شن الدكتور محمد فؤاد، الناطق باسم حزب الوفد، هجوما عنيفا على وزراء المجموعة الاقتصادية بحكومة المهندس شريف إسماعيل، حيث انتقد فؤاد غياب الخطة المتكاملة لمواجهة الظرف الاقتصادى الصعب والمتأزم الذى تمر به الدولة المصرية، لافتا إلى أن وزراء المجموعة الاقتصادية يعملون فى جزر منعزلة.
وأكد "فؤاد" فى حواره مع "برلمانى"، أنه لابد من وضع إطار كامل لخطة واضحة وشاملة لإصلاح الهيكل الاقتصادى، مطالبا محافظ البنك المركزى طارق عامر بالتوقف عن الإدلاء بالتصريحات الصحفية والإعلامية، مضيفا أن تلك التصريحات كثيرا ما تكون السبب فى ارتفاع سعر الدولار بشكل مباشر.
وإلى نص الحوار:
ما تقييمك للوضع الاقتصادى للدولة؟
عندما نتحدث عن الوضع الاقتصادى للدولة فيجب النظر إلى شقين أساسيين، الشق الأول هو النقدى، ونعانى فيه من مشكلة كبيرة وهى التضخم وتصل نسبته إلى 15%، والشق المالى هناك عجز مزمن بالموازنة يصل إلى 319 مليار جنيه طبقا للموازنة التى تم اعتمادها، ونتوقع أن يكون أوسع من ذلك، لأن الإيرادات طموحة أكثر من اللازم، ويجب السيطرة على التضخم والعجز، وهناك شق ثالث أيضا وهو مناخ الاستثمار ليس لدينا مدخلات استثمار كثيرة تدر العملة الصعبة سواء من السياحة أو الاستثمار الأجنبى المباشر.
تم الإعلان عن عدد من المشروعات الاقتصادية العملاقة.. فهل جنت الدولة ثمارها؟
لا لم يحدث، هناك أكثر من سبب وتلك ليست فزاعة فمصر محاصرة اقتصاديا إلى حد كبير، السياحة لا تعود والحركة العالمية نفسها لا تسير بشكل جيد، وتلك مشروعات تنموية تأتى ثمارها فى الوضع الطبيعى، لدينا مشاكل كبيرة تحتاج إلى إصلاحات هيكلية كبيرة تعوق جنى ثمار تلك الاستثمارات، وتتطلب الدخول فى إطار منظومة إصلاح اقتصادى كاملة.
هل تود أن تقول إن المشروعات العملاقة ليست الحل؟
المشروعات العملاقة إن لم يكن لها بدائل تمويلية من خلال التمويل الخاص أو المباشر لا تستطيع استخدام الاستدانة، نحن نريد عملية إعادة استقرار، وحتى نكون مقرين بالواقع فهناك أزمة اقتصادية، وفى هذه الحالة إذا تعثرت لا تستطيع أن تركض بعدها يجب العمل على حل تلك المشاكل كل على حدة، ولا يجوز أن تفكر فى إنشاء مشروعات كبرى وخلق فرص عمل ومعالجة التضخم وعجز الموازنة، إنشاء المشروعات يعنى صرف والصرف يزيد من عجز الموازنة، أنت تريد عملية استقرار فى فترة من 9 إلى 18 شهرا.
كيف يمكن خلق الاستقرار خلال تلك الفترة؟
يجب أن نستهدف أشياء بعينها وهذا لا يحدث، مصر مشكلتها ليست الفكر من خارج الصندوق، فنحن لا نطبق ما هو داخل الصندوق، وقلنا من قبل إننا سننفذ ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الدخول المرتفعة وضريبة الأرباح الرأسمالية ورخصة المحمول الرابعة والضرائب على السجائر، وقانون التعدين والثروة المعدنية الجديد منذ 2014، ولم يحدث لغياب المجلس التشريعى.
ولكن الوضع مختلف الآن، يجب ضبط البنية التشريعية واتخاذ وتنفيذ إجراءات لخفض التضخم وعجز الموازنة وإعادة الاستقرار المالى من ناحية الإنفاق والدخل، وبالنسبة للدخل هناك عيب هيكلى لن يتم حله غدا وهو أن 70% من إيرادات الدولة ضرائب، "متقوليش الدولة تعمل مشروعات الدولة مبتفتحش أكشاك ومش هتفتح سوبر ماركت، مفيش دولة فى العالم بتعمل مشروعات الدولة بتجيب فلوسها من الضرائب"، وهنا يجب إصلاح المنظومة الضريبية عبر فرض ضرائب جديدة كالقيمة المضافة وإصلاح هيكلى فى الضرائب الحالية، لإدخال جزء من غير الخاضعين للضريبة داخل المنظومة، بالإضافة إلى إطلاق التراخيص أغلب المحال التجارية والمقاهى لا تدفع ضرائب لأنها تعمل دون ترخيص و"بيدفعوا فلوس لموظفين الحى المرتشين، على مستوى حى العمرانية، ثم أخيرا وليس آخرا أنا لست ضد رفع الضرائب لكنى ضد التذبذب فى الضرائب.
أما فيما يخص الإنفاق فلا مانع من اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية الخاصة بالاستيراد، اتفاقيات التجارة العالمية تسمح فى حالة وجود خلل عظيم فى ميزان المدفوعات بوقف استيراد بعض السلع لبعض الوقت، الدولة تنفق من 70 إلى 80 مليار دولار فى الاستيراد، والنظر إلى المصروفات غير الضرورية وإيجاد بدائل تمويلية أخرى بخلاف الاستدانة واتباع أساليب الاكتتاب المباشر، وكثير من هذه الأفكار يتم تنفيذها لكن فى جزر منعزلة.
ونحن لا نرى رؤية اقتصادية كاملة أمامنا ولا نجد مسئولا عنها بشكل مباشر، ما ذكرته الآن ليس من تأليفى الحكومة كتبته عام 2014، ويجب إعادة ترشيد الدعم وإعادة هيكلة الأجور، هناك خلل هيكلى بالموازنة لديك 613 مليار دخل ويتم إنفاق 720 مليارا على بنود الأجور والدعم وخدمة الدين، خدمة الدين لا يمكن الاقتراب منها وكل ما نستطيع فعله هو عدم التوسع فى الاستدانة والأجور يتم العمل عليها من خلال أمور مثل الخدمة المدنية التى لا تجد رضا جماهيرى، "أنت مزنوق ما بين أنك عايز ترضى الناس ومعكش أنك فعلا ترضى الناس، السيد الرئيس تحدث فى البداية عن إجراءات صعبة ولم تحدث، هناك ذراع تنفيذى لا يتعامل بنفس الفكر".
هل ترى أن الإجراءات الصعبة التى تحدث عنها الرئيس السيسى لم تحدث رغم الارتفاع المستمر للأسعار؟
ما حدث أننا لم نعد قادرين على الدفاع عن أنفسنا، لم يعد لدينا مخزون كاف من النقد الأجنبى، وكان كل الهدف هو الحفاظ على العملة دون اتخاذ أى إجراءات، وحزب الوفد سيتبنى رؤية اقتصادية وسيتقدم باستجواب لرئيس الوزراء لطرح رؤية الحكومة للخروج من تلك الأزمات، والرؤية التى طرحها على البرلمان كانت فى إطار الوضع الطبيعى كان الفارق بين السوق والسوق الموازية للدولار 10% أصبح الآن 50%.
من المسئول عن أزمة الدولار؟
المجموعة الاقتصادية بالكامل، سياسة الجزر المنعزلة أتت بنا إلى هذه المشكلة، وزيرة الاستثمار تحدثت عن طرح شركات قطاع الأعمال بالبورصة، ووزير قطاع الأعمال لا يعرف أى شىء عما يحدث، ومحافظ البنك المركزى مفرط فى كلامه بشكل غير عادى.
وقلت لرئيس الوزراء وهو يتذكر ذلك جيدا: "لا توجد هناك ضوابط للتنسيق ما بين وزارات المجموعة الاقتصادية نحن نفتقد الوزير السياسى"، وقال لى "هاخد إجراءات فى الموضوع دا ولم نر أى شىء"، ويجب تشكيل مجلس خاص لإدارة الأزمة، يجب الاعتراف أولا بوجود أزمة ونضع خطة كبيرة ونشرحها للرأى العام ونستعين بالمؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولى، ومصر لا تخضع ولا تركع له الدنيا كلها بتتعاون معه لكن يجب تقديم خطة إصلاح اقتصادى له كما فعلت البرازيل.
لماذا نال طارق عامر محافظ البنك المركزى القسط الأكبر من هجوم النواب؟
ويستحق ذلك لأنه مفرط جدا فى كلامه، وهذا أمر لم أره فى حياتى، وألتمس له عذرا واحدا أنه لا يوجد أحد غيره يتحدث، فتبنى هو الحديث باسم المجموعة الاقتصادية، "لكن أنا عايزه يرتاح هو ووزير المالية والاستثمار والتخطيط ويكون واحد فقط هو المتحدث أو يأتون بمسئول عن تلك المجموعة"، بالإضافة إلى أن بعض الإجراءات التى يتخذها عامر شديدة التأثير ضعيفة القيمة مثل منع استخدام البطاقات المدينة خارج مصر.
هل لتصريحاته تأثير على ارتفاع سعر الدولار؟
بشكل مباشر، "كتر الكلام بيعمل مضاربة"، وتصريحه بمحافظة الإسكندرية بأنه لا يستطيع الحفاظ على سعر الصرف بهذا الشكل، وتصريحه مع الإعلامية لميس الحديدى بأنه من الممكن أن يكون سعر الدولار 4 جنيهات، "مش المفروض أن يكون مفرط فى الكلام ولا مفرط فى هزاره".
وما الحل تغيير محافظ البنك المركزى أم تغيير السياسات؟
نحتاج أن نتعامل مع الأمر كسياسة عامة، "طارق عامر بيتكلم كتير لكن مش محتاجين نغيره، وسبب استمرار الأزمة هو غياب الخطة، لكن دلوقتى الحكومة سايقة لوحدها وبعض النواب بتزايد عليها، لأن الحكومة فى مكان والنواب فى مكان آخر والشعب غير راض عما يحدث، والحكومة هى التى تضطر النواب لذلك لأنها تتخذ خطوات تؤدى الى ارتفاع الأسعار دون الإعلان عن خريطة كاملة من أجل الوقوف فى اصطفاف وطنى".
هل تؤيد بيع شركات القطاع العام؟
طول عمرى مؤيد لذلك ولم أرفضها أبدا، "لأن الحكومة مش شاطرة فى البيزنيس"، والحكومة لا تريد الشركات باستثناء الصناعات الاستراتيجية، هذا إرث ناصرى محتاج يرحل.
كيف سيكون الوضع الاقتصادى لرجل الشارع خلال الفترة القادمة؟
غلاء فى الأسعار لمدة 9 أشهر الحكومة ستتدخل لصالح الأسر الأكثر فقرا والطبقتين الوسطى والعليا هى التى تشعر بكل شىء لأنهما خارج نطاق شبكات الحماية الاجتماعية.