زاد حجم التكهنات حول خفض وشيك للجنيه أمام الدولار خلال الشهور المقبلة، بعد تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزى، التى دافع فيها عن قرار خفض الجنيه فى مارس الماضى، مؤكدًا أن لن يستهدف سعرًا محددًا للعملة المحلية أمام نظيرتها الأمريكية، وأن الأمر خاضع للمرونة، وتوقعت بنوك استثمار السماح للعمة المحلية بالهبوط إلى 950 قرشًا للدولار قبل نهاية 2016.
وسمح البنك المركزى للجنيه بالهبوط أمام الدولار بنسبة 14% دفعة واحدة من 773 قرشًا إلى 885 قرشًا للدولار، فى مارس الماضى، ثم رفعه مرة أخرى إلى 878 فى عطاء استثنائى وهو السعر الذى تم الإبقاء عليه حتى الآن، على أن تبيع البنوك الدولار لعملائها بزيادة 10 قروش عن هذا السعر.
وعزز تلك التكهنات ما تردد خلال الأيام القليلة الماضية، عن نية الحكومة الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وهو ما أكده مسؤول حكومى رفيع المستوى لـ"برلمانى" الأسبوع الماضى، ورغم أن خفض الجنيه كان يستهدف كبح جماح السوق السوداء، وتقليص الفجوة فى سعر الصرف بين السوقين الرسمية والموازية، وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية وتحفيز الاستثمار الأجنبى المباشر، إلا أن تلك الخطوة لم تقض على المضاربات على العملة الصعبة وسط شح الدولار وتنامى الطلب فى بلد تبلغ فاتورة استيراده 90 مليار دولار سنويًا.
ودافع عامر عن قرار خفض الجنيه، فى تصريحات صحفية نشرت أمس الأحد، مؤكدًا أنها كانت حركة تصحيحية وليس خفضًا، لافتًا إلى أن البنك المركزى كان أمام خيارين إما الحفاظ على استقرار الجنيه وإهدار الاحتياطى الأجنبى بهدف الحفاظ على سعر العملة المحلية، أو تشغيل المصانع التى كانت تعمل بـ20% فقط من طاقتها الإنتاجية.
النائب أشرف العربى: على البنك المركزى أن يكمل خطوات الإصلاح بتخفيض سعر الجنية
وحول ذلك قال النائب أشرف العربى، عضو اللجة الاقتصادية، إن أوضاع البيئة الاقتصادية فى مصر ليست العنصر الأساسى المتعلق بخفض سعر الجنية أمام الدولار من عدمه، مشيرًا إلى أن مصر لم تتلق أى ودائع أو مساعدات بمبالغ كبيرة منذ فترة لمنح البنك المركزى الفرصة لإدارة سوق النقد.
وأضاف "العربى" لـ"برلمانى"، أن البنك المركزى حاليًا يدير فقط السياسة النقدية، لافتًا إلى أن عدم وجود احتياطى نقدى كافى جعل البنك المركزى لا يستطيع إدارة سوق الصرف، مؤكدًا أن قرار خفض سعر الجنية سليم جدًا.
وتوقع "العربى" أن يكون هذا القرار تمهيدًا لتخلى البنك المركزى عن إدارة سوق الصرف بشكل مؤقت، ليتم توحيد سعر الصرف وتقليل المشكلة التى تواجه المستثمرين فى وجود سعرين للصرف، وبالتالى قدرة الدولة على جذب استثمارات جديدة.
وتابع قائلًا: "قرار خفض سعر الجنية كان لابد من اتخاذه خلال الـخمس سنوات الماضية، وعلى البنك المركزى أن يكمل خطوات الإصلاح التى بدأها"، مؤكدًا أن البنك سيواجه ضغوطات كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار.
وطالب الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزى بالتأكد من حماية شبكة الحماية الاجتماعية لتقليل آثار تخفيض سعر الجنيه.
بسنت فهمى: "مشكلتنا أننا شعب مش بنحترم الحرف وعايزين نبقى موظفين"
قالت النائبة بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية، إن سعر العملة فى أى بلد تعبر عن مدى قوة الاقتصاد فى هذا البلد، مضيفة: "لو سعر العملة منخفض معناه أن البلد دى اقتصادها ضعيف، ولو سعرها عالى يبقى انعكاس لاقتصاد قوى"، مشيرة إلى أن الدولة المصرية تمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية.
وأضافت بسنت فهمى، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن تغيير سعر العملة انخفاضًا وارتفاعًا أمر طبيعى، ولكن نتائج الإجراء هى الأهم، فعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات من شأنها الحفاظ على استقرار السوق لحماية البسطاء، مطالبة الحكومة بتخفيض الإنفاق.
وأكدت النائبة البرلمانية على ضرورة العمل وزيادة معدلات الإنتاج، قائلة: "لازم الناس تشتغل أكتر وتنتج أكتر، المشكلة أننا عايزين نبقى موظفين ما فيش دولة تدار بالشكل دا إحنا مش بنحترم الحرف والمهن، لا العمال عايزين يبقوا عمال ولا الفلاحين عايزين يبقوا فلاحين".
"بدراوى" يحذر من استمرار خفض سعر الجنيه أمام الدولار سيؤدى لطحن المواطن البسيط
من ناحية أخرى تساءل النائب محمد بدراوى، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، من خفض سعر الجنيه أمام الدولار مرة أخرى؟، مؤكدًا أن تحرير سعر الصرف لن يكون فى صالح الاقتصاد، وسيؤدى إلى طحن المواطن، مضيفًا "إحنا مش دولة مصدرة أو لدينا احتياطى كبير لذلك لابد من حماية العملة".
وأكد "بدراوى"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن تخفيض سعر الجنية 15% المرة السابقة، أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم، وهو ما لم يتأثر به الأغنياء قدر ما تأثر به البسطاء، خاصة أن مصر دولة مستوردة لكل شىء وليس الأمر قاصرًا فقط على السلع الاستفزازية التى ترى الحكومة أنها قاصرة على الأغنياء.
وأضاف "بدراوى"، أن قطاع الصناعة معتمد بنسبة 75% - 50% من الخامات على الخارج، لافتًا إلى أن اختفاء الدولار أدى إلى أن المصانع تعمل بأقل من 50% من طاقتها أو أنها تلجأ للسوق السوداء.
وحذر من موجة غلاء جديدة على عموم الناس بتخفيض سعر الجنية، منتقدًا تصريحات محافظ البنك المركزى بأنه مسؤول عن جميع قراراته قائلًا: "كنت مسؤولًا عن قرار تحريك سعر الجنيه ولم يتحمل خطأه سوى المواطن".
وأشار إلى أن معدلات التضخم وصلت إلى 13% منذ إعلان محافظ البنك المركزى عن تخفيض سعر الجنيه، الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة عجز الموازنة أيضًا، مؤكدًا أن قرار خفض السعر لم يحقق أى نتائج إيجابية ولم يجذب أى استثمارات قائلًا: "مفيش استثمار بيدخل بلد فيها سعرين للصرف".