بدأت مخاوف البعض من حدوث فوضى فى الأسعار بعد إقرار القيمة المضافة، وعدم قدرة الحكومة على ضبط الوضع فى ظل جشع بعض التجار، ظهرت بشائرها على أرض الواقع، وتمثل هذا الأمر فى ثلاثة أزمات حدثت فى الأيام الأخيرة، بدءً من شائعة رفع الدعم السولار والبنزين، مرورًا بارتفاع أسعار السجائر، وصولا إلى حيرة قيمة خدمات المحمول وكروت الشحن، لذا يرصد "برلمانى" خريطة آثار وتوابع قانون الضريبة على الأسواق.
كروت شحن المحمول.. أشهر أزمات "القيمة المضافة"
فى الأيام الماضية فوجئ غالبية مستخدمى الهواتف المحمولة بارتفاع قيمة كروت الشحن وتباين أسعارها، وفى الوقت نفسه قلة عددها لدى التجار مما خلق أزمة حقيقة لدى قطاع كبير من المواطنين، خاصة أن هناك حالة من الجدل أثيرت منذ موافقة البرلمان على إقرار قانون القيمة المضافة الذى حدد نسبة قيمتها 8% على خدمات الاتصالات من شبكات المحمول فى مسودته، ورغم هذا وجد البعض نفسه أمام ارتفاع فى الأسعار وصل إلى 2 جنيه على القيمة الفعلية للكارت فى بعض المناطق من أنحاء الجمهورية، إضافة إلى اختفائه من مناطق أخرى.
بعد الزيادة المفاجئة تبارى التجار فى تقديم مبررات لهذا الارتفاع، فمنهم من ألصقها فورًا بقانون القيمة المضافة المفترض تطبيقه بدءً من شهر أكتوبر المقبل، وآخرين تحدثوا عن إيقاف شركات المحمول توريد الكروت إلى المنافذ المعتادة، وبينما استغل البعض الحيرة الدائرة بشأن قرار الشركات بتطبيق الزيادة الفعلية على سعر الكارت أو القيمة الشحن برفع السعر، والاستفادة بالمقابل المادى لحين حسم الموقف نهائيًا.
فى الوقت ذاته، أعلنت شركات المحمول فى بيانات لها أنه لا صحة لما تردد عن وقف توريد شرائح وكروت المحمول للتجار والموزعين، مرجعين السبب إلى السوق السوداء التى انتعشت بسبب انتظار ما ستسفر عنه القرارات الخاصة بكروت الشحن أو لمخاوف بعضهم من إمكانية تحمل الضريبة.
كيف تأثرت أسعار "السولار والبنزين" بعد "القيمة المضافة"؟
حال خدمات المحمول لم يختلف كثيرًا من سوق "السولار والبنزين" الذى أثيرت حوله كثير من الأحاديث حول اختفائه من الأسواق، وبالتحديد بنزين 80 الذى وصل سعر اللتر الواحد فيه بالسوق السوداء 2.50 قرشًا وقتها ترددت أن الحكومة عازمة على إلغاء الدعم نهائيًا عن هذا المنتج بعد إقرار القيمة المضافة، مما دفع البعض إلى تخزينه من أجل تعطيش السوق وبيعه بسعر أعلى مما أشعل أزمة.
ففى 29 أغسطس الماضى، وافق مجلس النواب بصفة نهائية على مشروع قانون القيمة المضافة، ويتكون المشروع من 73 مادة وجداول السلع المعفاة، والخاضعة للقيمة المضافة، وضريبة الجدول، ووفقًا لقانون فإن منتجات النفط، كالبنزين ومشتقاته بداية من بنزين 80 والكيروسين والسولار والديزل، والتى تواجه ضريبة تتراوح بين 30 ملّيمًا وجنيه واحد، وصولاً إلى 200 مليم للتر الواحد.
ولتوضيح الصورة كاملة فى 9 سبتمبر الجارى، أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، عدم صحة ما تردد من أنباء تُفيد برفع أسعار البنزين والسولار بعد إصدار قانون القيمة المضافة، موضحًا أن هناك إصرارا من جانب البعض على إعادة ترويج هذه الشائعة للمرة الثالثة خلال فترة زمنية قصيرة.
وأكد المركز فى بيان له أصدره أمس الجمعة، أنه تواصل مع وزارة البترول والثروة المعدنية، التى أكدت أنه لا صحة لما نشر حول وجود زيادة فى أسعار البنزين والسولار بعد إصدار قانون القيمة المضافة، وأضافت الوزارة أن قانون الضريبة على القيمة المضافة لا يتضمن فرض أى أعباء جديدة على أسعار البنزين والسولار، وهو ما أكدته أيضًا عمليات الرصد الميدانى التى يقوم بها المركز، والتى نفت وجود أى ارتفاع فى أسعار البنزين والسولار بعد إصدار قانون القيمة المضافة.
ووفقًا للتأكيدات الحكومية فإن أسعار البنزين والسولار فى الوقت الحالى كما هى، أى أن لتر البنزين 95 بـ 625 قرشًا، وبنزين 92 بـ 260 قرشًا ولتر البنزين 80 بـ 160 قرشًا ولتر السولار 180 قرشًا، ومتر الغاز للسيارات بـ110 قروش.
كيف ستؤثر القيمة المضافة على مزاج المصريين؟.. أسعار السجائر "نار"
فيما كان التأثير الأكبر بالنسبة لأسعار السجائر، لاسيما أن مصر تعد من أكثر 10 دول عربية يرتفع فيها معدلات التدخين وفقًا للدراسات العلمية التى تم إجراؤها مؤخرًا، وفى ظل هذا النوع من الإقبال سيتبع فرض أى ضريبة تضاعف للأسعار على أرض الواقع بعيدًا عن النسبة المقررة فى الجداول الرسمية.
ووفقًا لما أقره البرلمان فى مشروع قانون القيمة المضافة، فى قائمة السلع الخاضعة لقانون الضريبة على القيمة المضافة 2016، ضرائب على التبغ الخام أو غير المصنّع بمقدار 100%، بحد أدنى 40 جنيها على الكيلو جرام الواحد، أما التبغ المصنّع كالسيجار العادى فتقدر قيمة الضرائب المفروضة عليه بـ200% بحد أدنى 50 جنيهًا لكل كيلو جرام.
أما المعسل فمن المقرر أن تُفرض عليه ضريبة تقدر بــ 150% بحد أدنى 100 جنيه على كل كيلو جرام من الدخان الخام الداخل فى صناعتها، أما خلاصات وأرواح التبغ فتفرض ضريبة قدرها 50%.
وحسب هذا الجدول لقيم الضريبة، فمن المنتظر أن ترتفع أسعار السجائر ومنتجات التبغ بقيمة واضحة، وحسب شعبة السجائر فإن أسعار الأنواع المختلفة، المنقسمة إلى ثلاثة فئات، دنيا ومتوسطة وعليا، وتتدرج أسعارها كالتالى: كيلوباترا وسوبر ويبلغ سعرها الحالى 10 جنيهات، وبعد الزيادة سيتراوح سعرها بين 11 و12 جنيها، والفئة المتوسطة "إل إم" و"ينستون" فإن سعرها الحالى 16 جنيهًا وبعد الزيادة سيتراوح سعرها بين 18 و20 جنيهًا، فيما يبلغ السعر الحالى للفئة العليا مثل مارلبورو 23 جنيهًا، وبعد زيادة الضريبة الجديدة سيتراوح سعرها بين 25 و28 جنيهًا.
المشار إليه أعلاه يمثل الأسعار الرسمية، أمّا ما هو متوقع طبقًا لعدد من التقارير الإعلامية فإن الفئة التى سعرها 10 جنيهًا حاليًا أو أكثر سترتفع وفقًا لمعطيات السوق إلى 17 جنيهًا تقريبًا، فيما أسعار السجائر التى تتراوح أسعارها من 16 إلى 20 جنيهًا سترتفع إلى 28 جنيهًا تقريبًا، أمّا الفئة التى تزيد أسعارها عن 24 جنيهًا فإن ربما تصل أسعارها إلى 39 جنيهًا.
النائب عمرو الجوهرى :"البلد ستدخل لمرحلة الهرجلة الضريبية وعشوائية الأسعار بسبب الحكومة"
قال النائب عمرو الجوهرى، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إنه البلد ستدخل إلى مرحلة هرجلة ضريبية وعشوائية فى الأسعار، جراء توابع إقرار بالقيمة المضافة، وتتحمل حكومة المهندس شريف إسماعيل المسؤولية كاملة بعد إصرارها على القانون فى توقيت تعانى منه مصر من مشكلة فى العملة واضطرابات فى سوق النقد.
وأوضح عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان فى تصريح لـ"برلمانى"، أنه عندما يتحدث على توابع قانون القيمة المضافة يجب عليه ذكر أنه الموضوع خطأ حكومى من البداية فى اختيار التوقيت لتطبيق القانون، مؤكدًا أنه حذر مما حدث من فوضى فى الأسعار بالأسواق، وما سيحدث من توابع خلال الفترة المقبلة.
وكيل اقتصادية البرلمان :" الرقابة ضعيفة.. ومش بشوف حملات تموينية فى الشارع خالص"
قال النائب محمد على عبد الحميد، وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إن هناك فوضى فى الأسواق منذ الإعلان عن تطبيق قانون القيمة المضافة، مضيفًا: "الأسواق تحتاج إلى رقابة مشددة وحملات تموينية باستمرار بالشوارع، تقوم بتحرير محاضر للتجار الذين يرفعون الأسعار بدون حق".
وأوضح وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان فى تصريح لـ"برلمانى"، أن الرقابة ضعيفة للغاية على الأسواق، قائلا: "أنا مش بشوف فى الشارع حملات تموينية من المباحث على الإطلاق إحنا بنسمع كلام وخلاص إنما على أرض الواقع مفيش حاجة بتحصل".