أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً بعنوان "تخضير النظام المالي العالمي.. نحو اقتصاد أكثر استدامة"، استعرض خلاله التطورات الراهنة لتخضير النظام المالي العالمي، وجهود الدولة المصرية في توجهها نحو الاقتصاد الأخضر، مشيراً إلى أن تغير المناخ قضية عالمية، حيث بدأت الحكومات، والمستثمرون، والشركات، والأفراد في كافة أنحاء العالم باتخاذ العديد من الإجراءات استجابة لقضية المناخ، وخاصة فيما يتعلق بتقنيات إزالة الكربون.
وأوضح المركز أن مجموعة العشرين وضعت تعريفاً للتمويل الأخضر بأنه تمويل الاستثمارات الصديقة للبيئة، بما يمُكن من تحقيق فوائد بيئية على صعيد التنمية المستدامة، كما وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) تعريفًا للتمويل الأخضر، والمفاهيم المرتبطة به؛ وهي تمويل المناخ، والتمويل المستدام؛ حيث يُعدُّ التمويل الأخضر أشمل من تمويل المناخ، والذي يدعم العمل على مجموعة كاملة من القضايا البيئية، بما في ذلك تغير المناخ، على سبيل المثال: قد يتضمن التمويل الأخضر إجراءات تدعم الحد من التلوث، أو التنوع البيولوجي، بينما يُركز تمويل المناخ على الأنشطة الخاصة بتمويل المشروعات البيئية فقط، أما ما يتعلق بالتمويل المستدام، فهو المفهوم الأوسع الذي يغطي جميع أنشطة التمويل التي تسهم في التنمية المستدامة، لتشمل القضايا الاجتماعية، والاقتصادية، والقضايا المتعلقة بالحوكمة، مثل: مؤشرات مكافحة الفساد، أو التحسينات في نتائج سوق العمل. في حين يُعدُّ التمويل الأخضر جزءًا منه.
وتتمحور المفاهيم الأساسية للتمويل الأخضر حول تحقيق اقتصاد مستدام ومرن، يمكنه مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ، وتعزيز الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتندرج المجالات المختلفة تحت مظلة التمويل الأخضر كالآتي: الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، منع التلوث ومكافحته، الحفاظ على التنوع البيولوجي، مبادرات الاقتصاد الدائري، الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والأراضي.
وقد استعرض التقرير أهمية التمويل الأخضر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تظهر من خلال عدة أمور، تشمل: (الإسهام في تعزيز الاستقرار المالي للدول، والعمل على رفع مستوى الكفاءة في قطاع الصناعة والاعتماد على الطاقات المتجددة، وتوفير التمويل اللازم للاستثمار في مجال الزراعة مما يسهم في الحفاظ على المناطق الزراعية ويعزز إنتاجيتها وكفاءتها، وخفض معدلات البطالة من خلال خلق فرص العمل لا سيما في قطاعات الزراعة والطاقات المتجددة، وإعادة رسم ملامح الأعمال التجارية والبنية التحتية والمؤسساتية بحيث تأخذ الجانب البيئي في الاعتبار مما يزيد حصة القطاعات الخضراء في الاقتصاد، وتوجيه الموارد نحو القطاعات الاقتصادية الصديقة للبيئة بما يقلل من النفايات وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري).
وأشار تقرير صادر عن مؤسستي:(ARUP) للخدمات الاستشارية في لندن، و(Oxford Economics) في يناير 2023، إلى أن هناك استثمارًا رأسماليًّا بقيمة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لتمويل التحول إلى صافي الصفر من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، وفقًا للجنة تحولات الطاقة (Energy Transitions Commission)؛ مما يعني أن هناك ضرورة ملحة لإنشاء سوق ضخمة من رؤوس الأموال الجديدة؛ حيث إن الاستثمارات الرامية إلى إزالة الكربون من نظام الطاقة العالمي مدفوعة بعمليات تداول في شراء وبيع الأسهم وأدوات الدين.
وعن التطورات الراهنة لتخضير النظام المالي العالمي، أشار تقرير المركز إلى مؤشر التمويل الأخضر العالمي (The Global Green Finance Index 12) الصادر في أكتوبر 2023، والذي أشار أنه يُقيِّم مدى كفاءة أدوات التمويل الأخضر التي تقدمها المراكز المالية العالمية من خلال 94 مركزًا ماليًّا رئيسًا على مستوى العالم، ويصدر المؤشر بدورية نصف سنوية عن مؤسسة (Z/Yen) الاستشارية، والتي تقع في مدينة لندن، ويعد المؤشر بمثابة مرجع قيم لصانعي السياسات والمستثمرين المهتمين بتطوير التمويل الأخضر، وقد تصدرت لندن الترتيب الأول في مؤشر التمويل الأخضر العالمي، تليها نيويورك في الترتيب الثاني، وجنيف في الترتيب الثالث، وأوضح المؤشر بهيمنة أوروبا الغربية على المراكز العشرة الأولى، كما أن زيورخ، وسنغافورة دخلتا ضمن المراكز العشرة الأولى مقارنة بالإصدار السابق للمؤشر.
أما عن وضع السندات الخضراء عالمياً فقد ذكر التقرير إنه وفقًا لبيانات مبادرة سندات المناخ (Climate Bonds Initiative)، والمعنية بتعبئة رأس المال العالمي للعمل المناخي، سجلت السندات الخضراء، والاجتماعية، والمستدامة، والسندات الانتقالية، والسندات المرتبطة بالاستدامة حجمًا تراكميًّا قدره 4.2 تريليون دولار بنهاية النصف الأول من عام 2023. بينما سجلت السندات 448 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2023 فقط، بنسبة انخفاض 15% على أساس سنوي مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، كما شكلت السندات الخضراء نسبة 62% من إجمالي الديون، حيث سجلت 278.8 مليار دولار في النصف الأول من عام 2023، وتليها الديون الاجتماعية، والديون المستدامة التي أسهمت بنسبة 15%، و14% على التوالي.
وكانت عملة اليورو مهيمنة على السندات المُصدرة بنسبة 47% من إجمالي السندات خلال النصف الأول من عام 2023، بما يمثل 210.9 مليارات دولار، وكانت هذه السنة السادسة على التوالي التي يتصدر فيها اليورو مقارنة بباقي العملات.
وأفادت وكالة بلومبرج بأن الصفقات الداعمة للطاقة منخفضة الكربون بلغت أكثر من تلك التي تم تنفيذها من شركات الوقود الأحفوري في النصف الأول من عام 2023، وفي الوقت نفسه، تم تخصيص 58% (263.6 مليار دولار أمريكي) من الحجم الذي سجلته سندات المناخ في النصف الأول من عام 2023 لاستخدام عائداتها في مجال الطاقة المتجددة، وأشار التقرير إلى أن قيمة سندات المناخ المسجلة التي تحمل العلامة الخضراء في النصف الأول من عام 2023 بلغت 278.8 مليار دولار بنسبة انخفاض 4% مقابل 290 مليار دولار المسجلة في النصف الأول من عام 2022.
وذكر التقرير أن ألمانيا والصين تصدرا المقدمة من حيث حجم السندات الخضراء المُصدرة خلال النصف الأول من عام 2023، إذ تمثل حصتهما السوقية من حجم السندات الخضراء نحو 14% (39.2 مليار دولار)، و13.4% (37.4 مليار دولار) على التوالي، وعلى الرغم من انخفاض حجم السندات الإجمالي المُصدر من الصين، فإن الإصدارات التي تحمل العلامة الخضراء حافظت على نموها، مما جعلها ثاني أكبر مصدر لحجم السندات الخضراء.
وبالنسبة إلى أكبر المُصدرين للسندات الخضراء خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٣، أصدرت ألمانيا أكبر حجم من السندات السيادية الخضراء بقيمة 15 مليار دولار، وتبعها بنك الاستثمار الأوروبي، وإيطاليا بصفقات بلغت قيمتها 13.2 مليار دولار، و13.0 مليار دولار على التوالي، وكانت عملة اليورو العملة المفضلة للسندات الخضراء السيادية؛ حيث حصلت على حصة 73% (38 مليار دولار)، كما جاءت منطقة أوروبا في المرتبة الأولى من حيث إصدار السندات الخضراء بقيمة 228.6 مليار دولار عام 2022، تليها منطقة آسيا، والمحيط الهادي بقيمة 133.4 مليار دولار، ثم أمريكا الشمالية بقيمة 76.6 مليار دولار.
والجدير بالذكر، أن الأسواق المتقدمة استحوذت على نحو 67% من السندات الخضراء المُصدرة خلال عام 2022، والأسواق الناشئة بنسبة 23%، ثم جاءت الإصدارات متعددة الجنسيات بنسبة 9%، كما أظهرت البيانات انخفاضَ قيمة السندات الخضراء المُصدرة على أساس سنوي، باستثناء إصدارات الجهات متعددة الجنسيات، والتي بلغت نحو 45.1 مليار دولار عام 2022، بنسبة زيادة بلغت 43% مقارنة بعام 2021، مدعومة ببرنامج السندات الخضراء واسع النطاق للاتحاد الأوروبي، والذي أصدر لأول مرة في أكتوبر 2021.
وعلى مستوى الدول، جاءت الصين في الصدارة كأكبر مُصدر للسندات الخضراء بنحو 85.4 مليار دولار خلال عام 2022، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 64.4 مليار دولار، ثم ألمانيا بقيمة 61.2 مليار دولار.
كذلك أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى النظام المالي الأخضر في مصر ومستهدفات الدولة المصرية نحو الاقتصاد الأخضر، حيث أولت الحكومة المصرية اهتماماً خاصاً بتوفير التمويل المناسب لحماية النظم البيئية واستدامتها، والوصول إلى اقتصاد أخضر كفء منخفض الكربون، وذلك في ضوء التزامها ببنود اتفاق باريس التي وقعت عليه في عام 2016، وكذلك الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" الهدف الخامس منها بشأن "نظام بيئي متكامل ومستدام"، إذ يراعي حماية البيئة والموارد الطبيعية من أيه عوامل تؤدي إلى استنزافها أو نضوبها، إلى جانب زيادة الاعتماد على الموارد البديلة المتجددة.
كما أطلقت الحكومة المصرية عددًا من الخطط الداعمة للتمويل الأخضر، ما يتسق مع المستجدات التي تطرأ على الساحة الدولية، ويدعم المسار التنموي الوطني، من خلال إتاحة أدوات وآليات مبتكرة أكثر تحفيزًا للاستثمارات الصديقة للبيئة، فعلى الرغم من أن مصر تسهم بنسبة 0.6% فقط في انبعاثات الغازات الضارة، فإنها مُعرضة لمخاطر تغير المناخ، وقد وضعت مصر هدفًا نحو تحقيق مساهمتها في التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال تقريرها الأول في عام 2018، ثم تقدمت بالنسخة المحدثة قبيل استضافة البلاد لقمة الأمم المتحدة للمناخ COP27 في شرم الشيخ في نوفمبر 2022.
وأشار المركز إلى أن 42% هي النسبة المستهدفة من الطاقات المولدة من الطاقة الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة لقطاع الكهرباء بإجمالي خفض الانبعاثات 80 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ، وذلك بحلول عام 2023 عوضاً عن إجمالي خفض 70 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ بحلول عام 2035، وهو آخر تحديث تم على تقرير المساهمات المحددة وطنياً 2030 في يونيو 2023.
وأوضح التقرير إنه تكليلًا لمساعي تهيئة البيئة المواتية للاستثمارات الخضراء، شهدت مصر في السنوات الأخيرة نموًّا في قنوات التمويل الأخضر؛ مما يعكس قدرة الدولة المصرية على تنويع مصادر وأدوات التمويل، وحرصها على توسيع قاعدة وشرائح المستثمرين الدوليين، مع الحصول على ضمانات من المؤسسات الدولية لخفض تكلفة التمويل.
وقد استعرض التقرير قنوات التمويل الأخضر ومنها:
- السندات الخضراء: حيث بلغت قيمة إصدار أول سندات سيادية خضراء عبر تفعيل أدوات التمويل المبتكرة لتمويل مشروعات التمويل الأخضر 750 مليون دولار وذلك في سبتمبر 2020، حيث تصدرت مصر المنطقة في إصدار أول سندات سيادية خضراء، فقد تم تخصيص 100% من عائدات السندات الخضراء لتمويل مشروعات النقل النظيف والإدارة المستدامة للمياه والنفايات، كما نجحت مصر، كأول دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا أيضًا في إصدار سندات "الباندا" المستدامة بسوق المال الصينية، بنحو 3.5 مليار يوان صيني (بما يُعادل 500 مليون دولار)، بعائد منخفض 3.5% سنويًّا لأجل 3 سنوات في أكتوبر 2023، ورغم حداثة دخول مصر في سوق السندات الخضراء فإنها جاءت ضمن قائمة الأسواق الناشئة المُصدرة للسندات الخضراء وذلك وفقاً لبيانات مبادرة سندات المناخ (climate bonds initiative) عام 2022، إذ جاءت كثاني أكبر دولة أفريقية من حيث إصدارات السندات الخضراء بعد جنوب أفريقيا بقيمة 800 مليون دولار خلال الفترة من (2014- 2022).
- القروض المستدامة: بلغت قيمة التمويل الأخضر والمستدام التي نجحت مصر في الحصول عليها من البنوك الدولية نحو 1.5 مليار دولار في نوفمبر 2021، حيث نجحت مصر في الحصول على التمويل الأخضر والمستدام من نحو 26 مؤسسة مالية ودولية وإقليمية، إضافة إلى التمويل المستدام الذي تم الحصول عليه من بنك "دويتشة"، و"abc" بقيمة نصف مليار دولار في نوفمبر 2023، بضمان من المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ومخاطر الصادرات "ضمان"؛ حيث أصبح التمويل المضمون واحداً من أهم وسائل خفض تكلفة التمويل في ظل ارتفاع معدلات الفائدة السارية دولياً.
- تخضير الاستثمارات العامة: في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، تعمل الدولة على زيادة حجم الاستثمارات الموجهة للمشروعات الحكومية التي تتضمن بعدًا بيئيًّا؛ من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من جملة الاستثمارات العامة من 15% عام 2020/ 2021، إلى 30% عام 2021/ 2022، وصولًا إلى 40% للعام المالي 2023/ 2024.، كما تبلغ النسبة المستهدفة من الاستثمارات العامة الخضراء من جملة الاستثمارات العامة 50% خلال العام المالي 2024/ 2025، وبلغت قيمة الاستثمارات العامة الخضراء في خطة العام المالي 2022/ 2023 نحو 410 مليار جنيه وتم توجيهها إلى قطاعات مختلفة وهي، (النقل، والإسكان، والزراعة والري، والطاقة، والاتصالات، وتحسين البيئة، والتعليم، والصناعة، والسياحة)، وقد كان 78% من الاستثمارات العامة موجهة إلى التخفيف من آثار التغير المناخي، و22% موجهة إلى مشروعات التكيف مع آثار هذه التغيرات.
- جذب القطاع الخاص نحو الاستثمارات الخضراء: حيث تم تبني عدد من المبادرات التي تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة، وأهمها: إطلاق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في أغسطس 2022، والتي تستهدف وضع خريطة ذكية على مستوى الجمهورية للمشروعات الخضراء الذكية، وجذب الاستثمارات اللازمة لها في مشروعات خضراء، وعلى سبيل المثال تحويل المخلفات إلى طاقة، والاستثمار في المخلفات الزراعية، والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، وتم إقرار إعفاءات ضريبية تتراوح بين 33% - 55% على الدخل المكتسب من مشروعات الهيدروجين الأخضر التي ستبدأ الإنتاج خلال السنوات الخمس المقبلة، وإعفاء معدات وآلات الإنتاج والمواد الخام اللازمة لهذه المشروعات من ضريبة القيمة المضافة.
وقد تضمنت القطاعات التي استفادت من التمويل الأخضر في مصر في عام 2023، القطاعات الأعلى إصدارًا للانبعاثات الكربونية على مستوى العالم وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، وفي مقدمتها: قطاع الطاقة، والصناعة، والنقل، والبناء، لذا جاءت المستهدفات متطلعة نحو تعزيز مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة والنقل النظيف، وخلق بنية تحتية خضراء، وتشجيع التصنيع المستدام، والزراعة المستدامة والإدارة المستدامة للمخلفات. وقد تم استعراض هذه القطاعات كالتالي:
1- التمويل الأخضر للطاقة المتجددة: يُعد قطاع الطاقة المتجددة أحد القطاعات الرئيسة التي يركز عليها التمويل الأخضر في مصر؛ ففي ظل مستهدفات الاستراتيجية المصرية للطاقة حتى عام 2035، من المستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2035، مع توفير طاقة الرياح بنسبة (14%)، والطاقة المائية بنسبة (2%)، والطاقة الشمسية بنسبة (26%). ومن المتوقع أن يوفر القطاع الخاص معظم هذه القدرة خلال الفترة المتوقعة؛ حيث افتتحت مصر عددًا من مجمعات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح، بما في ذلك مجمع بنبان للطاقة الشمسية الذي تم الانتهاء منه في عام 2019 بتمويل مقدم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، حيث تتكون المزرعة من 32 محطة فردية، تنتج كل منها 20-50 ميجاوات، وتولد ما يقرب من 1.5 جيجاوات من الطاقة، وهي حاليًّا رابع أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، وفي طريقها لتصبح الأكبر، كما خصصت الحكومة المصرية مؤخرًا نحو 7845 كيلومترًا مربعًا في منطقة خليج السويس، وضفاف النيل لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لتنفيذ مشروعات إضافية لطاقة الرياح، حيث اُفتتح مشروع مزرعة رياح رأس غارب بالقرب من خليج السويس بقدرة 262.5 ميجاوات في ديسمبر 2019.
2- التمويل الأخضر للنقل المستدام: يُعد قطاع النقل المستدام أحد القطاعات التي يركز عليها التمويل الأخضر في مصر؛ حيث تُخطط الحكومة المصرية لتحويل جميع وسائل النقل العام في مصر إلى وسائل نقل صديقة للبيئة بحلول عام 2030. وتم تمويل عدد من مشروعات النقل المستدام في مصر من خلال التمويل الأخضر، مثل: تعاون وزارة المالية وبنك ناصر في تنفيذ مشروع إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى، وكذلك المشروع القومي لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، إلى جانب التوسع في مشروعات النقل الجماعي النظيف كمشروع القطار الكهربائي السريع، فيما يعد المونوريل أضخم مشروع لوسائل النقل النظيفة داخل مصر، والخطوط الجديدة لمترو الأنفاق وتحديث منظومة السكك الحديدية، وتشجيع صناعة السيارات الكهربائية.
3- التمويل الأخضر للبنية التحتية الخضراء: يُعد قطاع البنية التحتية الخضراء أحد القطاعات الرئيسة التي تحظى باهتمام متزايد في التمويل الأخضر في مصر. وفي هذا الإطار، تم تمويل عدد من مشروعات البنية التحتية الخضراء في مصر من خلال التمويل الأخضر، كمشروعات تحلية مياه الشرب؛ حيث وضعت الدولة خطة تبدأ من عام 2020، حتى عام 2050، لإنشاء محطات تحلية لتوفير مياه الشرب. وقبل عام 2020، أُنشئت محطات توفر مليون متر مكعب يوميًّا، وفي مطلع عام 2023، وصل عدد محطات تحلية المياه إلى 97 محطة.
- التمويل الأخضر للتصنيع المستدام: يُعد قطاع التصنيع المستدام أحد القطاعات التي تحظى باهتمام متزايد في التمويل الأخضر في مصر؛ وقد كثفت الدولة الاستثمارات في مجالات الصناعات صديقة البيئة، فعلى سبيل المثال، أطلقت الهيئة العامة للتنمية الصناعية، مشروع "تنمية صناعات الاقتصاد الأخضر"، والذي يهدف إلى تحويل المناطق والمجمعات الصناعية إلى مناطق صناعية ذكية، وخلق بيئة عمل جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب وصانعي القرار في الشركات الكبرى، وأيضًا الشركات الصغيرة والمتوسطة.
5- التمويل الأخضر للزراعة المستدامة: في ظل تزايد مخاطر الانبعاثات الحرارية من الأنشطة الزراعية التقليدية، أطلقت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالتعاون مع البنك التجاري الدولي برنامج التنمية الزراعية، الهادف إلى تقديم قروض ميسرة في صورة ائتمان دوار لخدمة القطاعات الزراعية كافة، بالإضافة إلى المكونات الفنية للبرنامج، كما موَّلَ البرنامج الأبحاث التطبيقية الزراعية، والحملات الإرشادية باعتبار البحوث الزراعية مكونًا مهمًّا ببرنامج التنمية الزراعية.
وأشار التقرير في ختامه إلى اعتبار التمويل الأخضر أحد الأدوات المهمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، ويتوقع أن ينمو حجم التمويل الأخضر في مصر في السنوات القادمة، وذلك في ظل الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز التمويل الأخضر، بما في ذلك طرح أدوات مالية جديدة، فعلى سبيل المثال تستعد مصر للترويج لإطلاق أول سوق طوعية للاستثمار في "شهادات الكربون"، والتي تساعد الشركات على استعادة جزء من إنفاقها الاستثماري الموجه إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها، وإعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الحياد الكربوني الذي تسعى إلى تحقيقه دول العالم كلها.
ومن المهم العمل على: تعزيز التمويل الأخضر من خلال التوعية بأهميته، وتبسيط إجراءات الحصول عليه، وتوفير الحوافز المالية والضريبية له، بالإضافة إلى تعزيز الخبرة في هذا المجال: من خلال تدريب الكوادر البشرية، وعقد المؤتمرات والندوات المتخصصة.