المشهد السياسى اليوم، فى المدينة الصناعية "العاشر من رمضان"، أشبه بمسرحية بطلها 13 شخصًا كل منهم يقنع الناخبين أنه البطل الأصلح لمقعد فردى رغم تأكيدهم أن أحد لم يجرؤ فى الاقتراب من المرشح محمود خميس؛ لما يتمتع به من شعبية كبيرة.
العاشر من رمضان تصبح دائرة مستقلة
المدينة الصناعية تنسلخ من جسد دائرة بلبيس والشرقية لتصبح دائرة مستقلة، وقرر معها المرشح الأقدم، أن يستقل هو الآخر عن الدائرة ويرشح نفسه على دائرة بلبيس والشرقية ويترك المدينة فرصة لكل من يرى فى نفسه القدرة على أن يكون نائبًا عنها، وبالفعل فُتح الباب وأعلن 16 مرشحًا خوضهم للانتخابات، لكن اثنان منهم قررا أن ينسحبا من المارثون ولكل منهما أسبابه، أما الثالث فاستبعد لأنه كان فى الحج وقت إجراء الكشف الطبى، لتخلو الساحة لـ 13 الباقين ليجربوا حظهم فى السياسة.
13 مرشحًا يمثلون شرائح قاطنى العاشر
الثلاثة عشر مرشحًا يمثلون شرائح مختلفة من قاطنى العاشر من رمضان، والمدينة الصناعية تضم شريحتين أساسيتين هما العمال والمستثمرين، وبينهما طبقة وسطى من الموظفين والأعمال الحرة وأصحاب المشروعات الصغيرة وهم: "السيد حسن بكرى(1) رمز الساعة مدير إدارى بجهاز العاشر، وأحمد محمود الخطيب رمز الحصان (2) صاحب ومدير مدرسة الخطيب، وعادل السيد محمد رمز الكف (3) موظف بقطاع مصلحة الأحوال المدنية، ومحمد سعيد قبطان رمز المركب الشراعى (4) صاحب مؤسسة قبطان لتجارة الأعلاف، ومحمود معتمد رمز الشمعة (5) مدير إدارة شركة الفتح للصناعات، ومحمد حافظ الزاهد رمز النخلة (6) حاصل على بكالوريوس علوم زراعية، وسناء سليمان أبو سمرة رمز الجرار (7) طبيب بشرى حر، وحنا بشرى رمز الجرس (8) صاحب شركة استيراد وتصدير، وجمال عطوة رمز المدفع (9) محامٍ حر، ودرويش مصطفى درويش رمز السهم (10) مدير عام شركة للتجارة والتوزيع، وسامى عبد العزيز رمز الفنجان (11) فنى ثالث بشركة القنال لتوزيع الكهرباء، وعلى أحمد على وشهرته الدوكار رمز الفأس (12) رئيس اللجنة النقابية لعمال النقل البرى، ومحمد محمد توفيق رمز الفنار (13) محاسب قانونى".
ومن واقع أوراق اللجنة العليا للانتخابات والكشوف النهائية للمرشحين الـ13، جاء الجميع انعكاسًا لشرائح العاشر من أصحاب رؤوس أموال وعمال وموظفين وأعمال حرة، وقرروا أن يخوضوا الانتخابات البرلمانية بعد ثورتين و3 رؤساء.
عضو مجلس شعب "حلم يغازل المرشحين" الـ13 فى تجربتهم الأولى
المرشحون الـ13 جميعهم لم يحصل يومًا على لقب عضو مجلس شعب، 12 منهم يخطون خطواتهم الأولى فى معترك الانتخابات البرلمانية ولم يسبق لهم خوض الانتخابات البرلمانية باستثناء شخص واحد خاضها أكثر من مرة ولم يحالفه الحظ وهو درويش مصطفى درويش، من واقع أعمارهم وتراكم خبراتهم ووظائفهم وتاريخهم السياسى يأتى المرشح الأكبر سنًا المهندس محمد الزاهد، النائب الأول للغرفة التجارية بالشرقية، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، وهو حزب له أصول سياسية.
أما المرشح أحمد الخطيب، الذى يصغره بسنوات، فترجع خبرته فى العمل السياسى إلى لجنة الشباب بالحزب الوطنى، وقدم استقالته بعد الانتخابات البرلمانية 2005، لتنقطع صلته بالعمل السياسى فى الأحزاب، حتى تولى منصب المسئول عن حملة الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية.
الدعاية والمؤتمرات الانتخابية تكشف المستور
أول شىء طالب أهالى العاشر به المرشحين الـ13 هو الإفصاح عن برامجهم الانتخابية ورؤيتهم لتنفيذها لتكون الصدمة الأولى، ولم تتميز برامج أى منهم بشىء مختلف خارج الصندوق.
برامج انتخابية خاوية لا تملك عصب المدينة الصناعية
بعض المرشحين استعان ببرنامج الحزب الذى ينتمى له وهو مرشح حزب الوفد لمصر، وظل يردد مشاكل المدينة وما أُنجز منها لأنها خطة دولة، فيما طالب المرشح الآخر الخطيب بتطوير منظومة التعليم باعتباراها أحد مجالات خبرته، لكن مقترحه كان نفس السيف الذى حورب به لأنه يعد من أحد رجال التعليم فى مصر لكنه لم يكن يملك السلطة للتغيير، وسيطرت حقوق العمال على برنامج "الدوكار" لأنه من أحد قيادات العمل العمالى فى العاشر، ورئيس اتحاد العمال، فيما اهتم قبطان فى دعايته هو والسيد البكرى بمحاربة الفساد المالى والإدارى، لكن فى عبارات مطاطة لا تملك توصيف المشكلات أو وضع حلول لها.
مرشحان بلا برنامج وآخر يجيد إحداث الشغب والصخب
واختار محمد توفيق وعادل السيد، أن يعتمدا على الحوارات الشفوية مع الأهالى دون كتابة أى برنامج انتخابى لهما، واكتفيا بترديد المشكلات المزمنة أيضًا ومقترحات للحل.
أما المرشح المشاغب، الذى دائمًا ما يشعل الجلسات التى يتواجد فيها بالجدل والصخب والصوت العالى وتنتهى بمشكلة، فهو "درويش مصطفى درويش" الذى دأب على الترشح لانتخابات مجلس الشعب ليصبح جزءًا من المشهد الانتخابى لا يمكن إغفاله".
المرشح محمود معتمد اكتشاف لم يكتمل
وفى مارثون المرشحين وعدم معرفة كثير من أهالى العاشر لهم، ظهرت صورة محمود معتمد الذى اتسم فى تحركاته ولقاءاته بهدوئه الشديد ووعيه وثقافته، لتزداد صورته بريقًا ليلتف حوله مجموعة من الشباب المتمرد والثورى والمحب للبلد، لكنهم جزء من كل وبعض داعميه يعرفون مكمن قوته، لكنهم أيضًا يدركون أنه اكتشاف ليس فى وقته متوقعين له الفوز بالمقعد لكن فى الدورة المقبلة.
التكافل الاجتماعى بالعاشر على أولويات 2 من المرشحين
بعيدًا عن البرامج الانتخابية وتشابها خرج المعلم حنا بشرى المرشح القبطى الوحيد بمقترحات للمشاكل الخاصة بشرائح مجتمعية بعينها، للنساء المعيلات والأرامل والمطلقات وعمال النظافة واليومية بعمل رابطة لكل منهم وكأنه يرثى ثوابت لبرنامج متكامل للتكافل الاجتماعى، مطالبًا بحصول الخارجين على المعاش على معاش يساوى راتبهم الشهرى لزيادة الأعباء عليهم، بعد أن يصبحوا أجدادًا، ولعل عمله بالعمل الخيرى من خلال جمعية الفرقان الشرعية أكسبه الكثير من الخبرة فى رصد أحوال الأسر.
فيما تميز برنامج سناء أبو سمرة، السيدة الوحيدة، أيضًا التى دخلت مارثون الانتخابات لتنافس 12 رجلًا بالمطالبة بإلغاء الحصانة للنائب خارج البرلمان وإعفاء الفقراء من الضرائب فهى مطالب عريضة تخص كل شبر فى مصر، لكن العاشر تحتاج الأكثر خصوصية لها، والمرشحة تمتلك رصيد من العمل العام الخدمى يتيح لها دائرة علاقات مع البسطاء والغير قادرين فى دائرة تعاملات المؤسسة الخيرية التى ترأس مجلس إدارتها".
المؤتمرات الجماهيرية.. المال السياسى وأحلام الفقراء بابًا للحشد
اتسمت بعض المؤتمرات لبعض المرشحين بالحشد، جزءًا منه مزيف والبعض الآخر لمداعبة أحلام ومشاكل الفقراء، فيما بقيت الأعداد الحقيقة التى تحضر المؤتمرات أعداد بسيطة مقارنة بقاطنى المدينة لكل المرشحين بلا استثناء، وكل مرشح يبدع فى حشد عدد أكبر من منافسية، لتظل دائرة الضرب تحت الحزام فى مؤتمرات المرشحين وتشويهها هى السمة الرئيسية، فلا يقبل مرشح أن يقال إن مؤتمر مرشح آخر كان به أعداد كبيرة، وتبدأ حرب الشائعات أنه تم شراء الحضور، وهو ما تعامل معه بعض المرشحين أنه نجاح له فيما تعامل آخرون بمنطق سلبى ولا مبالاة.
ولم تتوقف الحرب بين المرشحين عند إطلاق الشائعات وترويجها، وإنما وصلت لحرب منظمة لتمزيق اللافتات والبنارات لكل المرشحين بلا استثناء ليتهم كل مرشح المرشح الآخر بأنه وراء تمزيقها، وهو الأمر الذى أبدى استياء أغلب سكان المدينة، مؤكدن أن ما يحدث هو عدم خبرة سياسية بالعمل السياسى والانتخابات البرلمانية وعدم القدرة على ضبط النفس والسلوك الجيد، فالـ13 مرشحًا رموز للمدينة والمرحلة الحالية وكان عليهم التحلى بسلوكيات أفضل ليعطوا نموذجًا مختلفًا".
سماسرة الانتخابات يفسدون العلاقة بين الـ13 مرشحًا
ونجح سماسرة الانتخابات بجداره فى إفساد العلاقة بين الـ13 مرشحًا وتشويه ونقل أحداث ومواقف لا أساس لها من الصحة، ولم يتورع أحد السماسرة أن يكون "عصفورًا" من مقر لمقر لتصيد الأخطاء وترويجها، وكل شائعه تخدم على مرشح وتصطدم بمرشح آخر، رغم أن بعض المرشحين تعامل برقى شديد مع بعض منافسيه؛ حيث قام "حنا" بتوزيع دعاية للدكتورة سناء ومحمود معتمد بنفسه.
مع اقتراب موعد الاقتراع "المنافسة" تصبح أكثر شراسة
وكلما اقترب موعد الاقتراع والتصويت كلما زادت حدة الصراع والتنافس بين المرشحين الـ13؛ لتصبح أكثر شراسة، فكل منهم يبدع فى أن يرسم لنفسه صورة ملائكية ويصنع من نفسه بطلًا لمواجهة الفساد الذى طالما كانوا يعيشون فيه وبعضهم كان جزءًا منه ولم يستطع المواطن بالعاشر أن يتكهن لمن المقعد وسط كل هذا التشتت والصدام والتفتيت للأصوات، ليجتاز الجميع الدرس الأول فى سنة أولى سياسية، بعد فصل الدائرة عن الشرقية لتصبح دائرة مستقلة.