كتب محمد حجاج
أصدر المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة دراسة وافية أجاب فيها عن سؤال الساعة، وهو "لماذا نفذ تنظيم داعش هجمات بروكسل؟"، وأجمل الإجابة فى عدد من النقاط، أولها أن هجمات بروكسل جاءت بعد أيام قليلة من إعلان أجهزة الأمن البلجيكية القبض على صلاح عبد السلام، فى 19 مارس الحالى، وهو المشتبه بتورطه فى هجمات باريس التى وقعت فى نوفمبر 2015، حيث ألمح وزير الخارجية البلجيكى ديدييه رينديرز إلى أنه "كان يخطط لهجمات جديدة فى بروكسل قبل إلقاء القبض عليه".
ورجحت الدراسة التى أعدها برنامج دراسات الحركات الإسلامية بالمركز وجود علاقة مباشرة بين عمليات بروكسل والقبض على صلاح عبد السلام، خاصة أن العناصر التى ارتكبت تلك العمليات ربما تكون قد سارعت إلى ذلك قبل إلقاء القبض عليها.
وتابع: ثانى تلك الأسباب هو سعى التنظيم إلى الرد على العمليات العسكرية التى يشنها التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب بعض الأطراف الأخرى ضد مواقعه فى سوريا والعراق، وذلك من خلال نقل عملياته الخارجية ذات الثقل إلى عمق القارة الأوروبية، وهو ما يمكن أن يؤدى، فى رؤيته، إلى دفع الدول الأوربية للعزوف عن المشاركة فى تلك العمليات العسكرية ضد معاقل التنظيم.
وأضافت الدراسة: وربما لا تنفصل العمليات الإرهابية فى بروكسل عن التطورات التى تشهدها الأزمة السورية، لا سيما لجهة تركيز الضربات العسكرية على مواقع التنظيم، بالتوازى مع استمرار مفاوضات جنيف بين النظام السورى ووفد المعارضة واستمرار اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين".
ولفتت إلى أن نقل العمليات الإرهابية التى يقوم بها التنظيم إلى بعض العواصم الأوروبية، يهدف إلى تقليص حدة الضغوط التى يتعرض لها التنظيم فى سوريا والعراق، والتى أدت إلى تراجع قدراته، نتيجة الخسائر المادية والبشرية التى منى بها، والتى أدت إلى فقدانه زمام المبادرة وتحوله من الهجوم إلى الدفاع للحفاظ على الأراضى التى ما زال يسيطر عليها حتى الآن.
أما السبب الثالث فى تنفيذ هجمات بروكسل هو توجيه رسائل من داعش إلى المتعاطفين معه، تفيد بأنه ما زال قادرًا على استهداف مصالح الدول الغربية، رغم الضربات العسكرية التى يتعرض لها، ومن خلال هذه العمليات يمكن القول إن التنظيم يسعى إلى تجنيد مزيد من العناصر لتعويض خسائره البشرية التى أسفرت عنها العمليات العسكرية التى يشنها التحالف الدولى وبعض الأطراف الأخرى.
وقال المركز الإقليمى، إن الهجمات الإرهابية التى قام بها تنظيم "داعش" فى بروكسل تطرح دلالات عديدة، أولاها يتمثل فى الإعداد المسبق، حيث يشير نجاح عناصر التنظيم فى استهداف مواقع حيوية فى بروكسل، إلى أن التنظيم يمتلك القدرة والإمكانيات التى تساعده فى الإعداد والتخطيط لمثل تلك العمليات النوعية بدقة، وتجاوز الإجراءات الأمنية، بدليل نجاح عناصره فى إدخال متفجرات إلى المطار.
وثانى تلك الدلالات هو تزايد احتمالات وجود "خلايا نائمة" تابعة للتنظيم داخل الدول الأوروبية تنتظر التوقيت المناسب لتنفيذ عمليات جديدة، فى إطار السياسة التى يعتمدها التنظيم للرد على الضربات العسكرية التى يتعرض لها.
أما الدلالة الثالثة فهى تعمد العناصر الإرهابية استخدام وسائل غير تقليدية فى الاتصال مع التنظيم الرئيسى فى سوريا والعراق، بهدف تجنب رصدها من جانب الأجهزة الأمنية، وهو احتمال يكتسب وجاهة خاصة مع الوضع فى الاعتبار أن استخدام أدوات غير نمطية فى الاتصال لم يكن سياسة جديدة تبناها تنظيم "داعش"، حيث سبق أن لجأ إلى استخدام بعض ألعاب الفيديو، حسب بعض الاتجاهات، فى الهجمات الإرهابية التى نفذها فى العاصمة الفرنسية باريس فى نوفمبر 2015.