"روح مستشفيات القوات المسلحة"، عبارة دائمًا ما نسمعها حينما نسأل عن مستشفى أو مركز طبى يتميز بخدمة مميزة وأطباء على أعلى مستوى، وتكاليف علاج فى متناول الطبقة الوسطى، إذ تشهد الخدمات الطبية فى القوات المسلحة طفرة هائلة، من حيث أعداد المستشفيات والمراكز الطبية التخصصية، التى بلغ عددها أكثر من 120 مجمعا ومستشفى ومركزا طبيا وعيادة خارجية، تم تزويدها جميعًا بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية والكوادر المؤهلة لمعاونة القطاع الطبى للدولة، فى تنفيذ خطط وبرامج الرعاية الصحية والعلاجية المقدمة لأبناء الشعب المصرى.
وتهتم القوات المسلحة بدعم القطاع الطبى بالدولة، إذ انتهت الهيئة الهندسية من إنشاء وتطوير 186 مستشفى ومركزا طبيا ووحدة صحية على مستوى الجمهورية، ويجرى حاليًا إنشاء وتطوير 19 مستشفى مركزا طبيا بمختلف المحافظات، إضافة إلى إنشاء 7 مراكز تخصصية لعلاج "فيروس سى" على مستوى الجمهورية، ساهمت فى علاج أكثر من 21 ألف مواطن، و1700 من شباب التجنيد من "فيروس سى".
برنامج علاج الإدمان بالتعاون بين القوات المسلحة ووزارة التضامن الاجتماعى
"برلمانى" يسلط الضوء على سبل وآليات القوات المسلحة العملية ضمن برنامج علاج الشباب الذين سقطوا فى براثن إدمان العقاقير والمواد المخدرة، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى، وذلك انطلاقا من دورها الوطنى فى دعم مقومات التنمية الاجتماعية والبشرية، إذ عالجت مئات المدنيين والحالات التى تظهر بين الشباب المتقدمين للتجنيد، على غرار تجربة علاج "فيروس سى"، وذلك فى مراكز علاج الإدمان بمستشفى أحمد جلال فى "الهايكستب"، ومستشفى الإسماعيلية العسكرى، والمجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى.
المركز الوطنى للقوات المسلحة.. أحدث الصروح الطبية المتخصصة فى علاج الإدمان
يعد المركز الوطنى لعلاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية، أحد أحدث الصروح الطبية المتخصصة، التى تم إنشاؤها لعلاج الإدمان فى مصر، وتم توقيع بروتوكول تعاون بين القوات المسلحة والصندوق القومى لمكافحة الإدمان التابع لمجلس الوزراء، كممول للتكلفة المالية لعلاج الحالات المرضية بنظام التأمين الصحى.
يتكون المركز من خمسة أقسام رئيسية، وتبلغ الطاقة الاستيعابية 108 أسرّة، بواقع 36 سريرا لكل دورة علاج، وتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام، الأول يخص عمليات سحب العينات، وقسم التأهيل المتقدم، ويضم أيضًا وحدة رعاية نهارية ومجموعة من العيادات الخارجية، ونجح المركز فى علاج 751 حالة منذ الافتتاح التجريبى له حتى الآن، وتماثلت جميع الحالات للشفاء من آثار الإدمان بشكل كامل .
مدير المركز: مساحتنا 80 ألف متر.. ونستقبل 30 مريضا يوميا
فى هذا الإطار، يؤكد الدكتور محمد دياب، مدير المركز الوطنى لعلاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية، وأحد الأطباء المعالجين لمرضى الإدمان، أن المساحة الكلية للمستشفى تصل إلى 20 فدانًا، بما يعادل 80 ألف متر مربع، وأن القوات المسلحة اتخذت كل السبل لتوفير مكان مؤهل لخدمة المرضى، يضم كل المقومات الأساسية، لتقديم خدمة طبية متكاملة، انطلاقا من مسؤوليتها الوطنية لعلاج هذه الفئة من أبناء مصر.
وأشار "دياب" إلى وجود برنامج علاجى وتأهيلى متكامل، وفق طبيعة كل حالة من الحالات، إذ تستقبل العيادات الخارجية 30 مريضًا يوميًّا، يتم علاجهم دون إقامة فى المركز، من خلال الإشراف الخارجى بناء على جدول زمنى محدد، أما الحالات التى يتم علاجها من خلال الإقامة فى المركز، فتبدأ مع وصولها للمركز، إذ يتم سحب المخدر خلال الأسبوع الأول من الإقامة، ثم تبدأ مرحلة التأهيل الأولى فى 4 أسابيع، وبعدها التأهيل المتوسط فى فترة زمنية مداها 8 أسابيع، كما يتم بعد ذلك إجراء المتابعة الدورية لحين الخروج من المركز، وبعد ذلك تجرى متابعة دورية مستمرة لحين الشفاء الكامل، كما يشمل المركز وحدة تضم عديدًا من الأنشطة المختلفة والأجهزة الرياضية، وتنظم رحلات ترفيهية خارجية، لاستعادة البناء الفكرى والجسمانى السليم للمريض.
وأوضح مدير المركز الوطنى لعلاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية، أن المركز به تجهيز هندسى لتأمين المرضى خلال مرحلة سحب المخدر والتأهيل الأولى، وهى خطوة من أصعب الخطوات التى يواجهها المريض فى رحلة العلاج، مشيرًا إلى أن هناك بعض الحالات التى تكون فى انفعال زائد، ويمكنها تعريض نفسها أو غيرها لأمور خطرة وخارجة عن إرادتها، لذلك تُراعى هذه الحالات عند التجهيز، إذ يتم تركيب بدائل للزجاج فى الغرفة، وعزلها من أى مواد حادة أو ذات تأثير عليها أو على غيرها.
الدكتور محمد دياب: صندوق علاج الإدمان يتحمل التكلفة والمريض لا يدفع شيئا
وأشار الدكتور محمد دياب، إلى برتوكول التعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، الذى يتحمل كل تكاليف العلاج، إذ لا يتحمل المريض الذى يتقدم لطلب العلاج أى تكلفة من بداية علاجه حتى الانتهاء والشفاء الكامل، كما يتم بتحويل المرضى للمركز مباشرة، لبدء علاجهم، حال إقبالهم على الصندوق، مشيرًا إلى أن هناك كثيرين من المرضى الذين يلجأون للمركز مباشرة ودون وسيط، ويتم العلاج فى سرية تامة.
وفيما يتعلق بتدريب الأطقم الطبية والتمريض والمشرفين المتعاملين مع المرضى، أوضح الدكتور محمد دياب، مدير المركز الوطنى لعلاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية، أنه يتم تخصيص يوم من كل أسبوع لإجراء محاضرات وتدريبات عملية لمجموعة عمل المركز وتعريفهم على خطوات التعامل مع المريض وكيفية مساعدتهم، وتوعية أسرهم بكل ما يتعلق بالإدمان من خلال جدول معد مسبقا .
أخصائى نفسى بالصندوق: العملية العلاجية تتم بتنسيق وإشراف كاملين طوال الأسبوع
فى سياق متصل، يقول الدكتور عبد الله أحمد، الأخصائى النفسى بالصندوق، إن العملية العلاجية تتم بالتنسيق الكامل والإشراف على العلاج على مدار الأسبوع، وأن يومى السبت والثلاثاء يخصصان لاستقبال المرضى بالعيادة الخارجية، ويتم الحجز من خلال الخط الساخن 16023، أو الحضور للمركز مباشرة، ويتم الكشف والعلاج مجانًا.
مرضى متعافون: تجربة العلاج أعادت لنا القدرة على الحياة مرة أخرى
وعلى صعيد الحالات نفسها، تحدث عدد من المرضى الذين تماثلوا للشفاء عن تجربة الإدمان والعلاج، مؤكدين فى حديثهم لـ"برلمانى"، أن تعاطى العقاقير والمواد المخدرة حطم إرادتهم، وجعلهم منحرفى المزاج وفاقدين للقيم، فمنهم من تخلف عن مراحل التعليم، ومن فقد عمله، وتحولوا بفعل المخدرات إلى أشخاص مهملين وغير موثوق فيهم، لا يتعامل معهم الآخرون، ويفقدون ثقة من حولهم، ويدمرون حياتهم بأيديهم، ويخسرون أقرب الناس إليهم.
وأكد المتعافون من الإدمان، الذين فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن تجربة العلاج أعادت لهم القدرة على الحياة مرة أخرى، والاندماج داخل المجتمع، بفضل البرنامج العلاجى الذى تلقوه داخل المركز، وأنهم بالإرادة الحقيقية استبدلوا يأس المخدرات، واستطاعوا مواجهة هذا التحدى، مشددين على أهمية التماسك الأسرى والمتابعة لأبنائهم ومراقبة سلوكياتهم لحمايتهم من تأثير أصدقاء السوء .
يذكر أن الإحصاءات الرسمية لعام 2016، تشير إلى نجاح قوات حرس الحدود فى ضبط 118 طنًّا من مخدر البانجو الجاف، و17 طنًّا من جوهر الحشيش المخدر، و32 مليون قرص من العقاقير المخدرة، و413 كيلو جراما من مواد الهيروين والكوكايين والأفيون المخدرة، وحرق وتدمير 175 فدانا من الزراعات المخدرة "بانجو وخشخاش"، التى بلغت قيمتها التقديرية ما يوازى 1,8 مليار جنيه مصرى.