كتب محمود العمري
في السنوات الأخيرة، نجحت الدولة المصرية وقيادتها السياسية في تحقيق المعادلة الصعبة وهي تحقيق التوازن بين الاستثمار في البنية التحتية والتوسع في شبكات الحماية الاجتماعية وتحقيق الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل في مصر، فقد مرت مصر بفترة انتقالية تحتاج فيها إلى إصلاحات جذرية للارتقاء بوضعها الاقتصادي والاجتماعي، وقد اتبعت الدولة المصرية مسارا إصلاحيا وازن بين إجراء إصلاحات هيكلية بجوهر الاقتصاد المصري وتعزيز الاستثمار في المستقبل من خلال الاستثمار في البنية التحتية التي تعد الاساس لجذب اي استثمارات اجنبية مباشرة، حيث انفقت الدولة المصرية نحو 10 ترليونات جنيه مصري على مشاريع البنية التحتية والتي شملت كافة قطاعات الدولة.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن البداية كانت بتطوير الاعمال اللوجيستية لمصر والتي استهدفت إحداث نقلة في ملف النقل البري في عموم البلاد لذلك أطلقت خطة شاملة لتطوير الشبكة القومية للطرق، والتي اعتمدت على فلسلة تستهدف الربط الكامل بين مختلف أقاليم البلاد، وهو ما يسهم بدوره في ربط مناطق الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي في الداخل المصري بالموانئ البحرية والجوية والبرية، ليسهم ذلك في تسهيل وانسياب حركة نقل البضائع والمنتجات، لتتحول مصر بذلك إلى مركز عالمي للتجارة والتداول واللوجستيات، وقد بلغ نصيب قطاع النقل والمواصلات حوالى 20% من اجمالي ما تم انفاقة في أعمال البنية التحتية وقد شمل إنفاق 530 مليار جم على الطرق الكباري، و129 مليار جم على النقل البحري، و225 مليار جم لتطوير السكك الحديدية بمصر بعد سنوات من التهالك، و1.1 ترليون جنيه بمشروعات مترو الانفاق، و4 مليارات جم بقطاع النقل النهري، و15 مليار جم بقطاع الموانئ البرية والجافة والمناطق اللوجيستية، ساهمت تلك الشبكة القومية في تيسير تنقل الأفراد، وساعدت على إنجاح الجهود التنموية التي بُذلت خلال التسعة سنوات الماضية بمختلف أنحاء المعمورة؛ وكانت سببا في نجاح الدولة المصرية لجذب استثمارات بحوالي 150 مليار دولار امريكي بمنطقة راس الحكمة التي لم يكن لها ان تحدث دون الاستثمار في البنية التحتية الذي نفذته الدولة المصرية على مدار السنوات العشر الماضية.
من جانب آخر، فقد نفذت الدولة المصرية عدد من المشروعات التنموية العملاقة في قطاع التعليم والتعليم الفني حيث تم انشاء وتطوير عدد من المدارس بتكلفة 39 مليار جم، بحوالي 117 ألف فصل دراسي، ومحو امية 5 ملايين مواطن، وتطوير نظام التعليم الثانوي وتسليم 3.3 مليون تابلت بتقنية شبكة الجيل الرابع، وتجهيز 9300 معمل وتوفير 37 الف شاشة ذكية، و 28 الف فصل متطور في عدد 2500 مدرسة، وتحسين مستوي التغذية المدرسية وتحقيق الاستفادة لحوالي 5.72 مليون تلميذ، وتنفيذ عدد من المشروعات التعليمية ضمن مبادرة حياة كريمة لتوفير تعليم لحوالي 4.7 مليون تلميذ، وتم تشغيل 51 مدرسة بنظام التعليم الياباني، واطلاق المبادرة الرئاسية لتعيين حوالي 150 الف معلم خلال خمس سنوات بواقع 30 الف معلم سنويا للارتقاء بنسبة المعلمين إلى الطلاب، وارتفعت مخصصات دعم التعليم بنسبة 140% خلال فترة 10 سنوات ليصل إلى 222 مليار جم في موازنة 2023/2024 مقابل 92.3 مليار جم في موازنه 2014/2015 .
ولفتت الدراسة إلى أن قطاع الصحة أيضا كان من بين القطاعات التي شهدت استثمارات كبيرة، حيث ارتفع الانفاق على الرعاية الصحية بنسبة 315.9% ليصل إلى 128 مليار جم في موازنه العام المالى 2022/2023 مقابل 30.8 مليار جم في العام 2013/2014، وتم انفاق حوالي 92 مليار جم لتنفيذ 1139 مشروعا وتطوير ورفع كفاءة المستشفيات، وقد ارتفعت اعداد وحدات ومراكز الرعاية الاولية بالريف والحضر بنسبة 83.7% لتصل إلى 9162 وحدة في عام 2021 مقابل 4988 وحدة في عام 2014، وزيادة عدد الصيدليات العامة بحوالي 22% لتصل إلى 80 ألف صيدلية في عام 2021 مقابل 65 اأف صيدلية في عام 2014، ولأن العنصر البشري هو أساس أي استثمار في البنية التحتية فقد قامت الدولة بتوفير 3800 برنامج تدريبي لرفع كفاءة 14 ألفت من العاملين بالهيئة العامة للرعاية الصحية في المجالات الصحية والادارية المختلفة.
وتابعت الدراسة أن الانفاق الاجتماعي هو الاخر شغل جانب كبير من اهتمام الدولة المصرية، حيث اطلقت الدولة المصرية مبادرة “حياة كريمة” وقد وصل اجمالي عدد المستفيدين من الخدمات الاجتماعية والصحية والاقتصادية في المرحلة الأولى من برنامج “حياة كريمة” لتنمية الريف المصري 186,525 أسرة بما يشمل مليون مواطن تقريبًا، وشملت الخدمات المقدمة إلى الأسر 8,4 ألف وصلة مياه شرب، و7,200 وصلة صرف صحي، و11,519 تركيب سقف، و10,357 منزلا تم رفع كفاءته، وبلغ عدد المستفيدين من المشروعات متناهية الصغر 623,533 مستفيد بإجمالي رأس مال 3,1 مليار جنيه مصري، علما أن جميع قروض المشروعات ميسرة وذات فائدة منخفضة تتراوح بين 5% إلى 9% لعمل مشروعات متناهية الصغر للنساء، وقد ساهم صندوق تحيا مصر في توجيه الدعم الاجتماعي، حيث قدم الصندوق دعم بحوالي 114 مليون جنيه للبرنامج القومي لحماية أطفال بلا مأوى، بجانب تطوير ورفع كفاءة أكبر 6 دور رعاية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وأطلق صندوق تحيا مصر مبادرة دكان الفرحة، حيث تم توزيع نحو 1.4 مليون قطعة ملابس على نحو 500 ألف مستفيد، كما استفاد 3.2 ألف فتاة من المبادرة في توفير تجهيزات الزواج، واطلاق مبادرة سجون بلا غارمين، حيث قام الصندوق بسداد ديون 6.4 ألف غارم وغارمة، بقيمة 42 مليون جنيه وتم الإفراج عنهم، فضلاً عن مساهمة الصندوق في تأسيس أول صندوق استثماري خيري لرعاية ذوي القدرات الخاصة تحت اسم “عطاء”، بقيمة 180 مليون جنيه، وتوفير سكن كريم من خلال دعم مشروعات بشائر الخير (2 – 3- 4 – 5 – 6 – 7- 8) بأكثر من 4.7 مليار جنيه، كما ساهم الصندوق بمليار جنيه في إنشاء مدينة تحيا مصر بحي الأسمرات استفاد منها نحو 80 ألف مواطن، وساهم الصندوق بمبلغ 167 مليون جنيه في تنفيذ مشروعات بالمدارس والمستشفيات وقطاعي الكهرباء والمياه بسيناء، كما تم الانتهاء من إعمار ورفع كفاءة 12 ألف منزل متهدم في 332 قرية.
واختتمت الدراسة، مؤكدة أنه خلال السنوات العشر السابقة، نجحت الدولة في تحقيق التوازن المطلوب في أولويات الإنفاق الحكومي في مصر، من خلال دعم البنية التحتية لجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية، وأولت الدولة المصرية اهتماماً كبيراً بالحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية لضمان حياة كريمة لجميع المواطنين، وجنبت الدولة المصرية تكلفة إضافية بحوالي 20 ترليون جم هي القيمة الاضافية المتكبدة في حال تنفيذ تلك المشروعات بالتكلفة الحالية.