"يشترط حسن السير والسلوك والسمعة"، جملة دائما ما تكون مقترنة بشروط الالتحاق بأى وظيفة بالدولة، خاصة حين تكون الوظيفة لها مكانة هامة أو منصب قيادى بالدولة، ولا يمكن بأى حال من الأحوال ألا يتوفر ذاك الشرط بنائب البرلمان، فهو على رأس الصفات التى يجب أن يتحلى بها النائب، نظرا لعلو شأن الوظيفة وأهمية مسؤوليتها وخطورة واجباتها فى مراقبة أداء الحكومة ووضع التشريعات.
المحكمة الإدارية العليا أصدرت اليوم الأربعاء حكما هاما باستبعاد الفنانة سما المصرى المرشحة عن دائرة الجمالية ومنشأة ناصر من الانتخابات، بعد أن قبلت الطعن الذى تقدم به المحامى سمير صبرى مطالبا باستبعادها من السباق الانتخابى لافتقادها شرط حسن السيرة والسمعة، وهو الطعن الذى قبلته المحكمة اليوم لتستبعد "سما المصرى" من الترشح نهائيا.
استقرت الأحكام القضائية على أن السمعة الحسنة والسيرة الحميدة هى مجموعة من الصفات والخصال التى يجب أن يتحلى بها الشخص، لكى يكون موضع ثقة المجتمع، ولكى تنأى به بعيدا عن مواطن السوء والشبهات، ولا يكفى لإثبات توافر هذا الشرط أن تكون صحيفة الحالة الجنائية الخاصة به، خالية من الإشارة إلى صدور أحكام جنائية ضد صاحبها، إنما تعد الصحيفة دليلا فقط على الغرض الذى أعدت من أجله، وهو إثبات العقوبات الجنائية النهائية، وبالتالى لا تكون صحيفة الحالة الجنائية حجة لإثبات حسن السير والسلوك والسمعة.
"العليا للانتخابات" أوردت فى قرارها رقم 67 لسنة 2015 الخاص بفتح باب الترشح، 13 مستندا مطلوبا للتقدم للترشح لانتخابات مجلس النواب، إلا أنها أغفلت أن يكون من بين هذه المستندات ما يفيد حسن سيرته وسلوكه وسمعته.
ورغم أهمية شرط حسن السير والسلوك بالنسبة لمرشحى البرلمان، إلا أن المحكمة الادارية العليا فى حكم سابق لها فى 2 أكتوبر الماضى، لم تلزم اللجنة العليا للانتخابات بأن يقدم طالب الترشح مستندا يثبت حسن سيره، حيث قضت المحكمة برفض طعن أقامه المحامى عصام الإسلامبولي، على عدم قبول دعوى إلزام اللجنة العليا للانتخابات، بإصدار قرار يلزم المرشح أن يقدم ضمن مستندات ترشحه، شهادة تثبت حسن السمعة والسيرة الحميدة.
وقالت الدعوى التى حملت رقم ٧٨٣٣٢ لسنة ٦٩ قضائيا: "إن إغفال اللجنة العليا للانتخابات إلزام المرشحين بتقديم تلك الشهادة يتضمن مخالفة تهدد سلامة العملية الانتخابية، فضلا عن مخالفته مقتضيات تنفيذ حكمى الإدارية العليا بحل حزبى الوطنى والحرية والعدالة"
وأضافت الدعوى أن "أعضاء الحزبين ثبت فى حقهم بموجب تلك الأحكام إفسادهم للحياة السياسية، الأمر الذى يجعلهم مفتقدين لشروط الثقة والاعتبار والسمعة والسيرة الحميدة"
وليست تلك المرة الأولى الذى يعرض أمر حسن السير والسلوك على المحاكم، ففى مارس من العام الجارى، أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية دائرة البحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، حكما هاما حول ضرورة توفر شرط حسن السمعة لمرشحى مجلس النواب لعام 2015.
وقضت المحكمة حذف اسم المرشح "صبرى محمد اسماعيل"، بدائرة ادكو فردى بمحافظة البحيرة، من كشوف أسماء المرشحين للانتخابات، لفقدانه شرط حسن السمعة.
وقالت المحكمة فى حيثياتها: "إن نصوص القانون رقم 46 لسنة 2014 بشأن مجلس النواب لم تشترط حسن السمعة ضمن الشروط اللازمة للترشح، إلا أن هذا الشرط بات من الأصول العامة فى التوظف، وتقلد المناصب النيابية أو التنفيذية، الأمر الذى لا يحتاج الى نص خاص يقرره.
وأكدت المحكمة فى حيثياتها، أن شرط حسن السمعة قد اشترطه المشرع لأعضاء السلطتين القضائية والتنفيذية، ومن ثم فلا يعقل أو يقبل إهمال ذاك الشرط بالنسبة للسلطة التشريعية، بل إنه من الأولى مراعاة شرط حسن السمعة لمن ينتمى إليها.
المحامى والفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى قال فى تصريحات خاصة لـ "برلمانى"،: إن الدستور أوجب أن تتوافر فى عضو مجلس النواب شرط الثقة والاعتبار، فإن فقدها العضو سقطت عضويته بنص المادة 110 من الدستور، وهو أيضا ما اشترطته المادة الثامنة من قانون مجلس النواب والتى تحدد شروط الترشح، بالتالى فمن الضرورى أن يكون شرطا من شروط الترشح، مؤكدا أن إغفال اللجنة لهذا الشرط الهام يسمح بإفلات مرشحين وعناصر لمن أفسدوا الحياة السياسية إلى الدخول للبرلمان.
من ناحيته قال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، فى تصريحات خاصة لـ "برلمانى": "كان يتعين على اللجنة العليا للانتخابات أن تضع من بين أوراق الترشح للبرلمان ما يفيد حسن السير والسمعة، فإذا كانت اللجنة قد أغفلته فيمكن تحقيقه بواسطة الناخبين أنفسهم بألا يمنحوا أصواتهم لمرشح سىء السمعة".
وأضاف الجمل، أن قانون مباشرة الحقوق السياسية لم يرد فيه صراحة شرط حسن السمعة للمرشح، وتابع: "هناك أمور تطبق على أنها بديهية وتمثل مبادىء عامة متفرعة من النصوص الواردة فى القانون أو الدستور، من بينها اشتراط حسن السير والسلوك فى شاغلى الوظائف العامة، والمواقع القيادية، إضافة إلى أن الدستور ينص على أن عضوية البرلمان، تسقط عمن يفقد الثقة أو الاعتبار، بالتالى وبالمفهوم العكسى لابد أن تتوافر فيه حسن السير والسمعة".
وعن كيفية إثبات هذا الشرط قال الجمل:" حسن السير والسمعة من الشروط المعنوية المرتبطة بتاريخ وأداء المرشح، والأجهزة الخاصة بالتحرى والرقابة بالدولة، من الممكن أن تتحرى عن المرشحين وتصدر شهادة لكل مرشح لإثبات حسن السير السلوك، أو أنه غير معروف عنه ما قد يسىء اليه".