السبت، 23 نوفمبر 2024 09:32 ص

بالتفاصيل.. كلمة عمرو موسى بالكنيسة البطرسية فى جنازة الدبلوماسى الراحل بطرس غالى

بالتفاصيل.. كلمة عمرو موسى بالكنيسة البطرسية فى جنازة الدبلوماسى الراحل بطرس غالى عمرو موسى والراحل بطرس غالى
الجمعة، 19 فبراير 2016 02:40 م
كتب محمد رضا
ينشر "برلمانى"، نص كلمة عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ورئيس لجنة الخمسين، فى جنازة الدكتور بطرس بطرس غالى، بالكنيسة البطرسية، أمس الخميس، وجاء نص الكلمة: "قداسة البابا، السيدة الكريمة ليا بطرس غالى، أسرة الفقيد العظيم، أصحاب المعالى، السيدات والسادة، كم هو صعب علىَّ، ولكنه أيضًا واجب علىَّ، أن أقف لأنعى بطرس بطرس غالى، هذه الشخصية المتفردة التى أثْرت العمل الدبلوماسى المصرى، وأثَّرت فى العمل السياسى العربى، وكان لها وزنها الخاص فى المجال الأفريقى، ودورها المقدَّر على المستوى العالمى".

بالتفاصيل..-كلمة-عمرو-موسى-بالكنيسة-البطرسية-فى-جنازة-الدبلوماسى-الراحل-بطرس-غالى-(1)

"رأس بطرس غالى الدبلوماسية المصرية لسنوات عدة خلال النصف الثانى من القرن الماضى، كان وزيرًا للشئون الخارجية، ونائبًا لرئيس الوزراء، وقبل ذلك كان أستاذًا فى الجامعة، مارس الصحافة ورأس مراكز بحوث ودراسات، لقد ألّف ونشر وعلَّم، وترك بوزارة الخارجية بصمة لا تمحى، إذ أدخل الملف الثقافى والتنويرى والتوثيقى فى العمل الدبلوماسى، فازداد به هذا العمل قيمة وكفاءة وتألقًا".

"كان بطرس غالى على رأس المفاوضين المصريين خلال عملية السلام، فأدى أداءً رفيعًا، كان مفاوضًا لبقًا ولكنه صعب المراس، وكان دومًا محافظًا على المصلحة المصرية، كان فى أمسيات فترة المفاوضات يجتمع بالوفد المصرى ليحدد معه الحدود الدنيا، والقصوى، وما بينهما فيما سوف نفعل غدًا، وتحت رئاسته كانت الوفود المصرية مرتاحة منضبطة قادرة منتجة، وفى مفاوضات الحكم الذاتى الفلسطينى أشهد بأنه كان مدافعًا قويًا عن هذه القضية وشعبها، حريصًا على فتح الأبواب نحو إمكانيات قيام دولة فلسطين، وألا يكون الحكم الذاتى نهاية المطاف بل بدايته، وكان ذلك موقفًا استراتيجيًا مقدَّرًا ومسجَّلًا".

بالتفاصيل..-كلمة-عمرو-موسى-بالكنيسة-البطرسية-فى-جنازة-الدبلوماسى-الراحل-بطرس-غالى-(2)

"كان بطرس غالى شديد الاهتمام سديد الرأى فيما يتعلق بأفريقيا، وعلاقات مصر بها وحركتها فيها، وفى الواقع كانت أفريقيا هى التى فى البداية اقترحته ليكون الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً لها وأمينًا على مصالحها. وقد تعلمت منه شخصيًا، ومعى جيل بأكمله من الدبلوماسيين المصريين وغيرهم، الكثير فى هذا المقام، حتى إننى فور أن أصبحت وزيرًا للخارجية جعلت أفريقيا والتجول بين ربوعها، وخلق وتأكيد المصلحة المشتركة معها على رأس أولويات السياسة والدبلوماسية المصرية، وفى ذلك كان بطرس غالى هو الرائد والمثل الذى يحتذى، كما كان بطرس غالى واعيًا لبعد التنوير الأوروبى، والعلاقة المتوسطية أو البعد المتوسطى فى السياسة المصرية.. ولا ننسى هنا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاب تنصيبه أشار فى باب المصالح المباشرة لمصر إلى أن مصر دولة عربية أفريقية متوسطية".

"وقبل كل ذلك وبعده كان بطرس غالى أستاذًا للتنظيم الدولى حتى أصبح على رأس أكبر منظماته، ولو قُرِّر له أن يستمر أمينًا عامًا للأمم المتحدة لفترة ثانية لتمكن من تطوير هذه المنظمة، بل إعادة الشباب إليها، وإعادة صياغة دور الأمين العام للأمم المتحدة ليحقق له عنصر التوازن والاستقلال الذى يفتقده هذا المنصب، ولأسهم فى إقامة توازن استراتيجى بين الدول المتقدمة والدول النامية فى إطار نظام دولى مختلف كان رهن النقاش الجاد فى بداية التسعينيات من القرن الماضى وقت أن كان بطرس غالى أمينًا عامًا للأمم المتحدة ولكن للأسف حيل بينه وبين الاستمرار فى منصبه".

"وأخيرًا، لا يمكن أن أنسى الجوانب الإنسانية فى شخصية بطرس غالى المحببة إلى نفس كل من عرفه، والتى كان لى حظ أن أقترب منها كثيرًا، لم يكن يسمح بأن تنقل إليه نميمة، وإن قيلت اعتبرها طرفة ومادة للمزاح لا أكثر، كان كبيرًا مترفعًا عن الصغائر، شامخًا فى شخصيته، كان لبقًا، مرحًا، ودودًا، بشوشًا، سهلاً، مرنًا بقدر ما كان جادَّا، حادَّا، صلبًا.. كلٌ فى حينه.. كلٌ فى وقته، وكله مُجَيَّرٌ للمصلحة العامة، مصلحة مصر، وليس إدارة المؤسسة التى يرأسها سواء أكانت وزارة الخارجية المصرية أو منظمة الأمم المتحدة".

"لقد خسرنا وخسرت مصر علمًا من أعلام الأمة، ورائدًا من خيرة روَّادها، ومثالاً لممارسة الوطنية، وليس فقط الشعور بها، أو التحدث عنها، فما بالكم بالتشدق بها.. كانت الوطنية لدى بطرس غالى عملاً وأداءً وإنجازاً، كانت الوطنية لديه ثقافةٌ ومسئولية، وبعد أيها السيدات والسادة، لقد فقدنا فى يومين متتاليين هامتين عاليتين، وشخصيتين رفيعتين باهينا بهما مجالات دولية ومهنية عدة، هما بطرس بطرس غالى ومحمد حسنين هيكل رحمهما الله وعوض مصر فيهما خيراً".

"ليا.. كل العزاء لك، وسنظل حولك كإخوتك.. لقد أحببناكما معًا.. وسوف نظل نحبك".




print