كتب محمد سعودى
150 عاما مرت على تأسيس البرلمان المصرى، الذى قدم نموذجا فريدا من بين برلمانات العالم فى إرسال دعائم الأطر المؤسسية لتدشين أسس الحياة النيابية السليمة، حيث إن البرلمان المصرى يرجع تاريخه إلى عام 1866 الذى كان يضم 75 عضوا منتخبا، تمكن خلالها أن يكون منارة تنويرية لنشر الثقافة البرلمانية وقيم الممارسة الديمقراطية السليمة ليس فى مصر فحسب، وإنما فى القارة الأفريقية بأكملها.
150 عاما تُغير مجرى الحياة السياسية المصرية برمتها
خلال الـ 150 عاما الماضية، شهد البرلمان المصرى لحظات فارقة ليس فى تاريخ الحياة النيابية فحسب، إنما غيرت مجرى الحياة السياسية المصرية برمتها، وانعكس ذلك على الصعيدين الإقليمى والدولى.
مجلس النواب المنتخب عام 1881 خرج من رحم الثورة العرابية
وتواكب تطور الحياة السياسية المصرية فى ظل ما اعتراها من زخم وحراك ثورى مع تطور الحياة النيابية أيضا، تزامنا مع ليخرج مجلس النواب المنتخب عام 1881 من رحم الثورة العرابية ممتلكا اختصاصات رقابية لأول مرة إذ أصبح له الحق توجيه السؤال للوزراء واستجوابهم، إلا أن هذا المجلس لم يكتب له الاستمرار سوى عام واحد، ليتحول النظام البرلمانى فى مصر للأخذ بنظام الغرفتين عام 1883.
أول مجلس نيابى حقيقى له سلطة سحب الثقة من الحكومة عام 1924م
ومن المحطات التاريخية التى شهدها البرلمان المصرى، دستور 1923، الذى تضمنت مواده الكثير عن الحياة النيابية المصرية، حيث نصت المادة 82 فيه على أن يؤلف مجلس النواب من أعضاء منتخبين بالاقتراع العام على مقتضى أحكام قانون الانتخاب، كما أشار إلى طريقة الانتخاب فى كل محافظة ومديرية، حيث أقر هذا الدستور عودة نظام مجلس الشيوخ ومجلس النواب، لينتخب أول مجلس نيابى حقيقى له سلطة سحب الثقة من الحكومة عام 1924م.
البرلمان المصرى قبل ثورة 1952
ومر البرلمان المصرى، بحقبة تاريخية جديدة فى عهد الملك فاروق الأول، قبل ثورة 1952م، وقبل أن يتولى الملك سلطاته الدستوريه تنازل عن ثلث مخصصاته التى كانت تبلغ 150 ألف جنية للأعمال الخيريه.
البرلمان المصرى بعد ثورة 1952
ومع انطلاق ثورة 23 يونيو 1952، بدء فصلا جديدا من تاريخ الحياة النيابية المصرية، ذلك أنها تحولت من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى، كما أن البرلمان قفز قفزة هائلة بموجب دستور 1971، الذى طور الحياة النيابية من حيث التشكيل والاختصاصات، حيث تم إنشاء مجلس الشعب الذى كان يتمتع بسلطات تشريعية ورقابية ومالية كاملة وغير مسبوقة، إذ يُعد هذا المجلس الأول عمرا والأكثر استقرارا فى تاريخ الحياة النيابية المصرية.
دستور 2014 يغير اسم مجلس الشعب لـ"مجلس النواب"
ومع بزوغ شمس الحرية فى 25 يناير 2011، شهدت الحياة السياسية طفرة فى الحراك الشعبى، أعقبها تشكيل برلمان الإخوان ومجلس الشورى المصرى، ومع انطلاق الموجه الثانية من الثورة فى 30 يونيو التى أطاحت بالنظام الإخوانى، أقر الشعب المصرى، دستور 2014، الذى بموجبه تشكل البرلمان الحالى، تحت مسمى مجلس النواب وليس مجلس الشعب.
ويضم البرلمان الحالى لأول مرة 90 سيدة بنسبة 15 % من إجمالى أعضائه بالإضافة إلى تمثيل ذوى الإعاقة بـ"9" أعضاء، والمصريين فى الخارج بـ"8" أعضاء، فضلا عن نسبة الشباب تحت سن 35 عاما، التى تصل إلى ربع أعضاء البرلمان تقريبا، ومن ثم يمكننا القول أن برلمان 2016 يعد علامة فارقة فى تاريخ الحياة النيابية المصرية.