السبت، 23 نوفمبر 2024 11:25 ص

ننفرد بنشر تقرير لجنة العلاقات الخارجية بالرد على تبرئة "البرلمان البريطانى" للإخوان من ممارسة العنف.. استعرض بالوقائع جرائم "الإخوان" ويطالب بتشكيل لجنة خاصة لتقصى ممارسات "الإرهابية"

البرلمان يرد على مجلس العموم البريطانى

البرلمان يرد على مجلس العموم البريطانى البرلمان يرد على مجلس العموم البريطانى
الأحد، 20 نوفمبر 2016 04:07 م
كتب محمد مجدى السيسى

- التقرير: "العموم البريطانى" تجاهل خروج ملايين المصريين ضد حكم الإخوان فى 30 يونيو 2013 تحت شعار تاريخى واحد وهو "لا لحكم المرشد"
- البرلمان المصرى لـ"العموم البريطانى": تذكروا مقولتى قيادات الإخوان: "الإرهاب الذى يجرى فى سيناء سوف يتوقف فورا إذا عاد الرئيس الإخوانى لقصر الحكم".. و"إن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة إذا لم تعلن فوز الرئيس الإخوانى بمقعد الرئاسة فإن الاخوان وأنصارهم سوف يحرقون البلد"!
- التقرير: المصريون ينتظرون إعادة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطانى النظر فى تقريرها الذى بنى على معلومات مغلوطة وناقصة ومشوهة ومخالفة للواقع
- التقرير: لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصرى تعلن استعدادها لوضع كافة الوثائق والحقائق والملفات المصرية حول فترة حكم الإخوان فى مصر أمام نظيرتها بمجلس العموم البريطانى وتطالب بتشكيل لجنة خاصة لتقصى تاريخ وممارسات الجماعة فى مصر والمنطقة
- التقرير: الجماعة حاولت سرقة التاريخ وبيع الأرض وتحويل مصر إلى دولة مذهبية إقصائية معادية للحضارة الإنسانية وقيم الساواة والحرية والمواطنة
- التقرير: الجماعة انتهجت العنف المسلح والإرهاب لفرض منهجها وأسلوبها وعقيدتها على المجتمعات
- التقرير: الجماعة هى المنبع لكل الجماعات المتطرفة، تنظيم القاعدة، وكل تنويعات السلفية الجهادية، والسلفية الوهابية، وتنظيم داعش الإرهابى وفروعه جبهة النصرة وأنصار بيت القدس، ومن قبلها منظمة حماس وكتائب عزالدين القسام
- التقرير: الجماعة ابتزت مشاعر الملايين من المصريين البسطاء تحت شعار (الإسلام هو الحل).. واستخدموا أخطر أساليب الاستغلال الرخيص لأوجاع الفقراء
- التقرير: اعتمدوا على مفهوم (السمع والطاعة) لمرشد الجماعة ولزعمائها الروحيين وقياداتها العليا فى مكتب الإرشاد
- التقرير: الجماعة شكلت فرقاً لتطبيق الشريعة ولاحقت الناس فى شوارع وأعدمت فتاة كانت بصحبة شاب بإحدى مدن السويس.. وشنقت رجلاً فوق عمود بمدينة المحلة، وقتلت سحلاً قيادياً مصرياً ينتمى لمذهب الشيعة بالقاهرة بعد أن عذبوه وقطعوا جسده
- التقرير: الجماعة سيطرت على كل مفاصل الدولة وعقدوا تحالفات مع فصائل الاسلام السياسى لاعلان مصر "إمارة إسلمية"
- التقرير: الاخوان اتجهوا لاقتطاع أجزاء من جسد الدولة ضمن مخطط لتهجير الفلسطينيين وإقامة وطن بديل لهم فى شبه جزيرة سيناء



ينفرد "برلمانى" بنشر نص تقرير مجلس النواب المصرى، الذى أعدته لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان برئاسة الدكتور أحمد سعيد، للرد على تقرير لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطانى، الصادر 7 نوفمبر الماضى، والذى برأ جماعة الإخوان من جرائم العنف فى مصر مطالباً الخارجية البريطانية بإعادة النظر فى تصنيفها كجماعة إرهابية، ملقياً بعدة اتهامات حول الإخوان فى مصر.

احمد-سعيد

وشمل التقرير أخطر الوقائع التى تفضح جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها وحتى الآن، ويكشف كذب تقرير "العموم البريطانى" بالأدلة الدامغة، ويرد على كل ما جاء فيه من نقاط، ذلك التقرير الذى أحاله البرلمان المصرى لوزارة الخارجية المصرية، تمهيداً لإرساله لسفير مصر بلندن وإنجلترا وألمانيا، حسبما أكد الدكتور أحمد سعيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية.

وأكد التقرير أن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري، تابعت باهتمام بالغ التقرير الذى أصدرته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطانى يوم 7 نوفمبر 2016 رداً على تقرير سابق لمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث بوزارة الخارجية البريطانية (صدر فى ديسمبر 2015)حول الإسلام السياسى وجماعة الإخوان.

وأشار إلى أن البرلمان البريطانى مؤسسة عريقة ولها تاريخها وتقاليدها، ونحن فى مصر ننظر إليها بمنتهى الاحترام والتقدير، وحيث إن رد مجلس العموم قد تعرض فى بعض جوانبه لتجربة الاخوان فى مصر، وما جرى من تداعيات فى أعقاب ثورتى 25 يناير 2011 ويونيو 2013، وأيضا لما احتوى عليه التقرير من مصطلحات خاطئة وتفسيرات سطحية لمارسات ما سمى بـ"الإسلام السياسى" فى مصر والمنطقة، متابعاً: "فقد رأينا أنه لزاماً علينا تصحيح وتفنيد أهم ما تضمنه التقرير من نقاط بالغة الأهمية، نرى أنها تعكس قصورا خطيراً فى إدراك رؤية دوائر مهمة فى أوروبا لما جرى ويجرى من أحداث سياسية فى هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وخاصة رؤية برلمانات دول نحتفظ معها بعلاقات تاريخية وصداقة وتاريخ قوى فى حقبة زمنية هامة ومؤثرة فى دولنا".

وأكد التقرير على مجموعة من الحقائق، بدأها بالتأكيد على أن البرلمان الصرى وهو يرد بحقائق الواقع والتاريخ على تقرير البرلمان البريطانى لا يقف موقف الدفاع عن مواقف وإجراءات الحكومة المصرية الأمنية والقانونية تجاه جماعة الإخوان وحلفائها من مجموعات العنف السلح والإرهاب، متابعاً: "ولكننا نود أن نوضح الحقائق فحسب انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية والسياسية كنواب عن شعب رفض التفريط فى هويته الوطنية وتصدى لجماعة حاولت سرقة التاريخ واستباحة الجغرافيا وبيع الأرض وتحويل دولته المدنية (أول دولة مدنية فى التاريخ) إلى دولة ثيوقراطية مذهبية إقصائية معادية للحضارة الانسانية وقيم المساواة والحرية والمواطنة".

وبشأن الحقيقة الثانية: "أكد التقرير على أن البرلمان يرى أن أى حرص للمجتمع الدولى والأمم المتحضرة لوقف موجة العنف والارهاب باسم الدين التى تجتاح العالم حاليا، لابد أن ينطلق من فهم حقيقى واقعى وعادل للجماعات التى تستغل الدين من أجل الوصول إلى السلطة وقهر الشعوب "بأمر الله" والادعاء بأنها الحاصلة على التوكيل الإلهى لإقامة "دولة الخلافة فى الأرض".

وتابع بشأن الحقيقة الثالثة، بإن ما يهم البرلمان المصرى بالدرجة الأولى هو الرد على الاستغلال السياسى لدعاوى هذه الجماعات وإدعاءاتهم بالمظلومية والاضطهاد والملاحقة الأمنية وإعتبارهم –كذباً- أنهم دعاة سلام وتعايش يؤمنون بالمنافسة الديموقراطية على تداول السلطة واحترام القانون والدستور.

مجلس-العموم-البريطاني

وأكد التقرير مجلس العموم من نظرة أحادية ومعلومات ناقصة ومفاهيم خاطئة نفندها على الوجه التالي، _ننقلها نصاً عن التقرير_:

1. الاسلام السياسى (الدين يحكم العالم! ):


كان من العجيب و البعد عن لياقة اللغة التى استخدمت فى مصطلحات هذا التقرير أن يدافع تقرير لجنة مجلس العموم عن مفهوم مروع لـ "الإسلام السياسي" ويوافق على حكم الدولة بالدين، فى تراجع مفجع عن المقومات الديموقراطية والليبرالية التى قامت عليها الحضارة الغربية والتى ناضلت من أجلها شعوب أوروبا وتعتبر من أغلى القيم الحاكمة للثقافة والاخلاق السياسية للشعب البريطاني.

وحاول التقرير أن يضع فروقا هشة وسطحية بين جماعات "إسلامية" تستغل هامش الديموقراطية للوصول إلى السلطة سلميا عبر الانتخابات والممارسة السياسية والحزبية، وبين جماعات "إسلامية" أخرى تنتهج العنف المسلح والارهاب لفرض منهجها وأسلوبها وعقيدتها على المجتمعات.

وتجاهل التقرير – عمداً أو عن جهل بحقائق التاريخ – أن جماعة الاخوان المصرية كانت منذ نشأتها فى الثلث الأول من القرن الماضى هى المنبع والأصل الفكرى والحركى والأمم الحاضنة لكل الجماعات الاسلامية التى انتشرت فى دول المنطقة عبر ثمانية عقود وحتى الآن. تنظيم القاعدة، أسسته قيادات كانت فى الأصل من أبناء جماعة الاخوان وفى مقدمتهم أيمن الظواهرى الأب الروحى والعقائدى للتنظيم، وكل تنويعات السلفية الجهادية، والسلفية الوهابية، وتنظيم داعش الارهابى وفروعه جبهة النصرة وأنصار بيت القدس، ومن قبلها منظمة حماس وكتائب عزالدين القسام، كلها قامت انطلاقاً من الفكرية للاخوان الداعية لحلم "دولة الخلفة" والمؤمنة بوحدة الأمة الاسلامية من ماليزيا وأفغانستان إلى تركيا وكازخستان والمعادية لـ "الدولة الوطنية" والأمة العربية وغيرها.. والكارهة للثقافة الغربية التى تصفها بأنها "إباحية وكافرة" !.

وكل الدراسات والتحليلت لما سمى بحركات وجماعات "الاسلام السياسي" فى المنطقة لم تعثر على فروق فكرية جذرية بينها، فكلها تنطلق من تفسيرات متشابهة ومتقاربة للنصوص الدينية، وكلها تؤمن بتفسير شبه متطابق للشريعة، وللجهاد ضد "الحاكم الكافر" والحرب ضد "أعداء السلم". وتتلخص الفروق بينهما فقط فى الأولويات والتوقيتات وأوقات الصدام والهدنة مع الحاكم والتحالفات وطبيعة الحركة السياسية بين الجماهير وأشكال العمل السرى والعلني.. إلخ.

ومن الملاحظ – على سبيل المثال – أن جميع المؤسسات الدينية الرسمية وشبه الرسمية فى العالم الإسلامى لم تشجب بالمطلق وبشكل قاطع ما يسمى بالحركات الجهادية التى تستخدم العنف والارهاب ولم تعلن خروجها عن الشرع والدين، وفى بعض الأحيان تكتفى فحسب بإدانة عمليات دموية تطال المدنيين.

ومن هنا فإنه كان من المستغرب أن يحاول تقرير لجنة مجلس العموم إيجاد فروق بين ما أسماه الاسلام السياسى "المتطرف" والاسلام السياسى "الديموقراطي" محاولاً إسباغ طابع ديموقراطى على جماعة الاخوان، ومراهنا بشكل يائس على محاولة إقناعها بالالتزام "بمفهوم مرن للشريعة السلمية"، بدون إدراك لحقيقة ثابتة عند كل هذه الجماعات الملقبة بالاسلامية دون حق وهى أن "الشريعة كل لا يتجزأ" ومهما اختلفت التفسيرات فإن الأصول الفكرية واحدة وفى مقدمتها "الجهاد والحرب ضد الكفار ".

عنف-الاخوان

2. المقارنة مع تونس (الفرق فى الموديل.. لون العباءة والعمامة! )


وفى خطأ فادح وضع تقرير لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطانى كل البيض فى سلة واحدة، وتجاهل الفروق الثقافية وظروف التجارب النوعية المختلفة لكل فصيل إسلامى يسعى إلى السلطة فى بلده. وقارن التقرير بى تجربة الاخوان فى مصر وتجربة "إخوانهم" فى تونس، وعلى الرغم من وحدة المنطلقات والأهداف فى كلتا التجربتين، وهى القفز على السلطة وإقامة الدولة الإسلامية عبر آلية الانتخابات الديموقراطية، إلا أن فروق التركيبة الاجتماعية والثقافية فى تونس (المستعمرة الفرنسية السابقة) – حوالى 11 مليون نسمة بالمقارنة بالدولة المصرية 90 مليون نسمة- مهد جماعة الاخوان أول حركة إسلامية منظمة ومسلحة، وأول تنظيم يبدأ علنياً ثم يتحول إلى تنظيم سرى له فروع وممثلين فى دول المنطقة والعالم، ويؤسس لأول مرة تنظيماً دولياً يملك بنوكاً ومؤسسات تجارية وجمعيات خيرية ومستشفيات وأرصدة مالية هائلة تتدفق عليه من أثرياء المسلمين فى الخليج وفى العالم الاسلامي.

ومع أن هناك فروقا فى موديل الخطاب السياسى ولغة التعامل مع السلطة ومع الشارع بين تونس ومصر، إلا أن تقرير مجلس العموم، أغفل أو إفتقر إلى المعلومات الواقعية والتاريخية التى تجمع بين إخوان مصر وإخوان تونس بملامح دامية متشابهة:

اخوان مصر: أول وأكبر جماعة تؤسس لفكر العنف السلح والاغتيالات السياسية بالمنطقة (إغتيال رئيس وزراء مصر محمود باشا فهمى النقراشى 1948 – اغتيال القاضى أحمد الخازندار 1948 – محاولة اغتيال الرئيس الصرى جمال عبدالناصر بالسكندرية 1954 – اغتيال الرئيس المصرى أنور السادات1981 -وكان هو من سمح لهم بالعودة للحياة السياسية بعد وقف نشاطهم 30 عاماً_ ثم مؤخراً باغتيال النائب العام الصرى القاضى هشام بركات 2015).

اخوان تونس: تجاهل التقرير أن جماعات العنف المسلح التونسية كانت وراء سلسلة تفجيرات وأعمال عنف واغتيالات طالت شخصيات وسياحاً أجانب فى مدينة الحمام وغيرها، وأن الشباب التونسى فى فرنسا هو أخطر ألغام التطرف والارهاب فى أوربا، وأن أكثر من 1000 شاب تونسى انضموا مؤخرا لتنظيم داعش الارهابى (وفق أرقام صحفية تونسية).

3.ديموقراطية الاخوان (الصعود إلى القمة على أجساد الفقراء)


وكانت أكثر المفاهيم إلتباسا وتشوشا فى تقرير لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم هى تلك التعلقة بـ "ديموقراطية جماعة الخوان" مع الاشارة والاشادة بتجربة صعودهم إلى السلطة فى مصر بانتخابات شعبية حصلوا فيها على أصوات مكنتهم من تشكيل الحكومة، والحصول على أغلبية فى البرلمان.

وهنا كان التجاهل المتعمد واضحاً من جانب التقرير لحقائق التاريخ القريب، فقد جاء الخوان إلى حكم مصر فوق موجة غضب جماهيرى كاسح أطاح بنظام مبارك الذى حكم البلاد وجمد الحياة السياسية فيها لأكثر من 30 عاماً، وكان الاخوان هم الفصيل الوحيد المُنظم الذى تغلغل لسنوات طويلة بين الجماهير بدعاوى ملكية الحل السحرى لمشاكل المصريين المزمنة.. الفقر والصحة والتعليم.. وكان شعارهم (الاسلام هو الحل) هو مفتاحهم لابتزاز المشاعر الدينية لملايين البسطاء فى مصر، وكانت رشاواهم السياسية فى المناطق الفقيرة تتمثل فى تقديم الخدمات العلاجية وتوزيع السلع الأساسية تجسد أخطر أساليب الاستغلال الرخيص لأوجاع الفقراء وهو الأمر الذى تم إستغلاله فى أعقاب ثورة 25 يناير ليقدم الاخوان أنفسهم باعتبارهم البديل القادر على الحكم والحل بالاسلام.

كانت آلية الديموقراطية بالمفهوم الحديث التى ترفضها عقيدة الاخوان المعتمدة على مفهوم (السمع والطاعة) لمرشد الجماعة ولزعمائها الروحيين وقياداتها العليا فى مكتب الارشاد، كانت هى السلم الذى صعد به الاخوان للسلطة ثم ألقوه بعيدا فيما بعد عندما احتكروا جميع المناصب فى الدولة وكتبوا دستورا يمهد لتحويل مصر من دولة مدنية عريقة تحترم العقائد والأديان وتختلط فيها الحضارات الانسانية فى بوتقة نادرة، إلى دولة دينية مذهبية اقصائية تطالب فيها القيادات الدينية للاخوان وحلفاءهم بطرد المصريين المسيحيين إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية!

إن الاخوان، عقيدة وممارسة، هيكلاً وتنظيماً، هم ضد الديموقراطية، والجماعة على مدى تاريخها وفى تعاليم مؤسسها حسن البنا ومنظرها سيد قطب، هى ضد الأحزاب السياسية وتكره أسلوب الوصول إلى الحكم عبر آلية الدستور وقوانين "الدولة التى لا تحكم بالشريعة"!، ولكنها بعد ثورة 25 يناير وجدت نفسها وحيدة فى ساحة خالية من الكيانات السياسية المدنية القوية، فقررت على الفور تغيير مبادئها وشكلت حزبا مشابهاً للأحزاب الاسلامية الموجودة فى تركيا والسودان وباكستان واندونيسيا، مع فارق رئيسى هو أن ديموقراطيتها كانت شعاراً فارغاً بلا مضمون فكرى أو ممارسة عملية على الأرض.

وكان من الملاحظات الصارخة فى تقرير مجلس العموم التى توقفت عندها لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان المصرى هو ذلك التجاهل الغريب لخروج ملايين المصريين ضد حكم الاخوان فى 30 يونيو 2013، عندما رفع نحو 30 مليون مصرى فى شوارع العاصمة والمدن المصرية شعاراً تاريخياً واحداً وهو "لا لحكم المرشد" وعندما تجسدت فى هذه اللحظة الفاصلة العبقرية السياسية لهذا الشعب الذى خرج بكافة طبقاته الاجتماعية يرفض حكم جماعة دينية لدولة تضرب بجذورها المدنية فى عمق الحضارة الانسانية. ولم تكن معركة المصريين حينذاك مع حكم جماعة الاخوان معركة سياسية أو قصدوا بها ضرب ما أسماه التقرير "تجربتهم الديموقراطية"، ولكنها كانت معركة مصيرية لاستعادة تاريخ يسرق وهوية تتشوه.. المصريون كتبوا فى هذا اليوم شرعية جديدة، وصاغوا ملحمة للديموقراطية الشعبية، ورفضوا أن يركعوا للخليفة المختبئ خلف دستور زيف إرادة المصريين.

إن الفكر السياسى فى العالم كله لم يتفق على مفهوم وحيد وتعريف واحد مقدس للديموقراطية، كل شعب وله تجربته وأسلوبه فى الفهم والممارسة. والأمر المؤكد هو أن المملكة المتحدة بتقاليدها الديموقراطية العريقة وبما تملكه من تاريخ برلمانى مجيد فإنها لا يمكن أن تعتبر أن السطو على الهوية بادعاءات ديموقراطية وأقنعة ليبرالية مزيفة، يعتبر من الممارسات الديموقراطية الأصيلة التى يجب الدفاع عنها خاصة وأن الشعب الصرى صاحب المصلحة العليا فى حماية تاريخه وتقاليده وأسلوب حياته هو الذى قال كلمته الأخيرة.

4.الرهان على التغيير والسلمية والشفافية (عندما يبتسم الذئب!)


كانت لحظة كاشفة ومخيفة عندما وقف قيادى إخوانى كبير أمام كاميرات التليفزيون وهو يقول بحزم "الارهاب الذى يجرى فى سيناء سوف يتوقف فورا إذا عاد الرئيس الاخوانى لقصر الحكم".

وكانت هناك قبلها بعام واحد لحظة أخرى أكثر رعباً عندما هدد الرجل القوى فى الجماعة خيرت الشاطر "بأن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة إذا لم تعلن فوز الرئيس الخوانى بمقعد الرئاسة فإن الاخوان وأنصارهم سوف يحرقون البلد"!

والمشهدان اللذان سجلتهما وثائق هذه الفترة العصيبة الملتهبة يردان باختصار بليغ على رهان تقرير لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطانى حول إمكانية حدوث تغيير فى الفكر والممارسة لجماعة الاخوان.

إن التقرير يتحدث عما أسماه "الشفافية المحتملة للجماعة الكتومة التى تبطن غير ما تظهر"، والتاريخ يقول لنا أنه لم تحدث أى سابقة تاريخية تنبئ عن نزوع الاخوان للتخلى عن العمل السرى أو الكتائب المسلحة التى يتم تدريبها فى الخفاء، ولا عن عمليات تهريب السلاح التى تورطت فيها بالتحقيقات والشهود الأحياء وبالعمليات الدموية التى راح ضحيتها أبرياء ومن أخطرها ما حدث فى 9/11 عندما قامت عناصر تم تدريبها على أيدى قيادات اخوانية قديمة بأكبر عملية تدمير وتهديد للحضارة الغربية فى قلب نيويورك.

إن أوهام التأثير على مسارات جماعة الاخوان فكرياً وإقناعهم بالشفافية والافصاح هو نوع من الخداع الذى جربه المصريين فى تعاملهم مع الجماعة وممارساتها.

وينتظر المصريون بعد كل هذا التاريخ من الأكاذيب التى روجت لها الجماعة حول سلميتها، والتى تمكنت بها – للأسف – من دفع البعض فى الدول الغربية للاقتناع بميولها ونواياها الديموقراطية الزائفة، ينتظرون أن يراجع مواقفهم هؤلاء الذين بخطاب الاخوان الخارجي، وينتظرون تحديداً أن تعيد لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطانى النظر فى تقريرها الذى بنى على معلومات مغلوطة وناقصة ومشوهة ومخالفة للواقع.

أن لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان المصرى تعلن استعدادها لوضع كافة الوثائق والحقائق والملفات المصرية حول فترة حكم الاخوان فى مصر أمام نظيرتها بمجلس العموم البريطانى وتطالب بتشكيل لجنة خاصة لتقصى تاريخ وممارسات الجماعة فى مصر والمنطقة، ونحن على ثقة بأن هذه المراجعة للمعلومات والواقف إزاء التاريخ الأسود لجماعة الاخوان لن تكون عملية مهمة فحسب لتأسيس علاقة صحية وفق نظرة صحيحة وعادلة لنضال الشعب المصرى ضد هذه الجماعة، ولكنها سوف تكون مراجعة للتاريخ وللأجيال القادمة من الشعبين البريطانى والصرى الذى من حقه علينا نحن نواب الشعب فى البلدين أن نكون أمناء معه فى رواية التاريخ وفى الحكم على أعداء التاريخ، وأن نكون منصفين وعادلين مع الشعوب التى تحارب طيور الظلام وتدفع من دماء أبناءها ثمن الحرب عليه من أجل الحفاظ على قيم الحضارة الانسانية وحق الشعوب فى العدل والأمن والحرية والسلام.

وقد شمل تقرير البرلمان المصرى ملحقين أولهما بعنوان،: " التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة"، موضحاً،: "يعتبر مصطلح "التمكين" أحد أركان العقيدة السياسية للاخوان وركيزة نشاطهم الميدانى على الأرض وهو مصطلح مستمد من إيمانهم الأصولى بالشريعة الاسلامية حرفياً، وتحدث عن التفسير فى اعتقادهم، مؤكداً أن الجماعة قد شكلت بالفعل بعض الجماعات الدينية المرتبطة بالاخوان خلال فترة حكمهم فرقاً لتطبيق الشريعة لاحقت الناس فى شوارع وأعدمت فتاة كانت بصحبة شاب بإحدى مدن السويس، وشنقت رجلاً فوق عمود بمدينة المحلة، وقتلت سحلاً قيادياً مصرياً ينتمى لمذهب الشيعة بالقاهرة بعد أن عذبوه وقطعوا جسده".

وتابع: " وفى إطار مخطط "التمكين" سيطر الاخوان على جميع المناصب القيادية بالدولة..من المساعدين والمستشارين لرئيس الجمهورية إلى كل اللجان الرئيسية فى البرلمان، إلى السعى للسيطرة على المحافظات والحكم المحلى ومؤسسات الشرطة والقضاء بأسلوب العزل والاحلال بشخصيات تنتمى للاخوان ( 20 محافظاً من بين 26 محافظة – وخطة لتعيين 3500 قاِض بالهيئات القضائية – وتغيير قيادات الشرطة فى العاصمة والأقاليم – وإستبدال رؤساء الهيئات والمصالح الرئيسية بالدولة، وتعيين الاخوان بالصف الثانى بالوزارات وأجهزة الدولة.. هذا علاوة على تشكيل الحكومة من وزراء معظمهم رموزا اخوانية معروفة ".

وأشار إلى أنه بالاضافة إلى خطة التغلغل والتمكين، كان أول قرار اتخذه الرئيس الاخوانى محمد مرسى، هو تحصى قراراته الجمهورية، وتحصين الجمعية التأسيسية لأول دستور لمصر بعد ثورة 25 يناير من أى طعون قضائية رغم اتفاقه أثناء حملته الانتخابية على ضرورة أن تكون هذه الجمعية متوازنة وتراعى تمثيل كل طوائف الشعب المصرى، وهو ما لم يتوافر فى تلك الجمعية التأسيسية التى سيطرت عليها الشخصيات الاخوانية، وهمشت العديد من فئات الشعب وحرمت من التمثيل فيها، فى سابقة ديكتاتورية لم تحدث فى أى نظام مدنى ديمقراطى فى العصر الحديث، مما كشف عن طبيعة وأثر التغلغل الممنهج الذى اتبعوه فى السيطرة على مفاصل الدولة ونقاط القوة فيها.

وتابع التقرير،: " "ولدعم مخطط التمكين وتغيير هوية الدولة الصرية، عقد نظام الاخوان تحالفات مع فصائل الاسلام السياسى التى تؤمن بالعنف المسلح وذلك لحشد الانصار لاعلان مصر "إمارة إسلمية"، وفى هذا السبيل أطلق نظام الاخوان سراح كل قيادات الجماعات الاسلامية والجهاديين التكفيريين المحبوسين فى قضايا عنف وإرهاب وقتل المدنيين والسياح الجانب، كما سمح لكل الهاربين منهم للخارج بالعودة، وأسند لهم مناصب قيادية بالدولة وأسقط عنهم كل التهم وأفسح الجال لحصول بعضهم على عضوية البرلمان".

واستكمل التقرير فى ملقحه الأول،: " ومن التمكين.. إلى التفريط، أبدت حكومة الاخوان لأول مرة فى تاريخ الدولة المصرية استعدادها لاقتطاع أجزاء من جسد الدولة فى حلايب وشلاتين بالجنوب وتسليمه للسودان (التى يحكمها فصيل اسلامى قريب من الاخوان)، ومساحة كبيرة من أراضى سيناء على الحدود مع غزة وتسليمها لمنظمة حماس (الفرع الفلسطينى للاخوان) وذلك ضمن مخطط لتهجير الفلسطينيين وإقامة وطن بديل لهم فى شبه جزيرة سيناء، وانطلقت هذه المخططات الاخوانية من مفهوم مغاير للسيادة الوطنية يعتبر أن "أرض الاسلام هى ملك للمسلمين فى أى مكان"، وكلها مباحة لاقامة دولة الخلافة الاسلامية عليها".

وقد حدد ملحق "2" الذى جاء تحت عنوان: "الحريات النقوصة فى دستور الإخوان 2012 مقارنة بتوسيع مساحة الحريات فى الدستور الحالى 2014"، عقد مقارنات بأرقام المواد فى الدستورين تكشف أن دستور الإخوان خلا من بنود مهمة تتعلق بحقوق الإنسان والحريات الشخصية والسياسية، وأنه خلا من نص "يلزم الدولة المصرية بالتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان).

1




print