ضم القسم الثالث من تقرير لجنة تقصى الحقائق البرلمانية المشكلة لمتابعة الفساد فى ملف توريد القمح، والذى انفرد "برلمانى" بنشره أمس الأربعاء، تفاصيل جلسات الاستماع التى نظمتها اللجنة، وضمت المسؤولين والخبراء المعنيين بمنظومة القمح، وكشفت تصريحاتهم عن وجود شبكة علاقات متشعبة لمؤجرى الصوامع داخل وزارة التموين والتجارة الداخلية، ووجود مخالفة فى عقود شون وصوامع بلومبرج، كما فتح رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة النيران على وزارة التموين، مؤكّدًا أن الزراعة طلبت من التموين بيانًا بأماكن استلام الأقماح للإعلان عنها للمزارعين وتوجيههم لها، ولكن وزارة التموين أرسلت بيانًا بأماكن استلام غير حقيقة.
القابضة للصوامع: الشركة لم تتعرض لضغوط ونعاين المواقع التخزينية قبل التعاقد
فى هذا الإطار، أكد محمود عبد العزيز، رئيس الشركة القابضة للصوامع والتخزين، أن الشركة لم تتعرض لضغوط للتعاقد مع شون وصوامع معينة، مشدّدًا على أن التعاقد مع المواقع التخزينية يتم بعد المعاينة من مديريات التموين.
من جانبه، قال أمين محمد سليم، عضو مجلس متفرغ للشؤون المالية والإدارية بالشركة القابضة للصوامع والتخزين، أن الشركة شغلت 18 صومعة بسعة إجمالية 540 ألف طن، مؤكّدًا أنهم قاموا بتشغيل صومعة برج العرب تحت الاختبار بسعة إجمالية 165 ألف طن، وبإضافتها فإن السعة التخزينية لصوامع الشركة بلغت 705 آلاف طن.
وكشف "سليم" عن وجود معوقات فى استلام شون "بلومبرج"، مؤكّدًا أن معدلات إنتاج المنظومة أقل من المتفق عليها فى التعاقد، ومن ثم صدرت تعليمات خلال الموسم بتشغيل الشون بدون المنظومة، ومحاولة التخزين فيها، وتم استلام 30 هنجرًا.
فيما أفادت المهندسة كريمة بيومى شديد، رئيس قطاع التخزين بالشركة العامة، بأن الشركة لديها مخازن بالإسكندرية ودمياط وسفاجا وشبرا وإمبابة، وتم تخزين 136 ألف طن هذا العام فى مخازن السلام فى الإسكندرية، مؤكدة أنه لا يوجد سعات تخزينية لتخزين القمح المحلى، ولا يوجد صوامع لقطاع الأعمال، منوهة بأن ذلك يعد إهدارًا للمال العام.
وأضافت كريمة بيومى، أنها رصدت فى الموسم الحالى توريد القمح المستورد على أنه محلى، ولاحظت تزايد الطلب على القمح المستورد بين التجار بالتزامن مع توريد القمح المحلى قبل موسم التوريد مباشرة، حتى تتم الاستفادة من فارق السعر، إذ إن هناك عقود تسويق بين صوامع القطاع الخاص والشركات المسوقة، إضافة إلى أنه يتم خلط القمح المحلى بالقمح المستورد.
وأشارت رئيس قطاع التخزين بالشركة العامة، إلى أنها لم تحصل على قرارات مكتوبة، لكن وردها قرار بعدم الالتزام فى حصة المطحن ومضمون دفع قيمة القمح فى البنك المركزى لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية، معترضة على أن تكون التصفية الصفرية هى الطريقة الوحيدة لحساب قياس القمح، مشدّدة على أن القياس التقريبى من خلال المعادلات الحسابية، حتى يتضح وجود عجز من عدمه، إذ إن طريقة التصفية الصفرية يمكن أن تؤدى إلى التلاعب فى قياس القمح من صرف وهمى كما تم إثبات عمليات توريد وهمى.
لجنة تقصى الحقائق تستمع لمدير إدارة الصوامع بوزارة التموين
كما استمعت لجنة تقصى الحقائق البرلمانية إلى نادية صلاح الدين، مدير إدارة الصوامع والتخزين بوزارة التموين، ومصطفى حامد مدير مركز التدريب فى برقاش، اللذين أكدا أن إدارة الصوامع والتخزين ليست لهما علاقة بالعقود المبرمة، والمسؤول عن هذه العقود هما الشركتان: القابضة للصوامع، والعامة للصوامع، وهما مسؤولتان أيضًا عن تحديد السعة التخزينية للصوامع والشون، مقترحين أن يتم فصل الطحن عن التخزين كى لا يسحب المطحن من صومعته أو شونته.
وأكدت نادية وحامد فى حديثهما للجنة تقصى الحقائق، أن السبب الذى دفعهما للطحن على النقرة هو عدم وجود مخزون من القمح المحلى والمستورد، نتيجة نقص السيولة من الهيئة العامة للسلع التموينية، وهو ما تسبب فى طحن كمية كبيرة من التراب، وأضافا أن السعات التخزينية لصوامع القطاع العام تم ملؤها بالكامل، فى حين أن الثابت لدى اللجنة أنه لم يتم استغلال أكثر من 25% منها.
وقالت مدير إدارة الصوامع والتخزين بوزارة التموين، إن هناك مجموعة من المؤجرين لهم علاقات متشعبة فى وزارة التموين، وهو ما يشكل ضغوطًا كبيرة على قيادات الشركة، كما اتهمت بنك التنمية والائتمان الزراعى بالتقاعس عن مد الكهرباء والخدمات لمواقع الشون، مشدّدة على وجود مخالفات فى عقد شون وصوامع بلومبرج، إذ إن العقد تم بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، ولم يتم طرح كراسة الشروط والمواصفات، وتم التعاقد بالإسناد المباشر، ولم يتم الحصول على تأمين من الشركة، سواء كان نقديًّا أو بخطاب ضمان وعدم وجود غرامات فى تأخير العقد.
من جانبه، أفاد سيد القصير رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى، بأن البنك يمتلك 6 صوامع و82 هنجرًا فى عدة أماكن بمحافظات الجمهورية، منها ما تم تشغيله وما هو تحت التأسيس، وهو ما يرجع إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المعنية بتطوير الشون الترابية، مؤكّدًا أنه تم توصيل الكهرباء لعدة مواقع تم تطويرها على حساب البنك، وتوصيلها لأخرى لعدم الانتهاء من تجهيزها، وتقع مواقعها أسفل خطوط الضغط العالى مع عدم وجود معدات بالموقع.
وأضاف "القصير"، أن وزارة التموين هى المسؤولة عن معاينة وتحديد السعة التخزينية وصلاحية الموقع، ولا يتم التوريد لهذه المواقع إلا بعد معاينتها من قبل وزارة التموين، ويحرر محضر إغلاق حال انتهاء سعتها التخزينية، مؤكّدًا أن دور البنك ينحصر فقط فى استلام الأقماح وفق السعة التخزينية، طبقًا للجنة المشكلة بقرار وزارى، مؤكّدًا أن العمولة التى يتقاضاها البنك نظير التوريد يتم صرف نسبة منها للجمعيات كحافز تشجيعى لزراعة القمح.
بنك التنمية الزراعى: وصلنا التيار الكهربائى لـ52 موقعا من مواقع بلومبرج
وأشار رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى، إلى أن البنك عمل على توصيل التيار الكهربائى لـ52 موقعًا من المواقع التى تم تجهيزها من جانب شركة "بلومبرج"، على حساب البنك، رغم أن التعاقد ينص على أن تكلفة التطوير تقع كاملة على عاتق مطور الموقع "المستأجر" وليس المالك.
وبدوره، فتح الدكتور أحمد أبو اليزيد، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة، النيران على وزارة التموين، مؤكّدًا أن الوزارة طلبت من التموين بيانًا بأماكن استلام الأقماح، للإعلان عنها للمزارعين وتوجيههم لهذه الأماكن، بينما أرسلت وزارة التموين بيانًا بأماكن استلام غير حقيقة ولم يتم الانتهاء من العمل بها، ضاربًا المثال بقوله: "ذكرت وزارة التموين والتجارة الداخلية جاهزية هناجر بلومبرج، وعددها 150 هنجرًا، إضافة إلى صوامع المنجة الإماراتية الـ20، وهو غير حقيقى، مؤكّدًا أنه عند بدء الاستلام الحقيقى للأقماح وجدنا أن أماكن الاستلام الجاهزة 100 موقع، وهو ما تسبب فى حدوث تكدس واختناقات، وهو ما حذرت منه وزارة الزراعة.
لجنة تقصى الحقائق تلتقى ضباط مباحث التموين بالدقهلية
كانت لجنة تقصى الحقائق البرلمانية حول ملف الفساد فى منظومة توريد القمح، قد التقت عددًا من ضباط مباحث التموين بمحافظة القليوبية، الذين ضبطوا قضايا فساد فى توريد القمح وتهريب الدقيق فى اجتماعها بتاريخ 9 يوليو 2016، وكان على رأسهم اللواء الدكتور أشرف قنديل، وقد أكد الضبط خلال اللقاء على أن التوريد يتم عن طريق تعاقد صاحب الصومعة مع الجمعيات الزراعية والمزارعين لتوريد كميات من القمح وتشكيل لجنة لاستلامها برئاسة عضو من الهيئة العامة للرقابة، على أن يوقعوا على محضر استلام للتخزين فى الصومعة لحساب وزارة التموين، ثم يقوم صاحب الصومعة بإرسال كميات القمح التى يصدر لها أوامر توريد.
وتابع ضباط مباحث تموين القليوبية شهادتهم، بالإشارة إلى أن من بين المخالفات التى تحدث مع صاحب الشونة أو صاحب الصومعة، أن يتم توريد قمح مستورد على أنه قمح محلى، لتغطية العجز فى كمية القمح المحلى الموجودة بالصومعة أو الشونة، ثم يتم اقتسام الأرباح، مشيرين إلى أن نظام صرف الخبز بالكروت الذكية يكمل دورة الفساد، إذ يحدث تلاعب عن طريق شركات الكروت الذكية، وتتم عمليات بيع وهمية تجرى على ماكينات المخابز، وقد ضبطت الجهات الرقابية عمليات تصرف فى دقيق دون إنتاج خبز، وصرف دقيق لمخابز بنظام الأجل بدون حد أقصى، إضافة إلى وجود ازدواج فى صرف البطاقات المستخرجة بدل فاقد أو تالف، ووجود عمليات اختراق للمنظومة الإلكترونية وغياب الرقابة والمتابعة الجادة.
وحدة غسيل الأموال: بلاغات عديدة ضد شركة "سمارت" بسبب إهدار 200 مليون جنيه شهريا
كما أفاد المقدم علاء شلش، الضابط بوحدة غسيل الأموال بالإدارة العامة لمباحث التموين، بتقديم بعض المواطنين بلاغات ضد شركة "سمارت"، متهمين إياها بتزوير أعداد المستفدين بها بدون أرقام قومية، زيادة وهمية على 2684 بطاقة لمصلحة 9 مواطنين، ورصد ازدواج صرف لأكثر من مليون بطاقة وإهدار مبالغ طائلة تتجاوز 200 مليون جنيه شهريًّا.
وفى هذا الإطار، قال السيد محمد كامل عبد الغنى، العضو المنتدب المالى والإدارى لشركة مطاحن جنوب القاهرة سابقًا: "هناك عمليات طحن وهمية بمطاحن القطاع العام والخاص، وخلط القمح المحلى بالمستورد، والاستفادة من فارق السعر الذى يصل إلى 1000 جنيه فى الطن".
من جانبه، أفاد جمال السيد أحمد شحاتة، مدير مديرية التموين بمحافظة القليوبية، بأن المحافظة تورد ما بين 60 و100 ألف طن، ولكن فى عام 2015 تم توريد 420 ألف طن، وهو ما لا يوازى المساحة المزروعة من القمح، ويوجد فارق يقدر بـ300 ألف طن، وتم ضبط سيارة محمّلة بها 65 ألف طن من القمح المستورد.