مشكلة أزلية يعيشها المصريون منذ عقود مضت من الزمن متعلقة بـ"بطء إجراءات التقاضى" وحلم العدالة الناجزة، ورغم المحاولات المبذولة من الأنظمة المتعاقبة لحل تلك الأزمة المستعصية لكن الوضع يبقى كما هو، والمتضرر لا يجد من ينقذه من الصولات والجولات فى ساحات المحاكم، لكن اللجنة التشريعية بالبرلمان برئاسة المستشار بهاء أبو شقة قررت الدخول فى مضمار المحاولات، معلنة عن إعداد مشروع قانون لتعديل قانون الإجراءات الجنائية على أمل تسريع وتيرة اجراءات التقاضى.
تشريعية البرلمان تُعلن إعداد مشروع لتعديل قانون الإجراءات الجنائية
وفى اجتماع اللجنة التشريعية، قال أبو شقة "نستطيع مع بعض نعد مشروع ونتناقش فيه ونوقع عليه أكثر من عشر الأعضاء ونقدمه للمجلس حتى نرضى الشارع المصرى الذى يمكن أن يضحى بأمواله ولكن لا يمكن يضحى بثانية يشعر أنها ضيعت على وجه باطل".
وتابع: "نريد أن نكون أمام تشريع عصرى يحقق العدالة الناجزة، فهل يتصور لحد دلوقتى أن الدعوى المدنية تنتظر إلى أن يفصل فى الدعوى الجنائية لكى يتم الفصل فيها".
وتحدث "أبو شقة" عن عيوب ومعوقات إجراءات التقاضى فى المحاكم المصرى بسبب القوانين العقيمة، وتحدث عن فكرة مستشار الإحالة الذى ألغى من قانون الإجراءات الجنائية، قائلا: "كان يمكن أن يصدر قرارا بلا وجه ويستطيع أن يحقق فى شأن بنفس ويحيل للنيابة العامة".
شوقى السيد: تحقيق منظومة العدالة يحتاج لرؤية شاملة وليس تعديل الإجراءات الجنائية
وتعليقًا على الخطوة المتخذة من قبل اللجنة التشريعية، قال شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى، إن تحقيق منظومة العدالة الناجزة تحتاج إلى رؤية شاملة، وليس مجرد ردود أفعال عاجلة أو انفعالية تنتهى بترقيع للقوانين، فالوضع ليس مُقتصرًا على طريقة استدعاء الشهور أو وضع محكمة النقض، مشيرًا إلى أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية العاجلة مهم لكنه ليس كل شىء، خاصة فى ظل مجلس نواب يجب أن يصول ويجول، ويمتلك رؤية شاملة لقضية مزمنة.
أوضح أستاذ القانون الدستورى فى تصريح لـ"برلمانى"، إن الحديث على تيسير إجراءات التقاضى يتجدد من وقتٍ لأخر، لاسيما أنها تتعلق بحقوق دستورية ثابتة فى أبواب بالدساتير المتعاقبة فى كل من الحقوق والحريات وسيادة القانون والسلطة القضائية، وكذلك ما تحتويه من القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة، والدستورية العليا والمحاماة والخبراء بطبيعة الحال.
وأشار السيد إلى أنه يحدث تداخل بين السلطات أحيانًا ومنها على سبيل المثال ما يحدث فى المحاكم المدنية والتجارية والاقتصادية وقضاء مجلس الدولة، ولايزال الوضع على ما هو عليه رغم صدور تعديلات متعاقبة، مشيرًا إلى أن امتلاء المحاكم عن آخرها فى بالقضايا، وامتداد بعض المنزاعات لعدة سنوات يجعل من الضرورى فتح ملف تيسير إجراءات التقاضى من منظور واسع أى يجمع ما بين العلم والخبرة على أرض الواقع.
ولفت الخبير القانونى إلى أن ملف إجراءات التقاضى متشعب للغاية وبها العديد من الجوانب التى تحتاج إلى دراسة متأنية، لاسيما فى ظل التعقيدات القانونية الموجودة فى القوانين الحالية، مشيرًا إلى أن الانفعالات اللحظية التى كانت تتم معالجة القضية بها غير مناسبة إذا أرد مجلس النواب إصلاح الأوضاع.
عضو الإصلاح التشريعى : "تعديل الاجراءات الجنائية ترقيع أكثر منه إصلاحًا للأوضاع القضائية"
وعلى نفس النهج سار صابر عمار، المحامى بالنقض وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، قائلا :"رأيى فى مسألة بطء عملية التقاضى فى مصر أننا لسنا فى حاجة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية وحده، خاصة أنه صادر منذ عام 1950 وورد عليه تعديلات تزيد عن الـ 70 تعديلا، لذا لا نحتاج تعديلات جديدة بل نحتاج لمنظومة كاملة للتشريعات المتعلقة بالعدالة أو التشريعات الموضوعية أو الإجرائية".
وأضاف عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى :"مزيد من التعديلات على القوانين الخاصة بالعدالة هو أحد أشكال العمل الترقيعى أكثر منه إصلاح، فتعديل قانون الإجراءات الجنائية مهم لكنه هناك العديد من القوانين التى هى فى حاجة للتعديل، ومنها قوانين العقوبات والتشريعات الخاصة بالمحاكم الاقتصادية، والمنظومة القضائية تحتاج إلى إعادة صياغة فى القوانين بدءً من تعيين القاضى إلى لحظة صدور الحكم، ثم آليات تنفيذه، وأيضًا يجب تعديل قانون الرسوم القضائية الذى يعد أحد مكونات العدالة".
عضو نقابة المحامين يؤيد خطوة تشريعية البرلمان.. ويؤكد :"نحتاج لأى خطوات إيجابية"
فيما كان لـ"إمام صديق"، عضو نقابة المحامين عن أمانة شبرا الخيمة، وجهة نظر مخالفة عن الآراء السابقة بعدما رحب بالخطوة التى تم الإعلان عنها من اللجنة التشريعية من تعديل قانون الإجراءات الجنائية، مؤكدًا أن هذا القانون أساس للمحاكمات، لذا فإن تعديله بشكل إيجابى من شأن تسريع وتيرة محاكمات ممن كانت تستغرق سنتين أو 3 سنوات يمكن أن تنتهى فى عام أو 6 شهور وتكون الأحكام نهائية.
وأشار عضو نقابة المحامين إلى أنه من النقاط التى يرغب فى تعديلها تتعلق بأحكام الجنايات، وإمكانية استئنافها بدلا من أن يكون هناك نقض عليه فقط، مشيرًا فى حالة وجود استئناف سيكون هناك عادلة ناجزة، مشيرًا إلى أن المحاكم مكدسة بالقضايا وتحتاج إلى سرعة الإنجاز فيها، لافتًا إلى أنه يأمل فى تحقيق منظومة قضائية سريعة ستحمى مصر من الغابة التى باتت موجودة بسبب رغبة كل شخص أخذ حقه بيده بدلا من التوجه للقضاء لنيل حقه.