انتقلت القيادات الأمنية برئاسة اللواء علاء الدين شوقى مساعد وزير الداخلية لأمن البحيرة، لمتابعة حادث إصابة 4 من أهالى قرية شرف التابعة لمركز شرطة المحمودية باختناق، وتم نقلهم إلى مستشفى المحمودية العام لإسعافهم بعد استنشاقهم غازات ناتجة عن مخلفات مواد بترولية، فيما تجمع ما يقرب من 50 شخصا من أهالى المصابين أمام محطة وقود ملك "باسم ف أ" ومقيم بقرية أريمون دائرة المركز وضبط السيارة رقم 8196 ب ل ر / 3625 ب م ر " فنطاس " قيادة "السيد ا ح " سائق ومقيم بذات العنوان (ملك شقيق مالك المحطة) لقيامه بتفريغ حمولة مخلفات مواد بترولية "ذات رائحة نفاذة" بمصرف الخيرى أمام القرية.
وبسؤال قائد السيارة، قال إنه نقل مخلفات مواد بترولية من شركة أبيسكو للبترول بالعامرية لتفريغها بمنطقة برج العرب بالإسكندرية، لكنه قام بتفريغها بالمصرف المشار إليه، فيما اعترف مالك المحطة بمضمون ما تقدم وتم إخطار الإدارة الصحية والوحدة المحلية لمركز ومدينة المحمودية لاتخاذ شؤونهما.
وباشرت التحقيقات نيابة المحمودية برئاسة المستشار على حسن رئيس النيابة الكلية بإشراف المستشار عبد العزيز عليوة المحامى العام الأول لنيابات شمال دمنهور، واستمعت لأقوال إسلام شرف وأحمد أبو سماحة المحاميين، وأضاف الأخير أن نجليه تضررا من الرائحة الكريهة، مما سبب لهما اختناقا وضيقا بالتنفس .
"برلمانى" حاول رصد المشهد عن قرب بعد هذه الكارثة البيئية.
أحد المواطنين: تلوث المياه أصبح سرطانا ينهش أجساد الأهالى
فى البداية يقول إسلام شرف المحامى، إنه لابد من محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة، والذين عرّضوا أرواح المواطنين للخطر، متابعا: "من الوهلة الأولى ومجرد أن ترى صور التلوث بمصرف الخيرى التابعة لمركز المحمودية، يبدو لك الأمر أن أزمة هذا المصرف لن تحل أبدا، وتتفاقم تلك الظاهرة فى ظل عدم وجود وسيلة محددة من قبل المسؤولين بمحافظة البحيرة لمواجهة تلك الكارثة، والتى تعد سرطانا ينهش فى أجساد أهالى القرية، الذين يعانون من تلوث مصرف الخيرى، خاصة بعد تفريغ حمولة مخلفات مواد بترولية ذات رائحة نفاذة به أمام قرية شرف"، لافتا إلى أن هذه المرة ليست الأولى التى يتم فيها تفريغ حمولات مخلفات بترولية فى مصرف الخيرى .
وأضاف "شرف" أن هناك أكثر من 250 ألف فدان تروى أراضيها بمياه الصرف الصحى من المصرف الخيرى الممتد لمسافة حوالى45 كيلو مترا والواقع بمراكز دمنهور وأبوحمص والمحمودية وإدكو ورشيد، لأنه المصب الرئيسى لمحطات الصرف الصحى بهذه المراكز .
ومن جانبه أكد أحمد أبو سماحة المحامى، أن ماحدث يعد كارثة بيئية بما تحملها الكلمة من معان ويتعين على الدولة سرعة التحرك لمواجهة هذه الكارثة، خاصة وأن مصرف الخيرى يعد مصدر رئيسى لرى عشرات الآلاف من الأفدنة، مضيفا أن مشكلة مصارف الصرف ليست على مستوى دمنهور فقط أو غيرها بل هى مشكلة عامة فى مصر بالكامل، متابعا: "تكمن خطورة هذه المشكلة فى أنها تؤثر بكل الجوانب وليس الجانب البيئى أو الصحى فقط فعلاوة على التلوث وانتشار الأمراض، فهى تمثل عائقا زراعيا، خاصة أن هذه المصارف لازمة للزراعة مثل الرى تماما وأكثر".
وأضاف أبو سماحة لـ "برلمانى"، أنه نظرا لتأخر منظومة الصرف الصحى فى البحيرة أصبحت مصارف الصرف هى المصدر الوحيد للصرف الصحى، ففى كل القرى وبعض البلاد الكبرى فى المحافظة يصرف الصرف الصحى بالكامل فى هذه المصارف، ما يؤثر على الزراعة فى المقام الأول، وعلى الصحة العامة والبيئة من جانب آخر، وهذه الظاهرة سببها إهمال إنشاء محطات الصرف الصحى، فلم يجد المواطن البحراوى جهة رسمية تقف بجانبه وتحل تلك المشكلة والحل فى هذه المشكلة يتمثل فى التوسع فى إنشاء محطات الصرف الصحى ومراقبة مثل هؤلاء الذين يفرغون حمولات مخلفات المواد البترولية فى المصارف .
وقال هشام مرسى شرف أحد الأهالى، إن ما حدث دق ناقوس الخطر لمصرف الخيرى الذى تحول بالفعل إلى بؤرة خطيرة ومصدر للتلوث، لافتا إلى أن ضفتى مصرف الخيرى تحولتا إلى مقلب للقمامة والقاذورات، مضيفا: "بالرغم من تلوث مياه مصرف الخيرى إلا أنه يضطر الآلاف من المزارعين من أهالى القرى التى يمر بها المصرف لرى حقولهم من مياه الصرف الصحى لنقص مياه الرى فى الترع، مما يعرض حياتهم للخطر ويجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، وما زاد الطين بله هو قيام هؤلاء المواطنين بتفريغ حمولة مخلفات مواد بتروليه "ذات رائحة نفاذة" بالمصرف .
أحد المواطنين: مواسير مياه الشرب تمر داخل المصرف ونخشى اختلاطها بمياه الصرف
ويقول عبد الهادى الدمنهورى، أحد ساكنى المنطقة، إن استمرار تواجد هذا المصرف يعرض حياتهم للخطر ويجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة.
وأوضح محمود على العداوى، أن مواسير مياه الشرب تمر خلال هذا المصرف وأحيانا يحدث عطل بها أو ثقب أو أى أعمال تخريبية بفعل فاعل مثل التى حدثت منذ فترة قريبة محذرا من حدوث كارثة باختلاط مياه المجارى مع مياه الشرب.
النائب محمد زين الدين يطالب بإنشاء وحدات معالجة ثلاثية للمياه لحماية المواطنين والأراضى
ومن جانبه قال النائب محمد عبد الله زين الدين عضو مجلس النواب بالبحيرة إن مصرف الخيرى تحول إلى بؤرة خطيرة للتلوث بسبب قيام العديد من القرى بإلقاء مياه صرفها الصحى الملوثة فيه، ورغم ذلك لا يزال مصدر الرى الوحيد لآلاف الأفدنة من الأراضى التى تزرع بالخضراوات بالمحافظة .
وحذر النائب محمد زين الدين من خطورة المياه غير المعالجة على الزراعات الأمر الذى يؤثر بالسلب على خصوبة الأراضى الزراعية بسبب تراكم العناصر الثقيلة.
وطالب "زين الدين" بإنشاء وحدات معالجة ثلاثية على المياه الداخلة على المصرف الخيرى المغذى لبحيرة إدكو، حماية للأراضى الزراعية التى يتم ريها من هذا المصرف الملوث، وحفاظا على أرواح المواطنين من الأمراض المزمنة وحماية الثروة السمكية داخل البحيرة، حيث إنه بسبب هذا التلوث تتسبب فى نفوق عشرات الأطنان من الأسماك، وهذا إهدار للمال العام ولابد من إجراء تحقيقات موسعة وتشكيل لجان فنية لوضع تقرير بهذه الكارثة حتى يتثنى للدولة حل هذه المشكلة المزمنة، حيث سبق للسيد رئيس الجمهورية التنبيه على تنمية بحيرات مصر، راجيا أن تكون بحيرة إدكو على رأس هذه البحيرات لما لها من أهمية حيث تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحيرة، وهذا الربط هو رحلة الأسماك لحدوث التكاثر الأمر الذى يتطلب الحفاظ على هذه الأنواع من الأسماك والتى قاربت على الاندثار بسبب التلوث، ونتمنى أن تصبح بحيرة إدكو مثل بحيرة البرلس .