البرلمان يُدين "حنفى" والحكومة تشكره!

فى مفاجأة كبيرة وغير متوقعة، وجه مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، فى اجتماعه اليوم الخميس الشكر والتقدير إلى الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة والداخلية المستقيل، وذلك لما ساهم به من مبادرات وما بذله من جهود خلال توليه المسئولية، وأعرب المجلس عن تمنيه له بالتوفيق فى حياته العملية، مشيدًا بالإسهامات التى حققها وزير التموين فى إصلاح منظومة دعم الخبز، وتطوير المجمعات الاستهلاكية وتوسيع دائرة المنافذ الخاصة ببيع السلع الأساسية والتموينية.

هل تحترم الحكومة مجلس النواب؟

ما فعله مجلس الوزراء فى اجتماعه اليوم يضعنا أمام سؤال واضح وصريح: "هل تحترم الحكومة مجلس النواب وقراراته وتقرير لجانه؟"، وبغض النظر عن الإجابة، فنحن أمام موقف غريب للغاية، فتقرير لجنة تقصى حقائق فساد القمح والذى ضم أكثر من 75 ورقة ومفرقات تتجاوز 500 صفحة عبارة عن محاضر وتقارير ونتائج فرز وشهادات موثقة من شركة القياس المعتمدة، بالإضافة إلى شهادات من استمعت إليهم اللجنة خلال زياراتها، وكشفت فيها اللجنة كواليس الفساد والتلاعب بقوت الشعب فى 11 صومعة فقط فى 9 أماكن من أصل 517، وهو ما يعنى 2% فقط من الصوامع والأماكن المخصصة للقمح فى مصر، وبحسبة بسيطة إذا كان حجم الفساد الذى رصدته اللجنة فى هذه الصوامع يصل إلى 566 مليون جنيه، فإن تعميم هذه النسبة على كل المواقع والصوامع قد يصل بفاتورة الفساد إلى 28 مليار جنيه، وإذا كان دعم رغيف الخبز فى الموازنة يصل إلى 130 مليار جنيه فإن الفساد يأكل ثلث دعم الخبز تقريبا.

هل استقالة وزير التموين ترضى أعضاء لجنة تقصى الحقائق؟

بعد واقعة الشكر، ما هو موقف أعضاء لجنة تقصى الحقائق بعد ما ذكروه فى تقريرهم من تحميل وزير التموين المسئولية السياسية والجنائية حول ما حدث وخاصة خطابه الشهير إلى النائب العام من أجل الإفراج الفورى عن المتورطين فى قضايا الفساد؟ وهل كانت الاستقالة مناورة من الحكومة للتضحية بخالد حنفى من أجل إسقاط الاستجوابات المقدمة ضده والتى قد تكون سببا فى سحب الثقة من الحكومة بأكلمها؟


فى النهاية علينا أن نبحث عن السؤال الأهم: هل تحترم الحكومة مجلس النواب؟، أتمنى أن أجد الإجابة من أعضاء لجنة تقصى الحقائق، وحتى لا نجد أنفسنا نسأل السؤال الصعب، هل يحترم مجلس النواب نفسه؟، ويطالب الحكومة بتوضيح أسباب توجيه الشكر إلى وزير التموين، لأن الأمر أصبح يبدو وكأنه لعبة من الحكومة لغض الطرف عن فساد القمح والابتعاد عن الجرائم الجنائية المذكورة فى التقرير.