حصل موقع برلمانى على وثائق "سرية للغاية" للحكومة المصرية فى عهد الدكتور عاطف صدقى، تكشف اعتراف الجانب المصرى بأحقية المملكة العربية السعودية فى جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين فى المياه الإقليمية فى البحر الأحمر بين البلدين.
وهذه الوئاثق عبارة عن خطاب "سرى للغاية" موجه من الخارجية المصرية للدكتور عاطف صدقى، رئيس مجلس الوزراء، يكشف عن إرسال المملكة العربية السعودية لخطابين إلى مصر، الأول بتاريخ أغسطس 1988، والثانى فى فبراير 1989، تطلب فيه من مصر وعدًا بأن تنظر إلى أمر الجزيرتين وتلتزم بوعودها السابقة مع الحكومة السعودية بأنه لا أزمة فى سيادة المملكة على الجزيرتين.
وتضمن الرد المصرى فى نقطته الثالثة: "قامت وزارة الخارجية بدراسة الطلب السعودى فى ضوء أحكام القانون الدولى من ناحية والظروف السياسية والعلاقات المصرية الإسرائيلية من ناحية أخرى، وقد تدارست الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة، حيث اتفقنا فى الرأى على عدد من الحقائق، والتى أتشرف برفعها إليكم".
وجاءت تلك الحقائق حسب نص الوثيقة كما يلى:
أن مصر قامت فى فبراير 1950 باحتلال جزيرتى صنافير وتيران وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، وأنها لجأت إليه فى ضوء المحاولات التى تكررت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة، تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة السعودية.
قام الملك عبد العزيز آل سعود بإرسال برقية إلى الوزير المفوض السعودى فى القاهرة فى فبراير 1950 تضمنت قوله "نزول القوة المصرية فى جزيرتى تيران وصنافير لأن أمن هاتين الجزيرتين كان مقلقًا لنا كما هو مقلق لمصر، ومادام أن المهم هو المحافظة عليهما، فوجود القوة المصرية فيها قد أزال القلق".
تقع الجزيرتين طبقًا لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وبالبروتوكولات المتعلقة بها فى المنطقة "ج"، حيث بعض القيود على التواجد العسكرى المصرى، بحيث تتولى الشرطة المدنية المصرية، المجهزة بزوارق خفيفة ومسلحة تسليحًا خفيفًا، مهمتها داخل المياه الإقليمية للمنطقة، فضلًا عن تمركز القوى متعددة الجنسيات، فى هذه المنطقة، ومثل هذه المعاهدات يتعين احترامها والاستمرار فى الالتزام بها".
إن تبعية هاتين الجزيرتين وفقًا لأحكام القانون الدولى هى للمكلة العربية السعودية وذلك للأسباب التالية:
أن من الأمور الثابتة تاريخيًا أن السيادة على الجزيرتين كانت للسعودية إلى حين قيام مصر فى ظروف المواجهة العسكرية مع إسرائيل فى عام 1950 باحتلال الجزيرتين احتلالًا فعليًا، وبموافقة ومباركة السعودية، وجدير بالذكر أن عدم ممارسة السعودية لمظاهر السيادة على الجزيرتين قبل عام 1950 نتيجة عدم تواجدها الفعلى فيها وكذا عدم ممارستها لهذه المظاهر بعد عام 1950 نتيجة احتلال مصر لها، لا يعنى بأى حال من تبعية الجزيريتن للسعودية، ذلك أن من الأمور المستقر فى القانون الدولى فقها وقضاءً أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخرى لها خاصة إذا كان هناك اتفاق بينهما فى الإدارة، كما أن من المسلم به فى أحكام القانون الدولى أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بمباشرة أو عدم مباشرة السيادة عليه، طالما لم يقم دليل على تنازل الدولة صاحبة الإقليم عنه للدولة التى تباشر مظاهر السيادة عليه، وفى الحقيقة، فإن المملكة السعودية وإن قبلت بالتواجد المصرى عام 1950 خشية من سيطرة الإسرائيليين على الجزيرتين إلا أنها لم تتنازل عنهما فى أى وقت لمصر، الأمر الذى يؤكد مطالبتها الآن، باعتراف مصر بالسيادة السعودية عليها، وعليه فإن التواجد المصرى فى الجزيرتين لا يؤثر على استمرار تباعيتهما للسعودية.
بل أن مصر نفسها لم تحاول فى أى وقت من الأوقات أن تدعى بأن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلتا إليها، وأن أقصى ما أكدت هو أنها تتولى مسؤولية الدفاع عن الجزيرتين وخطاب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن فى 19 مايو 1967.
ومما يؤكد ما سبق ذكره أن المادة الثانية من اتفاقية السلام مع إسرائيل قد أحالت بشأن تحديد حدود مصر الشرقية إلى الخريطة المرفقة بالملحق 2 وأنه يتضح من هذه الخريطة أن موقع الجزيرتين يعتبر خارج الإطار الإقليمى المصرى، وأنهما جزء من الأراضى السعودية بدليل أن الجزيرتين ملونتين بلون يختلف عن لون الأراضى المصرية، ويتفق مع اللون المستخدم بالنسبة للأراضى السعودية، مما يعتبر قرينة فى أن اتفاقية السلام أقرت بأن الجزيرتين سعوديتين، بل أنه لا توجد فى الاتفاقية وملاحقها أى إشارة حول إدارة مصر للجزيرتين.
وفى ضوء ما سبق، ولما كانت متطلبات تنمية ودفع العلاقات المصرية السعودية خاصة فى هذه المرحلة التى تتسم فيها العلاقات بالمودة فى السعى المشترك من إقامة روابط استراتيجية يمكن أن تتوج بإقامة جسر يربط بين مصر والسعودية عبر خليج العقبة وما اقتراب موعد انعقاد اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة فى الرياض فى مارس القادم، والحاجة ليصل رد إلى الأمير سعود الفيصل على رسالته السابقة واستعراض محتوياتها بعد. فإننا نقترح الرد على وزير خارجية السعودية بأن مصر تقر بتبعة الجزيرتين للمملكة وأنها فى الحقيقة لم تقم باحتلالهما عام 1950 إلا حماية لهما وللأمن القومى العربى، وأن ذلك كان بمباركة من السعودية نفسها، لتؤكد الرسالة بعد ذلك فى اهتمامنا على مراعاة عدم الإخلال بالتزامات مصر الإقليمية والدولية طبقًا للاتفاقات الإقليمية والدولية التى أبرمتها بشأن إقرار السلام فى المنطقة.
واختتم الجانب المصرى الوثيقة بالتأكيد السعودى على أن تظل الرسائل بين الجانبين سريًا حتى لا يؤثر ذلك على الأمن القومى العربى، وأن تستغله إسرائيل فى حال كشف تلك المراسلات.