يناقش مجلس الشيوخ، خلال جلسته العامة غدا الاثنين، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق طلـب المناقشـة العامـة المقدم من النائب عبد السلام الجبلى وأكثر من عشرين عضوا والموجـه إلـى السيد القصير وزيـر الزراعة واستصلاح الأراضي؛ لاستيضاح السياسات الزراعية للحكومة في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية.
وأشار النائب فى طلب المناقشة إلى أن القطـاع الزراعـي يعـد - بـلا أدنـى شـك- أحـد أهـم ركـائز البنيـان الاقتصـادي المصري، ومـن أكثـر القطاعات الإنتاجيـة الـذي تعتمـد عليـه نسـبة كبيـرة مـن سـكان مصر كمصدر للـدخل، إلى جانب مساهمته في تحقيق الأمن الغذائي المصري، وتوفير قـدر جـيـد مـن المـواد الـخـام، التي تدخل في العديد من الصناعات كالصناعات الغذائية وصناعة الغزل والنسيج وغيرها.
وأضاف مـع الأهمية المتزايدة لهذا القطاع الحيـوي فهـو عرضـة لمجموعـة مخاطر تنعكس آثارهـا علـى الاقتصاد القـومي بشكل عـام وتلقـي بظلالهـا – بالتبعيـة – علـى عمليـة التنميـة فـي المجتمـع، لافتا إلى أن القطاع الزراعـي مـعـرض للتقلبـات المناخيـة وتقلبـات السـوق وحريـة التجـارة، كمـا يتـأثر بشـدة بالحروب والصراعات – كمـا هـو حاصـل فـي الوقت الراهن – التـي يمتد تأثيرها على الاقتصاد العالمي بقطاعاتـه كـافـة؛ حيـث يترتب عليهـا تعطـل فـي الإنتاج وارتفاع نسبة البطالة والفقر، لاسيما في الـدول النامية.
وتابع قائلا، جـاءت الحـرب "الروسية الأوكرانيـة" لتنذر بوقـوع أزمات اقتصادية جديدة نتيجـة لهذا الصراع السياسي والعسكري، في مقدمتها أسعار الغذاء، وخاصة أن الدولتين مـن أهـم منتجـي الحبـوب؛ حيث بلغت مساهمتهما في إنتاج الحبوب على المستوى العالمي بنحـو 19 % للشـعير و %14 للقمـح و 4% للذرة المتوسط الفتـرة مـن عـام 2016 وحتـى 2021 ، فضلاً عـن تـعـرض دول عـدة لمخاطر الركـود وارتفاع حجـم الـدين؛ وهـو يـحـد مـن قـدرتها على استيراد احتياجات مواطنيهـا مـن الغذاء سواء من حيث الكم أو الجودة.
وذكر أن الاقتصاد المصرى - فـي المجال الزراعـي بصفة خاصـة- شـأنـه شـأن العديـد مـن اقتصاديات الـدول الـعـالـم قـد تـأثير بـالمتغيرات الإقليميـة المحيطـة إلـى جانـب تـأثره بـالمتغيرات الداخليـة التـي يـأتـي فـي صـدارتها معدلات النمو السكاني المتزايدة والتي أصبحت تـؤرق الدولة بشكل كبيـر لـمـا ينجم عنـهـا مـن تزايـد الفجوة بين الطلب المحلـي والـعـرض مـن الإنتاج الزراعي، وهـو مـا يدفع بالدولـة إلـى سـد تلـك الفجـوة مـن خـلال الاستيراد؛ ومـن ثـم مزيـد مـن الضغط على العمـلات الأجنبيـة.
وأشار إلى أن الفجـوة الغذائية الحاصلة في المحاصيل الزيتيـة والحبـوب: "القمـح، الشعير، والـذرة التـي تـعـد أحـد أهـم المحاصيل المستخدمة كعلف للإنتاج الحيـواني" كاشفة عن هذا الأمر. هذا إلى جانـب المشكلات الأخـرى التـي تواجـه قطـاع الزراعـة فـي مصـر مثـل محدوديـة اسـتثمارات التنميـة الزراعيـة وارتفـاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعـي وعـدم كفايـة المعلومـات والدراسـات السـوقية للأسواق التصديرية.
وأكد أهمية السـعي قـدما نحـو تحقيـق "الاكتفاء الذاتي" أو "الأمـن الغـذائي"، فكلاهمـا وجـهـان لعملـة واحـد، فـالأول؛ يتمثـل فـي قـدرة الدولـة علـى مواجهـة احتياجاتهـا مـن الغـذاء دون الاعتماد على الاستيراد مـن الخـارج، أمـا الثـاني؛ فيتمثـل فـي قـدرة المجتمـع علـى تـوفير احتياجاتـه الغذائية الأساسية بانتظـام، وذلـك مـن خـلال توفير تلـك الاحتياجـات بإنتاجهـا محليا أو إنتـاج جـزء منهـا واستيفاء باقي الاحتياجـات مـن خـلال تـوفير حصيلة كافيـة مـن عـائـد الصادرات الزراعية تستخدم في تغطية عجز الإنتاج المحلى بالاستيراد الجزئي.
هذا بالإضافة إلـى ضـرورة إعادة النظـر فـي السياسات الزراعية الحاليـة، بمـا يضمن وضـع خطـط قصيرة ومتوسطة الأجـل تستهدف التوسـع فـي زراعـة محاصيل "الفجـوة الغذائيـة"، وتطـوير مناخ الاستثمار الزراعي، وتعزيز سبل التعاون الزراعـي علـى المستوى الإقليمي، وتنمية الصادرات الزراعية.