أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً تحت عنوان «نحو تعزيز استخدام المؤسسات الصناعية لمصادر الطاقة المتجددة»، وذلك ضمن سلسلة "رؤى على طريق التنمية"، والتي أوضح أنها سلسلة تتسم بالطابع البحثي التطبيقي، وتساهم في تحقيق رسالته في دعم متخذي القرار، من خلال تكامل الجهود البحثية بين الخبراء المتخصصين، والباحثين بالمركز في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية كافة؛ مما يُثري جهود الدولة المصرية في شتى مناحي التنمية، كما تستهدف الوصول لاستراتيجيات عمل متكاملة بناءة تستند على آليات عمل مبتكرة قابلة للتنفيذ من قبل مختلف مؤسسات الدولة.
وأشار التقرير إلى أن قطاع الطاقة المصري يعد أحد العوامل الرئيسة للدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهو يمثل نحو ١٣٪ من الناتج المحلى الإجمالي؛ مما يعنى أن النمو الاقتصادي مرتبط بأمن الطاقة واستقرارها، وعلى مدى عدة عقود، يواصل الوقود الأحفوري، وخاصة النفط والغاز الطبيعي، تلبية أكثر من ٩٥٪ من الطاقة الأولية في مصر، حيث يتم تلبية أكثر من ٦٠٪ من إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي من خلال توليد الكهرباء.
وتناول التقرير تقييم للوضع الحالي للطاقة المتجددة في مصر ودورها في تحقيق التنمية المستدامة، موضحاً تمتع مصر بوفرة في مصادر الطاقة المتجددة مع وجود إمكانات مستقبلية كبيرة، وتتمثل مصادر الطاقة المتجددة في طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الكهرومائية، وطاقة الكتلة الحيوية، ومنذ عام ١٩٧٠ تتبنى مصر تطوير البرامج اللازمة والتكنولوجيا الملائمة لتنمية تلك المصادر، وذلك بالتعاون مع دول ومؤسسات دولية مختلفة، ويعد إصدار قانون ١٠٢ لسنة ١٩٨٦ بإنشاء هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة ًّ والمتجددة خطوة مهمة لتنمية مصادر الطاقة المتجددة في مصر، وكان تركيز الهيئة منصباً على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ليمتد بعد ذلك ويشمل طاقة الكتلة الحيوية.
وتعتمد استراتيجية قطاع الكهرباء في مصر على تنوع مصادر الطاقة مع التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، إلى جانب تشجيع المستثمرين على إنشاء مشروعات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، بالإضافة إلى تحفيز القطاع الصناعي على الدخول في مجال تصنيع وتوطين تكنولوجيا الطاقة المتجددة.
وتهدف استراتيجية الطاقة المتجددة التي تتبانها الدولة إلى زيادة نسبة الطاقة المولدة من الطاقة المتجددة إلى ٤٢٪ في عام ٢٠٣٠، تساهم فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالنصيب الأكبر من مصادر الطاقة المتجددة، مع مشاركة الطاقة النووية بنسبة 3%، والمحطات الحرارية بنسبة 55% وذلك بحلول 2035 وفقًا للتقرير السنوي لهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة المتجددة 2020.
وأكد التقرير أن قطاع الصناعة يسهم بنحو 17% من الناتج المحلى الإجمالي، ويعد من أكثر القطاعات استهلاكاً لمصادر الطاقة المختلفـة، حيـث يـأتي هـذا القطـاع في المرتبة الثانية بعد قطاع الكهرباء فيما يتعلق باستهلاك المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، ويلاحظ استحواذ صناعة الأسمدة على النصيب الأكبر (حوالي ٣٥٪) من إجمالي استهلاك الطاقة، وتأتي في المرتبة الثانية صناعة الحديد والصلب (حوالي ١٣%) وفي المرتبة الثالثة صناعة الأسمنت (حوالى 6%) مما يعنى مزيداً من الانبعاثات الغازية والاحتباس الحراري. لذلك تسعى مصر لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بشكل عام ومشروع استخدام الطاقة الشمسية بشكل خاص في القطاع الصناعي، وخاصة في قطاعات الصناعات الغذائية، والنسيجية، والكيمياوية الأكثر استهلاكاً للطاقة الحرارية في التصنيع.
وسلط التقرير الضوء على العلاقة التبادلية بين الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، حيث توجد علاقة قوية بين النمو الاقتصادي والتوسع في استهلاك الطاقة ويتجلى الدور الأساسي للطاقات المتجددة في ضمان الامداد بمصدر موثوق ومستدام للطاقة، وزيادة مساهمات القطاعات المتجددة في الناتج المحلي الإجمالي، والحفاظ على مكانة الدول في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز نمو الاقتصاد الوطني، كذلك أوضح التقرير دور الطاقة المتجددة في تحقيق البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للتنمية المستدامة، وأبرز التحديات التي تواجه الطاقة المتجددة في سبيل تحقيق هذه التنمية.
كما أشار التقرير إلى الآليات والإجراءات التي اتخذتها الدولة للارتقاء بالطاقة المتجددة في القطاع الصناعي، ومن أبرزها تعزيز البنية التشريعية، وإنشاء مدن صناعية صديقة للبيئة، وتعديل تعريفة الكهرباء الصناعية، والعمل على تحقيق كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
واستعرض التقرير تجربتي ألمانيا والإمارات العربية المتحدة في استخدام المؤسسات الصناعية للطاقة المتجددة، حيث تعد تجربة ألمانيا من النماذج العالمية التي يُحتذى بها في مجال الطاقة المتجددة، في ضوء انتاجها كميات هائلة من الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة، كما تعد أول دولة صناعية عظمى تسعى إلى التخلي عن مفاعلاتها النووية، وفي السنوات الأخيرة، اتجهت السياسة الصناعية بها للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فهي من أكبر منتجي النفط والغاز، ولكنها مع ذلك، بدأت رحلتها نحو الطاقة المتجددة في عام ٢٠٠٦ في أبو ظبي عندما أعلنت الحكومة عن إنشاء "مبادرة مصدر" في محاولة منها لتنويع اقتصادها، وكانت سبَّاقة في إعادة تنظيم سبل توليد الطاقة والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة وتوجه الصناعات نحو استخدامها.
وقدم التقرير آليات مقترحة لتبني الصناعات المختلفة للطاقة المتجددة، والتي كان أهمها وضع الاستراتيجيات والأطر الوطنية والقانونية لتعزيز الصناعة الخضراء، والاستفادة من التجارب الدولية خاصًة التجربة الألمانية في مجال دعم الطاقة الشمسية ونشر استخدام الأسقف الشمسية، والتجربة الإماراتية في استخدام الألواح الفوتوفولتية على أسطح المباني الصناعية لتكييف الهواء، بالإضافة أيضاً إلى نشر الوعي بأهمية الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الصناعي، ووضع خطة رئيسة لتعزيز قدرات التصنيع المحلية وإنشاء صناعة محلية مزدهرة في مجال الطاقة المتجددة، والدعم المالي للصناعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وإقامة التجمعات الصناعية البيئية، والترويج للعلامات البيئية والشهادات.