سيارات كهربائية
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ورقة بحثية جديدة تحت عنوان "توطين صناعة السيارات الكهربائية بين الفرص والتحديات"، وذلك ضمن سلسلته الدورية "شبابنا يدعم قرارنا" وهى سلسلة بحثية تتسم بالطابع التطبيقى، وتأتى انطلاقاً من إيمان المركز بالدور الحيوى الذى يلعبه شباب الباحثين فى الجامعات والمؤسسات البحثية جميعها فى تقديم رؤى وأفكار خلاقة لدعم متخذ القرار، إلى جانب تشجيع مشاركة الشباب فى رسم السياسات العامة لعدد من القضايا ذات الأولوية فى المجالات كافة، وانتهاء بطرح استراتيجيات متكاملة، وآليات تنفيذية مبتكرة للقضايا محل الدراسة والتحليل.
وتهدف الورقة الجديدة إلى إلقاء الضوء على وضع صناعة السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وأهم الدول المنتجة لها، واتجاهات المبيعات منها فى السنوات الأخيرة، وكذلك الآفاق المستقبلية لهذه الصناعة، فضلا عن إلقاء الضوء على أهم التحديات التى تواجه توطين صناعة السيارات الكهربائية فى مصر فى ظل التوجه الحالى لتصنيع أول سيارة كهربائية مصرية بواسطة شركة النصر للسيارات، ومزايا التصنيع المحلى للسيارات الكهربائية فى مصر، وأبرز الفرص المتاحة أمام مصر للتوسع فى توطين هذا النوع من السيارات، والتوصيات اللازمة التى تساعد على هذا التوسع.
وتطرق الباحثين من خلال تلك الدراسة إلى مفهوم توطين صناعة السيارات الكهربائية والذى يعنى توافر النسبة الكبرى من مراحل سلسلة الإنتاج محليًّا، والانتقال من مرحلة التجميع إلى مرحلة التصنيع مع زيادة نسبة المكون المحلى، كما أشارت إلى وضع السيارات الكهربائية فى العالم وفقًا لـ "تقرير وكالة الطاقة الدولية فى 2021"، حيث بلغ إجمالى عدد السيارات الكهربائية على مستوى العالم فى 2020 نحو 10 ملايين سيارة بزيادة 43% على أعدادها فى 2019، كما بلغ نصيب السيارات الكهربائية من جملة مبيعات السيارات الجديدة 19.6% فى عام 2020 بزيادة 8 نقاط مئوية عن نصيبها فى 2019، وبمراجعة توزيع السيارات الكهربائية على أسواق العالم فى 2020 يتضح أنها تركزت فى الصين بنسبة 44% وتليها أوروبا بـ 31% ثم الولايات المتحدة بنسبة 17%.
واستعرضت الورقة "تقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر فى 2021" حول تطور إنفاق المستهلكين والحكومات على السيارات الكهربائية ونصيب الحكومات من إجمالى الإنفاق، ففى الوقت الذى أنفق فيه المستهلكون 120 بليون دولار على المشتريات من السيارات الكهربائية فى 2020، أنفقت الحكومات 14 بليون دولار على حوافز الشراء والإعفاءات الضريبية. وعلى الرغم من ذلك، فإن حصة الحوافز الحكومية من إجمالى الإنفاق على السيارات الكهربائية انخفضت من 20% فى عام 2015 إلى نحو 10% فى 2020، واختلفت اتجاهات الإنفاق الحكومى على السيارات الكهربائية بين الزيادة والنقصان بحسب المنطقة؛ ففى حين اتجه الإنفاق إلى الزيادة فى أوروبا لمواجهة التأثيرات السلبية لكوفيد- 19، اتجه للنقصان فى الصين فى ظل وضع قيود أكثر صرامة على الحوافز.
تناولت الورقة البحثية أيضاً الإنتاج العالمى لبطارية السيارة الكهربائية وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة 2021، حيث استحوذت الشركات الصينية على 44% من حجم سوق البطاريات فى 2021، وتأتى فى المرتبة الثانية كوريا بنسبة 32% ثم اليابان بـ 8% وقد حققت الشركات الصينية معدلات نمو أعلى من المتوسط العالمى خلال الربع الأول من 2021 مقارنة بالربع الأول من 2020.
استعرضت الورقة البحثية التوقعات بشان زيادة انتاج السيارات الكهربائية، فقد أعلنت 18 شركة من أكبر 20 شركة مصنعة للسيارات فى العالم عن نياتها لزيادة الطرز المتاحة وزيادة إنتاج السيارات الكهربائية الخفيفة؛ حيث من المتوقع أيضًا أن ترتفع السيارات الكهربائية من إجمالى السيارات من أقل من 1% إلى 8% بين عامى 2020 و2030، وقد أعلنت شركة "فولفو" أنها لن تبيع إلا السيارات الكهربائية بحلول عام 2030، وأعلنت "جنرال موتورز" نيتها بقصر إنتاجها من السيارات الخفيفة على السيارات الكهربائية بحلول عام 2035، فيما تخطط شركات أخرى مثل "فولكس فاغن وفورد" لزيادة نصيب السيارات الكهربائية من جملة إنتاجها ومما تطرحه من السيارات فى أسواق معينة.
كما زاد نصيب السيارات الكهربائية من جملة مبيعات السيارات فى الأسواق العالمية؛ ففى الصين زاد نصيب السيارات الكهربائية من جملة مبيعات السيارات من 4.8% فى 2019 إلى 5.7% فى 2020، وفى أوربا زاد نصيبها من 3.2% 2019 إلى 10% فى 2020، بينما انخفض نصيبها فى الولايات المتحدة بصورة طفيفة من 2.2% إلى 2%، وارتفع فى باقى دول العالم من 1.6% إلى 1.8%. وقد ساهمت عدة عوامل فى زيادة نصيب السيارات الكهربائية من مبيعات السيارات فى 2020 أهمها استمرار الحكومات فى تقديم الدعم المالى لتحفيز شراء السيارات الكهربائية، وتحسين تنافسية السيارات الكهربائية على أساس التكلفة الكلية لامتلاك السيارة.
كما استعرضت الورقة وضع السيارات الكهربائية فى مصر، واستعراض أهم الخطوات التى قامت بها الحكومة المصرية بشأن توطين تلك الصناعة والخاصة بالجمارك وتعريفة الشحن الكهربى والتى جاء من أبرزها، "قرار وزير التجارة والصناعة فى مارس 2018 بإعفاء السيارات الكهربائية المستعملة المستوردة من الخارج من الجمارك بشرط ألا يتجاوز عمرها 3سنوات"، و"قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى سبتمبر 2020 لتشجيع التجميع المحلى للسيارات الكهربائية".
وفى ضوء رغبة الدولة المصرية فى الاعتماد على الطاقة النظيفة من خلال استخدام المركبات التى تعمل بالكهرباء والغاز الطبيعى تلبيةً لاحتياجات السوق المصرية من المركبات، فقد تم التوصل إلى عدد من السياسات البديلة لحل مشكلة التلوث البيئى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وتتمثل هذه البدائل فى "الاعتماد على الغاز الطبيعى كوقود للسيارات، و"الاعتماد على استيراد السيارات التى تعمل بالطاقة الكهربائية"، و "توطين صناعة السيارات الكهربائية فى ضوء تضافر جهود القطاع العام والخاص"، و"استخدام السيارات الهجينة".
استعرضت الورقة أبرز الحوافز لتوطين صناعة السيارات الكهربائية فى مصر ومنها "رسوم جمركية ثابتة بنسبة 2% على جميع المعدات المستوردة من الخارج"، و"الإعفاء من ضريبة الدمغة ومصاريف التسجيل على جميع عقود التأسيس، وعقود التمويل والرهن العقارى لمدة 5 سنوات من التسجيل فى السجل التجاري"، هذا، وينظر مجلس الوزراء فى توفير حوافز إضافية لتشجيع الصناعة المحلية مثل "إعانات بنحو "خمسون ألف جنيه" لأول "مائة ألف سيارة كهربائية" مصنعة محليًا"، و"تلتزم شركات القطاع العام بإحلال 5% من قافلة سياراتها بأخرى كهربائية سنويًّا"، و"وضع برنامج خاص لتمويل شراء التاكسى الكهربائي"، و"وضع برنامج تمويلى منفصل لشراء السيارات الكهربائية الخاصة".
وفى نفس السياق وإيمانًا من الحكومة بدور القطاع الخاص، قامت وزارة الإنتاج الحربى بالتعاون مع شركة صناعة وسائل النقل MCV لتصنيع الأتوبيس الكهربائى "سيتى باص" لمواكبة التطور العالمى لصناعة الأتوبيسات التى تعمل ببدائل الوقود والتوجه لاستخدام الكهرباء وتصل نسبة 60%، ويستهدف هذا التعاون "توطين تكنولوجيا صناعة السيارات الكهربائية"، و"تحقيق عائد اقتصادى من خلال إنعاش الصناعة المحلية"، هذا، وقام مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة التجارة والصناعة بتطوير "البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلي" بهدف زيادة تنافسية المنتجات المحلية المصرية ودعم الأنشطة الصناعية الواعدة، مثل: الصناعات المغذية لتصنيع الأتوبيس الكهربائى لزيادة نسبة المكون المحلي.
تضمنت الورقة البحثية استعراضًا لتجارب الدول الرائدة فى مجال صناعة السيارات الكهربائية كالتجربة الصينية والتى تنتج نصف إنتاج العالم من بطاريات السيارات الكهربائية، وتمتلك أكبر شبكة من محطات الشحن العامة للسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى امتلاك معظم براءات الاختراع فى مجال الشحن السريع والشحن اللاسلكى عام 2019، بالإضافة إلى استعراض التجربة الألمانية والأمريكية والنرويجية.
كما اشتملت الورقة على تحليل لنقاط القوة والتحديات التى تواجه تعزيز الطاقة الإنتاجية المحلية والتوسع فى استخدام السيارات الكهربائية بمصر، حيث كان أبرز نقاط القوة توافر الطاقة الكهربائية، والطقس المناسب والخبرة المؤسسية والعمالة المصرية الماهرة منخفضة التكلفة، فيما اعتبرت أبرز التحديات فى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية وضعف وعى المستهلك بأهمية السيارات الكهربائية، وعدم وجود شراكة مع شركات التكنولوجيا المتقدمة فى صناعة السيارات الكهربائية بعد.
واستعرض الباحثين خلال الورقة مجموعة من التوصيات الإرشادية التى جاء من أبرزها توفير محطات الشحن، ومراكز صيانة السيارات الكهربائية لتشجيع المستهلك المصرى بشكل خاص على الإقبال على شراء السيارات الكهربائية، وتوطين المكون المحلى بنسبة 50-60% من مكونات السيارة، والاعتماد على الخبرات الأجنبية فيما يتعلق بالبطارية الكهربائية لحين توطين صناعتها محلياً أيضا، والاتجاه نحو توطين تكنولوجيا تصنيع البطارية الكهربائية بالاستفادة من خبرات الشريك الأجنبى حتى يصل توطين السيارة إلى 100%، وتضافر جهود القطاع الخاص مع جهود الدولة والمراكز البحثية بحيث يتمثل دور الحكومة فى التخطيط والإنفاق على البحث والتطوير ودعم برامج السيارات الكهربائية.
أما دور القطاع الخاص فيتمثل فى الحصول على التمويل الحكومى للتصنيع وتسويق السيارات الكهربائية، فى حين يتمثل دور مراكز الأبحاث فى تطوير وتوطين التكنولوجيا بالشراكة مع الخبرات المختلفة "، والاهتمام بالتعليم الفنى للطلاب فى المدارس الصناعية الفنية وتدريبهم فى مصانع السيارات الكهربائية، وتوطين صناعة المواد الخام اللازمة لتصنيع السيارات الكهربائية بدلًا من الاعتماد على استيرادها، والاهتمام بالجانب التسويقى، وزيادة وعى المواطنين فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية وأهمية استخدامها بيئيًّا وتشجيعهم على استخدامها.
