تضمن القسم الثالث من تقرير لجنة تقصى الحقائق المُشَكَّلة من مجلس النواب لكشف وقائع فساد صوامع وشون تخزين القمح، جلسات الاستماع للعديد من الأطراف المعنية بالأزمة، على رأسهم الدكتور خالد حنفى وزير التموين، والدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، والمهندس طارق قابيل وزير الصناعة والتجارة الخارجية، واللواء علاء عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
ورأت اللجنة ضرورة سؤال الوزراء الثلاثة؛ بعد الانتهاء من جلسات الاستماع للمسؤولين والمعنيين بمنظومتى القمح والخبز، وبعد الزيارات الميدانية لبعض صوامع ومواقع التخزين، والوصول إلى نتائج دامغة لا تقبل التأويل.
رد وزير التموين والتجارة الداخلية على لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب
الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية، قال وفقًا لتقرير لجنة تقصى الحقائق المُشَكَّلة من البرلمان بشأن وقائع فساد منظومة القمح، إن هناك خللاً كبيراً فى منظومة توريدات القمح، مع وجود توريدات وهمية يقوم بها أصحاب الشون والصوامع الخاصة، وأكد أنه لابد من تغيير هذه المنظومة التى تشترك فيها عدة وزارات، ألا وهى التموين، والزراعة، والصناعة، والمالية.
وأوضح حنفى أن مقدار ما فحصته لجان تقصى الحقائق مجتمعة بخصوص وجود اختلافات كبيرة فى تقدير كميات الأقماح يتراوح ما بين 4 إلى 4.5% من إجمالى ما سُلِّمَ من أقماح، وأن اللجان التابعة للوزارة والرقابة نجحت فى تفتيش أكثر من 100 موقع، وتحرير أكثر من 40 محضرا، من ضمنها المحاضر التى حررتها لجنة تقصى الحقائق المُشَكَّلة من مجلس النواب بشأن فساد المنظومة.
وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه لا يشكك فيما قامت به اللجنة، ولكنه غير مقتنع بقياسات شركة sgs رغم أنها مُرَشَّحَة من قِبَل الوزير فى الاجتماع الذى حضره للجنة الشئون الإقتصادية فى 29 يونيو باعتبارها إحدى الشركات الموثوق بها، لذلك برر هذا للجنة، قائلا إن الشركة تستطيع تقدير كميات الأقماح فى الشون وليس لها خبرة فيما يتعلق بالصوامع، وأصر أيضًا على أهمية "التصفية الصفرية"؛ باعتبارها المعيار الدقيق لتقدير كميات القمح، موضّحًا أن قياسات الشركة ليست دقيقة بالضرورة، فالعبرة بالوزن الفعلى لإثبات صحة القياس.
وتابع أن الـ10 مواقع التى زارتها لجنة تقصى الحقائق ليس بالضرورة، أن ينتج عنها مخالفات، بدليل أن هناك مواقع زارتها اللجنة وصدر عنها مخالفات بمقدار معين، وعندما يكون هناك شك فى وجود مخالفة خاصة بموقع معين يتم تحرير محضر ثم إرساله للنيابة العامة لتتولى تصفية هذا الموقع صفريا.
وبسؤال اللجنة بأن التصفية الصفرية تمثل مدخلاً للفساد، لأن اللجنة بعد أن تبين لها وجود عجز فى أحد المواقع، أدخل أصحاب تلك المواقع كميات من الأقماح لسد العجز؛ أفاد خالد حنفى بأن المنظومة تبعث فعلا على الفساد، وأن هؤلاء الأشخاص من الوارد أن يكون لديهم فساد.
وأوضح تقرير اللجنة تعاقد شركتى الصوامع التابعين للوزارة التموين والتجارة الداخلية مع مواقع وهمية ليس لها سجل تجارى أو بطاقة ضريبية زارتها اللجنة، إذ تُقَدَّم عقود صورية لأشخاص وهميين يفيدون بأنهم ملاك مستأجرين، لدرجة أن القيمة الإيجارية المثبتة فى أحد العقود كانت 6 ملايين جنيه، رغم ما تحصل عليه الصومعة من شركة الصوامع 2.5 مليون جنيه.
وقال خالد حنفى إنه من الوارد حدوث مثل تلك الأخطاء الكبيرة، لكن ما رصدته اللجنة فى 10 مواقع ليس بالضرورة أن يكون ممثلاً لكافة المواقع التى تخزن ما يزيد عن 5 ملايين طن قمح، وإذا تم توسيع نطاق الفحص، فمن المؤكد أن النسب ستختلف، حيث إن هناك ثلاثة مواقع أمرت النيابة العامة بتصفيتها وعندما تمت التصفية ثبت عدم وجود أى عجز بها.
وأوضح وزير التموين أن المنظومة تبعث على الفساد لكن فى نفس الوقت فإن الضوابط التى وضعت تضمن على الأقل عدم ضياع حق الدولة عن طريق تحديد المنحرف، وتقرير مسؤوليته عن انحرافه، ثم استرداد حق الدولة منه، وهذا ليس معناه عدم وجود عجز أو انحراف، وأكد أنه يعرض عليه تقرير يومى من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بوزارتى الزراعة، والصناعة، وأن مجلس الوزراء يحدد فى كل موقع الكميات التى رفضت ويتم تجميع ذلك يومياً حتى نهاية المدة.
وأشار إلى أن اللجنة القائمة على الحصر فى كل موقع لا تضم شخصا يخضع لولاية وزارة التموين فهى برئاسة عضو الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وعضوية مندوبين من الزراعة والتموين، لكن عضو التموين يتبع إداريا المحافظ وليس لوزير التموين.
وأفاد الوزير بأن المحاضر لا تحررها وزارة التموين، ولكن تتلقاها من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بوزارة الصناعة، وعن مقدار الوفر الذى حدث بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة قال، إن مقدار الطحن قبل تطبيق المنظومة كان يبلغ 750 ألف طن قمح شهريًا، بالإضافة إلى دقيق جاهز فى حدود 120 ألف طن، وبالتالى فإن إجمالى المستهلك للخبز شهريا كان فى حدود 870 ألف طن، وعن تطبيق المنظومة فأصبح فى حدود 760 ألف طن، وهناك سلع مجانية يحصل عليها المواطن مقابل نقاط الخبز الذى وفره فى حدود 6 مليارات جنيه.
وأخيراً كان سؤال وزير التموين والتجارة الداخلية عن وجود اختراقات فى منظومة الكروت الذكية، فأفاد أنه من الوارد وجود بعض الأخطاء التى تشوب عمل شركات الكروت الذكية، وهى تعمل فنياً من خلال وزارة التخطيط، وقدرة هذه الوزارة على السيطرة على تلك الشركات ليست فى وضعها المثالى، وهذا ليس تقصيرا من جانبها، وهذه الأخطاء يمكن أن تغضب الشعب وتدفعهم للخروج فى مظاهرات.
رد وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى على لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب
ومن جانبه رد الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، على تساؤلات اللجنة قائلاً: "دور الوزارة فى موضوع الخبز يتمثل فى الإشراف الفنى على منظومة الكروت الذكية عن طريق إدارة قاعدة البيانات الخاصة بها لصالح وزارة التموين، حيث إن الوزارة تعد مستشارًا فنيًا لوزارة التموين".
وأكد العربى وفقًا لتقرير اللجنة، أن وزارة التموين هى التى طالبت من وزارة التخطيط فى 23 مايو الماضى، بتوجيه شركات الكروت لتشغيل كروت القائمة السوداء، نظرًا لحلول شهر رمضان، ولم تحدد وقتاً آخر لإعادة إيقافها، وبالتالى فإن وزارة التخطيط لا تملك إيقافها مرة أخرى إلا بتعليمات جديدة من وزارة التموين.
وأفاد بأن جهاز الإحصاء أعلن أن نسبة المواطنين تحت خط الفقر 27,8% وهى النسبة المستحقة للدعم بخلاف من اقترب من خط الفقر، وبالتالى فإن حوالى 40% أو 50% من الأُسَر يجب أن تحميهم الدولة من الفقر، وهذا ما ستظهره الوزارة فى نهاية العام عند مراجعة قاعدة البيانات.
وأكد الدكتور أشرف العربى، أن وزارة التموين هى المعنية بكل ما يتعلق بالبطاقات من حيث الفتح أو الغلق أو الأضافة أو الحذف وليست وزارة التخطيط.
رد وزير الصناعة والتجارة الخارجية على لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب
وبسؤال اللجنة المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة الخارجية؛ قال إن الوزارة ليس لها علاقة بوقائع فساد القمح، وأن الأمر يتعلق بوزارة التموين التجارة الداخلية، فهيئة الرقابة على الصادرات والواردات ليس لها دور محورى فى منظومة القمح، بينما يقتصر دورها فقط على مراقبة الجودة والمواصفات، وليس لها علاقة بالكميات الواردة.
وذكر قابيل أنه اطَّلَع على القرار الوزارى رقم 64 لسنة 2016 الذى صدر فى 29 مارس، لكنه لم يوقع عليه.
وتابع أن الجميع أمام مشكلة كبيرة، ولكنه لم يجزم أنها مشكلة فساد فليس لديه كل المعلومات، ولكن هناك شىء لا يسير بالطريقة الصحيحة، كما أشار إلى أنه لابد من تحديد المشكلة، حيث أن نص المادة الثالثة من القرار الوزارى المشترك ينص على:
"يقتصر تسويق محصول القمح المنتج محلياً بموسم 2016 لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية على الجهات الآتية: بنك التنمية والإئتمان الزراعى، والجمعيات التعاونية التابعة لوزارة الزراعة، وشركات المطاحن التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، والشركة العامة للصوامع والتخزين".
رد الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات على لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب
وبسؤال اللواء علاء عبد الكريم، رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، قال إن الهيئة يقتصر دورها على فحص السِلَع وفقًا لأحكام القانون بالمنافذ الجمركية، والموانئ، والمطارات، وليس لها شأن بالتجارة الداخلية، فهى تبحث التجارة الخارجية عبر الحدود.
وأضاف أن القرار المشار إليه يتضمن ضوابط استلام القمح المحلى وإجراءات ما قبل الموسم، حيث أنه ليس للهيئة أى دور فى هذه الإجراءات، فالدور الأساسى تقوم به وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وتابع أن مرحلة استلام القمح تكون عن طريق لجنة رباعية برئاسة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لإدارة أعمال اللجنة وتنسيق الضوابط لكل المندوبين الموجودين، ولا يُسْمَح بالبدء فى الاستلام إلا بوجود جميع الأعضاء، ثم تحديد السعر بناءً على درجة نظافة القمح، وتحرر اللجنة محضر استلام مُوَقَّع عليه من جميع المندوبين، ثم يُسَلَّم لأمين الشونة (المندوب من قِبَل الشركة المسوقة لوزارة التموين)، ويوقع على محضر الفرز باستلام الكميات عن طريق اليوم المحدد، وإذا اكتملت السعة التخزينية يُحَرَّر محضر غلق، والذى يُرَاجَع فيه كل ما تم استلامه، وفى نهاية محضر الغلق يوقع أمين الشونة على إقرار استلام الكمية، بدرجات النقاوة فى المكان، ويتم التحفظ عليها لحين تسليمها للمطاحن.