علاج شاب من البلهارسيا بسرنجات غير معقمة فى مستشفى رشيد العام يثبت خطأ الصحة فى مبدأ جديد لمرضى فيروس سى، أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الدائرة الأولى ومقرها محافظة البحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن العلاج على نفقة الدولة للمواطنين الذين لا تشملهم مظلة أى تأمين صحى أو علاجى حق دستورى، وأنه يجب منح مرضى الفيروسات الكبدية الأولوية المطلقة فى العلاج، وأن الدولة ملزمة بعلاجهم مجانا، مؤكدة على أن امتناع الحكومة عن علاج مرضى "فيروس سى" يلزمها بالتعويض، وأمرت الحكومة بدفع 20 ألف جنيه تعويضًا لشاب مريض امتنعت عن علاجه.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، أولا: بإلغاء قرار الحكومة السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر له فى الشق الموضوعى فى الدعوى رقم 15560 لسنة 9 قضائية، بجلسة 28/5/2012، الصادر بعلاجه على نفقة الدولة من مرض التهاب كبدى مزمن "فيروس سى"، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها الاستمرار فى تنفيذ هذا الحكم حتى تمام الشفاء.
ثانيًا: ألزمت الحكومة بأن تؤدى للمواطن الشاب محمد محمد الأزلى، تعويضا مقداره عشرون ألف جنيه، عن الأضرار المادية والنفسية التى ألمت به، منذ امتناعها قبل أربع سنوات عن تنفيذ الحكم الصادر بعلاجه على نفقة الدولة، وألزمتها بالمصروفات.
وقالت المحكمة، إن المشرع الدستورى ألزم الدولة بعدد من الالتزامات الدستورية فى مجال الرعاية الصحية للمواطنين، فكفل لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وألزم الدولة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، كما ألزمها كذلك بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وفى سبيل قيام الدولة بذلك ألزمها المشرع الدستورى بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها، طبقا لمعدلات دخولهم وجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة، لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وأوضحت المحكمة أن المشرع وفقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975، بشأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة، جعل علاج العاملين والمواطنين داخل وخارج الجمهورية، وأناط بوزير الصحة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ ذلك العلاج فأصدر وزير الصحة عدة قرارات منها قراره رقم 290 لسنة 2010 بإعادة تنظيم قواعد وإجراءات العلاج على نفقة الدولة بسريان نظام العلاج على نفقة الدولة على المصريين الذين لا تشملهم مظلة أى تأمين صحى أو علاجى، عام أو خاص، ومنح الحالات التالية الأولوية المطلقة فى العلاج:
(أ) مرضى الأورام الخبيثة.
(ب) مرضى القلب.
(ج) مرضى الفشل الكلوى .
(د) مرضى الفيروسات الكبدية، ويمتد هذا النظام لعلاج حالات مرضية أخرى فى حالة توافر الاعتمادات المالية اللازمة لذلك.
وأضافت المحكمة أن المدعى يعانى من مرض التهاب كبدى مزمن "فيروس سى"، أن إصابته بهذا المرض بسبب علاجه من البلهارسيا بسرنجات غير معقمة فى مستشفى رشيد العام، وهو ما لم تنكره الإدارة ويوصى له، حسبما هو ثابت بخطاب صادر من مستشفى القوات المسلحة بالإسكندرية موجه إلى مستشفى شرق المدينة - بعلاج الإنترفيرون طويل المفعول والريبافيرين لمدة 12 أسبوعا تحت الملاحظة الطبية، وفى حالة وجود استجابة يستكمل العلاج لمدة 48 أسبوعا، ثم قامت الجهة الإدارية – حسبما هو ثابت بحافظة مستنداتها - بإصدار توصية المجلس الطبى المتخصص بتاريخ 11/1/2010 بالموافقة على علاج المدعى بمستشفى شرق المدينة بقسم الكبد خارجى لعمل الأبحاث اللازمة لتحديد مدى جدوى علاجه بالإنترفيون بنفقات 1000 جنيه.
ثم أصدرت كذلك توصية المجلس الطبى المتخصص بتاريخ 19/12/2011 بالموافقة على استكمال علاج المدعى بمستشفى شرق المدينة بقسم الكبد لمدة 98 يوما خارجى لتزويده لأول مرة بعقار الإنترفيون بواقع 14 حقنة لأول قرار وزارى فقط من الشركة المصرية لتجارة الأدوية عن طريق مديرية الشئون الصحية، منها 350 جنيها للإشراف الطبى بنفقات 3850 جنيها، ومن ثم يكون آخر شهر تلقى فيه العلاج بمراعاة الـ 98 يوما بدءا من 19/12/2011 هو شهر مارس عام 2012، بينما الحكم الصادر فى الشق الموضوعى الدعوى فى الدعوى رقم 15560 لسنة 9 ق بإلغاء قرار الإدارة السلبى بالامتناع عن علاجه على نفقة الدولة كان بجلسة 28/5/2012 ومنذ تاريخ صدور هذا الحكم حتى الآن والبالغ مقداره أربعة سنوات أجدبت الأوراق عن أن الإدارة قد قامت بمنح المدعى ثمة علاج لفيروس سى وهو ما يتكون معه ركن الضرر المتمثل فى عدم احترامها لحجية الحكم ومخالفة قواعد الدستور التى أوجب على الجهات الإدارية أن تصدع لتنفيذ الأحكام التى تصدر باسم الشعب .
وذكرت المحكمة أن المدعى تحمل بنفقات علاجه فى غيبة من تحمل الدولة لها ومصاريف التقاضى وأتعاب المحاماة للوصول إلى حقه وما يمثله ذلك له من أعباء نفسية نالت من كيانه النفسى وإحساسه بأن المرض ينهش كبده كل يوم وعدم مقدرته على العلاج، ولما كانت تلك الأضرار قد أصابته بسبب خطأ الإدارة المشار إليه بامتناعها عن تنفيذ الحكم السالف منذ صدوره بجلسة 28/5/2012، الأمر الذى من شأنه تكامل أركان المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض فى جانب جهة الإدارة ويتعين معه الحكم بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للمدعى تعويضا مقداره عشرون ألف جنيه جبرًا لتلك الأضرار.
وأشارت المحكمة أنه لم يثبت من الأوراق قيام الإدارة بتنفيذ حكم المحكمة بعلاج الشاب، وأن آخر علاج تلقاه وعلى نحو ما ثبت بمستندات الإدارة ومن الصورة الضوئية من توصية المجلس الطبى المتخصص بتاريخ 19/12/2011 بالموافقة على استكمال علاج المدعى بمستشفى شرق المدينة بقسم الكبد لمدة 98 يوما خارجى لتزويده لأول مرة بعقار الانترفيون بواقع 14 حقنة لأول قرار وزارى فقط من الشركة المصرية لتجارة الأدوية عن طريق مديرية الشئون الصحية منها 350 جنيها للإشراف الطبى بنفقات 3850 جنيها أى قبل صدور الحكم فى الشق الموضوعى فى الدعوى رقم 15560 لسنة 9 ق بجلسة 28/5/2012 ومن ثم يضحى امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ هذا الحكم يشكل قرارا سلبيا مخالفا لحكم الدستور والقانون.
واستطردت المحكمة أن الدستور المصرى الجديد المعدل لعام 2014 قد أفرد الباب الرابع منه لتبيان القواعد الحاكمة لمبدأ سيادة القانون، وجعل منه أساسًا للحكم فى الدولة وجعل من استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات باعتبار أن القضاء هو الملجأ والملاذ لكل مظلوم - حاكما أو محكوما – ليقتص له ويؤتى بالظالم – حاكما أو محكوما – إلى ساحة القضاء ليقتص منه تحقيقا للعدالة وهى مهمة مقدسة تضطلع بها المحكمة إعمالا لأحكام الدستور الذى أوجب على الكافة احترام أحكام القضاء التى تصدر وتنفذ باسم الشعب واعتبر الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين – مهما علا شأنهم او سما قدرهم فى مدارج الوظيفة العامة – جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، ومنح للمحكوم له الحق فى اللجوء إلى القضاء الجنائى يستصرخه لمعاقبة من تنكب الطريق وحاد عن جادة الشرعية فامتنع أو عطل تنفيذ حكم القضاء.
واختتمت المحكمة أنه بعد ثورتين للشعب فى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 فإنه من مصلحة الوطن أن يحتفظ للسلطة القضائية بمكانة متميزة بين سائر سلطات الدولة وهيئاتها حتى تظل كلمتها هى كلمة الحق وفصل الخطاب لذا وضعت الشرائع كافة قاعدة تعلو على القواعد القانونية، وتسمو عليها هى قاعدة "حجية الأمر المقضى" وتعنى أن ما نطق به الحكم القضائى هو عنوان الحقيقة وهو أصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضى به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية، والرغبة فى وضع حد للخصومات، فإن امتناع بعض كبار المسئولين عن تنفيذ الأحكام القضائية – على نحو ما كشفت عنه الدعوى المائلة – يعد عدوانا صارخا على الدستور الذى أنشأ القضاء ورتب اختصاصه، وناط بمجلس الدولة وحده حق رقابة القرارات الإدارية وامتهانا لحقوق الإنسان التى لا يصونها إلا قضاء مستقل، ونيلًا من حجية الأحكام السامقة منزلة العالية مكانة ومن المصلحة العليا للبلاد أن تخضع الحكومة ووزراؤها وممثلوها وهيئاتها والأجهزة المختلفة لأحكام القضاء حتى تظل سيادة القانون إحدى القيم الكبرى التى تحكم مسيرة المجتمع نحو التقدم والتطور .