كتب حازم حسين
الرهانات على قدر الآمال، والتقديرات على قدر التطلعات، هكذا ينظر قطاع واسع من المصريين لمجلس النواب، الذى جاء بعد ثورتين شعبيتين مهمتين، وبعد عامين تقريبًا دون مؤسسة تشريعية، وتأسيسًا على هذه الأهمية تنعقد آمال عريضة على البرلمان الجديد ونوابه، فيما يخص الاضطلاع بالمهمة التشريعية والرقابية بالشكل الذى يجبر مشكلات وأزمات الفترة الماضية، ويدفع سفينة الوطن إلى الأمام، رغم تلاطم أمواج المحن والمشكلات الاقتصادية، وعلى قدر رهان المواطنين والمتابعين، لا شكّ فى أن النواب أنفسهم يراهنون على المجلس، ويعرفون حجم الرهان المعقود عليهم من ناخبيهم وأبناء دوائرهم، وهو ما يوجب عليهم مضاعفة الجهد وشحذ الفكر وإنفاق الوقت والطاقة من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية، وتحقيق طموحات الناخبين والمواطنين، ومكافأة حجم الرهانات المعقودة على برلمان 30 يونيو.
بعيدًا عن الطموحات، وعن التقدير النظرى لتصورات النواب ومدى التزام المجلس بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فإننا بالنظر فى آلية العمل وتسلسلها ومعدلات الأداء منذ بدء انعقاد المجلس فى 10 يناير الماضى، وحتى عودته للانعقاد فى 17 يوليو الجارى، سنلاحظ أرقامًا ومؤشرات فارقة ومثيرة، ربما لا تكون فى صالح الحقيقة التى نحاول جميعًا الاقتناع بها والعمل على ترسيخها، من أننا نمر بمرحلة حرجة، وأن مجلس النواب الحالى هو برلمان اللحظة الحرجة.
إجازات البرلمان فى 7 شهور.. يوم شغل ويومين راحة
بدأ مجلس النواب عمله فى العاشر من يناير 2016، بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى له للانعقاد، ليبدأ المجلس عمله بالخطوات الإجرائية المتمصلة فى أداء القسم ثمّ اختيار رئيس ووكيلين للمكتب، تلا ذلك اختيار لجنة لتعديل اللائحة الداخلية الجديدة للمجلس، ثمّ إقرار القرارات بقوانين الصادرة فى عهدى الرئيسين: السابق عدلى منصور والحالة عبد الفتاح السيسى.
رغم الصورة التى قد تبدو مزدحمة ومليئة بالتفاصيل، فالحقيقة أن المجلس أقر 342 قانونًا ساريًّا، كانت قد صدرت فى غيبته، دون أن يدخل عليها تعديلا واحدًا، باستثناء رفضه للقانون 18 لسنة 2015 "الخدمة المدنية"، بينما التشريع الوحيد الذى أصدره المجلس هو قانون لائحته الداخلية، ورغم هذه الحالة من الزحام وما يقع على عاتق المجلس من مهام ومسؤوليات، ظل السمت المسيطر على عمله التذبذب بين الغياب والحضور، بين الانفضاض والانعقاد، بمعدل يقترب للغاية من "يوم شغل ويومين راحة".
فى أول100 يوم من عمل المجلس، اجتمع خلال 31 يومًا، وحصل على 69 يومًا إجازة، إذ عمل المجلس ثلاثة أيام فى بداية انعقاده ثم حصل على إجازة من 13 وحتى 16 يناير، وعاد للانعقاد 4 أيام ثم غاب 16 يوما، ثم انعقد يومين ليغيب 5 وانعقد يوما بعدها ليغيب 7 أيام، ومع بداية الـ100 يوم الثانية من عمره، فى الثامن عشر من أبريل المادى، بدأ المجلس مئويته الثانية بالحصول على إجازة أسبوعين، قبل أن يعود للانعقاد يوم 8 مايو ويحصل فى يوم 14 من الشهر نفسه على إجازة حتى 22 مايو، تلتها إجازة مع بداية شهر رمضان فى الأسبوع الأول من شهر يونيو، قبل أن ينعقد عدّة أيام فى شهر رمضان لإقرار الموازنة العامة، ليعود لإجازته الطويلة والممتدة هذه المرة 17 يومًا، منذ آخر جلسة عامة فى 29 يونيو وحتى عودته للانعقاد فى 17 يوليو، وهو التاريخ الذى يكون المجلس قد وصل معه إلى اليوم الـ207 من عمره، ويكون قد حصل خلال هذه المدة على إجازة أكثر من 130 يومًا.
دور الانعقاد الأول.. باقى من الزمن 45 يومًا
هذه الصورة التى تنقلها الأرقام والتواريخ الخاصة بأجندة المجلس منذ بدء عمله وحتى الآن، ورغم ما تحمله من مفارقات وما تثيره من دهشة وعلامات استفهام، إلا أنها تشير إلى حجم المشكلة التى قد يواجهها البرلمان، خاصة وأن دور الانعقاد الأول من المفترض أن ينتهى فى الثلث الأول من شهر سبتمبر، وفق نص الدستور، بينما فى الحقيقة يتعين على المجلس الانتهاء من عمل كثير لم يقترب منه بعد، منه حزمة القوانين المكمّلة للدستور، المفترض إقرارها خلال دور الانعقاد الأول، إضافة إلى أن المجلس لم يصدر تشريعًا واحدًا حتى الآن، وحالة البلاد وأوضاع المواطنين تحتاج إلى عمل تشريعى ورقابى متواصل وفاعل من النواب.
أمام 7 شهور مرت من عمر المجلس، أو 207 أيام تحديدًا منذ الانعقاد فى 10 يناير الماضى، وحتى العودة للانعقاد فى 17 يوليو الجارى، انقضى منها أكثر من 130 يومًا فى الإجازات، يتبقى للمجلس أقل من 45 يومًا منذ عودته للانعقاد، ويتعين عليه أن يناقش مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة، والمشروعات التى اقترحها الأعضاء، إضافة إلى التشريعات المكملة للدستور، وهذا إلى جانب الدور الرقابى على الحكومة والأجهزة التنفيذية، بينما الصورة العامة حتى الآن تشير إلى أن المدة المتبقية لن تفلت من فخ الإجازات الجزافية المتكررة، وقد يضيع 30 يومًا منها فى الإجازات، وفق نسبة وتناسب مع الأرقام السابقة منذ بدء المجلس، فهل ينجز البرلمان مسؤولياته ومهامه فى 45 يومًا متبقية أم ينفقها فى الإجازات؟ وهل كان من اللائق ببرلمان الشعب وبرلمان اللحظة الحرجة أن يمنح نفسه 17 يومًا إجازة عيد؟