الإثنين، 21 أكتوبر 2024 01:49 م

معلومات الوزراء: مصر تستهدف إنشاء مركز القاهرة المالى العالمى

معلومات الوزراء: مصر تستهدف إنشاء مركز القاهرة المالى العالمى
الإثنين، 21 أكتوبر 2024 10:52 ص
كتبت هند مختار

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الخامس من تقرير مدن المستقبل بعنوان "القاهرة مركز مالى عالمي.. مدن المستقبل.. الإطار والممارسات العالمية"، أوضح من خلاله أن المؤسسات الدولية والمحلية تبنت مؤخرًا نهجًا جديدًا فى التنمية العمرانية يعتمد على محددات مفهوم المدن الذكية المستدامة، خاصة مع توسع الدول حول العالم فى إنشاء مدن جديدة بمعايير وتقنيات تكنولوجية وخضراء فى الوقت نفسه، وفى إطار عمل المركز على مشروع المدن المصرية 2050 يسلط التقرير الضوء على مفهوم المراكز المالية العالمية، والأدوات المستخدمة من جانب المؤسسات المعنية لتقييم مستوى تقدم تلك المراكز، ويتناول الأطر العالمية ومؤشرات القياس المعتمدة دوليًا بشأن المراكز المالية حول العالم، إلى جانب إلقاء الضوء على تطبيقات وممارسات تلك المعايير والمؤشرات على أرض الواقع فى محاولة تستهدف فهم عملية بناء المراكز المالية من خلال دمج تطبيقات وشبكات تكنولوجيا المعلومات فى واقع الحياة اليومية الحضرية.

 

وأشار المركز خلال التقرير إلى توقعات الأمم المتحدة أنه بحلول 2050 سيعيش 68% من سكان العالم فى مدن، ومن ثم من المتوقع أن تصبح المدن بحلول هذا العام أكبر وأكثر كثافة سكانية مما هى عليه اليوم، وفى هذا الإطار تزداد التوقعات بشأن ما قد تواجهه المدن فى المستقبل من تحديات تؤثر فى مستوى جودة الحياة لذلك يهدف مشروع مستقبل المدن المصرية إلى استشراف مستقبل عدد من المدن المصرية وصياغة رؤى مستقبلية تسهم فى إحداث تحولات إيجابية فى واقع حياة سكان تلك المدن، انطلاقًا من أهم الاتجاهات المستقبلية والتحديات والفرص المحتملة وأفضل المفاهيم والممارسات الدولية والحلول المبتكرة.

 

وتضمن التقرير قسماً حول أهمية المراكز المالية العالمية، مشيراً إلى أنها تلعب دورًا مهمًا ومحوريًا فى الاقتصاد العالمى خاصًة فى ظل التطورات والتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم اليوم كما تعمل على توفير الخدمات المالية المتنوعة ودعم الابتكار المالى وتسهيل التجارة الدولية وتعزيز الاستقرار المالى، وبالرغم من التحديات التى تواجهها مثل التطورات التكنولوجية والمتغيرات الجيوسياسية، تبقى هذه المراكز محركات رئيسة للنمو والازدهار فى عالمنا المترابط.

 

وفى هذا السياق يمكن عرض أهمية المراكز المالية العالمية من خلال أربعة محاور رئيسة على النحو التالى:

أولاً دور المراكز المالية فى تعزيز التجارة العالمية:

- تعمل المراكز المالية بمثابة وسطاء بين المشترين والبائعين مما يتيح التدفق السلس لرأس المال والسلع والخدمات عبر الحدود كما تعمل تلك المراكز كمحفز للنمو الاقتصادى من خلال جذب الاستثمار وتشجيع ريادة الأعمال وتسهيل إنشاء أعمال تجارية جديدة وتوفر هذه المراكز مجموعة واسعة من الخدمات المالية بما فى ذلك الخدمات المصرفية والتأمين وإدارة الأصول والتى تعد ضرورية لازدهار الشركات، فعلى سبيل المثال كان المركز المالى فى لندن محركًا رئيسًا لاقتصاد المملكة المتحدة حيث ساهم بشكل كبير فى نمو الناتج المحلى الإجمالى وخلق فرص العمل.

- توفر المراكز المالية للشركات والحكومات الوصول إلى رأس المال وهى بمثابة مركز لأسواق رأس المال؛ حيث يمكن للشركات جمع الأموال من خلال العروض العامة الأولية (IPOs)، أو إصدارات السندات أو استثمارات رأس المال الاستثمارى فعلى سبيل المثال تعد بورصتى نيويورك وناسداك فى الولايات المتحدة من المراكز المالية البارزة التى تمكن الشركات من زيادة رأس المال عن طريق إدراج أسهمها ويتيح الوصول إلى رأس المال للشركات التوسع والاستثمار فى البحث والتطوير واستكشاف أسواق جديدة.

- تلعب المراكز المالية أيضًا دورًا حاسمًا فى تخفيف المخاطر المرتبطة بالتجارة الدولية فهى توفر أدوات مالية مختلفة مثل "التمويل التجارى، وخطابات الاعتماد، والتأمين، التى تساعد على إدارة المخاطر المتعلقة بتقلبات العملة، والتخلف عن السداد، وعدم الاستقرار السياسي"، على سبيل المثال يوفر المركز المالى فى سنغافورة بنية أساسية قوية لتمويل التجارة مما يسمح للشركات بتخفيف المخاطر وضمان المعاملات السلسة.

- تعد المراكز المالية بؤرًا للابتكار ونقل المعرفة حيث تجتذب المهنيين المهرة ورجال الأعمال والباحثين من جميع أنحاء العالم؛ حيث إن تركيز الخبرات والموارد المالية فى هذه المراكز يعزز التعاون وتبادل الأفكار مما يؤدى إلى تطوير منتجات وخدمات وتقنيات مالية جديدة، كما تعمل المراكز المالية أيضًا على تعزيز التعاون الدولى من خلال تسهيل المعاملات عبر الحدود وتعزيز الشراكات بين الشركات والحكومات وهى بمثابة نقاط التقاء للمنظمات العالمية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى مما يتيح الحوار والتنسيق بشأن سياسات الاقتصاد الكلى واللوائح المالية، ويتجلى دور المراكز المالية فى التعاون الدولى بشكل خاص فى مدن مثل جنيف وزيورخ التى تستضيف العديد من المنظمات الدولية وتعمل كمراكز للدبلوماسية والمالية.

 

ثانيًا الدور المتزايد للمراكز المالية فى تحفيز الاستثمار الأجنبى المباشر:

- تلعب دورًا مهمًا فى المناطق التى ترتفع فيها الضرائب حول العالم، فكثيرًا ما يكون المستثمرون أكثر قدرة على هيكلة التزاماتهم الرأسمالية تجاه البلدان التى تفرض ضرائب مرتفعة من خلال الجمع بين استثماراتهم فى البلدان التى تفرض ضرائب مرتفعة والاستثمار فى المراكز المالية الدولية، وبالنسبة للمستثمرين الذين يقعون فى بلدان تفرض ضرائب على الدخل التجارى المكتسب فى أماكن أخرى؛ فإن استخدام المراكز المالية الدولية يمكن أن يُسهل تأجيل ضريبة البلد الأم على الدخل الأجنبى مما يزيد من العائدات على الاستثمارات الأجنبية كما تعمل الخدمات المالية والسلع والخدمات الوسيطة الأخرى التى يتم الحصول عليها بتكلفة منخفضة بعد الضريبة فى المراكز المالية الدولية على زيادة إنتاجية وتنافسية العمليات الاقتصادية فى البلدان ذات الضرائب المرتفعة وبالتالى زيادة الطلب على الإنتاج فى تلك المواقع.

- تسهم المؤسسات المالية الدولية أيضًا فى ضبط الأسواق فى أجزاء أخرى من العالم والحد من الدرجة التى قد تتمكن بها البنوك وغيرها من المؤسسات الضخمة من استغلال الاحتكارات المحلية على نحو يلحق الضرر بالأفراد والشركات كما أن قدرة المستثمرين عل توجيه المعاملات المالية من خلال مراكز التمويل الدولية تقلل من فروض أسعار الفائدة والتخصيص التعسفى للائتمان وغيرها من المشكلات المرتبطة بالقوة السوقية المفرطة من جانب الوسطاء الماليين المحليين، ونتيجة لهذا فإن المؤسسات المالية الدولية تعمل على تعزيز استقرار البنية المالية العالمية، كما تسهم مؤسسات التمويل الدولية فى تحصيل الضرائب والمنافسة الضريبية بين الدول الكبرى حيث تسمح لحكومات البلدان الكبرى بتنفيذ السياسات الضريبية المحلية التى تريدها وتحتاج إليها فى مواجهة الضغوط الاقتصادية الدولية، والدليل من الأعوام الثلاثين الماضية هو أن المنافسة الضريبية كانت ضئيلة للغاية بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مع توسع القواعد الضريبية فى الوقت نفسه وبالدرجة نفسها مع انخفاض معدلات الضرائب.

- تتمتع المؤسسات المالية الدولية -كمجموعة- بنمو اقتصادى سريع فى السنوات الخمس والعشرين الماضية وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للقطاعات المالية فى الاقتصادات الحديثة.

 

ثالثًا دور المراكز المالية الدولية فى تعزيز المنافسة وتلبية احتياجات المستثمرين:

- تتمتع المراكز المالية الدولية بالقدرة على معالجة المشكلات المرتبطة بالقطاعات المالية غير التنافسية وذلك من خلال توفير المنافسة للبنوك المحلية وغيرها من الوسطاء الماليين، وتكمن أهمية الوجود فى مكان قريب فى أن المستثمرين من البلدان الغنية يستثمرون رؤوس أموال أكبر بكثير فى المراكز الدولية القريبة مقارنًة بتلك البعيدة، حيث أصبح من المهم فى الأسواق المالية العالمية اليوم أن تكون مؤسسة التمويل الدولية قريبة من منزل المستثمر وربما يعكس ذلك أن الشركات فى المراكز المالية الدولية تصمم خدماتها بما يتناسب مع احتياجات العملاء القريبين، وهناك شواهد على أن المنافسة التى توفرها المؤسسات المالية الدولية القريبة فاعلة، حيث إن البنوك التجارية فى البلدان التى توجد بها مراكز مالية دولية قريبة لديها فروق أسعار فائدة أقل (الفروق بين أسعار الاقتراض والأسعار التى يدفعها المودعون) مقارنًة بالبلدان الأخرى وهو مؤشر على زيادة المنافسة المصرفية، كما تؤدى المراكز المالية الدولية دورًا حاسمًا فى تعزيز المنافسة فى القطاعات المصرفية المحلية.

- يؤثر وجود المراكز المالية الدولية بشكل كبير فى الاقتصادات المجاورة، فالشركات الخاصة فى هذه البلدان تميل إلى الحصول على قروض أكبر وأكثر سهولة مقارنًة بالشركات فى البلدان البعيدة عن هذه المراكز وهذا يعنى أن نشاط الاقتراض والاستثمار فى هذه الاقتصادات يكون أعلى بكثير، وتساهم مؤسسات التمويل الدولية فى عمق القطاع المالى فى البلدان المجاورة حيث إن التمويل الدولى يسهل التمويل المحلى والدليل هو أن الاقتصادات التى تتمتع بقطاعات مالية أكثر قدرة على المنافسة تتمتع بمستويات أعلى من نصيب الفرد فى الدخل وتظهر معدلات أسرع لنمو الناتج المحلى الإجمالى مقارنًة بالاقتصادات الأخرى.

 

رابعًا دور المراكز المالية فى تقديم حلول مبتكرة عبر الاستفادة من التكنولوجيا:

عمل شركات التكنولوجيا المالية على تغيير الخدمات المالية التقليدية من خلال تقديم حلول مبتكرة تستفيد من التكنولوجيا لتقديم خدمات أسرع وأكثر ملاءمة وفاعلية من حيث التكلفة وغالبًا ما تتميز هذه الشركات بسرعتها ونهجها الذى يركز على العملاء وقدرتها على تسخير قوة تحليلات البيانات، ومع احتضان المراكز المالية للتكنولوجيا المالية يمكنها جذب شركات جديدة وتعزيز الابتكار وإنشاء نظام بيئى يدعم ريادة الأعمال، وقد برزت سنغافورة كمثال رائد للمركز المالى الذى نجح فى احتضان العصر الرقمى حيث تهدف مبادرة المركز المالى الذكى فى المدينة إلى الاستفادة من التكنولوجيا لإنشاء نظام بيئى نابض بالحياة للتكنولوجيا المالية، وقد نفذت سنغافورة مبادرات مختلفة مثل البيئة التجريبية التنظيمية لتشجيع الابتكار مع الحفاظ على الرقابة التنظيمية، واستثمرت الحكومة أيضًا فى البنية التحتية الرقمية وتدابير الأمن السيبرانى وتنمية المواهب لدعم نمو شركات التكنولوجيا المالية ونتيجة لذلك اجتذبت سنغافورة العديد من الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا المالية وأثبتت نفسها كمركز عالمى للتكنولوجيا المالية.

وقد استعرض المركز من خلال التقرير مؤشر المراكز المالية العالمية ومنهجيته وأقسامه والمؤشرات الفرعية الخاصة به ومقومات نجاح التجارب الدولية المميزة، كما تم استعراض المراكز الخمس الأولى للمؤشر والتى تمثلت فى (نيويورك التى لا تزال تتصدر قمة المؤشر وتتفوق على لندن التى تحتل المركز الثانى بالمؤشر وتحتل سنغافورة وهونج كونج المركزين الثالث والرابع بينما احتفظت سان فرانسيسكو بالمركز الخامس).

وتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مشروع مركز القاهرة المالى الدولى، حيث تتخذ الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة خطوات لتنفيذ هذا المشروع فى العاصمة الإدارية الجديدة؛ وسيتم إنشاء مركز القاهرة المالى العالمى كمدينة مالية تعمل وفق أنظمة ونماذج أعمال المراكز العالمية المماثلة، وسيكون الهدف الرئيس للمركز هو تسهيل الوصول إلى التمويل والاستثمارات الدولية لتمويل مخاطر ريادة الأعمال وتطوير أسواق رأس المال والصناعات ومشروعات البنية التحتية، كما تهدف الدولة فى المقام الأول إلى تحقيق أهدافها الاقتصادية وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات المباشرة من خلال المركز.

 

وقدَّم التقرير مجموعة من التوصيات والمقترحات حتى يمكن لمصر تحقيق المستهدف وتنفيذ مشروع مركز القاهرة المالى العالمى (CIFC) فى العاصمة الإدارية الجديدة والتى يمكن توضحيها عبر المحاور التالية:

1- الاستقرار الاقتصادى: أحد العوامل الأساسية التى تحدد نجاح المراكز المالية العالمية ويوفر الاقتصاد المستقر أساسًا متينًا للأنشطة المالية ويجذب المستثمرين المحليين والدوليين.

2- القوى العاملة الماهرة: والتى تعد عاملًا حاسمًا آخر فى تحديد نجاح المراكز المالية وتضمن القوى العاملة ذات المهارات العالية توافر الخبرة فى مجالات مثل المالية والمحاسبة وإدارة المخاطر والخدمات القانونية.

3- الابتكار والتكنولوجيا: يكتسب تبنى الابتكار والاستفادة من التكنولوجيا أهمية متزايدة بالنسبة للمراكز المالية لكى تظل قادرة على المنافسة ومن الممكن أن يؤدى اعتماد التقنيات المتقدمة مثل "سلسلة الكتل، والذكاء الاصطناعى، وتحليلات البيانات الضخمة" إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وتمكين المعاملات بشكل أسرع وتحسين إدارة المخاطر.

4- السياسات الضريبية: والتى يمكن أن تؤثر بشكل كبير فى جاذبية المراكز المالية حيث يمكن لمعدلات الضرائب المنخفضة والسياسات الضريبية المواتية أن تحفز الشركات والأفراد على إثبات وجودهم فى مركز مالى معين.

5- البنية التحتية والاتصال: والتى يلعب توافرها دورًا حاسمًا فى نجاح المراكز المالية وتعمل شبكات النقل المتطورة بما فى ذلك المطارات والموانئ البحرية والسكك الحديدية على تسهيل حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال، بالإضافة إلى ذلك تعد شبكات الاتصالات المتقدمة ضرورية للاتصال السلس وتبادل البيانات فى الوقت الفعلى.

6- البيئة التنظيمية: حيث يعد وجود نظام مالى شفاف وجيد التنظيم أمر حيوى لنجاح المراكز المالية وتساعد الأطر التنظيمية القوية فى الحفاظ على سلامة السوق وحماية المستثمرين وضمان المنافسة العادلة.


الأكثر قراءة



print