تحليل - مصطفى النجار
كشفت الموازنة العامة للعام المالى 2016/2017، التى قدمها مجلس الوزراء للأمانة العامة لمجلس النواب، عن عدد من الثغرات الاقتصادية، التى تكاد أن تطيح بالموازنة وتعيد المحور الاقتصادى بالموازنة للمربع صفر، خاصة أنها تعتمد بنسبة 80% من مواردها على المصادر الريعية كالضرائب وهى ما يدخل على توجه الحكومة المعاكس لما تم افعلان عنه فى برنامجها أمام المجلس يوم الأحد 27 مارس الماضى، والذى يؤكد التوجه لزيادة الاستثمارات فى القطاعات الصناعية والزراعية.
ويواجه ملف الضرائب الذى يمثل الركيزة الرئيسية للموازنة الجديدة للحكومة، ووجود منازعات بين الممول ومصلحة الضرائب المصرية لحوالى 5 ملايين نزاع، لكنها بدأت تخطو خطوات قد تكون إيجابية بإعادة لجان التصالح لتشجع على الممولين الحاليين على التصالح ما يقضى على حالة الشك المتبادل بين أصحاب الملفات الضريبية والمصلحة ما يزيد من طمأنة المستثمرين الحاليين والمستقبليين.
كذلك الحال فيما يخص الإجراءات المتعلقة بمنازعات الاستثمار داخل الدولة، والتى مازالت معطلة ما يؤخر توسيع قاعدة الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، إذ تتعدد لجان فض المنازعات، بينما تغيب النتائج الفعلية عن الواقع.
ولا ينكر أحد أن العديد من المستثمرين العرب خاصة يتخوفون من الدخول فى الاستثمار فى السوق المصرى، لعدم وجود ضمانات لتعهدات الحكومة الاقتصادية سواء فى بيع الشركات المملوكة للدولة أو إصدار القرارات، التى تتضارب بشكل شبه شهرى، وذلك فى ظل غياب لجان فض منازعات الاستثمار لأنها تحتاج لتعديلات تشريعية خاصة ما يتعلق بإجراءات إشهار إفلاس الشركات لتنظيم عمليات الدخول والخروج العشوائية لسوق الاستثمار.
وفيما يخص تحسين معدلات نمو الاقتصاد، فإن الوزارات المختلفة من الصناعة والتجارة والاستثمار والصندوق الاجتماعى للتنمية، تعهدوا جميعًا بالاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن لم يحدث أى تحرك فعلى رغم الإعلان عن حوافز ومنح المستثمرين لقروض بفائدة مخفضة تصل إلى 5% لكن غاب عن صناع القرارات التشريعية والاقتصادية أن الأمر يحتاج لإنشاء جهاز لتنظيم عمليات وضع الحوافز والإجراءات وتراخيص الأراضى الموحدة.
وكأن الحكومة تعمل منفردة فى صياغة الموازنة العامة، غاب عنها الرؤية المستقبلية خلال العام المالى الجديد، لمعالجة السياسيات المالية والمصرفية الثابتة يمكن للمستثمر من خلالها حساب تكاليف التأسيس والتشغيل والأرباح، كذلك ووفقا لإعلان أشرف العربى وزير التخطيط أكد أن الحكومة تستهدف زيادة الإنتاج المحلى الإجمالى لـمصر إلى 3.2 تريليون جنيه (أى 3200 مليار جنيه!) ولكى يتحقق هذا نحتاج لجذب استثمارات بمبلغ 531 مليار جنيه، متناسيًا عائقًا مهمًا يطرح بأحلام الحكومة على أرض الواقع وهو أن استخراج تصريح مصنع يستغرق 1000 يوم أى قرابة 3 سنوات وهى مدة إذا قارناها بإمارة دبى أو جبل على فى دولة الإمارات سنجد أن الإجراءات هناك لا تزيد عن 24 ساعة إلى أسبوع بأقصى تقدير، وكذلك الدولة الإماراتية تلتزم بتعاقداتها فلا يوجد مسئول يلغى التعاقد أو عقد تخصيص أرض بنظام حق الانتفاع مثلا ليحصل على مقابل مادى من المستثمر بعد سنوات بحجة أنه يربح، ليطرح السؤال التقليدى نفسه ما الذى تقدمه الحكومة لتحقيق أحلامها الخيالية ومعالجة القصور فى بنود الموازنة العامة للدولة؟.