باتت تعديلات قانون الكسب غير المشروع من القوانين التى أثارت جدلاً كبيراً خلال طرحها فى البرلمان الفترة الماضية، وتحديداً على مائدة اجتماعات اللجنة التشريعية، حيث انتهى بها المطاف إلى رفض التعديلات المقدمة من وزارة العدل على القانون، ومطالبة الوزارة بإعداد مشروع قانون جديد متكامل بشأن الكسب غير المشروع.
وبحسب مصادر بوزارة العدل كشفت لـ"برلمانى"، فإن قسم التشريع بالوزارة بالفعل يعكف على إعداد مشروع قانون جديد للكسب غير المشروع تمهيداً لتقديمه للبرلمان خلال دور الانعقاد الثانى، والمقرر بدءه فى 2 أكتوبر المقبل.
مشروع قانون جديد للكسب غير المشروع أمام البرلمان فى دور الانعقاد الثانى
القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع من القوانين الهامة التى ستكون مطروحة على البرلمان فى دور الانعقاد الثانى، هذا ما يؤكده المصدر، مشيراً إلى أن القانون يحتاج إلى تعديل بحيث يشمل توسيع دائرة الخاضعين تحت أحكامه لإحكام الرقابة والمساءلة حول التربح وتضخم الثروات بشكل غير مشروع.
وتابع المصدر، أن التعديلات السابقة التى قدمتها الوزارة أمام البرلمان كانت تنص على إخضاع فئات جديدة تحت طائلة القانون بخلاف موظفى الدولة أو الموظفين العموميين، وهى الفئات التى كان منصوص عليها القانون رقم 34 لسنة 1971 بشأن فرض الحراسة، وكانوا يخضعون لجهاز المدعى العام الاشتراكى الذى تم إلغاؤه، وهم تجار المخدرات وغسيل الأموال وأصحاب شركات توظيف الأموال وفئات أخرى.
وأشار المصدر من ضمن ما كان يجب تعديله أيضا هى سد الثغرة المتعلقة بإمكانية تلاعب المتهمين إذا ما اتخذ معه إجراءات للتصالح، وذلك بوضع مدة كحد أقصى لانتهاء عمليات التصالح حتى لا يكون هناك مماطلات.
تشريعية النواب: ننتظر مشروع الوزارة لمناقشته
من جانبه قال النائب إيهاب الطماوى أمين سر اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن قانون الكسب غير المشروع سيكون مطروحاً على البرلمان فى دور الانعقاد الثانى، مشيراً إلى أن الموقف الأخير بعد رفض التعديلات التى كانت قد تقدمت بها وزارة العدل على القانون، هو أن تعد الوزارة قانوناً جديداً متكاملاً كما طلبت اللجنة التشريعية، حيث إن سبب رفض التعديلات هى أن اللجنة أرادت أن تقدم الوزارة مشروعا متكاملا وليس مجرد تعديلات، مضيفاً أن المجلس فى انتظار مشروع القانون الجديد من وزارة العدل ووقتما يتم إرساله سيكون على أولوية عمل اللجنة التشريعية.
شوقى السيد: القانون الحالى لا يواكب التغيرات ولابد من إعداد مشروع متكامل
الدكتور شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى، قال إن قانون الكسب غير المشروع الحالى صادر منذ سنوات طويلة، ونصوصه القائمة لم تعد تواكب التغيرات فى البلاد، وفى نفس الوقت المشروع الذى أعد التعديلات الأخيرة التى طرحت بالبرلمان، عدل بعض المواد وليس كل النصوص وهو ليس مطلوباً، مشيراً إلى أنه بعد هذه السنوات لابد من إعداد مشروع جديد.
وأضاف السيد، أن القانون القائم هناك تداخل بين النيابة العامة والكسب غير المشروع، ما ينتج عنه ازدواجية فى الإجراءات، بمعنى أننا قد نجد بلاغ واحد يحمل نفس الواقعة يحقق فى النيابة العامة وفى جهاز الكسب غير المشروع، ونجد قرارا صادرا من هنا، وآخر من هناك، بالتالى لابد أن يكون هناك حدود فاصلة بين جرائم الكسب غير المشروع وجرائم الاعتداء على المال العام.
وأكد السيد، أن تعديلات القانون غير مطلوب أن تكون تعديلات جزئية، والأفضل أن تكون هناك رؤية شاملة للقانون والفلسفة التى يقوم عليها، مطالبا بتوسيع دائرة نطاقه لتشمل موظفى الدولة وغير الموظفين، وكذا أن يكون هناك تعريف يحدد بشكل قطعى تعريف الكسب غير المشروع والعقاب الصارم.
أما ما يتعلق بالتصالح قال أستاذ القانون الدستورى، "لابد أن تكون هناك شروط محددة وصارمة للتصالح وأن يتبع عملية التصالح مجموعة من الإجراءات العقابية حتى لا تتكرر جرائم الكسب غير المشروع".
التعديلات التى طرحتها وزارة العدل ورفضها البرلمان
وضمت تعديلات قانون الكسب غير المشروع والتى جاءت فى المشروع المقدم منها ورفضته اللجنة التشريعية عدد من النقاط أهمها، تغليظ بعض العقوبات المتعلقة بعدم تقديم إقرارات الذمة المالية، وجرائم استغلال النفوذ، وتضخم الثروات بشكل غير مشروع، وكذا توسيع نطاق الخاضعين للقانون للمحاسبة بواسطته لتشمل تجار المخدرات، وأصحاب شركات توظيف الأموال، وغاسلى الأموال، وتجار العملة، وممولى الإرهاب والجماعات الإرهابية.
وكذا النص على أن يكون التقادم بالنسبة لارتكاب الجريمة 10 سنوات، وتحديد فترة عام كحد أقصى للتصالح، ونصت التعديلات أيضا على دفع غرامات تحدد بنسب مئوية سنويا حال التأخر عن السداد فى المواعيد المحددة، كما تشمل التعديلات اقتضاء المبالغ المستحقة على الشخص من الورثة.
تعديلات سابقة أجريت على القانون
يذكر أن هناك تعديلات أدخلت على قانون الكسب غير المشروع فى أغسطس 2015، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا رقم 97 لسنة 2015، والخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع.
وتضمنت التعديلات على أنه يجب أن يشتمل أمر المنع من التصرف على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على قيمتها، وإضافة العائد لحساب المتهم أو من شملهم أمر المنع، بعد خصم مصاريف الإدارة الفعلية بما لا يجاوز (10%) لصالح إدارة الكسب غير المشروع.
ونصت المادة 13 مكررًا أنه يجوز للهيئة المختصة بالفحص والتحقيق عند الضرورة أو عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام فى جناية الكسب غير المشروع، أو فى جريمة إخفاء الأموال المتحصلة منها أن تطلب من النيابة العامة منع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول، وللممنوع من السفر أو المدرج على قوائم الترقب أن يتظلم من هذا الأمر أمام محكمة الجنايات المختصة خلال 15 يومًا من تاريخ علمه به، فإذا رفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جيد كلما انقضت 3 أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم.
كما نصت المادة 14 مكررًا، أنه يجوز طلب التصالح من المتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص به لأى منهما فى مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع برد ما تحصل عليه المتهم من الكسب غير المشروع فى أية صورة كان عليها.