أصدر البرلمان العربى بيانا تفصيليا حول جدول الأعمال الذى تم اليوم الأربعاء فى الجلسة السادسة والختامية له فى دور الانعقاد الثانى من الفصل التشريعى الثانى للبرلمان العربى، موضحا أن الأوضاع السياسية والعسكرية في العراق الشقيق قد حظيت باهتمام البرلمان العربي وتابع مستجداتها بشكل متواصل، خاصة النصر الكبير الذي تحقق هناك على داعش الإرهابي وتحرير المدن والمناطق التي كانت تحت قبضة الإرهابيين مما عزز الأمن القومي العربي بالقضاء على إحدى تهديداتها في هذا البلد العربي، وعدّه نصرا لكل العرب ومحبي السلام والإنسانية.
وأقر البرلمان العربى فى جلسته اليوم عددا من التوصيات منها تهنئة الشعب العراقي الشقيق بكافة مكوناته بهذا الانتصار الذي تحقق بوحدته الوطنية وشجاعة قواته المسلحة بكافة صنوفها، ويدعو إلى استثمار هذا النصر في خلق المزيد من الانسجام والوئام الوطني وإنهاء التوترات الطائفية والسياسية واستيعاب الجميع في العملية السياسية، وجعل مصلحة العراق العليا هي الأساس في مواقفهم، ومباركة تحرير مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، والذي أدى تحريره إلى إنهاء دولة الخلافة المزعومة والوهمية وإنهاء صفحة مظلمة في تاريخ هذا البلد، إلى جانب التنديد بالتفجير الذي قام به داعش الإرهابي للجامع النوري التاريخي الكبير ومنارة الحدباء الأثرية والتي كانت من الكنوز التراثية للشعب العراقي، ويضاف ذلك إلى أفعاله السوداء في تدمير الآثار العراقية، ناهيك عن جرائمه ضد الإنسانية.
وأعلن البرلمان العربى، أنه يقف ضد تقسيم العراق ويرفض أية إجراءات من شأنها أن تمس وحدته وسلامة أراضيه، ويحرص كل الحرص على وحدة هذا البلد الشقيق وسيتصدى بكل الوسائل لمحاولات النيل من وحدته الإقليمية وسيادة واستقلال هذا البلد، ويدعو الشعب العراقي بكل مكوناته إلى الحفاظ على وحدة بلدهم وتدعيم ذلك بالحوار والتفاهم، كما يرفض كل التدخلات في شؤونه السياسية من أي دولة أياً كانت، ويدعو إلى المباشرة بالمصالحة المجتمعية، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والاجتماعية بغية تثبيت الأمن والاستقرار والعودة السريعة للمهجرين، والشروع في تسوية وطنية عادلة، ويدعم جهود السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في الانفتاح والتوازن في علاقات العراق الداخلية والإقليمية وإرساء منهج تصالحي وتهدئة الأجواء السياسية، ويشيد بدوره في تعبئة القوى الوطنية والاقليمية والدولية في مواجهة داعش وهزيمته النكراء، ويدعو إلى الإسراع في وضع الخطط العملية من أجل إعادة النازحين إلى مناطقهم وبيوتهم وتأهيل البني التحتية الخدمية والعمل على تعويضهم عن خسائرهم، و يحث الدول على المساعدة في إعمار وبناء المناطق التي تضررت من الحرب على داعش الإرهابي.
وأكد البرلمان العربى، أنه يعيش العالم اليوم ومنذ سنوات ليست بالقليلة موجة طاحنة من الإرهاب لم يشهدها على مر العصور وحتى في ظل الحروب العالمية والاقليمية الكبرى التي حصدت ملايين الأرواح خلال القرن الماضي يظل الإرهاب هو الأكثر خطورة والتحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي بأسره لأنه ينال من كيانات الدول ذاتها ويقوض أسس الدول الوطنية ومؤسساتها الشرعية ويهدد كل مخططات التنمية ومقدرات الشعوب ويضرب في مقتل كل عناصر الحداثة والتقدم ويريد صانعوه ومنفذوه العودة بالعالم الى العصور المظلمة.
وتابع، وكان لأمتنا العربية النصيب الأوفر من ظهور وانتشار المنظمات والكيانات الإرهابية، كذا الحجم الأكبر من الخسائر البشرية والمادية والاجتماعية واستغلال الستار الديني والإثني والعرقي والمذهبي لإرتكاب فظائع وأهوال في حق الإنسانية كلها ، ويكفي أن ننظر حولنا إلى سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها.
وأوضح، أنه إذا كان الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني للوطن الفلسطيني والممتد لأكثر من سبعة عقود بكل ممارساته الوحشية وتميزه العنصري واغتصاب الأرض وحقوق الشعب الفلسطيني قد بذر بذرة العنف في الوطن العربي فلا شك أن عام 2011 م وما شهده من ثورات الربيع العربي وما واكبها من فوضى وانهيار في مؤسسات عدد من الدول العربية قد خلق البيئة والمناخ الملائم لانتشار الإرهاب وتنظيماته وأيديولوجيته الهدامة في سائر ربوع الوطن العربي.
وأضاف: وقد طال الإرهاب دول العالم قاطبة فلم تعد هناك دولة بمنأى عنه بما خلق ظواهر سلبية خطيرة لعل أبرزها الإسلامفوبيا أو العداء للإسلام والمسلمين، ولعل العالم كله كان يعرف طول الوقت أن الإرهاب جريمة منظمة وعبر وطنية تتعدد أطرافها بين الدول ولم يكن ليقوى ويستشري بهذا الشكل دون دعم وتسليح وتدريب وتمويل من دول أو منظمات لتنفيذ أجندة مشبوهة.
وهذا ما تم التأكيد عليه بكل جرأة ووضوح في مؤتمر الرياض في القمة العربية الإسلامية الأمريكية بأن الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح وإنما من يمول ويدرب ويسلح ويأوي بل ويعالج المصابين منهم ويقدم كل المساندة السياسية والإعلامية لهم.
وهنا يجب أن نتوقف طويلاً أمام ما نص عليه ميثاق الشرف الإعلامي العربي الموقع في تونس عام 2014م والذي أكدته ونصت عليه وثيقة البرلمان العربي في إجتماعهم مع رؤساء البرلمانات العربية والتي قدمت للملوك والرؤساء العرب في قمة عمان بضرورة أن تمتثل كل وسائل الإعلام العربية لما نص عليه الميثاق لاسيما في مادتيه العاشرة والحادية عشرة اللتان نصتا صراحة على تعميق روح التسامح والتآخي ونبذ كل دعاوي التحيز والتمييز والتعصب والتحريض على العنف والإرهاب أو إضفاء البطولة على الجرائم ومرتكبيها أو منحهم فرصة لإستخدام وسائل الإعلام للترويج لجرائمهم ، وهو الأمر الذي لم تلتزم به بعض وسائل الإعلام.
إن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب توفر الأساس القانوني لتعاون عربي فعال لمكافحة الإرهاب على كل الأصعدة، كما تقدم أحكام متفق عليها في شأن الجريمة الإرهابية وأسس التعاون العربي لمكافحة التطرف والإرهاب في المجالين الأمني والقضائي، وكما أن الإرهاب قد أصبح شاملاً في العديد من دول العالم ويهدد الفكرة والعقيدة والاقتصاد والحياة الاجتماعية للشعوب فإن الحرب عليه يجب أن تكون شاملة، وليس فقط الجوانب العسكرية والأمنية بل تمتد لتشمل تجديد الخطاب الديني وتطوير التعليم والثقافة ونشر الفكر الوسطي والمعتدل وتطوير وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة وتنظيم دور الأسرة والمدرسة والجامعة والأندية ومراكز الشباب والمسجد والكنيسة وغيرها من الوسائل والأسباب التي تدعو إلى التفكير في تعديل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.
وإذ نؤكد على ضرورة تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب من خلال هذه الاتفاقية وتعزيز آليات التعاون الدولي والعربي في هذا الشأن لنرى ضرورة التعجيل بمراجعة هذه الاتفاقية من خلال مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب بما يتناسب مع التطورات على الساحة العربية.