السبت، 23 نوفمبر 2024 02:24 ص

البطل المصرى إبراهيم حمدتو يصنع معجزة فى عالم الرياضة.. لاعب تنس الطاولة المحلق بجناحين من نور.. حضور مشرق وأداء مبهر يلون عيون العالم.. فقد ذراعيه قبل 33 سنة فصنع الآية بالقدم والفم

حمدتو.. أنت فى أعيننا بطل رغم الخسارة

حمدتو.. أنت فى أعيننا بطل رغم الخسارة حمدتو.. أنت فى أعيننا بطل رغم الخسارة
السبت، 10 سبتمبر 2016 10:30 م
كتب برلمانى
الاستثنائيون فى هذا العالم قليلون، فالكوكب الذى يحمل مئات الملايين من الناس، متعددى الملامح والصفات والقدرات والهويات، لا يعرف من النماذج التى لا شبيه لها ولا سمّىّ إلا أسماء معدودات، يمكنها أن تستحوذ على الألباب والأبصار وتصنع الدهشة التى لا حدود لها، ومن هذا الصنف البطل المصرى إبراهيم حمدتو، الذى يشارك فى بطولة الألعاب البارالمبية "دورة الألعاب الأولمبية للمعاقين" التى تستضيفها مدينة ريو دى جانيرو البرازيلية خلال الفترة الحالية، والذى يصنع معجزة فريدة ومثيرة وملفتة للأنظار وخلابة للعقول، على المربع الخشبى الصغير للعبة تنس الطاولة، تتصدر فيها العزيمة وملامح الإصرار، مستخدمة مضربًا وكرة وقدمًا وصفى أسنان، ليحلق بجناحين من نور، بديلاً عن ذراعين فقدهما ولكنهما لم يُفقداه العزيمة والإصرار والقدرة على صناعة أسطورته الخاصة.



البطولة الاستثنائية.. تحية لـ"حمدتو" رغم الخسارة


لا تحتاج الأفعال الاستثنائية إلى آية أو دليل للبرهنة على عظمتها وإثارتها للدهشة، لهذا لن تملك إلا أن تنحنى احترامًا وتقديرًا للاعب إبراهيم حمدتو على ما يصنعه من أسطورة وإعجاز فى عالم الرياضة والتحدى والإصرار، حتى وأنت تقرأ خبر خسارته فى أولى مبارياته بدورة الألعاب البارالمبية أمام منافسه البريطانى ديفيد ويثيريل المصنف فى المركز الرابع عالميًّا، بثلاثة أشواط دون رد، ثم خسارته أمام الألمانى توماس راو، فى المباريات الأولى بدور المجموعات فى منافسات الفئة السادسة.

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(1)

الحقيقة أن النتيجة ليست عاملا حاسمًا فى هذه القصة المبهرة التى تتشكل أمامنا فصلا فصلا وتنتزع إعجاب العالم ودهشته، فـ"حمدتو" ليس مجرد شخص معاق يحقق حضورًا مميزًا فى محفل رياضى، ولكنه اللاهب الوحيد فى العالم الذى يمارس تنس الطاولة ويخوض منافساتها الدولية باستخدام فمه.

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(2)

إبراهيم حمدتو.. حكاية استثنائية من القطار إلى تنس الطاولة


اللاعب المصرى المدهش إبراهيم حمدتو، صاحب البصمة الخاصة والتجربة المثيرة والأسطورة المتحركة فى عالم الرياضة وتنس الطاولة، فقد ذراعيه منذ طفولته على خلفية حادث قطار، ورغم هذه الإصابة التى كانت كافية للإطاحة بحلم أى إنسان عادى فى ممارسة رياضة تعتمد بالأساس على اليدين، وسجن آخرين فى دائرة العادية والاستكانة والهزيمة، شق "حدتو" طريقًا مغايرًا، واختار أن يواصل صنع أسطورته على طاولة رياضية، لا يملك الأداة الأولى للعب عليها، اليدين، ولكنه يملك من الموهبة والإصرار والتحدى والعزيمة ما يكفى لصنع جناحين من نور.

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(4)

بعد سنوات من التحدى والإصرار وصنع الأسطورة الشخصية على غير مثال سابق أو نموذج معتمد، نجح إبراهيم حمدتو صاحب الـ43 سنة فى التوقيع بحروف من نور فى دفاتر الرياضة فى العالم، كأول لاعب تنس طاولة فى تاريخ الألعاب البارالمبية يخوض المنافسة بشكل غير تقليدى، قابضًا بفكيه على مضربه ورافعًا الكرة بقدمه، فى عرض بالغ الدقة والدهشة والرهافة وإثارة المشاعر.

رحلة البحث عن الذات.. من كرة القدم إلى كرة الطاولة


قبل 33 سنة تعرض البطل إبراهيم حمدتو، ابن محافظة دمياط، لحادث القطار الذى أطاح بذراعيه، ما أثر على حالته النفسية وعلاقته بالعالم لسنوات تالية، قبل أن ينجح أصدقاؤه وجيرانه فى النفاذ إليه واختراق عزلته عبر بوابة الرياضة، فبدأ نشاطه على البساط الأخضر الممتد لكرة القدم، وساعده فى هذا أن الحادث لم يطل من جسمه إلا الذراعين، ولكن مع الوقت لم تستهوه اللعبة، كما أنه اكتشف أن ذراعيه كانا رمانة الميزان وعنصر التوازن الذى يحفظ له بقاءه منتصبًا فى الملعب ويعصمه من السقوط السهل، ليتحول فى مرحلة تالية من كرة القدم إلى تنس الطاولة، بمحدودية مساحة الملعب الذى تمارس عليه وحاجتها القليلة للحركة قياسًا على كرة القدم.

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(3)

بدأ "حمدتو" رحلته مع تنس الطاولة بتقنية مختلفة، مستخدما المضرب بطريقة تتصل باليد غير الموجودة، عبر الإمساك به تحت جذعه الأيمن، ولكن الأمر حمل معاناة أخرى أثرت على لياقته وقدرته على التحكم فى الكرة والمناورة وتغطية مساحة الطاولة، فبدأ فى البحث عن استراتيجية بديلة، توصل إليها بعد فترة، معتمدًا على فمه، ورغم صعوبة الأمر بدأ حمدتو يطور من مهاراته وقدراته حتى استطاع الوصول إلى مستوى جيد من الأداء والتحكم فى الكرة عبر الفم.
المدهش أن كل المعوقات التى يمكن أن يتعرض لها لاعب بلا ذراعين على طاولة التنس الصغيرة، استطاع إبراهيم حمدتو التغلب عليها، فقد طوّع قدمه لتحل محل اليد فى رفع الكرة خلال الإرسال، ووصل إلى مرحة مدهشة من التحكم فى المضرب عبر القبض عليه بفكيه، قائلاً فى حوار تليفزيونى سابق إن ابرز ما يعانيه فى رحلته الرياضية يتصل بفكرة العدالة فى المنافسة، خاصة أنه اللاعب الوحيد فى العالم الذى يلعب بفمه، وهو ما تجلّى فى مباراته الأخيرة أمام اللاعب البريطانى الذى يلعب بيده ولكنه يستند إلى عكاز، ما يجعل منافسة إبراهيم حمدتو منافسة من نوع خاص، وتغلّبًا على معوقات عديدة ومتتابعة، مع الإعاقة فى ذاتها، ومع المنافسين فى عالم الإعاقة أيضًا، وهو ما يجعلنا بكل فخر ننحنى احترامًا له، هاتفين: "يا حمدتو.. أنت فى أعيننا رغم الخسارة".

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(5)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(6)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(7)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(8)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(9)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(10)

920161061955933--إبراهيم-حمدتو-(11)

b4d15faf-e81a-4aa5-bb35-572e720ed876



print