وأضاف أبو الغيط خلال كلمته التي ألقاها خلال المؤتمر الخامس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية: "لا شك أن مؤسسات التمثيل والتشريع والرقابة، ممثلة في البرلمانات العربية، تُعد ركناً أساسياً في منظومة الحكم الرشيد الذي يقوم على إشراك الشعوب في العملية السياسية والتنموية، باعتبار أن الإنسان هو جوهر العملية التنموية وأداتها وغايتها في الوقت نفسه".
كما أشار إلى أن هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية تحتاج إلى تفعيل أكبر لدور هذه المؤسسات، مؤكدا أن المصاعب الاقتصادية تضغط على الجميع، حيث أوضاع التضخم والركود وارتفاع تكلفة المعيشة لما لها من تبعات وارتدادات اجتماعية نرصدها في العالم باتساعه وفي عالمنا العربي بطبيعة الحال".
وتابع: "هذه الأوضاع الصعبة، وتلك الأزمات الضاغطة، سوف تستمر لفترة ليست بالقصيرة،طالما ظل الوضع الجيوسياسي العالمي مُلتهباً على نحو ما نشهد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وطالما ظل الاقتصاد العالمي يُعاني من تبعات كورونا وغيرها من الأزمات، والتي أفرزت مزيجاً خطيراً من الركود والتضخم".
كما أشار لتقديره أن التماسك السياسي والاجتماعي يظل مفتاحاً مهماً لتجاوز تلك الأزمات، وتعزيز صمود المجتمعات في مواجهتها، وهنا يعد دور المجالس النيابية، ومؤسسات التمثيل والتشريع محورياً في توفير القناة الواصلة بين الحكومات والشعوب.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية على حق الشعوب في أن تفهم وتُدرك أبعاد الأزمة وسبل المواجهة، والتكاليف المرتبطة بذلك، أما الحكومات من واجبها أن تضع شعوبها في صورة ما يجري، بكل أمانة وشفافية، ومن واجبها أيضاً أن تشرح برنامجها وخططها للمواجهة والصمود، و تظل البرلمانات هي الوسيط الذي لا غِنى عنه للحوار المطلوب بين الحكم والشعب، وساحةً مهمة للمناقشات الضرورية لكافة البدائل وكُلفتها وتبعاتها.
وناشد أبو الغيط كافة البرلمانيين العرب أن يكونوا صوتاً أميناً للشعوب في التعبير عن معاناتها وآلامها، وأيضاً تطلعاتها وأحلامها، و أن تكون المجالس النيابية، في الوقت ذاته، منصة أساسية لتنوير الرأي العام بالحقائق والخيارات، بكل ما تقتضيه هذه المهمة من العقلانية والتجرد.
كما دعا بدوره البرلمانيين إلى إيلاء الاهتمام الواجب للقضايا التي تهم الأمة العربية في مجموعها،والتي تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة المواطن العربي في كل مكان، مشيرا هنا على نحو خاص إلى قضية الأمن الغذائي العربي، الذي يتعرض لتحديات خطيرة بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، وما تسببت فيه من اضطراب في سوق الحبوب العالمي، فضلاً عن تصاعد التضخم وما يرتبط به من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وبخاصة الضرورية منها.
كما لفت إلى استراتيجية الجامعة العربية، التي تبنتها في قمة الجزائر في نوفمبر الماضي، والتي تعد استراتيجية شاملة لتحقيق الأمن الغذائي العربي، بما يقتضي عملاً متضافراً بين الدول العربية من أجل تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، وبرامج عمل قابلة للتنفيذ.
وأشار إلى الأوضاع العربية، التي لا زالت أسيرةً للأزمات الممتدة، وأخطرها على الإطلاق تلك التي تتعلق بوحدة بعض الدول وتماسك كيانها الوطني، مثلما نشهد في اليمن وسوريا وليبيا، و التي بعد عقدٍ ويزيد من الصراعات الداخلية، لا زالت هذه الدول في حاجة ماسة إلى تسويات سياسية لاستعادة وحدتها ودرء مخاطر التدخلات الأجنبية والإقليمية في شئونها على نحو يُشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي في مجموعه.
وقال أبو الغيط :"لا يخفى عليكم ما تمر به القضية الفلسطينية من لحظةٍ حرجة وبالغة الصعوبة، فالاحتلال الإسرائيلي يتبنى رؤية يمينية بالغة التطرف تسعى إلى تصفية القضية، وقضم الأرض عبر البناء الاستيطاني، والقضاء على الهوية الفلسطينية بالتهويد والقمع، مشيرا إلى "رؤية الجامعة العربية لاستمرار هذه الأوضاع، في ظل صمتٍ دولي مريب، الذي من شأنه أن يزج بالمنطقة كلها، وليس فلسطين وحدها، في دوامة خطيرة من انعدام الاستقرار والاضطراب،بل سيقود إلى الدفع بالتيارات المتطرفة إلى صدارة المشهد على الجانبين،فالتطرف لا يولِّد إلا تطرفاً مضاداً".
وأكد الأمين العام أن انسداد الأفق السياسي يعني حرمان الفلسطينيين من كل أمل في تحقيق حلمهم بالاستقلال وإقامة الدولة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، ومن دون مشروع للتسوية، فإن المجال سيبقى مفتوحاً لمتطرفي الحكومة الإسرائيلية لكي يُمارسوا مخططاتهم بالغة الخطورة، على نحو ما نشهد في القدس وغيرها من مدن الضفة.
ونوه في هذا الصدد عن مؤتمر القدس الذي سوف تستضيفه الأمانة العامة للجامعة العربية غدا الأحد ، بحضور عددٌ من القادة والزعماء العرب والوزراء وكبار المسئولين والسياسيين والخبراء، والهدف الأساسي هو التعريف بما يجري في القدس، لكي يدرك العالم الصورة على حقيقتها، والعمل على تعزيز صمود أهلنا في هذه المدينة المقدسة.
داعيا الجميع إلى متابعة نتائج أعمال هذا المؤتمر وتوصياته والعمل على تفعيلها من خلال العمل البرلماني الذي يمثل رديفاً لا غنى عنه للعمل السياسي والدبلوماسي لنصرة القضية الفلسطينية وقضية القدس.