تعانى مصر منذ سنوات وعقود، من الفساد الذى استشرى بشكل كبير، وضرب بجذوره فى أعماق المجتمع، لدرجة أنه أصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وصارت محاربته أو القضاء عليه، حلما يراود الجميع، دون أن يكون هناك ملمح لهذا الأمل من قريب أو بعيد.
موظفو نقابة الأطباء يحتجون على مجلسها
وتعتبر النقابات المهنية فى مصر، على رأس الجهات التى تعانى من الفساد، فلم تسلم نقابة من وجود واقعة فساد، أو نهب للمال العام دون وجه حق، كان آخرها واقعة نقابة الأطباء، حيث قرر عدد من موظفى النقابة تنظيم وقفات احتجاجية ضد المجلس، بسبب امتناعه عن تنفيذ حكم قضائى برد 10 ملايين جنيه قامت النقابة بتحصيلها دون وجه حق.
نقابة الأطباء تمتنع عن تفيذ أحكام قضائية
وأكد مصدر داخل النقابة، أن نقابة الأطباء تمتنع عن تنفيذ أحكام قضائية وتحصّل على 550 ألف جنيه رسوم دمغة من أحد المستشفيات، موضحًا أن الموظفين نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بتنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإدارى بأحقيتهم فى فرق الحوافز، مشيرا إلى أن أمين عام النقابة الدكتور إيهاب الطاهر يعمل على إصدار لائحة جديدة يمكن من خلالها تقليل دخول الموظفين، كنوع من الضغط عليهم للتنازل عن القضية.
بالمستندات.. نقابة الأطباء تحصل أموالا غير مستحقة من المستشفيات الخاصة
وشدد المصدر، على أن موقف النقابة برفض تنفيذ الأحكام القضائية لم يكن الأول من نوعه إذ رفضت تنفيذ حكم قضائى برفع قيمة بدل العدوى، مضيفا أنه قد تم تحويل المجلس إلى نيابة الأموال العامة، وذلك بعد أن قامت بتحصيل أموال من المستشفيات دون وجه حق، حيث ينص القانون على أنه لا يسمح لأى منشأة طبية أن تزاول نشاطها إلا بعد استخراج الترخيص من المحافظة بعد تسجيلها بالنقابة المختصة مقابل 150 جنيها عن العيادة الخاصة، و250 جنيها عن العيادات التخصصية، و100 جنيه عن كل سرير بالنسبة للمستشفيات كرسوم تسجيل فى النقابة، لكن النقابة قامت بتحصيل أكثر من الرسوم المقررة وفقاً لقانون 153 لسنة 2004.
وتفتح واقعة نقابة الأطباء، ملف الفساد فى كافة النقابات المهنية، وتفرض سؤالا هاما وهو: ما هى الجهة المسؤولة عن كل هذا الفساد داخل هذه النقابات، وكيف يمكن إيقافه؟، ومحاسبة المسؤولين عنه؟، وهل سيستمر الوضع كثيرا على هذا الشكل؟، ما يمثل استنزافا كبيرا لأموال الدولة.
تلاعب مالى فى نقابة المهندسين
وفى نقابة المهندسين، تفوح رائحة التلاعب المالى، وتم تسريب بعض ملفاتها إلى وسائل الإعلام ما اضطر لخروج أصوات من مجلسها الأعلى للرد على تلك الاتهامات وتوضيحها.
فهناك ما يخص إحدى شركات التأمين، التى تستحوذ النقابة على جزء كبير من أسهمها، وكذلك وقائع الفساد فى أحد التابع للنقابة فى الجيزة والذى تشرف عليه النقابة العامة، وكان العجز المالى والمنسوب لمجلس الإخوان القديم، بحسب ما أكدته مصادرنا داخل النقابة نحو 90 مليون جنيه، ما دفع بعض أعضاء النقابة لرفع دعوى قضائية بفرض الحراسة على النقابة ليعود السيناريو القديم والذى يرفضه غالبية المهندسين وهو عودة سيطرة الدولة على نقابتهم.
والأمر لم يتوقف عند نقابتى الأطباء والمهندسين، فهناك وقائع فساد داخل نقابة الصحفيين والتجاريين، والمحامين، وغيرها، رغم أن كل نقابة يجب أن يكون لها دور رقابى وتنظيمى للوزارة التى تقع ضمن اختصاصاتها، دون أن تحمل الدولة هذا العبء، وفى الوقت نفسه تكون متحررة من فساد البيروقراطية، وسيتم بذلك تنظيم المهن والحرف بطريقة تقضى على الفساد الأخطر فى مصر، وهو فساد المهن، ففساد الأطباء والسباكين أخطر على الإنسان العادى من فساد البيروقراطية وأجهزة الحكومة.
نقابة الصحفيين تقرر إحالة ملف فساد الإدارة المالية للنيابة العامة
قرر مجلس النقابة إحالة كل ما يتعلق بملف فساد الإدارة المالية بالنقابة إلى النيابة العامة.
وكان مجلس نقابة الصحفيين ناقش واقعة فساد الإدارة المالية، حيث أوضح جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين، أن الواقعة متورط فيها بعض الصحفيين ومدير الحسابات بالنقابة، مشيرا إلى أنه سيتم تقديم البلاغ خلال أسبوع، وأن المجلس يحسب له اكتشاف الواقعة.
وقرر هيئة المكتب الانتهاء من هذا التحقيق خلال مدة قصيرة، وعرض ما ينتهى إليه من نتائج على مجلس النقابة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، وإبلاغ النيابة العامة فى حالة ثبوت تلك المخالفات.
ووافق هيئة المكتب على مجموعة من الإجراءات العاجلة التى اقترحها أمين الصندوق بشكل مؤقت لتحقيق أكبر قدر لضبط الأداء المالى لحين انتهاء التحقيقات، ووضع تصور متكامل يكفل مرحلة جديدة من الأداء الذى يحفظ المال العام ويمنع أى ثغرات يمكن استغلالها مستقبلاً، كما قررت هيئة المكتب وقف مدير الحسابات بالنقابة ومنعه من دخول مقر النقابة لحين انتهاء التحقيقات.
أين البرلمان من فساد النقابات المهنية؟
وهذا يجعلنا نطرح تساؤلا، أين دور أعضاء مجلس النواب من فساد النقابات المهنية؟
محمود بسيونى: يجب تعديل قانون النقابات
فى البداية يقول الدكتور محمود بسيونى، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إنه يمكن تقديم طلب بتشريع تعديل قانون النقابات ليحدد كافة تعاملات النقابات الإدارية، ويتم مناقشته جيداً، بما يناسب ويتفق مع صالح النقابيين.
وعلق الدكتور محمود بسيونى، على تجاوزات نقابة الأطباء الإدارية حول تحصيل مبالغ مالية من المستشفيات الخاصة، قائلا: إنه يجب عقد اجتماع جمعية عمومية لمناقشة اللائحة، ولابد أن تكون قانونية، وإذا كان هناك تجاوزات سيتخذ الجهاز المركزى للمحاسبات موقفا حادا منها، لأنه جهاز رقابى وهو المنوط له ذلك.
وأضاف النائب، أن الوقفات الاحتجاجية لا تأتى بجدوى، وما هى إلا آلة ضغط على أعضاء إدارة مجلس النقابة لتنفيذ طلباتهم ولكنها لا تفيد.
أيمن أبو العلا: القانون يحدد أوجه الصرف والمراقبة داخل النقابة
فى هذا الإطار قال الدكتور أيمن أبو العلا، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب عن حزب "المصريين الأحرار"، إن هناك قانونًا خاصًا للنقابات يحدد أوجه الصرف والمراقبة داخل النقابة، كما أنه على الجميع احترام أحكام القضاء، إضافة إلى أن سبل الطعن مكفولة، ولكن احترام القانون واجب.
وعن الوقفات الاحتجاجية التى يقوم بها البعض تعبيرًا عن أوجه الاعتراض، قال الدكتور أيمن أبو العلا، إنه رغم أن الوقفات إحدى سبل الضغط على الإدارات، ولكنه يفضل اللجوء للاتجاه القانونى.