كثفت الدولة المصرية من جهودها خلال الفترة الماضية فى قضية استعادة الأموال والأصول المهربة إلى الخارج، ويشهد الملف تطورات على المستويين الدولى والمحلى، ويظهر جليًا التطور على المستوى الدولى فى تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة بقمة العشرين فى الصين، وعلى المستوى المحلى فى تحركات اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات فى الخارج برئاسة النائب العام.
وبطبيعة القضية، فإن التطور على المستوى الدولى يكتسب أهمية كبرى، فقد نجح الرئيس عبد الفتاح السيسى فى اختيار جمهورية الصين٬ التى تستضيف هذا المحفل العالمى المهم "قمة العشرين" ليخاطب منها المجتمع الدولى ويطالبه بأن تشمل خطة عمل مجموعة العشرين قضية استرداد الأموال والأصول المهربة للخارج.
وأكد السيسى من الصين، على أهمية تطوير الآليات المعنية بضبط ومتابعة حركات رؤوس الأموال٬ خاصة ما يتعلق بخروجها من أسواق الدول النامية ومنع المضاربات والتدفقات المالية غير المشروعة التى تؤثر سلبًا على الوضع المالى والنقدى لاقتصادياتنا النامية.
كما شدد الرئيس على ضرورة أن تتضمن جهود تنفيذ خطة عمل المجموعة قضية استعادة الأموال والأصول المنهوبة التى تعانى منها مصر بشكل خاص، ووجه فى هذا الإطار التهنئة للصين على إنشاء المركز البحثى للتعاون الدولى فى هذا المجال، مؤكدًا تطلع مصر للتعاون مع المركز.
وفى نهاية شهر أغسطس الماضى، أعلن النائب العام المستشار نبيل صادق، أن محكمة فى سويسرا قبلت الطعن الذى قدمته القاهرة لإعادة التحقيق فى طلب تجميد الأموال المهربة وممتلكات الرئيس الأسبق حسنى مبارك وآخرين٬ والتى تبلغ نحو ٥۹۰ مليون فرنك سويسرى.
أما على المستوى المحلى، فقد قررت اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول المهربة بالخارج، برئاسة النائب العام المستشار نبيل صادق، تشكيل لجنة فنية مصغرة من أعضاء النيابة العامة، وبعض الجهات القضائية والرقابية، لإعداد ملف شامل عن وقائع الفساد المتورط فيها مبارك وأفراد أسرته ورموز نظامه السابق.
وتضم اللجنة فى عضويتها ممثلين عن عدة جهات على رأسها، النيابة العامة، ووحدة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، وجهاز الكسب غير المشروع، وهيئة الرقابة الإدارية، والأموال العامة، والبنك المركزى المصرى، وهيئة قضايا الدولة.
وتتمثل أعمال اللجنة المصغرة، فى إعداد ملف قضائى متكامل عن وقائع الفساد المتورط فيها مبارك، وأسرته ورموز نظامه، تمهيدًا لإعادة تسليمه إلى السلطات السويسرية التى أعادت فتح التحقيق بعد قرار المحكمة الفيدرالية باستئناف التحقيقات.
وتعكف اللجنة القومية على تشكيل لجان مصغرة لمراجعة كل أخطاء سابقتها التى تسببت فى تأخر إنجاز الملف منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومجموعات عمل تتحمل مسؤولية مراجعة الأخطاء التى شابت جهود استرداد ثروات الشعب المصرى وأموال الدولة المهربة، لإعداد تقارير بما توصلوا إليه لتسهيل عمل اللجنة فى المرحلة الجديدة.
وتجدر الإشارة إلى دور مجلس النواب المصرى ممثلا فى لجنة العلاقات الخارجية برئاسة السفير محمد العرابى، الذى أكد فى تصريحات لـ"برلمانى" أن الملف يأتى على رأس أولويات اللجنة، موضحًا أنه من المتفق عليه أن تقدم اللجنة القومية المشكلة لاسترداد تلك الأموال تقاريرا شهرية للبرلمان، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وأكد أن اللجنة ستستهل أعمالها فى بداية دور الانعقاد الثانى المقرر له أوائل أكتوبر بفتح هذا الملف، مشددًا على أهميته بالنسبة للرأى العام المصرى.
وتتضارب التقديرات حول حجم الأموال المهربة خارج مصر٬ فهيئة النيابة الإدارية تقدرها بنحو 3.8 مليار دولار سنويًا٬ لتحتل مصر المرتبة الثالثة فى أفريقيا فى تهريب الأموال للخارج٬ وذلك طبقًا لمؤشرات مؤسسة الشفافية العالمية، بينما قدر البنك الدولى عام ٬2012 حجم الأموال المصرية المهربة فى عهد مبارك بنحو 134 مليار دولار على مدى 30 عامًا٬ الرقم الذى أوردته لجنة برلمانية فى عام ۲۰۱۲.
وفى السياق ذاته أعلن النائب طارق الخولى، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، أنه سيتقدم ببيان عاجل بداية دور الانعقاد الجديد بشأن المادة 8 من القانون رقم 28 لسنة 2015 والخاص بإنشاء وتنظيم اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات فى الخارج.
وأوضح "الخولى" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن تلك المادة تلزم اللجنة برفع تقارير كل 3 أشهر إلى مجلس النواب تتضمن ما قامت به اللجنة، والتوصيات التى ترى أنها مناسبة لتحقيق أهدافها، لافتا إلى أن اللجنة بدأت عملها فى يونيو 2015 ومضى أكثر من عام على بدء عملها دون تقديم أى تقارير للمجلس فى هذا الشأن.
وأضاف أن تلك اللجنة تم تشكيلها برئاسة النائب العام وفقا لقانون يلزمها بتقديم تقاريرها لمجلس النواب، لكنه لم يحدث وهو ما وصفه بـ"الأمر الغريب"، لافتًا إلى أنه سيتقدم بطلبات لإرسال تلك التقارير المتأخرة فى بداية دور الانعقاد الثانى.