تقدم الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزيري الإسكان والمرافق، التنمية المحلية، بشأن توقف وتعطيل إصدار تراخيص البناء بسبب صعوبة تطبيق الاشتراطات البنائية وتعقد الإجراءات والشروط المجحفة والتعجيزية.
وقال محسب فى طلبه، إن الدولة تبذل جهوداً كبيرة على مدار السنوات الأخيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطوير وضبط منظومة العمران في مصر والتي شهدت مشكلات متراكمة منذ سنوات طويلة تخللتها فوضى عارمة وعشوائية كبيرة في منظومة البناء، فانتشرت المباني المخالفة والعشوائيات والتعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة، مما أحدث تشوهات في النسق الحضاري، لافتا إلى أن الدولة قطعت شوطاً كبيرا في التصدي لهذه الفوضى والعشوائية، فحققت إنجازات كبيرة في ملف القضاء على العشوائيات وتطوير المناطق الخطرة وغير الآمنة.
وأضاف محسب، كما أن هناك تشريعات صدرت لتقنين الأوضاع والتصالح في مخالفات البناء القديمة، وإن كانت لم تطبق بالشكل المطلوب وترتب عليها إشكاليات كثيرة للمواطنين، مؤكدا على ثقته في رغبة الدولة على ضبط المنظومة وبالفعل تقوم بمراجعة بعض القرارات والتشريعات لتصويب بعض الأمور لا سيما في قانون التصالح في مخالفات البناء، لكن رغم هذه الجهود وتوجيهات القيادة السياسية بتيسير إجراءات تراخيص البناء للمواطنين وتطبيق القانون بما يحقق الصالح العام للوطن والمواطن، إلا أن أداء بعض الأجهزة التنفيذية يعرقل هذه الجهود ويقيد المواطن بإجراءات وقرارات تعجيزية تسببت في تعطيل إصدار التراخيص، وهذا لم يضر بالمواطن فقط بل أضر بقطاع حيوي وعريض وهو قطاع البناء والتشييد والذي يعمل فيه الملايين من المواطنين، مما أحدث ركودا كبيرا في هذا القطاع، وبالتالي يعرقل الاستثمار ويضر بالثروة العقارية المصرية.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن التعديلات الصادرة بقرار من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 410 لسنة 2021، بشأن تعديل اللائحة التنفيذية لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بإضافة الاشتراطات البنائية الجديدة لا تتماشى مع النصوص الواردة بالقانون، وتسببت في عرقلة وتعطيل إصدار التراخيص بسبب تعقيد الإجراءات وتعدد وتعارض وتضارب القرارات والكتب الدورية الصادرة بشأن تطبيق الاشتراطات واختلافها من محافظة لأخرى، مشيرا إلى أن هذه الاشتراطات التي بدأ تطبيقها فى 4 يوليو 2021، رغم أنها تهدف فى المقام الأول إلى تنظيم وتخطيط العمران بما يتناسب مع النسق الحضارى لمحافظات الجمهورية، مما يتطلب تيسير الإجراءات اللازمة لإصدار التراخيص لتحفيز المواطن على الالتزام بالقانون، لكنها للأسف تضمنت شروطا مجحفة وتعجيزية تسببت فى توقف صدور تراخيص البناء في مختلف المحافظات على مستوى الجمهورية، وهو ما تسبب في تعطيل مصالح المواطنين الذين لديهم الجدية في الحصول على تراخيص البناء وفقا للقانون.
وتابع محسب، في طلبه، كما تسببت في تأخر إصدار الرخصة لمدة سنتين أو ثلاثة أو أكثر رغم استيفاء الشروط القانونية، وأحياناً كثيرة لا يتمكن المواطن من إصدار الترخيص بسبب تعقد الإجراءات وتعدد الجهات المتداخلة في المنظومة، لدرجة أن المواطن يعجز عن إصدار ترخيص لصب سقف منزله، أو إقامة أعمدة وخلافه، رغم أنه يريد الالتزام بالقانون، فضلاً عن تأخر إصدار بيان صلاحية الموقع للبناء من الناحية التخطيطية والاشتراطات البنائية بالنسبة لمدن وحدات الإدارة المحلية، وصعوبة الحصول على موافقة العديد من الجهات المختصة بإصدار التراخيص بالرغم من استيفاء المواطنين للمستندات المطلوبة لإصدار التراخيص، مما يعرقل إصدار الرخصة.
وأكد محسب، أن هناك شروطاً يصعب تطبيقها تسببت في توقف وتعطيل إصدار تراخيص البناء، لعل أبرزها شرط العقد المسجل في الشهر العقاري للأرض التي يتم البناء عليها، مما يعرقل إصدار الترخيص، في ظل عدم وجود عقد مسجل في الشهر العقاري لملكية الأرض القائم عليها العقار، فاشتراطات البناء تتطلب أن يكون هناك عقد مسجل في حين أن أكثر من 90% من العقارات والأراضي في مصر غير مسجلة، وبالتالي لن تصدر لهم تراخيص بناء، حيث يصعب حاليا استخراج هذه العقود، والتي تتسبب في عزوف المواطن عن التقدم للترخيص، فأغلب العقارات والأراضي سواء في المدن أو القرى غير مشهرة في الشهر العقاري، مقترحا إلغاء هذا الشرط الخاص بالعقد المشهر، والعمل بالعقد الابتدائي أو صحة التوقيع، للتيسير على المواطنين، أو على الأقل تيسير إجراءات إشهار العقد.
واسطرد محسب، وتشمل الشروط التي تتسبب في تعطيل التراخيص، ارتفاع العقارات المسموح به وهي دور أرضي وطابقين للعقار إذا كان عرض الشارع أقل من 8 أمتار، وإذا كان عرض الشارع من 8 إلى 12 مترًا يكون ارتفاع المبنى دورًا أرضيًا و3 أدوار، وإذا كان عرض الشارع أكبر من 12 مترًا يُسمح بالبناء أرضي و4 طوابق، ويُستثنى من ذلك المباني على الكورنيش والمياديين بقرار من المحافظ، وكذلك شرط تحديد واجهة العقار بألا تقل عن 8 أمتار ونصف وترك مساحة 30 % من الأرض المطلوب ترخيصها للبناء، واشتراط عمل الجراج، مما تسبب فى تعقيد الإجراءات وتوقف التراخيص وذلك لصعوبة تطبيقها، فهناك شروط يصعب تطبيقها في القرى وفي المناطق الشعبية والمزدحمة ذات الشوارع الضيقة .
وشدد محسب، على أن هذه الاشتراطات تهدد بانهيار الثروة العقارية المصرية وحدوث أضرارا كبيرة في قطاع البناء والتشييد الذي يضم أكثر من 100 مهنة، وتعوق الاستثمار العقاري، بسبب شروط مجحفة لإصدار التراخيص قد تؤدي إلى إحجام المستثمرين عن دخول السوق العقاري المصري، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة البناء وارتفاع سعر الأراضي، كما أن توقف إصدار التراخيص يتسبب في تعطيل العمل في هذا المجال ووقف حال ملايين العاملين في القطاع وزيادة معدل البطالة.
ولفت محسب، إلى وجود مواطنين حصلوا على تراخيص بناء قبل إصدار الاشتراطات البنائية الجديدة ولكنهم لم يتمكنوا من البناء وفقا الرخصة التي حصلوا عليها بحجة عدم استيفاء الاشتراطات الجديدة رغم أنهم اكتسبوا مركزاً قانونيا بحصولهم على الرخصة قبل إصدار الاشتراطات، ويجب السماح لهم بالبناء وفقا الرخصة التي فى أيديهم، لأن الاشتراطات تطبق على أى أعمال بعد صدورها ولا تطبق بأثر رجعي.
وأشار محسب، إلى أنه وفقا للإحصائيات الرسمية، بلغ إجمالى عدد الطلبات التى قدمت بشأن بيان صلاحية الموقع للبناء خلال الفترة من 1/1/2021 وحتى الفترة 24/5/2023، بلغت 17275 طلب، تم الموافقة على عدد 7415 طلب، ورفض 3079 طلب، وهى أرقام ضئيلة جدا تعبر عن الواقع وما آل إليه من مشكلة حقيقية تتطلب سرعة تدخل الحكومة لمراجعة هذه الاشتراطات وتعديلها لتيسير الإجراءات فهناك مواطنون لجأوا إلى القضاء للحصول على حقهم في إصدار التراخيص بسبب تعقد الإجراءات، وهناك أحكام صدرت بالفعل لصالح مواطنين بحقهم في إحلال وتجديد سقف منزل أو صب سقف وغيره.
وطالب محسب، بإعادة النظر فى قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 410 لسنة 2021، بشأن تعديل اللائحة التنفيذية لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بإضافة الاشتراطات البنائية الجديدة، ومراجعة أكواد واشتراطات البناء وتعديلها بشكل يسمح بتحقيق تنمية عمرانية حقيقية، ومراجعة ودراسة الاشتراطات مرة أخرى من قبل الخبراء المتخصصين في الإسكان والبناء والتشييد، لتسهيل الإجراءات اللازمة لإصدار التراخيص.
وشدد محسب، على ضرورة أن تقوم الحكومة بدراسة كافة المعوقات التي تمنع المواطنين من إصدار التراخيص والعمل على إزالة المعوقات وتيسير الإجراءات في أسرع وقت، حتى لا تدفع المواطن إلى البناء المخالف والعشوائي مرة أخرى، ومراعاة توافق الاشتراطات مع قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 في إصدار التراخيص لتكون قابلة للتنفيذ، والعمل على إلغاء شرط العقد المسجل في الشهر العقاري للتخفيف عن المواطنين والتيسير عليهم، ومراجعة شروط وقيود الارتفاع والمساحات وأكواد الجراجات، والعمل على حل إشكالية وجود تضارب في الكتب الدورية العديدة والقرارات المتلاحقة بشأن الاشتراطات البنائية.
كما طالب النائب أيمن محسب بإعادة النظر في دور الجامعات في إجراءات إصدار تراخيص البناء في ظل الشكاوى من أنها لم تكن مجدية وبالتالي احتراما لمكانة وقدسية الجامعات يجب إبعادها عن هذه المنظومة، والحد من البناء بصورة عشوائية تتسبب في تكدس عمرانى وتشويه النسق الحضاري للشارع المصرى.