حقائق خطيرة كشفها تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها البرلمان للتحقيق فى فساد منظومة توريد القمح، والذى انفرد "برلمانى" بنشره، تشير إلى وجود عمليات فساد ممنهج وواسع، فى العينة التى زارتها "اللجنة.
أولى تلك الحقائق التى كشف التقرير عنها، كانت أن المعاينة التى تقوم بها وزارة التموين، لم تكن سوى معاينات شكلية وغير منضبطة، حيث تبين للجنة أن السعات التخزينية للصوامع، والمذكورة فى هذه المعايانات كانت أكبر من السعة التخزينية الحقيقية لتلك الصوامع، مما يتيح لشركات الصوامع، إدراج كميات ضخمة من المخزون الوهمى وغير الحقيقى، ومن ثم التلاعب وتوريدها على الورق أيضا.
كما اكتشف التقرير شبهات تزوير فى كشوف الحصر الفعلى للزراعات، وهى الكشوف التى يتم تسليم القمح المحلى بمقتضاها، واتباع اسلوب يسمى "الكشف الدوار" حيث يستخدم هذا الكشف فى اجراءات التسليم الورقى.
ورجعت اللجنة اثناء عملها للإدارات الزراعية المثبتة فى الكشوف، وتبين أنها لم تقم بتوريد القمح لأماكن التخزين والشون المثبتة على الأوراق، بمعنى أن كافة اجراءات التوريد والتسليم كانت مزورة، وتم سداد مبالغ مالية على كميات لم يتم توريدها أصلا.
التقرير كشف عن وجود ثغرة خطيرة، تسمح لموظفى وزارة التموين بالتلاعب مع اصحاب الصوامع والشركات العامة للصوامع، حيث أن النظام يقتضى بأن يتم صرف القيمة المادية مقابل توريدات الاقماح لموظفين من الإدارة الزراعية، وذلك من خلال شيكات، إلا أن هؤلاء الموظفين حرروا توكيلات لأصحاب أماكن التخزين يجيز لهم إصدار الشيكات باسمهم، وصرفها من البنوك، ورصدت اللجنة فى أحد مواقع التوريد وجود توكيلات لأحد اصحاب اماكن التخزين، اتاح له كتابة شيك لنفسه بمقدار 540 مليون جنيه.
الفساد أشار إلى أن الشركة القابضة لم تستغل سوى مساحة 29% فقط من المساحة المتاحة للتخزين، إلا أنها رغم ذلك استمرت فى التعاقد مع شون وصوامع أخرى وهو ما أدى إلى تحمل الشركة لخسائر كبيرة، نتيجة إيجار صوامع خاصة ليست فى حاجة لها، وهو ما يثير الشكوك؛ حسبما رأت اللجنة.
وفى هذا الشأن أيضا، تبين أن الوزارة تعاقدت مع أماكن تخزين سبق اتخاذ اجراءات قانونية ضدها، بعدما قام ملاكها بتعديل اسمها التجارى، وإبرام تعاقدات صورية مع بعض الأشخاص كي يتحملوا المسئولية الجنائية بشأن المخالفات التى يتم ضبطها.
وكَذَّبَت اللجنة فى تقريرها تصريحات وزير التموين السابقة، والتى قال فيها إنه لا وجود لخلط بين القمح المستورد والمحلى، حيث كشفت اللجنة من خلال تقارير معامل وزارة الزراعة، وجود خلط بين الأقماح المحلية لعام 2016 مع الأقماح القديمة والمستوردة، ولأجل إخفاء هذه الخطوة عن أعين الأجهزة الرقابية، قام أصحاب الشون بـ "رص" أجولة القمح خلافا للضوابط.
واتهمت اللجنة وزارة التموين صراحة، بوجود خلل واضح وبين يصل إلى درجة التواطؤ فى عملية الرقابة على جميع مراحل منظومة توريد وتسليم القمح.
الأمر لم يقف عند حد توريد كميات وهمية، ووقائع الفساد المذكورة أعلاه، بل وصل إلى التهرب الضريبى، فقد اكتشفت اللجنة أن نحو 10 من الشون والصوامع التى زارتها لا تمتلك أصلا سجل تجارى رسمى، أو بطاقة ضريبية، بمعنى أنها خارج المنظومة الضريبية بشكل كامل بما يعتبر جريمة تهرب ضريبى يعاقب عليها القانون، كما أن عقودا بالبيع مسجلة وغير مسجلة، حررت باسماء اشخاص وهميين لتحميلهم المسئولية القانونية، بما يصطلح عليه بإسم "الكحول".
واكتشفت اللجنة وجود شون قمح دون حراسة، وكذلك وجود اقماح فاسدة وتستشرى بها الحشرات بشكل واضح.