أثارت وزارة التضامن الاجتماعى حالة من الجدل واللغط والاعتراضات الواسعة، فى أوساط المجتمع المدنى والمهتمين بالجمعيات الأهلية وحقوق الإنسان، بسبب خطاب أرسلته لمؤسسة "حابى لحقوق البيئة"، تخطرها فيه بقرار الوزارة عدم السماح لأيّة مؤسسة مدنية بعقد ندوة أو فعالية إلا بعد موافقة إدارة الأمن القومى بالوزارة، وقبل موعد الفعالية بشهر ونصف الشهر على الأقل، وهو القرار الذى فجّر غضب المنظمات الحقوقية، وأثار حالة خوف من النص على هذا المضمون فى مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، وعلى هذه الخلفية خاطب المجلس القومى لحقوق الإنسان، وزارة التضامن الاجتماعى، رافضًا تلك المذكرة، ومؤكّدًا ضرورة الحذر من عدم إدراج ذلك فى مشروع القانون الجديد، حتى لا يمثّل خطرًا على حرية الجمعيات الأهلية.
المجلس القومى لحقوق الإنسان يرسل مذكرة لـ"التضامن" رافضا قرار الوزارة
فى هذا الإطار، قال كمال عباس، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن المجلس أرسل مذكرة لوزارة التضامن الاجتماعى رافضًا موقفها الأخير، بعد تقدم مؤسسة "حابى لحقوق البيئة" بشكوى للمجلس بشأن خطاب الوزارة لهم بعدم السماح بعقد ندوة أو فعالية إلا بعد موافقة إدارة الأمن القومى بالتضامن الاجتماعى قبلها بشهر ونصف الشهر.
وأشار "عباس" فى تصريح لـ"برلمانى"، إلى أن المجلس أكد رفضه لهذا الأمر بشكل بات، معتبرًا أنه تهكم صريح على حقوق الجمعيات الأهلية، متابعًا: "إزاى جمعية هتبلغ وزارة بأى اجتماع تعمله، وكمان قبلها بشهر ونص، ده حقها طالما مشهرة رسميًّا، ولازم مشروع قانون الجمعيات الأهلية يعالج أى التباس فى النقطة دى، حتى لا تتكرر تلك الأزمة مجدّدًا".
عبد الغفار شكر: لا من حق البرلمان ولا الوزارة النظر فى الشؤون الداخلية للجمعيات
فى السياق ذاته، قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن وزارة التضامن الاجتماعى ليس لها حق المطالبة بإخطارها بمواعيد اجتماعات وفعاليات الجمعيات الأهلية، مشدّدًا على أن تلك المؤسسات جمعيات مستقلة، وإشراف الوزارة عليها لا يعنى التدخل فى شؤونها الاجتماعية.
وأضاف نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان فى تصريح لـ"برلمانى"، قائلاً: "لا من حق البرلمان ولا وزارة التضامن الاجتماعى النظر فى الشؤون الداخلية للجمعيات والتدخل فى عقد الندوات، وعلى قانون الجمعيات الأهلية وضع نقاط صارمة تحد من أى تدخل حكومى يهدد حرية واستقلال تلك الجمعيات".
حافظ أبو سعدة: نتخوف من النص على هذا الأمر اللائحة التنفيذية للقانون
من جانبه، اعتبر حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن قرار وزارة التضامن الأخيرة بشأن ضوابط عقد ندوات وفعاليات فى مؤسسات المجتمع المدنى، خطر على الجمعيات الأهلية، وعلى مشروع القانون الجديد، لافتًا إلى أن وزارة التضامن لها حق متابعة الجمعيات والإشراف عليها ومطالبتها بإرسال خطط عملها بداية كل عام.
وأشار حافظ أبو سعدة فى تصريح لـ"برلمانى"، إلى أنه رغم عدم النص على هذا الأمر فى مشروع قانون الجمعيات الجديد، إلا أنه يتخوف من وروده فى نص اللائحة التنفيذية للقانون، التى يضعها الوزير المختص عقب إقرار القانون من البرلمان، لهذا يجب الضغط على الحكومة من أجل عدم تمرير هذا الأمر، إذ لا يجوز وضع قيود على عمل الجمعيات الأهلية.
مارجريت عازر: الوزارة لها حق الإشراف المالى والإدارى فقط على الجمعيات
من جانبها، أبدت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، دهشتها من خطاب وزارة التضامن الاجتماعى بشأن قرارها الجديد فيما يخص عمل الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى، لافتة إلى أن الوزارة لها حق الإشراف المالى والإدارى على الجمعيات ومتابعة أوجه الصرف فقط.
وأشارت وكيل لجنة حقوق الإنسان فى تصريح لـ"برلمانى"، إلى أنه قد تكون هناك شبهة مرتبطة بنشاط المؤسسة المعنية والموجه لها الخطاب جعلت الوزارة تصدر هذا القرار، ولكن لا يجب تعميم الأمر، لافتة إلى أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية سيعالج أى التباس فى هذا الشأن.
أبو حامد: من حق وزارة التضامن متابعة أنشطة الجمعيات
فى السياق ذاته، قال النائب محمد أبو حامد، عضو لجنة التضامن والأسرة والأشخاص ذوى الإعاقة بمجلس النواب، إنه يؤيد أحقية الوزارة فى متابعة أنشطة الجمعيات الأهلية إن كانت تحوم حولها شبهة ما، وكل ما يحدث الآن من إجراءات هى اجتهادات إلى أن يصدر القانون الجديد لتنظيم عمل الجمعيات، والذى سينص صراحة على أوضاع الجمعيات وحقوقها وحقوق الوزارة فى الرقابة عليها.
وأضاف "أبو حامد" فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن ما حدث مع مؤسسة "حابى لحقوق البيئة"، وإخطار وزارة التضامن لها بعدم السماح بعقد ندوة أو فعالية دون إخطارها والحصول على موافقة إدارة الأمن القومى بالوزارة قبلها بشهر ونصف الشهر، قد يكون نتيجة وجود شكوك طريقة إدارتها أو عملها، وهذا أمر يحق للوزارة.
وأشار عضو لجنة التضامن فى تصريحه، إلى أن هناك اعتبارين أساسيين يجب أن يحكما مناقشات مشروع القانون الجديد فى لجنة التضامن تحت القبة، أولهما تدعيم مؤسسات المجتمع المدنى والاستفادة من وجودها فى خطط التنمية المختلفة التى تعمل عليها الدولة، والثانى هو سد أيّة ثغرات يُسْتَغَل من خلالها المجتمع المدنى للتدخل فى شؤون مصر، سواء فيما يخص التمويل الخارجى أو غيره.
مؤسسة حابى: ندرس رفع دعوة قضائية بعد رسالة الوزارة
بدوره، قال أحمد حسنى، عضو اللجنة القانونية بمؤسسة حابى لحقوق البيئة، إن المؤسسة تلقت خطابًا من وزارة التضامن الاجتماعى، تطالبها فيه بإبلاغها بأى ندوة أو فعالية ستعقدها المؤسسة، قبل شهر ونصف الشهر من موعدها، وأنها لن تسمح بأية أنشطة لم تُخطَر بها، مشيرًا إلى أن الأمر أثار دهشة المؤسسة.
وأضاف "حسنى" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن المؤسسة تقدمت بشكوى للمجلس القومى لحقوق الإنسان، كما تبحث رفع دعوى قضائية تختصم فيها الوزارة، لأن قرارها الأخير مخالف للقانون، وغير مقبول، باعتباره يفرض قيدًا جديدًا على عمل الجمعيات الأهلية.