الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:52 م

ذاكرة البرلمان.. فصل مكرم عبيد لاتهامه رئيس الوزراء بالفساد والتربح واستغلال النفوذ

ذاكرة البرلمان.. فصل مكرم عبيد لاتهامه رئيس الوزراء بالفساد والتربح واستغلال النفوذ مكرم عبيد
الأربعاء، 09 مارس 2016 06:01 م
كتب برلمانى
يقول الكاتب الصحفى محمد المصرى، أقدم المحررين الصحفيين العاملين فى الصحافة البرلمانية، إن حالات إسقاط العضوية عن أعضاء البرلمان تمثل أقصى وأقسى الجزاءات التى يمكن توقيعها على العضو، وقد نصت جميع الدساتير المصرية، منذ أول دستور صدر فى العام 1923 وحتى دستور 2014، على هذه العقوبة، ونظمت جميع اللوائح الداخلية للبرلمانات المصرية، منذ أول برلمان مصرى حقيقى عام 1866 وحتى برلمان 2016، الإجراءات والقواعد التى يجب اتباعها لمواجهة العضو - رغم ما يتمع به من حصانة - عندما يخل بواجبات العضوية أو يأتى أفعالاً محظورًا عليه فعلها، وأهمها تهديد رئيس الجمهورية أو رئيس البرلمان أو رئيس الوزراء، أو استخدام العنف لتعطيل أعمال المجلس أو لجانه أو مناقشاته.

وقد استخدمت جميع البرلمانات المصرية، طوال حياتنا البرلمانية الطويلة، هذا الحق الدستورى فى إسقاط عضويات مئات النواب وإخراجهم من تحت القبة، سواء بالحق أو الباطل لأهواء سياسية، وفى هذا السياق ذال المصرى: "أذكر أننى كنت شاهدًا على إسقاط عضوية عشرات النواب منذ برلمان 1976 وحتى إسقاط عضوية نائب التطبيع السابق توفيق عكاشة فى الجلسات الأخيرة فى برلمان 2016، والحقيقة أننى فى بعض الأحيان كنت أتعاطف مع بعض النواب الذين كانوا يتعرضون لهذا الموقف الصعب بسبب معارضتهم للنظام أو من أجل كلمة حق قالوها لسلطان جائر تحت القبة أو خارجها، ويدفعون ثمن ذلك! وفى بعض الأحيان كنت أشعر بالقرف والغثيان من بعض النواب فى جلسات إسقاط عضوياتهم، فهم خانوا القسم الذى أقسموه باحترام الدستور والقانون ولم يرعوا مصالح الناس ولا الوطن، ولا يستحقون شرف تمثيلهم تحت القبة، وتخفوا وراء الحصانة ليتاجروا فى المخدرات أو يبيعوا تأشيرات الحج أو العلاج على نفقة الدولة، أو ينصبوا على الناس أو يزوروا الأحكام القضائية".

تابع محمد المصرى، أقدم المحررين البرلمانيين، قائلاً: "تمثل جلسات إسقاط العضوية عن النواب قمة الإثارة تحت القبة، بين المؤيدين لإسقاط العضوية والمعارضين لهذه العقوبة القاسية على النائب، وفيها نستمع إلى الرأى والرأى الآخر، وسأتعرض لبعض المواقف التى عشتها تحت القبة فى أثناء إسقاط العضوية عن بعض النواب السابقين، ولكن فى البداية ألقى الضوء على أشهر جلسة لإسقاط عضوية النائب مكرم عبيد، سكرتير حزب الوفد سابقًا، قبل ثورة يوليو 1952، وبالتحديد فى مايو 1943، بعد استجوابه الشهير الذى تقدم به لرئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا، وكانا زميلين فى الجهاد والكفاح ضد الملك والإنجليز، ولكن للأسف تحولت الصداقة والزمالة والكفاح إلى عداوة وبغضاء بينهما، وانشق مكرم عبيد عن الوفد وكون حزب الكتلة".

وعن تفاصيل جلسة إسقاط عضوية مكرم عبيد، يقول محمد المصرى: "ناقش المجلس استجواب مكرم عبيد الذى كال فيه على مدى 3 أيام الاتهامات لرئيس الوزراء باستغلال النفوذ للثراء والانتفاع الشخصى من ممتلكات الدولة، والتستر على التهم المنسوبة لبعض الأصهار والأنصار، وأن الحاكم العسكرى يستغل نفوذه بمنعه من الإدلاء برأيه فى الصحف والمجلات والإذاعة، والتلاعب فى رخص التصدير وصفقات التموين، وتدخل السيدة زوجته زينب الوكيل فى شؤون الحكم والاتجار بقوت الشعب هى وأقاربها - عندما تزوجها النحاس باشا كان يكبرها بـ33 سنة - وقام رئيس الوزراء بالرد على استجواب عبيد وفنّد كل ما قاله فى استجوابه الذى كان قد نشره فى الكتاب الأسود، مؤكّدًا على نزاهة الحكم الوفدى، بينما استنكر المجلس المسلك الشائن الذى سلكه مكرم باشا، ووصفه المجلس بأنه أسوأ مثل للنائب منذ أن قامت فى البلاد الحياة النيابية سنة 1942، واستهجن المجلس هذه التهم الطائشة وعدم صحتها، وقرر المجلس فصل مكرم عبيد باشا من عضوية المجلس بأغلبية 208 أصوات ضد 17 صوتا، وبما أن العدد الواجب توافره هو ثلاثة ارباع المجلس أى 198صوتا، وقد زادت الأصوات عن هذا العدد، تقرر فصل حضرة نائب قنا مكرم عبيد باشا وإعلان خلو الدائرة، وتم اعتقاله فى السرو بالقرب من المنصورة ولحقته زوجته بعد ذلك، والعجيب أنه بعد نجاح القصر فى إقالة النحاس باشا عام 1944 تولى مكرم عبيد رئاسة الوزراء بعد 8 أشهر من فصله من مجلس النواب".


print