أكد النائب أحمد سمير زكريا، عضو مجلس الشيوخ، أهمية زيارة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى مصر، موضحًا إن اللقاء الذي جمعه بالرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية، وما أعقبه من إعلان ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، يحمل دلالات أعمق ترتبط بإعادة تشكيل دوائر النفوذ الدولي، في عالم يبحث عن توازنات جديدة خارج أطر الهيمنة القطبية، وتعيد رسم خرائط التعاون جنوب–جنوب
وأضاف أحمد سمير زكريا، في بيان له، أن مشاهد اليوم، بمثابة إعلان رمزي عن عودة الروح إلى محور الجنوب-الجنوب، الذي بدأ منذ عقود في باندونج، ويُعاد إحياؤه اليوم بأدوات أكثر نضجًا ورؤية أكثر وضوحًا، تؤمن بأن الشراكات لا تُبنى على التبعية، وإنما على احترام السيادة وتكامل المصالح.
وأشار إلى أن توقيع الرئيسين على إعلان الشراكة الاستراتيجية، وتوافقهما على خطوات تفعيلها، لاسيما في مجالات الصناعة، والتجارة، والاستثمار، والاتصالات، والطاقة، يُجسد إرادة حقيقية للانتقال من مرحلة العلاقات الدبلوماسية التقليدية إلى فضاء من التعاون المتقدم، الذي يتأسس على حقائق الجغرافيا السياسية، ويُلبّي طموحات التنمية العادلة في العالم النامي.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ أن الزيارة لم تكتفِ بالشق الاقتصادي فحسب، بل تجاوزته إلى مناقشة أبعاد التعاون الدفاعي، وبناء القدرات، وتبادل الخبرات، وهو ما يعكس إدراك البلدين لخطورة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وضرورة التنسيق العسكري والأمني لمواجهة مخاطر عابرة للحدود، لا تعترف بالجغرافيا ولا تلتزم بأعراف القانون الدولي.
كما ثمّن زكريا حرص الرئيسين على تعزيز التعاون الثقافي، واعتبار الثقافة إحدى أدوات بناء الجسور بين الشعوب، مشيرًا إلى أن مصر وإندونيسيا، بما لهما من إرث حضاري وروحي كبير، قادرتان على لعب دور محوري في تشكيل وعي إنساني جديد، يقوم على قيم التسامح والانفتاح والحوار بين الثقافات.
ولفت النائب إلى أن تباحث الرئيسين بشأن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، يعكس وحدة الموقف بين دولتين من أكبر دول العالم الإسلامي، في رفضهما للعدوان، ودعمهما لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، واصفًا هذا الموقف بأنه ليس فقط تعبيرًا عن التزام تاريخي، بل تأكيد على أن السلام لا يولد من رحم القوة، وإنما من عدالة الحقوق.
وأشاد زكريا بالاصطحاب الرمزي للرئيس الإندونيسي إلى الأكاديمية العسكرية المصرية، ثم إلى العاصمة الإدارية الجديدة، معتبرًا أن هذه الجولة تُجسد رسالة غير مكتوبة مفادها أن مصر الجديدة لا تبني جدرانًا فقط، بل تصوغ نموذجًا متكاملاً من التنمية والنهضة والتحديث، يمتد من الفكرة إلى المؤسسة، ومن الخيال إلى الواقع، في توازن نادر بين القوة الناعمة والصلبة.
وشدد على: "أن زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر اليوم، لم تكن زيارة دولة فحسب، بل كانت زيارة إلى مشروع حضاري عربي آسيوي يتشكل من جديد، تقوده مصر بثقة، وتشاركه فيه دول شقيقة صاعدة، تبحث جميعًا عن مكان يليق بها في خريطة المستقبل."