طال انتظار المصريين لمجلس النواب شهورًا إثر شهور، فمنذ أعادت المحكمة الدستورية العليا الأمور إلى نصابها مع برلمان 2012، الذى سيطرت عليه جماعة الإخوان الإرهابية، وقضت بعدم دستورية انتخاباته، ظلت مصر دون برلمان قرابة 4 سنوات، وكان انتخاب مجلس نواب جديد واحدًا من أهم بنود خارطة الطريق التى أقرها الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو، وبالفعل جاء مجلس النواب المنتخب والممثل للشعب المصرى بشكل ديمقراطى واسع ونزيه، حاملاً معه آمالاً قانونية ودستورية تتصل بالدورين الرقابى والتشريعى اللذين تحتاجهما الدولة المصرية للنهوض واستكمال مسيرة البناء، ولكنه حمل معه فى الوقت نفسه آثارًا جانبية وأعراضًا كوميدية.
قبل أسابيع طالب أحد النواب بمحاكمة نجيب محفوظ، أديب مصر الأشهر، والقلم العربى الوحيد الحاصل على جائزة نوبل العالمية فى الأدب، ليُضاف الموقف إلى رصيد سابق من المواقف السابقة، لنواب تحدثوا عن ملابس النساء وعن أدوات الماكياج وعن لبن الحمير، وغيرها من الموضوعات التى حملت فى ثناياها تبسيطا وكوميدية أكثر مما حملت من اهتمام بالرقابة والتشريع، وعمل على تحسين البنية القانونية والإدارية، والمساهمة الجادة فى إنجاز الملفات العالقة أمام البرلمان، وبعد فترة من الهدوء وإنجاز عدد من القوانين المهمة، منها قانون نقابة الإعلاميين، لم نكد نتخيل انتهاء موجة الكوميديا والتصريحات التى لا مدخل لها ولا دور، حتى فاجأنا نائب عن كفر الشيخ بالمطالبة بوقف عرض فيلم مولانا، للمخرج مجدى أحمد على، بسيناريو مجدى، والقصة والحوار للكاتب الصحفى إبراهيم عيسى.
فى كاريكاتير "برلمانى"، يلتقط الفنان محمد عبد اللطيف خيط الموضوع، كاشفًا عن جوانب التناقض التى يشهدها هذا التصريح، والموقف الذى يقف خلفه، بخطوجط بسيطة ومعبرة، وبتعليق رشيق وصادم، يحلل "عبد اللطيف" موقف نائب كفر الشيخ وتصريحه، مزاوجًا بين هذا الموقف الحاد الذى يتخذه نائب برلمانى، وبين فكرة المصادرة وتعميم القيم والتصورات الذاتية على مجتمع واسع، يحوى داخله من التنوع ما يشبه وجه مصر وخريطتها الواسعة وتاريخها العميق، لنقف أمام الفيلم وتصريح النائب، ورسمة محمد عبد اللطيف، متسائلين: ما الفارق بين مثل هذه المواقف ومن يعمّمون أفكارًا أحادية ورؤى شخصية على المجتمع مدّعين أنها الفهم الصحيح، سواء للدين أو الفن أو الأدب أو الأخلاق أو السياسة؟.