فى عيد الأم.. "سلوى إبراهيم" أمٌ صنعت من صممِها أنشودة حب وعطاء ونجاح
صنعت من صممها أنشودة حب وعطاء ونجاح
الإثنين، 21 مارس 2016 04:18 م
كتب تامر إسماعيل - تصوير حازم عبد الصمد
فى بيتها الصغيرة، ووسط غصون أسرتها الخمسة، استطاعت أن تظل – رغم صمتها الإجبارى- شريانًا من الحب لا ينقطع، ومددًا من الأمل لا يقنَط، وفيضًا من النور لا ينطفئ، فاستبدلت صوتها الغائب، بهمسات صامتة من الدفء والعطاء، ملأت أركان بستانها الذى زرعته وترعاه لسنوات، دون شكوى من نقص، ولا سخط على قدر.
تلك قصة "سلوى إبراهيم"، الأم التى خلقها الله لا تسمع ولا تتكلم، لكنه خلقها تحب وتعطى وتمنح دون حساب، أو انتظار ثمن، فى كل بيوت العالم، يمر عيد الأم صاخبًا، تملؤه أصوات الأغانى التى تحكى بكل بهجة وفرح، قصة الأم وعطائها، وتسمع أمهاتنا صوت شادية تغنى "يارب يخليكى يا أمى يا ست الحبايب"، لكن "سلوى"، لا تسمع كل هذه الكلمات، ولا تسمع حتى صوت أبنائها وهم يهنئونها، ولا يسمع أبنائها صوتها، فقط، فى هذا البيت، يعم الصمت، لتتحدث لغة العيون والقلوب، والأصابع التى تصف فى إشارات بسيطة، مشاعرًا أعقد من أن يوصفها الكلام، مما علا صوته، وشدت نغماته.
قصة الأم الصماء "سلوى إبراهيم" ذات الـ 47 عامًا، نرصدها فى مجموعة صورية، تلك السيدة ضعيفة السمع التى التقت خلال دراستها بالمرحلة الثانوية، بعلاء الدين محمد ضعيف السمع أيضًا، لتبدأ بينهما قصة حب، عرفت الوفاء والعمل، ولم تعرف الكلام، عرفت الإخلاص والعطاء، ولم تعرف السمع، قصة توجت بالزواج، وبـ 4 أبناء أصحاء، هيام، عادل، عمرو، ومازن، "آخر العنقود".
صبرت الأم وثابرت من أجل إنجاح التجربة الأهم فى حياتها، مع قدوم أول مولود لها، تحدت الصعاب بل وتحدت إعاقتها، كسرت حاجز الصمت، وحملت الأمل على أعناقها، وبثته فى أذان أولادها، الذين تعلموا منها أن الحياة "أقوال لا أفعال".
تحكى الابنة الكبرى، هيام، بكالريوس تجارة، بجامعة حلوان: "منذ طفولتنا كنا نتعلم لغة الإشارة من والدى ولم نواجه أى مشكلات أو عواقب، وكنا نعتمد اعتمادًا كليًا على أنفسنا أثناء المذاكرة".
ويقول مازن، 4 سنوات: "ماما علمتنى إزاى أتكلم معاها، وهعلم لغة الإشارة للناس كلها عشان خاطر ماما".
أيام الأم "سلوى"، تمر بلا أصوات تسمعها، لكنها مليئة بأحداث تصنعها، وأمال تزرعها، فمن عملها فى إحدى الشركات الخاصة، تبدأ الأم يومها، مبكرًا، ومن بيتها فى المساء، إلى إحدى جمعيات رعاية الصم والبكم، ثم إلى بيتها ثانية، يومها أكثر كثافة وأحداث من كثير من الأصحاء، عينها وإشارتها، أكثر حيوية وإشراقًا من كثير من الأصحاء، عطائه وحبها أكثر تدفقا ودفئًا، من كثير من الأصحاء، لأنها "سلوى إبراهيم"، ولأنها ببساطة "أم".