزيلة بالصيغة التنفيذية، وخاصه ذات الصلة بالاستثمار العقاري

حيث تصدر لجنة التسوية العقارية قرارها بالتسوية بأغلبية اعضائها ومسببا خلال ثلاثة أشهر من استلام الطلب ، وتزيل قرارتها بالصيغة التنفيذية ، حائزا حجية الأمر المقضي به ، اذا لم يطعن على قراراتها امام اللجنة العليا خلال شهر من صدور القرار ، ولتكون اللجنة المستحدثة نواه خلال بضع سنوات لإنشاء المحاكم العقارية بمصر والتي تفتقدها مصر أسوة بكل دول العالم المتقدم ، ووكلاء نيابتها، نيابة الملكية والحيازة الزراعية، ونيابة الملكية العقارية العامة، ونيابة الملكية العقارية الخاصة، نيابة الملكية العقارية للشركات ..الخ.

 

فالجانب الغالب من أعمال الشهر العقاري يتسم بالطبيعة القضائية وليس امر مستحدثاً من العدم بل هو امتداد طبيعي وتطور تشريعي للوضع القائم حاليا سواء في ظل نظام الشهر الشخصي أو نظام السجل العيني ومن هنا تم النص صراحة على أنها هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي:

 

أ)             ففي النظام الأول (قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946) يقوم العضو القانوني ببحث الطلب المُقدم من جميع الجوانب وإنزال حكم القوانين والتشريعات ذات الصلة عليه إلى أن ينتهي في النهاية إلى قرار هو في حقيقية حكم قضائي إما بالتسجيل أو عدم أمكان التسجيل ، والحقيقة أنه من الناحية الواقعية العملية ونظرا لتشعب وتعدد القوانين والقرارات والتعليمات الفنية وعدم إلمامها بجميع المسائل والحالات وكذلك فأن جانبا كبيرا من عمل الأعضاء القانونيين يخضع للسلطة التقديرية والاقتناع الذاتي للعضو فالشهر العقاري علم وعمل ومجال خصيب لاختلاف وجهات النظر بين الأعضاء في المسائل المعروضة وانتهائهم في النهاية إلى القرار الذي يرونه الحق في ضوء القانون والتعليمات والخبرات العملية والملكات الفكرية ....

وكذلك أيضا فأن قيام المأمورية بإسناد الملكية إلى وضع اليد (التقادم المُكسب) من خلال تحقيق قانوني وواقعي لـ هو في حقيقية عمل قضائي لا يقبل الشك فيه أو الاختلاف حوله فهو فصل في منازعة كان حقيقا أن تصطبغ بالصبغة القضائية فقرار إسناد الملكية بوضع اليد لا يصدر إلا بعد تحقق المأمورية من سلامة الحيازة وخلوها من جميع شوائبها القانونية والواقعية .. فالقرار الذي يصدر هو في حقيقته حكم بتثبيت الملكية التي تضلع به المحاكم.

وذلك تطبيقاً للقانون 25 لسنة 1976 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الشهر العقاري حيث نصت المادة 23مكرر( 1 ) على أن " إذا كان أصل الملكية أو الحق العيني محل طلب الشهر لا يستند إلى أحد المحررات المنصوص عليها في المادة السابقة .وطلب صاحب الشأن إسناد الملكية استنادا إلى وضع اليد المدة المكسبة للملكية فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد للتثبت من مدى توافر شروطه وفقا لأحكام القانون المدني ، ثم تحيل الطلب إلى مكتب الشهر مشفوعا برأيها .وتتولى لجنة تشكل بمكتب الشهر برئاسة أمين المكتب وعضوية أقدم اثنين من الأمناء المساعدين من الأعضاء الفنيين ، النظر في الطلب والاعتراضات المقدمة بشأنه ، وتصدر قرارها مسببا بقبول الطلب أو رفضه ..."

وبمقتضى هذا النص يجوز إسناد الملكية أو الحقوق العينية الأخرى بالتقادم عند التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي الزراعية دون الأرض الفضاء.

ب) و في النظام الثاني (قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964) تم التأكيد على الطبيعة القضائية لأعمال العضو القانوني وذلك من خلال اعتبار القيد في صحيفة الوحدة العقارية الذي تجربة الجهة القائمة على تطبيق قوانين السجل العيني (مصلحة الشهر العقاري والتوثيق حالياً) بعد بحث لموضوع العقد سبب القيد في شتى جوانبه _ ذات أثرا مطلقا وقوة ثبوتيه لا يجوز نقضها تماما.  

والحق أن القيد في صحيفة الوحدة العقارية هو حُكم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ففي ظل نظام السجل العيني الذي أتبعه المشرع المصري ،بعد فشل نظام الشهر الشخصي ، يحدد وزير العدل العمل بنظام السجل العيني في كل قسم مساحي على حدة ولمدة محددة يتقدم خلالها كل من يدعى حقا عينيا على عقار غير مسجل بطلب لقيد حقه على ذلك العقار في صحيفة الوحدة العقارية وقد يتقدم أكثر من مدعى بوجود الحق العيني وبعد أجراء الهيئة القائمة على تطبيق السجل العيني تحقيقا وبحثا شاملا من الناحية القانونية والناحية الفعلية والمساحية تقرر ما انتهت إلية من إتمام القيد في صحيفة الوحدة العقارية من عدمه ولا يمكن أن يدعى عاقل بأن هذا القرار ليس بحكم إذ أنه فصل في منازعة من خلال تطبيق القانون فإذا ما انقضت مدة معينة ولم يطعن احد في هذا القيد أصبح القيد نهائيا وحاز قوة الإثبات المطلقة التي لا يجوز نقضها أو تقويضها بأي دليل على الإطلاق  فيصبح القيد عنوانا للحقيقة المطلقة والحق الثابت الذي لا نزاع فيه أو تأويل له.  وقد أعطي القانون الحق لكل ذي مصلحة أن يطعن على القرار خلال مدة معينة أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 من القانون 142  لسنة  1964 و بالتالي فإن انقضاء المدة التي حددها القانون لعمل اللجنة _ وهى سنة ( يجوز لوزير العدل مدها لمدة سنة أخرى فقط يصبح القيد في صحيفة الوحدة العقارية عنوانا للحقيقة ومبرأً من كل عيب ، أما هو تقدم بعض أصحاب المصلحة باعتراض أمام اللجنة القضائية مدعين عكس ما انتهت إلية الجهة القائمة على تطبيق قانون السجل العيني فأن الأمر في النهاية أمام هذه اللجنة أيضا مردة إلى الشهر العقاري الذي  يملك ناصية القرار في اللجنة حيث نص قرار وزير العدل رقم 553 لسنة 1976 على أن تشكل اللجنة القضائية في دائرة كل محكمة ابتدائية من قاضى بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية وعضوين من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق احدهما عضو قانوني والأخر مساحي وان تكون مداولات اللجنة سرية وتصدر الأحكام بأغلبية أعضائها وهو ما يرجح كافة أصحاب العلم القانوني والخبرة الواقعية بمسائل الشهر العقاري وهم أعضاء الشهر العقاري والذي ينتهي في النهاية من الناحية العملية وفى جميع الأحوال إلى اعتماد الرأي الذي يراه العضو القانوني المتخصص وبتأييد من العضو المساحي الذي غالبا ما ينزل إلى رأى الأكثر تخصصا وعلما بدروب التسجيل العقاري بحكم طبائع الأمور ولا يجد رئيس الدائرة من مخرج إذ الزمه القانون بالتوقيع على الحكم في حال اتفاق أغلبية الآراء على اتخاذه فقرارات هذه اللجنة هي في الحقيقة قرارات الجهة القائمة بتطبيق نظام السجل العيني . ولا يجوز الطعن على قرارات هذه اللجنة في 3 ثلاث حالات منها حالة إذا تعدت قيمة العقار النصاب النهائي للمحاكم الابتدائية وبذلك يتأكد خروج الكثير من قرارات اللجنة من دائرة الطعن وكل ذلك يؤكد الطبيعة القضائية لأعمال الشهر العقاري.

 

بالإضافة الى ما سبق أن من يطالع قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 في جل أحكامه ومبادئه يجد أن هذا القانون يحفل بنصوص تُسند عملا قضائيا صرفا للجهة القائمة على تطبيقه ونسوق من تلك النصوص .... ما ورد بنص المادة 14 منه من انه "... في حالة قيام التناقض بين المحررات المشهرة عن قطعة مساحية واحدة تتولى المصلحة إثبات الحقوق في صحيفة الوحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها ، ويرفق بصحيفة الوحدة تقرير عن نتيجة هذه الدراسة " وكذلك ما ورد بنص المادتان 50 و 51 من ذات القانون "... في حالة قيام نزاع بين طلبين على ذات القطعة فقد أعطى القانون لأمين السجل العيني - كعضو قانوني - حق إصدار قرار مسبب بسقوط أسبقية هذا الطلب أو بوقف الإجراءات الخاصة بالطلبات اللاحقة بحسب الأحوال "  ويبدوا جلياً السمة القضائية المميزة لهذا القرار إذ أنه فصل في منازعة عدنية عقارية من خلال إعمال القانون والترجيح بين الحقوق المتنازعة وقد ورد كذلك في الفقرة 5 من اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني _ قرار وزير العدل رقم 825 لسنة 1975_  جاء بها أن من اختصاصات إدارة السجل العيني " .... 5 – دراسة الشكاوى والمنازعات التي تقدم من أصحاب الشأن واتخاذ ما يلزم في شأنها " ولا ريب في أن اتخاذ ما يلزم لفض منازعة بين أصحاب الشأن ما هو ألا اختصاصا قضائيا بإنزال حكم القانون فصلا في ادعاءات متقابلة وحقوق متعارضة .

               

الثاني عشر: موازنة مالية سنوية مستقلة

مادة مستحدثة تشريعياً والتي تنظمها المادة 77 من مشروع القانون المرافق ومقررة وثابتة بجميع الجهات والهيئات القضائية والمستقلة، كترجمة تشريعية منطقية وحتمية، لمفردات وعناصر الاستقلال وفقا لنص المادة 199 من دستور مصر 2014، والمادة رقم 1 من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964 والتي نصها: -"تكون مصلحة الشهر العقاري والتوثيق مصلحة قائمة بذاتها وتتبع وزير العدل ".

 

الثالث عشر: حقوق وضمانات عضو الهيئة وواجباته

نظم الفصل الثالث من الباب الأول من مشروع القانون المرافق حقوق وضمانات عضو الهيئة وواجباته، المواد من 89 الى 122 ونصت المادة 98 من مشروع القانون: -" عضو الهيئة مُستقل في اداء عمله القانوني ولا سلطان عليه سوى للقانون، ويمارس أعضاء الهيئة اختصاصاتهم الفنية في توثيق وتسجيل المُحررات باستقلال كامل قبل بعضهم البعض، فلا تتأثر قرارتهم توثيقاً أو تسجيلاً، بموقعهم من رؤسائهم أو أقرانهم على ضوء تدرجهم وظيفياً فيما بينهم إلا وفقاً لأحكام هذا القانون."

حيث يقابلها التوصية الاولى من توصيات الملتقى السنوي الأول لموثقي مصر والتي نصها :- " أولا : الاستقلال الكامل : وهو عنصر خارجي ، والذي مؤداه : أن يكون تقدير وبحث كل عضو قانوني لوقائع وحيثيات العقد او المحرر ، المعروض عليه لتوثيقة او شهره ، وفهمه لحكم القانون بشأنه ، والبحث عن القانون او القوانين واجبة التطبيق ، ثم تطبيق احكام الدستور والقانون وتعليمات ومنشورات الشهر العقاري عليه ،ووفق اجتهاده الفني في حال عدم وجود نص ينظم العلاقة القانونية ،،  متحرراً من كل قيد ، أو تأثير ، أو إغواء ، أو وعيد ، أو تدخل ، أو ضغوط ، أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها أو سببها أو صورتها ، ما يكون منها مباشراً أو غير مباشر ، و مما يعزز هذه الضمانـة ويؤكدها ، استقلال العضو الفني عن السلطة التنفيذية ، وأن تنبسط  ولايته على كل مسألة من طبيعة فنية بالشهر العقاري والتوثيق ، وأن يكون استقلال أعضائه كاملاً ، قبل بعضهم البعض ، فلا تتأثر قرارتهم شهرا او توثيقا  ، بموقعهم من رؤسائهم أو أقرانهم على ضوء تدرجهم وظيفياً فيما بينهم . كما يتعين دوماً أن يكون إسناد وتوزيع العمل الفني بين الاعضاء فيما بينهم عملاً داخلياً محضاً، وبعدالة مطلقة شكلا وموضوعا فلا توجههم سلطة دخيلة عليهم أياً كان وزنها.  تطبيقاً للأمر الشرعي الوارد بالآية الكريمة {ولا يضار كاتب ولا شهيد} ( ). "

ونصت المادة 99 من مشروع القانون: -" على جميع السلطات بالبلاد احترام عضو الهيئة وتسهيل مهمته وتوفير الحماية والضمانات اللازمة لأداء عمله القانوني باستقلال."

كترجمة حقيقية منطقية مباشرة لنص المادة 199 من دستور مصر 2014 والتي نصها: -" .... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون."

ونصت المادة 101 من مشروع القانون: -" للعضو اتخاذ كافة الإجراءات القانونية قبل من يحول دون تمكينه من أداء واجبه، والاطلاع علي سجلات أو مستندات الجهة الإدارية، وسماع أقوال أو شهادات أي من العاملين بها أو المواطنين بعد حلف اليمين للتحقق من صحة ما يرد إليه، وتسري علي الشهود الأحكام المقررة في قانون الِإجراءات الجنائية بما في ذلك الضبط والإحضار."

حيث يقابلها من حيث الهدف التشريعي المادة 63 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 والتي نصها: -" على الجهات المشرفة على أعمال التنظيم وعلى المحافظات أن تخطر الجهة القائمة على السجل العيني في أول كل شهر برخص البناء والهدم المعطاة لأصحاب الشأن وبربط العوائد المستجدة وذلك لكي تقوم الجهة الأخيرة بتطبيق نظام المدن على الوحدات العقارية المنشأة عليها هذه الأبنية عند ادراج أي تصرف يتعلق بها في السجل العيني. "

ونصت المادة 110 من مشروع القانون: -" يجب على عضو الهيئة ان يلتزم بالعدالة والحياد الكامل عند توثيق وتسجيل كافة انواع المحررات المنظورة امامه باستقلال كامل، والالتزام بصحيح القانون والخضوع للضمير المتجرد."

ونصت المادة 111: -" يحظر على عضو الهيئة الاشتغال بالعمل السياسي، والانتماء للأحزاب السياسية، أو الجماعات المحظورة، وممارسة العمل الحزبي ولا يجوز له الترشح لانتخابات مجلس النواب أو الوحدات المحلية إلا بعد تقديم استقالتهم وتعتبر الاستقالة في هذه الحالة مقبولة بمجرد تقديمها."

ونصت المادة 112: -" لا يجوز للعضو أن يباشر توثيق أو تسجيل محرر يخصه شخصيا أو تربطه وذوي الشأن صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة. ويجوز للعضو ان يتنحى عن نظر العقد إذا ثبت له ذلك.  "

ونصت المادة 112: -" ولا يجوز لعضو الهيئة أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية أو منازعة عقارية معروضة على الهيئة تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية، ويجوز رده من ذوي الشأن إذا ثبت مخالفة ذلك."

ونصت المادة 113: -" لا يجوز لعضو الهيئة القيام بأي عمل تجارى كما لا يجوز له القيام بأي عمل لا يتفق واستقلال مهنته وكرامة وظيفته. ويجوز للمجلس الأعلى أن يقرر منع عضو الهيئة من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها. ويستثنى الولاية والوصاية والقوامة والتدريس وممارسة الانشطة العلمية.

والمواد المقترحة من 110 الى 117 هي ترجمة تشريعية لـ مبدأ حيـــاد عضو الهيئة  فهو عنصر داخلي نابع من ضمير العضو يعكس التجرد الكامل عند بحث وتوثيق وشهر كافة انواع المحررات المقدمة إليه ، والالتزام بالقانون والخضوع للضمير ، أنه الاعتدال المتجرد ، ويتلخص في ضرورة النص تشريعيا على عدم التحيز لأى خصم او تيار سياسي وضرورة الحظر التشريعي على الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق  الانتماء للأحزاب السياسية ، وممارسة العمل الحزبي ، فتحقيق مبدأ الحياد يطمأن العضو الفني الى جهة عمله  ونزاهتها ،واستقلال مهنته ، وألا يكون للعضو صلة قرابة أو علاقة بأطراف التعاقد  وإلا كان غير صالح للعمل القانوني ويخضع لقاعدة عدم الصلاحية .ولا أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية  أو منازعة عقارية معروضة على الشهر العقاري تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية ، ويتعين رده اذا ثبت مخالفة ذلك . كما أنه يجب ان ينص القانون على حتمية تنحي العضو الفني بالشهر العقاري – الموثق -  عن مباشرة العمل الفني  في أي محرر او عقد  تكون للعضو الفني أو لأحد من أقاربه مصلحة فيها، تطبيقا لقوله تعالى : { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } ، وأن لا يسعى لإثبات الدليل وسند الملكية بنفسه ، ويقتصر عمله الفني على أن يتلقى الأدلة وسندات الملكية والحجج والبراهين التي يقدمها الخصوم من سندات الملكية سواء للإثبات أو للنفي وفقا للقواعد التي حددها القانون ويقارنها ويراجعها بما هو ثابت لدية من عقود موثقة او مشهره ومراجع هندسية وخرائط مساحية ، وعلى العضو الفني  أن يناقش هذه الأدلة والمستندات ويفاضل بينها ويقدرها لتكوين اقتناعه في العقد المطلوب توثيقه حتى لا يكون قراره مشوب بمخالفة القانون ،وألا يقضي بعلمه الشخصي في العقود والمحررات المعروضة عليه ،ولا يجوز أن يكون اقتناعه عن طريق احد المتعاقدين خارج دائرة الاجراءات القانونية الرسمية المتبعة ودورة العمل المستندية المقررة وفقا لقانون وتعليمات الشهر العقاري والتوثيق .

 

الرابع عشر: جمع شتات اختصاصات وسلطات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وأعضائها ( )

والموزعة بين سته قوانين للشهر العقاري ( ) والعشرات من القوانين الاخرى المتنوعة ( ) وفي مقدمتها القانون المدني المصري وقرارات المجلس الأعلى للقضاء وقرارات وزارة العدل والأحكام القضائية والمنشورات الفنية.

من اجل الوصول قدر الامكان الى تحديد نافي للجهالة للاختصاصات الرئيسية لهيئة الملكية العقارية والتوثيق والمتمثلة في حماية حقوق الملكية بأنواعها، والمنصوص على حمايتها دستورياً، وهو احد اهداف مشروع القانون المقترح كـ هدف تشريعي ومهني مطلوب وضروري كتمهيد تشريعي لتوحيدها جميعا في قانون واحد يسمى "القانون العقاري" أسوة بالاتجاهات الحديثة تشريعيا بالعديد من دول العالم ومنها فرنسا والمغرب وتونس.

 

الخامس عشر: زيادة الدخل القومي للدولة

وهو أحد أهداف مشروع القانون كما سبق وذكرنا من خلال مضاعفة الإيرادات السنوية بطريقة آمنة وفعالة وقوية من خلال استحداث سلطات وصلاحيات جديدة لتوثيق عقود البيع الابتدائية وإقرار رسم نسبي عليها وما يتبعها من وكالات تصرف من بيع وتنازل دون زيادة اعباء مالية جديدة على الدولة او المواطنين ، بل إدراج حقوق جديدة جائز التصرف فيها وصبغها بالرسمية في مقابل تحصيل الدولة لكافه مستحقاته والمتوقع يقينيا تضاعفها على الاقل عشر أضعاف ، ستصب مباشرة في الخزانة العامة للدولة ، وبما يتناسب مع قيمة هذه الحقوق المتعامل عليها وفي مقدمتها حقوق الملكية بأنواعها (العقارية والمنقولة والفكرية العامة منها والخاصة وحتى التعاونية)، وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [17/9-18-37-73-137]

السادس عشر: إعادة هيكلة إدارية كاملة للهيئة

بما يضمن قيامها بدورها القانونية كمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية، وهو مطلب حكومي مستمر ومطلب عام شعبي من جميع فئات الشعب، قبل ان يكون مطلب خاص مهني، وصولا بالهيئة الى تطبيق المعايير الدولية في توثيق وتسجيل العقود. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [2-3-4-5 6-7 29-23-19-38-40-72-123-124-125-126]

السابع عشر: تسهيل واختصار إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق

من خلال إعادة تنظيم دورة العمل الحالية بنظام جديد يعالج القصور ومساوئ النظام الحالي ففي قطاع التوثيق تم الغاء العمل بالدفاتر اليدوية بالمكاتب اليدوية والتي يتم العمل بها منذ عام 1947 م ، والاستعاضة عنها ببدائل جديدة اقل تكلفة واسرع زمنيا واكثر امانا واعلى جودة ومطابقة للمعايير الدولية لأمن الوثائق الرسمية ،والبدء في تطبيق نظام الوثيقة الموحدة والتي أوصت بها المفوضية الأوربية للموثقين ، مما يحقق توفير اكبر قدر للعضو من البحث الفني ،والمراجعة القانونية السليمة للمحرر المراد توثيقة، مما سيكون له بالغ الأثر في خروج عقد توثيقي سليم ومحكم الالتزامات وكامل الحجية ، كضمان حقيقي لحماية حقوق المتعاقدين ، وكذلك إعادة النظر في نظام الحفظ والارشفة الحالي بما يتواكب مع النظم العالمية الحالية.

وفي قطاع التسجيل العقاري تم تفعيل الآليات التشريعية لتسهيل اجراءات التسجيل العقاري وسرعة الفصل في المنازعات العقارية من خلال استحداث لجان قضائية عليا وفرعية وايضا لجان التسوية العقارية، بضمانات قوية ورادعة وسريعة وخلال مدة زمنية حدها الأقصى ستة شهور، وقرارتها نهائية وذات حجية تنفيذية بين المتنازعين وأمام الغير.

بخلاف الضمانات والحماية والاستقلال المقررة لعضو الهيئة المقترحة، والتي بكل تأكيد ستمكنه دون خوف او تردد، ومتحرراً من كل قيد، أو تأثير، أو إغواء، أو وعيد، أو تدخل، أو ضغوط، أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها أو سببها أو صورتها، ما يكون منها مباشراً أو غير مباشر، بعد عقود طويلة من تهميش مهنته وإقصائها المتعمد عن التطوير والرعاية أدبيا وماديا من تدريب وكفاية مالية وكفاءة فنية وبيئة العمل المناسبة. وهو ما تم تحقيقه في مواد مشروع القانون المقترح أرقام [3-4-5 6-7 29-23-38-129-130]

 

 

 

 

 

 

المبحث الخامس

مُفردات استقلال العضو الفني بالشهر العقاري في ضوء الدستور ومنظومة العدالة

مُقدمة :                                                                       بسم الله الرحمن الرحيم

((يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْن إِلى أَجَل مُّسمًّى فَاكتُبُوهُ وَ لْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كاتِب بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْب كاتِبٌ أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً فَإِن كانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سفِيهاً أَوْ ضعِيفاً أَوْ لا يَستَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ استَشهِدُوا شهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضوْنَ مِنَ الشهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَ لا يَأْب الشهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَ لا تَسئَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صغِيراً أَوْ كبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكمْ فَلَيْس عَلَيْكمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَ أَشهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَ لا يُضارَّ كاتِبٌ وَ لا شهِيدٌ وَ إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ))         صدق الله العظيم

الآية 282 من سورة البقرة -* أنها ** أطول آية في القرآن الكريم ** آية الدين ** دستور الموثقين ** أن في سورة البقرة خمسمائة حكم وفي هذه الآية فقط خمسة عشر حكما **وآخر آية نزلت في القرآن الكريم** لذلك تعتبر من أهم آيات القرآن الكريم

ونلاحظ في هذه الآية الكريمة دستورا ألهياً ، تشريعا سماوياً ، صادر من فوق سبع سنوات عندما أمرنا الله عز وجل شرعا بالكتابة في معاملاتنا "  فَاكـــتُبُوهُ " ،والثابت أنه طبقا لأحدث النظريات القانونية والفقهية والتي أجمع على صحتها كافه الفقهاء القانونين قديما ( ) وحديثا أن الكتابة بالعدل (توثيق العقود) أقوى طرق الإثبات القانوني والقضائي على الإطلاق في المعاملات المدنية والتجارية على حد السواء  ،، فما بالكم إذا كانت هذه الكتابة قد تمت أمام وبمعرفة موثق عدل " كاتِب بِالْعَـدْلِ  " (الموثقين) وذلك لأهداف عظيمة وهي " أَقْسـط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشـهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا " وليمارسوا عملهم في حياد ونزاهه واستقلال وطبقا لما أمرهم به الله عز وجل " أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً  " وأمر الله عز وجل المسلمين في محكم آياته الكريمة بعدم الإضرار والإساءة الى الكتاب بالعدل (الموثقين ) في قوله تعالى " وَ لا يُضـارَّ كـاتِبٌ وَ لا شـهِيدٌ " انه المعنى الكامل المحكم للحماية والضمانات والحصانه لعمل الموثقين ضد أي ترهيب أو ترغيب قد يمارس ضد الكتاب بالعدل(الموثقين) اثناء ممارسة عملهم في حياد وشفافية ونزاهه ، وان تم هذا الاضرار والاساءة فانه فسوق في من قام به " إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ  " فعلا انه وبحق تشريعا ألهياً ، دستوراً ربانياً لتنظيم وحماية الموثقين ( الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ) ومهنة التوثيق والتسجيل ( ) وحقيقة مطلقة انه " دستور الموثقين" قمة البلاغة القرآنية في أطول آية قرآنية بالقرآن الكريم وهذه الآيه الكريمة وحدها قد ضمت وشرعت خمسة عشر حكما شرعيا في اية واحدة من أهم الاحكام الشرعية في المعاملات التعاقدية لكل مسلم. ( )

وتأكيداً على الرغبة في حماية وإثبات حقوق الملكية العقارية والمنقولة والفكرية وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي لمصر والمصريين، وإعادة هيكلة شاملة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وتنظيم حديث لمهنة أعضاءها القانونيين طبقاً للمعايير الدولية المنظمة لذلك دولياً وعربياً، بعد مرور أكثر من خمسة وسبعون عاماً ( ) على آخر إصدار تشريعي لمهنتهم العريقة، وفي ضوء تفعيل وترجمة نص استقلالهم الدستوري الوارد بالمادة 199 من دستور مصر 2014 م: - " ..الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي ينظمه القانون."

ووفقاً لمُفردات الاستقلال التي قررتها توصيات الملتقى السنوي الأول لموثقي مصر ( ) من خلال ممارسة الموثقين المصريين ( الأعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ) لـ عملهم القانوني بحياد وكفاءة فنية وكفاية مالية وفي بيئة عمل مناسبة تسودها الضمانات اللازمة تشريعيا والحماية اللازمة لممارسة عمله باستقلال وحياد دون ضغط او تهديد أو تدخل من أيا كان في عملهم الفني من توثيق وتسجيل ، ولذلك  فأن جموع الأعضاء من جميع مكاتب الجمهورية وبعد اجتماعهم في الملتقى السنوي الأول لموثقي مصر – مايو 2016 - وأعلنوا بكل إصرار ووعي وإرادة  حره ، تمسكهم باستقلالهم الكامل ( فنيا وإداريا وماليا ) ، وإعدادهم لمشروع قانون جديد يلبي رغبتهم المهنية من تطوير العمل وتيسير الاجراءات شهرا وتوثيقا ، والموازية شكلاً والمتطابقة موضوعاً لتحقيق الصالح العام لمصر والمصرين في ضمان استقرار وحماية حقوق الملكية بأنواعها المختلفة العقاري و المنقولة ، والعامة منها والخاصة ، وصولا بها الى المعاير الدولية المنظمة لمهنتهم ،   وذلك وفقاً للعرض التفصيلي التالي: -

المطلب الأول: من هو العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق؟

 

من المعروف منذ نشأة مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، كجهة قانونية عريقة ، أختصها القانون حصرياً دون غيرها من الهيئات الحكومية بتوثيق وتسجيل المحررات والعقود وحمايتها وحفظها لمصر والمصريين وحتى تملك الأجانب وعقودهم وفقا لأحكام الدستور والقانون خلال عام 1946 ، وهو العام الذي انشأ فيه الشهر العقاري جنباً إلى جنب مع إنشاء اعرق المؤسسات القضائية إلا وهو مجلس الدولة المصري في عهد الملك فاروق وحكومة إسماعيل صدقي باشا و تحت رعاية واهتمام وإصرار وزير العدل المصري في ذلك الوقت المستشار محمد كامل مرسي باشا ،وأتم دراساته الأكاديمية القانونية وحصل على الدكتوراه في الملكية العقارية من فرنسا ، وعاد منها منبهراً ومقتنعاً بالعديد من المبادئ والأفكار القضائية وفقاً للنظام القضائي الفرنسي ، وخاصة فيما يتعلق بكلا الكيانين العريقين " الشهر العقاري" ،و " مجلس الدولة " واللذان وقتها لم يكن لهما وجود حقيقي بمنظومة العدل ، مجسد مكتمل النمو كالموجود والمعروف الآن بمصر ، وبفضل مجهوده وأفكاره القضائية العظيمة لتطوير منظومة العدالة والقضاء بمصر وإصراره على ذلك وقتها في إنشاء هذان الكيانين مجلس الدولة (بالقانون رقم 112 لسنة 1946) ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق (قانون رقم 114 لسنة 1946) وفقا للنظام القضائي الفرنسي ، ولأول مرة بمصر وان أعضاء كلا الكيانين القانونيين العريقين (مجلس الدولة ،و الشهر العقاري) يُسميان " أعضاء فنيين "  ، وهم من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون .

 وبالتالي فـ أن هناك اختلافا كلياً شكلاً وموضوعاً وإجرائياً وجملة وتفصيلاً وعدم اتحاد المركز القانوني وطبيعة العمل القانوني بين الأعضاء الفنيين كفئة قانونية، وباقي فئات العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وذلك وفقا للعرض التالي: -

 

أولا : إن الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هم فقط الأعضاء القانونيين من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون ، والمندرجين تحت المجموعة النوعية لوظائف القانون وهم وحدهم المنوط بهم حصريا دون غيرهم طبقا للقانون توثيق وتسجيل وتحقيق وصياغة وتحرير وقيد وبحث وإثبات المحررات والعقود بكافة أنواعها وفقا لأحكام الدستور و القانون ، ويكون العضو الفني مسئولاً جنائياً ومدنياً وإدارياً عن توفير الحماية القانونية الكاملة شكلاً وموضوعاً لكافة أنواع المحررات والعقود الخاصة بالمصريين والأجانب على حدا السواء وحتى التي تملكها الدولة ،أياً كان نوعها على الأطلاق و المقدمة إليهم لتوثيقها أو شهرها أو صياغتها أو تحريرها وإثباتها وفقا لأحكام الدستور والقانون لإكسابها ومنحها الرسمية كسند تنفيذي و الحجية الثبوتية المطلقة ليس فقط بين أطرافها بل و أمام الغير وحتى أمام القضاء ، فهم فئة قانونية من الأسرة القانونية المصرية ، من طليعة خريجي " كليات الحقوق " أو " الشريعة والقانون " بالجامعات المصرية ونوابغ وأوائل دفعاتهم الحاصلين على ليسانس الحقوق بدرجة جيد جدا ، والذين اجتازوا الاختبارات المطلوبة الشفهية والتحريرية واختبارات الذكاء واللباقة وحسن المظهر، وتقريبا حوالي 95% منهم اشتغلوا بـمهنة "المحاماة " قبل التحاقهم بالعمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ،ومقيدين الآن بجدول غير المشتغلين بنقابة المحامين ، وحوالي 60% منهم من الحاصلين على درجة "الماجستير" في العلوم القانونية و 40% منهم من الحاصلين على درجة "الدكتوراه "في القانون وذلك بخلاف انتقائهم من أفضل الأسر والعائلات التي لا يشوبها شائبة ،وهذا ما يؤكده كلمة السيد المستشار /محمود أبو الليل راشد وزير العدل – رحمة الله – خلال مراسم حلف اليمين القانونية " أداء القسم " بديوان عام وزارة العدل بتاريخ 12 مارس 2006 من السادة الأعضاء الفنيين دفعة 2005 الآتي نصه :- " فلكم دوركم الكبير والغير مسبوق في دعم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وقد جئتم نتاج جهد كبير لاختيار أفضل ممن تقدموا لشغل هذه الوظائف ومن خلال قواعد موضوعية محددة ولم يذكي اختيار كلا منكم ألا تفوقه العلمي وقد حرصت على التحقق بنفسي من أنكم قد حصلتم على أعلى الدرجات وانه ليس من بينكم إلا من هو حاصل على درجة الماجستير أو دبلوم عام في العلوم القانونية ، وان يكون قد حصل على الليسانس بدرجة جيد جدا " .

 ثم ينالون في النهاية شرف الإنتماء إلى (مهنة حماية وإثبات حقوق الملكية العامة والخاصة لمصر والمصريين ) أنها " مهنة التوثيق والتسجيل " مهنة إسلامية مقدسة ورسالة نبيلة واعتبارا للأهمية البالغة لهذا العلم من العلوم الشريفة المقدسة " علم الشروط " - وفقا لعلوم الفقه الإسلامي - ، ونظرا لخطورته البالغة ، نجد الشارع الإلهي الحكيم قد خلد في القران الكريم أمدا وساقه في أطول آية في القران الكريم على الإطلاق وهو ما يعرف بدستور الموثقين (الكتاب بالعدل) ،وهو الأمر الشرعي الوارد في القران الكريم (الآية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة )  كما سيتم تناوله شرحا بالتفصيل فيما بعد بالأسانيد الشرعية .

 

ثانيا :- بجميع دول العالم اجمع بلا استثناء مهما كانت لغتها أو توجهاتها أو انتماءاتها أو سياساتها الخارجية والداخلية أو أصولها التشريعية ومدارسها وجذورها القانونية وعلى مر العصور المختلفة إلى الآن ، أن الأعضاء القائمين على التوثيق والتسجيل العقاري بها هم فقط من الحاصلين على أجازه الحقوق ( ليسانس الحقوق) ولا يوجد حاله مثل واحدة بأي مكان بالعالم وعلى مر التاريخ والعصور يناقض أو يخالف ما ذكر ، ويطلق عليهم بمصر قانونياً " الأعضاء الفنيين " ، ومهنياُ " الموثقين " وتبعا لصفة مأموري الضبط القضائي " – الضبطية القضائية - مأموري الشهر العقاري " ، ويطلق عليهم بدول المشرق العربي " كاتب بالعدل " وبدول المغرب العربي " الموثقين " وبفرنسا "Notaire" ، وبإيطاليا "Notaio" ، وبالمملكة المتحدة وبالولايات المتحدة الأمريكية "Notary"، ،وبإسبانيا "Notario" ، وبالبرتغال "Notário" ،وبتركيا "Noter" ،وبالدنمارك "Notarius" ، وبروسيا "нотариус" ، وبمالطا "Nutar" ، وبالنرويج "Notarius" ، وبهولندا "Notaris" ، و بفنلندا "Notaari" ، و بسلوفاكيا "Notár" ،

 فجميع دول العالم اجمع بلا استثناء أن الأعضاء القائمين على التوثيق والتسجيل العقاري هم فقط من القانونيين من الحاصلين على إجازة الحقوق ( ليسانس حقوق ) ، ودولياً 90% منهم مهنة حرة مستقلة تتبع وزير العدل كالمحاماة عدا مصر ودول الخليج العربي ، وأغلبهم  قد أشتغل بالمحاماة قبل أن يكون موثقاً ، كما هو الحال بمعظم دول العالم ومنها مصر وبعضهم مارس المحاماة أو القضاء  كشرطاً رئيسياً لممارسة المهنة، كفرنسا ،واليابان ، والكوريتين ، واتحاد البوسنة والهرسك ، وصربيا و...الخ .

 

ثالثا: -              أوجه التشابه والاختلاف بين العضو القانوني (الفني)

 وباقي فئات العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق

 

يدفعنا الحديث هنا الى ترسيخ وتأكيد أكثر على الطبيعة القضائية واستبعاد وإقصاء الطبيعة الإدارية لعمل العضو القانوني (العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق) من خلال توضيح اختلاف المركز القانوني شكلا وموضوعاً وإجرائياً بين الأعضاء القانونيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وبين باقي فئات العاملين بالمصلحة كافة ومن بينهم مقدري ومحصلي الرسوم (الماليين) ومهندسي الشبكات والحاسب الالي والمساحة، والإداريون والكتبة، وغيرهم.

حيث يتشابه (العضو الفني) مع باقي العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق في كونهم جميعاً موظفين عموميين يخضعون لقانون الخدمة المدنية، ويختلفون في المركز القانوني وطبيعة العمل، وفقا للبنود العشرين التالية: -

1 - اختلاف المجموعة النوعية الوظيفية بين الأعضاء القانونيون ، وباقي العاملين بالمصلحة  فالأعضاء القانونيون هم من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون ويندرجون تحت المجموعة النوعية لوظائف القانون (باحثي القانون) ، بينما مقدري الرسوم (الاداريون) وهم من الحاصلين على بكالوريوس التجارة أو أي مؤهل مناسب ويندرجون تحت المجموعة النوعية لوظائف (شعبة التمويل والمحاسبة) ووظيفتهم تقدير وتحصيل الرسوم وأعمال الحسابات والموازنة بالوحدات الحسابية والإدارات المالية .

2-            أداء وحلف اليمين القانونية (القسم) أمام السيد وزير العدل المصري قبل مباشرة الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري والتوثيق لمهام وظائفهم القانونية قاصر فقط على الأعضاء الفنيين دون سواهم من الموظفين الإداريين نظرا لخطورة وجسامه أعمالهم وذلك مطابق ومطبق شكلا وموضوعا لأداء القسم القانونية من جميع أعضاء الهيئات القضائية لذات القسم أمام السيد وزير العدل قبل مباشرة أعمالهم القانونية، وهم فقط من الأعضاء الفنيين ودون سواهم من باقي العاملين الإداريين في كافة بالهيئات القضائية.

3-            يقصد بمصطلح " العضو الفني " الوارد في المادة 199 من دستور مصر 2014 ، ووفقاُ لضوابط جلسات لجنة الخمسين أثناء مناقشته ولجنة المراجعة قبل إقراره ، والثابتة بمحاضر اجتماع لجنة الخمسين ، ووفقاً و بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 فقط هم الأعضاء القانونيين (الموثقين) من الحاصلين على ليسانس الحقوق ، وهي مترادفات لمهنة واحدة ، ومن سواهم هم معاونين لهم (موظفون إداريون)، حيث إن الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هم فقط الأعضاء القانونيين من الحاصلين على ليسانس الحقوق والشريعة والقانون والمندرجين تحت المجموعة النوعية لوظائف القانون ، وهم وحدهم المنوط بهم حصريا دون غيرهم طبقاً للقانون توثيق وتسجيل وتحقيق وصياغة وتحرير وقيد المحررات والعقود بكافة أنواعها وفقاً لأحكام الدستور و القانون ويكون العضو الفني مسئولاً جنائيا ومدنياً وإدارياً عن توفير الحماية والمراجعة القانونية الكاملة شكلاً وموضوعاً لكافة أنواع المحررات والعقود الخاصة بالمصريين والأجانب على حدا السواء وحتى التي تملكها الدولة ،أيا كان نوعها المقدمة إليه لتوثيقها أو شهرها أو صياغتها أو تحريرها وفقا لأحكام الدستور والقانون لإكسابها ومنحها الرسمية كسند تنفيذي و الحجية الثبوتية المطلقة ليس فقط بين أطرافها بل و أمام الغير وحتى أمام القضاء ، فهم فئة قانونية من طليعة خريجي " كليات الحقوق " أو " الشريعة والقانون " بالجامعات المصرية ونوابغ وأوائل دفعاتهم الحاصلين على ليسانس الحقوق بدرجة جيد جدا ، والذين اجتازوا الاختبارات المطلوبة الشفهية والتحريرية واختبارات الذكاء واللباقة وحسن المظهر، وتقريبا حوالي 95% منهم اشتغلوا بـمهنة "المحاماة " قبل التحاقهم بالعمل الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ،ومقيدين الآن بجدول غير المشتغلين بنقابة المحامين وحوالي 70% منهم من الحاصلين على درجة "الماجستير" في العلوم القانونية و 20% منهم من الحاصلين على درجة "الدكتوراه "في القانون و 30%  منهم مسجلين الآن بكليات الحقوق كباحثين أكاديميين لنيل درجة "الدكتوراه "في القانون وذلك بخلاف انتقائهم من أفضل الأسر والعائلات التي لا يشوبها شائبة ،وهذا ما يؤكده كلمة السيد المستشار /محمود أبو الليل راشد وزير العدل الأسبق – رحمة الله – خلال مراسم حلف اليمين القانونية " أداء القسم " بديوان عام وزارة العدل بتاريخ 12 مارس 2006 من السادة الأعضاء الفنيين دفعة 2005 الآتي نصه :- " فلكم دوركم الكبير والغير مسبوق في دعم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وقد جئتم نتاج جهد كبير لاختيار أفضل ممن تقدموا لشغل هذه الوظائف ومن خلال قواعد موضوعية محددة ولم يذكي اختيار كلا منكم ألا تفوقه العلمي وقد حرصت على التحقق بنفسي من أنكم قد حصلتم على أعلى الدرجات وانه ليس من بينكم إلا من هو حاصل على درجة الماجستير أو دبلوم عام في العلوم القانونية ، وان يكون قد حصل على الليسانس بدرجة جيد جدا"

 ثم ينالون في النهاية شرف الانتماء إلى (مهنة حماية حقوق الملكية العامة والخاصة لمصر والمصريين ) أنها " مهنة التوثيق والتسجيل " مهنة إسلامية مقدسة ورسالة نبيلة واعتبارا للأهمية البالغة لهذا العلم من العلوم الشريفة المقدسة " علم الشروط " - وفقاً لعلوم الفقه الإسلامي - ، ونظراُ لخطورته البالغة نجد الشارع الإلهي الحكيم قد خلد في القران الكريم أمداً وساقه في أطول آية في القران الكريم على الإطلاق ،وهو ما يعرف بدستور الموثقين (الكتاب بالعدل) ،وهو الأمر الشرعي الوارد في القران الكريم (الآية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة )  .

4-            لا يجوز للعضو الفني (الموثق) أن يباشر أي أجراء أياً كان سواء توثيق أو شهر لأي محرر أو عقد يخصه شخصياً أو يخص أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة، ويقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل ما يخالف ذلك، ويخضع فوراً للمساءلة القانونية عند مخالفة ذلك .... كما هو الحال للسادة أعضاء الهيئات القضائية وذلك لهدف عظيم وهو الحفاظ على حياده ونزاهته وشفافية عمله والتجرد الكامل أثناء مباشرة عمله القانوني في توثيق وتسجيل المحررات والعقود ومدى خطورة وجسامه هذا العمل لتعلقه بحقوق الملكية للدولة والمواطنين .

في حين انه يجوز لباقي العاملين بالمصلحة جميعهم ومن بينهم مقدري الرسوم (الإداريون أو الماليون) مباشرة أعمال وظائفهم أياً كانت لأقاربهم أيا كانت درجة القرابة بل وأيضا لأبعد من ذلك أنهم يجوز لهم مباشرة وأجراء تقدير أو تحصيل للرسوم لمحرر أو عقد يخصه شخصياً.

وذلك يستند قانوناً للمادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم68 لسنه 1947 ( ) نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن في صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة "

وكذلك طبقا للمادة (29) من تعليمات الشهر العقاري والتوثيق الطبعة الثالثة 2001صفحة291 الصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( ) نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر أو التصديق على توقيعات أصحاب الشأن فه يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن فيه صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة "

وهذا إن دل على شيء فانه يدل على أن طبيعة عمل مقدري الرسوم هو عمل إداري بحت خاص بتقدير وتحصيل الرسوم ليس إلا إلى جانب أعمال حسابات المرتبات والأجور والمستحقات المالية للعاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق داخل الوحدات الحسابية بالشهر العقاري مثلهم كذات الفئة الوظيفية المالية الموجودة بجميع المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة ، ولا يرتبط عملهم بأي بحث وتحقيق قانوني أو خطورة أو جسامه أو أهمية تتعلق بالاختصاص الأصيل لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والمتمثل في  حماية حقوق الملكية العامة أو الخاصة والعقارية منها أو المنقولة وللدولة أو للمواطنين ولا يمس أو يشترك أو يناظر مع الطبيعة القضائية والقانونية الخطيرة لعمل العضو الفني بشيء لا من قريب ولا من بعيد ولا شكلا ولا موضوعا .

5-            يجوز طبقاً للقانون للعضو الفني رفض أو إيقاف توثيق أو تسجيل محرر ووضع القانون قواعد وإجراءات شكلية وموضوعية لهذا الرفض القانوني المسبب أو الإيقاف الرسمي ويجوز الطعن في قرار الرفض أمام قاضي الأمور الوقتية ، وذلك طبقا للمادة السادسة من القانون رقم 67 لسنه 1947 فقد نصت على أن :- " إذا أتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو الرضا أو الصفات أو السلطات لدى المتعاقدين أو عدم توافر الشروط المبينة في الفقرة الثانية من المادة ( 5 ) أو إذا كان المحرر المطلوب توثيقه ظاهر البطلان وجب على الموثق أن يرفض التوثيق وأخطار ذوي الشأن بالرفض بكتاب موصى عليه ويوضح فيه أسباب الرفض."

وكذلك المادة السابعة من ذات القانون قد نصت على أن: -" لمن رفض توثيق محرره أن يتظلم إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التي يقع مكتب التوثيق في دائرتها وذلك في خلال عشرة أيام من إبلاغ الرفض إليه. وله أن يطعن في القرار الذي يصدره أمام غرفه المشورة بالمحكمة الابتدائية وقرار القاضي أو غرفه المشورة لا يحوز قوة الشيء المقضي به في موضوع المحرر. "

في حين لا يجوز قانوناً لمقدر الرسوم رفض أو إيقاف تقدير الرسوم بأي حال من الأحوال مادام قد اشر عليها العضو الفني بالموافقة الفنية بعبارة " يقبل الرسم " ولم ينظم القانون بأي صورة من الصور ذلك ، ما يدل أنه ليس هناك أي آلية تذكر لرفض تقدير الرسوم لأي محرر أو عقد وألا كان تصرف مقدر الرسوم هو الامتناع عن أداء عمله و الامتناع عن أمر إداري من العضو الفني بتقدير الرسوم وفي هذه الحالة يقع تحت طائلة القانون ويجوز حينها للعضو الفني تقدير الرسوم بنفسه بينما لا يجوز العكس .

6-            ألزم القانون الأعضاء الفنيين بدائرة اختصاص مكاني و نوعي عند ممارسة عملهم القانوني من توثيق وتسجيل وشهر المحررات والعقود ويقع باطلا أي مخالفه لذلك كما هو الحال في السادة أعضاء الهيئات القضائية والسادة مأموري الضبط القضائي ويتحول المحرر الموثق أو المشهر الذي تم بالمخالفة لذلك وبقوة القانون إلى ورقه عرفيه لا قيمة لها واعتماد العضو الفني لها وتوقيعه عليها هو وأطرافها لا يعتد به ويتحول العضو الفني إلى شخص عادي وليس مختصا رسميا بها.

وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الإثبات رقم 25 لسنه 1968 والمعدل بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون رقم 18 لسنة 1999 والتي نصت على أن: -" فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة الرسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوي الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم." ( )

وكذلك طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 68 لسنه 1947 والتي نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر عمله إلا في دائرة اختصاصه."

 ، في حين لا ينطبق هذا الحظر والاختصاص المكاني والنوعي على باقي العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ومن بينهم مقدري الرسوم (الاداريون أو الماليون) حيث يجوز طبقا للقانون بأي مكان أو مكتب أو مأموريه معينة وإتمام إجراءات توثيقها أو تسجيلها في مكتب أخر تابع لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، و يتضح ذلك جلياً أكثر عندما يتم سداد الرسوم المقررة آلياً إلكترونيا بنظام الدفع المسبق عبر بوابة مصر الرقمية ، أو أياً من التطبيقات الإلكترونية للدفع الإلكتروني ، أو بموجب حوالة بريدية نقدية من خلال أي مكتب بريد من مكاتب البريد بكل أرجاء الجمهورية المنتشرة بكل مكان ، وكما هو الحال بمعظم الجهات الحكومية ، و كذلك عندما يتم سداد الرسوم لمحرر أو عقد موثق في احد المكاتب ويوقع عليه احد الأطراف في حين يوقع عليه باقي الأطراف بمكاتب توثيق أخرى مختلفة بأماكن مختلفة  وعلى ذات الرسوم المسددة بأول مكتب توثيق ودون إعادة سدادها مرة أخرى .

7-            جميع دول العالم اجمع بلا استثناء أن الأعضاء القائمين على التوثيق والتسجيل العقاري بها هم فقط من الحاصلين على أجازه الحقوق (القانون) ولا يوجد حاله مثل واحدة بأي مكان بالعالم وعلى مر التاريخ والعصور يناقض أو يخالف ما ذكر.

8-            المحرر أو العقد الموثق أو المشهر بدون رسوم لا يقع باطلاً بل يستوجب المطالبة قانونيا برسومه المستحقة للدولة ويخضع حينها العضو الفني للمُسائلة التأديبية وتضامنه مع أطراف العقد في سداد الرسوم المستحقة.

في حين أن أي محرر أو عقد لم يخضع لمراجعه وبحث وتحقيق العضو الفني ولم يزيل باعتماده وبتوقيعه عليه بعد المراجعة والبحث القانوني ولو حتى قد تم تقدير أو سداد رسومه كلها أو بعضها سواء إلكترونياً أو يدوياً، يكون المحرر حينها ورقة عرفيه لا قيمة لها ولا تتعلق بالرسمية بأي شيء لا من قريب ولا من بعيد.

وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الإثبات رقم 25 لسنه 1968 والمعدل بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون رقم 18 لسنة 1999 والتي نصت على أن: -" فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة الرسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوي الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم." ( )

9-            الأعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق هم المنوط بهم حصرياً توثيق وتسجيل كافة انواع العقود والمحررات ومسئولين عنها شكلاً وموضوعاً وجنائياً ومدنياً وإدارياً ولا يسأل عنها أياً من باقي العاملين بالمصلحة ولا تزيل إلا بتوقيع العضو القانوني المسئول عن توثيقها او تسجيلها. واللجان القضائية بالسجل العيني احد أعضائها عضو قانوني (فني)، وليس من بينها مقدر رسوم (إداري أو مالي) وذلك طبقا للمادة (21) من قانون السجل العيني رقم 142 لسنه 1964 ( ) نصت على أن: -" تشكل في كل قسم مساحي " لجنة قضائية " برئاسة رئيس محكمة ابتدائية وعضوية اثنين من موظفي المصلحة أحدهما قانوني والثاني هندسي، وتختص هذه اللجنة دون غيرها بالنظر في جميع الدعاوى والطلبات التي ترفع خلال السنة الأولى بعد العمل بهذا القانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني، ويصدر بتعيين أعضائها ولائحة إجراءاتها قرار من وزير العدل "

وكذلك طبقاً للمادة رقم (25) من ذات القانون نصت على أن: -" لا تستحق رسوم على الدعاوى والطلبات التي ترفع إلى اللجنة على انه إذا تبين للجنة أن طلب إجراء التغيير يستر تصرفاً جديداً يراد به التهرب من أداء الرسوم المستحقة عنه ضمنت قراراها إداء الرسوم المستحقة وفقا للقوانين المعمول بها ولا ينفذ قراراها إلا بعد أداء هذه الرسوم، كما يستحق عند استئناف الأحكام الصادرة من اللجنة الرسوم المستحقة أصلاً عن الدعاوى الابتدائية وترد الرسوم كلها أو بعضها عند الحكم المستأنف."

حيث نلاحظ في هاتان المادتان من قانون السجل العيني رقم 142 لسنه 1964بوضوح أن أعضاء اللجنة القضائية احد أعضائها " عضو قانوني (عضو فني) "  وليس من بين أعضائها أي مقدر رسوم أو محصل رسوم (عضو إداري أو مالي ) بل وحتى إلا أبعد من ذلك من أن الأصل في هذه الدعاوي إنها معفاة من الرسوم ولا تستحق عنها رسوم طبقا لصريح القانون ولا دور يذكر هنا أو وجود قانوني أو مادي لمقدري ومحصلي الرسوم ( الإداريون أو الماليين ) ، بل والأبعد و الأبعد من ذلك ، انه حتى في حالات اكتشاف واقعة تهرب من الرسوم من العضو القانوني ( الفني ) طبقاً للاختصاص القانوني الحصري للعضو الفني بصفة الضبط القضائي في جرائم التهرب من الرسوم ومع ذلك يصدر القرار القضائي من اللجنة القضائية ، ولكنه معلق على شرط في تنفيذه وهو سداد الرسوم المستحقة للدولة ، حيث منح القانون الضبطية القضائية للعضو الفني في جرائم التهرب من الرسوم في العقود والمحررات المقدمة لتوثيقها أو تسجيلها واختصها حصريا فقط للعضو الفني دون غيره من العاملين بالشهر العقاري والتوثيق أجمعين حيث للعضو الفني صفه ( مأمور الضبط  القضائي ) في جريمة التهرب من رسوم الشـــــهر العقاري والتوثيق  وذلك طبقا للمادة رقم  35 من القانون رقم70 لسنه 1964 الخاص برسوم الشهر وكذلك طبقا لقرار وزير العدل رقم 352 لسنه 1972 ( )والمستند قانونيا وجذريا إلى المادة رقم ( 23 ) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950والمعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003م 

في حين منعها وحجبها عن باقي العاملين بالمصلحة ومن بينهم مقدري الرسوم (الإداريون) أو ( الماليين) وهذا يدل على تبعيتهم إشرافياً وإدارياً للعضو الفني بالنسبة لأعمالهم من تقدير وتحصيل الرسوم فهم معاونين وتابعين للعضو الفني بصفتهم موظفين إداريون وان دورهم الوظيفي مقتصر فقط على تطبيق جدول الرسوم من تقدير وتحصيل ولا يتطلب عملهم أي جانب من الحيدة أو الاستقلال أو البحث القانوني والفني من متطلبات وضوابط وشروط العمل القضائي في اللجان القضائية  ، فهم يقدرون الرسوم وفقا للجدول المقرر لذلك والمكون من ورقتان من وجهان  وبدون مجال لمجهود يذكر ،ومن هنا يبدأ دور العضو الفني في تحري الدقة والبحث الشكلي والموضوعي  لكشف حالات التهرب من الرسوم المستحقة عند ذكر مبالغ صورية أو وهمية أو تصرفات عقارية مستترة تعكس تهرب أطراف المحرر أو العقد من سداد الرسوم المستحقة عنها للدولة عن هذه التصرفات المستترة.

10-         جميع الوظائف القيادية والرئاسية والإشرافية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق منذ نشأته يتولاها أعضاء (قانونيين) فنيين فقط نظراً لطبيعة عمل الشهر العقاري القانونية البحتة والتي تعتمد كلياً شكلاً وموضوعاً على البحث القانوني وتطبيق كافه فروع القانون على كافة أنواع المحررات والعقود المقدمة لتوثيقها أو تسجيلها حيث نصت المادة الثانية من الباب الأول التمهيدي من القانون رقم (5) لسنه 1964 والخاص بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( ) نصت على أن :- " يكون الأمين العام لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق رئيساً للمصلحة ،والأمين العام المساعد وكيلاً لها " ومن المعروف والمؤكد طبقا للقانون وبطاقات الوصف المعتمدة للوظائف القيادية العليا وشروط شغلها أنهما دوماً وأبداً منذ إنشاء الشهر العقاري عام 1946م من " الأعضاء الفنيين " فقط  من الحاصلين على ليسانس الحقوق وأيضاً من أمثله ذلك على سبيل المثال لا الحصر رؤساء مأموريات الشهر أو مكاتب التوثيق

فهناك بطاقة وصف لتلك الوظيفة كالوظائف الأخرى بالمصلحة تتضمن شروطاً وضوابط معينه للتعيين بها وهي إحدى وظائف المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا ومن مطالب تأهيل وشغل تلك الوظيفة أن يكون شاغلها حاصل على ليسانس الحقوق وما يعادله (شريعة وقانون) كما تتطلب قضاء من يتولاها مده قدرها 16 عام بالعمل بمجموعه وظائف القانون (عضو فني) وبناء على ما تقدم فلا يصلح لشغلها إلا العضو الفني فقط (العضو القانوني) وهذا هو تطبيق صريح القانون والمنطق والواقع العملي وليس اجتهاداً أو تحريفاً للقانون.

11-         جميع أعمال وإجراءات الشهر العقاري من توثيق وتسجيل وقيد المحررات والعقود تبدأ وتنتهي عند العضو الفني (العضو القانوني)  ولا يستطيع مقدري الرسوم (الإداريين / الماليين) بدء عمله من تقدير أي رسم أو تحصيله إلا بعد البحث الفني والقانوني من العضو الفني (الموثق) للمحرر أياً كان نوعه وتحديد نوع الإجراء المطلوب توثيقه أو تسجيله وبعد مراجعته قانونيا شكلاً وموضوعاً من العضو الفني وتحري الدقة المطلقة والمسئولة منه مدنياً وجنائياً ومدى مطابقة المحرر أو العقد للدستور والقوانين والنظام العام والآداب والتعليمات المنظمة للعمل وتحديد القوانين التي يخضع لها هذا المحرر أو العقد والشروع في تنفيذها وتطبيق شروطها وضوابطها كل ذلك متزامناً مع التأكد من الشخصية والصفة والسلطة والإرادة والأهلية والرضا لأطراف المحرر أو العقد فعمل العضو القانوني ( الفني ) هو عمل قانوني بحت يقوم به عضو فني من حملة ليسانس الحقوق بالجامعات المصرية يشترط به حلف اليمين أمام السيد وزير العدل قبل مباشرة مهامه كسائر الأعضاء الفنيين بجميع الجهات القضائية .

حيث يقوم بعدها العضو الفني ( الموثق ) في المرحلة الثانية من مراحل التوثيق والتسجيل بالتأشير على المحرر أو العقد المطلوب توثيقه أو تسجيله بالعبارة التالية " يقبل الرسم " ولا يستطيع ولا يملك ووفقاً للقانون والتعليمات أي مقدر رسوم تقدير رسم أو تحصيله لأي محرر أو عقد إلا بعد مراجعته قانونياً من العضو الفني شكلاً وموضوعاً والتأشير عليه بقبول الرسم ثم يعود المحرر أو العقد مرة أخرى للعضو الفني في المرحلة الثالثة والأخيرة بعد تقدير وسداد الرسوم المقررة ، لمراجعته قانونيا مرة أخرى كما سبق ذكره والتأكد من صحة تقدير وتحصيل الرسوم وفقاً للإيصال الدال على ذلك ، والبدء في إجراءات التوثيق أو التسجيل المعتادة وفقا للقانون وعند هذه المرحلة الثانية من مراحل التوثيق والتسجيل يبدأ وينتهي فقط دور ووظيفة مقدر الرسوم ومحصلها (الإداريون) كـ معاون للموثق ويقوم بعدها العضو الفني بالتأكد من تقدير الرسوم وفقا للقانون وان الرسوم قد تم سدادها بالكامل وفقا للقانون طبقا لما هو موضح بقسيمة السداد ، وتتم هذه الإجراءات يوميا آلاف المرات بكل مكاتب ومأموريات الشهر العقاري والتوثيق بكل أنحاء الجمهورية وطبقا للقانون والتعليمات المنظمة لذلك منذ نشأة الشهر العقاري إلى الآن حيث تبدأ الإجراءات وتنتهي عند العضو الفني وان عمل ودور مقدري الرسوم كأحد المراحل الإدارية المعاونة البحتة  لتقدير وتحصيل الرسوم المستحقة ليس إلا مثل جميع المصالح والجهات والهيئات الحكومية والغير حكومية وليس لهم أي علاقة لا من بعيد أو قريب بالبحث والمراجعة القانونية لأطراف وموضوع المحرر أو العقد المقدم من المواطنين لتوثيقه أو تسجيله ولا حتى يتحملون أية مسئولية قانونية (مدنياً وجنائياً وإدارياً) بالنسبة لقانونية وشرعية العقد أو المحرر ،وما سبق ذكره نظمت قواعده وضوابطه القانون والتعليمات والعشرات من المنشورات الفنية والكتب الدورية المنظمة للعمل بمكاتب ومأموريات الشهر العقاري والتوثيق منذ نشأته.

12-         من المعروف عملياً وقانونياً أن جميع أعضاء الهيئات القضائية واللجان والمكاتب الفنية بالهيئات القضائية كافة، والمكاتب الفنية لمكتب السيد المستشار وزير العدل والسادة المستشارين مساعدي السيد وزير العدل ومكاتبهم الفنية واللجان الفنية بوزارة العدل والهيئات القضائية، أعضائهم جميعهم يطلق عليهم " أعضاء فنيين " وهم من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون فقط.

وهذا ما يؤكده المادة رقم (21) من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 10 لسنه 1986 والتي نصت على أن: -" يجوز إعارة أعضاء هيئة القضايا لأعمال قانونية أو فنية بوزارات الحكومة أو مصالحها أو للهيئات الدولية وذل بقرار يصدر من وزير العدل بعد اخذ رأى المجلس الأعلى. كما يجوز ندب أعضاء هيئة قضايا الدولة مؤقتا لأعمال أخرى قانونية أو فنية غير عملهم أو بالإضافة إلى عملهم وذلك بقرار من وزير العدل بعد اخذ رأى المجلس الأعلى "

وكذلك المادة 34 من قانون هيئة النيابة الإدارية التي نصت على أن: -" يجوز أن يعين في الوظائف الفنية بالنيابة الإدارية رجال القضاء والنيابة وأعضاء مجلس الدولة والموظفون الفنيون بإدارة قضايا الدولة والمشتغلون بالتدريس في كليات الحقوق أو تدريس مادة القانون في الكليات الأخرى بالجامعات المصرية. ويكون تعيين هؤلاء في وظائف النيابة الإدارية المماثلة لوظائفهم أو التي تدخل درجات وظائفهم في حدود الدرجات في جهاتهم الأصلية. كما يجوز تعيين أعضاء النيابة الإدارية بالجهات المبينة في الفقرة السابقة إذا توافرت فيهم الشروط اللازمة للتعيين في تلك الوظائف ويكون تعيينهم في الوظائف المماثلة لوظائفهم أو التي تدخل درجات وظائفهم في حدود الدرجات المالية لتلك الوظائف أو التي تلي مباشرة درجات وظائفهم."

أيضا وبالرجوع للمرسوم بقانون المنشور في الوقائع المصرية العدد 91 في 18 سبتمبر 1950 نجد انه ذكر في مادته الأولى " يعتبر عمل الموظفين المبينين فيما يلي نظيرا لعمل إدارة قضايا الحكومة: ........................ الخ "

كما أوضح ذات المرسوم بقانون بجلاء في مادته الثانية المقصود بالموظف الفني حيث نص في مادته الثانية "يقصد بالموظفين الفنيين في حكم هذا المرسوم الموظفون المشتغلون فعلاً وبصفة أصلية بالقانون على أن يكون ذلك ثابتاً بوجه رسمي من واقع ملف خدمتهم ومن وقت اشتغالهم بهذا العمل ".

 ويؤكد ذلك أيضا المرسوم بقانون الخاص بتعيين ما يعتبر نظيراً لأعمال مجلس الدولة الفنية والمنشور بالوقائع المصرية بالعدد 91 في 18 سبتمبر سنة 1950.

 كما جاء بحكم القضاء الإداري 1181 لسنة 6 ق ما نصه " يجوز تعيين الموظفين الفنيين في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق قضــاة من الدرجة الثانية أو الدرجة الأولى متى استوفوا المدد المبينة ... "

مما يدل على أن العضو الفني في مصلحة الشهر العقاري لابد أن يكون له ذات مؤهل القاضي مشتغلاً بعمل نظير له حتى يمكن تعيينه قاضياً.

 وقد صدر بشأن اعتبار العمل الفني بمصلحة الشهر العقاري نظيراً للعمل القضائي المرسومان الملكيان الصادران في 13 ، 14 سبتمبر 1950 ، وقرار وزير العدل 1323 لسنة 1973 ، وقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية في 17/10/1973 وقد أكدت هذه القرارات على وجوب حصول من يعتبر نظيراً للقضاة على إجازة الحقوق ، وهو ما يتوفر في الأعضاء القانونيين دون الماليين .وقد نصت المواد 39 وما بعدها من قانون السلطة القضائية على " أن يعين القضاة من الهيئات الآتية : ... أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي يصدر من المجلس الأعلى للهيئات القضائية نظيراً للعمل القضائي ... "

13-         في جميع المكاتب المميكنة بالشهر العقاري والتوثيق يتم تقدير الرسوم آليا والكترونيا بدون تدخل من أي عنصر بشري ودون مجهود يذكر من خلال برنامج الميكنة الالكترونية لأعمال التوثيق والشهر العقاري من خلال جهاز الكمبيوتر (الحاسب الآلي)، بعكس دور العضو القانوني الجوهري والحيوي في الإصدار النهائي للمحرر المميكن الالكتروني والذي لا غنى عنه أبدا مهما تطورت التكنولوجيا أو تعقدت دورتها الالكترونية فدورة القانوني معروف منذ قديم الأذل وبكل دول العالم اجمع من حيث البحث الفني والقانوني للمحرر أيا كان نوعه ونوع الأجراء المطلوب وتحري الدقة الكاملة ومدى مطابقته للقوانين والتعليمات والشريعة الإسلامية والنظام العام والآداب وذلك متزامنا مع التأكد من الشخصية والصفة والسلطة والإرادة والأهلية والرضا لأطراف المحرر المطلوب توثيقه أو تسجيله ، والتي يجب ان يحضر المتعاقد بنفسه للتأكد مما سبق قبل التوقيع واستلامه المحرر .

14-         جميع دول العالم بلا استثناء لا يوجد بها أي وجود أو دور لما يسمى مقدر الرسوم وان الذي يقوم بتقدير الرسوم لبساطتها وسهولتها هو العضو الفني ( الموثق ) بنفسه ووفقاً لجداول الرسوم المحددة سلفاً من وزارة العدل التابعة لهذه الدولة إلى جوار عمله الفني الأساسي في البحث والمراجعة القانونية للعقود والمحررات ، وهذا يتضح جلياً من المادة الثالثة والثلاثون من القانون العربي الموحد الاسترشادي للكتاب بالعدل (الموثقين) الصادر عن المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ومقرة بيروت و التابع لجامعة الدول العربية (Centre Arabe de Recherches Juridiques et Judiciaires) خلال توجيهات مجلس وزراء العدل العرب في توحيد التشريعات العربية في ضوء القرار رقم (734) الصادر عن الدورة الثالثة والعشرون المنعقدة في القاهرة بتاريخ 28/11/2007 القاضي بتشكيل لجنة مؤلفة من خبراء القانون في معظم الدول العربية والأمانة الفنّية لمجلس وزراء العدل العرب التابعة لجامعة الدول العربية فقد نصت هذه المادة الثالثة والثلاثون من القانون العربي الاسترشادي الموحد رقم 860 – د 26 بتاريخ 20 / 12 / 2010 على أن :- "تخضع الرسوم المالية التي يستوفيها الكاتب بالعدل (الموثق) لأحكام القوانين النافذة في كل دولة."

ويظهر هذا الأمر أكثر بوضوح مطلق لا يقبل الطعن عليه في أن  جميع المحررات الموثقة خارج القطر المصري أياً كانت سواء بالدول العربية أو الدول الأجنبية والمحررات الموثقة بالسفارات والقنصليات المصرية بالخارج والمعتمدة من السفير أو القنصل المصري بالخارج بنفسه والمحررة باللغة العربية أو حتى المحررة بلغة أجنبية ومترجمة للعربية أو المودعة رسميا لدينا بمكاتب التوثيق المصرية من اجل حفظها وحمايتها ، جميع هذه المحررات الأجنبية والعربية بالكامل لا يوجد عليها أي دور يذكر أو وجود كتابي شكلاً وموضوعاً لما يسمى مقدر رسوم بل جميعها بالكامل من قدر رسومها هو الموثق بنفسه أو السفير أو القنصل المصري بنفسه – حسب الأحوال - وخضعت جميعها لرسم موحد مبسط ولا توجد حالة مثل واحدة تناقض ما ذكر ، وجميع دول العالم تتعامل مع رسوم التوثيق أو التسجيل العقاري من خلال جدول للرسوم المستحقة للدولة محدد ومعد مسبقا بقرار من وزير العدل بها ، تم تحويلها حالياً للتقدير الآلي الإلكتروني بالدفع المسبق عبر بوابة مصر الرقمية ، ووفقا لدراسة اقتصادية معينة تشجع المواطنين وتضمن لهم سهولة الحصول على توثيق وتسجيل محرراتهم وعقودهم دون تعقيد أو رسوم غير واقعية ، حيث تتبع مصر مؤخراً ومعظم دول العالم لنظام سهل وميسر لتقدير وتحصيل رسوم التوثيق أو التسجيل العقاري ومنها على سبيل المثال لا الحصر (الدفع الإلكتروني ) - ( الرسم الموحد ) - ( الطوابع ) – ( الفيزا كارت) ، وجميع دول العالم اجمع من يقوم بتقدير الرسوم ومراجعتها هو الموثق بنفسه ولا يوجد أي دور أو مكان لما يسمى مقدري الرسوم (الإداريون) وتتجه الدولة المصرية الآن تقريباً منذ عام 2006 إلى الآن نحو إلغاء الرسم النسبي والقائمين على تطبيقه والذي كان له بالغ الأثر السلبي في استياء المواطنين في العزوف عن توثيق وتسجيل المحررات والعقود الخاصة بهم ، بل ولأبعد من ذلك أن هناك بعض الدول تقوم بإعفاء العقود من الرسوم كلياً لفترة زمنيه معينه قد تمتد إلى ثلاثة شهور متصلة لتشجيع مواطنيها ودفعهم على تسجيل وتوثيق عقودهم دعماً لاستقرار الملكية العقارية بها ومن هذه الدول على سبيل المثال المملكة العربية السعودية ، ودول أخرى تقرر رسماً موحداً أياً كان نوع العقد أو المحرر كـ دولة السودان والتي تقرر رسماً وقدرة (ثلاث جنيهات سودانية) أياً كان نوع العقد أو المحرر ، لتشجيع المواطنين على توثيق وتسجيل عقودهم والقضاء على ظاهرة العقود العرفية  .

15-         جميع الجهات والهيئات والمصالح الحكومية القضائية منها والغير قضائية جميعها تتضمن إدارة للشئون المالية والإدارية ووحدات حسابية لمرتبات وأجور أعضائها وموظفيها ولم نسمع يوما أن أعضاء هذه الإدارة المالية أو الإدارية أو الوحدة الحسابية يطالبون بالمساواة بالأعضاء الفنيين القائمين على العمل الجوهري بهذه الجهات.

فلم نسمع يوما أن مقدر أو محصل للرسوم أو محاسب بإحدى المستشفيات الحكومية أو الغير حكومية طالب يوما بان يكون مديراً للمستشفى أو طالب بأن يقوم بنفسه بالكشف على المرضى أو أجراء العمليات الجراحية، ولم نسمع يوما بان أحد المحاسبين أو موظفي الوحدات الحسابية مثلا بوزارة الداخلية أو بمديرية الأمن أن طالب يوما بان يكون ضابط شرطة أو مأمور قسم شرطة أو مدير أمن أو وزيرا للداخلية فهذا طبعا حديث غير معقول ولا منطقيا.

ولم نسمع يوما بان احد مقدري الرسوم بالمحاكم طالب أو ادعى بان طبيعة عمله متساوية ومتحدة في المركز القانوني مع القضاة أو أعضاء الهيئات القضائية وطالب بان يكون قاضياً أو عضو هيئة قضائية ، فلكل منا عمله ووظيفته ومسئوليته كلاً في مكانة وموقعة ومتساوون أمام القانون وفقاً لطبيعة عمل كلا منا فكلنا نمارس عملنا داخل دائرة من الحقوق والالتزامات يقابلهما خطورة ومسئوليات معينه ومصلحة عامة هي التي تفرز وتقرر اختلاف المراكز القانونية ففعلاً الجميع متساوون أمام القانون لكن هناك اختلاف عند تطبيق القانون على أعمال ومهام كلاً منا تبعاً لجسامه وأهمية وطبيعة واختصاصات  العمل أو الأجراء المنوط به إتمامه وفقا لقواعد قانونية وموضوعية وإجرائية معينه.

16-         جميع العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق تخضع كافه اعمالهم لمراجعة وتفتيش الاعضاء القانونيون والعكس غير صحيح لأنهم معاونين للأعضاء القانونيون ، و مقدري الرسوم ( الإداريون ) تخضع أعمالهم لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات إلى جانب رقابة وتفتيش جهاز التفتيش الفني بالمصلحة وهل تمت وفقاً لجدول الرسوم أم أن هناك تجاوز أو نقصان أو تقصير أو رعونة ، بينما العمل الفني القانوني للأعضاء الفنيين (القانونيين) لا يخضع لرقابه الجهاز المركزي للمحاسبات المالية بما إن دورة الأساسي هو الرقابة والتفتيش المالي على أموال الدولة المستحقة (الرسوم) ،ويخضع العمل الفني (القانوني) للأعضاء الفنيين فقط لجهاز التفتيش الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والمنشأ بموجب المادة التاسعة من قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم (5) لسنة 1964 ( )والتي نصت على أن :- " تنشأ بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( إدارة التفتيش الفني ) على أعمال أعضاء المصلحة وموظفيها الإداريين وتتألف من مدير في الدرجة الأولى على الأقل وعدد كاف من الأعضاء ...........الخ "

وكذلك طبقا للقرار الوزاري رقم216لسنه1966 بشأن لائحة تنظيم جهاز التفتيش الفني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

17-         هناك العديد من العقود والمحررات الموثقة والمشهرة معفاة من الرسوم طبقا للقانون وخاصة التي يكون احد أطرافها جهة حكومية أو عامه ، وبالتالي ليس هناك دور يذكر لمقدري الرسوم في حين أنها أولاً وأخيراً وفي جميع الحالات  يجب أن تخضع للبحث والمراجعة القانونية شكلاً وموضوعاً من العضو القانوني لإنهاء توثيقها أو تسجيلها ، ومنها عقود الهبة والوقف لصالح احد جهات الدولة العامة ، وكان أخرها  على سبيل المثال لا الحصر التصديق على إقرارات التأييد الرئاسية من المواطنين لمرشحي رئاسة الجمهورية 2012 ، 2014 ،2018 والمعفاة جميعها من الرسوم طبقاً للقانون ، وكان ومازال المسئول عن توثيقها الموثق منفرداً .

18-         عند امتناع أو غياب مقدر الرسوم بمكاتب ومأموريات الشهر العقاري والتوثيق عند تقدير رسوم أي محرر أو عقد يجوز للعضو الفني القيام بعمل مقدر ومحصل الرسوم لعلاج الأمر حرصا على مصالح المواطنين، وأصبح الوضع حالياً في جميع مكاتب الشهر العقاري المميكنة، لا وجود لموظف تقدير الرسوم، حيث يتم تقدير وسداد الرسوم آلياً إلكترونياً، 

بينما لا يجوز العكس، أي لا يجوز قانونا لمقدر الرسوم القيام بتوثيق أو تسجيل أي محرر أو عقد في حال غياب أو الرفض القانوني من العضو الفني مهما كانت الأسباب أو الدوافع وإلا وقع تحت طائلة القانون وانتحل شخصية قانونية بدون وجه حق ويعد ما قام به من إجراءات في المحررات والعقود والدفاتر الرسمية تزويراً في محرر رسمي يعاقب عليه القانون ويكون المحرر حينها ورقة عرفية لا قيمة لها في الحجية أو الإثبات.

وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الإثبات رقم 25 لسنه 1968 والمعدل بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون رقم 18 لسنة 1999 والتي نصت على أن: -" فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة الرسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوي الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم." ( )

19-         جميع المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية المعنية بالتوثيق والتسجيل العقاري أعضائها فقط من الأعضاء القانونيون ( ) .

17-         لائحة الرسوم وفقاً لقانون الرسوم الجديد رقم83 لسنه2006 والخاص بتعديل أحكام القرار بقانون رقم70 لسنه1964 بشان رسوم التوثيق والشهر وقانون السجل العيني الصادر بقرار القانون رقم142لسنه1964 هذه اللائحة المالية هي عبارة عن ورقتان فقط كل ورقه من وجهان توضح بيان بتقدير الرسوم لكافه أنواع المحررات أو العقود المطلوب توثيقها أو تسجيلها يمكن لكل من يجيد القراءة والكتابة والحساب تنفيذها وتطبيقها بكل يسر وسهولة  على أي محرر أو عقد ولا يتطلب ذلك مؤهلا معين أو اختصاص وظيفي أو مهني معين وهذا هو ما  دعا وزارة العدل المصرية إلى رفعها ونشرها على شبكة الانترنت لتحميلها لكل من يريدها من المواطنين للاستعلام ولبيان الرسوم المقررة لأي محرر أو عقد مطلوب توثيقه أو تسجيله ( ) ، وهو ما تطلب التطوير حالياً وميكنة مكاتب الشهر العقاري ، في ظل نظام الشمول المالي والدفع الإلكتروني ، حيث يتم تقدير وتحصيل الرسوم آلياً إلكترونياً دون أي تدخل من أي عنصر بشري .

 

في حين أن المُراجعة والبحث القانوني للعقود والمحررات وإخضاعها للدستور والقانون من حيث التطبيق والشروط والضوابط الشكلية والموضوعية يجب أن يطبق من رجل قانون من خريجي كليات الحقوق كالقضاة والمحامين وهو العضو الفني بالشهر العقاري والتوثيق حيث مطالب وملزم قانونياً بالإلمام بكل دقة وتعمق بكافة أحكام و فروع القانون المختلفة لما يقرب من أكثر (70) قانوناً مختلفاً بداية من القانون المدني مروراً بقوانين الشهر العقاري المختلفة وبقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات والقانون التجاري والميراث والأحوال الشخصية والولاية على المال والنفس ، وقانون الميراث وقوانين مباشرة الحقوق السياسية ، والجنسية ، قوانين التعامل بالنقد الأجنبي ، قانون المرور ، قانون الأحوال المدنية ،قانون جوازات السفر ، قانون البناء الموحد ، قوانين الاستثمار والتمويل العقاري ، قانون التجارة البحرية ، قانون بيع المحال التجارية ، قانون بيع الصيدلية ، قوانين الشركات بأنواعها ،وكافة القوانين المتعلقة بالحقوق العينية والملكية العقارية والمنقولة والفكرية  ......... الخ من القوانين التي تنظم حقوق مصر والمصريين لما يتطلب طبيعة عمل العضو الفني القانونية من توثيق وتسجيل المئات من أنواع المحررات والعقود المسماة والغير مسماه والمستحدثة وفقاً لأحكام القانون.

 

والعضو الفني (الموثق) ملزم قانوناً بكتابه بيانات وتقدير الرسوم ومفرداتها وإجمالي قيمتها في الدفتر المخصص لتوثيق المحررات وبنفسه ، بينما لا يجوز لمقدر الرسوم القيام بهذا العمل فجميع البيانات الخاصة بالمحرر أو العقد والخاصة بأطراف العقد وموضوعه وقيمته ومفردات رسومه وأجمالي قيمة الرسوم وتوقيع جميع أطراف العقد أمام العضو الفني شخصياً بالدفاتر بكامل أرادتهم وأهليتهم ورضاهم وعلى مسئولية العضو الفني القانونية المطلقة مدنياً وجنائياً كل ذلك يتم من العضو الفني بنفسه شخصياً بينما لا يجوز لغيره من كافة العاملين بالمكتب أو المأمورية أياً كانوا كتابه أو أضافه أو تعديل أو كشط أو حذف  أو إلغاء أو خلافه من عمليات وإجراءات التوثيق وألا كانت واقعة تزوير في دفاتر رسمية يعاقب عليها القانون .

 

 

رابعاً :- الأعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق يشتركون مع أعضاء الهيئات القضائية

 

في العديد من العناصر على وجه شديد التطابق ويستحقون الاستقلال الكامل مثلهم مقترناً بالحماية والضمانات المقررة لنظرائهم من أعضاء الجهات القضائية وفقا للعناصر العشرة التالية: -

 العنصر الأول : طبيعة عمل الاعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق مناظرة لطبيعة عمل السادة أعضاء الهيئات القضائية من الناحية القضائية والقانونية فهم من النظراء للقضاة طبقا للقانون وأحكام القضاء والقرارات الوزارية وقرارات المجلس الاعلى للقضاء وطبيعة العمل الفنية  :-

1-            عملهم (نظير) لعمل (قاضى العقود والملكية العقارية) (مدني) طبقا لقرار وزير العدل رقم 1338 لسنه 1973 وطبقا لقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية الصادر في 17/10/1973، والمنشور بالوقائع المصرية عدد 248 بتاريخ 3/11/1973.

2-            عملهم (نظير) لعمل (عضو هيئه قضايا الدولة) طبقا للقرار الوزاري رقم 1323 لسنه 1973 وبناء عليه فإذا استقالوا من عملهم بعد مده خبره لا تقل عن سبع سنوات يستطيعون القيد بنقابه المحامين بجدول الاستئناف العالي .

3- عملهم (نظير) لعمل (عضو مجلس الدولة) طبقا : للـ مرسوم بقانون الخاص بتعيين ما يعتبر نظيرا لأعمال مجلس الدولة الفنية و المنشور بالوقائع المصرية بالعدد 91 في 18 سبتمبر سنة 1950

4-            الحكم القضائي الشهير الصادر من الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري برئاسة المستشار / عبد الرازق السنهوري برقم 1181 لسنة 6 قضائية جلسة19 /5/ 1953 وجاء به نصا " .... من حيث أنه تأسيساً على ما تقدم يجوز تعيين الموظفين الفنيين(الأعضاء القانونيين) بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قضاة من الدرجة الثانية أو من الدرجة الأولى متى قد استوفوا المدد المبينة بالفقرة(هـ) من المادة (الثالثة) من قانون استقلال القضاء والفقرة (د) من المادة (الخامسة) من القانون المذكور دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النظراء وهو ما إضطرد عليه العمل ."

وتم العمل بهذا الحكم من عام1973 وحتي1977 ونقل على أثره عدد كبير من الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري إلى القضاء بذات الدرجة والأقدمية.

5-            ما ذكره الفقيه الدستوري الجليل عبد الرازق السنهوري ( ) في مؤلفة القانوني "الوسيط في شرح القانون المدني "- المجلد الرابع - طبعة 2006 تحديث المستشار /احمد المراغي ما نصه :" أن التصرفات التي تشهر لا يتم شهرها ألا بعد التحري عن صحتها تحرياً بالغاً ، فيستقضي عن موقع العقار وحدوده ومساحته ثم عن أسماء من وقع منهم التصرف وعن أهليته ثم عن التصرف نفسه هل صدر من مالك ، وهل هو صحيح فيشهر أم معيب فيمتنع شهرة ، ويشرف علي هذا كله قاض هو الذي يأمر بعد التحري والفحص الدائمين بإجراء التسجيل ، والنتيجة المترتبة علي هذا التحري أن التصرف الذي يشهر في السجل العقاري تكون له حجية كاملة.....".

6-            وأخيراً وليس أخراً لا يسعنا سوى أن نذكر أن المادة رقم (1000) من القانون المدني ( )عندما حددت ضوابط وشروط الحكر وخاصة المادة رقم (1000) ونصها كالتالي:- "لا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة وبأذن من المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها الأرض كلها أو أكثرها قيمة ويجب أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة أو من يحيله عليه من القضاة أو الموثقين ويجب شهره وفقا لأحكام قانون تنظيم الشهر العقاري . " والحكر هو أحد الحقوق العينية المُتفرعة عن حق الملكية العقارية. وكان عقد الحكر يكتسب به المًحتكر حقاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر وذلك مُقابل أُجرة مُعينة. وهذا التعريف هو ما ورد في مشروع القانون المدني، وقد تضمنت المواد من 999 حتى 1014 من القانون المدني الأحكام المُنظمة للحكر ( ).

نلاحظ بوضوح تام إن العقود المحالة قضائياً من رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها العقار الموقوف إلى القضاة أو من الموثقين بالشهر العقاري إن أمر الإحالة قد وضع وقرر طبقاً للقانون من أن القضاة أو الموثقين على حد السواء ليس فقط بينهما ترادف لغوي بل أيضا  ترادف قضائي و قانوني واضح من حيث طبيعة العمل القضائية والقانونية بالنسبة للأحكام المقررة قانونا لضوابط وشروط حق الحكر كأحد الحقوق العينية للملكية العقارية علي الأراضي الموقوفة ونلاحظ أن حرف " أو" وهو من حروف المعاني والعطف المعروفة باللغة العربية نحويا ولغويا وقد ورد هنا في هذه المادة القانونية يحمل ثلاث معاني صحيحة مجتمعة مكملة لبعضها البعض :- الأول عاطفة للتّخيير ، والثاني عاطفة للإباحة ، والثالث عاطفة للشّرط  ، وجميع هذه المعاني اللغوية والنحوية تؤكد وعن يقين مفردات المساواة الموضوعية والشكلية قانونيا بين السادة القضاة والسادة الموثقين من حيث طبيعة العمل القضائية والقانونية عند بحث وتطبيق شروط الحكر كأحد حقوق الملكية العقارية القائم عليها العمل القانوني لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق من توثيق وشهر للعقود والمحررات وفقا لأحكام القانون.

ونبتغي من هذا التوضيح هي المعايير والضوابط المحددة بالنسبة لطبيعة العمل القانونية المشتركة حيث أن العمل القضائي أو القانوني لرجل القانون عند بحث وعلاج حالة قانونية معينة هو المعيار الحقيقي والكامل للمساواة وتطابق واتحاد للمراكز القانونية شكلا وموضوعا ولا مجال هنا للحديث عن أي اوجه للتشابه أو اتحاد المركز القانوني أو طبيعة العمل القانونية للسادة الأعضاء القانونيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق (الموثقين) وبين طبيعة العمل الإدارية البحتة لباقي العاملين بالشهر العقاري ومن بينهم السادة مقدري ومحصلي الرسوم (الإداريين أو الماليين).

 

 العنصر الثاني :يتحد ويشترك كلا من الأعضاء القانونيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق مع السادة أعضاء الهيئات القضائية المختلفة في مؤهل التعيين فهم جميعاً من حملة ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون وليس ذلك فحسب بل وأكثر من ذلك ، فمنذ عام 2004 م استقر الأمر في التعيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق كعضو فني فقط على الحاصلين على درجة الماجستير في القانون على الأقل أو الدكتوراه وفي ذلك نهجت وزارة العدل نفس النهج الحميد والمتبع في معظم دول العالم وفي مقدمتها فرنسا بالنسبة لشروط التعيين ويعد ذلك تفوقاً وتميزاً كبيراً يحسب لأعضاء الشهر العقاري والتوثيق بالنسبة لشروط تعيين باقي أعضاء الهيئات القضائية .

 

العنصر الثالث : يبدأ العضو القانوني (الفني) بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق حياته الوظيفية بأداء اليمين القانوني ( القسم ) أمام السيد المستشار وزير العدل وذلك تطبيقاً لأحكام المادة الخامسة من القانون رقم 5 لسنه 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق على أن :- " يحلف الأمين العام والأمين العام المساعد وسائر الأعضاء قبل مباشرة أعمالهم يمينا بأن يؤدوا أعمال وظائفهم بالذمة والصدق ويكون الحلف أمام وزير العدل "

وهذا ما يؤكده أيضا المادة الثانية من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنه 1947 والمنشور بالوقائع المصرية بالعدد رقم 103 في 10 يوليو 1947 نصت على " يؤدي الموثقون المساعدون قبل مباشرة أعمالهم (يمنيا) أمام وزير العدل بان يقوموا بأعمال وظائفهم بالذمة والصدق "

وذلك نظرا لخطورة وجسامه أعمالهم وذلك مطابق ومطبق شكلاً وموضوعاً لأداء القسم القانونية من جميع أعضاء الجهات والهيئات القضائية لذات القسم أمام السيد وزير العدل قبل مباشرة أعمالهم القانونية ، وهم فقط من الأعضاء الفنيين وهذا يتضح جلياً في الكلمة الافتتاحية للسادة وزراء العدل المتعاقبين عند أداء وحلف القسم القانونية من السادة الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق أمام السادة وزراء العدل خلال إجراءات المراسم القانونية بديوان عام وزارة العدل المصرية لأداء اليمين القانونية ومنها على سبيل المثال لا الحصر كلمة السيد وزير العدل المستشار محمود أبو الليل راشد خلال مراسم أداء اليمين القانونية لتعيين الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قبل مباشرة مهام وظائفهم القانونية تعيين 2005 بتاريخ 12/3/2006 الآتي نصه :- " فلكم دوركم الكبير والغير مسبوق في دعم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وقد جئتم نتاج جهد كبير لاختيار أفضل ممن تقدموا لشغل هذه الوظائف ومن خلال قواعد موضوعية محددة ولم يذكي اختيار كلا منكم ألا تفوقه العلمي وقد حرصت على التحقق بنفسي من أنكم قد حصلتم على أعلى الدرجات وانه ليس من بينكم إلا من هو حاصل على درجة الماجستير أو دبلوم عام في العلوم القانونية ، وان يكون قد حصل على الليسانس بدرجة جيد جدا" .

 

العنصر الرابع : لا يجوز للعضو القانوني (الفني) بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق  أن يباشر أي أجراء أيا كان سواء توثيق أو شهر لأي محرر أو عقد يخصه شخصياً أو يخص أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة ويقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل ما يخالف ذلك ويخضع فوراً للمساءلة القانونية عند مخالفة ذلك كما هو الحال للسادة أعضاء الهيئات القضائية عند ممارسة مهام عملهم القضائي والقانوني وذلك لهدف عظيم وهو الحفاظ على حياده ونزاهته وشفافية عمله والتجرد الكامل أثناء مباشرة عمله القانوني في توثيق وتسجيل المحررات والعقود ومدى خطورة وجسامه هذا العمل لتعلقه بحقوق الملكية للمواطنين . وذلك يستند قانوناً للمادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنه 1947 نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن في صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة "

وكذلك طبقا للمادة (29) من تعليمات الشهر العقاري والتوثيق الطبعة الثالثة 2001 صفحة 291 الصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بموجب القرار الوزاري رقم 304 لسنه 1997 بتاريخ 26/3/1997 بتشكيل لجنة من قيادات الشهر العقاري والتوثيق لإصدار هذه التعليمات نصت على أن " لا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر أو التصديق على توقيعات أصحاب الشأن فه يخصه شخصيا أو تربطه وأصحاب الشأن فيه صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة "

وهذا إن دل على شيء فانه يدل على أن طبيعة عمل العضو القانوني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق القضائية والقانونية والتي تتعلق  بالبحث والتحقيق القانوني لتنظيم وحماية الحقوق والملكيات وتمس خطورة و جسامه و أهمية تتعلق بحقوق الملكية العامة أو الخاصة والعقارية منها أو المنقولة وللدولة أو للمواطنين .

 

العنصر الخامس : العضو القانوني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق يشارك كعضو أصلي في اللجان ذات الصفة القضائية مثل اللجنة القضائية بالسجل العيني ولجان التصالح وهذه اللجان تصدر قرارات وأحكام قضائية وللعضو الفني صوت أساسي يتم احتسابه عند التصويت بشان القرارات الصادرة عنها. وذلك طبقا للمادة (21) من قانون السجل العيني رقم 142 لسنه 1964 والمنشور بالوقائع المصرية كملحق بالجريدة الرسمية بالعدد 189 بتاريخ 16/8/1975م

 

العنصر السادس : منح القانون الضبطية القضائية للعضو القانوني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق كما هو الحال عند بعض أعضاء الهيئات القضائية كأعضاء النيابة العامة وذلك في :-

1-            جرائم التهرب من الرسوم في العقود والمحررات المقدمة لتوثيقها أو تسجيلها واختصها حصريا فقط للعضو القانوني، وذلك طبقا للمادة رقم 35 من القانون رقم70 لسنه 1964 الخاص برسوم الشهر وكذلك طبقا لقرار وزير العدل رقم 352 لسنه 1972 والمنشور بالوقــــــــــــــائع المصرية عدد 85 بتاريخ 15/4/1972

2-            وكذلك في جرائم التزوير بموجب قرار وزير العدل رقم 9168 لسنة 2012 طبقا للقانون رقم 150 لسنة 1950

والمستندان قانونياً وجذرياً إلى المادة رقم (23) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950والمعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003م، والتي نصت على: -"[أ] يكون من مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم.1.    أعضاء النيابة العامة ومعاونوها.2.    ضباط الشرطة وأمناؤها والكونستبلات والمساعدون............................ ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم. وتعتبر النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص. "

ونلاحظ أن صفة الضبطية القضائية للأعضاء القانونيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق قد استندت إلى المعيارين الأساسين معا لهذه الصفة وهو: 1-قرار وزير العدل وكذلك: 2-النص الصريح في قانون الرسوم القانون رقم70 لسنه 1964 الخاص برسوم الشهر ،، لما يتطلبه عملهم من حياد و استقلال ونزاهة و بحث قانوني ومن هنا يبدأ دور العضو القانوني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى جانب عمله الأصلي في بحث وتحقيق عناصر الملكية على اختلاف أنواعها قانونيا وشكلا وموضوعا فهو أيضا يختص قانونا وحصريا في تحري الدقة والبحث الشكلي والموضوعي لكشف حالات التهرب من الرسوم المستحقة عند ذكر مبالغ صورية أو وهمية أو تصرفات عقارية مستترة تعكس تهرب أطراف المحرر أو العقد من سداد الرسوم المستحقة للدولة تبعا لقيمة المحرر المالية.

 

العنصر السابع : نظم المُشرع في القانون رقم 5 لسنة 1964 الخاص بتنظيم العمل والهيكل الإداري الهرمي  لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فقد جاء تشكيلا مماثلاً لتشكيل الهيئات القضائية حيث شَكل المصلحة من أعضاء قانونيين وهم ركيزة العمل القانوني في المصلحة وموظفون إداريون من مقدري ومحصلي الرسوم ومهندسي الحاسب الالي وكتابيون ومهن أخرى معاونة ومفردات هذا التشكيل القضائي لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق كالتالي :-

أولا : مصلحة مستقلة قائمة بذاتها تلحق بـ وزير العدل :- مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي مصلحة قانونية عريقة مستقلة وقائمة بذاتها وتتمتع بالشخصية الاعتبارية و المعنوية المستقلة ويمثلها قانونا رئيسها وليست جهة معاونة كمصلحة الطب الشرعي ومصلحة الخبراء وتتبع إداريا وزارة العدل وكما تتبع الهيئات القضائية ونخص بالذكر كلا من " هيئة قضايا الدولة " ، و " هيئة النيابة الإدارية "

حيث نصت المادة الأولى من القانون رقم (5) لسنه 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 5 في السادس من يناير لعام 1964 نصت على أن: -" تكون مصلحة الشهر العقاري والتوثيق مصلحة قائمة بذاتها وتتبع وزير العدل "

ونصت المادة الأولى من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة منشور في الجريدة الرسمية العدد 180 في 12/8/1963 والمعدل بالقانون رقم 10 لسنه 1986 نصت على أن: -" هيئة قضايا الدولة , هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير "

حيث استبدلت عبارة "هيئة قضايا الدولة" بدلا من "إدارة قضايا الحكومة" وفقا للمادة الثالثة الواردة بالقانون رقم 10 لسنة 1986 ـ المنشور بالجريدة الجريدة الرسمية ـ العدد 23 في 5/6/1986. بعد أن كانت تنص على أن " تكون هيئة قضايا الدولة إدارة قائمة بذاتها وتلحق بوزارة العدل."

ثانيا : مجلس أعلى للشهر العقاري :- طبقا للمادة الثامنة من القانون رقم ( 5 ) لسنه 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 5 في السادس من يناير لعام 1964 نصت على أن :- " يشكل مجلس أعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق برئاسة وكيل الوزارة المختص وعضوية الأمين العام وثلاثة من الأعضاء من الدرجة الأولى على الأقل يعينهم وزير العدل بناء على اقتراح وكيل الوزارة المختص وذلك لمدة سنه قابلة للتجديد ، ويكون انعقاد المجلس صحيحا بحضور رئيسة واثنين من أعضائه على الأقل وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للآراء ، وعند التساوي يرجح الرأي السائد في جانبه الرئيس ، ويختص المجلس ، فضلا عما هو وارد بهذا القانون ، إبداء الرأي في تعيين أعضاء المصلحة وموظفيها وتحديد أقدميتهم وتقدير كفاءتهم وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم إلى خارجها ، أما الندب داخل المصلحة فيكون من رئيسها بموافقة وكيل الوزارة المختص"

ثالثا :- جهاز التفتيش الفني :- راعى المشرع في القانون رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق القانون تشكيل هذه الجهة تشكيلاً قضائياً ولكن لم يُقرن ذلك بأية ضمانات تقرر للأعضاء القانونيين من استقلال وحماية ، بما يعوضهم عن جسامة المسؤوليات التي يضطلعون بها حيث أخضعهم لنظام التفتيش الشخصي على أعمالهم القانونية ووضع التقارير عنهم عن طريق إدارة التفتيش الفني التي تتولي ذلك وكذلك  شكل لها مجلساً أعلى للشهر وذلك علي غرار تشكيل الهيئات القضائية الأخرى كما قسم الوظائف بهذه المصلحة إلي قانونية ووظائف إدارية ووظائف كتابية على نسق  تقسيم الوظائف بالنسبة للهيئات القضائية والأخطر من ذلك أن هذا القانون قد قرر أن تعيين أمين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق والأمين العام المساعد يكون بقرار من رئيس الجمهورية بعد اخذ رأى وزير العدل (مادة 3) وُيعين باقي الأعضاء بقرار من وزير العدل بعد اخذ رأي المجلس الأعلى للمصلحة وكذلك فأن هذا القانون اعترف بوضعا خاصا للأعضاء القانونيين حيت فرق في جل نصوصه بين العضو القانوني والموظفين وهي تفرقه توحي بإخراج الأعضاء القانونيين من عداد موظفي الدولة وهو ما يؤكد السمة القضائية للأعضاء القانونيين بالمصلحة .

 

العنصر الثامن : حظر قانون المحاماة الحضور والتعامل أمام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بخصوص إجراءات الشهر والتوثيق والتسجيل والقيد وخلافه بما أنها من الأعمال القضائية إلا فقط للسادة المحامين والأقارب حتى الدرجة الثالثة أسوة بجهات القضاء كافه ومن بينها المحاكم على اختلاف درجاتها

وذلك يستند قانونا إلى  المادة الثالثة من قانون رقم 17 لسنة  1983 بشأن إصدار قانون المحاماة ( ) والتي نصت على أن :- " مع عدم الإخلال بأحكام القوانين المنظمة للهيئات القضائية وبأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، لا يجوز لغير المحامين مزاولة أعمال المحاماة ويعد من أعمال المحاماة:

1-            الحضور عن ذوى الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الجنائي الإداري ودوائر الشرطة والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم والقيام بأعمال المرافعات والإجراءات القضائية بذلك.

2-            إبداء الرأي والمشورة القانونية فيما يطلب من المحامي.

3-            صياغة العقود واتخاذ الإجراءات اللازمة لشهرها أو توثيقها وتعد أيضاً من أعمال المحاماة بالنسبة لمحامي الإدارات القانونية في الجهات المنصوص عليها في هذا القانون فحص الشكاوى وإجراء التحقيقات الإدارية وصياغة اللوائح والقرارات الداخلية لهذه الجهات.

 

العنصر التاسع : ألزم القانون العضو القانوني بالشهر العقاري والتوثيق بتحري الدقة في العمل والاستوثاق من أطراف المحرر وأهليتهم وخلو إراداتهم من العيوب ...............الخ ، يعد اختصاصا وعملا قضائيا بحتا يقوم به القضاة في غالبيه عملهم القضائي المعتاد

وذلك طبقا لنص المادة الخامسة من القانون رقم 68 لسنه 1947 والتي نصت على أن: -" يجب على الموثق قبل إجراء التوثيق أن يتثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهم وصفاتهم وسلطاتهم.  " 

وكذلك المادة السادسة من ذات القانون نصت على أن: -" إذا أتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو الرضا أو الصفات أو السلطات لدى المتعاقدين أو عدم توافر الشروط المبينة في الفقرة الثانية من المادة (5) أو إذا كان المحرر المطلوب توثيقه ظاهر البطلان وجب على الموثق أن يرفض التوثيق وأخطار ذوي الشأن بالرفض بكتاب موصى عليه ويوضح فيه أسباب الرفض."

وكذلك المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 68 لسنه 1947 نصت على أن: -" يجب على الموثق قبل توقيع ذوي الشأن على المحرر المراد توثيقة أن يتلو عليهم الصيغة الكاملة للمحرر ومرفقاته وأن يبين لهم الأثر القانوني المترتب عليه دون أن يؤثر في أرادتهم ويوقع هو وأصحاب الشأن على المحرر والمرفقات." 

 

وكذلك المادة رقم (22) من ذات اللائحة التنفيذية سالفة الذكر نصت على أن " يجب على الموثق قبل التوقيع من ذوي الشأن أن يستوثق منهم عن موضوع المحرر الذين يرغبون في التصديق على توقيعاتهم فيه " وبناء على ذلك أصبح العضو القانوني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق مسئولا مسئولية قانونية كاملة مطلقه عن المحرر أو العقد الموثق أو المشهر مدنيا وجنائيا وإداريا.

 

العنصر العاشر : اعتبرت المادة 280 من قانون المرافعات المحررات الموثقة التي يحررها و يوثقها الأعضاء القانونيون بالشهر العقاري والتوثيق من السندات التنفيذية ، وألزمت جميع السلطات المختصة بتنفيذها جبرياً كنتيجة لوضع الموثق الصيغة التنفيذية على هذه المحررات ، وهذا اختصاص قضائي من حيث الموضوع.

حيث نصت المادة 280 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 على أن :- " لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء والسندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية :"على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك".

 

خامسا: اختلاف المركز القانوني بين

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عن مصلحتي الخبراء والطب الشرعي:

تختلف مصلحة الشهر العقاري والتوثيق في أعمالها عن الجهات المعاونة للقضاء مثل الخبراء والطب الشرعي في عدة أمور أهمها أن أعمال الشهر العقاري والتوثيق أعمال مستقلة بذاتها تبدء وتنتهي بين مكاتبها ، وبدون معقب او اعتماد لها من أي جهة ، ويترتب علي ذلك عدة أمور أهمها :

 

أولا- يتقدم المواطنين لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق مباشرة بطلباتهم لإنجازها من توثيق وتسجيل، دون توقف ذلك علي تأشيرة أو حكم من القضاء، بعكس أعمال الطب الشرعي والخبراء اللذان يمارسان عملهما بناء علي حكم أو قرار قضائي ولا يجوز للمواطن العادي التقدم لهما مباشرة لإنجاز ما يطلبه.

ثانيا- إن أعمال الشهر العقاري والتوثيق لا تحتاج إلى تعقيب أو تفعيل من القضاء فجميع المحررات والعقود التي يقوم الشهر العقاري والتوثيق بتسجيلها أو شهرها أو توثيقها تكون حجه في ذاتها على الكافة طبقاً لقانون الإثبات وواجبة التنفيذ والاحترام حتى أمام القضاء بقوة القانون، لأنها من السندات التنفيذية طبقا للمادة 280 من قانون المرافعات، بعكس تقارير الخبراء والطب الشرعي فهي استشارية مجرد رأي قد يأخذ بها القاضي أو يُعرض عنها.

 

 

 

 

المطلب الثاني: مُفردات استقلال العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق

 

وفقاً لتوصيات الملتقى السنوي الأول لموثقي مصر – مايو 2016 - ، وبحضور عدد كبير من الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق من جميع مكاتب الجمهورية والذي تم تنظيمه لأول مرة في تاريخ الشهر العقاري منذ تأسيسه عام 1946م ، تحت رعاية وتنظيم إتحـاد موثقـي مصـر ، وتمت حلقة نقاش موسعة بين جميع الحضور حول طبيعة عمل الموثق المصري (العضو الفني بالشهر العقاري) وتم تلقي العديد من الاقتراحات والرؤى من السادة الحضور ، حول عناصر ومفردات استقلال العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بما يحقق الترجمة الحقيقية لنص المادة 199 من دستور مصر 2014 :-   " .......... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذى ينظمه القانون."

 

ومن جملة العناصر والمفردات والمقترحات ،، التي عرضها وقدمها السادة الحضور أبناء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق حول مفهوم استقلال وحياد العضو الفني بالشهر العقاري (الموثق) خاصه واستقلال الشهر العقاري عامه، والتي كفلتها المادة ( 199 ) من الدستور ، توقياً لأي تأثير محتمل داخلي او خارجي ، ( قانونياً – مالياً – ادارياً ) قد يميل بالعضو الفني انحرافا عن ميزان الحق ، والكتابة بين الناس بالعدل شهراً وتوثيقاً .وكما أن الدستور نص على أنه لا يجوز بحال التدخل في سير العدالة كمبدأ عام ويندرج تحته بلا شك العمل الفني بالشهر العقاري باعتبار ان الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري جزء لا يتجزأ من مكونات منظومة العدالة المصرية . وهذا المبدأ الأخير لا يحمى فقط استقلال العضو الفني بالشهر العقاري، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل الفني بالشهر العقاري وليد نزعة شخصية غير متجردة، وهو أمر يقع غالباً إذا بحث العضو الفني في أحد العقود او النزاعات العقارية بين المتعاقدين سبق أن أبدى فيه رأياً. ومن ثم تكون حيدة العضو الفني شرطاً لازماً دستورياً لضمان عدم التدخل في عمله القانوني البحت والمتخصص فيه فنيا دون غيره من كافه ابناء الاسرة القانونية وبين المهن القضائية كافه.

والترجمة المطلوبة تشريعياً لنص استقلالهم الدستوري الوارد بالمادة (199) من "دستور مصر 2014"، ويقابلها الآية 282 من سورة البقرة من الدستور الالهي الصادر من فوق سبع سماوات "القران الكريم" والتي يمكن تحديدها في النقاط الاساسية التالية: -

 

أولاُ: الاستقلال الكامل

 

وهو عنصر خارجي، والذي مؤداه: أن يكون تقدير وبحث كل عضو قانوني لوقائع وحيثيات العقد او المُحرر، المعروض عليه لتوثيقة او شهره، وفهمه لحكم القانون بشأنه، والبحث عن القانون او القوانين واجبة التطبيق، ثم تطبيق احكام الدستور والقانون وتعليمات ومنشورات الشهر العقاري عليه، ووفق اجتهاده الفني في حال عدم وجود نص ينظم العلاقة القانونية، متحرراً من كل قيد، أو تأثير، أو إغواء، أو وعيد، أو تدخل، أو ضغوط، أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها أو سببها أو صورتها، ما يكون منها مباشراً أو غير مباشر.

 ومما يعزز هذه الضمانـة ويؤكدها، استقلال العضو الفني عن السلطة التنفيذية، وأن تنبسط ولايته على كل مسألة قانونية من طبيعة فنية بالشهر العقاري والتوثيق، وأن يكون استقلال أعضائه كاملاً، قبل بعضهم البعض، فلا تتأثر قرارتهم شهراً أو توثيقاً، بموقعهم من رؤسائهم أو أقرانهم على ضوء تدرجهم وظيفياً فيما بينهم. كما يتعين دوماً أن يكون إسناد وتوزيع العمل الفني بين الاعضاء فيما بينهم عملاً داخلياً محضاً، وبعدالة مطلقة شكلاً وموضوعاً فلا توجههم سلطة دخيلة عليهم أياً كان وزنها.  تطبيقاً للأمر الشرعي الوارد بالآية الكريمة {ولا يضار كاتب ولا شهيد} .

 

ثانياُ: الحيـــاد

 

وهو عنصر داخلي نابع من ضمير الموثق (العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ) يعكس التجرد الكامل عند بحث وتوثيق وشهر كافة انواع المحررات المقدمة إليه ، والالتزام بالقانون والخضوع للضمير ، أنه الاعتدال المتجرد ، ويتلخص في ضرورة النص تشريعياً مستقبلاً على عدم التحيز لأى خصم او تيار سياسي وضرورة الحظر التشريعي على الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق  الانتماء للأحزاب السياسية ، وممارسة العمل الحزبي ، فتحقيق مبدأ الحياد يطمأن العضو الفني  الى جهة عمله  ونزاهتها ،واستقلال مهنته ، وألا يكون للموثق صلة قرابة أو علاقة بأطراف التعاقد  وإلا كان غير صالح للعمل القانوني ويخضع لقاعدة عدم الصلاحية .ولا أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية  أو منازعة عقارية معروضة على الشهر العقاري تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية ، ويتعين رده اذا ثبت مخالفة ذلك . كما أنه يجب ان ينص القانون على حتمية تنحي العضو الفني بالشهر العقاري – الموثق -  عن مباشرة العمل الفني  في أي محرر او عقد  تكون للعضو الفني أو لأحد من أقاربه مصلحة فيها، تطبيقا لقوله تعالى : { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } ،وأن لا يسعى لإثبات الدليل وسند الملكية بنفسه ، ويقتصر عمله الفني على أن يتلقى الأدلة وسندات الملكية والحجج والبراهين التي يقدمها الخصوم من سندات الملكية سواء للإثبات أو للنفي وفقا للقواعد التي حددها القانون ويقارنها ويُفاضل بينها ويراجعها بما هو ثابت لدية من عقود موثقة او مشهره ومراجع هندسية وخرائط مساحية ، وعلى العضو الفني  أن يناقش هذه الأدلة والمستندات ويفاضل بينها ويقدرها لتكوين اقتناعه في العقد المطلوب توثيقه حتى لا يكون قراره مشوب بمخالفة القانون ،وألا يقضي بعلمه الشخصي في العقود والمُحررات المعروضة عليه ،ولا يجوز أن يكون اقتناعه عن طريق احد المتعاقدين خارج دائرة الاجراءات القانونية الرسمية المتبعة ودورة العمل المستندية المقررة وفقا لقانون وتعليمات الشهر العقاري والتوثيق .

 

 

 

ثالثاُ: الكفــاءة الفنية

 

الكفاءة الفنية العلمية والعملية  وهى القُدرة على القيام بالعمل الفني في شهر وتوثيق العقود على مستوى عالي من الكفاءة والدقة والتخصص ،بأن يكون العضو الفني بالشهر العقاري متخصصاً مهنياً وقانونياً ومؤهلاً من الناحية القانونية والشخصية ولديه من الخبرة العلمية والعملية بما يمكنه من اداء مهمته القانونية بمهنية وشرف واحترافية ومصداقية ، وعنصر الكفاءة الفنية مهم جدا وترجع أهميته لخطورة وأهمية العلاقات التعاقدية العقارية القائم على حمايتها الموثق والتي تتطلب دقة نظر قانونية متعمقة أو فقهية متخصصة وملكة قانونية نشطة دائماً  ،لحماية وحفظ الحقوق باحترافية مهنية متميزة من خلال القدرة على تحليل الوقائع وقراءة الأحداث وفهمهما والبحث عن القانون الواجب التطبيق على العقد او العلاقة التعاقدية المعروضة امامه ، وضرورة إلمام الموثق بكافه القوانين وتعديلاتها والآراء الفقهية التي تناولتها بالشرح والتحليل وكذلك متابعته المستمرة للأحكام القضائية المتنوعة ذات الصلة بعمله الفني ومراجعته الدائمة لكافة المنشورات الفنية الصادرة شهرياً عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق أولاً بأول .بما إن العضو الفني مُلتزم بمتابعة التطور التشريعي باعتبار أن القاعدة القانونية كائن حي يتطور ، والعضو الفني بالشهر العقاري  هو أول من يلمس هذا التطور والتبدل وأول من يحس بالحاجة إلى التغيير والتجديد ، لأنه في خطوط الدفاع الأمامية للحفاظ وحماية حقوق الملكية واكثر احتكاكاً بالمواطنين ومشاكلهم ونزاعاتهم بشكل مُكثف جداً يومياً.

 

رابعاُ: حرية الرأي والاجتهاد

 

لم يتطرق القانون او تعليمات الشهر العقاري الفنية الى كافة الامور والمسائل وترك بعضها لتقدير وموائمة العضو الفني  عند عدم النص ، وفقاً لما يمليه عليه ضميره المُتجرد ولذلك لا يجوز محاسبته على اجتهاداته الفنية ، ولو كانت خطأ ، فإذا لم يجد العضو الفني في نصوص التشريع قاعدة يطبقها على العقد المعروض أمامه ، كان لابد له من البحث عن القاعدة خارج هذه النصوص ، وذلك باللجوء إلى مصادر القانون الرسمية الأخرى المتعارف عيها وما تواترت عليه الأحكام القضائية وآراء الفقهاء القانونيين والاجتهاد الفني المتحرر باللجوء الى مجمل العبارات ومبادئها وروح النص العام وما يقصده المشرع وهدفه التشريعي .وأن يفسر العضو الفني الألفاظ والمصطلحات القانونية وفقاً لمقصد المشرع وهدفه التشريعي ، ويجب أن يجتهد برأيه لمقارنة ما بين يديه من العقود والحالات المماثلة أو المشابهة وبإمكانه اللجوء إلى آراء الفقهاء للاستعانة بها دون أن يكون ملزماً بها. ومراعاة العرف والمعاملات ومبادئ العدالة المطلقة، وبهذا يمكن للعضو الفني أن يفتح باب الاجتهاد وحرية الرأي في الوقائع والنزاعات العقارية التي لا يوجد فيها نص صريح ينظمها . والاسترشاد بما جرت عليه سوابق العمل الفني بالشهر العقاري في جميع المكاتب على مستوى الجمهورية من خلال التواصل المستمر بين الاعضاء لتبادل الخبرات ويمكن تفعيلها عمليا بطريقه مثمرة وايجابية راقية من خلال الملتقيات السنوية والندوات القانونية الدورية ، التي تهدف الى توحيد الاجتهادات الفنية والمبادئ القانونية في التسجيل العقاري والتوثيق بين أعضاء الشهر العقاري ، وبجانب الاجتهاد الفني ، يجب ان يلجأ العضو الفني للقياس في حالة نقص التشريع ، أي عندما تعرض عليه حالة لم يرد بشأنها نص خاص في القانون او التعليمات الفنية لشهر العقاري ، فيطبق عليها نصا تشريعيا مقرراً لحكم حالة أخرى إذا ما وجد أن الحالتين متشابهتان تماما وأنهما متحدتان في السبب أي العلة.

 

خامساُ: قواعد التعيين والترقية والتأديب

التعيين

يجب ان يكون تعيين رئيس المصلحة بالتعيين من رئيس الجمهورية وفقاً لترتيب أقدميتهم المطلقة من بين الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ووفقاً لما يرشحه المجلس الأعلى للشهر العقاري، وان يؤدي اليمين القانونية أمام السيد رئيس الجمهورية، وليس بالندب المؤقت بثلاثة شهور كما يتم حالياً، لأنه من أهم ضمانات استقلال الاعضاء الفنيون ألا يشعر العضو الفني بأن قياداته منتدبة او غير مُستقلة كما هو الحال الآن، ويعد هذا تطبيقاً حرفياً شكلاً وموضوعاً لقانون تنظيم الشهر العقاري الساري الان رقم 5 لسنة 1964،

وان يكون تعيين باقي قيادات المصلحة من رؤساء القطاعات والإدارات المركزية وأمناء المكاتب بالمحافظات وفقا لأقدميتهم المطلقة ممزوجة بكفاءتهم العملية والعلمية ووفقاً لما يقرره ويعتمده المجلس الاعلى للشهر العقاري والتوثيق باستقلال كامل ونزاهة وشفافية مطلقة بعيداً عن أي ضغوط او تدخلات مرفوضة داخلياً وخارجياً.

 وبالنسبة للمعينين الجدد من الأعضاء ، يجب ان يكون تعيينهم من خلال مسابقة سنوية علنية تحكمها النزاهة والشفافية والعدالة المطلقة لاختيار الأفضل والأصلح من حسني السير والسمعة والسلوك والأكثر كفاءة علمياً وعملياً والأعلى تقديراً ومؤهلاً من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون بتقدير جيد على الأقل وان يكون حاصلاً على درجة الماجستير في القانون أو الدكتوراه في الحقوق ، وبشرط اجتيازه امتحاناً تحريراً وشفوياً لاختبار قدرات المتقدمين ومدى وسعة كفاءتهم العلمية والعملية ، والأسئلة تكون متعلقة بتخصص القانون عامه  والعمل الفني شهرا وتوثيقا خاصة ، والأسئلة تكون متعمقة وغير سهلة، وتحتاج أن يكون الشخص متمكناً من التخصص الفني ، وملماً بجميع مواده وأقسامه وفروعه.

ثم نجاحهم بمقابلة شخصية يراعى فيها الآتي: تحقق الكفاءة الذهنية والخلقية والمستوى العلمي من خلال السجل الأكاديمي للمُرشحين وسلامة الحواس، والخلو من العاهات الجسمية الظاهرة وحسن سيرته واعتدال شخصيته، وحسن سمته وسمعته، وفهمه. وسلوكه من خلال السؤال عنه بتحريات موضوعية مستقلة، ونجاحه بالامتحان التحريري والشفوي والمقابلة الشخصية ويخضع العضو لدراسة أكاديمية وفترة اختبار بمعهد عالي للدراسات القضائية بفترة دراسة لا تقل عن ستة شهور يُشرف عليها هيئة تدريس أكاديمي من قُدامى الاعضاء واساتذة القانون من كليات الحقوق المصرية ويشرف على هذه الاجراءات كلياً المجلس الأعلى للشهر العقاري باستقلال كامل وترفع كشوف المقبولين الى السيد رئيس الجمهورية ثم الموافقة عليها واعتمادها، واداء اليمين القانونية امام وزير العدل قبل مباشرة مهام عمله القانوني. بأن يكون مخلصاً لوطنه محترماً للدستور والقانون وان يؤدي أعمال وظيفته بالذمة والصدق.

 

الترقية والنقل والندب

لا يجوز ان يتم نقل أو ندب أي عضو الا بناءاً على طلبة وموافقته الكتابية، ولا يجوز النقل التعسفي والقسري نهائياً، وان تتم حركة التنقلات والترقيات جماعية كلياً لجميع الاعضاء بين مختلف المواقع والمكاتب لتبادل واكتساب الخبرات، من خلال حركة تنقلات وترقيات دورية منتظمة تعتمد الأقدمية المطلقة ممتزجة بالعدالة والشفافية والنزاهة والكفاءة وحسن سير العمل اساساً لها وتكون هذه الحركة كل ثلاث سنوات على الأقل. ولا يجوز لأي جهة او سلطة ان تتدخل والتأثير في نقل وندب الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري، فقد يكون نقل العضو من مكان إلى آخر مبنياً على دوافع شخصية أو نكاية به أو بعيداً عن المصلحة العامة وحسن سير العمل.

 

التأديب

لا يجوز مسائلة العضو الفني تأديبيا عن عمله الفني الا من خلال جهاز التفتيش الفني ، ولا يصدر قرار مجازاته الا بعد موافقة المجلس الأعلى للشهر العقاري ، وبعد ابداء العضو لدفاعه الدستوري كاملاً شفوياً وكتابياً وله الحق في ايداع مذكراته الدفاعية المؤيدة بالمستندات والأدلة دفاعاً عن نفسه ولا يجوز محاسبته تأديبياً على اجتهاده الفني ورأيه عند عدم وجود النص ، ولا يجوز نهائياً التدخل في عمل واجراءات التفتيش الفني سواء الدوري او عند نظر مخالفة فنية ذات طبيعة تخصصية ،  ولا يجوز التحقيق معه من النيابة الادارية بسبب مقتضيات عمله الوظيفي ويكون التحقيق معه إدارياً من إدارة التحقيقات بالمصلحة ،  ولا يجوز القبض عليه او مسائلته بسبب عمله الفني من أي جهة الا بعد إذن المجلس الاعلى للشهر العقاري وبعد إعداد مذكرة فنية وافية عن ملابسات ووقائع الواقعة ما دام مرتبطة ارتباطا وثيقا بمهنته وعمله الفني و الوظيفي وخاصه في حالات الطعن بالتزوير على المحررات الموثقة والمشهرة والتي يتم افتعالها كيدياً من بعض ضعاف النفوس وفاسدي الضمير ، بسبب انها الطريقة الوحيدة الحصرية وفقاً لقانون الاثبات المصري للطعن في حجية المحررات والعقود الموثقة والمشهرة ،  ولا يجوز القبض عليه إلا في حالات التلبس وبعد التأكد من صحة الواقعة وادلتها ووقائعها المادية وسرعة إخطار المجلس الاعلى بالواقعة وملابساتها .

ومما سبق يدعونا إلى إعادة النظر شكلاً وموضوعاً وبالتأكيد تشريعياً في الطرق المُتبعة في تعيين وترقية وتأديب الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق من أجل ضرورة تحقيق المزيد من الشفافية والموضوعية، وتحقيق وتفعيل استقلالهم كاملاً ونقل كافة هذه السلطات عملياً الى مجلسهم الاعلى وليس فقط نظرياً كما هو الحال الان ، حيث منصوص عليها بقانون تنظيم المصلحة لكنها غير واضحة وغير مُفعلة.

 

 

سادساُ: شخصية الموثق (العضو الفني)

 

 أهم صفات شخصية العضو الفني هو العــدالة وتنفيذ الأمر الشرعي الوارد بدستور الموثقين بالآية 282 من سورة البقرة { فاكــــتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل } الى جانب إيمان العضو الفني بضرورة استقلاله ويعطى هذا الايمان للعضو الفني  الدافع والشجاعة والمقدرة  على الحفاظ على استقلاله وايمانه بقدسية وخطورة مهنته وطبيعة عمله القضائي . والتزامه بتقاليد وسلوكيات المهنة اخلاقيا وفنيا ويسعى إتحاد موثقي مصر حاليا الى صياغة واعداد وثيقة اخلاقيات المهنة للموثقين المصريين وفقا للمعايير الدولية المقررة عالميا  ، ليعلم جميع الاعضاء حقوقهم وواجباتهم وما ينبغي عليهم من التمسك بالأخلاق الفاضلة في القول والعمل ، والتخلق بالأخلاق الجميلة والخصال الحميدة المبنية على الاحترام المتبادل ، وليس فقط بين الاعضاء وبعضهم وايضا بين الاعضاء وسائر المتعاملين معهم من المتعاقدين أو الغير .وأن يكون شهم الاخلاق ، واسع الصدر محيطاً بكافّة ملابسات وظروف العلاقة التعاقدية  التي يكتب فيها بالعدل .حاضر الذهن ، بطيء الغضب ولاسيّما حين سماعه لأقوال واشتراطات المتعاقدين وتلقي ارادتهم ورضاهم  .و أن يكون ذا روح عالية قوية لا تجعله يخشى ذوي النفوذ والسلطة ، واثقاً من قوته واستقلاله عزيز النفس وعالي الهمّة ، بعيداً عن أطماع الدنيا ، مترفّعاً عن المغريات المادية ، وأن يكون ممّن له القدرة على الإدارة وبُعد النظر من أهل البحث  والتحقيق والتدقيق  ولا يمرّ بسهولة أو بسرعة عند التحقق من الشخصية وبحث الصفة والسلطة والاهلية والتحقق من رضا وقبول وايجاب طرفي التعاقد  ، ولا يقبل او يرفض أي محرر او تعاقد  دون بحث ودليل وعلم و إذا اشتبهت عليه الاُمور وبدت له صعوبتها لم يفقد القدرة على الاحتياط والحذر والمراجعة المتأنية مراراً وتكراراً حفاظاً على الحقوق وحمايتها  ، ولا يتخلّى عن كشف الواقع على أساس الأدلّة والبراهين ، سمح الوجه مع المتعاقدين والغير  ،و لا يكلّ عن سماع شروطهم واتفاقاتهم ،و لا يخدع بأساليب المكر والحيلة والتزوير ولا يستهويه التملّق والإطراء ، وأن يكون صارماً في عمله الفني  إذا تكشّفت له الحقائق لا يُعيقه أياً كان عن العدل والعدالة  ، فليس في عمله محاباة لأحد و لا بخس لآخر .

 

سابعاً : البعد عن الشبهات

 

البعد عن الشبهات شكلاً وموضوعاً من أهم شروط استقلال العضو الفني بالشهر العقاري والتوثيق حيث يبث الثقة في نفوس الجميع تجاه مصلحة الشهر العقاري والتوثيق عامه كمؤسسة حكومية منوط بها حصريا حماية وحفظ حقوق الملكية ، واستقلال اعضائها خاصه  ، ويجعل للشهر العقاري هيبة واحتراماً ، ويوجب هذا المبدأ البُعد عن الاعمال التي تتناقض واداء العضو الفني  لمهامه الدستورية والقانونية  ، فـ لا يجوز للموثق أن يعمل في أيّة وظيفة تجارية ، ولا أن يجمع مع وظيفته الفنية أيّة وظيفة أخرى، باستثناء الوظيفية الأكاديمية كالتدريس الجامعي ، وعليه أن يأخذ الإذن في ذلك من المجلس الأعلى للشهر العقاري والتوثيق . ولا يجوز له التوسّط لدى أي عضو آخر في علاقة تعاقدية منظورة لديه. وعليه ألا يقبل أيّ تدخل من أي سلطة أخرى في عمله القانوني، مهما كانت الأسباب. ولا يجوز له الانتماء إلى أي حزب سياسي أو تنظيم محظور، ويحظر على الموثق وعائلته قبول أيّ هدية أو مكافأة من أي أحد، لأنّه لولا طبيعة عمله لما قُدمت له تلك العطايا. ويحظر على الموثق إفشاء أسرار المحررات والعقود التي ينظرها قبل صدور قراره المُسبب بشأنها قبولاً أو رفضاً، وكذلك يحظر عليه أن يُبدي رأيه شفاهيا بتلك العقود التي نظرها، أو التي نظرها زملاؤه، إلا إن كان ذلك لسبب أكاديمي للتعليم والبحث العلمي وتبادل الخبرات وبضوابط معينة . ويجب على العضو الفني أن يحدّ من المشاركة بالمناسبات الاجتماعية العامة، لأنّها قد تجلب الشبهة إليه، والتي قد تؤثر على عمله الفني ويقتصرها على المناسبات العائلية والاسرية البحتة. وعدم استغلال منصبه للحصول على مصالح شخصية له، أو لأيّ فرد من أفراد أسرته. وعليه أن يقيّد علاقته مع المحامين، أو أيّ شخص آخر يرتبط بمنظومة العدالة إلا من باب الزمالة بين الاسرة القانونية، والتعاون المُشترك لإقرار العدالة، ولا يقبل ان يتدخل في عملهم ولا ان يتدخلوا بعمله في مناخ من الاحترام المُتبادل بين شركاء العدالة، وذلك لتجنيب نفسه شبهة التحيّز وعدم الحياد والقيل والقال.

 

ثامناً: التــدريب

 

أن التدريب من أفضل مجالات الاستثمار في الإنسان ، والعضو الفني بالشهر العقاري هو الأجدر من بين ابناء منظومة العدالة المصرية في تخصصه الفني الحصري (التسجيل العقاري والتوثيق) وسعيه المُستمر لحماية وحفظ حقوق الملكية العقارية والمنقولة والعامة والخاصة لمصر والمصريين ، فهو أولاً وأخيراً رجل قانون من ذوي الخبرة العملية والعلمية النادرة ، لكن ذلك لا يمنع ، بل من الواجب ،، تدريب وتحسين وصقل المهارات والقدرات الموجودة لدى الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق ومعاونيهم من باقي فئات المصلحة ، عن طريق المُلتقيات السنوية المحاضرات والندوات والدورات التدريبية الشهرية والسنوية والبعثات الخارجية لتأهيل الأعضاء من أجل إزالة جوانب الضعف والقصور في أداء وسلوك الأعضاء علمياً وعملياً ، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تنقصهم ولا سيما في تخصصات ليست ضمن تخصصهم الفني والقانوني كالحاسب الالي واللغات والتنمية البشرية ، وإكساب الموثق أنماطاً مهنية واتجاهات سلوكية جديدة لصالح العمل وتطويره وصولاً  به وبها الى المعايير الدولية ،، وإعداد الأعضاء الذين يتوفر لديهم الاستعداد للترقي في السلم الوظيفي بشكل مناسب، لتسليمهم مناصب أو أعمال ذات مسؤوليات أكبر في المستقبل للرقي بالمهنة واعضائها .وبفضل التدريب يصل بنا الهدف الى  جودة العمل الفني من خلال  زيادة وصقل المهارات والقدرات لدى الاعضاء ، وتحسين أدائهم، وبالتالي يستمر نمو المؤسسة التي ينتمون اليها  وتطورها وتحقيق أهدافها وتفعيل اختصاصاتها بسهولة ودقة .

والتدريب المستمر يرفع الروح المعنوية للموثقين وذلك نتيجة زيادة إلمامهم بأبعاد عملهم الفني وما يُلحق به من أعمال ذات صلة ، وزيادة مقدرتهم على أدائه بنجاح، الأمر الذي يؤدي إلى الاعتزاز بأنفسهم، وبمهنتهم القضائية وإعطائهم إحساساً داخلياً بأهميتهم، وإرضاء ذاتهم، وخطورة عملهم، وقدسية رسالتهم.

 

وأهم خطوات التدريب هو المقدم للمعينين الجدد: يهدف تدريب المعينين الجدد الذين يلتحقون بالعمل الفني بالشهر العقاري لأول مرة، إلى تهيئتهم وتعريفهم بالعمل القانوني الجديد الذي أصبح مسنداً إلى كل منهم وكيفية أدائه. والربط بين دراستهم النظرية الاكاديمية بكليات الحقوق وبين طبيعة عملهم الفني بالتسجيل العقاري والتوثيق ، كما يحاط كل منهم علماً بأنشطة واختصاصات الهيئة التي ينتمون اليها وأهدافها وسياساتها، وبمهام ومسؤوليات واخلاقيات مهنتهم، وبكيفية النهوض بأعبائها، وتطويرها والرقي بها وعلاقة عمله الفني بأعمال الآخرين من ابناء منظومة العدالة المصرية، وظروف العمل من ناحية الأجور، والترقيات والخدمات الصحية والاجتماعية التي يفتقدونها، وكل ما يتعلق بلوائح وأنظمة العمل الفني بالشهر العقاري.

 

وبالنسبة لتدريب الأعضاء القدامى: يهدف تدريب الأعضاء القدامى في الشهر العقاري إلى إكسابهم مهارات ومعارف جديدة يتطلبها التطور السريع في العلوم القانونية التي يتم تدريسها حالياً بكليات الحقوق ، والتكنولوجيا الحديثة ، بعد اعمال الميكنة الالكترونية التي تنتشر الان بجميع مكاتب الشهر العقاري ، والتعديلات التشريعية السريعة المتلاحقة ،  إذ يساعدهم على تحسين قدرتهم على إنجاز العمل الفني ، ويمكنهم من الإحاطة بالأساليب والاتجاهات الفنية والمهنية المحيطة بأداء العمل الفني وطنياً وعربياً ودولياً ، وذلك إلى جانب تطوير المعارف والمهارات التي اكتسبوها من قبل، مما يؤدي إلى رفع كفاءتهم في العمل .

 

تاسعاً: الكفاية المالية

 

وهو الاستقلال المالي للأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق ، فـ الموثق هو وكيل الدولة ويعمل بأسمها في توثيق المُعاملات والتعاقدات بين افراد المجتمع ويكتسب أهميته من خطورة عمله وتعلقه بمئات الحقوق ولعل أهمها حق الملكية من ثروات وأملاك تمثل محور وركيزة التنمية الاقتصادية بالمجتمع، وعلى الرغم من ذلك فالموثق المصري هو الأقل دخلاً مالياً حالياً من بين جميع فئات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ولأبعد من ذلك فهو الأقل دخلاً بين جميع الموثقين العرب، ولأبعد من ذلك فهو الأقل دخلاً بين جميع موثقي العالم أجمع. والأخطر من كل ما سبق هو هجرة اعضاء الشهر العقاري والتوثيق والعودة للعمل بالمحاماة او التدريس بالجامعات المصرية والعربية أو الإعارة للخارج ،، نتيجةً لارتفاع الأعباء على الموثقين وتدني رواتبهم جدا ، وغياب عناصر الجذب الكافية لبقائهم في وظائفهم من الناحية المالية ، بما يتناسب مع كادرهم الحصري وتخصصهم الفني علمياً وعملياً ، ومع ضغوط متطلبات الحياة المتزايدة ، في ظل تعففه عن البحث عن وسائل أخرى تُعزز حصوله على مسكن مناسب، وحياه كريمة ، وعلاج يعف به نفسه عن سؤال أحدهم للحصول على خدمة ملائمة في مستشفيات الدولة، فنلاحظ في العشرة سنوات الأخيرة تقدم عدد كبير جدا من أعضاء الشهر العقاري لاستقالتهم من الشهر العقاري والبحث عن عمل اخر داخل وخارج مصر ، ويساعدهم تخصصهم الفني النادر ، ودرجاتهم العلمية المتميزة ، حيث تقريبا 60% من اعضاء الشهر العقاري حاصلين على درجة الماجستير في القانون ، و25% حاصلين على درجة الدكتوراه في الحقوق ، والعديد منهم قدموا استقالتهم بسبب تدني الرواتب جدا وعدم تناسبها مطلقاً مع مجهودهم وخطورة مهنتهم ومسئولياتها اللامحدودة جنائياً ومدنياً وادارياً .

 

 إنَّ مرتبات الموثقين (الأعضاء الفنيون) يجب ان ترمزُ لخطورة الحقوق المنوط بهم حمايتها ، وتعكس أهمية الأعمال المًسندة اليهم ، والمسئولية المدنية والجنائية والإدارية المحيطة بهم كلياً في كافه اعمالهم ، وتترجم قيمة الممتلكات المُكلفين بتوفير الحماية القانونية لها ، لذا فإنَّ تفعيل وترجمه استقلال الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري وخاصه من الناحية المالية من مرتبات وأجور وخلافة ،  لابد أن يتَطرق إلى مراجعة عميقة لـ «حد الكفاية» والمطلوب تنفيذه في القريب العاجل  ، وليس لـ «حد الكفاف» والمطبق حالياً ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تأسيس ميزانية مستقلة أو كادر مالي خاص مرفق به جدول أجور للأعضاء الفنيون  يضمن لهم استقلال حقيقي وعدم تعرضهم لأي ضغوط او تدخلات من أي نوع ، وتشكل إحدى الضمانات المهمة في تأكيد مبدأ استقلالهم الدستوري ، فكلّما كان هناك استقلال مالي وميزانية خاصة بأعضاء الشهر العقاري كلما قلت الضغوط و التأثيرات في  عملهم الفني من قبل السلطة التنفيذية ومن ذوي النفوذ والسلطة  . ومن خلال هذه الموازنة المستقلة بتخصيص بند في الموازنة العامة خاص بالشهر العقاري بصفة عامه، وزيادة النسبة المخصصة للشهر العقاري من ايراداته السنوية مما يوفر دخلاً مناسباً ويراعى المسكن والانتقال وتأمين حياة حرة كريمة للأعضاء الفنيون.

 

عاشراً: بيئة العمل المناسبة

 

تُعدّ بيئة العمل من المقوّمات والجوانب الهامّة لنجاح أيّ مؤسسة وخاصه لو كانت حكومية والتي تحظى باهتمام عالميّ على أساس أنّ رضا الأعضاء والموظفين داخل المؤسسة (الشهر العقاري) عن مكان أو بيئة العمل ينعكس ذلك على مدى انتمائهم وأدائهم وكفاءتهم وفعاليّة وجودة إنتاجهم، ممّا يؤدي لنجاح هذه المؤسسة. وتضمّ بيئة العمل جوانب ومعايير متعددة تطبّق في المؤسسة كأسلوب الإدارة وممارساتها، وتقييم الأداء والقيادة، والرواتب والحوافز الماديّة والمعنويّة والأجور والبرامج التدريبية، والسياسات التي تحفّز النجاح، وعلاقة الأعضاء بقيادتهم ووسائل الترفيه وغيرها من الجوانب التي تجذب رضا وسعادة العاملين والشعور بالأمان الوظيفيّ.

 

إن تحسين وتوفير بيئة العمل المناسبة  أثر مزدوج إيجابي ومباشر على العاملين بالمؤسسة والمتعاملين معها على حد السواء فعندما يجد العضو  في المؤسسة بيئة عمل جيدة فذلك سوف يشعره بالانتماء لهذه المؤسسة عامه ولمهنته خاصه وأنّه شخص مرغوب به، ممّا يجعله يقدّم للمؤسسة أفضل ما لديه من طاقات وقدرات وأفكار للتطوير ، أي أنّ البيئة المثاليّة للعمل تُساهم في رفع أداء وكفاءة العضو  وجودة عمله الفني ودقته ، ممّا ينعكس على تطوّر الشهر العقاري كمؤسسة حكومية تقدم خدمات قانونية حصرية وكـ مكون مهم من مكونات  منظومة العدالة المصرية  .

وبما ان الثابت والمعروف للقاصي والداني من الشعب المصري وحتى من الاجانب هو سوء مقرات ومكاتب الشهر العقاري ومعظمها في شقق سكنية ضيقة في اماكن مزدحمة وغالبيتها بالإيجار ولا يملك الشهر العقاري منها شيئاً، وهذا امر ثابت ومتعارف عليه بين جميع ابناء الشعب المصري، وله تأثيراته السلبية المؤلمة على ابناء الشهر العقاري عامه وجمهور المتعاملين خاصه والناتج عن حالة التهميش والإقصاء الذي تعرض له مرفق الشهر العقاري والتوثيق في السنوات الماضية.

لــــذلك يجب الاهتمام بمقرات ومكاتب الشهر العقاري والتوثيق والاهتمام بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة وزيادة عدد المكاتب والاعضاء لتتناسب مع الزيادة السكانية المتصاعدة وتسارع وتضاعف عدد المعاملات والتعاقدات المعروضة أمام الموثقين المصريين وتنوعها وتشعبها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث السادس

ضمانات حماية العضو الفني بالشهر العقاري في ضوء الدستور والقانون

 

وفقاً لمُفردات ضمانات وحماية العضو الفني بالشهر العقاري في ضوء الدستور والقانون والتي قررتها توصيات الجلسة الأولى من المُلتقى السنوي الثاني لموثقي مصر ( ) والذي أحتضنه القاهرة ، بتاريخ الجمعة الموافق 11 مايو 2018 ، وبعد مُناقشات قانونية متعمقة ومستفيضة تنوعت فيها الآراء القانونية والأفكار الفنية التي ترجمت خبرات المشاركين في فعاليات المُلتقى السنوي الثاني سواء من السادة ضيوف المُلتقى من السادة أعضاء مجلس النواب ، أو من الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وبحضور منصات الاعلام المقروء والمرئي والمسموع ، وعرض التوصيات على الجهات المختصة ذات الصلة بداية من وزارة العدل مرورا بمجلس النواب انتهائا برئاسة الجمهورية ، وكافة المهتمين بتطوير التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وعرضها اعلاميا بكافه الوسائل الاعلامية المتاحة للبدء في تفعليها من الآن .

وأختتم المُلتقى السنوي الثاني لموثقي مصر جلسته الأولى بالتوصيات التالية: -

1-            ضرورة تطبيق أحكام الأمر الشرعي الإلهي بحماية الموثقين (الكتاب بـ العدل) وعدم الإضرار بهم والوارد في الآية 282 من سورة البقرة في قوله تعالى: { .. وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

 

2-            ضرورة توفير الحماية التشريعية الكاملة لأعضاء الشهر العقاري والتوثيق أثناء وبسبب أداءهم لعملهم القانوني في توثيق وتسجيل العقود من خلال تفعيل وترجمة ضمانات الحماية الدستورية الواردة بالمادة 199 من دستور مصر 2014 والتي نصها " ...... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم ، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم ، على النحو الذى ينظمه القانون."

 

3-            ضرورة تفعيل توصيات المُلتقى السنوي الأول والمتمثلة في مفردات الاستقلال الدستوري لأعضاء الشهر العقاري والتوثيق [الاستقلال الكامل– الحيـــاد -  الكفاءة الفنية – الكفاية المالية – حرية الرأي والاجتهاد القانوني – قواعد التعيين والنقل والتأديب – أخلاقيات المهنة – البعد عن الشبهات – التدريب – بيئة العمل المناسبة ]

 

4-            ضمانات حماية العضو تبدأ من العضو نفسه أخلاقياً وفنياً، وبالتالي ضرورة سرعة إصدار وثيقة أخلاقيات المهنة لتوضح التزامات العضو اخلاقيا وفنيا وما له حقوق وما عليه من التزامات.

 

5-            ضرورة مُراعاة طبيعة العمل القانونية الخاصة والاستثنائية للموثقين، فـ المُحررات المُوثقة والمُشهرة الصادرة عنهم هي سندات تنفيذية مُزيلة بالصيغة التنفيذية، وذات حجية ثبوتية مطلقة أمام الكافة، وأقوى من الأحكام القضائية والتي حجيتها نسبية بين أطرافها، وطبقاً للمادة 280 من قانون المرافعات والمادة 11 من قانون الإثبات، وقانون التوثيق رم 68 لسنة 1947، ولا يُطعن عليها إلا بالتزوير ، فهي ليست اعمال إدارية وظيفية بحتة، ولكنها عمل فني نظير للعمل القضائي بموجب قرار المجلس الأعلى للقضاء وقرارات وزارة العدل وأحكام قضاء مجلس الدولة.

 

6-            ضرورة النص تشريعياً على عدم جواز القبض على موثقي الشهر العقاري والتوثيق او مُساءلتهم جنائيا بسبب عملهم الفني من أي جهة إلا بعد إذن المجلس الاعلى للشهر العقاري وبعد إعداد مذكرة فنية وافية عن ملابسات ووقائع الواقعة ما دام مرتبطة ارتباطا وثيقا بمهنته وعمله الفني والوظيفي وخاصه في حالات الطعن بالتزوير على المُحررات الموثقة والمشهرة.

 

7-            ضرورة النص تشريعياً على عدم جواز إجراء تحقيق جنائي مع العضو الفني فيما يخص عمله الفني في توثيق وتسجيل العقود، إلا بمعرفة أحد رؤساء النيابة العامة وفي غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض عليه أو حبسه أو رفع الدعوى الجنائية إلا بأمر المحامي العام المختص بعد موافقة المجلس الأعلى ويجري تنفيذ الحبس والعقوبات المقيدة للحرية في أماكن مُستقلة عن الأماكن المُخصصة لحبس السجناء أو المحبوسين الآخرين.

 

8-            ضرورة النص تشريعياً على عدم مُسائلة العضو الفني تأديبيا عن عمله الفني إلا من خلال جهاز التفتيش الفني، ولا يصدر قرار مجازاته في جميع الاحوال، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للشهر العقاري.

 

9-            ضرورة النص تشريعياً على إلا يكون العضو مسئولاً إلا عن الخطأ المهني الجسيم الناتج عن عمله الفني، ولا يكون العضو مسئولا مدنياً عن الاضرار الناجمة وفقاً للقواعد العامة بشأن مطالبات التعويض بشأن عمله الفني.

 

10-         ضرورة النص تشريعياً على حماية عضو الشهر العقاري من التعدي عليه ماديً أو معنوياً او أهانته بالإشارة او القول او التهديد اثناء قيامه بعمله الفني او بسببه.

 

11-         ضرورة قصر تطبيق الحبس الاحتياطي في جرائم تزوير المحررات الرسمية على الموثق في أضيق الحدود الممكنة وعند الضرورة القصوى المسببة، لما له من آثار مدمرة لاحقاً ، على حياته الاجتماعية والمالية والوظيفية، صعب تداركها وعلاجها، وتمس سمعته ومركزه الأدبي والاجتماعي والمالي، والتي غالبا ما تظهر براءة الموثق أثناء جلسات التحقيق أو المحاكمة.

 

12-         ضرورة مُخاطبة معالي المستشار القاضي الجليل النائب العام ملتمسين من سيادته مراعاة الاعتبارات الاجتماعية والوظيفية للموثقين باعتبارهم جزء أصيل من منظومة العدالة المصرية، وذلك عند استعمال السلطة التقديرية والحصرية للنيابة العامة في الحبس الاحتياطي لقضايا تزوير المحررات الرسمية بما أنها من القضايا الغير مخلة بالأمن العام.

 

13-         ضرورة تطبيق القاعدة القانونية الأصولية "المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم نهائي" فـ الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الموثق دوماً ولا يفارقه.

 

14-         ضرورة توافر أدلة كافية جازمة وقاطعة وواضحة ومكتملة تؤكد إدانة الموثق في جرائم تزوير المحررات الرسمية، لتبرر حبسه احتياطياً، بما في ذلك توافر جميع أركان الجريمة سواء الركن المادي أو المعنوي بجميع عناصرهما ولا تكفي مجرد الشبهات أو تحريات الشرطة أو إدعاء الشاكي.

 

15-         التأكيد على انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي في حق الموثقين، حيث أنهم أعضاء فنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ولهم محل إقامة دائم وثابت ووظيفة حكومية معلومة، ولا يخشى منهم الهرب من التحقيقات او الفرار من تنفيذ الحكم أو العبث في الأدلة، او التأثير على أقوال الشهود، أو تهديد الشاكي أو الانتقام منه.

 

16-         التوضيح بأن تحقيقات النيابة العامة قد تأخذ وقتاً طويلاً  ، لعدم وجود جميع اطراف المحرر الرسمي المزور ، مجتمعين أثناء التحقيقات ، ولتعلق مُحررات الشهر العقاري بحقوق الملكية العقارية وبطبيعتها تأخذ وقتاً طويلاً لبحثها وإسنادها وبالتالي ليس من العدل والمنطق حبس الموثقين احتياطياً حتى الانتهاء من التحقيقات ، واستدعاء وحضور المتعاقدين ، وغالباً لا يحضرون ،  ولا يخشى من الموثق الهرب من التحقيقات او الفرار من تنفيذ الحكم ، ولا يخشي منه من العبث في الأدلة ، او التأثير على أقوال الشهود ، أو تهديد الشاكي أو الانتقام منه لأنه لا يعرفهم .

 

17-         ضرورة إيداع العضو قبل مباشرته لعمله القانوني نموذجاً معتمداً عن توقيعه ويستلم خاتماً رسمياً خاص به وحده يشمل أسمه بالكامل والفرع التابع له والرقم التعريفي الكودي الخاص به منفرداً، لاعتماد توقيعه وختمه على كافة المحررات والعقود، لدى جميع الجهات القضائية والتنفيذية والقنصلية والجهات ذات الصلة داخل وخارج البلاد.

 

18-         ضرورة تغليظ العقوبة الجنائية على كل من ينتحل صفة وتوقيع موثق الشهر العقاري بالمُحررات والعقود الموثقة التي ثبت تزويرها، على أن ضعف العقوبة المُقررة في جرائم التزوير العادية، لعل وعسى تكون رادع عقابي مانع لمافيا تزوير محررات الشهر العقاري والتوثيق.

 

19-         ضرورة تكثيف عمليات الرقابة الأمنية على عصابات وشبكات تزوير محررات الشهر العقاري وسرعة ضبطهم، والتي أصبحت ظاهرة إجرامية خطيرة جدا تهدد الأمن القومي والأمن القانوني والتعاقدي للدولة والمواطنين.

 

20-         ضرورة الإسراع بتنفيذ نظام الوثيقة الموحدة المؤمنة ضد التزوير على جميع المحررات الموثقة والمُشهرة، والاستعانة بكافة وسائل تأمين الوثيقة المتعارف عليها عالميا المادية والإلكترونية بديلاً عن الطرق البدائية اليدوية المستعملة حاليا.

 

21-         ضرورة حظر خروج وتداول النماذج الجاهزة والمؤمنة من جميع مكاتب الشهر العقاري وعدم تسليمها للمواطنين إلا بعد تحريرها وتوثيقها واعتمادها بشعار الجمهورية بمعرفة المكتب حصرياً كما يحدث بمكاتب السجل المدني.

 

22-         إعادة النظر في نظام الحفظ والأرشفة البدائي واليدوي الحالي بمكاتب الشهر العقاري والتوثيق، بما يتواكب مع النظم العالمية الحديثة أولاً لضمان حفظها أطول فترة ممكنة وثانياً لضمان عدم التلاعب بها وتزويرها.

 

23-         ضرورة توفير أكبر قدر زمني للموثق من البحث الفني والمراجعة القانونية السليمة للمُحرر المراد توثيقة، والتحقق من شخصية المتعاقدين والاستوثاق من إرادتهم ورضاهم وسلطتهم وصفتهم، ولن يتحقق ذلك إلا بإلغاء العمل بالدفاتر اليدوية والتي تستهلك حوالي 90% من زمن كل معاملة تعاقدية توثيقية.

 

24-         ضرورة وضع برامج تدريبية متخصصة للموثقين لتساعدهم في كشف المحررات والمستندات المزورة.

 

25-         ضرورة تفعيل وتنشيط صفة "الضبطية القضائية" الممنوحة للموثقين بموجب قراري وزير العدل رقمي [352لسنة 1972، 9168 لسنة 2012] لتمكنهم من التصدي من تلقاء أنفسهم في إثبات وكشف المحررات والمستندات المزورة، والكشف عن أي اعتداء يقع على حقوق الملكية بأنواعها المكلفين بحمايتها. ويكون لهم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضبط، والاستعانة برجال الشرطة.

 

26-         ضرورة توفير أجهزة إلكترونية حديثة "قارئ الباركود" للكشف والتحقق من بطاقات الرقم القومي للمتعاقدين.

 

27-         ضرورة سرعة تأمين بطاقة الرقم القومي للمواطنين وتحديثها وتطويرها لتواكب وتكافح وسائل التزوير الحديثة والتي طالت حتى بطاقات الرقم القومي للمواطنين بصور يصعب كشفها يدوياً، وضرورة تحديث الصورة الشخصية للمواطنين ويستحسن ان تكون بالألوان وواضحة حتى يمكن للموثقين التحقق من شخصية المتعاقدين وضرورة إدماج البصمة الإلكترونية المشفرة على الرقم الكودي الرقمي ببطاقة الرقم القومي.

 

28-         ضرورة سرعة توفير قاعدة بيانات كاملة الكترونية ومطبوعة بجميع مكاتب وفروع الشهر العقاري يتم تحديثها يومياً، للمحررات المبلغ أو ثبت تزويرها، والسيارات المسروقة والعقارات والاراضي المحظور التعامل عليها والمواطنين والأجانب الممنوعين من التصرف.

 

29-         ضرورة تفعيل دور وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق في حماية والدفاع عن الأعضاء من خلال إخطارهم، وحضور ممثل عنهم للتحقيقات أو على الأقل إيداع مذكرة فنية عن المحرر المطعون بتزويره والمنسوب صدوره زورا لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

 

 

 

 

 

 

 

المبحث السابع

دور الشهر العقاري في دعم الاستثمار

 

عناصر دور الشهر العقاري في دعم الاستثمار التي قررتها توصيات الجلسة الثانية من المُلتقى السنوي الثاني لموثقي مصر ( ) والذي احتضنته القاهرة ، بتاريخ الجمعة الموافق 11 مايو 2018 ، وبعد مُناقشات قانونية مُتعمقة ومستفيضة تنوعت فيها الآراء القانونية والأفكار الفنية التي ترجمت خبرات المشاركين في فعاليات المُلتقى سواء من السادة ضيوف الملتقى من السادة أعضاء مجلس النواب ، وخبراء الاقتصاد أو من الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وبحضور منصات الاعلام المقروء والمرئي والمسموع ، وعرض التوصيات على الجهات المختصة ذات الصلة بداية من وزارة العدل مروراً بمجلس النواب انتهائاً برئاسة الجمهورية ، وكافة المهتمين بتطوير التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وعرضها اعلامياً بكافه الوسائل الاعلامية المتاحة للبدء في تفعليها من الآن .

وأختتم الملتقى السنوي الثاني لموثقي مصر جلسته الثانية عن دور الشهر العقاري في دعم الاستثمار بالتوصيات التالية: -

 

1-            ضرورة سرعة اتخاذ خطوات إصلاحية تشريعية وتنفيذية جادة لتحسين مناخ الاستثمار العام، وتنقيته من العقبات والمشكلات التي تؤرّق المستثمرين وتعطل نشاطهم، وأهمها على الإطلاق بيئة التوثيق العقاري المُناسبة والنشطة وتحقيق استقرار حقيقي للملكية العقارية، كأحد أهم الحوافز الاستثمارية الحقيقية للمستثمرين وخطوة أساسية مهمة، وخاصه مع تزايد المنازعات العقارية القضائية عامه وبصفه خاصه مع المستثمرين في القطاع العقاري.

 

2-            التنبيه على أن سبب تدهور القطاع العقاري بمصر هو عدم استقرار الملكية العقارية بمصر بوصفها نواه الاستثمار القائم على الضمان والتمويل العقاري ، فقد واجه الاستثمار وما زال مصاعب قضائية وقانونية وإدارية وتراكم ضخم جداً لقضايا الملكية العقارية تجاوزت نسبتها الـ 50% من حجم القضايا المنظورة أمام المحاكم المصرية والتي سببها نزاع عقاري ويمكننا الجزم بأن الـ 50% الباقية ما هي إلا امتداد وأثار مادية وإجرامية للنزاع العقاري وعدم استقرار الملكية العقارية بمصر حتى الآن وذلك بسبب بطء الفصل فيها بسبب ضعف القوانين المنظمة لها وبسبب عدم وجود جهاز مستقل وقوي مكلف بحمايتها كخط دفاع أول من تدخل وعبث العابثين من مافيا سرقة الأراضي .

 

3-            ضرورة مكافحة الفساد في سرقة الأراضي والاستيلاء عليها بالمخالفة للدستور والقانون والذي تجاوز كل الحدود والتوقعات بل أصبح نموذجاً فريداً للفساد العقاري عالمياً ليس له أي مثيل في حجم الأراضي والعقارات المنهوبة وترتيبه الأول عالمياً من حيث الفساد العقاري وصلت نسبته الى 90% من حجم الفساد بمصر الأمر الذي أثر سلباً في انهيار مبادئ استقرار الملكية العقارية بمصر وخوف الاستثمارات الأجنبية والوطنية من القطاع العقاري.

               

4-            ضرورة تنشيط الواعز الاقتصادي والاستثماري لدى المشرف على تنفيذ السياسات العقارية التشريعية والتنفيذية وعلاقتها بالملكية العامة والخاصة الجاذب الأول للاستثمار والمستثمرين، ومدى الحاجة المُلحة إلى سرعة تطوير ودعم مؤسسة التسجيل العقاري والتوثيق باعتبارها خط الدفاع الأول عن حماية أراضي الدولة والمواطنين.

 

5-            ضرورة وجود هيئة عقارية مستقلة لحماية حقوق الملكية العقارية وصونا للسلم الأهلي، هيئة معبرة عن قدسية الملكية العامة والخاصة والتي نص صراحة على حمايتها دستور مصر 2014 في أكثر من مادة دستورية.

 

6-            ضرورة حصر حقيقي للثروة العقارية بمصر وهو هدف قومي يجب أن تسعى الدولة لتحقيقه لتنمية أوجه الاستثمار في الثروة العقارية بحيث يجب أن يكون التسجيل العقاري مستقبلاً إجبارياً وليس اختيارياً وعدم الاعتراف قانونيا إلا بالعقود الموثقة والمُسجلة دون غيرها في إطار رسمي حازم ومُحكم القواعد ، ووفقاً لتسهيلات معينة تبسط الإجراءات وتُشجع على القيام بها ووفقاً لرسوم موحدة مدروسة جيداً تُشجع على التوثيق والتسجيل وضرورة تفعيل وتطوير قانون السجل العيني ليكون نظام تسجيل عقاري أساسي ووحيد بمصر أثبت نجاحه بكل دول العالم ولكنه تعثر وتأخر جداً بمصر مع أن تاريخ صدوره منذ عام 1964  .

 

7-            تأكيد الانتباه والاهتمام المطلوب جداً تشريعياً وتنفيذياً لدرجة ومستوى التطوير في مجال التسجيل العقاري والتوثيق الذي وصلت إلية الدول العربية حالياً وكان أحد أهم عناصر جذب المستثمرين ، فمن غير المنطقي ان المُستثمر العربي أو الأجنبي في بلده الاصلي يستفيد ويلمس حجم الاهتمام التشريعي والتنفيذي بتحقيق التسهيلات وسرعة الإجراءات في مجال التسجيل العقاري ، ولا يجدها بمصر على الرغم من حزمة التشريعات الجديدة التي أقرها مجلس النواب حديثاً ، لتهيئة وتنشيط مناخ الاستثمار بمصر ، لكنها للأسف حتى تاريخه كانت بعيدة عن تطوير الشهر العقاري .

 

8-            ضرورة إعادة هيكلة تشريعية كاملة فنياً وإدارياً لمنظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر وصولاً بها إلى المعايير الدولية مهنياً وعقارياً ، بما يضمن قيامها بدورها القانوني كمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية ، وتحقيق هدفها في ضبط وحماية وصيانة حقوق الملكية بأنواعها والعلاقات التعاقدية القائمة عليها ، بعد مرور أكثر من 75 عام على قانون الشهر العقاري سنة 1946 ، وعجزها حالياً على تحقيق الهدف من إنشاءه ، وهو مطلب حكومي مستمر ومطلب عام شعبي متجدد من جميع فئات الشعب ومحل اهتمام ومناقشة مجلس النواب حاليا .

 

9-            ضرورة إضافة اختصاصات جديدة مُستحدثة تشريعياً في قطاعي التسجيل العقاري والتوثيق، تُساهم في تسهيل الاجراءات وسرعتها، بما يحقق الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لحقوق الملكية العقارية والمنقولة.

 

10-         ضرورة استحداث سلطات وصلاحيات جديدة تشريعياً لتوثيق عقود البيع الابتدائية وإقرار رسم نسبي عليها وما يتبعها من وكالات تصرف من بيع وتنازل عند التسجيل النهائي وما سيحققه ذلك من تضاعف الإيرادات السنوية بنسبة 500% على أقل تقدير، وبدون زيادة اعباء مالية جديدة على الدولة او المواطنين.

 

11-         ضرورة النص تشريعياً على سرعة إنهاء النزاعات الفنية العقارية الناتجة عن طلبات التسجيل والتوثيق للعقود المُشهرة والمُوثقة فعلياً ، من خلال إنشاء لجان عقارية قضائية فرعية بالمحافظات وعليا بالقاهرة ،  لنظر الطعون المقدمة من ذوي الشأن على المُحررات المُشهرة أو المُوثقة ، والفصل فيها ، والبت في اسباب الإيقاف أو الرفض الرسمي وبكافة النزاعات الفنية ذات الصلة ، ويُسند إليها وحدها كافة اختصاصات اللجان المتفرقة والمتباينة بقوانين الشهر العقاري المختلفة ،وتصدر قرارها مسبباً بأغلبية اعضائها خلال ستة أشهر من استلام الطلب ، وتُزيل قرارتها بالصيغة التنفيذية ، حائزاً حجية الأمر المقضي به ، اذا لم يُطعن على قراراتها امام اللجنة العليا خلال شهر من صدور القرار .

 

12-         ضرورة النص تشريعياً على سرعة إنشاء لجنة لتسوية المُنازعات العقارية ، ذات اختصاص قضائي ، لجنة عليا بالمقر الرئيسي للشهر العقاري ، ولجان فرعية بكل محافظة ، تتولى فحص ونظر وتسوية المنازعات العقارية ومنازعات الاستثمار العقاري والمتعلقة بتطبيق احكام قوانين الشهر العقاري والتوثيق وسائر القوانين ذات الصلة ، المقدمة من ذوي الشأن باتفاقهم او المُحالة الى اللجنة من الجهات القضائية الأخرى أو الجهات التنفيذية ذات الصلة ، وتصدر لجنة التسوية العقارية قرارها بالتسوية بأغلبية اعضائها ومسبباً خلال ستة أشهر من استلام الطلب ، وتُزيل قرارتها بالصيغة التنفيذية ، حائزاً حجية الأمر المقضي به ، اذا لم يطعن على قراراتها امام اللجنة العليا خلال شهر من صدور القرار .

 

13-         للمُشرع أن يفرض التنظيم التشريعي الذي يراه متفقاً مع الخطة العامة للدولة في دعم الاستثمار وحماية وإثبات حقوق الملكية العامة والخاصة بما أنها من أهم الحقوق الدستورية، وحصر الثروة العقارية لمصر والمصريين، وان يقرر الضوابط التشريعية التي تكفل حمايتها وصونها والجهة المستقلة المسئولة عن ذلك وفقاً لما يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة جموع فئات الشعب.

 

14-         التأكيد على أن حماية حق الملكية لا يقتصر على المالكين ، وإنما يتعد ذلك إلى مسؤولية الدولة بسلطاتها الثلاث [التشريعية والقضائية والتنفيذية] في حمايته ودعم وتطوير المؤسسة المسئولة حصرياً عن حمايته بوصفها حقاً أولاً، وبوصفه أداة إثراء مشروعة شرعاً وقانوناً للمجتمع و كونه رأسمال بالمليارات قادر على تفعيل النشاط الاقتصادي في المجتمع عموماً ، بل ولأبعد من ذلك فهو قاطرة النمو الاقتصادي لجميع دول العالم فهي وان امتلكت صفة شخصية غير أن لها صفات عامة عبر ارتباطها بالاقتصاد العام في البيئة الاقتصادية التي تتحرك فيها.

 

15-         التنبيه على أن حماية حق الملكية جدير بالحماية الدستورية والتشريعية عبر التشريعات التي تعتمدها الدولة، من خلال سلطتها التشريعية، وستوفر البيئة القانونية والنفسية الملائمة لإتساع النشاط العام والخاص المرتبط بالملكية العامة والخاصة، وجاذب أساسي للاستثمار والمستثمرين، ويخلق الفرص الملائمة لاتساع سوق العمل وتراكم رأس المال.

 

16-         ضرورة زيادة حركة التسجيل العقاري لتغطي 100% من أراضي مصر وليس 5% حالياً ، لأنها المؤشر الوحيد واليقيني على نهضتها العقارية في ظل مناخ يشجع الاستثمار العقاري ، حيث الأرقام المرتفعة والتصاعدية لحركة التسجيل العقاري والتوثيق والممثلة في عدد العقود المُسجلة رضائياً وليس قضائياً ، تعكس مباشرة مدى الزيادة الحقيقية في حجم التعاملات العقارية وتشجع تدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج في مجال الاستثمار بكافه أشكاله ، ودليل إحصائي رسمي على صحة توجه الدولة نحو نهضة عقارية حقيقية باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي المُستدام في أي دولة وكأحد الإيرادات المهمة لتنويع مصادر الدخل القومي بها .

 

17-         ضرورة سرعة علاج مشكلة الترجمة والمُترجمين مع الأجانب المتعاملين مع مكاتب الشهر العقاري وخاصة المستثمرين منهم لتوثيق وتسجيل عقودهم من خلال توفير إدارة للترجمة بالمكاتب المعروفة بتردد الأجانب والمستثمرين عليها، وقصر الاعتماد على مترجمين من خارج الشهر العقاري في أضيق الحدود الممكنة وبشرط أن يكون نقابياً ومعتمداً، بعد ظهور مضايقات كثيرة للأجانب تصل الى حد النصب والاحتيال وإهدار حقوقهم وممتلكاتهم.

 

18-         ضرورة النص تشريعياً على سرعة إلغاء العمل بالدفاتر اليدوية في مكاتب التوثيق بشأن توثيق المحررات، ويستعاض عنها بأصل وصورة رسمية والمسح الضوئي وببدائل جديدة مؤمنة فعلياً ضد التزوير، أقل تكلفة وأسرع زمنياً وأكثر أمانا وأعلى جودة ومطابقة للمعايير الدولية لأمن الوثائق الرسمية من خلال نظام الوثيقة الموحدة، واختصار دورة العمل اليدوية او المميكنة بمكاتب التوثيق قدر الإمكان لتحقيق السرعة والأمان في ذات الوقت.

 

19-         سرعة ميكنة جميع مكاتب التوثيق وفقا لخطة زمنية محددة وواضحة وتوفير الاعتمادات المالية لتنفيذ ذلك من خلال نسبة مناسبة من إيرادات الشهر العقاري السنوية، وبالتزامن مع توفير الصيانة والدعم للمكاتب المميكنة بالفعل من حيث الأوراق والطباعة وعلاج مشاكل وعقبات انقطاع شبكة الانترنت بمكاتب التوثيق المميكنة.

 

20-         ضرورة علاج مشاكل عجز عدد العاملين بمكاتب الشهر العقاري من جميع الفئات الوظيفية عامه والموثقين خاصه، وسرعة الإفراج عن مسابقات التعيين بالشهر العقاري المعطلة منذ سنوات، والتي بسببها تدهور دولاب العمل جدا وأصبح من سيء إلى أسوء، وأثر سلبيا على تحقيق الهدف من إنشاء الشهر العقاري والتوثيق.

 

21-         ضرورة توفير المقرات والمكاتب اللائقة، وصيانتها، وتأثيثها بما يضمن بيئة العمل المناسبة لأعضائها وموظفيها وجمهور المتعاملين معها من المستثمرين والمواطنين وبما يضمن ويصون كرامتهم ويراعي المعايير الدولية في هذا الشأن بما يليق بمكانة مصر والمصريين، من ناحية، ويُساهم في رفع أداء وكفاءة العضو وجودة عمله الفني ودقته من ناحية أخرى، وبالتزامن مع تخصيص نسبة ثابتة من إيرادات الشهر العقاري السنوية لصالح إنشاء وتطوير وصيانة مكاتب الشهر العقاري والتوثيق.

 

 

 

 

 

 

المبحث الثامن

اللجنة القضائية بنظام السجل العيني

ماهيتها، وطبيعة عملها، ونتائج الحُكم بعدم دستوريتها

والعلاج التشريعي للأزمة

 

نظام السجل العيني هو النظام الثاني للتسجيل العقاري بمصر وينظمه القانون رقم 142 لسنة 1964، وتم إقراراه تشريعياً ليكون بديلاً لنظام الشهر الشخصي المُقرر بالقانون رقم 114 لسنة 1946، والذي ابتكره المستعمر الاجنبي في المستعمرات المُحتلة، لتمكين الاجانب من تملك الاراضي بطريقة مُستترة ، ليس من السهل كشفها ، ومُزاحمة المواطنين الاصليين في تملك الاراضي والتعامل عليها والتصرف فيها، ولم يعد يتم استخدامه إلا بمصر، ويتخذ من الاشخاص اساساً ومورداً له، بحيث يتم البحث عن الملكيات والحقوق العينية الاخرى في فهارس هجائية تضم اسماء الاشخاص.

ونظام السجل العيني: -هو نظام قانوني حديث نسبياً للتسجيل العقاري، وهو النظام القانوني المنتشر تقريبا بجميع دول العالم، والذي يتخذ من العقارات ذاتها اساسا له، بحيث يُفرد لكل وحدة عقارية صحيفة يدرج فيها بيانات العقار والمتعاملين عليه والحقوق المتعلقة به.

ولا زال النظام القانوني المصري بشأن التسجيل العقاري في طور التحول من نظام الشهر الشخصي الذي أثبت فشله الى نظام السجل العيني الذي اثبت نجاحه بكل دول العالم، حيث يتم تطبيق النظام الأخير بشكل تدريجي على الاقسام التي يحددها وزير العدل وفقا للمادة الثانية من قانون إصدار قانون السجل العيني.

فقد لاحت فكرة إدخال نظام السجل العيني في الاقليم المصري عام 1902 م ، حيث قامت الحكومة المصرية بتقديم مشروعين الى اللجنة التشريعية الدولية بهدف اصلاح نظام الشهر ، حيث كان المشروع الأول يهدف الى توحيد جهات الشهر وسجلاته ، واستهدف المشروع الثاني إدخال نظام السجل العيني بمصر اسوة بمعظم دول العالم ، وقد مكثت هذه اللجنة سنتين في دراسة هذين المشروعين وادخلت عليهما بعض التعديلات وجعلتهما صالحين للتطبيق واقرتهما سنة 1904 لكنهما لم يصدرا وظلا حبيسي الادراج وظل الامر على ذلك حتى عم الشعور بمسيس الحاجه الى اصلاح نظام التسجيل سنة 1920 مما دعا الى تشكيل لجنة اخرى لبحث موضوع السجل العيني ، فأقرت مشروع الاصلاح سالف الذكر ، واوضحت ان ادخال نظام السجل العيني يتطلب توافر امرين :

الأمر الأول: إعادة مسح البلاد لتحديد العقارات تحديدا دقيقاً.

الأمر الثاني: تحديد الموقف القانوني لهذه العقارات.

وعليه فان نظام الشهر العقاري المصري يعد نظاماً قانونياً مزدوجاً للتسجل العقاري، بحيث يسري عليه نظام السجل العيني في بعض الاقسام المساحية، في حين يبقى نظام الشهر الشخصي مُطبقاً في البعض الاخر. ولكل من النظامان ادوات واساليب مختلفة ومتميزة بخلاف ما لحقهما من مميزات وعيوب تخص كل منهما على حدا، لا مجال لتناولهما الآن.

وفي القرن الماضي، وتمهيداً للإصلاح التشريعي المنتظر والمأمول وقتها الذي يتضمن ادخال نظام السجل العيني، صدر قانون التسجيل المزدوج رقمي (18، 19) لسنة 1923، ثم اعقبه صدور القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، الى ان صدر القرار بقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، وفقاً للعرض التاريخي للقانون العقاري المصري الوارد تفصيلاً في المبحث الأول من المُذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المُرافق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

 وبالرغم من ذلك كله لم تنجح الحكومة المصرية في تعميم نظام السجل العيني حتى الآن بسبب مشاكل عملية وإدارية كثيرة أهمها ضعف الهيكل الإداري لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وعدم امتلاكها الأدوات والآليات والصلاحيات والسلطات اللازمة لتنفيذه بكل الجمهورية، ثم صدر حكم المحكمة الدستورية العليا القضية رقم 10 لسنة 35 ق " دستورية " جلسة 2 / 6 / 2018، بعدم دستورية اللجنة القضائية بنظام السجل العيني، وتقضي بذلك على ما تبقى من نظام السجل العيني ويتوقف كليا العمل به

واللجنة القضائية بالسجل العيني هي النواة الوحيدة والحصرية والرئيسية والتي يقوم عليها نظام السجل العيني بمصر حالياً، فهي المسؤولة عن مرحلة القيد الأول للوحدات العقارية التي سيطبق عليها نظام السجل العيني وما يلحقها من دعاوي وطلبات وتظلمات، وهي أهم مراحل وأحد أهم مميزات نظام السجل العيني، وليس لها مُقابل بنظام الشهر الشخصي، وقد منحها المُشرع المصري بقانون إنشائها رقم 142 لسنة 1964م الصفة القضائية وخاصة قرارها القضائي ، وإسباغ وصف الأحكام على ما تصدره هذه اللجان من قرارات، والتي يطعن عليها أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي ، وهي لجنة ذات اختصاص قضائي من ثلاثة اعضاء لكل منهم صوت معدود عند التصويت ، رئيسها قاض وهو رئيس المحكمة الابتدائية وعضويها الاخرين من موظفي مصلحة الهر العقاري والتوثيق أحداهما قانوني والآخر هندسي ، وتمارس عملها الفني وفق الإجراءات والضمانات والخصومة القضائية المُعتادة أمام المحاكم العادية ،وتصدر قرارها الفاصل بأغلبية أعضاءها.

وأسباب منح قرار اللجنة القضائية بالسجل العيني الصفة والحجية القضائية: -

1-            اكتساب الحجية القضائية المُلزمة لقراراتها العقارية لتكون فاصلة ونهائية وملزمة.

2-            لتكون بمرتبه ودرجة الأحكام القضائية النهائية والعقود الرسمية الموثقة.

3-            خطورة اختصاصها القضائي دون غيرها بالفصل في النزاعات العقارية الناشئة عن تطبيق                 نظام السجل العيني على الأقسام المساحية الجديدة

4-            تطهير العقار من كافة الشوائب والنزاعات القديمة والقائمة والمحتملة، وإسناد الملكية بالتقادم المُكسب للملكية بوضع اليد طويل المدة (15 عام).

5-            سرعة دعم استقرار الملكية العقارية وحمايتها وهو أهم أهداف قانون السجل العيني.

6-            علاج عيوب نظام الشهر الشخصي وقصوره في تحقيق الحماية الكاملة والنهائية للملكية حتى للعقود المشهرة الصادرة عنه.

وعلى الرغم من ذلك صدر الحكم بعدم دستورية جميع النصوص القانونية المنظمة لها والقرارات الوزارية واللائحية الصادرة عن وزارة العدل، وجميع المنشورات الفنية والكتب الدورية ذات الصلة والصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

والنتائج المترتبة على الحكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بنظام السجل العيني: -

 

1-            توقف العمل بقانون السجل العيني بنسبة 90% لأنه قائم كليا على اللجنة القضائية عملياً وقانونياً.

2-            تجميد تطبيق نظام السجل العيني على أقسام مساحية جديدة وتوقفه عند القائم منها – 30% من عقارات وأراضي مصر - حتى صدور حكم الدستورية العليا.

3-            تعذر علاج المنازعات العقارية للمناطق الخاضعة بالفعل للسجل العيني حالياً، مع العلم أن الأراضي الخاضعة حاليا للسجل العيني لا تتجاوز الـ20%ــ من أجمالي الأراضي المسجلة والتي لا تتعدى أصلا الــ15%ـــ من إجمالي مساحة مصر.

4-            القرارات الصادرة عنها أصبحت إدارية بحتة وبالتالي يجوز الطعن عليها والتظلم منها أمام القضاء الإداري على الرغم من كونها تتعلق بـ الحقوق العينية العقارية، وهي عند النزاع القضائي تخضع للقضاء المدني العادي، وبالتالي أصبحنا أمام زعزعة وعدم استقرار كبير في هندسة النظام القضائي المصري ككل.

5-            تحول قرارات اللجنة القضائية لقرارات إدارية، أفقدها حجيتها القضائية وأصبحت بالتالي غير قادرة على أي تغيير في البيانات العقارية بالسجل العيني، لا من حيث إنشاءها، أو نقلها، أو زوالها، لأنه لا يمكن تغيير الحقوق العينية العقارية، إلا بموجب عقد رسمي موثق من المتعاقدين، أو بموجب حكم قضائي نهائي من القضاء العادي صاحب الولاية في المنازعات العقارية القضائية المدنية.

6-            تحول قرارات اللجنة القضائية لقرارات إدارية، أفقدها حجيتها القضائية وأصبحت بالتالي غير ملزمة للكافة والغير، ولا حتى أطرافها من أصحاب الشأن من ذوي المصلحة المباشرة، وبالتالي غير قادرة على الفصل في النزاع العقاري.

7- انهيار قُدرتها على تطهير العقار من كافة الشوائب والنزاعات القديمة والقائمة والمحتملة، وتطهير العقار من كافة الشوائب والنزاعات القديمة والقائمة والمحتملة، وبالتالي، انهيار آخر في استقرار الملكية العقارية بمصر، والمزيد من المنازعات.

8- عدم القدرة على إسناد الملكية بالتقادم المُكسب للملكية بوضع اليد طويل المدة (15 عام)، وهو الهدف التشريعي الأساسي لقانون السجل العيني.

9-            فراغ تشريعي قاتل لقانون السجل العيني وإلى جانب فشل تطبيقه العملي مجتمعان معاً، تسببوا في انهيار نظام التسجيل العيني كليا بمصر

10 - عوار عدم الدستورية أصاب أيضا اللجنة المنصوص عليها بالمادة الخامسة بقانون الشهر العقاري بالمدن العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018 ، لأنها نسخة طبق الأصل من اللجنة القضائية بالسجل العيني من حيث التشكيل والاختصاصات والسلطات والقرارات والتظلم منها  ، وبالتالي أيضا توقف العمل به أيضا .

وأوجه المخالفة الدستورية لنصوص اللجنة القضائية

وفقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا والمرفق منه صورة ضوئية، تتمثل في: -

 

أولاً: أن اللجنة التي أنشأها المشرع يغلب على تشكيلها العنصر الإداري – [عضو قضائي + عضوان إداريان ]- ، ولا يتوافر في شأنهما بالضرورة شرط التأهيل القانوني من تحقيق دفاع الخصوم وتقدير أدلتهم ، وإن توافر في أحدهما ، فهما يفتقدان لضمانتي الحيدة والاستقلال اللازم توافرهما في القاضي

ثانياً: أن المُشرع منح هذه اللجنة رغم طبيعتها الإدارية، ولاية الفصل في خصومة قضائية.

ثالثاً: أن القرارات التي تصدر من هذه اللجان، لا يمكن وصفها بالأحكام القضائية، فهي لجان إدارية، وما يصدر عنها لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً وليست له من صفة الأحكام القضائية شيء.

 

ومُفردات العوار الدستوري باللجنة القضائية المُستخلص من وقائع حكم المحكمة الدستورية العليا:

1-            تشكيل هذه اللجان على نحو يغلب فيه العنصر الإداري.

2-            إسباغ وصف الأحكام على ما تصدر من هذه اللجان من قرارات.

3-            يطعن على قراراتها أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي.

4-            لجنة ذات تشكيل مزدوج [قضائي وغير قضائي]، وجعل الغلبة للعنصر الأخير.

5-            العنصر الغير قضائي لا تتوافر فيه ضمانات الحيدة والاستقلال اللازمين للفصل في المنازعات.

6-            تدخل في شئون العدالة، وإخلال باستقلال القضاء وإفراغ للعمل من مضمونة القضائي.

7-            إسباغ الصفة القضائية على أعمال أي جهة، عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين، يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون وأن يُعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة.

8-            يجب على الجهة التي تفصل في نزاع معين ان يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضاءه ضمانات الكفاءة والحيدة والاستفلال.

9-            إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية، والتي لا يجوز النزول عنها ، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها ، وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفا ، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكدا للحقيقة القانونية ، مبلورا لمضمونها في مجال الحقوق المدعي بها أو المتنازع عليها .

10-         إن ضمانة المُحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور بنص المادة 96 منه، تعني أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها – ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية – كـ النزاعات في حقوق الملكية العقارية -وأن تقوم على الفصل فيها محكمة مستقلة ومحايدة، ينشأها القانون، يتمكن الخصم في إطارها، إيضاح دعواه وعرض أراءها، والرد على ما يعارضها من أقوال غرمائه أو حججهم على ضوء فرص يتكافئون فيها جميعاً.

11-         يكون تشكيلها وقواعد تنظيمها وطبيعة النظم المعمول بها أمامها وكيفية تطبيقها عملا محددا للعدالة، مفهوما تقدمياً، يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المُتحضرة.

بناءا على ما سبق نستنج الأتي: -

 

أولاُ : أن السبب الرئيسي قانونياً وإن لم يكن الوحيد تشريعياً ، لسرعة علاج الأزمة تشريعياً هو الحكم بعدم دستورية المواد [21-23 -24] من قانون السجل العيني وما يتبعها من انهيار كافة القرارات الوزارية واللوائح والمنشورات الفنية ذات الصلة ، وكما ذكرنا فـ إن اللجنة القضائية هي الأساس القائم عليه نظام السجل العيني بمصر ، وبدونها ينهار النظام برمته كليا ، وما تم منه فعليا يتجمد إلى ما لا نهاية عمليا ، وهو ما حدث حاليا بالفعل عمليا وقانونيا لكافة النواحي المساحية الخاضعة لنظام السجل العيني  .

 

ثانياُ : عوار مخالفة أحكام الدستور سيصيب أي تشريع قائم أو تعديل تشريعي لاحق بإعادة تشكيل اللجنة القضائية بالسجل العيني وفقا للمادة  رقم (21) من قانون السجل العيني  القائم ويقابلها أيضا المادة رقم (5) من قانون شهر التصرفات بالمدن العمرانية الجديدة رقم 27  لسنة 2018 ، مازال يشوبهم جميعا عوار مخالفة أحكام الدستور ، لأنه لم يتجنب مفردات العوار الدستوري باللجنة القضائية [الـ11ـ عنصر]المستخلص من وقائع حكم المحكمة الدستورية العليا والسابق سردها ، ولم يعالج أوجه عدم الدستورية [الثلاثة]التي أستند إليها الحكم القضائي الدستوري ، وخاصة عنصري الحيدة والاستقلال المطلوبان في جميع أعضاء اللجنة وليس بعضهم.

 

وذلك للأسباب التالية: -

 

1-            المشكلة ليست في غلبة العنصر القضائي من عدمه ، المشكلة الأساسية تكمن في باقي أعضاء اللجنة القضائية بالسجل العيني من موظفي المصلحة (عضو قانوني وعضو هندسي) ، لأنهم أعضاء باللجنة القضائية ولهما صوت معدود ، و ليسوا قضاه بالمعنى الضيق، وبالتالي لا يتمتعون بالاستقلال والحياد اللازمين للفصل في النزاع العقاري ، فهم موظفين إداريين حكوميين عاديين ، ينتمون للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل  (فنياً ومالياً وإدارياً) ، حتى أنهما يخضعان لقانون الخدمة المدنية كلياً ، من حيث التعيين والندب والنقل والإقالة ، والمرتبات والأجور ، فهم غير مستقلون ، ومن المنطقي إن لم يكن عملياً - ويحدث بالفعل - يتعرضون للترغيب والترهيب والتدخل والتأثير على إرادتهم ، بدون أي ضمانات أو حماية لهم ، وهو السبب الرئيسي والجدي لتحريك الدعوى الدستورية وقبولها ، وهو حجر الأساس القائم عليه حُكم المحكمة الدستورية العليا ، وفي ذات الوقت هو السبب الرئيسي الذي شجع المشرع الدستوري في كلاً من دستور 2012 بالمادة 182 منه ، ودستور 2014 بالمادة 199 منه ، إلى النص على استقلالهم والضمانات والحماية لعملهم القانوني الخطير ولن يتحقق تفعيل نص استقلالهم الدستوري بالمادة 199 من دستور مصر 2014  إلا من خلال مشروع قانون جديد كامل .

 

2-            أياُ كان تشكيل اللجنة القضائية ، وحتى ولو كان كل أعضاءها من العنصر القضائي  ، وأيا كان اختصاصها وسلطاتها وقرارتها والطعن عليها والتظلم منها ، ستظل اللجنة إدارية بحتة أيضا ، لأنه لا تتوافر في اللجنة القضائية بالسجل العيني ، ضمانات التقاضي التي نص عليها الدستور وأستقر عليها النظام القضائي المصري ، ونظمها قانون المرافعات المصري ، من إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها ، وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفا ، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكدا للحقيقة القانونية ، مبلورا لمضمونها في مجال الحقوق المدعي بها أو المتنازع عليها ..... الخ من مقومات وخصائص وشروط المحاكمة المنصفة العادلة.

 

3-            القرار الصادر عن اللجنة القضائية وفي ظل عدم منح المُشرع الحُجية القضائية للقرار وتصريحه بذلك بنصوص واضحة حاسمة للنزاع القضائي والتنازع الدستوري المُحتمل مستقبلاً، حتى بعد إعادة تشكيلها ، وأيا كان تشكيلها ، سيظل قراراً إدارياً كما أكده حكم الدستورية العليا ، وبالتالي لا يحوز حجية الأحكام القضائية ، ولا يجوز الطعن عليه أمام محكمة الاستئناف المختصة ، باعتبارها الدرجة الثانية للتقاضي ، وفقاً للتنظيم القضائي المصري ،  ولسبب واضح ويقيني أن الأحكام القضائية لا تصدر إلا عن الجهات القضائية والهيئات ذات الاختصاص القضائي ، وهو أمر ثابت بقوة الدستور والقانون ، و قائم عليه التنظيم القضائي المصري ، وبكل دول العالم .

 

4-            والصفة القضائية هو أمر تفتقره كلياً مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وأعضاءها الفنيون وموظفيها الإداريون ، و بكل فروعها وإدارتها بما فيها قطاع السجل العيني ، على الرغم من طبيعة عملها القضائي من الناحية الموضوعية  ، فـ المصلحة تنتمي كلياً للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل ، حيث ينظم المصلحة قانون خاص وهو القانون رقم 5 لسنة 1964 بتنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، فـ على الرغم من طبيعتها القانونية البحتة ، وعلى الرغم من ان المادة الأولى من القانون الشار إليه نص على أنها مصلحة قائمة بذاته تتبع وزير العدل ، وعلى الرغم من كونها مفرد ومكون أساسي من مكونات منظومة العدالة المصرية ، وعلى الرغم من إن طبيعة عملها قضائية بحتة من الناحية الموضوعية، وفقاً للعديد من الأسانيد الدستورية ،و القانونية والقضائية والعملية والشرعية ، وعلى الرغم من إن الهدف من إنشاءها حماية وإثبات وحفظ وتسجيل وتوثيق الحقوق كافة وخاصه الحقوق العينية العقارية وأهمها على الإطلاق حق الملكية ، ومع كل ذلك فهي ما زالت مصلحة إدارية حكومية بحتة في أدنى درجات السلطة التنفيذية ، ولا تملك من أمرها شيئا ، وتخضع كليا لتعليمات وقرارات وزارة العدل (فنيا وماليا وإداريا) ، ولا تنتمي بصلة للسلطة القضائية ، إلا من خلال وزير العدل رئيسها الأعلى ، وفقاً لقانون إنشاءها ، وهو ما دعت الحاجة الآن الى إعادة هيكلتها كلياً إدارياً وفنياً من خلال مشروع قانون كامل ، وتحويلها إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي ، وبالفعل مشروع القانون المُرافق سبق تقديمه وإيداعه باللجنة التشريعية بمجلس النواب بدور الإنعقاد الثاني بالفصل التشريعي الأول  ، وهو ذات مشروع القانون المُرافق ومُقدم من أكثر من 60 نائب برلماني ، تحت أسم مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" – هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي  ،  ليس فقط لعلاج الأزمة القانونية الكبيرة التي أحدثها حكم الدستورية العليا بشأن اللجنة القضائية ، بل ومن أجل النهوض بقطاع التسجيل العقاري والتوثيق وتطويره وإعادة هيكلته كليا ، وصولا به الى المعايير الدولية المعاصرة بعد مرور أكثر من 73 عام على إنشاءه .

 

ثالثا: العلاج التشريعي النموذجي لـ أزمة عدم دستورية اللجنة القضائية بالسجل العيني: -

 

1-            تحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي.

2-            إنشاء لجان ذات اختصاص قضائي متفرعة من الهيئة المستقلة ذات الاختصاص القضائي.

3-            منح الاستقلال والحياد والصفة القضائية للأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

4-            تشكيل كامل أعضاء اللجنة من الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري بعد منحهم الصفة القضائية.

 

العلاج التشريعي السابق في بنوده الأربعة مُجتمعة، لن يكون إلا بتحويل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق المنشأة منذ عام 1946م، إلى هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي بمشروع القانون المُرافق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" مشروع قانون كامل (موضوعياً وإجرائياً وهيكلياً) من (140 مادة في خمسة أبواب) يعالج جميع مشاكل وعقبات التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ومطابق للمعايير الدولية والعربية المُعاصرة.

 

 فقد وافقت عليه اللجنة التشريعية بالفصل التشريعي الاول ،من حيث المبدأ كأحد أفضل المشروعات المُقدمة للجنة التشريعية في حماية وإثبات حقوق الملكية العقارية والمنقولة والفكرية ودعم استقرارها ، وكـ استحقاق دستوري واجب النفاذ تنفيذاً للمادة 199 من الدستور ،ومكملاً اساسياً لقانون الاستثمار ، وأمهلت اللجنة التشريعية الحكومة 15 يوماً ، ثم ثلاثة أشهر أخرى ، ثم ...... ألخ ،  لإبداء رأيها في مشروع القانون بعد استبعاد باقي المشروعات الأخرى ، وحتى اللحظة لم يرد رد الحكومة ، أجل تلو الأجل ، بذريعة أنها  تعد مشروع بديل ، حتى تم تقديم التعديل التشريعي بإضافة المادة 35مكرر ، وانتهى الفصل التشريعي الأول وبدء الثاني وانفجرت القُنبلة الموقوتة – المادة 35 مكرر – خلال شهر فبراير 2021م ، والتي أثارت جدلاً واسعاً ،وموجه غضب شعبية خطيرة ، تدخل السيد رئيس الجمهورية لعلاجها منتصراً لرغبة كافة فئات الشعب ، وتأجيل سريانها عامين لإتاحة الوقت لإعادة دراستها ، وتقديم مشروع قانون كامل لتطوير منظومة الشهر العقاري والتوثيق  ، لأن كل ما قدمته الحكومة مجموعه من التعديلات التشريعية الفقيرة والمحدودة ، على القوانين السارية حاليا ، زادت من أزمة ومشاكل التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، ولم ولن تُقدم حلاً أو أفكار جديدة مُستحدثة تشريعياً لعلاج عقبات التسجيل العقاري والتوثيق بمصر والتي يُعاني منها الجميع ( الدولة – المستثمرين – المواطنين – أعضاء وموظفي الشهر العقاري والتوثيق ) .

 

إن المشروع الجديد – مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" - ثورة تشريعية عقارية حقيقية غير مسبوقة من الناحية الموضوعية والفنية في مجال التوثيق العقاري ، ويضمن إثبات وحصر الثروة العقارية لمصر والمصريين وبما يحقق الأمن القانوني والتعاقدي لمصر والمصريين في ظل حاجه الدولة المصرية الى الأمن بصفه عامه والأمن القانوني التعاقدي بصفه خاصة ، دعماً لاستقرار المراكز القانونية للمتعاقدين ، ومدى الارتباط والتشابك الشديد بين الأمن القانوني والتعاقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وبما يحقق العدالة الوقائية من خلال درأ ومنع النزاعات المستقبلية ، وسرعة علاج النزاعات العقارية الحالية ، وتنفيذ الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية بتوفير السلم الاجتماعي والاهلي وبما يخدم المصالح العليا للدولة ،و في ذات الوقت تنفيذ الوظيفة الاقتصادية لحق الملكية وحمايته و بما يضمن دعم استقلال الأعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، وتنظيم حديث لمهنتهم طبقاً للمعايير الدولية المنظمة لذلك دولياً وعربياً ، بعد مرور أكثر من خمسة وسبعون عاماً على آخر إصدار تشريعي لمهنتهم العريقة ، ذات الجذور الفرعونية والاسلامية ،

 

وفي ضوء تفعيل وترجمة الاستحقاق الدستوري الوارد بـ المادة 199 من دستور مصر 2014، الآتي نصها: -" .......... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذي يُنظمه القانون." ووفقاً لـ مُفردات الاستقلال التي أقرها الدستور وتضمنتها جلسات مُناقشتها بلجنة الخمسين، وبما يتناسب مع خطورة الحقوق الملتزمين بإثباتها وأهمية الثروات المكلفين بحمايتها ، فقد تم إعداد مشروع قانون جديد من 140 مادة في خمسة أبواب ، يلبي رغبة أعضاء الشهر العقاري والتوثيق المهنية من تطوير العمل وتيسير الاجراءات شهراً وتوثيقاً ، ويعزز دورهم القانوني في تطوير منظومة العدالة المصرية ،والموازية شكلا مع التشريعات الدولية والعربية النظيرة والمتطابقة موضوعاً لتحقيق الصالح العام لمصر والمصرين في ضمان استقرار وحماية حقوق الملكية بأنواعها المختلفة العقارية و المنقولة ، والعامة منها والخاصة ، وصولا بها الى المعاير الدولية المنظمة لمهنتهم .

 

والهيئة الجديدة المُقترحة ستظل تابعة لـ وزارة العدل لأن المشروع الجديد لا يتضمن استقلال الشهر العقاري عن وزارة العدل ، بل كل ما في الأمر هو تحويلة من مصلحة إدارية روتينية تقليدية الى هيئة قانونية مُستقلة تُلحق بوزير العدل ، ذات اختصاص قضائي في النزاعات العقارية ،و جميع الالفاظ والمصطلحات والسلطات والاختصاصات الواردة بمشروع القانون الجديد هي بنسبة 100% مستمدة جذريا وتشريعيا من قوانين الشهر العقاري والتوثيق الخمسة ،  ولوائحها التنفيذية ، وما ورد من اختصاصات أخرى في الدستور المصري وسائر القوانين المصرية والقرارات الوزارية والمنشورات الفنية المفسرة لقوانين الشهر العقاري والتوثيق بالإضافة الى تفعيل وترجمه نص المادة 199 من دستور مصر 2014 . كـ استحقاق دستوري واجب النفاذ ،ومن حيث الهيكل التنظيمي الإداري والفني تم الالتزام بنسبة كبيرة – 80% - بذات التنظيم الهيكلي الموجود حالياً بالقانون 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، و20% إعادة هيكلة فنية وإدارية وفقا للمعايير الدولية والعربية الحديثة ، لتكفل قيام الهيئة المقترحة بمهامها وتحقيق اهدافها ، حيث تم مراجعة والإطلاع على العديد من التشريعات العربية والدولية الحديثة الإصدار والمنظمة للتسجيل العقاري والتوثيق من جميع دول العالم ومن كلا المدرستين التشريعيتين [اللاتيني والانجلوساكسوني] بالإضافة الى مشروع القانون العربي الموحد الاسترشادي للكتّاب بالعدل (الموثقين) الصادر عن جامعة الدول العربية  ، وبما يتناسب مع عقيدة المشرع المصري ، وفلسفته التشريعية ، وبما يتوافق مع منظومة العدالة المصرية ، وبالفعل تم استحداث عدة مواد قانونية مقترحة ، مطبقة عربيا ودوليا حققت هدفها التشريعي ، بثبات وقوة ، وعادت على المهنة وأبنائها بالرقي والتطوير ، وعلى المجتمع بنتائج إيجابية متنوعة ما بين قانونية واجتماعية واقتصادية كنتائج حتمية ومباشرة في مجال حماية وإثبات الحقوق وحفظها ، وتحقيق الامن القانوني والتعاقدي.

 

ونؤكد أنه قد حان الوقت لتطوير ونهضة حقيقية لقطاع الشهر العقاري والتوثيق يلمسها المواطن المصري ، بعد سنوات طويلة من الروتين الحكومي العقيم ، تمثل في طوابير طويلة من المواطنين امام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق ، زحام لا ينتهي ، اصابها بقصور شديد ، اثر شكلا وموضوعا في اداء مهمتها القانونية في تحقيق الأمن القانوني والتعاقدي بين المواطنين في تسجيل وتوثيق كافه انواع العقود. وعجز شديد لا يتوقف في عدد العاملين بالمكاتب ، وسوء حاله المقرات الغير آدمية ، وخلق انطباعا سيئا ، استقر في وجدان كل المصريين ، سواء تجاه جمهور المواطنين او حتى لدى الموظفين ، ولا نبالغ ان ذكرنا حتى المستثمرين العرب والاجانب ، من بطء الاجراءات وتدهور دولاب العمل ، وتدني الخدمات وصعوبة الحصول عليها ، وضعف درجة أمان الوثيقة المقدمة لهم ، وسهولة تزويرها ، واصبحت مكاتب الشهر العقاري المصرية نموذجا مثاليا للبيروقراطية الوظيفية المريرة التي يعاني منها الموظف والمواطن المصري على حد السواء ، مما دعت الحاجة الى تنظيم جديد لمهنتهم وإعادة هيكلة فنية وإدارية لهذه المؤسسة العريقة من خلال تشريع حديث متكامل يعالج المشاكل السابقة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث التاسع

علاج أزمة انخفاض عدد العقود المُسجلة بالشهر العقاري خلال الخمس سنوات الأخيرة

مقدمة

تلاحظ خلال السنوات الخمس الماضية تضخم ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة شهر عقاري، وعزوف المواطنين عن تسجيل ممتلكاتهم وانخفاض حاد في حركة البيوع العقارية بالمجتمع وخاصه حركة التداول والاستثمار العقاري وما يتبعها من فرص عمل لألاف المواطنين من تجار ومستثمرين ومحامين وشركات الاستثمار العقاري ومهندسين.

وحيث ان ارتفاع نسبة تسجيل العقارات في أي دولة دليل واضح ويقيني على النهضة العقارية التي تشهدها هذه الدولة ودليل على صحة توجه الدولة نحو تشجيع الاستثمار العقاري باعتباره قاطرة النمو الاقتصادي المُستدام في أي دولة وكأحد الإيرادات المهمة لتنويع مصادر الدخل القومي بها، وهذا ما يؤكده الخبراء القانونيين والاقتصاديين، ودليل حقيقي على نجاح إجراءات جذب الاستثمار والإصلاح الاقتصادي.

 

وبناءاً عليه تم إعداد هذه الدراسة لتوضيح ظاهرة الانخفاض الشديد التدريجي سنوياً في عدد المحررات المسجلة (شهر عقاري) لثلاث محافظات (دمياط – الفيوم – اسيوط) كمثال من محافظات مصرية مُتباينة، من حيث: ملامحها، واسبابها، والنتائج المترتبة عليها، وسبل علاجها، وفقا للبنود الرئيسية التالية: -

 أولاً :- ملامح الظاهرة .

ثانيا :- إحصائية بيانية عن ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة بالأرقام .

ثالثا :- حجم الضرر الواقع على الدولة والمواطنين.

رابعاً :- النتائج الاقتصادية المترتبة على ظاهرة انخفاض عدد العقود العقارية المسجلة.

خامساً :- أسباب المشكلة .

سادساً :- توصيات علاجها.

أولاً :- ملامح الظاهرة

 

1-            انخفاض حاد تناقصي في عدد العقود المسجلة بمكاتب ومأموريات الشهر العقاري سواء [شهر شخصي أو سجل عيني] خلال الخمس سنوات الأخيرة (2015-2016-2017-2018-2019)

2-            زيادة كبيرة تصاعدية في عدد توكيلات التصرف والبيوع بمكاتب التوثيق.

3-            زيادة كبيرة تصاعدية في عدد عقود البيع الابتدائية العرفية غير المسجلة وغير الموثقة.

4-            زيادة كبيرة في دعاوي صحة التوقيع للعقود الابتدائية العرفية بالمحاكم ولا يعتبر حكمها تسجيلاً.

5-            اتساع حالة الاستياء وعدم الرضا من جموع المواطنين بكافة فئاتهم بسبب صعوبة التسجيل العقاري وبيروقراطية اجراءاته بخلاف الزحام الشديد بمكاتب الشهر العقاري.

6-            توقف حركة التداول والاستثمار العقاري في بيع وشراء العقارات والاراضي كلياً، وعلى سبيل المثال لا الحصر مدينة رأس البر وامتدادها العُمراني، وهي من المناطق المعروفة بنشاطها الاقتصادي والاستثماري وليس فقط السياحي بمحافظة دمياط، بل وبمصر كلها، وتوقف حركة البيع كلياً وجزئياً وبنسب مختلفة في مُعظم محافظات الجمهورية .

7-            تعذر استخراج تراخيص البناء وتوصيل المرافق العامة من مياه وكهرباء وخلافة بمعظم المُحافظات بسبب تعذر تسجيل عقود الملكية وغالبيتها عقود عرفية غير مسجلة أو وضع يد، واشتراط مجالس المدن والوحدات المحلية ان يكون عقدها مسجلاً شهر عقاري وليس صحة توقيع او عرفياً.

8-            تعذر تطبيق وتحصيل مُستحقات ورسوم الدولة وضخ المزيد من الإيرادات الضريبية لخزانة الدولة، وتنويع مصادر دخلها القومي، لتنفيذ مشروعاتها القومية.

9-            انتشار ظاهرة تزوير العقود والتوكيلات الرسمية وخاصة المتعلقة بالتصرفات والبيع وبما في ذلك العقارات والسيارات ، وخاصه بعد انتشار الوسائل التكنولوجية السريعة والرخيصة المستعملة في جرائم التزوير ، وكرد فعل إجرامي طبيعي على صعوبة وبيروقراطية التسجيل العقاري ، وأحد صور النشاط الإجرامي لمافيا سرقة الاراضي والسيارات .

 

ثانياً: - إحصائية بيانية عن ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة بالأرقام

ولتوضيح أكثر للظاهرة تم إعداد جدول مقارنة عقاري لمحافظات (دمياط – الفيوم – أسيوط)، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لإثبات أن الظاهرة بجميع مكاتب الشهر العقاري بكل الجمهورية.

 

السنة        محافظة دمياط          محافظة الفيوم           محافظة أسيوط

                شهر شخصي           سجل عيني               إجمالي     شهر شخصي           سجل عيني               إجمالي     شهر شخصي           سجل عيني                إجمالي

2015     845         105         950         126         431         557         836         222         1058

2016     991         104         1095       119         232         351         773         157         930

2017     1100       69           1169       117         287         404         859         273         1132

2018     307         45           352         64           203         267         643         33           676

2019     152         40           192         49           194         243         488         83           571

الإجمالي   3395       363         3758       475         1347       1822       3599       768         4367

 

ملحوظة هامة : ان إجمالي المُحررات الُمسجلة [شهر شخصي + سجل عيني] ليست جميعها عقود بيع مسجلة رضائية ، بل نسبة كبيرة منها تصل لـ 65% دعاوي عقارية قضائية مشهرة (غير ناقلة للملكية)، و 35% منها عقود بيع نهائية رضائية مسجلة فقط (ناقلة للملكية)

 

 

 

 

ثالثاُ :- حجم الضرر الواقع على الدولة والمواطنين

 

1-            تراجع ترتيب مصر في مؤشرات سوق الاعمال والبنك الدولي وهو مؤشر يعتمد على عدد ونسبة العقود العقارية المُسجلة سنويا ، وحجم نموها وتصاعد نسبته

2-            عدد العقود المسجلة هو المعيار الوحيد صعوداً وهبوطا ً لترتيب الدول في حجم الاستثمار والاقتصاد وفقا لنظرية الأعمال بالبنك الدولي – وندعوكم لمُتابعة نشرة علوم العقار الشهرية والتي تنشره دائرة التسجيل العقاري والاملاك بأمارة دبي بزيادة شهرية في حجم التصرفات العقارية المسجلة وثلت في شهر مايو 2021 إلى نسبة زيادة بـ 226 % ، للمُقارنة والتعرف على حجم الواقع العقاري المؤلم بمصر والذي يشهد تراجعاً حاداً شهرياً وسنة تلو الأخرى وهو ما يوضحه الإنفوجراف البياني المرفق .

3-            هروب المستثمر الوطني والأجنبي من الاستثمار بسبب صعوبة التسجيل العقاري، حيث ان سهولة التسجيل العقاري، وزيادة عدد عقوده المسجلة، هو المؤشر الوحيد اليقيني على النمو الاقتصادي بأي بلد

4-            انخفاض نسبة إيرادات الدولة من رسوم الشهر العقاري والتي تقدر بالملايين سنوياً كنتيجة مباشرة لانخفاض عدد العقود المسجلة شهر عقاري.

5-            زيادة النزاعات الملكية العقارية بين الأفراد وبعضهم من ناحية، وبين الافراد والدولة من ناحية ثانية وبين وزارات ومؤسسات الدولة ذات نفسها من ناحية ثالثة.

6-            زيادة عدد النزاعات القضائية العقارية ومحاضر التعدي بالمحاكم والنيابات واقسام الشرطة، وسواء حيازة او ملكية.

7-            تعذر تسجيل الدولة لأملاكها العامة والخاصة والتصرف فيها واستغلالها واستثمارها بصورة طبيعية عادية

8-            تهديد حقيقي للسلم الاجتماعي والأهلي بالمجتمع بسبب زيادة النزاعات العقارية والتعدي على ملكيات الافراد والدولة الغير مُسجلة، حيث من المعروف ان توثيق الملكيات يضمن حمايتها ويمنع اغتصابها والتعدي عليها أسباب المشكلة، ويفتح جميع الأبواب لاستثمارها واستغلالها والانتفاع بها (الضمان العقاري)

9-            ضياع مستحقات الدولة من رسوم وضرائب من قيمة التصرف العقاري المُسجل، والمقدر حصيلتها للخزانة العامة للدولة  بالمليارات سنوياً، والتي لا يتم تحصيلها إلا من خلال العقود المسجلة بالشهر العقاري.

10-         زيادة حجم البطالة في الوسط العقاري وخاصة شركات التسويق والاستثمار العقاري وما يتبعها من عمليات البناء والتجهيز والتشطيب ومكاتب المهندسين والمهن والعمالة ذات الصلة بالعقار.

11-         انهيار منظومة الاستثمار العقاري كـ أحد صور النشاط الاقتصادي المُزدهر حتى سنوات قريبة، وتراجع حاد في تدفق رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية إلى السوق العقاري المصري 

12-         تأثر معظم الأنشطة الاقتصادية والتجارية الأخرى سلبياً، بسبب تعثر النشاط العقاري

               

 

 

رابعاً: -النتائج الاقتصادية المترتبة على ظاهرة انخفاض عدد العقود العقارية المسجلة

 

1-            أن ارتفاع تسجيل العقارات في أي دولة دليل واضح على النهضة العقارية التي تشهدها هذه الدولة ودليل على صحة توجه الدولة نحو الإصلاح الاقتصادي تشجيع الاستثمار العقاري باعتباره قاطرة النمو الاقتصادي المستدام في أي دولة وكأحد الإيرادات المهمة لتنويع مصادر الدخل القومي بها، وهذا ما يؤكده الخبراء القانونيين والاقتصاديين.

2-            ان نمو الاستثمار العقاري سيؤدي قطعاً إلى توافد الشركات الأجنبية والوطنية وتصارعها المستمر من أجل الفوز بمشاريع عقارية يحميها ويضمنها الدستور والقانون من خلال هيئة عليا عقارية مستقلة توفر لها الضمانات القانونية اللازمة لصياغتها قانونيا على أسس سليمة قانونيا بحياد وشفافية ودون ضغط أو تهديد أو فساد او تعرضها للطعن عليها قضائيا وخاصة أمام قضاء مجلس الدولة وهو الخطر الأكبر الذي يواجه المستثمر العقاري 

3-            تزايد حركة تداول العقارات رسمياً في أي دولة هو المؤشر الوحيد واليقيني على نهضتها الاقتصادية في ظل مناخ يُشجع الاستثمار العقاري حيث الأرقام المرتفعة والتصاعدية لحركة التسجيل العقاري والتوثيق تعكس مباشرة مدى الزيادة الحقيقية في حجم التعاملات العقارية وتشجع تدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج في مجال الاستثمار بكافة أشكاله، ودليل حصري على صحة توجه الدولة نحو التنمية والإصلاح الاقتصادي.

4-            لن يتحقق ذلك إلا من خلال هيئة قانونية مُستقلة للملكية العقارية، تسهر على تنفيذ ذلك بما يكفل ويضمن حماية ودعم استقرار المكية العقارية باعتبار ان استقرارها وتطورها بوظيفتها الاقتصادية هو الجاذب الوحيد للاستثمارات الوطنية والأجنبية ليس فقط في القطاع العقاري بل وعنصر أساسي وجوهري لكافة أشكال الاستثمار.

 

خامساً: - أسباب المشكلة

 

1-            قصور في قوانين التسجيل العقاري، تعوق عملية إثبات الملكية العقارية وإسنادها وتداولها، ما بين قصور في التشريع أو عقبات عملية، وسواء بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946م، أو بقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964م

2-            صدور المنشور الفني رقم 18 لسنة 2017 بحظر التصرف في أراضي الأوقاف والصادر عن وزارة العدل، ولكن للأسف المنشور ورد في عبارات عامة فضاضه مما تسبب في خضوع مناطق جغرافية كبيرة للحظر المشدد وتوقف عمليات التسجيل العقاري بها، والعديد من المنشورات الفنية المماثلة لحظر الاوقاف.

3-            صدور المنشور الفني رقم 24 لسنة 2020 بحظر التسجيل إلا بعد تقديم شهادة رسمية من المحافظ بعدم وجود مخالفات بنائية على العقار.

4-            صدور المنشور الفني رقم 524 لسنة 2020 بضرورة إدارج بيان الرقم القومي لكافة المتعاملين مع الشهر العقاري سواء الصادر لصالحهم أو ضدهم المحرر ولجميع المتعاقدين، وسواء شهراً أو توثيقاً، وهو امر قد يعجز عنه الكثيرين وخاصة عند التسجيل القضائي.

5-            زيادة نسبة النزاعات العقارية سواء بين الأفراد وبعضهم من ناحية أو بين الأفراد ومؤسسات الدولة من ناحية ثانية، او بين مؤسسات الدولة وبعضها من ناحية ثالثة.

6-            لجوء المتعاقدين لتوثيق توكيلات بالبيع بمكاتب التوثيق، لسهولتها وسرعتها وانخفاض رسومها (عشرة جنيهات للتوكيل)، وطبعا لا تخضع لرقابة الدولة، ولا يحصل عنها أي ضرائب، وتمثل هروباً من الاصطدام بواقع التسجيل العقاري المؤلم بعقباته وصعوبته، وهو أحد اهم أسباب زيادة عدد توكيلات البيوع وانخفاض عدد العقود المُسجلة.

7-            صدور الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بنظام السجل العيني من المحكمة الدستورية العليا في منتصف عام 2018، وهي العمود الفقري والنواه الرئيسية والمركزية القائم عليها نظام السجل العيني، وبالتالي توقف العمل بنظام السجل العيني وتخضع له منطقة جغرافية كبيرة جدا.

8-            نسبة الأراضي والعقارات المسجلة لا تتعدى نسبة الـ5% والباقي غير مسجلة بنسبة 95%، وتخضع الأراضي غير المُسجلة، لوضع اليد ونزاعات سواء بين الافراد او بين الجهات الحكومية او بين الافراد والجهات الحكومية بسبب عدم تسجيلها.

9-            اللجوء لدعاوي وأحكام صحة التوقيع او الصحة والنفاذ على عقود البيع الابتدائية رغم انها لا تنقل الملكية العقارية ولا تعتبر في ذاتها في حجية وقوة العقود المُشهرة

10-         ضعف الهيكل الإداري والفني والمالي لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق عامة حيث القانون المُنظم لها وللتسجيل العقاري مر عليه أكثر من 75 عام ،و لم يلحقه أي تطوير منذ عام 1946 ، وأصبحت مكاتب الشهر العقاري من اضعف ما يمكن إداريا وماليا وفنيا ، وتتعرض لهيمنة وتدخل سائر الجهات الحكومية الأخرى بمكاتبات او خطابات غالبيتها مخالفة للدستور او القانون ، وعلى الرغم من الطبيعة القانونية البحتة لتوثيق حقوق الملكية عامة والعقارية خاصة ومدى خطورة التعامل معها وتداولها وضرورة ان يكون في بيئة عمل مناسبة قائمة على الاستقلال والحياد والحماية وبضمانات تشريعية قوية تسهل عملها وأداء مهامها في حماية الملكية العقارية للدولة والمواطنين .

11-         خوف الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق من تعرضهم للمسائلة القانونية امام القضاء او الأجهزة الرقابية ، أو الجزاءات الإدارية المصلحية ، بسبب خطورة التعرض للملكيات العقارية المُتنازع عليها وتداولها ومع كثرة المنشورات والتعليمات المتداخلة والمتعارضة ، وتعارض العديد من المنشورات الفنية مع بعضها تارة ومع القانون والتعليمات تارة اخرى ، و التي تحظر التعامل على الأراضي محددة او مع افراد بعينهم او جهات بعينها ، وبالتزامن مع العجز الشديد جدا في عدد الموثقين (الأعضاء الفنيين بالشهر العقاري ) ومن المعروف ان الأيادي المرتعشة لا تنتج ، مع عدم وجود أي حماية او ضمانات لهم تمكنهم من تحقيق بحث الملكية واسنادها الى المالك الحقيقي ونقلها الى المشتري او المتصرف الية .

سادساً: -توصيات علاجها

 

تمهيد :-

ظاهرة انخفاض عدد العقود المسجلة (شهر عقاري) والمُقارنة عقارياً بين ثلاث محافظات مختلفة ومتباينة  ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ،  وهم جميعاً صورة مصغرة لعموم مكاتب الشهر العقاري بكافة محافظات جمهورية مصر العربية ، وبيان يقيني لأوضاع الملكية العقارية في مصر عامة ،  يستدعي منا ، بل أصبحنا كلنا مُلزمين كلاً في مكانه وموقعة إلى نظرة جادة وعميقة واهتمام حقيقي من الدولة عامه والسلطة التشريعية خاصه ومن المجتمع بجميع فئاته وطوائفه ومؤسساته ،  لوضع منظومة عقارية مُتكاملة الأركان والقواعد لحماية الملكية العقارية والمنقولة ، العامة والخاصة في ظل أجواء من الشفافية والعدل والحياد والنزاهة نحو إقرار مبادئ استقرار الملكية العقارية في مصر الجاذب الاول للاستثمار ، والداعم الأول للإصلاح الاقتصادي ، وحصر ومراقبة الثروة العقارية لمصر والمصريين ، وما يستلزم ذلك من إنشاء هيئة عقارية عليا مستقلة ذات اختصاص قضائي يتمتع اعضائها بالاستقلال الكامل فنيا وماليا واداريا والحماية والضمانات اللازمة لممارسة عملهم القانوني باستقلال وحياد ، وفقا للمادة 199 من الدستور ،  لإعداد كتيبة من الجنود المحترفين القادرين على حماية حقوق الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين للقضاء على مناخ الفساد والتلاعب بمقدرات الوطن والمواطنين والتعدي على أملاك الدولة ، هذه البيئة العشوائية الفاسدة والتي حكمتها الأهواء الخاصة والمطامع الشخصية ، وسيطرت عليها مافيا سرقة أراضي الدولة والمواطنين ، وانتهك فيها الدستور والقوانين بأكثر من صورة وطريقه ،الى جانب التدخلات والضغوط الداخلية والخارجية ، المباشرة بالتسجيل والتوثيق بالمخالفة للقانون ،

 

وفي ظل غياب الوازع التشريعي خلال الاعوام الماضية لدى المشرف على تنفيذ السياسات التشريعية العقارية وعلاقتها بالملكية العامة والخاصة ومدى ونطاق ارتباطها الوثيق بالتنمية الاقتصادية ، وليس ذلك فقط بل أدى غياب هيئة عقارية مستقلة لحماية الملكية العقارية وصونا للسلم الأهلي والاجتماعي وتزايد نسبة العقارات غير المسجلة إلى 95% ، أدى إلى تراكم قضايا الملكية العقارية بالمحاكم في مصر نظرا لحساسية موضوع الملكية العقارية في مجتمعنا المصري والتي لا تفرق بين ما هو عام وبين ما هو خاص وهروب مستمر للمستثمر العقاري المصري والعربي والاجنبي كنتيجة حتمية وطبيعية لكل هذه التداعيات المتزايدة سنوياً  . الأمر الذي يحتاج إلى تنظيم هذا الحق (حق الملكية) وحمايته وتحديد الهيئة المسئولة دستورياً عن حمايته ورعايته لتكون خط الدفاع الأول لحمايته والملاذ الآمن لرعايته.

 

وبناءاً على كل ما سبق أزمة التسجيل العقاري بمصر علاجها وحلها الوحيد هو علاج تشريعي بحت يبدء وينتهي بمجلس النواب بمصر ، وهو أمر ثابت على مر العصور من أن أزمة الشهر العقاري ومنذ عام 1920 م كان دوماً علاجها من خلال تشريعات جديدة وقوية وبصورة تدريجية ، كل عشرة سنوات وكما يحدث في كل دول العالم من تحديث التشريعات العقارية على الأقل كل عشرة سنوات وهو ما يحدث فعلياً ببعض الدول العربية الصديقة كدولة الأمارات العربية والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان من تحديث وتجديد تشريعاتها العقارية بصورة دورية لمواكبة التطور والنهضة العقارية المتنامية والمتزايدة بها سنوياً ، حتى بالدول العربية الأكثر معاناه اقتصادياً وأمنياً كدولة سوريا الشقيقة حيث حدثت تشريعاتها العقارية مرتان خلال الخمس سنوات الأخيرة ، ونجد في المقابل الوضع التشريعي العقاري المصري ، أخر إصدار تشريعي كان في عهد مصر المملكة عام 1946 م ومن وقتها ويعمل الشهر العقاري المصري بتشريع عقاري مر عليه أكثر من 75 عام

 

وسائل العلاج التشريعي: -

 

1-            إعادة هيكلة تشريعية إدارية شاملة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فنياً ومالياً وادارياً من خلال مشروع قانون جديد وجريء ينهض بمؤسسة التسجيل العقاري (الشهر العقاري) ، يتضمن استحداث سلطات تشريعية  وصلاحيات قوية ، وصولاً بها الى المعايير الدولية والعربية وتشريعاتها العقارية ذات الصلة ، وهو أمر نادى به مجلس النواب مرارا وتكرارا حول أزمة الشهر العقاري مؤخراً ، بجانب أزمة زحام مكاتب التوثيق ومطالبة مجلس النواب بتحويل الشهر العقاري الى هيئة مستقلة نهاية عام 2019 إنتهاءاً بأزمة المادة 35 مكرر في فبراير 2021 ، أعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري وليس مجرد تعديلات تشريعيه محدودة على قانون شُرع منذ 75 عام ، واثبت فشلة عملياُ ورسمياً بتشريع قانون السجل العيني عام 1964م ، وأعاده الهيكلة مطلوبة حتى تستطيع النهوض بنفسها وتنفيذ مهامها ويمكن محاسبتها ومتابعة خطواتها ، وبالرغم من سبق تقديم مشروع القانون المُرافق وإيداعه باللجنة التشريعية بمجلس النواب طوال الفصل التشريعي الاول ، وهو مشروع ذات مشروع القانون الحالي بعد تنقيحه ، ومُقدم من أكثر من 60 نائب برلماني .

 

 

2-            سرعة علاج الأزمة الدستورية القاتلة الناتجة عن حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية اللجنة القضائية بنظام السجل العيني وبسبب توقف عمل اللجنة القضائية بالسجل العيني ، توقف العمل بالقانون منذ صدور الحكم ، وحيثيات الحكم الدستوري فسرت ذلك  ان جهة الشهر العقاري جهة تنفيذية ادارية بحتة وأياً كانت لجان الشهر العقاري فقراراتها ستظل إدارية بحتة وليست قرارات قضائية وحتى ولو كان كل أعضاء اللجان من القضاة ، و بالتالي تخضع قرارات اللجان  للطعن عليها أمام القضاء الإداري وليس القضاء العادي ، وهو أمر مخالف للمتبع عالمياً بالنسبة لحجية وقوة لجان التسجيل العقاري بكل دول العالم ، وسيسبب المزيد من انهيار استقرار الملكية العقاري بمصر ، وزعزعة استقرار وهو ما يهرب منه المستثمر الوطني والاجنبي ، وسند المحكمة الدستورية في حكمها ، ان تشكيل اللجان القضائية  بالسجل العيني وفقا للقانون الحالي ، من قاضي وعضوان من المصلحة فهما لا يتمتعان بالاستقلال والحياد ولا يكفل لهم القانون ممارسة عملهم بضمانات وحماية تحول دون التدخل في عملهم والتأثير عليهم ترهيباً ،وترغيباً ، بعكس عمل القضاة والمحاكم وما تشمله المحاكمة القضائية من حياد وحماية واستقلال ... ألخ  ، نتج عن استقلالهم وحمايتهم  قرار أو حكم قضائي ذو حجية قوية وملزم في تنفيذه ، بعكس قرارات وأعمال لجان الشهر العقاري والذي حكم من المحكمة الدستورية العليا ، بعدم دستوريتها وإلغاءها ، كما يبق وتناولنا هذه الأزمة الدستورية تحديداً ، عن سببها ونتائجها وعلاجها التشريعي .

 

3-            ضرورة سرعة النص تشريعياً على تشكيل لجان عقارية قضائية بسلطات وصلاحيات جديدة داخل هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي ، تضمن سرعة التسجيل العقاري وسهولته من ناحية ، ومن ناحية أخرى من ضمن مهامها ، وكعلاج تشريعي فوري مستحدث للإسراع في إثبات وتسجيل نسبة الـ95% من أراضي وعقارات مصر الغير مسجلة ، بعد ان توقفت نسبة العقارات المسجلة عند نسبة اجمالية لكامل الجمهورية لا تتعدى الـ5% ، وما سيحقق ذلك من أهداف قومية جديرة بالاهتمام ، واقتصادية عظيمة وتوفير المناخ المناسب للاستثمار ، ومن ناحية ثالثة ، سيزيد إيرادات الشهر العقاري من اثنان مليار سنويا ًوفقا لأخر عام 2019 ، الى ما يقرب من المائة مليار سنويا كبداية أولى متوقعة بعد التشريع الجديد ، ستصب جميعها في الخزانة العامة للدولة ، وستكون أحد أهم مصادر الدخل القومي الداخلي للخزانة المصرية حال الاهتمام بها وتشريعها وتنفيذها .

 

4-            ضرورة النص تشريعياً على استحقاق الدولة رسوم جديدة عند التسجيل النهائي لسلسلة توكيلات البيوع والتصرفات والتي فاضت بها مكاتب التوثيق ، كأحد صور البيع والشراء (المستترة) ، لسهولتها وسرعتها و انخفاض رسومها (10 جنيهات للتوكيل ) ، وهروباً من صعوبة وعيوب التسجيل العقاري ومشاكله الذي أصبح تقريباً من المستحيلات ، باعتراف الدولة نفسها بكافة سلطاتها [التشريعية والتنفيذية والقضائية ] ، وأضاع الوضع الحالي على الدولة مئات المليارات سنوياً ، بعزوف المواطنين عن التسجيل العقاري ، ولجوئهم لنظام توكيلات البيع ، ومن هنا قد حان الوقت تشريعياً للقضاء على هذه الظاهرة تدريجياً ، من خلال فرض رسوم جديدة عند تسجيل العقد النهائي على كل توكيل من سلسلة توكيلات (البيوع) حتى الوصول للمالك الأول (الموكل الأصلي) انتهائاً باخر وكيل (اخر مشتري مستتر) وبالتالي كل توكيل بيع موثق هو بالفعل صفقة بيع مكتملة الاركان تمت بعيداً عن عيون ومراقبة الدولة ، (اقتصاد غير رسمي) وتجارة بالمليارات تتم تحت السلم ، ولم تحصل الدولة رسومها ولا ضرائبها ، ومنعها من معرفة حجم السوق العقاري الحقيقي وفقا لبيانات دقيقة ، لتحديد خطة الاستثمار والإصلاح الاقتصادي ، وخلقت البيئة المناسبة للأسف لغسيل الأموال المجرمة من خلال التصرف والبيع بموجب توكيلات بيع بمكاتب التوثيق وليس بعقود بيع نهائية مسجلة تضمن استقرار الملكية العقارية وتداولها واستثمارها واستغلالها  .

 

 

المبحث العاشر

علاج أزمة المادة 35 مكرر الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020

والعيوب الدستورية والتشريعية وأوجه النقد القانونية الموجهة إليها

مقدمة:

المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020 نهاية دور الإنعقاد الأخير لمجلس النواب بالفصل التشريعي الأول ، والتي ثارت بشأنها أزمة الشهر العقاري بداية عام 2021 مع بداية دور الإنعقاد الأول لمجلس النواب بالفصل التشريعي الثاني بعد الرفض الشعبي لها واعتراض أعضاء مجلس النواب اغلبية ومعارضة  عليها لمخالفتها للدستور والقانون ، وتدخل السيد الرئيس لحل الأزمة بتأجيل سريان المادة 35 مكرر لمدة عامين ، بالقانون رقم 6 لسنة 2021 ، لإعادة النظر فيها ،وتقديم مشروع قانون متكامل لتطوير وإعادة هيكلة منظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وهو مشروع القانون المرافق "مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق" .

 

تسهيل إجراءات التسجيل هدف قومي يسعى إليه جميع سلطات الدولة وخاصة السلطة التشريعية ويحقق رغبة ملحة من المواطنين، ويصون ممتلكاتهم ، وهو ما يعكس واجب الدولة دستورياً نحو تسهيل إجراءات التسجيل العقاري لحماية حقوق الملكية، وإثباتها أو نقلها، أمام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، والمزايا الإيجابية والفوائد المتنوعة لا تعد ولا تحصى كنتيجة مباشرة لتوثيق الممتلكات العامة والخاصة، ليس فقط حماية للملكية العقارية ومنع التعدي عليها، بل لها مردود إيجابي اقتصادي واجتماعي وأمني، بما يحقق مبدأ استقرار الملكية العقارية، وهو الجاذب الأول للاستثمار.

 

وحيث ان القانون رقم 186 لسنة 2020، (المادة 35 مكرر من قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946) قد أصابها عوار دستوري وقانوني، وأثارت ازمة وجدل كبير سواء بمجلس النواب اثناء مناقشتها عام 2020 ، و رفض من جميع فئات المجتمع المصري على مدار شهري يناير وفبراير 2021  بمناسبة قرب سريان احكامها في السادس من مارس 2021، ثم ثورة برلمانية من كافة الفئات السياسية ضد المادة 35 مكرر ، وخلت المادة 35 مكرر من تقديم أي تسهيلات حقيقية في إجراءات التسجيل العقاري بمصر، كما ذكرت مذكرتها الإيضاحية ،ولائحتها التنفيذية بل بالعكس زادت من تداعيات أزمة التسجيل العقاري، وهددت الملكية العامة والخاصة، وأمتد تأثيرها الضار بحظر توصيل المرافق العامة والتراخيص لـ 95% من عقارات مصر، وشل حركة تداول العقارات والاستثمار فيها  ،

 

مادة 35 مكرر والتي نصها :- " اذا كان  سند  الطلب حكماً نهائياً يثبت انشاء حق من الحقوق العينية العقارية الاصلية او نقله او تقريره او تغييره او زواله يجب على أمين المكتب اعطاء الطلب رقما وقتيا شهراً او قيداٌ في سجل خاص لكل منهما يعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر ويتحول الرقم الوقتي الى رقم نهائي ويترتب عليه الاثار المترتبة على شهر المحرر او قيده وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض ويكون الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضى الامور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بأحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن ويصدر القاضي قراره مسبباً بقبول الاعتراض وإلغاء الرقم أو برفض الاعتراض ، وذلك خلال  سبعة أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقروناً بالمستندات المؤيدة له ويكون القرار الصادر في هذا الشأن  نهائيً .

وعلى شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات او اتخاذ أي اجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار الا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر والقيد. "

وتضمنت مذكرته الإيضاحية: -" أن التعديل تضمن نص مستحدثاً لنقل الملكية يقضى بأن وجود حكم نهائي يكون سنداً لطلب الشهر ويثبت إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الاصلية أو نقله او تقريره او تغييره او زواله فأوجب على أمين المكتب إعطاء الطلب رقماً وقتياً شهراً او قيداً في سجل خاص لكل منهما يعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر ويتحول الرقم الوقتي إلى رقم نهائي وتترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض.

وأتاحت المادة المضافة الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضى الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بأحدي الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن على ان يصدر القاضي قراره مسبباً بقبول الاعتراض والغاء الرقم او برفض الاعتراض وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقرونا بالمستندات المؤيدة له ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائياً، وبذلك يفتح باب جديد لتسجيل الملكية ويطبق الاحكام النهائية ويحترم حجيتها.

وألزمت المادة شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات او اتخاذ أي اجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر او القيد لضمان استمرار نقل الملكية المشهرة قانونا، وأناطت المادة باللائحة التنفيذية بيان إجراءات وقواعد تطبيق لأحكامها. "

وفي ضوء ما سبق وعلاجاً تشريعياً جذرياً للمادة المادة الكارثية رقم 35 مكرر بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020، والمؤجل سريانها لمدة عامين، بالقانون رقم 6 لسنة 2021 يكون علاجها تشريعياً في ضوء تكليفات السيد رئيس الجمهورية بإعادة النظر فيها، وتقديم مشروع قانون متكامل لتطوير وإعادة هيكلة منظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر:-

أولاً : إلغاء المادة (35 مكرر) بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 وهو ما تم ب (المادة السادسة) من مواد الإصدار بمشروع القانون المرافق "مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق".

ثانياً : تقديم مشروع قانون متكامل لتطوير وإعادة هيكلة منظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر من خلال مشروع القانون المرافق "مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق".

بسبب ما لحق المادة 35 مكرر من عيوب دستورية وتشريعية ونقد قانوني وفقاً للعرض التالي :-

 

 

العيوب الدستورية والتشريعية وأوجه النقد القانونية الموجهة للمادة 35 مكرر

أولاً  : التعديل التشريعي بالقانون رقم 186 لسنة 2020 بإضافة المادة 35 مكرر الى القانون 114 لسنة 1946 ، مخالف للدستور حيث ان الدولة ملتزمة دستورياً بحماية الملكية العامة والملكية الخاصة والملكية التعاونية طبقا للمادة 33 من الدستور ، وان للملكية العامة حرمة لا يجوز المساس بها ، وحمايتها واجب وفقا للقانون وذلك طبقاً للمادة 34 من الدستور ، والملكية الخاصة مصونة طبقا للمادة 35 من الدستور ، ووفقا لهذا التعديل التشريعي الغامض يفتح الباب على مصراعيه لمافيا سرقة الأراضي من خلال اصطناع نزاعات عقارية قضائية وهمية والفوز بحكم قضائي عقاري لم يبحث به ملكية ولا تكليف ، ولم يختصم به الملاك الأصليين الحقيقين ، وأحكام قضائية غالبيتها انتهت بالتسليم بالطلبات للمدعي صلحاً ، وألاف الاحكام القضائية العقارية التي تم رفضها بمأموريات الشهر العقاري المختصة لإدعاء أطرافها ملكية الغير سواء كان الغير الدولة او الأفراد ، أو التي لا تستند ملكيتها لسندات ملكية مسجلة ، مما سيفتح كل الأبواب المغلقة منذ عقود طويلة ،  للإدعاء زوراً بملكية الغير واستصدار حكم قضائي بها ولا يعلم به المالك الحقيقي وقد يكون مالكاً بعقد مسجل ، والمفروض أن الدستور والقانون يحميه ويحمي ملكيته وليس يساعد على سرقتها والتعدي عليها ، لكن بموجب هذا التعديل التشريعي الكارثي أصبح كل الشعب المصري مهدد بسرقه أرضه أو عقاره من خلال نزاع قضائي مصطنع ثم يتوجه المعتدي مستفيداُ من التعديل التشريعي من تقنين سرقته الغير مشروعة  ، وتحويلها لعقد مُسجل مشروع قانوناً ، ويهرب من المساءلة القانونية مدنياً وجنائياُ .

ثانياً : التعديل التشريعي الكارثي سيخلق بيئة خصبة لمافيا سرقة الأراضي و لنا تجارب إجرامية مشهورة من مافيا سرقة عقارات وسط البلد بالقاهرة والإسكندرية وبورسعيد وغيرهم وإصطناع عقود مزورة أو نزاعات عقارية وهمية ، وحصلوا بموجبها على أحكام قضائية بالصحة والنفاذ ، واستطاعوا الاستيلاء على ألاف العقارات المملوكة للدولة أو لأجانب أو مهاجرين ، أو حتى لمصريين مقيمين بداخل أو بخارج البلاد ، هذا التعديل التشريعي للأسف يدعم بصفة اساسية مافيا سرقات الاراضي وضياع الحقوق والأملاك مما يسهل سرقة الاراضي من خلال عقود البيع العرفية المزورة والمصطنعة ، ويوجد كثير من المُلاك تاركين ملكياتهم في أمان ومسافرين خارج البلاد لثقتهم في وظنهم ودستوره وقوانينه ، وبتعديل تشريعي في مادة واحدة كارثية، سينهار ما تبقى من استقرار الملكية العقارية بمصر وهو المبدأ الأساسي الذي يجب ان يهدف الية أي تشريع عقاري . ومع ثقتنا الكاملة في هدف الحكومة في علاج أزمة الشهر العقاري بطريقة أو بأخرى لذكرنا أن التعديل التشريعي موجه لصالح علاج نزاعات قضائية شخصية معينة.

ثالثاً  : مبدأ النشر بأحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار لا يحقق العلم اليقيني والفعلي بعملية الشهر المؤقت في ثوبه المشوهة الجديد ، فلابد من الإعلان الفعلي وليس الحكمي ، فأننا نتحدث عن تسجيل الثروة العقارية المصرية ، أننا نعبث حقيقة بحقوق الملكية العامة والخاصة ، يا سادة أنها أخطر الحقوق الدستورية على الأطلاق ، وفي فلكها تدور باقي الحقوق الدستورية الأخرى ، فعلى أي أساس دستوري أو قانوني اعتماد النشر بأحدى الصحف اليومية ، ولمدة شهر من تاريخ النشر وعلى الأقل ان يكون النشر يومياً ولمدة شهر ، وهو طبعاً أمر مرهق ومكلف وقد يتعدى القيمة السوقية للعقار أصلاً ، ولن يجدى أبداً النشر في الجرائد بأحدى الصحف القومية ، ودون اعتراض من أحد في منع هذه الجريمة العقارية ، الأمر برمته يترجم عدم وجود أي اهتمام باستقرار وحماية الملكية العقارية لمصر والمصريين ، ويعكس حجم الاستهتار وعدم المسؤولية بحقوق الملكية العقارية الأخطر على الأطلاق ، الهدف المُعلن من التعديل التشريعي الكارثي  ظاهره هو تيسير الإجراءات وسرعتها ولكن ما يخفيه وهو على حساب مبادئ حماية الملكية ومنع اغتصابها ، وضرورة الحذر جداً جداً عند نقلها من شخص لآخر ، في أطار من المرونة والسرعة الممزوجة بالتدقيق والبحث والمراجعة القانونية المتعمقة ،  أننا هنا نتحدث عن النشر العقاري بالصحف وفقاً مجموعة من الافتراضات الوهمية غير الواقعية والغير صحيحة والمتمثلة في :-

1-            على أساس افتراضي غير صحيح ان جميع ملاك العقارات من المصريين والأجانب داخل مصر وخارجها يجيدون اللغة العربية، ويقرأون الجرائد والصحف القومية يومياً، وحتى المتابع منهم لقراءة الصحف القومية الورقية ، لا يلتفت كثيراً إلى الإعلانات المبوبة أو العقارية ولا تجذب أنتباهه من الأساس ، وحتى المنتظمين معظمهم لا يقرأ الصحف الورقية يومياً ، وقد يكون يوم نشر الرقم الوقتي للشهر المؤقت في ثوبة الجديد بإحدى الصحف القومية ، لم يطلع عليها صاحب المصلحة والصفة ممن له حق الاعتراض على رقم الشهر الوقتي .

2-            على أساس افتراضي غير صحيح أن جميع الملاك المصريين يستطيعون القراءة والكتابة، وهل من المنطق والعقل والعدل ؟؟!! أن من لا يستطيعون القراءة سواء لسبب تعليمي أو صحي، يكون ذلك سبباً غير مقبول تحت أي وضع لضياع حقهم الدستوري والقانوني في حماية ملكيتهم العقارية ؟!! ، أنه بالفعل استهتار حقيقي بالحقوق ، وتسهيل سرقتها وضياعها ، وللأسف داخل إطار المشروعية القانونية .

3-            على أساس افتراضي غير صحيح ان بيانات العقار المساحية المنشورة صحفياً ، صحيحة ومطابقة للبيانات المساحية الصحيحة والحديثة الصادر بشأنها الرقم الوقتي بالحكم العقاري القضائي من اسم الشارع ورقم الملك أو رقم القطعة وأسم الحوض ..... ألخ  ، وجميع العاملين في القطاع العقاري يعلمون جيداٌ ان البيانات المساحية تتغير من وقت للأخر فيما يعرف بالمساحة الحديثة والمساحة القديمة ، وضرورة وجود كشف تحديد مساحي حديث يوضح بيانات العقار الصحيحة والحديثة من مسطح وحدود وقطع مجاورة وهل بالمشاع أم مُحدد ومفرز.

4-            على أساس افتراضي غير صحيح أن مدعي الملكية لن يقوم بسوء نية بشراء جميع الصحف القومية ببضعة ألاف من الجنيهات قبل عرضها ونشرها بمحلات ومنافذ بيع الصحف والجرائد وخاصه بمكان العقار أو بموطن المالك الأصلي الحقيقي أو الغير ذو الصفة والمصلحة والذي من حقهم الاعتراض وفقاً للتعديل التشريعي الغامض وذلك للهروب من علم ذوي المصلحة والصفة ممن لهم حق الاعتراض القانوني بعملية الشهر الوقتي المؤقت ، وتفويت الفرصة عليهم في العلم بنيته تسجيل العقار لصالحه دون علمهم ، تحايل قانوني واضح من خلال ثغرة تشريعية خطيرة بالمادة التشريعية المقترحة ، فببضعة الاف من الجنيهات وتمكنه من حجب الصحف القومية على ممن له حق الاعتراض على الرقم الوقتي قبل شهر من تاريخ النشر ، والفوز بسوء نية بملكية عقار أو أرض بملايين الجنيهات ، وبعملية تسجيل قانونية مشروعة وسيحصل في النهاية على رقم شهر نهائي وأصبح مالكاً بعقد نهائي مسجل ؟؟!!

5-            الغالبية العُظمى حالياً من المصريين وغيرهم يحصلون على المعلومات من خلال الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية وأحيانا الإذاعة، وجميع هذه الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، لا توفر حتى العلم اليقيني والفعلي، متعلق بنقل وتسجيل الملكية العقارية، فتنظيم الملكية العقارية مسالة في منتهى الخطورة يشترط فيها العلم اليقيني الفعلي.

6-            لماذا لا يتم النشر والإعلان بطريقة مادية واضحة للجميع على العقار ذات نفسه من خلال إعلان كبير مطبوع بمكان ظاهر أو بأكثر من مكان على أرض أو حائط العقار ،حتى نتيقن من علم الجميع بعملية الشهر والتسجيل المؤقت والاستثنائي ، وأتاحه الحق القانوني في الاعتراض لكل ذي مصلحة أو صفه ، فالنشر والإعلان أحد إجراءات محاضر التحقق من وضع اليد بالشهر العقاري ، فلماذا استثناء على الاستثناء ولمصلحة من ذلك ؟؟!! ، وفرق كبير من تلقي أقوال الشهود والجيران ورجال الإدارة بموطن العقار ، وبين النشر بالصحف الورقية مرة واحدة وبعد مرور شهر من تاريخ النشر يتحول الرقم الوقتي الى رقم نهائي مُشهر ، وتنتقل الملكية العقارية للصادر لصالحه الحكم وتضيع الملكية في لحظات .

رابعاً : ضرورة اختصام وإعلان الملاك الأصليين للعقار ، من مبادئ التسجيل  العقاري الأساسية بمصر وكل دول العالم ، وما يتبعها من نظام الأسبقية العقارية في تقديم الطلبات ، ومراجعة التعارض والتداخل بين طلبات التسجيل العقاري ، سواء بين الملاك البائعين وبعضهم أو بين المشترين وبعضهم ، أو عند تداخل العقارات والمسطحات نظرياً في الطلبات المقدمة للمأمورية المختصة ، كل ذلك يحتاج الى بحث ومراجعة وتحقيق مأمورية الشهر العقاري المختصة ، وكل ذلك لم يتطرق له الحكم القضائي العقاري ، وهي مبادئ عقارية ثابتة مصرياً وعربياً ودولياً ، من أجل  حماية لحقوق الملكية الدستورية والقانونية ، وهو ما لا يتم نهائياً بحثه وتحقيقه بالأحكام القضائية العقارية ، فلا يشترط أن يتم اختصامهم ، وبالتالي ما سيحدث هي جريمة عقارية مكتملة الأركان في تسهيل وتقنين سرقة ممتلكاتهم ، بشهر أحكام قضائية عقارية لم يختصم بها الملاك الأصليين للعقار.

ومجرد التفكير بانه يمكن تسجيل حكم قضائي عقاري لم يتم فيه اختصام الملاك الأصليين والحقيقين للعقار ، وبموجب تعديل تشريعي  فكرة شيطانية كارثية لم تخطر على بال مافيا سرقة الأراضي ذاتهم ،و فكرة أحكام الصحة والنفاذ ما بين بائع ومشترى والتي لا يتم فيها اختصام المالك الأصلي فكرة كارثية و يفتح المجال لضياع حقوق الأفراد ، بجانب منظومة التسجيل العقاري الهشة والضعيفة والتي تحتاج الى إعادة هيكلة فورية وشاملة موضوعيا ، وإجرائياً ، والتي تعاني من مشاكل وأزمات ونقص الإمكانيات وقلة العمالة حسب اعتراف رسمي من وزارة العدل أن معظم مقرات الشهر العقاري والتوثيق لا تصلح للتطوير في الأصل ، وعدم وجود بيئة عمل صالحة بخلاف العائد المادي للعاملين بالشهر العقاري والتوثيق وعدم وجود أي ضمانات أو حماية لعملهم سواء تشريعياً أو إدارياً .

خامساً الشهر المؤقت كإجراء استثنائي جداً في التسجيل العقاري بنظام الشهر الشخصي وفقا للمادة الأصلية رقم 35 من قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، بيكون عند استحاله تنفيذ أي من أسباب الإيقاف الفني في أي مرحله من مراحل بحثه فيتم اللجوء لأخذ رقم شهر مؤقت خوفاً من سقوط الطلب ويعد المكتب مذكره مؤيده أو رافضه لتأكيد رقم الشهر الوقتي والرأي الأعلى لقاضي الأمور الوقتيه ، وبالتالي فدور مأمورية الشهر العقاري المُختصة ، ودور إدارة المراجعة الفنية بالمكتب الرئيسي ، ودور أمين المكتب بكل محافظة ، في مراجعة شروط وأحكام الشهر المؤقت وفقاً للمادة 35 ، وان الإيقاف الفني المُحرر لصاحب الشأن مطابق للقانون والتعليمات ثم رفع الأمر أمام قاضي الامور الوقتية ، والذي غالباً ما ينحاز لرأي أعضاء الشهر العقاري ورفض طلب الشهر المؤقت ، بعد اقتناعه لأسباب الإيقاف الفني ومذكرة الاعتراض ، والتي غالباً ما تكون بسبب عدم اختصام الملاك الاصليين الحاليين او تجاوز الحكم القضائي للمسطح محل التعامل العقاري على أرض الواقع بالطبيعة وفقاً لكشف التحديد المساحي ومراجعة المكتب الهندسي أو بسبب ان سند الملكية أصلاً غير مسجل أو الملكية مقيدة بأسماء ملاك أخرين غير المُلاك المختصمين بالدعوى والحكم القضائي العقاري وغالباً ما يكون المالك الأصلي هي الدولة سواء ملكية خاصة أو عامه والنزاع القضائي العقاري بين أفراد طبيعيين عاديين ولم يتم اختصام الدولة ومؤسساتها ، كالأوقاف مثلا أو القوات المسلحة ، وغيرها من عشرات الحالات التي يتعذر أو يستحيل فيها تسجيل الحكم النهائي وغالبية أسباب الإيقاف الفني صحيحة قانوناً وتهدف جميعها لحماية الملكية العقارية للوطن والمواطن  .

سادساً : هناك عدد كبير جدا من الأحكام القضائية العقارية لم يتم شهر صحيفتها القضائية من الأساس ، وهو أمر وارد الحدوث وبالتالي لا يوجد لها كشف تحديد مساحي ولم يتم التأكد من بياناتها العقارية الصحيحة وفقاً للخرائط المساحية المعتمدة ، وللأسف سينحصر البيان المساحي على المسطحات والحدود الواردة بعقد البيع العرفي ولم يتم التأكد من صحتها ، والتي غالباً ما يتم اكتشاف عدم دقتها واختلافها كليا عن المسطحات الحقيقية المسجلة بالشهر العقاري والمساحة ، ومن واقع التجارب العملية الفنية بمأموريات الشهر العقاري عند تسجيل الاحكام القضائية العقارية النهائية ، وعلى سبيل المثال ، يصدر الحكم القضائي بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ كذا والمتضمن بيع الطرف الاول البائع الى الطرف الثاني المشتري مسطح وقدره عشرة أفدنة زراعية بناحية كذا ، وعند المراجعة القانونية بالمأمورية المختصة لسند ملكية البائع ان وجد او عند المراجعة الهندسية للمسطحات والحدود وسواء نظريا على الخرائط المساحية أو على الطبيعة بالأرض محل التعامل بعقد البيع الابتدائي ، نلاحظ ان حقيقة التعامل العقاري رسمياً وفقاً لسند ملكية البائع هو سبعة أفدنة فقط ، وليس عشرة أفدنة كما صدر الحكم القضائي العقاري بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي ، وللأسف وفقاً للتعديل التشريعي المشوهة سيتم تسجيل العشرة أفدنة كما وردت بعقد البيع الابتدائي المحكوم قضائيا بصحة ونفاذة ، مما سيسبب المزيد من انهيار استقرار الملكية العقارية ، والمزيد من النزاعات العقارية العرفية والقضائية ، وليس كما ورد بالمذكرة الايضاحية من أنه يهدف الى تيسير الاجراءات وباب جديد لتسجيل الملكية العقارية ، ولكن للأسف تم التعديل التشريعي بدون دراسة وسينتج عنه المزيد من النزاعات العقارية ، وهو أمر يهدد السلم الاجتماعي والأمن القومي ، والأمن القانوني والتعاقدي من تسجيل احكام عقارية قضائية لم تبحث فيها المسطحات الحقيقية محل التعامل وفقا لسندات الملكية المربوطة بالملاك الأصليين أو وفقاً للخرائط المساحية المعتمدة نظريا وعملياٌ ، هذا مثال عقاري بسيط لشرح النتائج الكارثية السلبية عند التطبيق العملي والمدمرة الناتجة عن هذا التعديل التشريعي الكارثي بكل المقاييس التشريعية والعقارية  سابعاُ : التعديل التشريعي يهدف الى إلغاء دور الشهر العقاري في حماية ومراجعة نقل الملكية بصفته الجهة الحصرية المنوط بها قانونا إثبات الحقوق العينية العقارية الأصلية والتبعية و تنظيم تداولها ونقلها ، حماية لها من العبث والتلاعب ، لأن موضوعها حق الملكية ، أهم الحقوق الدستورية على الاطلاق ، و حسب المعلن من المذكرة الايضاحية لمشروع قانون اضافة المادة 35 مكرر الى القانون 114 لسنة 1946 ، من ان الهدف من التعديل التشريعي المحدود جدا هو فتح باب جديد لتسجيل الملكية ويطبق الاحكام النهائية ويحترم حجيتها ، فهو يهدف الى فرض الحجية القضائية العقارية على الطبيعة القانونية الاستثنائية للشهر العقاري ، من أنها الجهة الحكومية الوحيدة ، وبموجب قانون إنشاءها التي لها الحق في مراجعة الاحكام القضائية العقارية ، وإعادة بحث حقوق الملكية العقارية التي تضمنها الحكم القضائي ، لان الحكم القضائي لم يبحث الملكية واسنادها لمالكها الحقيقي ، وأصبح من الواضح للجميع ان هناك اتجاه غريب من نوعه والأول عالمياً ، وهو الاعتراف فقط بالأحكام القضائية العقارية كطريق اساسي لتسجيل الملكية العقارية وليس ذلك فقط ، بل ولأبعد من ذلك ومن خلال نظام الشهر المؤقت الاستثنائي جداً . وأصبح دور الشهر العقاري هو دور تنفيذي بحت لقيد مضمون الاحكام القضائية العقارية بالدفاتر دون بحثها اكتفاءاً بحكم القاضي الموضوعي وقرار القاضي الوقتي وحتى وان كانت لم تبحث فيها الملكية، وعلى حساب ضمان استقرار الملكية العقارية وحمايتها من خلال إجبار الشهر العقاري على تسجيل الأحكام القضائية العقارية المعيبة.

ثامناً : حل مشكلة التسجيل العقاري وتشجيع المواطنين علي ذلك من خلال إسقاط الحلقات المسجلة بحلقات (بيع عرفية) لابد أن يكون وفقاً لأساس دستوري سليم و قانوني قوى للحفاظ على الحقوق فإذا ما نظرنا لأسباب كسب الملكية العقارية السبعة سنجد من بينهم (العقد ، التسجيل ، وضع اليد ) وكلاهما في نفس المركز القانوني وكلا منهما مستقل عن الاخر ، لذلك  يجب الاقتصار على إحكام تثبيت الملكية استنادا لوضع اليد المدة الطويلة للملكية (١٥سنة) أو التقادم الخمسي بشروط معينة  و ان تكون المحكمة بحثت وضع اليد وتحققت من شروطه.. مع ملاحظة ان المشرع عندما حدد وضع اليد كأحد أسباب كسب الملكية وضع نصب عينه استقرار الملكية وحث المالك على تسجيل ملكيته والحفاظ عليها ومعاقبته اذا أهمل في ذلك وقام الغير بوضع يده على العقار وضع يد هادئ وظاهر و مستقر وبدون منازعة وبنية التملك بان ينشأ للغير حق قانوني يستحق الحماية في مواجهة المالك الأصلي المهمل في حماية حقه. ويبقى الحل يقتصر على احكام تثبيت الملكية وهنا المدعى فيها يستفيد من وضع يد (سلفه) إذا كان مشتري منه بعقد عرفي اي خلف خاص حيث ان وضع يد الخلف الخاص مكملة لوضع يد سلفه وهكذا طبقاً للقانون .. من خلال إطار قانوني يستفاد من الحلقات العرفية فيه .. و مشروع القانون المرافق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" قدم تلك الحلول التشريعية فوضع اساس تشريعي لتفعيل نظام ما يسمى بمحاضر تحقيق وضع اليد على الطبيعة بمعرفة الشهر العقاري و تثبت الملكية من خلال اللجان ذات الاختصاص القضائي ،وهو ما يوافق ويترجم مقصد المشرع المدني الذي يعتبر وضع اليد سبب مستقل من أسباب كسب الملكية... الأساس القانوني موجود ويحتاج لتعديل تشريعي مُحاط بالضمانات من خلال قانون متكامل لمعالجة سلبيات المادة 35 مكرر وبالضمانات التي تساعد على وضع أساس قوى للملكية المسجلة والحفاظ على ملكية الدولة والأفراد..

تاسعاً : زيادة النزاعات العقارية القضائية بالمحاكم هو النتيجة الحتمية الفورية للتعديل التشريعي المُستحدث بإضافة المادة 35 مكرر الى قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، بالتوسع في استثناء الشهر المؤقت الوارد بالمادة 35 من القانون القائم ، لأنه من اليقيني أنه ليس جميع الملاك بعقود غير مسجلة يمتلكون أحكام قضائية عقارية نهائية ، بل لا تتعدى نسبتهم 10 % على اقصى تقدير إيجابي ، ونسبة 90% منهم يمتلكون بعقود بيع ابتدائية عرفية أو بوضع اليد أو بغيرهم من طرق اكتساب الملكية المعروفة قانوناً ، لم يصدر بشأنها حكم قضائي عقاري نهائي ، وعند هذه النقطة تحديداً ، يجب ان نتوقف كثيرا ، فبعد إقرار التعديل التشريعي الكارثي سيتوجه جميع الملاك الملكين بعقود عرفية الى المحاكم المدنية المصرية من أجل استصدار حكم قضائي عقاري نهائي بصحة ونفاذ عقدهم الابتدائي العرفي أو بتثبيت ملكيتهم بوضع اليد والتقادم ، وبالتالي سيسبب ذلك عزوف وهروب كامل للمواطنين على تسجيل ممتلكاتهم بالطرق العادية التقليدية أمام مأموريات الشهر العقاري المختصة ، وسيلجئون الى المحاكم وما أدراكم بالوقت الطويل جدا والذي قد يمتد لأكثر من عشر سنوات وهناك نزاعات قضائية عقارية تعدت الثلاثين عاماً ، فـ للأسف التعديل التشريعي أنحرف كلياً عن التيسير على المواطنين بل بالعكس أجبرهم على نظام الشهر المؤقت الاستثنائي وفرض عليهم اللجوء للقضاء أولاً وبعد سنوات طويلة يفوز بالحكم القضائي العقاري النهائي ويتوجه به الى أمين مكتب الشهر العقاري ، للاستفادة من الثغرة التشريعية القاتلة الواردة بالمادة التشريعية المقترحة رقم 35 مكرر ، وهو ما سيؤدي منطقياً الى المزيد من النزاعات العقارية القضائية ، وازدحام المحاكم بالقضايا العقارية ، وبالتالي زيادة بطء الفصل فيها ، وهو ما سيؤدي في النهاية الى تفاقم أزمة التسجيل العقاري بمصر ، وليس علاجها ، للأسف التعديل التشريعي لم يدرس العواقب الوخيمة والكارثية الناتجة على التوسع في نظام الشهر الوقتي المؤقت والذي نظمه المشرع المصري بإتقان عام 1945 ، ونحن اليوم ، نسعى للعبث به ، والتوسع فيه على حساب حماية الملكية العقارية لمصر والمصريين .

عاشراً : قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 محل التعديل التشريعي ، حظر قبول الدعاوي القضائية العقارية إلا بعد شهر صحيفتها أمام مأمورية الشهر العقاري المختصة ، وإلا حكمت المحكمة المختصة بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها ، وبالتالي فعلى جميع الأحوال وحتى في حال إقرار هذا التعديل التشريعي ، يجب شهر صحيفة الدعوى القضائية بالشهر العقاري حتى تقبلها المحكمة المختصة ، وبالتالي فنحن أمام زيادة في الإجراءات ، وتعقيد للأمور ، والمزيد من العقبات أمام المواطنين الذين لا يملكون بعد حكماً قضائياً عقارياً نهائياً ، من أجل الاستفادة من التعديل التشريعي بالمادة 35 مكرر ،

فمن الواضح ان الهدف التشريعي الحقيقي من التعديل التشريعي هو إلغاء وحذف دور مأموريات الشهر العقاري لتبدأ رحلة التسجيل العقاري المريرة بين أروقة المحاكم بحكم قضائي لسنوات طويلة ثم مروراً بأمين مكتب الشهر العقاري ، انتهائاً بقرار قاضي الأمور الوقتية ، حال عدم الاعتراض على الرقم الوقتي ، رحلة طويلة جداً ولكل لبيب ليس بها أي تيسير على المواطنين لتسجيل ممتلكاتهم أو تحفيزهم ودفعهم على تسجيلها ، كهدف قومي للدولة لعلاج أزمة التسجيل العقاري بمصر ، وبالإضافة لهذه الرحلة الطويلة العابرة للزمان والمكان ، وعلى جميع الأحوال ، تناسى التعديل التشريعي أن هناك مرحلة إجبارية قبل بداية الرحلة العقارية وهي ضرورة شهر صحيفة الدعوى القضائية أمام مأمورية الشهر العقاري المختصة ، قبل الحصول على الحكم القضائي ، وإلا حكمت المحكمة المختصة بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها القضائية .

 حادي عشر : دور قاضي الأمور الوقتية في الشهر المؤقت وفقا للمادتين (35 القائمة) و(35 مكرر المقترحة)

1-            في عملية الشهر المؤقت وفقا للمادة 35 الأصلية بالقانون 114 لسنة 1946 غالباً  في الواقع القضائي العملي بيصدر قراره بعدم الاختصاص ومن النادر ان أصدر قاضي وقتي قراراً بتسجيل شهر مؤقت ولا توجد حالة مثل واحدة ، ولن نتحدث هنا عن إحصائية بالقرارات القضائية العقارية الصادرة بالشهر المؤقت وفقا للمادة 35 قبل التعديل بإضافة 35 مكرر من قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، فلا يوجد حالة نزاع عقاري تم تنفيذها أمام قاضي الأمور الوقتية ، وغالباً ما ينحاز لإيقاف الشهر العقاري لأنها نزاعات ذات طبيعة فنية مدنية متعمقة

2-            وفقاً للتعديل التشريعي بالمادة 35 مكرر المستحدثة تشريعياً أصبح له دور مهم جدا وتقريباً أصبح قاضي الأمور الوقتية، جهة قائمة بذاتها للتسجيل العقاري للأحكام القضائية العقارية، بديلا عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، ويجب أن ينتهي منها خلال سبعة أيام فقط ؟؟!! سواء بالرفض أو بالقبول ، ونحن هنا نتحدث عن قاضي الأمور الوقتية ، وهو رئيس المحكمة الابتدائية ، ومن الثابت قانونا وفقاً للتنظيم القضائي المصري أن محور اختصاصه ولائي بحت وليس قضائي من خلال الأوامر التي يصدرها قُضاة الأوامر الوقتيه بما لهم من سلطه ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوى الشأن وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم وبدون تسبيب ، وطبعاً لا يوجد  قاض للأمور الوقتية في محكمة الاستئناف ، و وفقاً للتنظيم القضائي المصري اختصاصات قاضي الأمور الوقتية واردة على سبيل الحصر وطبيعتها استثنائية بأوامر على عريضة ولا يفصل في نزاع لأن اختصاصه استثنائي ولائي ، وليس قضائي كما هو الحال بقاضي الأمور المستعجلة ذو الاختصاص القضائي ، و أمر قاضي الأمور الوقتيه يمكن التظلم منه امام نفس القاضي ، ويتم  تنفيذ الحكم المستعجل بقوه القانون ولا يسقط بعدم تنفيذه أما الأمر الوقتي فينفذ بقوة القانون ولكن اذا لم ينفذ خلال ستة أشهر فانه يسقط.  فقرار قاضي الامور الوقتية تحفظي وقتي فهو يصدر أمراً وليس حكماً ولا يشترط تسبيبه بعكس سلطة قاضي الأمور المستعجلة ، وقاضي الأمور الوقتية ينظر الطلب الوقتي في خلوته وبدون سماع أقوال الشهور أو أياً من الخصوم وفي غير حضورهم ، وفي حالتنا محل النقد ، سيكتفي قاضي الأمور الوقتية من التحقق من مرور شهر على من تاريخ النشر بأحدى الصحف القومية للرقم الوقتي ليتحول بموجب التعديل التشريعي الى رقم نهائي مشهر ، ومن المعروف قانوناً ان سلطة قاضي الامور الوقتية هي سلطة ولائية وليست قضائية تنحصر على سبيل الحصر والاستثناء في اتخاذ التدابير واجراءات الضبط التي يراها كفيلة بحماية مصالحهم وتأمين مراكزهم على أساس الملائمة وتقدير الظروف الطارئة حتى يتم عرض النزاع على القضاء الموضوعي ، كل ما سبق الى جانب ان الاوامر التي تصدر من القاضي الوقتي لا تكون لها الا صفة الوقتية نظراً لأنها لا تستهدف حسم الخصومة او تقرير الحق وبحثه ولا تعدو ان تكون سوى اجراء من اجراءات الضبط والامن ، وأيضا قاضي الامور الوقتية لا يستنفذ سلطته  لأنها ولائية و وقتية ، فيجوز ان يعرض النزاع عليه فيفصل في موضوعه برأي مخالف أو معارض للأمر الذي أصدره على العريضة ، ويكون له الحق في العدول عن الأمر اذا ما تبين ان ما اصدره كان على اسباب خاطئة أو تغيرت الظروف ، ومن هنا نسعى الى إثبات ان أوامر قاضي الأمور الوقتية وعلى خلاف الاحكام القضائية لا تحوز حجية الأمر المقضي به ، فله حق سحب القرار أو العدول عنه ، فليس للأوامر الوقتية حجية الأحكام القضائية  ، وليس الغاية منها إحقاق الحقوق وإسنادها لأصحابها الأصليين والحقيقين وحسم النزاع العقاري موضوعياً وانما هي تدابير وقتية لا تحوز حجية قضائية تستهدف الحماية الوقتية والعاجلة وليس التسجيل العقاري لحق الملكية والذي من بين ابرز خصائصه انه دائم ومستمر وموضوعي ولا يسري عليه التأقيت والوقتية ، فدور قاضي الأمور الوقتية يكون ناجحاً في حماية المراكز الواقعية والسطحية انتظارا للفصل في النزاع أمام القضاء الموضوعي .

ثاني عشر : بحث الملكية وتحقيقها المُهمة الرئيسية لمأموريات الشهر العقاري المنتشرة بجميع الجمهورية ولكل مأمورية اختصاصها المكاني للعقارات الواقع داخل دائرة اختصاصها ، ووفقاً لنظام الأسبقية وبحث التعارض والتداخل وغيرها من مبادئ التسجيل العقاري والموجودة بكل دول العالم لإسناد الملكية العقارية لمالكها الحقيقي والأصلي ، والرجوع للمراجع المساحية والهندسية ، وسندات الملكية وتسلسلها ، وغيرها من إجراءات المراجعة القانونية والفنية ، لحماية الملكية العقارية ومنع اغتصابها ، وضمان انتقالها خالية من العيوب والمشاكل ، وكل ذلك لم يتم مراعاته بالمادة التشريعية (35 مكرر) ، بل بالعكس ضرب بها عرض الحائط ، وأحدثت تعارضاً مباشرا مع المبادئ العقارية القائم عليها نظام قانون الشهر الشخصي ، وأوجدت شرخاً فاسداً في قانون الشهر الشخصي ، وثغرة شيطانية لتقنين أوضاع مافيا سرقة الأراضي .

ثالث عشر : الفقرة الثانية من المادة المقترحة رقم 35 مكرر والمُستحدثة لأول مرة فرضت التزام قانوني على شركات المرافق العامة ومجالس المدن[ الكهرباء – المياه – الغاز – التراخيص - وغيرهم من الجهات ذات الصلة] بعدم نقل خدمات المرافق  او اتخاذ أي اجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر او القيد ، وهو أمر في منتهى الخطورة فـ بموجب هذا التعديل التشريعي الجديد ، سيتسبب في منع توصيل ونقل المرافق العامة لأي عقار بمصر ومن ضمنها طبعاً المياه ومن الثابت دستوريا ان الحق في المياه والشرب حق دستوري أصلي تناولته كافة دساتير العالم بالحماية  وليس فقط عند هذا الحد بل وكافة مواثيق حقوق الإنسان الدولية

 ومردود على الفقرة الثانية من المادة التشريعية المقترحة 35 مكرر بالأتي :-

1-            بموجب هذا التعديل التشريعي الكارثي لن يسمح بنقل المرافق العامة من مياه وكهرباء وتليفونات وغاز وصرف صحي وتراخيص البناء والهدم سوى لـ 5% فقط من عقارات مصر وهي النسبة المسجلة رسمياً شهر عقاري حتى الآن، ونسبة الـ95% الغير مسجلة لن تستطيع توصيل ونقل المرافق العامة إلا بعد تسجيل العقار رسمياً،

2-            من المعروف دوليا في التشريعات المدنية العقارية، من أن حظر توصيل ونقل المرافق العامة إلا إذا كان العقار مسجلاً، يتم تشريعه إذا كانت نسبة العقارات المسجلة تزيد عن نسبة 80% ، وهو ما لا يتوافر في الواقع العقاري المصري ، وباعتراف جميع سلطات الدولة من أن النسبة المسجلة 5% فقط ، 

3-            المادة المستحدثة تفترض ان الملكية مسجلة بكامل الجمهورية بنسبة 100% ، وطبعا هذا يصطدم مع الواقع المؤلم للتسجيل العقاري في مصر ، وفقا لآخر إحصائية صدرت عن وزارة العدل المصرية والمنشورة على موقعها الرسمي على الأنترنت ، من إن نسبة الأراضي المسجلة 5 % فقط من مساحة مصر كلها البالغة مليون كيلومتر مربع .

4-            المادة المستحدثة تفترض ان كامل التراب الوطني المصري يخضع بالكامل لأحكام نظام الشهر الشخصي ، بحكم ان المادة 35 مكرر المستحدثة تشريعياً بقانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، مع إن الواقع العملي والقانوني ، خلاف ذلك مطلقا ، فهناك جزء كبير أخر يخضع بالفعل لنظام السجل العيني والذي ينظم احكامه القانون رقم 142 لسنة 1964 ، وليس لنظام الشهر الشخصي محل المادة 35 مكرر ، وحتى النسبة المسجلة كلياً في مصر ووفقا لنظامي التسجيل (الشهر الشخصي أو السجل العيني) لا تتعدى 5% والباقي 95% غير مسجل من الأساس حتى الآن لا شهر شخصي ولا سجل عيني .

5-            التعارض والتناقض عندما نتحدث عن قاعدة قانونية ملزمة لجميع شركات المرافق العامة كافة، بعدم نقل خدمات المرافق، إلا بعد تسجيل التصرف رسميا وفقا لأحكام قانون الشهر الشخصي، مع أنه لا يطبق قانونيا وعمليا، سوى على 2% من إجمالي مساحة مصر، و3% خاضع لقانون السجل العيني.

6-            وحتى الأراضي والعقارات المسجلة وفقا لنظام الشهر الشخصي أو حتى وفقاً لنظام السجل العيني ، الملاك الحاليين المقيمين بها ، وهم من  لهم المصلحة الحقيقية والمباشرة في خدمات المرافق العامة ، ليسوا الملاك الأصليين الواردين بسندات الملكية ، فهم ملاك بعقود عرفية لم تسجل رسميا ، أو صادر لها حكم صحة توقيع ، أو على أقصى تقدير حكم صحة ونفاذ وغير مسجل ، وهذا هو المركز القانوني الضعيف لغالبية الملاك الحالين بالمجتمع المصري ، لما يقرب من 98% من ملاك الوحدات العقارية بمصر حاليا بعقود عرفية غير مسجلة ، وأحيانا بكونهم ورثة لملاك بعقود عرفية غير مسجلة ، وهذا ما تترجمه رسميا احصائية وزارة العدل الأخيرة – 5% - .

7-            ربط نقل الخدمات المرافق العامة بالتسجيل العقاري، سيفتح العديد من المنازعات والمشاكل بين المواطنين وشركات المرافق العامة، بخلافة تهديده واعتدائه المباشر على السلم والأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع المصري، لما سيسببه من استياء شديد وغضب عارم من المواطنين تجاه أجهزة الدولة الرسمية.

8-            ومن ناحية أخرى سيتم نقل مشكلات ونزاعات شركات المرافق العامة وإحالتها الى داخل أروقة ومكاتب الشهر العقاري، - (حرب بالوكالة) - وسيزيد من الصدام المباشر واليومي بين أعضاء وموظفي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق وبين المواطنين بسبب بطء الإجراءات وصعوبتها وبالتالي خلق أزمة جديدة لسلسلة أزمات الشهر العقاري التي لا تنتهي .

9-            سيزيد استياء المواطنين من خدمات الشهر العقاري والتوثيق، لأن للأسف الالتزام التشريعي الجديد ضمن القوانين المنظمة للشهر العقاري، وكان من الأفضل تشريعيا ان يكون داخل قوانين البناء والمرافق العامة والوحدات المحلية، وليس ضمن تشريع عقاري مدني بحت، ينظم احكام التسجيل العقاري.

رابع عشر: التعديل التشريعي المحدود يعتبر هروب من الحكومة لعلاج أزمة الشهر العقاري وطلب مجلس النواب نهاية الفصل التشريعي الأول بتقديم مشروع قانون بهيئة مستقلة للشهر العقاري، رغم انتهاء المهلة التي منحها لها مجلس النواب بالفصل التشريعي الأول، لتقديم مشروع قانون باستقلال الشهر العقاري وبالتزامن مع عدم ردها على مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" المقدم من 60 نائب وقتها. والهدف المُستتر للتعديل التشريعي المحدود هو تعطيل وعرقلة مشروعات أخرى تنظرها اللجنة التشريعية، وتحقق تطوير حقيقي وإعادة هيكلة لمنظومة الشهر العقاري بمصر وتعالج أزمة الشهر العقاري في التسجيل العقاري والتوثيق، وبما تخدم وتدعم الاستثمار.

خامس عشر : استهل القانون رقم 186 لسنة 2020 و المكون من مادة واحدة مكررة (35 مكرر) بعبارة "بعد الاطلاع على الدستور" وفي ذات اللحظة تغاضى عمداً القانون وكلياً عن تحقيق الحماية الدستورية لحق الملكية بأنواعها المختلفة والتي أكد على حمايتها الدستور في أكثر من مادة ، وعلى الرغم من كونه قانون عقاري موضوعي بحت ، إلا أنه قد ظهر بعيدا عن تقديم حلولاً وافكار تشريعية جديدة لحماية حقوق الملكية ، بما إن حق الملكية من أهم الحقوق الجديرة بالحماية الدستورية والتشريعية ، وبلغت الأهمية ذروتها ، بعد ان بلغت نسبة الفساد العقاري بمصر الى 90% من إجمالي حجم الفساد والاستيلاء على اراضي الدولة والمواطنين ، وهي الأعلى عالميا ، وأحد أهم عوائق الاستثمار بمصر ، ولأبعد من ذلك لم يحقق القانون تفعيل الاستحقاق الدستوري بالمادة 199 من دستور مصر 2014 والخاصة باستقلال الشهر العقاري واعضائه ، ، والذي استفتى عليه وأقره جموع فئات الشعب المصري ، وفرض عين على الدولة المصرية بمؤسساتها الثلاثة [التشريعية – القضائية - التنفيذية] بضرورة ترجمتها بمشروع قانون يحقق الاستقلال والحماية لمؤسسة التسجيل العقاري والتوثيق وأعضاءها الفنيون بما يوفر واستقرار وحماية الملكية بأنواعها العامة والخاصة في مناخ من الحياد والاستقلال والضمانات ، تعكس أهمية حق الملكية وخطورته وتكفل حمايته ، لتعلقه بالسلم الاجتماعي  والأمن القانوني والتعاقدي لمصر والمصريين.

سادس عشر : سبق وتم رفض نفس المادة التشريعية المقترحة (35 مكرر) ضمن مشروع قانون سابق تم تقديمة من الحكومة أمام اللجنة التشريعية ، بدور الإنعقاد الثالث بالفصل التشريعي الأول ، وكانت ضمن حزمة تعديلات تشريعية محدودة بالمادة السابعة من مشروع قانون سبق تقديمه ورفضه تحت مسمى (مشروع قانون تسجيل وقيد المحررات) في قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946، وبقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 .

سابع عشر : لم تحقق المادة (35 مكرر) تسهيل واختصار الاجراءات وإعادة تنظيم دورة العمل الحالية بنظام جديد يعالج القصور ومساوئ النظام الحالي للتسجيل العقاري والتوثيق، فمثلا قطاع التوثيق مازال العمل به في 75% من المكاتب بالدفاتر اليدوية بالمكاتب اليدوية منذ عام 1918 م ، وضرورة الاستعاضة عنها ببدائل جديدة حديثة اقل تكلفة واسرع زمنيا واكثر امانا واعلى جودة ومطابقة للمعايير الدولية لأمن الوثائق الرسمية ،وضرورة البدء في تطبيق نظام الوثيقة الموحدة والتي أوصت بها المفوضية الأوربية للموثقين ، مما يحقق توفير أكبر قدر للعضو من البحث الفني ،والمراجعة القانونية السليمة للمحرر المراد توثيقة، مما سيكون له بالغ الأثر الإيجابي في خروج عقد توثيقي سليم قانونا شكلا وموضوعا ، ومحكم الالتزامات وكامل الحجية ، كضمان حقيقي لحماية حقوق المتعاقدين ، فيما يعرف حاليا بالأمن القانوني والتعاقدي ، وكذلك إعادة النظر في نظام الحفظ والارشفة الحالي بما يتواكب مع النظم العالمية الحالية ، فما زال الحفظ الدفتري العقاري بمصر يعمل وفقا لطرق القرن الثامن عشر، والتي لاحقها التطوير حتى الجيل الرابع من الحفظ والأرشفة ، وما زال الحفظ العقاري المصري غارقا وببيروقراطية عقيمة بقاع نظام الجيل الأول البدائي ، دون تغيير أو تعديل .

وفي قطاع التسجيل العقاري لم يقدم القانون (المادة 35 مكرر) آليات تشريعية حقيقية لتسهيل اجراءات التسجيل العقاري وسرعة الفصل في المنازعات العقارية فلم يقدم القانون تقصير مدة التسجيل العقاري والتي تصل الى سنتين فمجمل ما قدمة القانون هو إضافة مادة مستحدثة (35 مكرر) فيما يعرف بالتسجيل الاستثنائي (الشهر المؤقت) ولم تحقق تبسيط وسرعة الاجراءات وهذا دليل يقيني على قصور القانون رقم 186 لسنة 2020 (المادة 35 مكرر) في تحقيق أهدافه التشريعية في سرعة وتبسيط الاجراءات ، والمكان الحقيقي لهذه التعديلات التشريعية المحدودة جدا هو قرارات وزارية على اقصى تقدير او بمنشورات فنية فرعية على أقل تقدير .

ثامن عشر: لم تحقق المادة (35 مكرر) إضافة اختصاصات وسلطات جديدة مستحدثة تساهم في تسهيل الاجراءات وسرعتها في ضوء التشريعات الدولية المقارنة الحديثة، وبما يكمل ويدعم مجموعة قوانين دعم الاستثمار بمصر الصادرة مؤخراً عن مجلس النواب، وبما يحقق الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لحقوق الملكية العقارية والمنقولة، بما أنها من الحقوق الرئيسية التي تناولها الدستور بالحماية لأهميتها وخطورتها، بل كل ما قام به مشروع القانون هو التوسع في نظام التسجيل العقاري الاستثنائي المعروف باسم الشهر المؤقت.

تاسع عشر: لم تحقق المادة (35 مكرر) إعادة هيكلة كاملة لمنظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر –إداريا وفنيا - كـ تطور تشريعي منطقي وضروري وحتمي ، بما يضمن قيام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بدورها القانوني الحصري في حماية الملكية العقارية لمصر والمصريين ، كمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية ، وأحد أهم أركان الاستثمار في مصر ، وهو مطلب حكومي مستمر ومطلب عام شعبي متجدد من جميع فئات الشعب ويخدم تنفيذ الدستور ، وصولاً للمعايير الدولية على الصعيدين التشريعي والمهني بعد مرور أكثر من 73 عاما على آخر إصدار تشريعي للشهر العقاري والتوثيق منذ ان كانت مصر مملكة عام 1946 م بما يضمن قيام الشهر العقاري بدوره القانوني كمكون من مكونات منظومة العدالة المصرية ، ولن يتحقق ذلك الا بخطوات تشريعية جذرية جريئة وقوية وبمشروع قانون جديد بإعادة هيكلتها ، بالتزامن مع اهتمام حكومي ودعم قضائي وهو مشروع القانون المرافق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" .

عشرون: لم تحقق المادة (35 مكرر) جمع شتات اختصاصات وسلطات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني وأعضائها ، وتوحيد المُصطلحات القانونية والفنية في قطاعي التسجيل العقاري والتوثيق المتعددة والمكررة والمترادفة والمتناقضة أحيانا ، والموزعة بين ستة قوانين للشهر العقاري والتوثيق والعشرات من القوانين الاخرى المتنوعة وفي مقدمتها وأهمها القانون المدني المصري ، وهو مطلب تشريعي حتمي يحقق التطور التشريعي العقاري المنتظر ، أسوة بالتشريعات العقارية الدولية وخاصه العربية منه ، فمصر هي الدولة الوحيدة بالعالم التي تنظم اجراءات التسجيل العقاري والتوثيق نظامان للتسجيل العقاري [الشهر الشخصي + السجل العيني] بين أكثر من سته قوانين مختلفة ، عبارة عن جزر منفصلة متعارضة ، مما تسبب في تعارض الكثير من أحكامها وتنوع خطير في أحكام و مصطلحات التسجيل العقاري والتوثيق ، طال كافة الاجراءات ، تشريعات قديمة ، تمتد جذورها للعام 1918 م ، لحقها عشرات التعديلات التشريعية والقرارات الوزارية المفسرة ومع كل هذا عجزت عن توفير الحماية الدستورية اللازمة لحقوق الملكية العقارية العامة والخاصة ، في حين أن بمعظم دول العالم يجمعهم تشريع مدني عقاري واحد أو أثنان على الأكثر ، لتوحيد الإجراءات والمصطلحات والأهداف وهو مبدأ تشريعي ثابت ، يعكس قوة الهيكل التشريعي وحسن تنظيمه وبصفة خاصه التشريعات  العقارية ، بما أنها جميعا تدور في فلك واحد نواته حق الملكية أهم الحقوق الدستورية على الأطلاق وتدور في فلكه سائر الحقوق  .

حادي وعشرون : لم تحقق المادة (35 مكرر) تقصير مدة التسجيل العقاري الطويلة وفقا لنظام الشهر الشخصي والذي ينظمه القانون رقم 114 لسنة 1946  ، ظلت كما هي والمقررة قانونا وفقا للقانون القائم بـ [عامان كاملان ] ، ولم يطرأ عليها أي تغيير من أي نوع ، ووفقاً للقانون وما زالت طويلة جدا بالنسبة لقرينتها بجميع دول العالم والتي تتراوح من أسبوع إلى ثلاثة أشهر .

ثاني وعشرونً: لم تقدم المادة (35 مكرر) وسائل تشريعية جديدة لحماية الملكية العقارية بأنواعها الخاصة والعامة ، ومنع اغتصابها والاستيلاء عليها ، والتي نص على حمايتها جميع دساتير مصر كافة ، وآخرها دستور مصر 2014 ، على الرغم من أن المشروع أستهل أول كلماته بـ "بعد الاطلاع على الدستور" ،بعدما تنوعت صور الاعتداء عليها ، وأمتلئت ساحات المحاكم بالنزاعات القضائية العقارية ، واستنفذت كامل طاقة الأجهزة الرقابية والأمنية لكشف جرائمها ،ومع انتشار مافيا سرقة الاراضي ، ومافيا غسيل الاموال ، وإخفاء الثروات ،والتهرب الضريبي ، وضياع الممتلكات وتكدس المحاكم بالقضايا العقارية في الوقت الذي تعاني منه المحاكم من تراكم لملايين القضايا التي لم يتم الفصل فيها منذ سنوات ، مع أننا كان الممكن منع حدوثها كليا وتشريعيا كخط دفاع وحماية أول ، فيما يعرف بـ "العدالة الوقائية" و خلقت أزمة بيروقراطية التسجيل العقاري بمصر ، مناخ طارد للاستثمار والمستثمرين ، وعزوف ملايين المصريين عن تسجيل ممتلكاتهم بسبب صعوبة وتعقيد عمليات التسجيل العقاري بمصر ، والتي يقرها الجميع الدولة بسلطاتها الثلاثة والمواطنين .

ثالث وعشرون : لم تقدم المادة (35 مكرر) أي ضمانات حقيقية ، أو حماية تشريعية تضمن استقلال الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، المكلفين بالسهر على تطبيق أحكام القانون ،  تفعيلا وترجمة لنص استقلالهم الدستوري ومفرداته الوارد بالمادة 199 من دستور مصر 2014 كأستحقاق دستوري واجب النفاذ.

أربع وعشرون : أقتصر القانون 186 لسنة 2020 (المادة 35 مكرر) على تعديل جوهري وحيد وهو التوسع في الاستثناء وليس علاج للقواعد الموضوعية ، فتم التوسع دون دراسة للعواقب الكارثية في إجراءات التسجيل العقاري الاستثنائي والنادر التطبيق في الشهر العقاري ، فيما يعرف بالشهر المؤقت على حساب تطوير نظام التسجيل العقاري العادي أمام المأموريات المختصة ، هذا التعديل التشريعي المحدود والفقير في قانون قديم صدر منذ عام 1946 منذ اكثر من 75 سنة وأنحصر التعديل في مادة واحدة فقط وهي المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 ، والقانون برمته يحتاج الى تغييره كلياً تشريعيا ً ، وللأسف تقرر التوسع في نظام التسجيل العقاري الاستثنائي والمؤقت وهو ما يعرف بالشهر المؤقت ، ولكن للأسف بشروط ومعايير جديدة لم تراعي حماية الملكية الخاصة والعامة ، وفتحت كل الأبواب المغلقة لتقنين أوضاع مافيا سرقة أراضي الدولة والمواطنين ، بموجب أحكام قضائية عقارية مصطنعة غالباً ، لم يتم بحث الملكية بها وإسنادها إلى مالكها الأصلي سواء الدولة أو المواطنين ، وتغاضى التعديل التشريعي المحدود ، أن منظومة التسجيل العقاري بمصر تحتاج كلها إلى إحلال وتغيير جذري بما يحقق إعادة الهيكلة الشاملة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق لتستطيع تحقيق أهدافها ومهامهما ، وهو ما طالب به مجلس النواب مراراً وتكراراً ، بضرورة تحويل الشهر العقاري إلى هيئة مستقلة ، بموجب تشريع جديد يقره مجلس النواب ، يضمن إعادة هيكلة كاملة لهذا القطاع في ضوء المادة 199 من دستور مصر ، فهل يفعلها مجلس النواب ويحقق هدف قومي يطالب به الجميع منذ سنوات.

خمسة وعشرون : المادة 35 مكرر المستحدثة تشريعياً  ، تفتقر إلى الارتباط التشريعي مع باقي مواد قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، والتي لم يطرأ عليها أي تعديل وهي معظم مواد القانون ، مما أدى إلى التعارض معها ، وخاصه فيما يتعلق بشهر صحائف الدعاوي القضائية العقارية و تسجيل أحكامها النهائية ، والأثر الرجعي لحجيتها ، بالإضافة إلى افتقارها للوضوح التشريعي ، فالمادة المقترحة غامضة ومبهمة وتحتمل أكثر من تأويل ومعنى وهدف تشريعي ، وهو أمر غير جائز تشريعيا لما يجب ان تكون عليه النصوص التشريعية من ان تكون عامة ومجردة وواضحة ومنضبطة الصياغة دقيقة المعنى تشريعيا ونحويا ولغويا واصطلاحيا و مبنية على أسس دستورية و قانونية سليمة ، وهو ما يطلق عليه (حسن التنظيم التشريعي) .

 

المبحث الحادي عشر

المعايير التشريعية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

 

أولا : انتهجنا العرض التفصيلي الهامشي لنصوص مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق المُرافق بتوضيح كافة التفاصيل الفنية التشريعية لمواد مشروع القانون المقترح من حيث الالفاظ المهنية والمصطلحات القانونية والاساس الجذري التشريعي لكل مادة قانونية من حيث النص المقابل بالتشريعات المصرية او النظير بالتشريعات العربية والدولية ، بل ولأبعد من ذلك ولكل عبارة وكلمة في كل مادة قانونية مُقترحة بشيء من التفصيل والتوضيح للمقصود بها لغوياً واصطلاحياً ،والهدف التشريعي منها ، وذلك بالهامش المُرقم والمُقرر قرين كل مادة أسفل ذات الصفحة الوارد بها كل نص تشريعي مُقترح بمشروع القانون المُرافق ، لغاية فنية تشريعية ،وهي التتابع المُنظم المُتقن المُيسر في التوضيح والتفسير لكل مادة تشريعية مقترحة .

 

ثانيا: تم إعداد المشروع المُقترح وفقاً لثلاث معايير تشريعية مجتمعة وهي: -

 

المعيار الأول : تم الالتزام بنسبة كبيرة – 80% - بذات التنظيم الموجود حالياً بالقانون رقم 5 لسنة 1964 بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق من حيث الهيكل التنظيمي الفني والإداري لكن مع إعادة هيكلة شاملة تطبيقاً لمبادئ التخصص وتقسيم العمل من خلال تقسيم المصلحة إلى قطاعان قطاع أول للتسجيل العقاري وقطاع ثاني للتوثيق ، لكل منهما رئيس قطاع ومكتب فني وإدارات فنية مُتخصصة ، بخلاف فصل العمل الفني من تسجيل عقاري وتوثيق  يتولاه الأعضاء الفنيين بمختلف درجاتهم الوظيفية ، عن العمل الإداري والمالي الذي يرأسه أمين عام وما يلحق به من إدارات مالية وإدارية يقوم عليه الموظفين الإداريين والماليين ، ويرأسهم جميعاً رئيس الهيئة المُعين من السيد رئيس الجمهورية ، لضمان تحقيق الهيئة القانونية المُستقلة المُقترحة لأهدافها التشريعية ، وخطورة وحجم الأعمال المُكلفين بها .

 

المعيار الثاني: تم مراعاه التنظيم القضائي المصري بعد إقرار دستور مصر 2014 بشأن الجهات والهيئات القضائية والمُستقلة ذات الاختصاص القضائي، والمكون من أربعة أقسام [ القسم الأول: الجهات القضائية - القسم الثاني: القضاء العسكري - القسم الثالث: الهيئات القضائية - القسم الرابع: الهيئات ذات الاختصاص القضائي ] وذلك بنسبة 10% من المواد التشريعية المستحدثة بمشروع القانون المُرافق ، وملحقات الهيئة القانونية المُستقلة من جمعية عمومية ومجلس تأديب ومفردات استقلال أعضائها، ومن حيث الصفة القضائية وتوابعها الضرورية من استقلال وحياد وقرارات ذات حُجية مُلزمة فاصلة في المسائل القانونية العقارية.

 

المعيار الثالث: تم مُراعاه التنظيم التشريعي للتسجيل العقاري والتوثيق بالعديد من التشريعات المماثلة ذات الصلة، عربياً ودولياً بنسبة 10% من المواد المستحدثة في قطاعي التسجيل العقاري والتوثيق.

 

ثالثا : تم تقسيم نصوص مشروع قانون " هيئة الملكية العقارية والتوثيق"  وفقاً للتقسيمات التشريعية المطبقة فعلاً بالتشريعات المصرية والعربية الحديثة الإصدار مثال قانون الخدمة المدنية الجديد وقانون الاستثمار الجديد وقانون الجمعيات الاهلية الجديد ووفقاً لمشروعات القوانين المقدمة للبرلمان حالياً للجهات والهيئات القضائية والمستقلة والمعاونة ، للتطوير المزمع تشريعه لمنظومة العدالة المصرية ككل ، وبعد الإطلاع على أفضل التشريعات الدولية ذات الصلة بالتسجيل العقاري والتوثيق من جميع انحاء العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بعد ترجمتها الى اللغة العربية بمساعدة معاجم المصطلحات القانونية والموضحة تفصيلاً كقانون مُقارن بهامش كل مادة تشريعية مُقترحة بمشروع القانون.

ليكون بين ايدينا التصور النهائي لتقسيم مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"- هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي - من خلال خمسة أبواب تشريعية تفصيلية مُتكاملة مترابطة ومحكمة تكمل بعضها بعضا  في ضوء المباحث التشريعية العشرة للمُذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المُرافق ، وفقا للعرض التالي :-

 

الباب الأول: التعريفات

الباب الثاني: هيئة الملكية العقارية والتوثيق

                 الفصل الأول: تشكيل هيئة الملكية العقارية والتوثيق، واختصاصاتها.

                 الفصل الثاني: مجلس التأديب والتظلمات

                 الفصل الثالث: التفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة

                 الفصل الرابع: موارد الهيئة المالية

 

الباب الثالث: نظام أعضاء الهيئة

                 الفصل الأول: قواعد التعيين والترقية والأقدمية والنقل والندب

                 الفصل الثاني: اختصاصات عضو الهيئة

                 الفصل الثالث: حقوق وضمانات عضو الهيئة وواجباته

 

الباب الرابع: الوظائف الإدارية والكتابية

 

الباب الخامس: الأحكام الانتقالية والختامية

الفهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرس

مسلسل     الموضــــــــــــــــــــــــوع         رقـم الصفحة

1             الفصل الأول: المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق       4

                                2              المبحث الأول: التاريخ التشريعي لأزمة التسجيل العقاري وتحويل الشهر العقاري لهيئة مستقلة 6

3             المطلب الأول: الملكية العقارية والتوثيق في الدولة المصرية القديمة         7

4             المطب الثاني: الملكية العقارية والتوثيق بعد الفتح العربي الإسلامي          11

5             المطلب الثالث: الملكية العقارية والتوثيق في الدولة المصرية الحديثة        30

6             المبحث الثاني: فلسفة وأهداف مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق.            42

7             المطلب الأول: فلسفة مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"       42

8             المطلب الثاني: أهداف مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق         44

9             المبحث الثالـث: الأساس الجذري والتشريعي مصرياً وعربياً ودولياً لمشروع القانون.               60

10           المطلب الأول: الأساس الجذري والتشريعي من حيث الألفاظ والمصطلحات القانونية 60

11           المطلب الثاني: الأساس الجذري والتشريعي من حيث الاختصاصات والسلطات        63

12           المطلب الثالث: الأساس الجذري والتشريعي العربي والدولي لمشروع القانون           75

13           المبحث الرابع: المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق     82

14           المطلب الأول: إثبات وحماية حق الملكية واجب دستوري محققاً لوظيفته الاقتصادية والاجتماعية             86

15           المطلب الثاني: لماذا هيئة الملكية العقارية والتوثيق. هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي؟             92

16           الفرع الأول: لماذا هيئة مستقلة؟               92

17           الفرع الثاني: لماذا هيئة قانونية؟               98

18           الفرع الثالث: لماذا هيئة ذات اختصاص قضائي؟      108

19           المطلب الثالث: كيف ستحقق "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" أهدافها؟      145

20           المبحث الخامس: مفردات استقلال العضو الفني بالشهر العقاري وفقاُ للمادة 199 من الدستور. 164

21           المطلب الأول: من هو العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق؟    166

22           المطلب الثاني: مُفردات استقلال العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق       188

23           المبحث السادس: ضمانات حماية العضو الفني بالشهر العقاري وفقاً للمادة 199 من الدستور.   198

24           المبحث السابع: دور الشهر العقاري في دعم الاستثمار.            203

25           المبحث الثامن: علاج أزمة الحُكم بعدم دستورية اللجنة القضائية بقانون السجل العيني.             208

26           المبحث التاسع: علاج أزمة انخفاض عدد العقود المسجلة بالشهر العقاري.               217

27           المبحث العاشر: علاج أزمة المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري.        226

                28           المبحث الحادي عشر: المعايير التشريعية لمشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق.          241

29           الفصل الثاني: نص مشروع قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق              245

30           الباب الأول: التعريفات             251

31           الباب الثاني: هيئة الملكية العقارية والتوثيق              255

32           الباب الثالث: نظام أعضاء الهيئة              288

33           الباب الرابع: الوظائف الإدارية والكتابية   305

34           الباب الخامس: الاحكام الانتقالية والختامية 305

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قانون رقم (    ) لسنة 2021

بإصدار قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

باسم الشعب

        رئيس الجمهورية

          قرر مجلس النواب الآتي نصه، وقد أصدرناه:

 

بعد الاطلاع على الدستور،

وعلى القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948، وتعديلاته.

وعلى قانون المرافعات المصري رقم 13 لسنة 1968، وتعديلاته.

وعلى قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 وتعديلاته.

وعلى قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وتعديلاته.

وعلى القانون رقم 48 لسنة 1979بشأن المحكمة الدستورية العليا، وتعديلاته.

وعلى القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، وتعديلاته.

وعلى القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وتعديلاته.

وعلى القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، وتعديلاته.

وعلى القانون 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الإدارية، وتعديلاته.

وعلى قانون العاملين بالدولة رقم 78 لسنة 1978، وتعديلاته.

وعلى قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 وتعديلاته.

وعلى قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، والمُعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1967، والمُعدل بالقانون رقم 223 لسنة 1996، والمُعدل بالقانون رقم 186 لسنة 2020، المُعدل بالقانون رقم 5 لسنة 2021.

وعلى قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947، والمُعدل بالقانون رقم 103 لسنة 1976.

وعلى قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964.

وعلى قانون تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق رقم 5 لسنة 1964.

وعلى قانون تملك الأجانب رقم 230 لسنة 1996.

وعلى قانون تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018.

وعلى قانون رسوم الشهر العقاري والتوثيق رقم 70 لسنة 1964، والمُعدل بالقانون رقم 83 لسنة 2006، والمُعدل بالقانون رقم 67 لسنة 2021.

 

 

(المادة الأولى)

يُعمل بأحكام القانون المُرافق في شأن تنظيم هيئة الملكية العقارية والتوثيق، ونظام أعضائها، وموظفيها، ويُلغى العمل بأحكام القانون رقم 5 لسنة 1964( ) بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وكما يُلغى كل نص آخر يُخالف هذا القانون، وتسري على أعضاء الهيئة وموظفيها أحكام القانون المُرافق، وتنظم شئونهم لائحة خاصه داخلية للهيئة ( )، وحتى صدورها يخضعون مؤقناً لقانون الخدمة المدنية ( ) رقم 81 لسنة 2016( )( )

 

(المادة الثانية)

تحل هيئة الملكية العقارية والتوثيق محل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، ويؤول للهيئة كافة الاختصاصات والسُلطات المُقررة لها في الدستور وقوانين الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني، وما ورد من اختصاصات أخرى في سائر القوانين المصرية، وكذلك تؤول للهيئة كافة الحقوق العينية والشخصية من ملكية ومنافع المقرات الحالية، والأموال العقارية، والمنقولة، والحسابات البنكية والصناديق الخاصة ( ) المقررة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والعاملين بها. ( )

 

(المادة الثالثة)

يكون رئيس الهيئة رئيساً لها، ونائبي الرئيس وكيلان عنه ( )، وينوب عنه أقدمهما حال غيابه.

 

(المادة الرابعة)

تسوى درجات أعضاء الهيئة وظيفياً ومالياً، وفقاً لأحكام هذا القانون، ويحتفظ سائر موظفي الهيئة الحاليون بدرجاتهم الوظيفية والميزات المالية التي حصلوا عليها سابقاً، بالإضافة إلى الى المزايا الوظيفية والمالية المُقررة وفقاً لأحكام هذا القانون. ( )

 

 (المادة الخامسة)

تُستبدل عبارة "هيئة الملكية العقارية والتوثيق" بعبارة "مصلحة الشهر العقاري والتوثيق" حيثما وردت في أياً من القوانين السارية.

تُستبدل عبارة وأحكام "لجنة ذات اختصاص قضائي" الواردة بالمادة 17 من قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق  بعبارة وأحكام "اللجنة القضائية" الواردة بالمواد (21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25) ( )من القانون رقم 142 لسنة 1964م بنظام السجل العيني، وبعبارة وأحكام "اللجنة القضائية" الواردة المادة رقم (5) من القانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، وبعبارة وأحكام "قاضي الأمور الوقتية" الواردة بالمادة رقم (6) من القانون رقم 68 لسنة 1947م بشأن التوثيق، وبعبارة وأحكام "اللجنة" الواردة بالمادة 23 مكرر ، وبعبارة وأحكام "قاضي الأمور الوقتية" الواردة بالمادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.

يُستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة (19) من القرار بالقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر النص الآتي: " وتخصص نسبة (10%) من حصيلة رسوم التوثيق والشهر لصندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للعاملين بهيئة الملكية العقارية والتوثيق. ولرئيس الهيئة وضع نظام أو أكثر لإثابة العاملين بهيئة الملكية العقارية والتوثيق في ضوء معدلات أدائهم وحجم إنجازهم في العمل." ( )

 

 (المادة السادسة)

تُلغى المادة 35 مكرر ( ) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ( )

(المادة السابعة)

يُلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون. ( )

 

(المادة الثامنة)

تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح من المجلس الأعلى. ( )

 

(المادة التاسعة)

وتصدر اللائحة الداخلية للهيئة ( ) بقرار من رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى. ( )

 (المادة العاشرة)

يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به في اليوم التالي لتاريخ نشره. ( )

يُبصم هذا القانون بخاتم الدولة، ويُنفذ كقانون من قوانينها.

صدر برئاسة الجمهورية في              سنة 1443 هـ          

                                                         (الموافق                سنة 2021م)

عبد الفتاح السيسي

 

 

 

 

 

 

مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

بإلغاء القانون رقم 5 لسنة 1964م بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وإلغاء المادة 35 مكرر الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020 والمُعدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2021، وتعديل بعض أحكام كلاً من القانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن السجل العيني، والقانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق، والقانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن قانون الشهر العقاري، والقانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، والقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر.

مُقدم من النائب ضياء الدين داود وعُشر أعضاء مجلس النواب

                                                                                               مُقدم من النائب: ضياء الدين داود

تحريراً في   /    / 2021                                                                 عضــــــــوية :      116 

 

 

 

 

قانون هيئة الملكية العقارية والتوثيق

الباب الأول  التعريفات

مادة (1) ( ):

في تطبيق أحكام هذ القانون يُقصد بالألفاظ والعبارات التالية، حيثما وردت في هذا القانون، المعنى المُبيّن قرين كل منها: -

الدولة: جمهورية مصر العربية.

الوزارة: وزارة العــــــــــــــدل ( ).

الهيئة : هيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) ، والتي حلت محل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ( ).

المجلس الأعلى : المجلس الأعلى لهيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) ، ويتكون من أقدم سبع نواب ، ويكون رئيس الهيئة ونائبيه والأمين العام من أعضاءه .

رئيس الهيئة : رئيس هيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) ويُعين من رئيس الجمهورية ( ) ، من بين أقدم سبع نواب بالمجلس الأعلى ، ويعاونه نائبين ، وينوب عن الرئيس حال غيابه أقدمهما  .

نائبي الرئيس : نائبين لرئيس الهيئة ، رئيس قطاع التسجيل العقاري ،و رئيس قطاع التوثيق ، ويُعينا من رئيس الجمهورية ، من بين أقدم سبع نواب بالمجلس الأعلى ، لرئاسة قطاع التسجيل العقاري وقطاع التوثيق ، ويعاونهما عدد من مديري الإدارات بدرجة أمين عام مساعد .

أمين عام الهيئة : أمين عام هيئة الملكية العقارية والتوثيق ، يُعين من رئيس الهيئة من بين نواب المجلس الأعلى ، ويعاون رئيس الهيئة في تنفيذ اختصاصاته المالية والإدارية ويعاونه عدد من الأعضاء بدرجة أمين عام مساعد وينوب عنه أقدمهم حال غيابه   .

وكيل الهيئة : رئيس فرع هيئة الملكية العقارية والتوثيق بكل محافظة ، ويطلق عليه أمين فرع الهيئة ويختاره رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى.

عضو الهيئة : العضو الفني ( ) والموثق ( ) والعضو القانوني ( ) والواردة نصاً ، ولفظاً وإصطلاحاً ، في قوانين الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني ( ) ،وجميعهم مُسميات مُترادفة مهنياً ومتطابقة وظيفياً ، ومتساوون في الحقوق والواجبات، وعضو الهيئة هو المُكلف قانوناً وحصرياً ( ) في حدود سلطته واختصاصه ( ) القيام بالأعمال القانونية المُبينة في هذا القانون ولائحته التنفيذية وغيرهم من القوانين النافذة ذات الصلة. ( )

الجمعية العمومية : الجمعية العمومية لهيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) تُشكل من أعضائها من درجة عضو علي الأقل ، ويتولى رئاستها رئيس الهيئة.

مجلس التأديب : مجلس التأديب والتظلمات المُختص دون غيره بتأديب أعضاء الهيئة ، لما يصدر منهم من مُخالفات ليست ضمن او بسبب  عملهم الفني ، والبت في تظلماتهم والفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم والفصل في المنازعات الخاصة بمستحقاتهم المالية  .

التفتيش الفني : جهاز التفتيش الفني المُختص دون غيره بالتفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة الفنية وذلك لجمع البيانات التي تؤدي الى معرفة مدى صلاحيتهم ،و درجة كفايتهم ومدة حرصهم على اداء واجبات وظيفتهم ومقتضياتها وأخلاقيات مهنتهم .

الأمانة العامة : تضم عدد من الإدارات الإدارية والمالية وغيرها ، تعاون رئيس الهيئة في تنفيذ اختصاصاته المالية والإدارية برئاسة الأمين العام  .

اللجان ذات الاختصاص القضائي: لجنة ذات اختصاص قضائي في الملكية العقارية والتوثيق، لجنة عليا بالمقر الرئيسي، ولجان فرعية بكل محافظة، وتختص بـ: نظر الطعون المُقدمة من ذوي الشأن على المُحررات المُشهرة أو الموثقة، والفصل فيها، والبت في اسباب الإيقاف والرفض الرسمي من أعضاء الهيئة، وبكافة النزاعات الفنية بقطاعي التسجيل العقاري والتوثيق وكافة اختصاصات وسلطات قاضى الأمور الوقتية، وقاضي الأمور المستعجلة واللجان القضائية وغيرها من كافة اللجان المنصوص عليهم بقوانين الشهر العقاري والسجل العيني والتوثيق.

المكتب الفني : ثلاث مكاتب فنية تُلحق بكلاً من رئيس الهيئة ورئيسي قطاعي التسجيل العقاري والتوثيق، تعاونهم في تنفيذ اختصاصاتهم الفنية ، وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون .

لجنة تسوية المنازعات العقارية: لجنة ذات اختصاص قضائي، دائرة عليا بالمقر الرئيسي للهيئة بالقاهرة، ودوائر فرعية بكل محافظة بقرار من رئيس الهيئة بناء على اقتراح المجلس الأعلى. وتتولى فحص ونظر وتسوية المُنازعات العقارية والمتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون وسائر القوانين ذات الصلة، المُقدمة من ذوي الشأن باتفاقهم سواء السابقة أو اللاحقة على المُنازعة العقارية أو المُحالة الى اللجنة من الجهات والهيئات القضائية الأخرى او الجهات التنفيذية ذات الصلة.

التسجيل العقاري ( ) : شهر وقيد التصرفات والأحكام القضائية النهائية لإثبات الحقوق العينية العقارية وفقاً لـ نظام الشهر الشخصي أو نظام السجل العيني - حسب الأحوال - والمُقرران للتسجيل العقاري بمصر وقيدها في الدفاتر المعدة لذلك سواء ورقياً او إلكترونياً وحفظها واستخراج الشهادات والصور الرسمية منها .

التوثيق ( ) : تحرير وتوثيق وإثبات المُحررات الرسمية الموثقة ، أو التصديق على المُحررات العرفية ، او إثبات تاريخ المحررات العرفية والمُقدمة من أصحاب الشأن أو التي تتطلب القوانين ذات الصلة توثيقها أو اشترطت فيها الرسمية ، وقيدها في الدفاتر المُعدة لذلك سواء ورقياً أو الكترونياً وحفظها واستخراج الشهادات والصور الرسمية منها .

المُحررات ( ) : العقود والإقرارات وكافة السندات ( ) سواء الورقية أو الإلكترونية ( ) المُقدمة من أصحاب الشأن وفقاً لأحكام هذا القانون .

الباب الثاني : هيئة الملكية العقارية والتوثيق

التشكيل ( )، والاختصاصات ( )، والموارد المالية ( )

        الفصل الأول: تشكيل هيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) واختصاصاتها ( )

مادة (2)

هيئة الملكية العقارية والتوثيق ( ) ( ) ( ) هيئة ( ) قانونية ( ) مستقلة ( )، ذات اختصاص قضائي ( ) تُلحق بوزير العدل ( )، ومكون من مكونات ( ) منظومة العدالة المصرية ( )، ومقرها الرئيسي بمدينة القاهرة ( )، وفروعها بالمحافظات ( )

مادة (3)

تتولى الهيئة دون غيرها ( )، سلطة ( ) شهر ( ) وتوثيق ( ) وقيد ( ) وإثبات ( ) وفحص ( ) ومراجعة ( ) وتحرير ( ) كافة أنوع المُحررات ( ) والعقود ( ) وحماية حقوق الملكية ( ) بأنواعها ( ) وإثباتها ( )، وتحقيق العدالة الوقائية ( )، والأمن القانوني ( ) والتعاقدي ( ) للدولة ( ) والمواطنين ( ) والأجانب ( ). ( )

مادة (4)

تختص هيئة الملكية العقارية والتوثيق بـ :-

1-            كافة الاختصاصات والسلطات الواردة في هذا القانون، وقوانين الشهر العقاري والسجل العيني والتوثيق، وكافة القوانين النافذة ذات الصلة، والقرارات الوزارية، والمنشورات الفنية، والكتب الدورية المنظمة للعمل الفني تسجيلاً وتوثيقاً. ( )

2-            الفصل فــي المُنازعات العقارية على النحو المبين في المادتان 13، 19 من هذا القانون ( ).

3-            فحص أي ملفات أو شكاوى أو طلبات تُحال أو تُقدم للهيئة من الجهات القضائية أو الرقابية أو المواطنين أو الأشخاص الاعتبارية، أو غيرهم ( )، بصفتها هيئة ذات اختصاص قضائي، أو بما لها من خبرة قانونية في حقوق الملكية بأنواعها والحقوق العينية العقارية ( ) وحالات التعدي أو الإضرار بالملكيات العامة والخاصة أو إعداد تقرير استشاري بالرأي الفني في المُنازعات العقارية، وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية.

4-            إعداد التعليمات اللازمة لتنظيم العمل والنهوض به وتحقيق أهداف ومهام الهيئة. ( )

5-            اقتراح التعديلات التشريعية اللازمة لتطوير وتسهيل إجراءات التسجيل العقاري والتوثيق.

6-            وضع وتنفيذ البرامج الخاصة بتدريب الأعضاء والموظفين المنوط بهم تنفيذ أحكام هذا القانون. ( )

7-            تطوير وتحديث وصيانة المقرات الحالية وإنشاء المقرات جديدة لتعميم التحول الرقمي وربط الهيئة رقمياً بسائر مؤسسات الدولة، ولتقريب العدالة الناجزة، ولتحقيق بيئة العمل المناسبة، التي تليق بمصر والمصريين بما يُمكن الهيئة من القيام بدورها ومهامها. ( )

8-            دراسة الصعوبات الشكلية والموضوعية التي تُعرض على الهيئة بشأن تنفيذ أحكام هذا القانون، وسائر القوانين السارية ذات الصلة، واتخاذ ما تراه لازماً. ( )

 مادة (5)

تتكون الهيئة من قطاعين: [ قطاع التسجيل العقاري – قطاع التوثيق ]

مادة (6) القطاع الأول: التسجيل العقاري

يتولى رئاسته أحد نائبي الرئيس، ويُعين من رئيس الجمهورية، من بين أقدم سبع نواب بالمجلس الأعلى، ولمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة، ويعاونه عدد من مديري الإدارات بدرجة أمين عام مساعد.

مادة (7)

ويختص قطاع التسجيل العقاري بـ :-

1-            تطبيق أحكام التسجيل العقاري الواردة في قوانين الشهر العقاري والسجل العيني والقوانين الأخرى ذات الصلة من تسجيل ( ) وشهر ( ) وقيد ( ) ومراجعة ( ) وفحص ( ) وإثبات ( ) كافة العقود والتصرفات التي من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عيني عقاري أصلي أو تبعي أو نقله أو تغييره أو زواله أو مُقررة له وكذلك الأحكام القضائية النهائية ( ) المُثبتة لشيء من ذلك ، الواجب شهرها بطريق التسجيل أو القيد ، حسب الأحوال ، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية ويترتب على عدم التسجيل العقاري ، أن هذه الحقوق لا تكون حجه على الغير ( ) ( ) ، ولا تنشأ ولا تنقل ولا تتغير ولا تزول لا بين المُتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم ولا يكون للعقود غير المُسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المُتعاقدين . ( )

2-            التأشيرات الهامشية وارسال صور منها للمقر الرئيسي.

3-            حفظ وفهرسة أصول المحررات سواء ورقياً أو إلكترونياً، وتصويرها، وتسليم صور منها لمن يطلبها، وإعطاء الشهادات العقارية. ( )

 

 

مادة (8)   القطاع الثاني: التوثيـــــــــق ( )

يتولى رئاسته أحد نائبي الرئيس، ويُعين من رئيس الجمهورية، من بين أقدم سبع نواب بالمجلس الأعلى، ولمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة، ويعاونه عدد من مديري الإدارات بدرجة أمين عام مساعد.

 

مادة (9)

ويختص قطاع التوثيق بـ :-

1-            تطبيق أحكام التوثيق ( ) الواردة في قانون التوثيق ( )، والقوانين الأخرى ذات الصلة، من تلقي ( )، وتحرير ( )، وتوثيق ( ) كافه المحررات ( )  ( )التي يوجبها القانون ( ) أو يشترط فيها الرسمية ( ) أو التي يطلب المُتعاقدون توثيقها ( ) ، سواء ورقياً أو إلكترونياً.

2-            إثبات المُحررات الرسمية ( )، ووضع الصيغة التنفيذية على صورها التنفيذية ( )، ويسري على تنفيذها ما يسري على تنفيذ الأحكام القضائية النهائية ( ).

3-            التصديق على توقيعات ذوي الشأن في المُحررات العرفية. ( )

4-            إثبات تاريخ المحررات العرفية. ( )

5-            التصديق على إقرارات التأييد الرئاسية لمُرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية ( ) طبقاً لنص المادة 142 من دستور مصر 2014. ( )

6-            توثيق المُحررات التي تتناول التبرع بالأنسجة وأعضاء الأنسان أثناء حياته أو بعد مماته وفقاً للمادة 61 من الدستور، ووفقاً للقواعد القانونية المُنظمة للتبرع بالأعضاء وزراعتها ". ( )

7-            توثيق المُحررات التي تتناول إثبات أو التصرف في حقوق الملكية الفكرية ( ).

8-            قبول وإيداع مُحررات ( ) الوصايا، وسائر التصرفات المُضافة إلى ما بعد الموت، والمُحررات الموثقة أمام السُلطات الاجنبية، والسفارات والقنصليات المصرية ( ).

9-            توثيق والتصديق على توقيعات المُتعاقدين في كافه أنواع المُحررات والعقود الواجبة الشهر أو القيد حسب الأحوال والتي تتضمن تصرفاً في الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية، وبعد سداد الرسوم المُقررة ( ) ، بشرط أن تُعتمد مُحرراتها بخاتم صالح للشهر أو للقيد من المأمورية المختصة مكانياً قبل توثيقها أو التصديق عليها كشرط لنقل حقوق الملكية والحقوق العينية بين المُتعاقدين وسريان حُجيتها في مواجهة الغير وأمام الكافة،

10-         توثيق والتصديق على توقيعات المُتعاقدين في كافه أنواع المُحررات والعقود الواجبة الشهر أو القيد حسب الأحوال ( ) وفقاً لقوانين التسجيل العقاري ( ) والتي تتضمن تصرفاً في الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية ، وبعد سداد الرسوم المُقررة ( ) ، والغير مُعتمدة مُحرراتها بخاتم صالح للشهر أو للقيد حسب الأحوال من المأمورية المختصة مكانياً  ، وتوثق وفقاُ للاختصاص المكاني لمكتب التوثيق وبدفاتر مستقلة ، وعلى أن تتضمن عقودها  بنداً اجبارياً ، بأن توثيقها أو التصديق عليها لا ينقل حقوق الملكية وسائر الحقوق العينية وعدم سريان حُجيتها في مواجهة الغير وأمام الكافة إلا بعد اتخاذ إجراءات التسجيل العقاري أمام المأمورية المختصة ، ويقتصر حُجيتها على الإلتزامات الشخصية بين المُتعاقدين ، ويترتب على عدم تسجيلها أن الحقوق المُشار إليها لا تنشأ ولا تُنقل ولا تتغير ولا تزول لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم ،

 وتُخطر مأمورية التسجيل العقاري المُختصة بهذه العقود من مكتب التوثيق المُختص مكانياً، ويجوز تسجيل هذه العقود أمام المأموريات المُختصة دون الحاجة لإعادة توقيع المُتعاقدين أمام مكاتب التوثيق، ويجوز قبول عقودها الموثقة أمام المأمورية المُختصة كسبب ملكية صحيح بعد مرور خمس سنوات على توثيقها دون اعتراض، وتُنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون شروط ذلك، وحُجية وإجراءات وأحكام توثيقها والتصديق على صحة توقيع المتعاقدين ( ).

11-         يُلغى العمل بالدفاتر اليدوية في مكاتب التوثيق بشأن توثيق المُحررات الرسمية والتصديق على التوقيعات وإثبات تاريخ المحررات العرفية ويُستعاض عنها بأصل وصورة رسمية والمسح الضوئي والحفظ الإلكتروني ( )

مادة (10)

تُشكل الهيئة من رئيس ( )، ونائب الرئيس رئيس قطاع التسجيل العقاري، ونائب الرئيس رئيس قطاع التسجيل العقاري، والأمين العام، والنواب، والوكلاء، والأُمناء المساعدين، والأعضاء، ويُلحق بها العدد اللازم من الموظفين بالكادر الإداري والكتابي.

مادة (11)

يُعين رئيس الهيئة ونائبيه بقرار من السيد رئيس الجمهورية من بين أقدم سبع نواب من أعضاء المجلس الأعلى للهيئة عند صدور القرار، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويُعين سائر أعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بعد العرض على وزير العدل بناء على اقتراح المجلس الأعلى. ( ) .

مادة (12)

ويرأس فرع الهيئة بكل محافظة من محافظات الجمهورية وكيلاً للهيئة يُطلق عليه (أمين الفرع)، ويختاره رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى، وينوب عن أمين عام الهيئة في اختصاصاته، ويعاونه عدد من الأعضاء بدرجة أمين مساعد، وينوب عنه أقدمهم حال غيابه، وتتكون أمانة مكتب المحافظة من عدد من الإدارات، ويلحق بها العدد اللازم من الأمناء المساعدين والأعضاء والموظفين بالكادر الإداري والكتابي.

مادة (13)    اللجان ذات الاختصاص القضائي

تُنشأ لجنة ذات اختصاص قضائي في الملكية العقارية والتوثيق، لجنة عليا بالمقر الرئيسي، ولجان فرعية بكل محافظة.

مادة (14)

وتُشكل اللجنة العليا من: رئيس الهيئة رئيساً وعضوية نائبيه، وعضوية أربع أعضاء بدرجة نائب من غير أمناء الفروع المُشتركين باللجان القضائية الفرعية يختارهم المجلس الأعلى لمدة سنة قابلة للتجديد على ألا يكونوا قد سبق لهم الاشتراك في أعمال تتعلق بالقرار المُتظلم منه، وعلى ألا تزيد مدة العمل باللجنة العليا لجميع الأعضاء على أربع سنوات طوال مدة الخدمة بالهيئة إلا بموافقة المجلس الأعلى ، ويجوز إنشاء دوائر من اللجنة العليا مُتخصصة لتقسيم العمل مكانياً ونوعياً بناء على اقتراح رئيس الهيئة وموافقة المجلس الأعلى ،وتنظم الإجراءات القضائية أمامها وقواعد تشكيلها وأحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (15)

وتختص اللجنة القضائية العليا: بالفصل في الطعون والتظلمات المُقدمة من ذوي الشأن على قرارات اللجان القضائية الفرعية بالمحافظات لقطاعي التسجيل العقاري والتوثيق.

وتصدر اللجنة القضائية العليا قرارها البات، وبأغلبية أعضائها، ومُسبباً، خلال ثلاثة أشهر من إيداع الطعن في القرارات المطعون عليها الصادرة عن اللجان القضائية الفرعية، وتزيل قرارها بالصيغة التنفيذية، حائزاً حجية الأمر المقضي به، ولا يجوز الطعن عليه أمام أياً من جهات القضاء، ووفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (16)

ويتبع اللجنة العليا لجان فرعية ذات اختصاص قضائي ( ) بالمحافظات، بقرار من رئيس الهيئة بناء على اقتراح المجلس الأعلى.

وتُشكل اللجنة الفرعية من: وكيل الهيئة (أمين الفرع) بالمحافظة رئيساً، وعضوية اثنان من الأمناء المساعدين من الفئة أ يختارهم المجلس الأعلى بناء على ترشيح وكيل الهيئة لمدة سنة قابلة للتجديد، على ألا يكونوا قد سبق لهم الاشتراك في أعمال تتعلق بالقرار المُتظلم منه، على ألا تزيد مدة العمل باللجنة على أربع سنوات طوال مدة الخدمة بالهيئة إلا بموافقة المجلس الأعلى.

مادة (17)

وتختص اللجنة ذات الاختصاص القضائي الفرعية  بـ : الفصل في الطعون والتظلمات وكافة المسائل القانونية المُقدمة من ذوي الشأن على المُحررات المُشهرة أو الموثقة ، والفصل فيها ، والبت في أسباب الإيقاف أو الرفض الرسمي حسب الأحوال من أعضاء الهيئة بقطاعي التسجيل العقاري والتوثيق وبكافة النزاعات الفنية ،وبكافة اختصاصات وسلطات قاضى الأمور الوقتية، وقاضي الأمور المستعجلة واللجان القضائية وغيرها من كافه اللجان المنصوص عليها  ، بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ( )، وقانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ،( ) وقانون تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المدن العمرانية الجديدة رقم 27 لسنة 2018 ، ( ) وقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947، وكافة القوانين ذات الصلة .

مادة (18)

وتصدر اللجنة القضائية الفرعية قرارها بأغلبية اعضائها ومُسبباً خلال شهر من استلام الطلب، وتُزيل قرارتها بالصيغة التنفيذية، حائزاً حجية الأمر المقضي به، ولا يُطعن على قراراتها إلا أمام اللجنة العليا خلال شهر من صدور القرار، وإلا أصبح قراراً نهائياً.

ويجوز إنشاء أكثر من لجنة قضائية فرعية في المحافظات مُتخصصة لتقسيم العمل مكانياً ونوعياً، بناء على اقتراح أمين الفرع وبموافقة المجلس الأعلى، وتنظم قواعد تشكيلها وإجراءاتها القضائية واحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (19)   لجنة تسوية المنازعات العقارية

تُنشأ لجنة تسوية المُنازعات العقارية ( ) ذات اختصاص قضائي، لجنة عليا بالمقر الرئيسي، ولجان فرعية بكل محافظة بقرار من رئيس الهيئة بناء على اقتراح المجلس الأعلى.

مادة (20)

تُشكل الجنة العليا من سبع أعضاء بدرجة نائب برئاسة أقدمهم، يختارهم المجلس الأعلى، من غير المُشتركين بلجان التسوية العقارية الفرعية أو باللجان القضائية العليا والفرعية، ويجوز ان يشترك باللجنة من غير اعضاء الهيئة من ذوي الخبرة في المجال العقاري دون ان يكون لهم حق التصويت على قراراتها، ويكون لذوي الشأن الاطلاع على تقاريرهم. وعلى ألا يكونوا قد سبق لهم جميعاً الاشتراك في أي أعمال تتعلق بالموضوع المطعون عليه،

 ويجوز إنشاء دوائر من اللجنة العليا مُتخصصة لتقسيم العمل مكانياً ونوعياً بناء على اقتراح رئيس الهيئة وموافقة المجلس الأعلى، وتنظم الإجراءات القضائية أمامها وقواعد تشكيلها وأحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (21)

وتتولى اللجنة العليا الفصل في الطعون والتظلمات المُقدمة من ذوي الشأن على قرارات لجان تسوية المنازعات العقارية الفرعية.

وتصدر اللجنة العليا قرارها البات، فاصلاً في النزاع، وبأغلبية أعضائها، ومُسبباً، خلال ثلاثة أشهر من إيداع الطعن في القرارات المطعون عليها الصادرة عن اللجان العقارية الفرعية، وتزيل قرارها بالصيغة التنفيذية، حائزاً حجية الأمر المقضي به، ولا يجوز الطعن عليه أمام أياً من جهات القضاء، وتنظم قواعد تشكيلها وإجراءاتها القضائية واحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (22)

تُشكل لجنة فرعية لتسوية المنازعات العقارية ذات اختصاص قضائي بكل محافظة من ثلاثة أعضاء من الأمناء المساعدين من الفئة أ، برئاسة أقدمهم، من غير المُشتركين باللجان القضائية، وعلى ألا يكونوا قد سبق لهم الاشتراك في أي أعمال تتعلق بموضوع المُنازعة العقارية، ويجوز ان يشترك باللجنة من غير اعضاء الهيئة من ذوي الخبرة في الاستثمار والتطوير العقاري أو غيرهم، دون ان يكون لهم حق التصويت على قراراتها. ويكون لذوي الشأن الاطلاع على تقاريرهم.

مادة (23)

تتولى اللجنة الفرعية فحص ونظر وتسوية المنازعات العقارية ومُنازعات الاستثمار العقاري والمُتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون وسائر القوانين ذات الصلة، المُقدمة من ذوي الشأن باتفاقهم ( ) سواء السابقة أو اللاحقة على المُنازعة العقارية او المُحالة إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي من الجهات القضائية الأخرى أو الجهات التنفيذية ذات الصلة، ويجوز إنشاء دوائر من اللجنة الفرعية مُتخصصة لتقسيم العمل مكانياً ونوعياً بناء على اقتراح رئيس الهيئة وموافقة المجلس الأعلى، وتنظم الإجراءات القضائية أمامها وقواعد تشكيلها وأحكامها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (24)

وتصدر لجنة تسوية المنازعات العقارية الفرعية قرارها بالتسوية العقارية بأغلبية اعضائها ومُسبباً خلال ثلاثة أشهر من استلام الطلب، وتُزيل قرارتها بالصيغة التنفيذية، حائزاً حجية الأمر المقضي به، ويكون قرارها نهائياً إذا لم يطعن على قراراتها امام اللجنة العليا خلال شهر من صدور القرار.

مادة (25)

وللجان ذات الاختصاص القضائي ولجان التسوية العقارية ان تطلب من أية جهة كانت تقديم البيانات والأوراق والمستندات اللازمة لفحص الطلبات المُقدمة إليهما او استطلاع رأيها قبل أن تصدر اللجنة قرارها بالفصل في النزاع العقاري ويجب ان تُبادر هذه الجهات وموظفيها بالتنفيذ خلال عشرين يوما من تاريخ طلبها ( )

مادة (26)

ولرئيس اللجنة العليا أو الفرعية، في الحالات التي يتعين فيها الحصول على بيانات لا تتصل بالملكية العقارية او الحقوق العينية الأخرى من هذه الجهات ان يأذن بالمُضي في الإجراءات بعد فوات شهر من تاريخ وصول إخطار الى تلك الجهة بذلك بكتاب موصي عليه بعلم الوصول، ويجوز مد هذا الأجل إذا قامت اسباب تُبرر ذلك. ( )

مادة (27)   المكتب الفني

ثلاث مكاتب فنية، مكتب فني يُلحق برئيس الهيئة، ومكتب فني يُلحق برئيس قطاع التسجيل العقاري، ومكتب فني يُلحق برئيس قطاع التوثيق، لمعاونتهم في تنفيذ اختصاصاتهم، ويُشكل المكتب الفني من رئيس بدرجة أمين عام مساعد على الأقل وعدد كاف من الأعضاء لا تقل درجاتهم عن عضو يختارهم رئيس الهيئة لمدة سنة قابلة للتجديد على ألا تزيد مدة العمل بالمكتب الفني على أربع سنوات طوال مدة الخدمة بالهيئة إلا بموافقة المجلس الأعلى.

مادة (28)

ويختص المكتب الفني بمعاونة الرئيس ونائبيه في كافة الاختصاصات، وبإعداد البحوث القانونية والاستشارات القانونية والدراسات الفنية والإشراف على أعمال الترجمة، والمكتبة، وإصدار مجلة الهيئة، ومجموعات الفتاوى والمبادئ القانونية، وما يُسند إليه من اختصاصات أخرى وفقاً للائحة الداخلية للهيئة.

مادة (29)   الجمعية العمومية

تُشكل الجمعية العمومية ( ) لهيئة الملكية العقارية والتوثيق من أعضائها من درجه عضو علي الأقل، ويتولى رئاستها رئيس الهيئة، وعند غياب الرئيس أو خلو منصبه يتولى الرئاسة أقدم نائبيه.

مادة (30)

وتنعقد الجمعية العمومية في شهر يونية من كل عام لمباشرة اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا القانون، ويجوز أن تُدعى لاجتماع طارئ بناء علي طلب الرئيس أو ربع أعضائها، ويبين في الطلب المقدم من الأعضاء سبب اجتماع الجمعية العمومية وميعاده فإذا لم يقم رئيس الهيئة بالدعوة للانعقاد خلال يومين من تاريخ إخطاره بهذا الطلب قام بالدعوة أقدم الأعضاء الموقعين عليه، وتختص بمراعاة تطبيق وتنفيذ احكام هذا القانون، ووفقا لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

ولا يكون انعقادها صحيحاً إلا بحضور ربع أعضائها، وإذا كان سبب الدعوة للانعقاد هو تغيير أي من لوائح الهيئة الداخلية فلا يكون الانعقاد صحيحاً إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضائها، وتكون رئاسة الجمعية لرئيس الهيئة، وفي حال غيابه أقدم نائبيه، وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للحاضرين وإذا تساوت الآراء يرجح الجانب الذي منه رئيس الجمعية.

مادة (31)

تُشكل جمعية عمومية فرعية بكل محافظة من جميع الأعضاء العاملين بها، من درجه عضو علي الأقل، برئاسة وكيل الهيئة ، وتُدعى الجمعية العمومية للفرع للانعقاد بناء علي طلب وكيل الهيئة أو ربع أعضائها ويبين في الطلب المقدم من الأعضاء سبب اجتماع الجمعية العمومية وميعادها، فإذا لم يقم وكيل الهيئة بالدعوة للانعقاد خلال يومين من تاريخ إخطاره قام بالدعوة أقدم الأعضاء الموقعين على الطلب.

مادة (32)

تجتمع الجمعيات العمومية للفروع بكل محافظة في شهر مايو من كل عام للنظر فيما يلي: -

1-            توزيع العمل الفني بعدالة على أعضاء الفرع وبين قطاعي الهيئة.

2-            تحديد أيام العمل بالفرع بين الأعضاء.

3-            وسائر المسائل المتعلقة بنظام الفرع وأموره الداخلية فنياً وإدارياً.

4-            ويجوز للجمعية العمومية أن تفوض رئيس الفرع (وكيل الهيئة) في بعض اختصاصاتها وإعفاءه منها.

مادة (33)   المجلس الأعلى

يًشكل المجلس الأعلى ( ) لـ هيئة الملكية العقارية والتوثيق من سبعة أعضاء ، بدرجة نائب ، برئاسة رئيس الهيئة وعضوية كلاً من رئيس قطاع التوثيق، ورئيس قطاع التسجيل العقاري، والأمين العام، وعضوية أقدم ثلاثة من النواب، تنتخبهم بالتصويت السري الجمعية عمومية لمدة سنة من بين أقدم عشرة نواب للهيئة تالين باقين في الخدمة في العام القضائي التالي وفقاً للأقدمية المطلقة.

مادة (34)

وعند خلو منصب رئيس الهيئة أو غيابه أو وجود مانع لديه يحل محله في رئاسة المجلس الأعلى أقدم نائبيه، وعند خلو منصب أحد أعضاء المجلس الأعلى أو غيابه أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم النواب من غير أعضاء المجلس الأعلى.

مادة (35)

يختص المجلس الأعلى بالنظر في نظام الهيئة وشئون أعضائها من تعيينهم، وتحديد أقدميتاهم، ونقلهم، وندبهم، وإعارتهم، وتأديبهم، وإنهاء خدمتهم، وبسائر شئونهم وفقاً لأحكام هذا القانون، وبنظر التظلمات التي تقدم من الأعضاء في هذا الشأن، ويُأخذ رأيه في مشروعات القوانين المُتعلقة بالهيئة، والنظر في الموضوعات الأخرى التي يختص بها المجلس الأعلى وفقاً لهذا القانون، أو التي يرى رئيس الهيئة عرضها عليه.

مادة (36)

يعقد المجلس الأعلى دورة عادية مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر على أن يتولى رئيسه توجيه الدعوة لانعقاده، كما يجوز عقده كلما دعت الحاجة بناءً على طلب من رئيس الهيئة أو أغلبية أعضاء المجلس، ويكون انعقاده صحيحاً بحضور أغلبية الأعضاء، وتكون مداولاته سرية، وتصدر قراراته مسببة، وبالأغلبية المطلقة للحاضرين.

مادة (37)

علي رئيس الهيئة إعداد تقرير سنوي بما أظهره العمل الفني في توثيق وتسجيل العقود، وحماية حقوق الملكية، وما ثبت له من قصور أو نقص في التشريعات القائمة أو غموض فيها أو ما تقتضيه المصلحة العامة من إصدار أو تعديل قوانين أو قرارات أو قرارات بقوانين أو تعليمات، وبما يتضح له من التقارير المُرسلة إليه من أي قطاع من قطاعي الهيئة ( )، وسائر الإدارات ويرسل تقريره إلي رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وله أن يعرض مع التقرير ما يراه مناسباً من الحلول اللازمة فنياً وإدارياً ومالياً لتلافي أوجه القصور.

مادة (38) الأمانة العامة

تُشكل أمانة عامه ( ) للهيئة، تعاون رئيس الهيئة في تنفيذ اختصاصاته المالية والإدارية، برئاسة أمين عام، ويعين من رئيس الهيئة من بين نواب المجلس الأعلى، ولمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد.

مادة (39)

يُلحق بـ الأمانة العامة عدد كاف من الإدارات برئاسة الأُمناء العامين المساعدين، يُعينهم رئيس الهيئة بناء على ترشيح الأمين العام، ولرئيس الهيئة الحق في إعفاء الأمين العام من منصبه لأسباب جدية بعد موافقة المجلس الأعلى.

 

 

الفصل الثاني: مجلس التأديب والتظلمات

 

مادة (40) مجلس التأديب والتظلمات

يُشكل مجلس التأديب والتظلمات فيما يخص الأعضاء من رئيس الهيئة رئيساً أو من يحل محله وعضوية ستة أعضاء بدرجة وكيل هيئة يصدر قرار بندبهم من المجلس الأعلى حسب ترتيب أقدميتهم المطلقة.

وعند خلو وظيفة رئيس الهيئة أو غيابه أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم نائبيه، وكذلك الحكم بالنسبة لأعضاء مجلس التأديب فيحل محل كل منهم من يليه في الأقدمية من الوكلاء ثم من الأمناء العامين المساعدين.

مادة (41)

يختص المجلس دون غيره بتأديب أعضاء الهيئة فيما يصدر عنهم خارج دائرة عملهم الفني، ( ) وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل في اختصاص القضاء. كما يختص مجلس التأديب والتظلمات دون غيره بالفصل في المُنازعات الخاصة بالمرتبات والمكافآت المستحقة لأعضاء الهيئة.

 

مادة (42)

يفصل المجلس فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو كاملة وله الحق في إيداع مذكراته الدفاعية المؤيدة بالمستندات والأدلة دفاعاً عن نفسه والاطلاع على ما يبديه من مُلاحظات وله الحق في إنابة أحد زملائه للدفاع عنه، وتصدر قرارات المجلس بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائه، وفي جميع الأحوال تكون جميع جلسات المجلس سرية، ولا تكون قراراته نافذة إلا بعد اعتمادها من المجلس الاعلى.

مادة (43)

كل عضو يخرج على مُقتضى الواجب في أعمال وظيفته او يظهر بمظهر مُخل بشرف الوظيفة يُعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند الاقتضاء، ولا يجوز مُسائلة العضو تأديبياً عن عمله الفني إلا من خلال جهاز التفتيش الفني، ولا يعفى العضو من العقوبة إستناداً إلى أمر رئيسه إلا إذا ثبت أن ارتكابه المخالفة كان تنفيذ لأمر مكتوب بذلك صادراً إليه من هذا الرئيس بالرغم من تنبيهه كتابة إلى المخالفة وفي هذه الحالة تكون المسئولية على مصدر الامر. ( )، ولا يصدر قرار مُجازاته في جميع الأحوال، الا بعد موافقة المجلس الأعلى.

مادة (44)

لا يكون العضو مسئولاً إلا عن الخطأ المهني الجسيم الناتج عن عمله الفني ( )، ويُنشأ صندوق ضمان لتأمين المسئولية المهنية لأعضاء الهيئة وتعويض المُتضرر، ( ) أثناء عملية التسجيل العقاري أو التوثيق، وإيراداته مبلغ مُستقطع من أعضاء الهيئة وتحدد اللائحة التنفيذية ذلك وآلية عمل هذا الصندوق. ( ) .

مادة (45)

إذا حصل عضو الهيئة على تقريرين مُتتاليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير متتالية بدرجة متوسط، أو فقد العضو الثقة والاعتبار الذين تطلبهما الوظيفة أو فقد أسباب الصلاحية لأدائها لغير الأسباب الصحية طلب وزير العدل إلى مجلس التأديب والتظلمات النظر في أمره ويقوم المجلس بفحص حالته وسماع أقواله فإذا تبين صحة التقارير قرر المجلس بإحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة عامة أخرى معادلة إدارية بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الأعلى.

مادة (46)

لأمين الفرع (وكيل الهيئة) حق تنبيه الأعضاء في دائرة اختصاصه إلى كل ما يقع منهم مخالفاً لواجبات مهنتهم أو مُقتضيات وظيفتهم خارج دائرة عملهم الفني ، بعد سماع أقوالهم ويكون التنبيه شفاهه أو كتابة وفي الحالة الأخيرة تُبلغ صورة لرئيس الهيئة ، وللعضو في حالة اعتراضه على التنبيه الصادر إليه كتابة من أمين الفرع أن يطلب خلال أسبوع من تاريخ تبليغه إياه إلى مجلس التأديب والتظلمات إجراء تحقيق عن الواقعة التي كانت محلاً للتنبيه وللمجلس أن يجريه بمعرفة أحد أعضائه بعد سماع أقوال العضو إن رأى المجلس وجهاً لذلك وله أن يؤيد التنبيه أو أن يعتبره كأن لم يكن ويبلغ قراره إلى العضو ورئيس الهيئة ووزير العدل وفي جميع الأحوال إذا تكررت المُخالفة أو استمرت بعد صيرورة التنبيه نهائياً رفعت الدعوى التأديبية .

مادة (47)

يخضع رئيس الهيئة ونائبيه للقواعد العامة المُنظمة لإجراءات التحقيق والمُحاكمة، المُقررة للوزراء ونوابهم ( ) والواردة بالمادتين رقمي 130، 173 من الدستور ( )، وقانون محاكمة الوزراء ( ).

مادة (48)

تُقام الدعاوي التأديبية من وزير العدل بناء على طلب رئيس الهيئة ولا يُقدم هذا الطلب إلا بناء على تحقيق جنائي أو بناء على تحقيق إداري يتولاه أحد رؤساء محاكم الاستئناف بانتداب من وزير العدل بالنسبة لنواب ووكلاء الهيئة أو رئيس جهاز التفتيش الفني بالنسبة لغيرهم من الأعضاء. ( )

مادة (49)

وفي جميع الأحوال تكون العقوبات التي يجوز توقيعها على العضو هي [التنبيه -الإنذار – اللوم – العزل] ولا تُعتبر نافذة إلا بعد اعتمادها من المجلس الأعلى.

مادة (50)

تُنظم اللائحة التنفيذية الأحكام الخاصة بمجلس التأديب والتظلمات بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح المجلس الأعلى.

الفصل الثالث: التفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة ( )

 

مادة (51) جهاز التفتيش الفني ( )

يُشكل جهاز للتفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة الفنية برئاسة أحد النواب، يختاره رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى، وثلاث وكلاء للرئيس ( ) ويُندب للعمل به عدد كاف من الاعضاء بدرجة عضو على الأقل، ويتكون الجهاز من ثلاث إدارات، إدارة للتفتيش الفني على فروع الهيئة بالقاهرة الكبرى وأخرى للوجه البحري وأخرى للوجه القبلي، ويرأس كل إدارة أحد وكلاء رئيس جهاز التفتيش الفني، ويعاونه عدد كافي من الأعضاء والموظفين الإداريين.

مادة (52)

يختص جهاز التفتيش الفني دون غيره بالتفتيش الفني على أعمال أعضاء الهيئة الفنية وذلك لجمع البيانات التي تؤدي الى معرفة صلاحيتهم ودرجة كفايتهم الفنية ومدة حرصهم على اداء واجبات وظيفتهم ومقتضياتها وتحقيق الشكاوى التي تقدم ضدهم وفحص الطلبات التي تقدم منهم وكذا التعرف على مبلغ إشرافهم على أعمال الموظفين الإداريين العاملين تحت إدارتهم وله ان يجري تفتيشاً عاجلاً مفاجئاً على اعمالهم وتصرفاتهم وذلك مع مراعاة ان يكون المفتش الفني أسبق في ترتيب الاقدمية ممن يجري التفتيش على عمله. ( )

مادة (53)

على جهاز التفتيش الفني ان يقدم الى رئيس الهيئة خلال شهر يونية من كل عام مُلاحظاته على سير العمل بالهيئة وما يراه من اقتراحات وأوجه الإصلاح والتطوير. ( )

مادة (54)

يجري التفتيش بالمكتب الرئيسي وبالانتقال الى محل عمل العضو المُفتش عليه. ( )

مادة (55)

يوزع رئيس جهاز التفتيش الفني الأعمال بين المفتشين وينوب عنه عند غيابه الأقدم فالأقدم من وكلاء الجهاز. ( )

 

 

مادة (56)

يصدر رئيس جهاز التفتيش الفني دورات تفتيشية شهرية بأسماء الأعضاء من وقع عليهم الاختيار للتفتيش على اعمالهم القانونية ويتناول التفتيش فحص ما قام به العضو من عمل خلال الفترة التي يحددها وكيل رئيس الجهاز رئيس إدارة التفتيش الفني المختصة.

ويراعى في الاختيار البدء بمن عليه الدور في الترقية ثم بمن لم يفتش عليه أصلاً وبمن فتش عليه مرة واحدة وهكذا ولا يخل ذلك بتقرير التفتيش على من يستوجب سلوكه او الشكايات المقدمة ضده الفحص على عمله دون ابطاء. ( )          

مادة (57)

يضع التفتيش تقريراً من قسمين يتضمن القسم الأول منه الملاحظات الفنية والإدارية التي ظهرت له من التفتيش، ويتضمن القسم الثاني رأيه في كفاية العضو ومدى عنايته بعمله القانوني. ( )

مادة (58)

يجب ان يجري القسم الأول من التقرير العناصر الاتية: -

1-            وصف دقيق للأعمال التي تدخل في اختصاص العضو خلال فترة التفتيش وما تم ابداء الراي فيه او انجازه منها.

2-            درجة إجادته لتلك الأعمال القانونية والسرعة في انجازها ومدى التزامه الدقة في تطبيق الدستور والقانون والتعليمات.

3-            مدى استعداده لتحمل المسئولية ودرجة تيقظه الذهني ومتابعته للنشاط القانوني والفقهي والقضائي المتصل بشئون عمله الفني.

4-            مراجعة الموضوعات التي تم التأشير عليها للتحقق من سلامة اجراءاتها والموضوعات الموقوفة للتحقق من سلامة اوجه الايقاف وهل الاستيفاءات التي يطلبها مُبررة، وهل يطلبها دفعة واحدة ام على مراحل.

5-            مدى اعتماده على نفسه في البت في الموضوعات القانونية المعروضة عليه والتحقق مما إذا كان يستطلع رأي الفرع او الهيئة في موضوعات لا تحتاج الى استطلاع الرأي.

6-            اسلوبه في التصرفات في الموضوعات للوقوف على مدى نشاطه وغيرته على عمله والتعرف على سلامة تقديره وحرصه على تبسيط الاجراءات.

7-            التعرف على مبلغ إشرافه على أعمال الموظفين الإداريين العاملين تحت ادارته وحسن توجيههم.

8-            تحري حسن معاملته للجمهور وتعاونه مع رؤساءه وزملائه وحرصه على سمعته وعلى كرامة وأخلاقيات مهنته. ( )

مادة (59)

على المفتش ان يضمن تقريره بالإضافة الى ما قد يتبينه من مُلاحظات بيانات بما أداه العضو من أعمال جديرة بالتنويه وذلك لتكوين صورة كاملة عن كفايته الفنية. ( )

مادة (60)

تُعرض تقارير جهاز التفتيش الفني على لجنة ثلاثية تشكل بقرار من رئيس الهيئة. ( )

مادة (61)

تُقدر اللجنة درجة كفاية العضو بأحدي الدرجات الاتية: -[كُفء – فوق متوسط – متوسط – اقل من المتوسط]،  ولها في سبيل ذلك استيضاح المفتش او العضو ما تراه او اجراء ما يلزم لاستكمال عناصر التقدير او إعادة متابعة التفتيش على العضو .( )

مادة (62)

يُودع التقرير بالملف السري للعضو، وترسل له صورة منه متضمنه درجة التقدير بكتاب سري موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، وله ان يبدي اعتراضاته خلال خمسه عشر يوماً من تاريخ الإخطار. ( )

مادة (63)

الاعتراضات التي يبديها العضو في الميعاد تنظرها لجنة اعتراضات يصدر بتشكيلها قرار من رئيس الهيئة وتقرر اللجنة ما تراه بشأنها وتودع الاعتراضات ورأي اللجنة (الملف السري) للعضو وتُخطره اداره التفتيش الفني بذلك. ( )

مادة (64)

درجات الكفاية الصادرة عن جهاز التفتيش الفني التي تضعف الصلاحية لمباشرة المهنة أو تمنع من الترقية الى درجة أعلى طبقاً لأحكام هذا القانون لا تُعتبر نهائية إلا بإقرار المجلس الاعلى لها وللمجلس ان يتخذ ما يراه بشأنها، وللمجلس الأعلى ان يُعدل التقرير، ويكون قرار المجلس الأعلى نهائياً بشأنها. ( )

مادة (65)

لرئيس جهاز التفتيش الفني ولرؤساء الفروع كل في دائرة اختصاصه توجيه المُلاحظات الى أعضاء وموظفي الهيئة سواء فيما يتعلق بتصرفاتهم الفنية او الادارية او عنايتهم بعملهم الفني او سيرتهم وسلوكهم.

وعلى رؤساء الفروع ارسال صور من هذه الملاحظات الى إدارة التفتيش وللعضو الاعتراض على هذه الملاحظات في الميعاد المبين في المادة 62 من هذا القانون.

وتفصل في هذا الاعتراض لجنة الاعتراضات المشار إليها، وتُودع الملاحظة الملف السري في حاله عدم الاعتراض عليها او إقرارها مع إخطاره بذلك ( )

مادة (66)

يعين رئيس جهاز التفتيش الفني المكاتب والمأموريات التي تفتش تفتيشاً عادياً او عاجلاً بغية التعرف على مدى انتظام العمل فيها ومدى حرص أعضائها على القيام بمهام وظيفتهم، ويُندب لذلك من يرى من المُفتشين ويقدم تقريراً عاجلاً بالنتيجة ويراعى بقدر الامكان ان يتم تفتيش كل المكاتب والمأموريات تفتيشاً عادياً وتفتيشاً مفاجئاً مرتين في السنة. ( )

مادة (67)

جميع الشكاوى الفنية التي تُقدم ضد أعضاء الهيئة وموظفيها الإداريين، تُرسل إلى إدارة التفتيش الفني المختصة لفحصها وتقيد بسجل خاص بها، ولمدير التفتيش ان يُحيل ما يراه من الشكاوى الى إدارة التحقيقات أو امناء المكاتب او رؤساء المأموريات لفحصها أو موافاة التفتيش بالنتيجة.

وله ان يقرر إما حفظ الشكوى خارج الملف السري (الملف الفرعي) او إحالتها الى تحقيق ويتم التحقيق بمعرفة عضو من اعضاء إدارة التفتيش الفني المُختص على انه يجوز لرئيس التفتيش ان يندب أمناء المكاتب او الأمناء المساعدين لإجراء التحقيق المطلوب كما يجوز له ان يحيل الموضوع الى ادارة التحقيقات بالمصلحة لتحقيقه.

وتُعرض نتيجة التحقيق فاذا تبين ان في الامر ما يستحق المحاكمة الجنائية او مجلس التأديب يتولى رئيس التفتيش عرضه على رئيس الهيئة ليقرر ما يراه بصدده. ( )

مادة (68)

يكون لكل عضو من اعضاء الهيئة ملف سري تُودع فيه طبقاً للقواعد السابقة تقارير التفتيش والشكاوى التي تُقدم ضدهم والتحقيقات التي اجُريت فيها، والشكاوى التي تُقدم منهم وما يوجه إليهم من ملاحظات وما يوقع عليهم من جزاء تأديبي او عقوبات جنائية والقرارات المتضمنة تخطياً في الترقية وسائر الاوراق التي تساعد على تكوين الرأي الصحيح عن العضو فنياً وإدارياً.

كما يُنشأ ملف فرعي تُودع فيه جميع التحقيقات والشكاوى التي يتقرر حفظها ويجب ان يُحاط العضو بكل ما يودع في ملفه السري. ( )

مادة (69)

يعد بجهاز التفتيش الفني سجل تخصص فيه صفحة لكل عضو يدون فيها ملخص حالته الوظيفية من جميع ما حواة الملف السري ( )

مادة (70)

تُحفظ الملفات السرية والسجل السري بجهاز التفتيش الفني ولا يجوز لغير وزير العدل ورئيس الهيئة والمجلس الأعلى والعضو الاطلاع عليها وعلى رئيس جهاز التفتيش الفني ان يقضي بذلك إذا طلبوا منه. ( )

مادة (71)

تُنظم اللائحة الداخلية للهيئة أحكام التفتيش الإداري والمالي على الموظفين الإداريين بالهيئة، تحت إشراف ومتابعة الأمين العام للهيئة.

مادة (72)

تُنشأ إدارة لـ [ الفتوى - المحفوظات - التحقيقات - البحوث القانونية - بحوث الشهر - التنظيم والإدارة - مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار - العلاقات العامة - مكافحة سرقة الاراضي -  المقرات والتعاقدات - الحاسب الالي - القضايا -شئون الأعضاء - شئون العاملين - الموازنة المالية – الترجمة – الهندسة - الحسابات – الموارد البشرية ] برئاسة أحد الأمناء العاميين المساعدين بالهيئة ، ويُعين من رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الاعلى ، ويُندب للعمل بهذه الإدارات عدد كاف من الأعضاء بدرجة عضو على الأقل ومُلحق بها عدد كافي من موظفي الهيئة بالكادر الإداري والكتابي .

وتحدد مكاتب وإدارات الهيئة ( ) أو ما يُستحدث منها وفروعها ودائرة اختصاص كل منها وعدد أعضائها بقرار من رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى وفقاً لما يُساهم في تطبيق احكام هذا القانون، والتخصص وتقسيم العمل وتحقيق اختصاصات وأهداف الهيئة، ووفقاً لما تنظمه اللائحة الداخلية.

الفصل الرابع: موارد الهيئة المالية

مادة (73)

تكون لهيئة الملكية العقارية والتوثيق موازنة مالية سنوية مستقلة ( ) , تبدأ ببداية السنة المالية للدولة وتنتهي بنهايتها، ويعد المجلس الأعلى وبالاتفاق مع وزير المالية مشروع الموازنة المالية للهيئة ، قبل بدء السنة المالية بوقت كافً ،ويُقدم مشروع الموازنة إلي وزير المالية .

مادة (74)

تتكون موارد الهيئة من:

1-            المبالغ التي تُدرج لها في الموازنة العامة للدولة.      

2-            الرسوم التي تُحصلها الهيئة على الأعمال التي تدخل في اختصاصها.

3-            حصيلة بيع النماذج المؤمنة والوثيقة الموحدة والتي يصدر بهم قرار من رئيس الهيئة.

4-            نسبة (20 %) من حصيلة رسوم التوثيق والتسجيل العقاري. ( )

5-            نسبة (5%) من حصيلة الضرائب والمستحقات الأخرى التي تحصلها الهيئة لصالح جهات أخرى.

6-            الرسم الإضافي لدور المحاكم المُحصل على أعمال الشهر العقاري والتوثيق وفقاً للقانون رقم 96 لسنة 1980 والقانون رقم 8 لسنة 1985.

7-            رسوم السجل العيني المُحصلة طبقا لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1978 الخاص بإنشاء صندوق السجل العيني.

8-            أية إيرادات اخرى تُخصص لها بمقتضى القانون أو يوافق عليها المجلس الأعلى.

9-            التبرعات والمنح والهبات والوصايا والإعانات التي تُمنح للهيئة والقروض الموقعة بين الهيئة والجهات المانحة لتحقيق أهداف ومهام الهيئة.

مادة (75)

تُحدد مرتبات أعضاء الهيئة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، ولا يصح أن يُقرر لأحد منهم مُرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة. ( )

وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف الفنية النظيرة بقانون السلطة القضائية.

ولرئيس الهيئة بعد العرض على المجلس الأعلى وضع نظام أو أكثر لإثابة لأعضاء وموظفي الهيئة في ضوء معدلات أدائهم والجهود غير العادية وساعات العمل الإضافية والحوافز والبدلات، وغيرهم، وحجم أنجازهم في العمل. ( )             

    جدول مرتبات أعضاء الهيئة

الوظيفة    المرتب بالجنية

رئيس الهيئة             35000

نائب الرئيس             30000

الأمين العام               28000

النواب      25000

الوكلاء (الأمناء)      20000

الأمناء العامين المساعدون        18000

الأمناء المساعدون فئة أ            16000

الأمناء المساعدون فئة ب         14000

الأعضاء فئة أ          12000

الأعضاء فئة ب        10000

الاعضاء المساعدين 8000

مادة (76)

ويتولى المجلس الأعلى للهيئة فور اعتماد الموازنة العامة للدولة وبالتنسيق مع وزير المالية توزيع الاعتمادات الإجمالية لموازنة الهيئة علي أبواب ومجموعات وبنود طبقاً للقواعد التي تتبع في الموازنة العامة للدولة , ويباشر المجلس الأعلى للهيئة السلطات المُخولة لوزير المالية في القوانين واللوائح بشأن تنفيذ موازنة هيئة الملكية العقارية والتوثيق ، في حدود الاعتمادات المُدرجة لها، و رئاسة وإدارة جميع الصناديق الخاصة بالهيئة . كما يباشر رئيس الهيئة السلطات المُخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

مادة (77)

ويعد المجلس الأعلى الحساب الختامي لموازنة الهيئة في المواعيد المُقررة، ثم يحيله رئيس الهيئة إلي وزير المالية لإدراجه ضمن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة، ويُرحل فائض الموازنة السنوي للعام التالي.

مادة (78)

وتسري على موازنة الهيئة والحساب الختامي لها فيما لم يرد فيه نص من هذا القانون، أحكام القوانين المنظمة للخطة العامة والموازنة العامة والحساب الختامي للدولة.

 

الباب الثالث: نظام أعضاء الهيئة

الفصل الأول: قواعد التعيين والترقية والأقدمية والنقل والندب

مادة (79) التعيين

يُشترط فيمن يعين عضواً بالهيئة: -

1-            أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة.

2-            وألا يقل السن عن خمس وعشرون سنة ( ) ولا يزيد عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة.

3-            وأن يكون حاصلاً على درجة الماجستير في القانون أو ما يُعادله، من الحاصلين على الليسانس في القانون بتقدير جيد علي الأقل، من أحدى كليات الحقوق أو الشريعة والقانون من احدى الجامعات المصرية أو على شهادة أجنبية معادلة لها بذات التقدير وأن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان المعادلة طبقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك ( ) .

4-            وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة.

5-            وألا يكون قد حُكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مُخل بالشرف ولو كان قد رُد إليه اعتباره.

6-            وأن يجتاز امتحاناً تحريراً وشفوياً لاختبار قُدرات المتقدمين ومدى وسعة كفاءتهم العلمية والعملية، والأسئلة تكون متعلقة بتخصص القانون بصفه عامه والعمل الفني بالهيئة تسجيلاً وتوثيقاً بصفة خاصة، من خلال مسابقة سنوية علنية تحكمها النزاهة والشفافية والعدالة المطلقة لاختيار الأفضل والأصلح والأكثر كفاءة علمياً وعملياً والأعلى تقديراً ومؤهلاً.

7-            ثم نجاحه بمقابلة شخصية يُراعى فيها الآتي: تحقق الكفاءة الذهنية والخلقية والمستوى العلمي من خلال السجل الأكاديمي للمرشحين وسلامة الحواس، والخلو من العاهات الجسمية الظاهرة وحسن سيرته واعتدال شخصيته، وحسن سمته وسمعته، وفهمه.

8-            يُوضع العضو المساعد تحت الاختبار لمدة سنة ميلادية من تاريخ استلامه العمل وقبل اداء اليمين القانونية امام وزير العدل ومباشرة مهام عمله القانوني ، يُلحق خلالها العضو لدراسة اكاديمية مهنية وفترة اختبار بمعهد عالي للدراسات القضائية ، بفترة  لا تقل عن ستة شهور يُشرف عليها هيئة تدريس اكاديمي من اعضاء الهيئة الحاليين أو المتقاعدين واساتذة القانون من كليات الحقوق المصرية ، أو غيرهم ، وتحدد اللائحة الداخلية للهيئة نظامهم ،ومكافآتهم ، للتدريب على العمل الفني بالهيئة ، من أجل الربط بين دراستهم النظرية القانونية الاكاديمية بكليات القانون وبين طبيعة عملهم الفني بالهيئة ، ويشرف على هذه الاجراءات  كلياً المجلس الأعلى ، وبعد اجراء امتحان تحريري لهم نهاية فترة الدراسة ، وتتحدد صلاحية العضو في ضوء تقارير نتائج المعهد وتقارير الصلاحية التي تُعدها الهيئة عنه أثناء تلك الفترة ، وتُنهى خدمة من يثبت عدم صلاحيتــه خلال فترة الاختبار بقرار من رئيس الجمهورية  بناءً على توصية المجلس الأعلى بعد العرض على وزير العدل ،و ترفع كشوف الناجحين بنسبة درجات لا تقل عن 75% ، إلى وزير العدل بناء على اقتراح المجلس الاعلى للموافقة عليها واعتمادها .

9-            يؤدي أعضاء الهيئة قبل مباشرة أعمال وظائفهم اليمين القانونية الآتية:

 " أقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمال وظيفتي بالعدل وبالذمة والصدق، وأن أكون مخلصاً لوطني ومحافظاً على اسراره، وأن أحترم الدستور والقانون "

10-         ويكون اداء رئيس الهيئة ونائبيه لليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية، أما سائر الاعضاء فيؤدون اليمين امام وزير العدل بحضور رئيس الهيئة والمجلس الأعلى ( )

مادة (80) الترقية

يكون التعيين وترتيب الأقدمية في وظيفة عضو مساعد حسب ترتيب النجاح في امتحان المسابقة الذي تعقدها الهيئة لهذا الغرض، وعند التساوي في درجات امتحان المسابقة يُقدم الأعلى مؤهلاً فالأقدم تخرجاً فالأكبر سناً.

مادة (81)

يكون التعيين في وظائف الهيئة بطريق الترقية من الوظائف التي تسبقها مباشرة، وتكون الترقية حتى وظيفة نائب بالأقدمية المطلقة، ويجوز الترقية بالاختيار في حدود 10% من عدد الوظائف الشاغرة في كل درجة وفى هذه الحالة يُبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية.

مادة (82)

 يُشترط للترقية بالأقدمية قضاء المرشح للترقية المدد الآتية:

-              ست سنوات للترقية إلى درجة عضو فئة ب

-         ثلاث سنوات للترقية إلى درجة عضو فئة أ

-              ثلاث سنوات للترقية إلى درجة أمين مساعد فئة ب

-         ثلاث سنوات للترقية إلى درجة أمين مساعد فئة أ

-        ثلاث سنوات للترقية إلى درجة أمين عام مساعد

-              أربع سنوات للترقية إلى درجــة وكيل هيئة (الأمين)

-         أربع سنوات للترقية إلى درجة نائب رئيس الهيئة

مادة (83)

 يُشترط للترقية في حدود نسبة الاختيار حتى وظيفة أمين مساعد ما يلي:

1.            ألا يكون المرشح للترقية قد وقعت عليه أية جزاءات تأديبية طوال مدة خدمته.

2.            أن يكون قد حصل على مرتبة كُفء في آخر تقريرين من تقارير كفايته وعلى تقريرين بذات المرتبة في الوظائف السابقة وألا يكون قد حصل على مرتبة ضعيف في أي من الوظائف السابقة.

3.            أن يكون العضو قد أمضى دورة تدريبية تُنظمها الهيئة، وعند التساوي في شروط الترقية بالاختيار تكون الأسبقية فيها للأقدم في الوظائف المُرقي منها وتُرتب أقدمية المُرقين بالاختيار بحيث تكون تالية للمُرقين بالأقدمية المطلقة في هذه الوظائف.

مادة (84)

يُفضل ويُعفى من هذه الشروط من حصل على درجة الدكتوراه في القانون اثناء الخدمة، وفى جميع الحالات لا تجوز الترقية إلى وظيفة أمين مساعد بالأقدمية أو بالاختيار إلا بعد اجتياز دورة تدريبية تُعقدها الهيئة لهذا الغرض، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون مدة الدورة وشروط وأوضاع اجتيازها والآثار الأخرى المترتبة على عدم اجتيازها بنجاح.

ماده (85)

- يُشترط لترقية وكيل الهيئة (أمين الفرع) إلى نائب رئيس الهيئة توفر الشروط الآتية:

1.            أن يكون قد أمضى في وظيفة وكيل الهيئة أربع سنوات على الأقل، وألا تقل مدة خدمته الكلية عن عشرون عاماً على الأقل خدمة فعلية في العمل الفني داخل الهيئة، وتُحتسب فترة الإجازة الدراسية الممنوحة للحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق أثناء الخدمة بالهيئة – وفقاً للضوابط التي يحددها رئيس الهيئة – في مدة الخدمة الفعلية المطلوبة للترقية.

2.            أن يكون قد حصل على مرتبة كُفء في 60% على الأقل من تقارير كفاية الأداء المُحررة عنه، وعلى ألا يقل ما يحصل عليه بهاتين المرتبتين عن تقريرين سنويين في وظيفة وكيل.

3.            ألا يكون قد وقع عليه جزاء تأديبي خلال فترة شغله وظيفة وكيل الهيئة، ما لم يكن قد تم رفع الجزاء أو مضت على توقيعه أربع سنوات.

4.            ألا يكون قد حصل على تقرير كفاية أداء بمرتبة أقل من متوسط خلال مدة شغله وظيفة وكيل الهيئة ما لم يكن قد مضت على اعتماد التقرير سنتان.

5. وعند التساوي في شروط الترقية تكون الأولوية للأقدم.

مادة (86)

 تقوم الأمانة العامة للهيئة بإخطار كل من يشغل وظيفة وكيل الهيئة ممن لم يستوف الشروط المشار إليه في البند الثاني من المادة السابقة بحالته ويُعاد إخطاره دورياً طالما لم يستوف هذا الشروط

وتعتبر الترقية نافذة من تاريخ صدور القرار بها، ويستحق عضو الهيئة بداية الأجر المقرر للوظيفة المرقي إليها أو علاوة من علاواتها أيهما أكبر اعتباراً من هذا التاريخ.

وإذا قُدر عضو بالهيئة بدرجة أقل من المتوسط أو متوسط فلا يجوز ترقيته إلى الدرجة أو الفئة الأعلى إلا بعد حصوله على تقريرين متتاليين في سنتين بدرجة فوق المتوسط على الأقل.

مادة (87) الأقدمية

 يصدر رئيس الهيئة قراراً بعد موافقة المجلس الأعلى بأقدمية جميع الأعضاء الحاليين وفقاً لأقدميتهم المُطلقة قبل نفاذ هذا القانون ، وتُعتبر الأقدمية في وظائف الهيئة من تاريخ التعيين فيها وفقاً للأقدمية المطلقة، فإذا اشتمل قرار التعيين على أكثر من عضو اعتُبرت الأقدمية كما يلى:

‌أ.              إذا كان التعيين لأول مرة اعتبرت الأقدمية بين المعينين حسب ترتيب النجاح في امتحان المسابقة وعند التساوي في درجات امتحان المسابقة يُقدم الأعلى مؤهلاً فالأقدم تخرجاً فالأكبر سناً.

‌ب.           في حالة إعادة تعيين عضو سابق اعتُبرت أقدميته على أساس الأقدمية التي كان عليها في وظيفته السابقة.

‌ج.            إذا كان التعيين متضمناً ترقية، اعتُبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الوظيفة السابقة.

مادة (88)   النقل والندب

لا يجوز نقل أو ندب أي عضو خارج حركة التنقلات والترقيات إلا بناءاً على طلبة أو موافقته الكتابية، وبعد موافقة المجلس الأعلى.

وتتم حركة التنقلات والترقيات جماعية دورية منتظمة لجميع الاعضاء لتبادل واكتساب الخبرات، بين قطاعي الهيئة ، تعتمد الأقدمية المطلقة ممتزجة بالعدالة والشفافية والنزاهة والكفاءة وحسن سير العمل اساساً لها وتكون هذه الحركة كل خمس سنوات. ولا يجوز لأي جهة او سلطة ان تتدخل والتأثير في نقل وندب الأعضاء ( )

ويجوز نقل وندب أعضاء الهيئة للجهات والهيئات القضائية الأخرى ذات الأعمال النظيرة للعمل الفني بالهيئة؛ دون بحث نوع العمل الذي يقومون به مادام أنهم قد اعُتبروا من النُظراء، بشرط ان يكون مضى على تعيينه ثلاث سنوات واستيفاء المدد المحددة بها. ( )

ويكون نقل أعضاء الهيئة بداخلها بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح رئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئة.

مادة (89)   الانقطاع عن العمل

لا يجوز لعضو الهيئة أن ينقطع عن عمله دون أن يُرخص له في ذلك كتابة، إلا إذا كان انقطاعه لسبب مفاجئ فإذا زادت مدة الانقطاع عن سبعة أيام في السنة حُسبت المدة الزائدة من أجازته السنوية.

ويُعتبر عضو الهيئة مستقيلاً إذا أنقطع عن عمله مدة ثلاثين يوما متصلة بدون إذن، ولو كان ذلك بعد انتهاء أجازته أو أعارته أو ندبه لغير عمله.

ومع ذلك إذا عاد العضو وقدم أسبابً تُبرر انقطاعه عرضها رئيس الهيئة على المجلس الأعلى فإن تبين له جديتها اعتبر غير مستقيل وفى هذه الحالة تُحسب مدة الغياب أجازه سنوية أو أجازه اعتيادية بحسب الأحوال.

مادة (90)   الإعـــارة

يجوز لرئيس الهيئة بعد موافقة المجلس الاعلى الموافقة على ندب أو إعارة أعضاء الهيئة كمُستشار في الملكية العقارية والتوثيق ، للعمل بهيئة أو جهة حكومية مصرية ، كما تجوز إعارتهم للعمل بإحدى الحكومات أو الهيئات الأجنبية أو الدولية ،وتُحدد شروط الندب أو الإعارة ومدتها في القرار الصادر بها ،ويجوز تجديد الندب أو الإعارة ، ويُشترط موافقة العضو كتابة على الإعارة ويتعين ألا يكون العمل في الوظيفة المُنتدب أو المعار إليها متعارضاً مع طبيعة أعمال الهيئة الفنية وفي كل الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة إعارة العضو خارج الهيئة علي خمس سنوات متصلة.

مادة (91)   التقـــــاعد

يُحال عضو الهيئة إلى المعاش عند بلوغه من العمر خمسة وستين سنة ميلادية ،ومع ذلك يجوز عند الضرورة وبقرار من رئيس الجمهورية مد خدمة من يشغل وظيفة وكيل هيئة فما فوقها وبقرار من وزير العدل لسائر الأعضاء ، وفي جميع الأحوال يكون مد الخدمة بعد موافقة المجلس الأعلى ،ولمدة سنة قابلة للتجديد أقصاها خمس سنوات ،وإذا كان بلوغ العضو سن التقاعد في الفترة من أول أكتوبر إلى أول يوليو ، يبقى في الخدمة حتى 30/6 دون أن تُحسب هذه المدة في تقدير المعاش أو المكافأة  ، ويحق للعضو تسوية مبكره لتقاعده ،مع كامل مستحقاته المالية ومكافأة نهاية الخدمة ، بشرط ألا يقل عُمره عن  خمسون عاماً ،وبعد موافقة المجلس الاعلى .

مادة (92)   الاستقالة

تُعتبر استقالة عضو الهيئة المُسببة، مقبولة من تاريخ تقديمها إلى رئيس الهيئة إذا كانت غير مُقترنة بقيد أو معلقة على شرط، وإستثناءاً من أحكام قوانين المعاشات لا يترتب على استقالة عضو الهيئة سقوط حقه في المعاش أو المكافأة أو خفضهما، وفى جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش العضو أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له.

 

الفصل الثاني: اختصاصات عضو الهيئة

مادة (93)

يختص عضو الهيئة دون غيره بـ توثيق وتسجيل وقيد وإثبات وفحص ومراجعة كافة المُحررات والعقود التي يوجبها القانون أو يُشترط فيها الرسمية أو واجبة التسجيل العقاري أو يطلب المتعاقدون توثيقها ووضع الصيغة التنفيذية على صورها الواجبة النفاذ، والتصديق على صحة التوقيعات، وإثبات تاريخ المحررات العرفية، وإيداع الوصايا وكافه التصرفات المضافة الى ما بعد الموت، وتسجيل كافة التصرفات العقارية العينية الأصلية أو التبعية ومُباشرة أي معاملة قانونية أو تعاقدية يأمر بها الدستور أو هذا القانون.

مادة (94)    حُجية المحررات المُوثقة والمُسجلة

المُحررات المُوثقة والمُشهرة الصادرة عن عضو الهيئة سندات تنفيذية تتمتع بـ الحجية الثبوتية الكاملة بين المُتعاقدين وأمام الكافة، وتُزيل بالصيغة التنفيذية ويسري على تنفيذها تنفيذ الأحكام القضائية النهائية، ولا يجوز الطعن عليها، إلا بالطرق المُبينة بهذا القانون، ما لم يثبت تزويرها بالطُرق القانونية. ( )

مادة (95)   العمل النظير

عضو الهيئة عمله ( ) نظير ( ) لعمل قاضي مجلس الدولة ( ) ، ولعمل قاضى العقود والملكية العقارية  ( ) ، ولعمل عضو هيئه قضايا الدولة  ( ) ، ويكون لعضو الهيئة الحماية والضمانات المقررة لنُظرائه بالجهات والهيئات القضائية ( ) .

مادة (96)    الضبطية القضائية

 يكون لأعضاء الهيئة صفة مأموري الضبط القضائي ( ) ( ) ولهم التصدي من تلقاء أنفسهم في إثبات الأفعال المادية أو القانونية التي تقع بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والكشف عن أي اعتداء يقع على حقوق الملكية بأنواعها المُكلفين بحمايتها، أو تزوير ( ) مُحرراتها، ( ) ويكون لهم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضبط، والاستعانة برجال الشرطة ( ) وإحالة الأوراق النيابة العامة أو النيابة الإدارية حسب الأحوال والإفادة عما أنتهى إليه التحقيق.

مادة (97)    المُلحق الفني بالقنصليات المصرية ( )

يقوم القنصل المصري أو من ينيبه مقام عضو الهيئة ( ) بالنسبة لأعمال التوثيق ( ) خارج جمهورية مصر العربية، ( ) ويجوز ندب أعضـاء الهيئة للقيام بها كـ مُلحقين فنيين ( ) بالسفارات والقنصليات والبعثات المصرية بالخارج ( ) وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ( )

الفصل الثالث :  حقوق وضمانات عضو الهيئة وواجباته

المطلب الاول  : حقوق وضمانات عضو الهيئة

مادة (98)

عضو الهيئة مُستقل ( ) في اداء عمله القانوني ولا سلطان عليه سوى للقانون، ( ) ويُمارس أعضاء الهيئة اختصاصاتهم الفنية في توثيق وتسجيل المُحررات باستقلال كامل قبل بعضهم البعض، فلا تتأثر قرارتهم توثيقاً أو تسجيلاً، بموقعهم من رؤسائهم أو أقرانهم على ضوء تدرجهم وظيفياً فيما بينهم إلا وفقاً لأحكام هذا القانون.( )

مادة (99)

على جميع السلطات احترام عضو الهيئة وتسهيل مهمته وتوفير الحماية والضمانات اللازمة لأداء عمله القانوني باستقلال. ( )

مادة (100)

أعضاء الهيئة متساوون في المهام والحقوق والواجبات، توثيقاً وتسجيلاً، ويكون إسناد وتوزيع العمل الفني بين الاعضاء فيما بينهم عملاً داخلياً محضاً، بما يُراعي توزيع العمل الفني بين الأعضاء توثيقاً وتسجيلا ً لإكتساب وتبادل الخبرات وبعدالة مطلقة شكلاً وموضوعاً فلا توجههم سلطة دخيلة عليهم.( )

مادة (101)

للعضو اتخاذ كافة الإجراءات القانونية قِبل من يحول دون تمكينه من أداء واجبه القانوني، والاطلاع على سجلات أو مستندات الجهات الإدارية، وسماع أقوال أو شهادات أي من العاملين بها أو المواطنين بعد حلف اليمين للتحقق من صحة ما يرد إليه، وتسري على الشهود الأحكام المقررة في قانون الِإجراءات الجنائية بما في ذلك الضبط والإحضار. ( )

مادة (102)

اذا أتضح للعضو عدم توافر الأهلية او الرضا او الصفات او السُلطات لدى المتعاقدين أو عدم توافر الشروط الشكلية والموضوعية عند توثيق وتسجيل المُحررات وفقاً لقوانين التسجيل العقاري والتوثيق، أو إذا كان المُحرر المطلوب توثيقه او تسجيله ظاهر البطلان وجب على العضو ان يرفض الإجراء، ويتم إخطار المُتعاقدين بالرفض أو الإيقاف -حسب الأحوال - بناء على طلبهم بكتاب موصي عليه يوضح فيه العضو اسباب الرفض أو الإيقاف حسب الأحوال. ( )

مادة (103)

ولمن رُفض توثيق او إيقاف تسجيل محرره ان يتظلم الى اللجنة ذات الاختصاص القضائي الفرعية المُختصة، المنصوص عليها بالمادة رقم 16 من هذا القانون، وذلك خلال عشرة ايام من إبلاغ الرفض اليه، وله ان يطعن في القرار الذي تصدره اللجنة القضائية الفرعية أمام اللجنة العليا، وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ( )

مادة (104)

لا يجوز مُحاسبة عضو الهيئة عن اجتهاداته الفنية، أو على القياس القانوني، عندما لا يجد في نصوص التشريع قاعدة يطبقها على العقد المعروض أمامه. ( )

مادة (105)

لا يجوز بحال من الأحوال اتخاذ أحد الإجراءات الآتية قبل أعضاء الهيئة إلا بعد موافقة المجلس الأعلى: نقل أو ندب أو ترقية أو عزل أو إحالة عضو للتحقيق أو توقيع جزاء إداري عليه فيما يخص عمله الفني. ( ) ( )

مادة (106)

ولا يجوز القبض على عضو الهيئة ( ) او مُسائلتة بسبب عمله الفني من أي جهة إلا بعد إذن المجلس الاعلى وبعد إعداد مذكرة فنية وافية عن ملابسات ووقائع الواقعة ما دام مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمهنته وعمله الفني والوظيفي وخاصه في حالات الطعن بالتزوير ( ) على المُحررات المُوثقة والمُشهرة. ( )

مادة (107)

لا يجوز إجراء تحقيق جنائي مع عضو بالهيئة إلا بمعرفة أحد رؤساء النيابة العامة وفي غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على عضو الهيئة أو حبسه أو رفع الدعوى الجنائية إلا بأمر المحامي العام المُختص وبعد موافقة المجلس الأعلى للهيئة، ويجري تنفيذ الحبس والعقوبات المُقيدة للحرية في أماكن مستقلة عن الأماكن المخصصة لحبس السجناء أو المحبوسين الآخرين.

مادة (108)

كل من تعدى على عضو من أعضاء الهيئة بالفعل او إهانة بالإشارة او القول او التهديد اثناء قيامه بعمله او بسببه أو عند تطبيق أحكام هذا القانون، ( ) ، وكل من توصل أو شارك في توثيق أو تسجيل او قيد مُحرر لسلب عقار مملوك للغير أو ترتيب حق عيني عليه مع علمه بذلك يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسون ألف جنيها مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها أي قانون اخر ويُعاقب على الشروع في هذه الجريمة بنصف العقوبة ( ) ( ) .

مادة (109)

لأعضاء الهيئة فحص أي ملفات أو شكاوى تُحال أو تقدم إليهم من الجهات القضائية أو الرقابية المختصة أو المواطنين أو الأشخاص الاعتبارية، أو غيرهم، بشأن التعدي أو الإضرار بالملكيات العامة والخاصة. ( )

 

المطلب الثاني: واجبات العضو

مادة (110)

يجب على عضو الهيئة ان يلتزم بالعدالة والحياد الكامل عند توثيق وتسجيل كافة انواع المحررات المنظورة أمامه باستقلال كامل، والالتزام بصحيح الدستور والقانون، والخضوع للضمير المُتجرد. ( )

مادة (111)

يُحظر على عضو الهيئة الاشتغال بالعمل السياسي، والانتماء للأحزاب السياسية، أو الجماعات المحظورة، ومُمارسة العمل الحزبي ولا يجوز له الترشح لانتخابات البرلمان بغرفتيه أو الوحدات المحلية إلا بعد تقديم استقالته وتُعتبر الاستقالة في هذه الحالة مقبولة بمجرد تقديمها. ( )

 مادة (112)

لا يجوز للعضو أن يُباشر توثيق أو تسجيل مُحرر يخصه شخصياً أو تربطه وذوي الشأن صلة مُصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة ( )، ويجوز للعضو ان يتنحى عن نظر العقد إذا ثبت له ذلك.  ( )

ولا يجوز لعضو الهيئة أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية أو منازعة عقارية معروضة على الهيئة تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية، ويجوز رده من ذوي الشأن إذا ثبت مخالفة ذلك. ( )

مادة (113)

لا يجوز لعضو الهيئة القيام بأي عمل تجاري، كما لا يجوز له القيام بأي عمل لا يتفق واستقلال مهنته وكرامة وظيفته، ( )، ويجوز للمجلس الأعلى أن يُقرر منع عضو الهيئة من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها، ويستثنى الولاية والوصاية والقوامة، والتدريس الجامعي والأكاديمي، وممارسة أنشطة العلوم القانونية، وعضوية الاتحادات المهنية.

مادة (114)

يلتزم العضو بحماية حقوق الملكية العامة والخاصة للدولة والمواطنين ، ويلتزم بمُناقشة والاستوثاق من أصحاب الشأن عن علاقتهم التعاقدية، والتحقق من شخصيتهم، وأهليتهم، ورضاهم، وسلطتهم، وصفتهم، وان يُفاضل بين المُستندات والأدلة ويقدرها لتكوين اقتناعه في العقد المطلوب توثيقه أو تسجيله حال تعارضها، وألا يقضي بعلمه الشخصي في العقود والمُحررات المعروضة عليه، ولا يجوز أن يكون اقتناعه عن طريق أحد المتعاقدين خارج دائرة الإجراءات المُتبعة ودورة العمل القانونية المُستندية المُقررة وفقاً لأحكام هذا القانون ولقوانين ولوائح وتعليمات التسجيل العقاري والتوثيق.( )

مادة (115)

يجب على العضو قبل توقيع ذوي الشأن على المُحرر المُراد توثيقه أو تسجيله ان يتلو عليهم الصيغة الكاملة للمُحرر ومرفقاته ويوضح لهم آثار التعاقد القانونية دون ان يؤثر في إرادتهم، ( ) ويوقع هو وأصحاب الشأن جميع أوجه المحرر والمرفقات، قبل اعتماده رسمياً بشعار الجمهورية. ( )

مادة (116) ( )

يودع العضو قبل مباشرته لعمله نموذجاً مُعتمداً عن توقيعه الشخصي لدى رئيس الهيئة ويستلم خاتماً رسمياً خاص به وحده يشمل الأسم والفرع التابع له والرقم التعريفي لاعتماد توقيعه وختمه على كافة المُحررات والعقود، لدى جميع الجهات القضائية والتنفيذية والقنصلية والجهات ذات الصلة داخل وخارج مصر ( ).

مادة (117)     اخلاقيات المهنة ( )

يجب على العضو ان يلتزم بتقاليد وسلوكيات المهنة اخلاقياً وفنياً ( ) ، ويجب على العضو ان يلتزم بالبُعد عن الشُبهات شكلاً وموضوعاً وعن الأعمال التي تتناقض واداء العضو لمهامه القانونية ( ) ، ويُحظر على العضو إفشاء أسرار المُحررات والعقود التي ينظرها قبل صدور قراره بشأنها قبولاً أو رفضاً مُسبباً، وكذلك يُحظر عليه أن يُبدي رأيه شفاهياً بتلك العقود التي نظرها، أو التي نظرها زملاؤه، إلا إن كان ذلك لسبب أكاديمي للتعليم والبحث العلمي وتبادل الخبرات .( )

مادة (118)

يجب على العضو عند مُباشرة أعمال التوثيق أو التسجيل العقاري ان تكون المُحررات باللغة العربية، فاذا كان أحد المتعاقدين يجهل هذه اللغة أو لا يجيدها، استعان العضو بمترجم مُعتمد رسمياً من العاملين بالهيئة أو يقدمه المتعاقدون على مسئوليتهم ويكون محل ثقتهم ويجب ان يوقع المُترجم على المُحرر مع المتعاقدين والعضو. ( )

مادة (119)

يكون توثيق وتسجيل المُحررات في المكتب وفي مواعيد العمل الرسمية، إلا إذا كان أحد المُتعاقدين في حاله لا تسمح له بالحضور الى المكتب لظروف غير عادية يُقدم بشأنها ما يثبتها، فيجوز عندئذ للعضو بعد تقديره وموافقته ان ينتقل الى محل إقامة المُتعاقد لإجراء المعاملة القانونية ويرافق العضو أحد رجال السلطة العامة لتامين تواجده أمنياً وذلك بعد سداد الرسم المُقرر للانتقال، ويتم الانتقال عند الضرورة بوسيلة لائقة يتحمل تكاليفها ذوي الشأن. ( ) 

مادة (120)   الكفاءة الفنية العلمية والعملية

يجب على العضو تحليل الوقائع وقراءة الأحداث وفهمهما والبحث عن القانون الواجب التطبيق على العقد او العلاقة التعاقدية المعروضة أمامه المطلوب توثيقها أو تسجيلها ، وضرورة إلمام العضو بكافة القوانين وتعديلاتها ولوائحها التنفيذية والآراء الفقهية التي تناولتها بالشرح والتحليل وكذلك مُتابعته المُستمرة للأحكام القضائية المتنوعة ذات الصلة بعمله الفني ومراجعته الدائمة لكافة التعليمات والمنشورات الفنية الصادرة عن الهيئة أولاً بأول. ( )

مادة (121)

يجب على العضو إذا تبين له من الفحص والنظر فيما ورد إليها من شكاوى أو تقارير أو تحقيقات وجود واقعة أو تصرف بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو خطأ من موظف عام تسبب في التعدي على حقوق الملكية بأنواعها ويترتب عليه مسئولية جنائية أو تأديبية أو مدنية تجاه المُتسبب في ذلك، وجب إحالة الأوراق إلى النيابة العامة أو النيابة الإدارية بحسب الأحوال لاستكمال إجراءات التحقيق واتخاذ شئونها فيه.

مادة (122)

لا يجوز ان تُنقل من مكاتب الهيئة وفروعها أصول المُحررات ومُرفقاتها التي تم توثيقها أو تسجيلها ولا الدفاتر او الوثائق المتعلقة بها الورقية أو الإلكترونية، على أنه يجوز للسُلطات القضائية الإطلاع عليها فاذا اصدرت سلطة قضائية قرار بضم أصل مُحرر موثق أو مُسجل الى دعوى منظورة أمامها، وجب ان ينتقل القاضي المُنتدب الى المكتب ويحرر بحضوره صورة مطابقة لأصل المُحرر ويعمل بذيلها محضر يوقعه عضو الهيئة والقاضي المُنتدب، ثم يُضم الأصل الى ملف النزاع وتقوم الصورة مقام الأصل لحين رده. ( )

 

الباب الرابع: الوظائف الإدارية والكتابية

مادة (123)

يكون لرئيس الهيئة سلطة الوزير المنصوص عليها في القوانين واللوائح بالنسبة إلى العاملين من شاغلي الوظائف الإدارية والكتابية.

مادة (124)

يكون التعيين في الوظائف الإدارية والكتابية بالهيئة بعد امتحان ومسابقة تجريها الهيئة للمُرشحين طبقاً للنظام الذي تحدده اللائحة الداخلية للهيئة.

مادة (125)

يُشرف الأمين العام للهيئة على كافة النواحي الإدارية والمالية والهندسية للهيئة، وتُنشأ إدارة إدارية برئاسة مدير إدارة بكل فرع من فروع الهيئة، ويعين مُديرها الإداري من الحاصلين على مؤهلات عليا كلاً حسب تخصصه بقطاعات وإدارات وفروع الهيئة المختلفة، ويُعين المدير الإداري من الأمين العام للهيئة بناء على ترشيح وكيل الهيئة (أمين الفرع)، لتنفيذ الاختصاصات المالية والإدارية والهندسية للهيئة بالفروع، تحت إشراف رئيس الفرع، وفقاُ لما تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

مادة (126)

يكون لأمين عام الهيئة بالنسبة لموظفي الهيئة بالوظائف المالية والهندسية والإدارية والكتابية سلطة رئيس الهيئة أو وكيل الهيئة بحسب الأحوال. وتنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون نظامهم.

ويجوز أن يُندب العاملون بالوزارات ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة في الوظائف الإدارية بالهيئة وذلك بالاتفاق بين الجهة المختصة وبين رئيس الهيئة وبعد موافقة المجلس الأعلى.

 

الباب الخامس: الاحكام الانتقالية والختامية

مادة (127) الرســـــــوم

تُطبق أحكام رسوم التوثيق والشهر والسجل العيني وفقاً للقرار بقانون رقم 70 لسنة 1964، المُعدل بالقانون رقم 83 لسنة 2006.

 

مادة (128)

تلتزم الهيئة بتنظيم دورات تدريبية لأعضاء الهيئة مُتخصصة في العمل الفني بالتسجيل العقاري والتوثيق، وبكافه فروع القانون لتحسين وصقل المهارات والقدرات وإكسابهم المهارات والخبرات، ولا سيما في تخصصات ليست ضمن تخصصهم القانوني كالحاسب الآلي واللغات وغيرهم.

مادة (129)

تلتزم الهيئة بتوفير المقرات اللائقة، وصيانتها، وتأسيسها بما يضمن بيئة العمل المناسبة لأعضائها وموظفيها وجمهور المتعاملين معها، وبما يضمن ويصون كرامتهم ويراعي المعايير الدولية في هذا الشأن بما يُساهم في رفع أداء وكفاءة العضو وجودة عمله الفني ودقته، ممّا ينعكس على قيام الهيئة بتحقيق أهدافها وتنفيذ اختصاصاتها المنصوص عليها بهذا القانون، وخاصه في مجال التحول الرقمي والحفظ والأرشفة. ( )

مادة (130)

تضمن الدولة من خلال أجهزتها التنفيذية التأمين الكامل للهيئة وفروعها ومقراتها بما يضمن حفظ وحماية المُحررات الموثقة والمُشهرة سواء ورقياً وإلكترونياً، واحترام خصوصيات المُتعاقدين، وأمن وسلامة جمهور المُتعاملين وأعضاء وموظفي الهيئة، وبما يكفل سير العمل بانتظام داخل الهيئة، وتحقق الاختصاصات والأهداف المرجوة منها.

مشروع قانون "هيئة الملكية العقارية والتوثيق"

بإلغاء القانون رقم 5 لسنة 1964م بشأن تنظيم مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وإلغاء المادة 35 مكرر الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020 والمُعدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2021، وتعديل بعض أحكام كلاً من : القانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن السجل العيني، والقانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق، والقانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن قانون الشهر العقاري، والقانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، والقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر.

مُقدم من النائب ضياء الدين داود وعُشر أعضاء مجلس النواب

                                                                                              

 


الأكثر قراءة



print