محاولة الانقلاب فى تركيا هى أكبر انتصار لسمعة ثورة ٣٠ يونيو وتأكيد قيمتها التاريخية كثورة شعبية حقيقية وليست انقلاباً عسكرياً كما زعم المغرضون فى الداخل والخارج، فالانقلابات العسكرية تفشل حتماً مهما كان حجم القوة المستخدمة فى هذا الانقلاب، لكن الثورات الشعبية التى تحميها الجيوش هى المنتصرة دائماً عبر التاريخ.
ما جرى فى تركيا يفرض على القوى الدولية ووسائل الإعلام العالمية، التى زعمت أن ما جرى فى بلادنا كان انقلاباً عسكرياً، أن تعتذر اليوم، لشعب مصر الثائر فى ٣٠ يونيو وتعترف بقيمة ثورته الشعبية، وأن تعتذر كذلك لجيش مصر الباسل الذى خرج من رحم هذا الشعب، والذى لم يعمل يوماً إلا بأمر من هذا الشعب وحده لحماية مقدراته وأرضه وقراراته التاريخية.
هذا الجيش الشعبى الذى تحرك فى ٣٠ يونيو ليحمى ثورة شعبية ضد تنظيم إجرامى وزمرة عميلة لا تعترف بوطن ولم تحترم هذا الشعب وتصورت أنها قادرة على أن تضع رؤوس شعب مصر تحت أقدام مكتب إرشاد الجماعة الصورة واضحة وتكشف حجم الاختلاف بين الشعبين والجيشين، والفرق هائل بين الثورة الشعبية التى تحميها الجيوش، وبين الانقلاب العسكرى الذى لا يجد ظهيراً فى الشارع، الأتراك خرجوا ضد الدبابات لحماية الديمقراطية، والمصريون خرجوا فى ٣٠ يونيو وفى ٣ يوليو فى حماية جيشهم ولحماية جيشهم فى وقت واحد انتصاراً للديمقراطية وللإطاحة بالجماعة التى انقلبت على الدستور والوطنية والشعب وعلى القيم الأساسية التى خرج من أجلها المصريون فى ثوراتهم المتعاقبة.
العالم الآن، عليه أن يدرك هذا الفارق الهائل، بين دبابات تعمل ضد الشعب، وبين دبابات تحمى الشعب وتحمى الوطن وتصون الحاضر والمستقبل.
الملايين التى تحدت قوى الشر فى ٣٠ يونيو كانت تهتف باسم الجيش وقائده نصيراً لها ضد الظلم والقهر وهيمنة التنظيم المتطرف وقياداته على الدولة المصرية، هذه الملايين استدعت القوات المسلحة لنصرتها، باسم الشعب وبأمر الشعب ومن أجل الشعب، هذه الملايين نفسها خرجت تحمى خطط الكيش لاحقاً ضد الإرهاب والعنف عندما طلب منها هذا القائد التفويض بمواجهة الارهاب المحتمل، الطى عرفنا بعد ذلك أنه كان إرهاباً مسلحاً فى سيناء وفى بؤر متعددة على أرض مصر.
كان الشعب يعرف أنه يحتاج إلى الجيش وقائده، وكان قائد الجيش يعرف أنه يحتاج إلى الشعب وحده ومساندته وتفويضه ومباركته للمواجهات المرتقبة.
هذا هو الفارق بين جيش يتحرك من أجل الشعب، وبين جيش يصارع ساسته فى تركيا وسط اتهامات بفساد أردوغان مقابل اتهامات من أردوغان بفساد قادة جيشه الكبار، هذا هو الفارق بين صراع بين الجيش والحكومة فى السياسة تحكمه المصالح فى أنقرة، وبين فداء للوطن وللناس فى مصر والامتثال لأوامر الشعب فى مصر.
العالم الآن، عليه أن يرى كيف تبدو مشاهد الانقلابات العسكرية التى يقودها قادة جيش، وكيف تبدو عظمة الثورات الشعبية التى تحتمى بالجيش واثقة فى إخلاصه وفدائه وسموه فوق المصالح الشخصية.
هنا مصر.. حيث الأمة تنجب جيشاً، والجيش يحمى أمته.
حمى الله مصر وحمى جيشها العظيم.